قصص و روايات - قصص بوليسية :

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الرابع

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الرابع

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الرابع

فزع فور سماعه ما لفظ به مساعده ثم صاح غاضبا: -
(ليه خوسيه؟!، ليه مصر؟!، أنا قلت لك قبل كده بلاش بنات من العالم العربي ده خالص )..
خوسيه بإستنكار: (ليه جاك؟!، ده حتي التغيير مطلوب ).
ضرب الرمال بغضب من عصيان مساعده أوامره، قبض على خصلاته بنفاذ صبر، استدار له مرة أخرى قائلا بضيق: -.

(لأنهم اغبية، وعندهم مبادئ عبيطة ويقولوا حاجة اسمها شرف وحرام، وتلاقي البنت منهم عندها تتعذب وتموت ولا إنها تشتغل معانا، هيتعبونا أووي خوسيه، هيتعبونا )..
ربت على كتفه، نظر له بتحد: -
( أنا متاكد مفيش حد يستعصى عليك يا جاك )..
نظر إلى كف الأخير أعلى كتفه، قبض عليها وأبعدها بهدوء مما بعث التوتر في نفس خوسيه، فقد تيقن أنه ليس بالوقت المناسب للمزاح.

ابتعد خطوة للوراء بينما يتابعه بحذر، استدار جاك تارة أخرى تجاه الشاطئ يتابع سير عملية تفريغ القارب الصغير من شحنته الجديدة، وضع كلتا يديه بجيب بنطاله، يرسم جاهدا الهدوء بينما يتلفت بعينيه يمينا ويسارا ومن حوله مجموعته الخاصة بحمايته.
وقف بجانبه مرة أخرى، قائلا: -
خوسيه: مالك جاك؟!، ده إنت الحجر في إيدك بيبقي صلصال ومفيش حاجة أبدا تصعب عليك، أنا متأكد أنك أدها )..

عودة للحاضر..

جلس مقابله ينفث الدخان هو الآخر وضع ساقا أعلى الأخرى قائلا: -
( بس ده كل اللي حصل، ومن ساعتها وأنا لسه بعلم فيهم أنا وكيم هم بس محتاجين شغل كتير، محتاجين وقت بس، )..
أجابه بإختصار شديد: ( أما نشوف )..
شعر بتزاحم الأجواء بالتوتر، حاول إضفاء بعض المرح فإقترب منه غامزا بمرح: -
( أما إنت ليك عندي حتة بنت، حاجة كده من الآخر ولسه طازة، أظبطهالك أنا وكيم وكمان يومين أجيبهالك وتعوضك عن البنت دي )..

استلقى مرة أخرى على فراشه موجها عينيه للأعلى، لاحت على ثغره إبتسامة ساخرة: - ( ما تاخدها أنت جاك؟! )
ضرب بخفة على ساقيه استعدادا للنهوض، سار بإتجاه الباب بينما أجابه بجدية: -
( خلاص بقى يا والدي، إقفل على الموضوع ده بقى )..

تركض بعفوية وراء فراشتها ذي الألوان الخلابة، تتطاير من حولها خصلات شعرها الذهبية،
ويتطاير معها ردائها الطفولي ذو اللون الوردي، يزين وجهها ابتسامة بريئة
تركض ولا تعبأ بأي هم..
أو خوف.
هكذا حال من هم ذو الثمان سنوات
ضحكة بريئة..
عقل خال من الأفكار والهموم..
ولكن قد يكون للقدر رأي آخر
قدر يجبرها أن تسلك دربا قد يكون بدايته عنوانا لمحو ملامح تلك الصغيرة..

تستيقظ من أحلامها الوردية على من يقتحم منزلها
بعض الرجال الحاملين للعديد من الأسلحة، تختفي من ملامحهم الرحمة.
تحمل نظراتهم الكثير والكثير من الشر..
يحدثها قلبها بأن وجودهم لا يبشر بالخير
حاولت ان تختبئ خلف السياج حتى تذهب الي حضن الأمان الخاص بها لتحتمي بها
ولكنها فوجئت بمن يحاول أن يهدم ذاك الحصن ( والدتها )
رأتها في حال لا يستطيع أحدا أن يمحوه من ذاكرتها..

فها هي تجثو علي ركبتيها، مقيدة اليدين، تبكي بخوف وفزع،
، تبحث بعيناها عن ابنتها فلذة كبدها
أفاقها من شرودها صفعة قوية من احد هؤلاء الرجال علي وجهها ويصرخ بقوة:
~~ بردو مش عايزة تقولي هو فين؟!
صرخت بقوة ولكن يطغى علي صوتها البكاء:
~~ والله ما أعرف هو فين
رفع الرجل سلاحه امام مقدمة رأسها، قائلا بحدة:
~~ هديكي أخر فرصة وإلا تتشاهدي علي روحك
طأطأت رأسها للأسفل، ازدادت عبراتها علي وجنتيها مرددة:.

~~ معرفش، والله معرفش
سحب صمام الأمان من سلاحه، قاطعته بنبرة مرتعشة باكية: -
، من ساعة ما بدأ في إختراعه ده وانتوا أجبرتوه علي إنه يكمله هرب، وأنا معرفش عنه حاجة، حاولت أرجعه كتير بس أنا نفسي معرفتش..
لمحت صغيرتها تقف خلف الجدار، تراقبهم بصمت بعينين زائغتين، وبدن يرتعش هلعا..
فتابعت لاهية إياهم من أن يتيقظوا لوجودها: -
لو في حد لازم يسأل عن مكانه المفروض أنا،.

قاطعها بضغطة علي الزناد ولم يصدح له صوتا ولكنه أعلن وفاتها
رأت ابنتها ذاك المنظر المريع الذي جعلها ظنت لبضع لحظات أنها داخل كابوس مرعب ولسوف تستيقظ منه قريبا، انتفض قلبها فزعا متزامنا مع خروج تلك الطلقة من فوهة سلاحه، شعرت بها استقرت داخل قلبها رغم براءة عينيها وقلبها
شعرت بخطوات أقدام تقترب منها، تقترب..
تقترب
هل مازالت تعيش بحلمها أم استيقظت؟!.

حبست أنفاسها، زاد خوفها من سرعة نبضات قلبها، تشعر كمن مقيد في غرفة مظلمة ويمنع عنه الهواء..
شعرت بشئ بارد يلامس جبهتها من الجانب الايمن، أيقنت بوقتها أنه سلاح وموجه إليها..
ظلت ثابتة على فراشها كمن فارقته الروح وتركته جسدا بلا حراك..
همهمات بلغة أجنبية عنها يتحدث بها ذاك الغريب الذي تجرأ وإقتحم حجرتها الخاصة، مرت لحظات ومازال يصوب سلاحه ( كما تنبأت هي ) عليها..

أثناء تلك الحظات وبإقترابه منها وبحجم حرارة جسده المنبعثة منه، تخيلت حجم جسد هذا الشخص، وبضغطة سلاحه المهتز بضعف لا يكاد يذكر على جبهتها توقعت أنه حديث بتعامله مع الأسلحة..
بحركة فجائية لم يكن يتوقعها قفزت بخفة كبيرة عن فراشها قابضة بإحكام على يده الممسكة بالسلاح وجذبها خلف ظهره، ثم وضعت إبهامها على عنقه باحكام مما جعله يفقد القدرة على إلتقاط أنفاسه..

جذبته لأسفل من عنقه حتى تجعل أذنيه بمستوى شفتيها، حاول التملص من بين يديها ولكن لا فائدة، فهي لم تقم بأي حركة عبثا..
همست بهدوء له: -
( مش أنا لسه قايلة لك الصبح لازم تحسب حركة عدوك وحجمه قبل ما تفكر إنك تحاربه)..

ترقد على فراش متهالك في غرفة تشعرها بالغثيان، ينتقض قلبها هلعا ممن لا تعرف الرحمة والرفق طريقا لهما
ضوء شاحب ومجموعة من الأدوات الطبية على المنضدة جانبها يكسوها الصدأ كمثل حياتها التي أصبحت بلا معنى..
دقات الساعة الخشبية المعلقة على الحائط أمامها تشعر وكأنها تدق بداخلها، إزدادت هلعا عندما فتح الباب وطل بهيئته المريبة عليها..

يرتدي معطفا أبيضا الخاص بالأطباء وبه بعض بقع الدماء مما تضفي عليه مزيدا من البشاعة..
اقترب منها ووقف بجانب فراشها، تناول مطهرا طبيا وشرع بتعقيم تلك الأدوات، ثم وجه إليها سؤالا: -
(يا ترى مين أبوه المرة دي؟!)
نهضت من رقدتها، نظرت له بغضب شديد، تلون وجهها باللون الأحمر بعدما كان اختفت الحياة من وجهها من فزعها مما سوف تفعل..
نطقت بوهن يغلبه الحزن والخذلان، حاولت أن تكسب حديثها بعضا من القوة: -.

( أحسن لك ماتعرفش، عشان رأسك تفضل فوق صدرك ).
رمقها بنظرات غاضبة وزفر بحنق فهو على يقين من صدق ما تفوهت به، أمسك بكتفيها ثم أعادها مرة أخرى كما كانت، التقط الحقنة وملأها بإحدى العقاقير الطبية، غرزها في ذراعها وما هي إلا بضع دقائق ثم غطت في سبات عميق، وهنا شرع في عمله.

مر بعض الوقت ثم دخلت (كيم) إلى الحجرة، رأت الدماء في كل مكان، شعرت بالدوار والغثيان فالتفت بجسدها بعيدا، وضعت كفيها على شفتيها محاولة منع نفسها من التقيؤ.
تساءلت وهي توليه إياهم ظهرها: -
( هي عاملة إيه؟!)
أجابها الطبيب بهدوء بعد أن أزاح كمامته عن فمه: -
( كويسة، دي زي القطة اللي بسبع أرواح، مش عارف أنتوا باقين عليها ليه!، مفيهاش حاجة تشد يعني، )
كيم بسخرية: -
(تحكمات الباشا، هنعمل إيه يعني؟!).

استدار ليتابع ما بدأه منذ قليل ثم تابع: -
(عجبه فيها إيه يعني دون عن البنات دي كلها؟!، )..
أجابته بضيق ومازالت توليه ظهرها، تضع أصابعها على شفتيها: -
(الوحيدة اللي بتعرف تبسطه وفاهمة دماغه، وبعدين إحنا ملناش دعوة، إحنا بننفذ الأوامر وبس، أول ما تفوق أديني خبر)
لفظت كيم بتلك الكلمات ثم فرت هاربة من هذا المشهد المريع.

تقف أمامه تضع ساقا على الأرض والأخرى على مقعد بجانبها، تستند بمرفقها على ساقها على المقعد، بعد أن أجلسته مقابلها وقيدت كلتا يديه خلف المقعد وقدماه في المقعد من أسفل، وضعت قماشة سوداء على وجهه فأصبح مغطى بالكامل، بالكاد يستطع التنفس أو التحدث
تنظر له بثبات شديد، فهي من أشد البارعين في إخفاء مشاعرها من أن تطفو على وجهها
( مين اللي باعتك؟!، وعايز تقتلني ليه؟!، )
جون بهدوء وبصوت غير واضح: -.

( ليه العميلة Dمش عارفة مين عايز يقتلها؟!، )
سارت حتى وقفت خلفه وأمسكت خصلاته بقوة وجذبت رأسه للخلف مما جعل عروق عنقه برزت بقوة..
مالت بجانب أذنه قائلة بهدوء: -
(طبيعى الإنسان النضيف وبيحارب الشر يحاوطه *******كتير، متوقعة كتير يتمنوا موتي، السؤال بقى، أنت تبع مين فيهم؟!، )
جون بثبات: -
(المفروض إنك تعرفي حجم عدوك قبل ما تهاجميه، إنتي مش أدنا دي ).

ثار بركان غضبها من الداخل فقط، ركلت ساق المقعد بقوة فسقط جون على رأسه وظهره بقوة..
جلبت دلوا من الماء كان قد أحضرته سلفا، رقدت على ركبتيها، سكبت البعض منه على وجه جون حتى ابتلت قطعة القماش على وجهه، وأصبح يتنفس الماء وبدأ في الإختناق..
( خخ، خل خلاااص، كفا كفااااية)
لفظ تلك الكلمات بصعوبة بالغة وهو يسعل بشدة، فتوقفت بعد توسلاته.
(هااا؟!، قررت تقول؟!)
أجابها بإندفاع: -.

(لا طبعا، ده تاري بعد الإحراج اللي عملتيه معايا الصبح مش أكتر، إنتي اللي تخمينك المرة دي اللي غلظ، )
( العميلة Dعمرها ما بتغلط، أنا مش مصدقاك، )..
جلبت سلسلة حديدية كبيرة وقيدت بها ساقه ثم رفعتها لأعلى، أحكمت ربطها بسقف الغرفة، جعلته متدليا رأسه لأسفل، وتساقطت من رأسه قطرات الماء..
فهمست له بهدوء وبنبرة ساخرة: -
( أسيبك بقى تنشف، وبالمرة المعلومات تقع في دماغك وتفتكر مين اللي باعتك، ).

رحلت وسط وعيده لها ( إنتي هتخسري يا (دي)، مفيش حد بيفضل ذكي طول الخط، نهايتك قربت، قربت أوي، )
فهتفت بإبتسامة: - ( هستنى النهاية دي بفارغ الصبر، ).

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة