قصص و روايات - قصص بوليسية :

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل السادس

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل السادس

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل السادس

يجلس خلف مكتبه الفقير بأحد الأحياء الفقيرة، يرتدى من الثياب أفقرها، يضع سيجارته بين أسنانه الصفراء، بينما يبحث عن شئ ما بين الأوراق أمامه ويقبض على سماعة الهاتف بين رأسه وكتفه وهو يقول: -
يا باشا بكرة أجيب لك ست ستها، إيه يعني خدامة هربت ده هم أصلا بيجوا يشتغلوا
الشغلانة دي عشان يهربوا من أهاليهم وبعدين يختفوا، آل يعني اتخطفوا، ، ،.

حاضر يا بيه من بكرة الصبح هتلاقيني عندك بالشغالة الجديدة، ، ، الله يكرمك
يا بيه، بس عمولتي محفوظة؟!، ماانتحرمش يارب، اتفضل يا كبير مع السلامة، سلام..
أغلق الهاتف سريعا ثم التقط هاتفه الجوال ذو الإصدار القديم جدا مهاتفا أحدهم، لحظات وقد أتاه الرد،
تحدث بلوم: -
هو إيه يا كبير؟!، إحنا مش شركاء؟!، ولازم تعرفني إنت أخدت مين، وصدرت مين.

عشان أبلغ أهلهم ونشوف شغلنا؟!، ، ، لالالالا، ماينفعش الكلام بالتليفون، إنت
تيجي لي النهاردة بعد الشغل، سلام يا صاحبي..

كانا يجلسان سويا أعلى تلة رملية صغيرة، تمسك بيدها عصا صغيرة، تعبث بها في الرمل بشكل عشوائي، تحاول أن تجمع الومضات التي تأتي على ذاكرتها لوهلات وتقارنه بما قصه عليها من قبل حتى تحيك خيوط حياتها المفقودة..
كان يحملق في الفراغ، تابع بعد أن أخذ شهيقا قويا ثم زفره بضيق:
( المشكلة يا ديالا إن الفترة اللي إنتي بتسالي عنها والدي هو اللي عاصرها، بس أنا اللي فاكرمنه أما حكى لي إن، )
عودة للماضي ***.

يقف العديد منهم بعيدا على أسطح المنازل، يحملون أسلحتهم دقيقة الصنع وبتقنية عالية جدا، متأهبين للأمر بإطلاق النيران والإشتباك والحصول على مبتغاهم مهما بلغت الخسائر..
كان يقف ( مايكل ) والد ( ديفيد ) على سطح مبنى يتابع تحركاتهم حتى يستطيع تحديد ساعة الهجوم،
وما أن لمحهم بعدسته المكبرة حتى إلتقط جهاز الإرسال خاصته وهتف فيه لبقية أعضاء فريقه: -
( أطلقوا النار، بدون إصابة الهدف )..

بضع دقائق استمر خلالها تبادل إطلاق النار، حتى إستطاع فريق ( مايكل ) وبجدارة القضاء على المطلوبين بدون إصابة هدفهم..
اقترب مايكل مشهرا سلاحه، يتلفت حوله حذرا من أن يترقبه أحد فيصيبه برصاصة غادرة، فقد أبلغته قواته بأنه تم القضاء عليهم جميعا..
كانت ترقد كوضع الجنين، تضم كلتا يديها إلى ساقيها وهي تبكي حتى كادت أن تبيض عينيها، هم أن يحملها ولكنها شرعت في نوبة صراخ قوية ثم سقطت مغشيا عليها..

عودة للحاضر **.

( بس يا ستي، وقدرنا نوصل لأهلك ورجعتي لهم بس بعد فترة بالصدفة بابا لاقاكي ماشية في الشارع، هدومك متبهدلة ومش نضيفة، وكان معاكي عروستك الصغيرة اللي أما كنتي مخطوفة كانت معاكي..
جابك بيتنا وأنا كنت لسه بدرس وقاعد بذاكر لاقيته داخل عليا بيكي وبيقولي إنك من النهاردة زي أختي..

مرت علينا الأيام لحد ما اتخرجتي وحبيتي وبشدة تمشي في نفس طريق بابا وخاصة إن حياتنا كلها تحديات متبادلة، ساعتها بابا وافق بصعوبة بس وافق، اتدربنا إحنا الإتنين وإنتي كنتي دايما أمهر مني. )
أطلق ضحكة خفيفة، ثم تابع: -
( كنت دايما بغير منك، وأقول إزاي بنت وبالمهاردة دي ودايما تغلبك وإنت كده قدامها أضعف من القطة )..
ثم تابع ضحكاته التي أثارت جنونها، نهضت فجأة ثم صاحت به: -.

( للمرة المليون بتعيد كلامك ده ديفيد، بقالك خمس سنين بتقولي نفس الكلام، أنا فاقدة الذاكرة ليه؟!، ومش بس ليه؟! ازااااي؟! )
نهض هو الآخر، ضرب كفيه بخفة ينفض الغبار عنهما، ثم اقترب منها وقبض على ذراعيها بينما يحاول أن يهدئ من روعها: -
(إهدي يا (دي )، إنتي متعصبة ليه؟! ).
نفضت يده بقوة عنها، فابتعد بحرج وهو يشيح بعينيه مبتعدا، ثم قال بخفوت: -
(طب بس اقعدي وأنا هفهمك ).

استجابت له فجلست بعنف مما أثار سحابة غبار خفيفة إثر سقوطها، فجلس بجانبها ومازال يبتعد بنظره عنه: -
( بصي يا ستي، في مافيا كبيرة بقالنا فترة على عداوة معاها، هي نفسها نفس المافيا اللي خطفتك من أهلك )..
اعتدلت بجلستها لتقابله وانتبهت له، بدأت بفحص بؤبؤ عيناه، جبينه المتعرق، عروقه البارزة من عنقه ونبضها بإنتظام حتى تتأكد من صدقه..
فهم ما تحاول فعله فتابع بهدوء مبتسم: -.

( لأول مرة قدرنا نثبت عليهم تهمة وهي تهريب السلاح، كانوا كلهم فيها، كان فيه بنت في المافيا دي عدوة لكي وحصل صدام بينكم أكتر من مرة، مش متذكر أوي إسمها، كان صوفي أو صوفيا، كانت الأوامر اللي عندك تصفية كل من في المكان، وبالفعل..
رميتي قنبلة على السفينة اللي كانوا في السفينة، ولكن البنت دي شافتك وإنتي بترميها
فحذرتهم وعرفوا يهربوا، وإشتبكت معاكي تاني وقدرتي تنطي من السفينة وقت الإنفجار.

، قدرنا نلحقك وهي ماتت، ولكن إصابتك كانت شديدة وفي حروق في جسمك كتيرة،
وأكبر إصابة كانت فقدانك للذاكرة، ومن ساعتها وأنا بحاول أفكرك وأطلب منك تتعاوني مع الدكتور النفسي بس إنتي اللي رافضة )..
زفرت بضيق أثناء تحريكها لرأسها بتفكير قائلة: -
( إنت عرفت خط سير العملية الدقيق ده إزاي وعلى كلامك إني كنت لوحدي؟! )
أجابها بهدوء وحزن شديد، إنحنى برأسه للأسفل: -.

( مكنتيش لوحدك، والدي كان معاكي، ومات في الإنفجار. )..
فجأة ارتسمت في عقلها بعض الذكريات السريعة..
كانت تقف تحمل سلاحا وتوجهه لأحد ما، الذي يستنجدها وبقوة، حاولت أن تتذكر أكثر مما أرهق عقلها كثيرا فشعرت بالدوار، كادت أن تسقط لولا ذراعيه الذي التقطتها سريعا..
أغمضت عينيها، قبضت على رأسها بقوة علها تهدئ من هول ذاك الألم الذي إجتاحها عقلها فجأة، أبعدت يدي ديفيد بهدوء شاكرة له.

ابتعدت بخطوات هادئة، تنهد ثم سار خلفها وهو يتسائل: -
( هتعملي إيه مع توم؟! )..
أجابته بسخرية: -
( أنا كنت ناوية أعمل كتير، بس هو مات لوحده. )..
هدر بها بغضب بينما يتتبع خطواتها: -
( ليه؟، ليه ( دي )؟! ومن غير ما ترجعي لي؟! )..
وقفت فجأة عن السير، نظرت له بحدة، وبأعين تلمع كذئب في أخر لحظات إستعداده للهجوم على فريسته، رفعت إصبعها قبالة وجهة قائلة بتحذير: -.

( أنا ممكن أكون فاقدة الذاكرة، بس الشخصية اللي عاشت أسوأ خمس سنين في حياة تايهة تجبرها إنها تكون أقسى من الحجر، إياك ثم إياك ديفيد ترفع صوتك عليا تاني، ولا تكلمني بالنبرة دي تاني، ساعتها أوعدك إنك هتتمنى الموت، إياك والسخرية من العميلة (دي)، ثم إني محدش يراجعني ولا يقولي ليه أو إزاي؟!، إنت فاهم؟! )..
أومأ برأسه بحذر، أولته ظهرها إستعدادا للسير لحجرتها الخاصة وهي تقول: -.

( إعمل حسابك أنا مش موجودة الفترة اللي جايه، أول خيط في العملية اللي كلفتني بيها عرفت إنه بدأ من مصر، وإحتمال كبير أسافر، )..
صاح معاتبا فرفعت يديها عاليا إشارة منها لتوقفه عن الحديث وهي تجيبه: -
( أنا مباخدش رأيك على فكرة أنا ببلغك. )
مضت في طريقها، غابت عنه نظره وهو يزفر بضيق، ركل الرمال بغضب وهو يهتف بضيق: -
( غبية، لو فضلتي كده هتكتبي نهايتك بإيدك ديالا، )..

بعد أن إنتهى من قراءة العديد من الأوراق المتعلقة بتلك القضية، بدأ بتجميع بعض الخيوط في عقله، تركهم من يده، أراح جسده للخلف بإرهاق على المقعد، فرك عينيه بتعب، ثم نظر إلى خالد قائلا بهدوء: -
كده إحنا تقريبا قدرنا نجمع من المعلومات دي إن الخطف هنا بيتم بكذا طريقة ده لو إعتبرناه خطف أصلا، النت أولهم، الخدمة في البيوت، الهرب من البيت.

قاطعه طرقات على الباب فأذن خالد للطارق بالولوج، حيث كان أحمد يعمل بمكتب الأخير الخاص..
فتح الباب ثم دلف مجند، و بعد أن أدى التحية الرسمية قال: -
يافندم في ناس بره عاملين مشكلة كبيرة وعايزين يعملوا محضر، والصول فتحي حاول يمشيهم أكتر من مرة وهم مصرين يقابلوا حضرتك..
خالد بتعجب: -
ويمشيهم ليه؟!، ما يعملهم المحضر اللي هم عايزينه؟!، إيه التهريج ده؟!.

هم أن ينهض فعلى صوت الصياح والمطالبة بمقابلته، أسرع إليهم وهو يصيح: -
إيه؟!، في إيه الدوشة دي؟!، إحنا في سويقة هنا؟!.
إلحقنا يا بيه، بنتي، بنتي مش لاقيها..
هتف أحد الحاضرين بتوسل، بعد أن اقترب من خالد محاولا أن يقبل كفيه استعطافا له..
استفز الصياح فضول أحمد، خرج حيث مصدر تلك الجلبة، بدأ بالمتابعة للموقف بهدوء وصمت تام..
بعد بضع دقائق..

يجلس ذلك الرجل الخمسيني قبالة خالد داخل مكتبه، وأمامه شابا يافعا يحمل وجهه الكثير من الحزن والغضب..
وعلى الجانب الأخر من المكتب يجلس أحمد على الأريكة كعادته في صمت..
ارتشف (الحاج عبدالله ) الماء الذي أحضره أعد له مسبقا.
تنهد بهدوء وهو يقول: -
ها يا حاج عبدالله هديت شوية؟!
طأطأ رأسه للأسفل وهو يجيب: -.

هديت عكس النار اللي جوايا يابني، أنا بنتي مش عارف لها طريق، والحكومة مش بتعمل لي حاجة، وجوزها ضيعنا أكتر، خلى كلام الناس سكاكين بتنهش في لحمنا أكتر وأكتر، أنا عايز بنتي، عايز سمر الله يبارك له يا بيه..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة