قصص و روايات - قصص بوليسية :

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الحادي والعشرون

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الحادي والعشرون

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الحادي والعشرون

كان قلبها يرتجف كمن يتولى مهمة كتلك لأول مرة، تنوي إتمامها على أكمل وجه ولكن كيف؟!، تراودها نفسها أنها لن تستطع الإصطناع تلك المرة، خشيت أن تظهر كافة مهارتها أمام جاك منذ أن قام بتدريبها بكثافة قبل إتمام تلك الصفقة حتى تتمكن من القيام بها.

ملئت سلاحها بالطلقات مثبتة إياه خلف ظهرها، تناولت الأخر من أعلى المنضدة تتفحصه، تعجبت من حصوله على قطعة كهذه فهي تستخدم فقط للجهات المسئولة، قاطعها اقتحامه حجرتها فانتفضت فزعا.
اقترب منها عقب أن لاحت إبتسامة على شفتيه، هما ليلتقطاه عن الأرض فاصطدمت جبهيتهما بقوة، وضعت أناملها موضع الإصطدام، التقطه ثم ساعدها على النهوض قائلا بهدوء: -.

على فكرة إنتي أشطر من كده مفيش داعي للتوتر ده، إنتي في خلال أسبوع إتعلمتي كتير وتخطيتيها بمهارة.
جلست على المقعد خلفها تزيل حبات العرق التي تصيبها جراء وجوده مجيبة: -
أنا داخلة على عملية كبيرة، وأول مرة كمان فالتوتر يعني واصل لأعلى حد.
التقط محرما جفف لها حبات العرق عن جبينها والتي ظهرت بغزارة عقب مدحه لها، قاطع توترها تلك كلمات أحمد داخل أذنها بقوة: -.

مش معنى إني سكت المرة الأولى هعدي التانية، لمي الدور يا ديالا وبطلوا تهريج.
وضعت على كفها على أذنها بقوة مطبقة الجفنين، خشيت أن يكون وصلت إلى مسامعه كلمات أحمد الغاضبة، بدت له كمن يتألم بشدة.
جلس القرفصاء أمامها يهدر بقلق:
ريم إنتي كويسة؟!، فيكي حاجة أنادي عالدكتور؟!.
أومأت بالرفض القاطع ولم تتبدل هيئتها المتألمة، قبض على كفيها أوقفها أمامه قائلا بهدوء: -.

لو حابه تعتذري عن العملية دي مفيش مشكلة لو شايفة إنك مش أدها؟!
أجابته سريعا: -
ماتخافش يا بوص، أنا هفاجئك.
قهقه بشدة حد السعال من ثقتها بحالها، فهي تتحدث دائما بتلك النبرة منذ أن وطأت قدماها هذا المكان، اقترب منها حتى كاد ملامستها، أبعد غرتها الثائرة دائما عن عقدة شعرها، شعرت بالتوتر يدب داخلها، يعلو صدرها ويهبط بقوة، لامست عيناه ملامحها الهادئة، عينيها البنيتان، شفتيها المكتنزتان، همس لها بهدوء: -.

عارفة يا ريم، أنا كل بنت هنا من أول ما بتيجي بيبقى ليها طلة بتتفهم منها، يعني سمر أول ما جت كانت شبهك تمام، متمردة رغم كل اللي مرت بيه، بس سمر كانت بتعمل كده وهي خايفة، كان خوفها ده دايما بيضعفها وبيرجعها لورا، لكن إنتي كنتي متمردة وخايفة لكن بتحاولي تدوسي على خوفك، في حاجة دايما كانت شداني ليكي، معرفش إيه السبب، بس أنا كنت قافل قلبي ومش شايف أي بنات في حياتي بعد موت صوفيا، معرفش إنتي عملتي فيا إيه..

نهضت بتوتر تحاول جلب الكثير من الهواء فقد كادت أن تختنق من قربه الشديد منها، سارت عدة خطوات قائلة بتوتر: -
بما إننا لسه عندنا وقت قبل ما نتحرك، ينفع تحكي لي مين صوفيا اللي متعلق بيها كده؟!
لاحت ملامح الغضب على قسمات وجهه عقب نهوضه، حاولت تلطيف الأجواء من حولها بقولها: -.

يعني أنا مش قصدي حاجة، بس أنا من ساعة ما جيت وأنا شايفة إن كلمة حب مش موجودة في قاموسك أصلا، إزاي شخص بمواصفاتك دي يكن الإخلاص ده كله لشخص؟!.
قهقه أحمد داخل أذنها قائلا:
ديالا إنتي تسكتي خالص، جيتي تكحليها عميتيها، قولي له إنت شخص مبتحسش أصلا إزاي تعرف تحب؟.

ابتعد هو الأخر حتى جلس على فراشها، لمعت عيناه بحزن كبير، تلك اللحظة التي كانت يجب أن توثق فمثل هذا الشيطان لا يعرف القلب له طريقا، فكيف له أن يغلف داخله هذا القدر من الحزن والحب لشخص ما، تنهد بحزن حتى كادت زفراته تشعل النيران بالحجرة كاملة، أجاب بنبرة يعتريها الإنكسار: -.

أنا معرفتش أحب غير معاها، أنا مكنتش الشخص اللي إنتي شايفاه ده غير بعد موتها، عارفة أما تعيشي في الدنيا زي الآلة بتنفذي كل اللي بيتقالك بالحرف من غير ما تشعري، وأما تفوقي تلاقي رجلك غرزت في الوحل ومابتخرجيش منها والدنيا كلها مصرة تكمل عليكي، أنا فتحت عيني على صوفيا، ملاك أقل كلمة تقدري تقوليها عليها، رغم وجودها فجأة وسطنا بعد خطف والدي ليها أجبرت هي كمان تكمل حياتها وسط عالم الشيطان زي ما كان والدي بيطلق عليه، الأول كت كاره وجودها وسطنا لأنها أخدت مني والدي اللي حبها زيي ويمكن أكتر.

لكن بعد كده بدأت تستحوذ على تفكيري وأنا ابن الستة عشر سنة، عارفة يعني إيه تبقي مكرسة حياتك عشان حماية شخص وفجأة تلاقيه كل حياتك، كنت بحميها من الهوا الطاير بدون إرادة، كبرنا سوا وزرع الباشا جواها شغلنا، كبرت معايا وأنا اللي كنت ضعيف قدامها جدا ومقدرتش أكون الإبن اللي والدي عايزه، معرفتش أكون شيطان زيه عشان صوفيا كانت في حياتنا.

قدر يعمل منها شيطان، بقت بتعمل عمليات معاه، بتهرب سلاح، يخطفوا بنات، وأخرها تجارة الممنوعات..
حاولت كتير أبعدها عن الطريق ده بس معرفناش، سيطرة الباشا علينا كانت من كل إتجاه كان نفسي نتجوز ويكون لي منها ولد ونبعد عن العالم ده كله بس شره كان محاوطنا.
وفي يوم كانت بتسلم عليا كأنها عارفة إنه الوداع، أخدت قبي ومشيت، كان في عملية كبيرة لتهريب السلاح عن طريق البحر في سفينة كبيرة،.

طلعت هي ووالدي فيها بس كان عيون البوليس حواليهم في كل مكان من غير ما يعرفوا، العملية فشلت أنقذت والدي والسفينة أنفجرت بفعل طلقات الرصاص بينا وبين البوليس..
أخر كلمة والدي قالها قبل ما يهرب، شفت السفينة بتنفجر وجسمها بيطير بره ووقعت في المية..

وأول ما عرفت بالخبر ده حياتي وقفت، مهما إتكلمت عن اللي حصل الوقت ده مش هقدر أوصف أنا كنت عامل إزاي، جاك مات وقلبه لسه بينبض، الهوا اختفى من حواليا لكن جسمي مصر يعيش، من خمس سنين وأنا قلبي مقفول من ناحية الحياة كلها وده للأسف استغله الباشا أو والدي أسوأ إستغلال، دخلت في العالم ده على أمل الإنتقام من اللي قتلوها، أول واحد بدأت بيه هو الباشا لأنه هو اللي كان السبب في وجودها وسط العالم ده..

إغرورقت عيناها بالعبرات، اختنق الهواء داخلها، فهى تعي كل حرف نطق به داخلها وكأنها تراه يحدث أمامها الان.
تابع حديثه عقب ما غلبه البكاء الذي حاول مرارا وتكرارا إحتضانه داخله ولكن تفتت الصخور حول قلبه لتكشف المكنون عن أحزانه: -.

بعد ما قدرتي تقتلي الباشا كان لازم أخلص من ( كيم ) هي كمان، هي أول واحدة دربت صوفيا تكون فرد من أفراد المافيا وأنا أقسمت جوايا إن كل حد كان سبب الأذى ليها وليا همحيه من على وش الدنيا وبعدين أختفي وأحاول أعيش بهدوء عن عالم الشيطان..
إقتربت منه لتجلس بجواره، ربتت على كتفه بمواساة، أبعد كفها بهدوء ثم نهض نحو المرآة ليعدل من هيئته ليقول ببرود وحدة: -.

إنتي كسرتي حصون بنيت فيها سنين، أنا حكيت من باب إرضاء فضولك، أنا مش محتاج منك شفقة، قومي يالا عشان نبدأ نتحرك..
تحرك مبتعدا نحو الباب، برح الحجرة بأكملها تركها بين عاصفة المشاعر التي إجتاحت قلبها بشدة.
ديالا، ديااااالااااا..
صدح بأعلى صوته داخل أذنها، فوضعت كفها على أذنها بألم، همست بغضب: -
زعق مرة كمان في ودني وأنا اللي هشيل الجهاز ده وأرميه بإيدي..
أجابها بهدوء: -.

يا بنتي ما تهدي كده شوية، وبعدين ماتنسيش إن خروجك من المكان ده متوقف عليا، ف لمي الدور كده وماتتعصبيش عليا يا حنينة، إيه صعب عليكي وهو بيحكي عن حبيبته اللي كانت شيطانة وماتت؟!
قاطعته بغضب: -
أنا مش عارفة مين اللي معندوش قلب ومابيحسش، واحد إتحط في طريق غصب عنه وكمل فيه وهو تايه، إنت طلعت معدوم الإحساس.
أجابها بهدوء: -.

أنا مش معدوم الإحساس، أنا عندي عقل، في ناس الظروف بتخليهم شياطين لأنهم ضعفاء مش لأن دي الظروف، أنا كان قدامي مليون فرصة أكون ظابط زي ديفيد أبيع بلدي وأكون أسوأ من الشيطان صاحب المشاعر، بس أنا فطرتي النقية أقوى من أي ظروف، وكفاية كده عشان أنا متواضع ومبحبش أتكلم عن نفسي كتير.
همست: - مكذبتش أما قلت حقير.

أجابها ضاحكا: - سمعتك على فكرة، لينا يوم هيجمعنا وأخد حقي، المهم إجمدي كده وحاولي ماتظهريش بأكتر من طبيعة ريم اللي إتدربتي عليها لمدة أسبوع بس، كون إن جاك حكالك كل ده مش معناه إنه واثق فيكي، ده واحد بيحاول يوقعك لإنك مستفذاه بقوتك.
حاضر يا باشا، أي أوامر تانية؟!
أجابت برسمية بينما تقبض على سلاحها الأخر وتضع نظارتها الشمسية وقبعتها السوداء التي تحمل نفس لون ثيابها..

ديالا خليكي مستعدة لحظة هجومنا قربت جدا، حاولي توصلي للجهاز بسرعة، لازم تدخلي أوضته بأي شكل وتخبي الجهاز..

بعد مرور ساعة كاملة..

تجاوره داخل سيارة فارهة باللون الأسود القاتم كلون نوافذها ويتماشا مع ثيابهما التي يكسوها الظلام كقلبه، ينظر بساعة يده ثم يعاود النظر أمامه مرة أخرى، تهتز ساقها بقوة مما جعل صبره أوشك على النفاذ، قبض على ساقها بقوة ليجبرها على التوقف، نظرت له بحدة لم تصله بفعل نظارتها الشمسية، أعقب قبضته قائلا: -
ريم، ماتقلقيش، دي عملية بسيطة وقلت لك إنتي أدها..
قبض على أناملها يقربها من شفتيه يقبلها ليردف: -.

وبعدين قلقانة ليه أنا معاكي.
قاطعهما عاصفة ترابية قوية أحدثتها سيارة أخرى بنفس مواصفات خاصته، توقف سائقها مقابل سيارة جاك على بعد بضعة أمتار، ضغط على أناملها بقوة ليطمنئها، التقط حقيبة سوداء بجانب قدمه ليضعها على ساقيها، سحبت كفها من بين يديه، حملت الحقيبة ثم هبطت من السيارة لتستقر أمامها وما هي إلا بضعة لحظات ليهبط رجلان من السيارة الأخرى ليستقرا أمامها على الجهة الأخرى.

نظر لها عدة نظرات لتلوح إبتسامة ساخرة، ليردف لمساعده: -
( شكل جاك بطل يشغل رجالة معاه )..
كان جاك يتابع ما يدور عبر زجاج سيارته يثق تماما بعدم علم الطرف الأخر بوجوده بصحبتها..
أما بالخارج..

اقتربت بهدوء بخطى ثابتة نحوهم، مدت الحقيبة نحوهم ليلتقطها ذلك الشخص مقابلها، تناول الحقيبة ثم أولاها ظهره ليضعها أعلى السيارة يتفحص داخلها فإذا بها كم كبير من الممنوعات، أعاد غلقها بإحكام ليشير بعينيه لرئيسه بأن كل شيء على ما يرام.

ألقى حقيبة أخرى على طول ذراعه لتستقر أرضا أمام قدمها، جالت بعينيها بينه وبين الحقيبة، جلست القرفصاء نحو الحقيبة، فتحتها بهدوء لتجد مبلغا كبيرا من المال، بدأت بتفحصه، ليقاطعها فوهة سلاح تستقر أعلى جبينها، رفعت عينيها نحوه ثم عاودت النظر نحو حقيبة المال مرة أخرى..

نظر لها بتعجب من ثباتها فمن بحالها على أعتاب لقي حتفه يجب أن يرتعد، زادت من تعجبه حينما أبعدت سلاحه الموجه نحوها بكفها ثم نهضت عقب إغلاقها حقيبتها..
أولته ظهرها عازمة الرحيل قاطع خطواتها حينما هدر بغضب: -
(أقفي مكانك ماتتحركيش )..
اقتنصت بعض الهواء داخلها، نزعت سلاحها أسفل كنزتها من الأمام لتفاجئه بإطلاق الرصاص على ساق مساعده ليسقط في الحال، وجهت سلاحها نحوه لتتابع: -.

( هديك فرصة تمشي بفلوسك، قبل ما أخد شنطة الفلوس وشنطة الكوكايين وأمشي وهيكون على جثتك )..
قهقه بشدة على قولها ليردف من بين ضحكاته الساخرة: -
( أنا خفت كده، تمثيلك رائع جدا )..
باغتته بطلقة أخرى لتصيب ذراعه فسقط سلاحه أرضا، أعقبت فعلتها قائلة بتحذير: -
( أنا حذرتك وشكلك مصر على الأذى )..

التقطت حقيبة الممنوعات بجانب مساعده الراقد يأن ألما، حملت الحقيبتان، سارت نحو سيارة جاك بخطوات واثقة ثابته ولكن داخلها يرتجف بقوة، علمت أن الأمر لن يمر مرور الكرام، وصلت حيث السيارة ألقت الحقيبتان داخلها حتى إندلع سيلا من الرصاص نحو سيارتها، أحتمت خلف باب السيارة تبادل الطرف الأخر إطلاق الرصاص.

مرت بضع دقائق قبل أن يسقط كلا من رئيس الطرف الأخر ومساعديه وسائق سيارة جاك صرعى، أصيب جاك بصدره عقب وقوفه كحصن منيع بينها وبين طلقة غادرة كادت أن تصيبها..

حاولت حمله إلى السيارة ولكن حال وزنه الثقيل بالنسبة لها بينها وبين سهولة حمله، مرت دقائق حتى إستطاعت وضعه داخل السيارة على المقعد الأمامي بجانب السائق، ثم عاودت الكرة مع سائق السيارة ولكن على الأريكة الخلفية، قادت السيارة سريعا عقب سماعها صافرات سيارة الشرطة التي أتت لمسامعها من المدى البعيد.

وصف لها جاك طريقهم بينما تنزف جراحه الدماء بشدة ويبدو كمن يلتقط أنفاسه الأخيرة، بعد نصف ساعة كاملة كانت أطفأت مفتاح تشغيل السيارة، هبطت تعدو طالبة النجدة لمداواة جراحه لتقابل كلا من ريتشارد وسمر في طريقهم نحو المخرج ويبدوان أنهما على وشك الهرب.

توقفت للحظات لتصدح صوت طلقة نارية مستقرة بجبهة ريتشارد الذي سقط صريعا في الحال، صرخ كلا من ديالا وسمر بقوة لتشيح بنظرها نحو مصدر العيار الناري لتجد جاك يستند على السيارة مازال يشهر سلاحه نحو سمر..
لتصرخ بفزع: -
جاك إنت عملت إيه؟!، قتلته ليه؟!
تحشرج بكلماته فإصابته بالغة، ليجيب بتعب: -
ده جزاء الخاين..

رفع سلاحه مجددا نحو سمر ينوي معاقبتها كالراقد جانبها أرضا، قبضت ديالا على يده تحول إعادة الكرة بينما تقول: -
لا، هي معملتش حاجة، إحنا نعاقبها بطريقتنا، إحنا لسه محتاجينها..
لم يستطع الصمود أكثر فسقط أرضا بجانب قدمها غائبا عن الوعي..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة