قصص و روايات - قصص بوليسية :

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الخامس

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الخامس

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الخامس

قاموا بنزع أربطة أيديهن، أرجلهن وأعينهن..
فتحن أعينهن بخوف، تعالت الهمهات الخائفة من الفتيات اللاتي سلبت منهن حياتهن وأصدر بحقهن حكما..
حكما قاسيا لا يقبله دينا ولا عرفا..
يقف جاك وبصحبته كلا من جون وخوسيه اللذان يتطلعان إلى الفتيات بشهوة شديدة، عكس ما يظهره جاك تماما أو يكنه..
فقلبه اكتفى بحب تلك الفتاة الجميلة التي فارقت الحياة بعد تعرضها للغرق أثناء إتمام إحدى صفقاتهم الغير مشروعة ( صوفيا )..

جاك بغضب: بس إنتي وهي، مش عايز أسمع أي صوت..
توقفت همهمات الفتيات واكتفين بصرخات داخلية مرتعبة..
خوسيه بهمس متعجب إلى ريتشارد: -
( هو جاك بيعرف يتكلم عربي؟!).
أجابه بهدوء مقابل: -
( أيوة، وبطلاقة، هو عاش كتير أوي في كذا دولة عربية، ومش بس عربي، بيعرف يتكلم أكتر من 4 لغات )..
خوسيه بإعجاب: -
( اااااه، أنا قلت هنتعب أوي في إننا هنتفاهم مع البنات، ).

جاك بلهجة صارمة جادة بينما يتجول أمام الفتيات بهيئته المهيبة الطاغية: -
في الأول كده عايزكم تنسوا أي حاجة عن حياتكم اللي فاتت، تنسوا كل العادات والتقاليد العجيبة اللي اتربيتوا عليها.
اعتبروا نفسكم داخلين حياة جديدة أو بتتولدوا من جديد علي إيديا وبالقواعد بتاعتي أنا،
المكان ده بتاعي أنا، وكل اللي فيه رهن إشارة مني، إنتوا هتفضلوا أسبوع هنا هعلمكم.

كل حاجة تخص حياتكم الجايه متقلقوش فترة وهتبدأوا تتأقلموا..
تقف سمر على الناحية الاخرى بين الفتيات، استجمعت قوتها وصاحت بنبرة باكية تبدو عليها الخوف الشديد..
أنتوا بأي حق تعملوا فينا كده؟!، هو أنتوا اشتريتونا؟!، وفاكرين أنكم هتهربوا من البوليس؟! أكيد هيتقبض عليكم وهنرجع لأهلنا من تاني..
ضاقت عينيه بشر، أشار لها أن تتابع ما تفوهت به، يقترب منها بخطوات بطيئة مثبتا عينيه عليها بتحد ماكر..

فكلما اقترب قلت حدة صوتها، ظهرت حشرجة كلماتها، بدأت بالبعد عنه والبحث عن
مفر، ولكن أوقفها التقاطه لخصلات شعرها البنية المتسخة بشدة ( إثر ما مرت به من
معاملة سيئة حتى يأتوا بها إلى هذا المكان) والتي تتطاير بشكل عبثي على وجهها، جذبها
بعنف وسار بها إلى حيث مستقره الأول وسط صراخها وعويلها المرتفع..
أدرك ريتشارد وخوسيه مما حدث أن هذه الفتاة تطاولت على جاك..

دفع سمر على الأرض بقوة فلامست وجنتها حذاء ريتشارد الذي لم يحرك ساكنا، نظر لها جاك بغضب من قوة هذه الفتاة وجرأتها وتحديها له..
وكما اعتاد دائما طغى هدوئه الداخلي على ملامحه، أردف دون النظر لكليهما: -
(جون علم البنت دي الادب )..
أومأ ريتشارد برأسه بالطاعة، تنظر لهم الفتيات الاخريات بفزع وخوف مما ينتظر ( سمر ) المسكينة..

بدأ جون بضرب سمر بعنف شديد وقسوة، وكأنه يبارزها في إحدى حلبات المصارعة، بينما تحاشى وجهها تماما أو أن يصيبه خطأ..
شرعن الفتيات في البكاء عندما تعالت صرخات سمر، نظر لهن جاك مرة أخرى وهو يقول بحدة غير مبال بصرخات سمر..
هتسمعوا الكلام مش هيحصلكم أي حاجة ومحدش يقدر يمسكم، مش هتسمعوا الكلام فاعتبروا اللي بيحصل معاها ده تهريج ولسه ماشفتوش الجد بتاعنا..

التفت جاك بجسده ناحية ريتشارد وأشار له بالتوقف، إبتعد عنها وهو يحاول أن يلتقط أنفاسه المرهقة من ضربها، مال على الأرض، التقط خصلاتها بين يديه ونظر إلى جسدها الذي تغمره الدماء..
جاك بهدوء: إنتي عجبتيني أوي، وأنا اللي تعجبني ليها عندي مكافاة حلوة، بنزلها الشغل بسرعة مبتحضرش التدريبات، بكرة تشكريني عاللي هعمله معاكي والعيشة اللي هخليكي تعيشيها..

ألقى برأسها على الارض بعنف وسط بكائها وأنينها الشديد، نهض ونظر إل ريتشارد قائلا:
، ( رجع البنات الأوضة بتاعهم )..
أجابه الأول بتساؤل: -
( وبالنسبة للبنت دي؟! ).
إبتسم بتسم جاك بمكر ثم نظر اليها بإستحقار مجيبا: -
( طلعها فوق ل (كيم )عشان يجهزوها، الصبح هتروح للباشا )..

كانت كلتا يديها مقيدتان لأعلى بالفراش، تخفي جروح جسدها الشديدة إثر تعرضها للضرب أمس، وبعد ما مرت به اليوم، فقد انتهكت برائتها بأسوأ الطرق، أنتهك حرمة جسدها وقلبها رغما عنها..
بم أذنبت تلك الصغيرة حتى تكون ضحية لذئب لا يكتفي أبدا، يستخدم أرق الكائنات بل وأضعفهم على الاطلاق حتى يعاقبها بهذه الطريقة الشنعاء
يجلس بجانبها بعد أن إرتدى قميصه بعشوائية، إلتقط سيجارته وأخرج إحدها ثم أشعلها..

أجرى إتصالا بأحدهم، قائلا بإيجاز: -
( جاك إطلع لي دلوقتي. )..
فأجابه بالموافقة في الحال، ترك هاتفه بجانبه وهو ينظر إلى (سمر) الراقدة بجانبه وعيناها تفيض من الدمع، تستند برأسها على يمينها المكبلة لأعلى..
نظر لها بإبتسامة ساخرة، مال بجانب أذنها بهدوء بعد أن قبلها وأشاحت بوجهها بعيدا عنه ثم تمتم ببعض الكلمات الغير مفهومة لها..

قاطعه عدة طرقات على الباب فسمح للطارق بالدخول وكان ( جاك )، ولج إلى الغرفة، نظره مسلط لأسفل بحرج وقد وصل لمسامعه كلمات أبيه لها، فزال حرجه عندما سمع صوته مازحا: -
( تعالى جاك، هو أنت غريب؟!).
وما أن رأى ضحكته حتى إفتر فاه هو الآخر قائلا: -
( واضح إن نظرتي ماخيبتش؟!، عجبتك صح؟! )..
أطفأ سيجاره وهو يقول: -
( إنت شايف إيه؟! )..
( شايف إنك مبسوط، وأوي كمان )..

تسائل وهو يعلم إجابة ذاك السؤال مسبقا، وشعر بسعادة داخلية لسعادة والده..
(ماتيجي تجرب بنفسك!، )
تهجمهت ملامح وجهه سريعا، فكيف للعاشق أن يرى شخصا أخر غير معشوقه، لقد أغلقت حبيبته عيناه عن العالم للأبد، أخذت قلبه ورحلت بلا عودة، لا يمكنه النجاة من غرق قلبه واستسلامه للموت، فقد أصبح كجسد بلا روح، يحيى مترقبا تلك اللحظة التى لسوف تأخذه إلى حبيبته..

إكتفى بعدم الرد، حاول أن يقطع إسترسال عقله للحظاته الماضية بتساؤله: -
( صحيح، هي سو عاملة إيه دلوقتي؟! )..
وبالفعل نجح في ابتعاده عن حزنه، استفاق وعاد للواقع، أجابه بنبرة جادة: -
( تعبانة جدا، ما هي مش أول مرة تعمل عملية من النوع ده، نزفت كتير وتعبانة، حاسس أنها مش هتعيش المرة دي. ).
انتفض بفزع من رقدته وهو يصيح بغضب: -.

( أوعى تقول كده، هتبقى كويسة، ولو محتاجة دكاترة هات لها، اتصرف جاك، سو لازم تعيش، )..
(ماتقلقش يا باشا هتبقى كويسة. )..
أجابه بإيجاز ثم إستاذنه للرحيل فأذن له، همس ل سمر قبل رحيله بهدوء
: -
بيقولك ماتزعليش، بكرة تحبي اللي حصل ده وتتعودي عليه زي اللي قبلك كلهم.
تعالت نظرات الإشمئزاز على وجهها فبصقت بوجهه، فبادلها بإبتسامة ساخرة عقب إزالتها: -
إفتكري إن ده أخرك.

لحظات وغادر حجرة أبيه الذي شعر بالحزن تجاهه وتمنى له السعادة وعودة الحياة لقلبه..
خرج على عجالة لشعوره بالإختناق وفجأة ظهرت كيم أمامه وهي تركض وتلتقط أنفاسها بصعوبة حتى وصلت إليه، أمسك بذراعها وهو يتسائل: -
( في إيه كيم؟!، إيه اللي حصل؟! )..
قالت بفزع وبصعوبة: -
( البنات، البنات في المخزن، البنات في المخزن تحت عاملين زي ثورة علينا، ومعرفش أسكتهم إزاي، )..

إستقام ظهره ولمعت عيناه كالصقر، ترك ذراعها ثم تخطاها وهو يقول بإبتسامة ساخرة: -
( سهلة أوي يا كيم، شوية بنات مش عارفة تربيهم، شكلك كبرتي على رأي الباشا، ماتقلقيش أنا نازل لهم، )..
أشار بعيناه للحارسين اللذان يتبعانه دائما وهو يسير بهدوء وثقة، لاحت على ثغره ابتسامة شيطانية لا تبشر بالخير..

بعد أن اوشك أن ينتهي يوما شاقا من التدريبات أمرت جميع المتدربين الجدد بالعودة إلى حجراتهم وأخذ قسط كافي من النوم إستعدادا ليوم شاق غدا..
وما أن تيقنت من خلو ساحة التدريبات تماما حتى بدأت بتدريباتها الخاصة، تؤديها بكل إحترافية وثبات، بالرغم من ضعف جسدها إلا أنها تتمتع بقوة كبيرة ومهارة عالية في كافة الفنون القتالية..

أرادت أن تنهي تلك التدريبات التي استمرت لساعات بتمرين الرماية بكافة الأسلحة الحديثة والقديمة..
استمرت مراقبته لها من نافذة مكتبه لساعات، فكان يختلس النظر لها بين الحين والآخر،
وحينما شعر بالضيق والغضب على حالها قرر أن يذهب إليها ويحادثها..
مرت بضع دقائق، كانت قد أرهقت جسدها بالعديد من التدريبات، لم تتوقف إلا عندما رأت ظله يقترب منها..
نهضت سريعا، أدت التحية العسكرية..

إقترب منها، نظر حوله ليتأكد من خلو المكان من أي أحد، جذبها من معصمها وسار بها بعيدا..
لم تعترض وسارت معه مستسلمة تماما..
أوقفها أمامه ونظر إليها بضيق وبادلته النظرات بتساؤل وبلاهة.
( وبعدين معاكي، لحد إمتى هتفضلي ترهقي نفسك بالتمارين؟!، لا أكل ولا شرب، وتمارين طول الوقت )..
اوقفته بإشارة منها، قالت بهدوء: -
( بما إننا هنتكلم بشكل ودي مفيش داعي ندخل في تفاصيل تخص الشغل، أنا عارفة أنا بعمل إيه )..

صاح بغضب بعد أن قبض على ذراعها بقوة: -
(بتعملي إيه؟! ممكن تفهميني؟! بتموتي نفسك بالبطئ ( دي )، إفهمي أنا بحبك وخايف عليكي )..
بادلته صياحه الغاضب وقد إمتلئ المكان بصوتها الحاد: -
( خايف عليا يبقى ترحمني من الضياع اللي أنا فيه، ماتسيبنيش تايهة كده، إنت مبسوط من إني مش فاكرة أي حاجة عن ماضيا، حابب إني تايهة، أنا حاسة إني لو إفتكرت أنا مين هتطلع عدوي )..

فتح فمه بصدمة، حاول أن يتغلب على صدمته تلك بتساؤله: -
( أنا عدوك ( دي )؟!، أنا ديفيد اللي أنقذتك من الهلاك؟!، إنتي كنتي هتموتي لولا إني أنقذتك عشان بحبك، إنتي اللي مش عايزة تساعديني وتفتكري حياتنا وحبنا اللي عيشناه سنين، كنتي رفضاني بسبب الوظيفة دي اللي إنتي بتموتي نفسك فيها دلوقتي أهو، ودلوقتي أنا اللي عدوك، يا خسارة ( دي )، يا ألف خسارة )..

أولاها ظهره، يجاهد عينياه أن لا تبكي على تمرد تلك الشرسة وعدم إعترافها بحبه القوي..
لم تصدق حرفا من حديثه، لايكاد أن يمر على عقلها، بل ما زادها يقينا قلبها الذي يحادثها ويوهمها بمدى نفورها منه..
قطعت التوتر المتبادل بينهما بتساؤلها: -
( ديفيد، إنت تعرف واحد إسمه أرنالدوا؟! )..

جحظت عيناه بصدمة وهلع، عمل جاهدا أن ترى عيناه بعد أن اختفت عبراته سريعا، يتحرك بؤبؤ عيناه بقوة ولم يستطع السيطرة على توتره الجلي..
لم تلحظ ديالا هذا التوتر الشديد ولكنها استنشقته، لاحظت نفور شرايين عنقه، بعض قطرات الماء خلف رأسه ظهرت سريعا..
( أأ أأأ، م، )..
جف حلقه ولم تسعفه الكلمات، اقتربت منه هامسة: -
( خلاص عرفت الرد، مفيش داعي ترد عليا )..

سارت مبتعدة بخطوات هادئة واثقة، ألجمت الصدمة لسانه عن الدفاع عن نفسه أو نفي شكها، ركض خلفها وهو يصيح: -
( ديالا، إنتي بتقعدي ترتبي أحداث غريبة في دماغك وتبني عليه موضوع مالوش أساس من الصحة، (دي ) اسمعيني بس، )
وقفت بثبات وقوة ثم قالت بإيجاز شديد: ( أنا مين؟! )..
زفر بقوة، نظر للأسفل بحزن، أجابها بنبرة منكسرة حزينة: -
( أنا هقولك، )..

في نفس اللحظة ولكن بمكان أخر..

كان أحمد في ساحة التدريبات الخاصة بعمله يتابع فقط بعض الضباط الذين أوشكوا أن ينهوا سنتهم الدراسية الأخيرة، ينظر إليهم بسخرية ونفاذ صبر..
إقترب منه وهو يبتسم عندما رأى تلك الإبتسامة الساخرة على شفتيه، جلس بجانبه بهدوء وهو يتسائل: -
مفيش بيتخرج من الكلية بطل يا حضرة الظابط، ولا إيه؟!
ترك مفكرته جانبا ثم نهض مسرعا يؤدي التحية الرسمية لرئيسه، فقبض الأخيرعلى معصمه وهو يقول: -
اقعد، اقعد..

جلس مستجيبا لأمره، ألتقط مفكرته مرة أخرى ثم جلس بجانبه بهدوء، عاد لينظر للمتدربين مرة أخرى وهو يجيبه بضيق: -
فعلا محدش بيتولد ولا بيتخرج بطل، بس بيصعب عليا أما أحس إن المتدربين مش فاهمين المهمة اللي هم مقبلين عليها، ومش بس كده، أنا بقيت حاسس أنهم كمان بقوا واخدين الوظيفة دي واجهة إجتماعية مش أكتر..
حك أكمل ذقنه بمكر، إصطنع التفكير، فاجئه بقوله: -.

خلاص مفيش حل غير إنك تمسك إنت تدريبهم وتعرفهم المعنى الحقيقي للظابط الكفؤ.
نهض عن مقعده بفزع، تسائل بجدية: -
تدريب؟!، مين أنا؟!، أكيد حضرتك بتهزر؟! صح؟
نهض هو الأخر وهو يجيبه بهدوء تام ومازالت عينيه مصوبة تجاه الضباط الجدد: -
لا مش بهزر، ده أنا بفكر فيها جديا، مفيش أكفأ منك تعلمهم وتديهم عصارة خبرتك..

يافندم أنا مش هعرف أدرب حد، ده أنا كفاية عليا أوي أدون ملاحظات وأبلغ أصحابي بيها يخلوا بالهم منها كنوع من المساعدة، لكن أنا في التدريب بلح..
كان يتحدث بنبرة وهيئة متوسلة وبشدة، يستميت لجعله يعزف عن منحه تلك المهمة..
قهقه بشدة على توتره من توليه لمنصب كهذا، حاول أن يجعل الحديث أكثر جدية فألقى بتلك الكلمات وقد هم بالرحيل: -.

لا، لا يا أحمد، في ظابط رتبته عالية زيك كده يقول على نفسه بلح، ده تواضع منك، بس أنا نظرتي عمرها ما تخيب أبدا، أنت أكتر شخص يصلح للوظيفة دي..
، ده غير قضيتك اللي إنت شغال عليها أكيد هتعرف توفق.
ركض خلفه مستكملا لمتابعة نقاشهم، أوقفه ذلك الجندي عندما أقترب من أكمل وهو يقول له: -
المقدم خالد من مباحث القاهرة في المكتب ومنتظر حضرتك، بيقول كان في ميعاد بينه وبين حضرتك..
أجابهبرسمية: أيوة، أيوة صحيح..

نظر إلى أحمد ثم قال بجدية آمرة: -
تعالى يا أحمد ورايا، الموضوع ده كمان يخصك..
أدى كلا من أحمد والجندي التحية الرسمية، سار أكمل متقدما إياهما حتى وصلوا إلى مكتبه الخاص، كان خالد يجلس بأريحية يحتسي قدحا من القهوة قد طلبه مسبقا، وبمجرد أن دخل أكمل إلى الغرفة، نهض مصطفى سريعا عن مقعده مؤديا تحيته تارة، ول أحمد تارة أخرى..

أشار لهم أكمل جميعا وسمح لهم بالجلوس ما عدا ذلك الجندي الذي طلب منه أكمل أن يعد لهم المزيد من القهوة..
استند أكمل بذراعيه على المكتب وهو يقول برسمية: -
اتفضل يا حضرة المقدم، إيه الموضوع المهم اللي حضرتك كنت محتاجني فيه وبشدة..
إعتدل خالد بجلسته ونظر تجاه أكمل وهو يقدم له بعض الأوراق: -.

حضرتك من فترة جت لبعض الأقسام محاضر كتير بنفس الشكوى، إختفاء بنت بشكل مريب، والملف اللي مع حضرتك فيه بعض التفاصيل عنهم وصور ليهم وسجل بسيط كده عن حياتهم..
وضع مرفقه أعلى المكتب، تسائل بهدوء: -
طيب إيه المريب في حوادث إختفاء؟!، يعني الإختفاء ده مليون سبب وسبب، إيه الغريب في كده؟!.
نظر إليه خالد ثم أجابه بهدوء: -.

الغريب إن أما عملت تحرياتي عن البنات دول أغلبهم في نفس السن اللي هو ما بين ستة عشر لعشرين سنة، بنات أقل كلمة اتقالت عنهم في أحيائهم اللي عايشين فيها إنهم على درجة عالية من الأخلاق..
أكمل: - يعني إنت قصدك إن البنات دول مخطوفين؟!
أحمد بتأكيد: لا وومش بس كده، ده الغالب كمان إنهم خطف متسلسل، صح؟!
أومأ خالد بتصديق على حديثهما، أردف بهدوء: -.

أيوة فعلا، في دايما حلقة مفقودة في حوار خطفهم، السبب من خطفهم ده أولا، أما بردو عملنا تحريات يوم إختفائهم إنهم كلهم كانوا بيمارسوا حياتهم طبيعية تماما، يعني اللي راحت مدرستها واللي راحت جامعتها، وفي طريق العودة بيختفوا واللي غالبا بيكون في وضح النهار..
قاطعه أحمد بفضول: مفيش أي علاقات غرامية؟!
وفي تلك الأثناء..

عدة طرقات على الباب، أعقبها أكمل بالسماح للطارق بالدخول وكان ذاك الجندي يحمل أكواب القهوة واقترب ليضعها على الطاولة أمامهم، بينما تابع حديثه بضيق: -
وحتى لو في محدش بيرضى يبوح بمعلومات زي كده عشان مايضروش بسمعة البنات دي..
دام الصمت لعدة لحظات كان أكمل يتفحص الأوراق بتمعن، بعدما انتهى مد يده بذلك الملف ل أحمد قائلا بهدوء: -.

أحمد من دلوقتي دي قضيتك، ولو اللي في دماغي طلع صح، الشرطة هتخرج منها تماما، خد نسخة من الملف وأديها لخالد وخلي الأصل معاك.
أومأ أحمد بهدوء، ثم أشار أكمل لهم أن ينصرفا، وقد كان..
خارج مكتب أكمل..

هو أنا ممكن أكون شريكك في القضية دي؟!، أنا يسعدني جدا أكون تحت إيد ظابط كفؤ زي حضرتك..
تسائل خالد بحماس شديد، عيناه تلمعان من لهفته على الموافقة بما عرف عن أحمد التواضع وسرعة إستجابته لأي مساعدة..
ولكن..
ظهر خيبة الأمل جلية على وجهه بعد إجابة أحمد بإيجاز عليه: -
أنا أسف، أنا مش ليا شريك في شغلي، أتفضل معايا..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة