قصص و روايات - قصص بوليسية :

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الثاني

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الثاني

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الثاني

يقف على أهبة الإستعداد، ومن حوله الجنود يقفون حيث أمرهم تماما، يصوبون وجوههم عليه ينتظرون تلك الإشارة المتفق عليها ليبدأوا هجومهم..
يقفون بهيئة تثير الفزع داخل النفوس، فهم يرتدون البذلات السوداء التى تمثل حاجزا بينهم وبين أية أعيرة نارية غادرة قد تصيبهم، ملثمين الأوجه، لا يكشف هذا القناع إلا أعينهم التي تشبه الصقر في حدتها، ويقبضون على أسلحتهم بقوة..

مال برأسه ناحية كتفه الأيسر حيث يضع أحد أجهزة الإرسال الذي يجعله على تواصل مع باقي أفراد فريقه..
تحدث بجدية وبهمس:
كل واحد يستعد وياخد مكانه، بعد العد ل ٣ هنبدأ الهجوم من مواقعنا..
١، ٢، ٣.
وما أن تلفظ بها حتى بدأوا في التحرك نحو أهدافهم المتفق عليها معه مسبقا، خطوات بطيئة متأهبة، يلتفتون يمينا ويسارا وأسحلتهم ممدة أمام أعينهم تلامس وجنتهم المغطاة بقناع أسود يخفي ملامحهم عدا أعينيهم.

دارت معركة قوية بين مجموعة من المسلحين الخطيرين والقوات الخاصة أثناء عملية تعبئة مواد مخدرة ودسها داخل شحنة من المواد الغذائية..
تم تبادل كثيف لإطلاق الرصاص وتسبب بسقوط العديد من الضحايا من كلا الطرفين.
نجح هؤلاء المسلحين أن يقوموا بإلهاء القوات الخاصة حتى يتمكنوا من تشتيت إنتباههم عن رئيسهم لسهولة هربه، لم يكونوا على علم بمن يراقبهم عن بعد بأعين كالصقر وتأهب الليث للإنقضاض علي فريسته..

سار زعيمهم بخطوات مترقبة خائفة نحو ذلك الباب والذي يكون بداية لسرداب تحت الارض يخرجه من مخرج سري..
قبل أن تمتد يده إلى مقبض الباب كان قد انقض عليه بهجمة مفاجئة مما أصابهم بشلل مؤقت في التفكير..
وجه سلاحه علي رأس زعيمهم وباليد الأخرى كان يقيد حركته تماما.
أحمد بابتسامة ساخرة: -
مكنتش متخيل إن وقعتك هتبقي سهلة أوي كده، أنا كنت فاهمك غلط بقي.

إلتف بقية فريقه حوله سريعا بعد أن انتهوا من مهماتهم الموكلة لهم، يصوبون أسلحتهم تجاه هؤلاء الخارجين عن القانون..
أشار لهم أحمد أن يتوقفوا فأخفضوا أسلحتهم وساروا نحوه حتي قبضوا عليه وأخذوه بعيدا عن أحمد الذي شرع بخلع واقي الرصاص وبعض الأشياء الاخرى التي يرتديها من يمتهن تلك الوظيفة..
تقدم منه صديقه ( علاء) بإبتسامة قائلا: -
والله أنا قلت للرئيس المهمة دي مش محتاجة أحمد بس هو اللي أصر..

ضربه أحمد ضربه خفيفة على رأسه مازحا: -
ما البيه يتجوز وإحنا نشيل الليلة..
عقبالك يا عم..
ندم الأخير على تلك الإجابة حيث تهجم وجه أحمد بشدة ورحل سريعا غير عابئ لنداءات صديقه المتكررة..
يجلس بسيارته غاضبا حزينا من أمنيات صديق دربه، أخرج من محفظته صورة لطفلة بريئة جميلة، تأمل تلك الصورة بحب جارف وهو يبتسم بعينان تسجن عبراتها بداخلها..
بتمنى اليوم اللي هيجمعنا سوا في بيت واحد
قريب..
قريب اوي..

وهكذا طمأن حاله عله يهدئ ثورة عاطفته.
يجلس على مقعده الوثير بأريحية، يستند برأسه على المقعد، يضع قدماه أعلى مكتبه، يبدو أنه يهاتف شخصا ما مقربا الى قلبه، تعالت ضحكاته وهو يقول: -.

( على مين يا ابني، أنا هفضل وراها، بس أعرف دماغها فيها ايه، المشكلة ان ( دي ) ماتقدرش تعرف هي بتفكر في ايه بسهولة، ، ، لا طبعا عمري ما خلت شريك معاها، ده أنا مصر العملية اللي جايه تطلع معها متدربين جدد، ، ، آآآآه ما هي لازم تدربهم على أرض الواقع، هي يعني لو حصل لها حاجة مين، ).

قطع حديثه فتح الباب المفاجئ الذي أثار فزعه وغضبه، إعتدل سريعا في جلسته فأنزل قدماه على الارض، وإستند بذراعيه على المكتب، مما تسبب بسقوط بعض الأشياء من على المكتب ومن ضمنها كوب القهوة الخاص به مما أحدث جلبة إثر تحطمه وأيضا إتساخ بنطاله..
نهض بضيق بعد أن أرسل لها بعض نظرات غاضبة مما جعلها في حال لا تحسد عليه من الإحراج والضيق مما جعلها ترفع يديها إعتذارا، تراجعت خطوات للخلف فأشار لها بغضب أن تتوقف..

زفرت بضيق وابتلعت ريقها بهدوء، خفضت رأسها لأسفل لشعورها بالخزي فهي من أشد المتبعين للقواعد والقوانين، ولم يكن هذا التصرف من شيمها مطلقا..
أغلق الهاتف بعد أن أخبر صديقه: -
(طيب هكلمك بعدين )
ما أن نطق بتلك الكلمات حتي تحركت إلى أن وصلت للجهة المقابلة له، أدت التحية العسكرية رافعة رأسها بشموخ..
سار بضع خطوات من خلف مكتبه حتى وصل إليها، ثم صاح بها بحدة: -.

ا(نتي ازاي تتجرأي وتدخلي عليا مكتبي بالطريقة دي؟! ).
ضربت الأرض بقدمها بطريقة رسمية..
ديالا: ( أنا أسفة يافندم، غلطة )..
ديفيد بحدة: ( ايه؟!، سمعيني قولتي ايه؟! غلطة؟!، ودي من إمتى يا (دي)؟! من امتى ديالا بتغلط!)..
كعادتها دوما تنجح في إخفاء مشاعرها، ولكن أمامه تشعر بشئ من الراحة فتترك لغضبها العنان..
ديالا: ( حضرتك بتحطني في إختبار صعب أوي، أنا مش عارفة انتوا بتجيبوا المجندين دول منين؟!).

قهقه ديفيد بصوت مرتفع علي حديثها، إستمر للحظات في ضحكه بينما تنظر له بدهشة وبلاهة..
ديالا بضيق: ( ممكن اعرف حضرتك بتضحك ليه؟!).
سار مرة أخرى بإتجاه مقعده الجلدي وهو يسعل من شدة ضحكة، ارتشف القليل من كوب الماء الموضوع بجانب كوب القهوة الذي سقط مسبقا، ثم حاول أن يتحدث جاهدا:
(بقى هو ده اللي معصبك وبيخليكي داخلة عليا بالمنظر ده؟!).
ديالا بضيق ونفاذ صبر: (ايوة يافندم هو ده. ).

أشار لها وهو يلتقط علبة لفافات التبغ خاصته ثم أخرج إحداها ثم أشعلها، نفث دخانها على يمينه، قائلا:
( تعالي اقعدي بس وسيبك من الرسميات دي، من إمتي وإحنا بنتعامل كده واحنا لوحدنا! )..
إرتخت عضلات جسدها وزفرت بضيق ثم جلست مقابله، وضعت ساقا فوق الأخرى، مالت برأسها للخلف من شدة الإرهاق..
لاحظ شحوب وجهها، فقال بتساؤل:
( ( دي )، انتي فطرتي النهاردة؟! ).

لم تلتفت له بل ظلت علي وضعيتها، هزت رأسها بالرفض دون أن تتحدث ببنت شفة..
زفر ديفيد بنفاذ صبر، إلتقط سماعة الهاتف معترضا علي إهمالها: -
(انتي مفيش فايدة فيكي أبدا، الإهمال ده طبع عندك )..
أجابه الطرف الاخر: (ايوة يافندم )..
ديفيد بلهجة آمرة: ( إبعت لي أي فطار حالا )..
أغلق الهاتف نظر إلى حالتها، ثم قال مازحا: ( إيه تحبي نعفيكي من خدماتك؟! نطلعك معاش؟! ).

لم تتحرك ومن ينظر إليها للحظات يحسبها تصلبت من ثباتها الشديد..
ابتسم من تصرفها ثم تابع بمكر:
( لو قعدتي مثلتي ساعة إنك بتموتي مش هعفيكي من التدريب )..
اعتدلت بفزع ونظرت إليه بتوسل، مما جعله زاد في ضحكاته، نهضت ثم مالت بجسدها بإتجاه كفيه والتقطته محاولة تقبيله ثم قالت بإستعطاف:.

( أبوس إيدك يا باشا، أبوس إيدك، عاقبني أي عقاب بس إبعدني عن مهنة التدريب دي خالص، أنا واحدة بتاعت عمليات، إنقاذ، قبض على مجرمين، رصاص و طاااخ، طاااخ )
تابعت تمثيل حركاتها القتالية ولكن بشكل بهلواني مما جعل ديفيد يزداد في ضحكاته أكثر، عادت مرة أخرى لتقبل كفه بطريقة درامية مصطنعة..
سحب كفه من بين يديها، عاد بظهره مستندا علي مقعده براحة تامة وهو ينظر لها بتحدي..

مما جعل مصابيح الأمل في عينيها وقلبها تكاد أن تنطفئ..
ديفيد: ( لا، دي، بطلي دلع واقعدي عشان نشوف شغلنا، ده غير إن تمثيلك وحش أوي يا ( دي )..
وضعت رأسها علي المكتب وكلتا يديها فوق رأسها بخيبة أمل وإصطنعت البكاء..
ديالا: ( إنت بتعمل فيا ليه كده؟! )..
صاح بها بحدة: ( وبعدين؟!، اقعدي بقى )..
عادت الى نفس جلستها مرة أخرى وهي تزفر، قائلة بضيق: حاضر..
اخذ بعض الملفات من امامه وبدأ بقرائتها، تابع بجدية: -.

( أخبار العملية اللي كلفتك بيها إيه؟).
أردف بهدوء على النقيض مما يبطن داخله مصطنع الامبالاة.
نصتت إلى تساؤله المبهم بالنسبة لها، يحلل عقلها تساؤله ونبرته وكأنها إنسان ألي بعقل مبرمج يترجم الأشياء ويحللها.
ديالا: (ليه؟!).
ترك الأوراق ونظر لها بعدم فهم: ( هو ايه اللي ليه؟!).
إعتدلت من إسترخائها، فأصبحت تشبه الرجال إلى حد كبير في تصرفاتها، أخذت تدلك جبينها بارهاق وهي تقول: -.

( من إمتى بتسألني عملت ايه في مهمة؟! ).
( نظرت إليه بشك ثم تابعت )..
( مانا بقالي سنين بشتغل معاك وعمرك ما سألتني عن خط سيري في أي مهمة؟! ).
أبعد نظره بعيدا عنها وقال بتردد: -
( لاااا عادي، آآآآ، أصل دي قضية كبيرة يعني، وأنا بس بتطمن )..
رفعت حاجبها بدهشة ترمقه بنظرات ذات مغزى مما زاد توتره، فلأول مرة منذ عملها معه يسألها عن قضية تولتها..
ديالا: ( لا إطمن، أما أوصل لحاجة هبلغك )..

أصبح المكان مشحونا بالتوتر والشك بينهما، فها هي العميلة (دي) لا تترك حرفا ولا فعلا إلا وتضع له كافة الاحتمالات، لا تثق بأحد مهما كان درجة قربه منها..
تراجعت مرة أخرى لتتكأ على مقعدها حتى تشعر ببعض الإسترخاء.
طرقات عدة على الباب، أعقبها ديفيد بالسماح للطارق بالدخول.
ديفيد: ( ادخل )..

دلف شابا عشرينيا يرتدي زيا رسميا حاملا الطعام بين يديه، نظر له ديفيد الذي لاحظ عيونها المتعلقة بيه وتنظر له بطريقة مبهمة بالنسبة له..
ديفيد بهدوء: (حط الاكل هنا قدامها )..
ما أن انتهى من مهمته وهم أن ينصرف فاعترض طريقة الضابط ( ماكس )..
طرق على الباب وسمح له ديفيد بالجلوس..
شرعت ديالا بتناول الطعام فنظر لها ماكس ثم قال بنبرة قلق: -
( دي )
أجابته دون أن تنظر له متابعة ما شرعت به: ( هاااا )..

ماكس: ( في حد عايز يقابلك؟! ممكن؟! )..
أجابته بفم ممتلئ بالطعام، تكاد ان تخرج منه الكلمات: (مين؟! ).
ماكس وهو يبتعد بجسده عنها بقلق: ( المجند توم )..
نظرت له ثم صاحت بغضب: ( مااااااكس )..
ضحك ديفيد من طريقتها وخوف ماكس منها..
ماكس بتوتر: ( عايز يعتذر، انتي متعصبة ليه؟! ).
تابعت تناول طعامها وهي تقول: ( مفيش إعتذرات، ويجهز بكرة قبل زمايله بساعتين عشان عقابه علي عملته النهاردة )..

حاول أن يستعطفها ولكن أوقفته بنظراتها الحادة بينما تقول: -
( حاول تتكلم عشان تتعاقب معاه ).

أدى ماكس التحية العسكرية سريعا هاربا من قرارتها وهو يقول: لا وعلى ايه؟! ساعتين، اربعة بدري اللي تشوفيه حضرتك، عن اذنكم..
ديفيد بسخرية: وعايزاني اعفيكي من التدريب؟! انتي بتحلمي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة