قصص و روايات - قصص بوليسية :

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الخامس عشر

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الخامس عشر

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الخامس عشر

تجلس على فراشها تحتضن صورته داخل أحضانها، تبكي بحرقة من بعد ولدها الوحيد الذي عانت وحاربت من أجل الحفاظ عليه، كادت تفقده على يد من إئتمنتها ورحبت بها بمنزلها، فما كان رد الجميل إلا أن رفعت سلاحها وأصابت فلذة كبدها بطلقةأصابت قلبه مباشرة مما عرض حياته لخطر شديد ولم يستطع الأطباء تقديم المزيد له.

أمر ( أكمل ) بنقله خارج البلاد للعلاج وإنقاذه من لقي مصرعه، ومنعها من مرافقته خوفا من تعرضها للخطر على يد ديالا الهاربة..

عودة للماضي ***
أنا عايزة أعرف مين اللي سمح لك تدخلي أوضتي، وسمح لك تاخدي حاجة تخصني، لا وكمان بتعملي عليا أنا شغل تحري؟!.
تعلثمت فاطمة ولم تجد ما تدافع به عن نفسها، فوقف حائلا بينها وبين تلك الغاضبة والتي تهدر بوالدته بغضب، فما شعر إلا أن استشاط غضبا وصاح بها: -
إنتي بأي حق صوتك بيعلى على والدتي؟!، وإنتي مين إنتي عشان تكلميها بالأسلوب ده؟!.

ابتسمت بسخرية وتهكم، ارتمت بهدوء على الأريكة وهي تقول: -
إسأل والدتك وانت هتعرف أنا بتكلم كده ليه، والدتك يا حضرة الظابط دخلت الأوضة اللي أنتوا استقبلتوني فيها واستأمنت على نفسي وسطكم، فتكون جزاتي إنها أخدت شعراية من فرشة شعري وبتعمل لي تحليل DNA عشان تثبت إني بنت جارتكم ريم..
نهضت من مجلسها بعينان تلمعان بالغضب والبكاء المسلسل، هدرت به بقوة: -.

بأي حق تدخلوا في حياتي بالشكل السخيف ده، إنت تتهمني إني ماليش أهل ولا مشاعر، وهي بتتدخل في حياتي بأسلوب مهين، إنتوا مين اللي سمح لكم ب كده؟!.
التفت أحمد بصدمة إلى والدته الواقفة خلفه، أطلق زفرة تساؤل، أصابه الإحباط ما أن رأى والدته مطأطأة الرأس بخزي، مسح على وجهه بقوة وضيق من وضعه الذي لا يحسد عليه..
التقط كم لا بأس به من الهواء ثم زفره بنفاذ صبر، إلتفت إلى ديالا مصطنع الضيق: -.

بردو مش من حقك تعلي صوتك على والدتي ولا إنك تكلميها بالأسلوب ده، تعاملك معايا أنا وبس، إنتي فاهمة؟!.
كانا يقفان وجها لوجه، يتبادلان نظرات التحدي..
ترسل له هاتان العينان البنيتان نظرة شراسة، معلنة أنه لن يستطع مهما بلغت قوته أن يردعها ويجلعها خانعة، فنظراتها بمثابة جهاز إرسال نظرات القوة والتحدي..

أما هو فنظراتها لم تزيده إلا عنادا، فلم يكن ينوي كسر شموخها أو إيذائها، ولكنها بغضبها على والدته دعست كل خطوط الإنذار الحمراء..
أنا أسفة يا بنتي، أنا مكنتش أقصد..
سرعان ما تشتت عيناهما سريعا، نظرا لها بتعجب، فتابعت فاطمة: -
كان نفسي أريح قلب إبني من عذابه وهو بيدور على ريم عمره كله، كبر قبل أوانه، شال الهم ومن يوم ما اتخطفت وهو بينام ويصحى على صورتها وازاي هيرجعها..

ابتعد سريعا عن نظرات ديالا التي حملت الإشفاق تجاهه، صاح بضيق: -
لو سمحت كفاية يا أمي، كفاية..
لم تستمع لندائته المعلنة والمكنونة، فها هي بلحظة قد بعثت بالأمل داخله ولكن سرعان ما تلاشى أمله سريعا، تابعت ببكاء: -.

كبر وعدت عليه الأيام مابيفكرش في حاجة إلا إنه ازاي هيشتغل وظيفة تقربه من إنه يدور عليها، إنتي من يوم ما جيتي وأنا شفتها فيكي، في عيونك، كلامك، تحديكي ليه زي زمان، شفت صاحبة عمري فيكي، مش في ملامحك لكن في شخصيتك..
لم تك لتدرك أنها بعثت في قلبه الأمل من جديد، وبسكين بارد فتحت جراح قلبه، فكانت تراوده هو الآخر تلك الظنون بأن ديالا وريم هما شخصا واحدا..

فلم يمكث الكثير حتى قطعت له ديالا كل الظنون بقولها: -
والنتيجة طلعت سلبي، كده إنتي ماعملتيش حاجة غير وجع لإبنك، وتدخلك في خصوصياتي وضعك وضع المتهم ولازم تدافعي عن نفسك، ياريتك بتعذبيه هو بس..
ولأول مرة تنهار حصون تلك المسكينة فتابعت ببكاء: -
إنتي عذبتيني من أول ما شفت صورتك في كاميرا أوضتي اللي أنا ركبتها، عارفة عملتي فيا إيه؟!
صاحت بها بغضب: -.

عيشتيني في وهم كبير، قلت أخيرا هكون وسط عيلة، ناس بتحبني، أخرج من حياة التوهان اللي أنا فيها، بسمع كل يوم موقف عن حياتي غير التاني، إتهامات ليا عن شخصيتي وإن كنت شخص بشع، حد تاني يقولي إنتي بنت رتبة كبيرة في الجيش، مليوووون قصة ورواية، نورتي قلبي بشكك بإني بنتمي ليكم..
استشعرت نظرات الشفقة والحزن نحوها، لكنها أقسمت بداخلها أن لا يعرف الضعف والخضوع لها طريقا..
نهضت من جلستها تصيح بغضب جم:.

أنا اللي غلطانة
قاطعها حربا بوابل من الرصاص الحي تخترق جدار الغرفة من حولهم، حطمت زجاج النوافذ، انبطحت سريعا أرضا، وضع أحمد إحدى يديه علي رأس والدته، أحاطها باليد الأخرى واستلقيا أرضا ليكونوا بمأمن من الإصابة بأية خطر.

رفع عيناه بصعوبة باحثا عنها فوجدها تسحب صمام أمان سلاحها بعد أن سحبته من حزامها الجلدي الملتف حول خصرها بعناية، تقف بأحد الأركان أعلى الزجاج المبعثر أرضا، تأخذ وضع الاستعداد لإطلاق الرصاص..
هدرت به بغضب دون أن تنظر إليه: -
إنت بلغت حد إني هنا؟!، مكنتش أتخيل إن جواك الغل والشر ده كله.
أجابها بغضب: -
ده أقل مما تستحقي.

وجهت سلاحها نحوه فور نهوضه سريعا، باغتته وأطلقت إحدى رصاصتها الحية والتي أصابت قلبه في الحال ثم قفزت هاربة من النافذة بجانبها.

عودة للحاضر.

جففت عبراتها التي غطت وجهها ثم التقطت هاتفها، ثوان معدودة وأتاها الرد سریعا: -
أیوة یا فاطمة، عاملة ایه؟!.
أجابته بصوت باكي: -
أنا مش كویسة خالص یا أكمل، أنا عایزة أبني، عایزة أشوفه..
تنهد بضیق ثم أجاب: -.

وبعدین معاكي یا فاطمة، قلت لك ما ینفعش، حیاة ابنك في خطر وبقى مستهدف، استحملي بس أما یقوم بالسلامة وأنا بنفسي هاخدك أودیكي لعنده، بس أرجوكي بلاش عناد وتخلي أعداؤه یمسكوه من إیده اللي بتوجعه اللي هو إنتي
أنهت المحادثة سریعا، فلم یعد لدى قلبها قدرا لإحتمال المزید من الألم، أنهت صلاتها وأعقبتها بتلاوة بعض آیات من القرآن الكریم
، استسلمت لغفوة قصیرة تنهیها إحدى أحلامها المزعجة.

تتمایل بردائها القصیر الأزرق، كیف لهذا الشیطان أن یجعل من تلك الطفلة البریئة ذات الأحلام الصغیرة لنمرة شرسة یملأ قلبها
الحقد والكراهیة بهذا القدر..
دلفت غرفته حیث یرقد بلا حراك، لا یملك أدنى إرادة للحركة، فقد سیطرته على أجزاء جسده إثر جرعة زائدة لإحدى العقاقیر
نظرت له وابتسمت بتهكم، اقتربت من تلك الطاولة بجانب الفراش وتناولت دواء وسكبت بعض الماء من الإناء على الطاولة..

یلحقها بعینیه المنكسرتان وكیف تتحكم به كدمیة
جذبته من مؤخرة رأسه، وضعت الدواء داخل فمه عنوة دفعته ببعض الماء ثم تركت رأسه بقوة مما تسبب بإصطدمه بالفراش بقوة..
سرعان ما سقطت عبرة من عینیه رافضة الهوان..
سبحان المعز المذل، بیقولوا عندنا كده في مصر، یوم ما یخونك حد یبقي إبنك، وبمساعدة أكتر واحدة أنت إدیتها وضعها..
اقتربت بشفتيها المكتنزتان واللتان يكسوهما اللون الأحمر القاتم بلون الدم، قالت: -.

أنا، إدتني إنت وإبنك كل حاجة، وصدقني أنا اللي هاخد منكم كل حاجة..
تفوهت بتلك الكلمات بهدوء كساه القوة نهضت وتوجهت نحو المرآه في إحدى زوایا الغرفة ثم تفقدت هیئتها لتهم بالرحیل.

عودة للماضي..

أنا قلت لك قبل كده ملیون مرة صفقات السلاح بتاعتي أنا، وإنت ماتتدخلش فیها، واسمعني وده أمر صفقة السلاح دي مش بتاعتنا
ولازم تلغیها..
كان یجلس بهدوء تام، یضع ساقا فوق الأخرى، ينفث دخان سيجاره الذي لا يفارقه بوجه والده الذي يجلس مقابله.
كانت عيناه تختبئ خلف قبعته، يلهو بهاتفه بضجر أعتراضا على حديث ( الباشا ) الملئ بالخوف.
( يعني عايز مني إيه دلوقتي؟!، ).

ضرب سطح المكتب بقوة مما جعل بعض الأشياء تتناثر من حوله، رفع إحدى حاجبيه ساخرا: -
( يا باشا مفيش داعي للعصبية دي، غلط عشان صحتك. ).
( جاك إنت بتتخطى كل الخطوط الحمرا، كنت الأول بحط موت صوفيا مبرر لتصرفاتك دي، بس إنت كده زودتها أوي )..
نهض بهدوء ثم سار بضع خطوات حتى استقر أمامه، جلس ببرود قائلا: -
( موت صوفيا بس السبب؟! ).
نظر له الآخر متعجبا ثم قال: -
( عايز تقول إيه جاك؟! )..

( عايز أقول إنك إنت اللي عملت مني أكبر رئيس مافيا هنا )..
قاطعه بغضب: -
( وده كان عشان مين؟!، مش عشانك وعشان مصلحتك؟! ).
لم يرمش له جفن، لم يقطه صوت الصمت السائد إلا صوت زفير الباشا الغاضب، ونفث جاك لدخانه.
( أقعد يا باشا، قلت لك العصبية غلط عشانك.
تحب أقولك إنك قدرت تعمل مني شيطان، تحب أقولك كام مرة شفت أمي وهي بتتعذب علي إيدك؟!

تحب أقولك كام مرة ذلتها وأهنتها وعملت كل حاجة بس عشان تذلها وعشان أوهام في دماغك؟!.
تحب أقولك ضربتها إزاي؟!، جروحها اللي كنت بتزودها قبل ما تخف، طريقة تعذيبك وساديتك البشعة معاها عشان بس اعتقدت إنها خانتك؟!
تحب أقولك إزاي خليتها من سيدة لأكبر قصور البلد لفتاة ليل رخيصة، وإكتشفت بعد موتها إنها مظلومة..
تحب أقولك ماتت إزاي ولا كفاية كده؟!، )..

أمسك مقدمة رأسه بأنامله، ارتمى بقوة على المقعد فقد أصابه الدوار الحاد..
نهض جاك واستقر خلفه هامسا: -
( إيه يا باشا؟!، بتحس؟!، عندك قلب؟!.
نسيت كلامك ليا أما أمي كانت أشلاء قدام عيني وأنا طفل سبع سنين وقلت لي دي جزاة الخاين..
نسيت أما جيت أجري عليك ضربتني قلم ووقعت تحت رجلك وقلت لي إحنا في عالم مفيهوش رحمة للخاين..
لازم تشيل قلبك وترميه هشان تقدر تحكم العالم اللي أنا بصنعهولك، )..

ابتعد عنه ببضعة خطوات وانتصف الغرفة يرفع ذراعيه عاليا ينظر للأعلى قائلا: -
( أنا أهووو يا باشا، أأأنااااا أأأأهوووو، بحكم العالم اللي إنت صنعته )..
عاد إليه مرة أخرى، إنحني حتى تقابل وجهيهما، همس بغضب يكاد يحرق أباه: -
( أنا بحكم العالم بطريقة الشيطان..
شحنة السلاح أنا أخدتها واتخزنت خلاص، وقربت كمان أخد شحنة الكوكايين.
محدش هيقدر يوقفني، ولا إنت، يا والدي ).

كان يجلس خالد مقابله يحتسي قهوته الذي طلبها له منذ قليل، بينما يقرأ أكمل التقارير التي أعدها الأول، توقف عن تصفح التقرير قائلا بتعجب: -
إنت مقدرتش تثبت حاجة على مسعود؟!
وضع الكوب سريعا ليجيبه برسمية: -
هو يافندم تحت الملاحظة، متوقف عن نشاطه لفترة.
أجابه بضيق: -
أومال إنت جاي ليه النهاردة يا خالد؟!.
نهض ليقلب بعض الصفحات حتى الورقة المنشودة، تابع بتوتر: -.

حضرتك الجديد اللي أنا جاي عشان إن سامح اللي خطف نور والعميلة ديالا بعد ما هربت بعد عملتها، يبقى زوج المدعوة سمر عبدالله..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة