قصص و روايات - قصص بوليسية :

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الثامن

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الثامن

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الثامن

تهبط الطائرة بنجاح داخل الأراضي المصرية، تقف بردائها القصير نوعا ما أعلى سلم الطائرة، ترتدي نظارتها السوداء، تخفي جزءا كبيرا من وجهها، استنشقت الكثير من الهواء المنعش بداخلها..
لم تدرك لم يراودها هذا الشعور، تشعر بأن الهواء يحتضنها، تشعر بأنها علي وشك بدء حياة جديدة للمرة الأولى منذ مرور خمس سنوات.
شعرت بالأمل، الطاقة، الحب..

قاطع شرودها أحد أفراد طاقم الطائرة لما سببت من تعطل حركة هبوط الركاب من على متن الطائرة، قال بتساؤل: -
لو سمحت يا أنسة، في مشكلة؟، هل أقدر أساعدك بحاجة؟!
حركت رأسها يمينا ويسارا وابتسمت شاكرة، هبطت بهدوء ممسكة بهاتفها الذي بدأ بالرنين، كان ديفيد هو المتصل، فأغلقت الهاتف تماما وتابعت سيرها.

كانت تسرق أنظار الجموع، هيبتها، جمالها الآخاذ وخطواتها الواثقة حتى وصلت إلى الضابط الذي يعطي المسافرين تصريحا بالولوج إلى الأراضي المصرية..
أعطته تصريح سفرها (جواز السفر )، فجأة نهض عن مقعده مسرعا ما أن رأى طبيعة عملها، أشار لها بإصبعه لتعطيه بعض الوقت، أشارت برأسها بهدوء، ثم رحل مسرعا..
في تلك الأثناء..
داخل المطار أيضا ولكن بمكان أخر..

يقف أحمد بصحبة صديقه عادل الذي يعمل ضابطا أيضا ولكن ضمن أمن المطار..
غضب أحمد بشدة وبدأ يقبض على خصلاته بغضب بينما يصيح: -
عادل إتصرف، إعمل أي حاجة، كلمهم رجع الطيارة، الشخص ده متهم إنه يكون له علاقة بقضية كبيرة ومافيا خطيرة..
توتر عادل من غضب أحمد الشديد، حاول بث الطمأنينة داخله: -.

أهدى يا أحمد باشا، مفيش فايدة من اللي بتعمله ده، الطيارة طلعت من ساعة تقريبا، يعني تقريبا خارج الحدود المصرية دلوقتي، أنا أسف يا أحمد أنا مقدرش أعمل أي حاجة..
لا هتقدر، وأنا هجيبلك أمر بإنك ترجع الطيارة.
لفظ كلماته برسمية شديدة، أخرج هاتفه من جيب بنطاله ثم أجرى إتصالا.
في تلك الأثناء اقترب منه الضابط بتصريح سفر ديالا، تفحصه عادل بتعجب: -.

( هيئة سيادية خارجية )، ومش مكتوب إيه هي؟! غريبة، وإزاي معندناش علم بكده؟!.
لم يطل التفكير فقد سار بضع خطوات حيث تقف ديالا وقبل أن يصل إليها عاد مسرعا إلى أحمد عله يساعده في الأمر..
عادل: أحمد، تعالى معايا، أكيد هتقدر تشوف الموضوع ده..
مد يده بالتصريح تجاه أحمد الذي قرأ تفاصيله بدقة عقب ما أنهى إتصاله، لكنه شرع بأخر فور إنتهاءه من قراءة مفردات جواز السفر.

اقترب عادل مبتسما بينما كانت تقف وهي تزفر بنفاذ صبر، تهز ساقيها ضجرا: -
ممكن تفضلي معايا يافندم؟!.
هدرت به بحدة: -
ممكن أفهم أنا واقفة هنا ليه أصلا؟!، واتفضل معاك ليه؟!.
أبعده أحمد من أمام وجهها الغاضب، نظر في عينيها بتحد التي تظهر بشكل غير واضح من وراء نظارتها الشمسية، وضع يديه جيبه وقال بهدوء: -
إجراءات أمنية..

نظرت له بلامبالاة شديدة، ابتسمت بسخرية ثم سارت وتخطته مما أشعل نيران الغضب داخله ولكنه تفوق على غضبه واستطاع كبته، فقد أهانته الآن بنظراتها الساخرة.
.
سارت خلف عادل الذي اتجه إلى مكتبه، جلست على الأريكة بدون أن تنتظر السماح لها بالجلوس..
وضعت ساق أعلى الأخرى ثم أخرجت هاتفها من حقيبتها الصغيرة، أعادت تشغيله مرة أخرى وتلقت رسالة من ديفيد والذي كان محتواها: -.

(ديالا فينك؟!، بحاول أتصل بيكي أبلغك أن الرسالة اللي بعتها للسلطات المصرية تقريبا أتاخرت، حاولي تتصرفي لحد ما أحل اللبس ده)..
زفرت بضيق شديد فعلمت لم كل تلك الإجراءات والتعامل بتحفظ، دخل أحمد إلى الحجرة بضيق، جلس على المقعد المقابل لمقعد عادل، أخذ علبة السجائر الخاصة بالأخير، أخرج إحداها ثم أشعلها ومن ثم بدأ بالسعال بشدة..

تعالت ضحكاتها الساخرة المتعمدة، لا تدري بأنها تضع مزيدا من الحطب لشرارت غضبه، الذي كان يحاول جاهدا في إخفاؤه ولكن هذه السيدة تستفز أفعاله بقوة وخاصة بعد شكه من توليها لوظيفة مشابهة كثيرا لوظيفته، وتمتعها بمكانة مرموقة في هيئة حكومية كبيرة..

عادل بتعجب: أحمد هو إنت من إمتى بتشرب سجاير؟!
لم يجب عليه بل برح الغرفة بأكملها حتى يتمكن من السيطرة على إنفعالاته، ردد بداخله: -
في إيه يا أحمد؟!، حتة بنت معصباك أوي كده؟!، ما تسيطر على إنفعالاتك شوية، إنت اتحطيت في مواقف أسوأ من كده بمراحل ونجحت إنك تخفي إنفعلاتك وببراعة، بس هي مستفزة أوي، إنسى، إنسى..
مسد على خصلاته بهدوء، تنفس بقوة ثم زفر بهدوء، دلف إلى الداخل مرة أخرى..
في تلك الأثناء..

عادل برسمية: طبعا حضرتك عارفة إن وظيفتك دي هتعمل لنا قلق شوية، لازم أتأكد إن في موافقة على السماح بدخول حضرتك البلد..
ديالا بهدوء شديد: - أنا طبعا مقدرة القلق ده، وأنا معنديش أدنى مشكلة في إجراءتكم، خدوا راحتكم..
قاطع حديثها رنين الهاتف، أجاب عادل: -
ألو، ، أيوة يافندم، ، ، حاضر، أوامر سعادتك، أتفضل حضرتك..
أغلق الهاتف بهدوء ثم نظر إلى أحمد: -
إنت قافل موبايلك ليه؟!

أخرجه سريعا أحمد من جيبه فوجد أن بطاريته فارغة: -
غالبا فصل شحن، ليه؟!
عادل بسخرية: اللواء أكمل إتصل وبيسأل عليك، وبيقولك تاخد حضرة الظابط ديالا معاك لعنده عشان هو هيتصرف، إنت كلمته؟!
نظر لها أحمد ويكأن الفريسة وقعت بين براثن الأسد، فبادلته النظرات بإبتسامة سخرية وكأنها تجيبه ( لا تعلم بأنك الفريسة وأنا الأسد ).

وبالفعل وضعت ديالا هاتفها في حقيبتها الصغيرة، ثم نهضت وسارت تجاه الباب وخرجت من الحجرة، تبعها أحمد وهو يتعجب من جرأتها، فلم لم تتحلى بأداب المهنة على حد تساؤله والتزامها بأنها ليست داخل نطاق سلطتها..

سار خلفها حتى وصلا إلى بوابة الخروج، وقفت واستدرات له، قالت بهدوء حاد: -
أنا مش مقبوض عليا يا حضرة الظابط ماتمشيش ورايا، أنا هنا زيي زيك، وإذا مكنش كمان رأسي برأسك، فبلاش معاملة المجرمين دي عشان ماتزعلش مني..
كاد أن يجيبها ولكنها أوقفته بسؤالها: -
فين العربية اللي هتوصلنا، ولا أتصرف أنا في منطقتك وفي بلدك؟!.

كانت تتلفظ تلك الكلمات تكسوها نبرة السخرية حتى تثير غضبه أكثر وأكثر، فاقترب منها وقالت بتحد: -
ماتورينا شطارتك
أمسكت بطرف نظارتها فأنزلتها قليلا ليقفز الضوء سريعا إلى عينيها الساحرتين، ابتسمت بسخرية وحركت رأسها يمنة ويسارا بإستهزاء..
استدارت لمدة دقيقة لا تزيد تتفحص الساحة بدقة، ومن ثم سارت بإتجاهه: -
تعالى ورايا.

استجاب لها طوعا وسار خلفها، حتى وقفت أمام سيارته بالفعل، فتح فمه متعجبا، اقتربت بهدوء وأغلقت له فمه، وسحبته خلفها من ذراعه مشيرة بإصبعها تجاه اللوجة التي تحمل الأرقام الخاصة بسيارته والمدون عليه ( جهة حكومية )..
وهي تقول: -
مش محتاجة ذكاء، بس إنت اللي شكلك مبتدئ، هتفتحها ولا أفتحهالك..
جز على أسنانه بغضب، فتح قفل السيارة واستقلاها سويا، قادها بسرعة جنونية وكأنه يعلن حرب باردة عليها..

ولكن نظرت تجاه النافذة ولم يرمش لها جفن..

وقف أمامه يحجب عنه ضوء الشمس وهو يصيح بغضب شديد وقهر: -
عملت اللي في دماغك بردو، بعت بنتك للي هيدفع أكتر، إستفادت إيه؟!
بدأت تجتمع حولهم المارة، وهم يضربون الكفوف تعجبا من الحال..
نظر له رضا بتعجب، لاحظ تجمع الناس من حوله، حاول أن يمتص غضب بدر الذي كاد أن يفتك به لضياع حبيبته فاقترب منه واضعا يده على كتف بدر بحنان مزيف: -
إهدى يابني، إحنا مش هنفرج الناس علينا، تعالى نتكلم جوة..

نفض بدر يده بقوة وهو يصيح: -
لا والله، صدقتك أنا كده، إنت مستحيل تكون أب، والله لأدفعك تمن اللي عملته ده كويس، هسجنك، عارف يعني هسجنك..
رحل بغضب كاد أن يغيبه عن الوعى، تحجرت الدموع في عينيه، فكيف له أن يعيش بعيدا عن طفلته الصغيرة، سار بلا وجهة، وصل إلى مجرى ماء صغير، جلس على أحد جانبيه وهو يرثي حاله ويناجي ربه أن يجمع شتاتهما سويا مرة أخرى..

كادت الشمس أن تلتصق بالأرض تعلن عن غروبها، قفزت فكرة إلى عقله سريعا، أخرج هاتفه من جيب جلبابه ثم أجرى إتصالا، انتظر قليلا حتي أتاه الإجابة: -
أيوة يا خالد، إزيك يا أبو نسب عامل إيه،
أنا مش كويس خالص، أنا واقع في مصيبة ومحدش هيساعدني غيرك
خلاص بكرة الصبح هتلاقيني في مكتبك،
تمام مع السلامة..
عزم على ألا يفقد صبره وأن يعيد طفلته وحبيبته هناء مرة أخرى.

في مكان جديد..

يجلس على مكتبه، يحادث أحدهم بلغة أجنبية..
( حاضر يا كبير،
أكيد هحاول أجمع العدد ده في شهرين بالكتير، بس خلي بالك بس أنا مش عايز ألفت العيون علينا،
أيوة طبعا تعددت الوسائل والنهاية واحدة )
تعالت ضحكاته بشدة ثم تابع بهدوء: -
( قولي يا باشا، إيه أخبار البضاعة اللي فاتت؟!
بجد؟!، أنا قلت لك هشرفك يا سير خوسيه،
حاضر، باي )
نظر إلى مساعده الذي كان ينظر له بإعجاب وبلاهة، فقال له: -.

بطل العبط اللي إنت فيه ده، وإجمع رجالتنا بسرعة، عندنا طلبية بعد شهرين وورانا شغل كتير..
هب مسرعا لينفذ ما آمره به سيده..
أراح جسده للخلف بإبتسامة شيطانية، بدأ بالتخيل وهو يحمل الكثير من المال، يجلس بقصر كبير يملؤه الخدم، هو الآمر الناهي، سيد القصر والعالم، يحلم بأن يكون صاحب العمل بأكمله..

في غرفة أخرى بنفس المكان..
يجلس شابا عشرينيا أمام حاسوبه، يزفر بضيق ويتصفح صندوق رسائله مرة تلو الأخرى منتظرا إجابتها..
دقائق وسمع إشعارا بتلقيه رسالة، إعتدل في كرسيه سريعا ونظر إلى الشاشة بفرح..
سامح: أخيييييرا يا جميل وحشتني، قافلة كل ده ليه؟!
مي: معلش، بس أخويا كان فاصل النت..
سامح بغضب: وبعدين مع أخوكي ده؟!
مي بحزن محاولة اخفاؤه: هو بيخاف عليا..
سامح: لا، مش بيخاف عليكي، ده متحكم وقفل..

مي: ممكن..
سامح: ماتحاولي نتقابل..
مي: صعب أوي يا سامح، أخويا لو عرف ممكن يقتلني فيها..
سامح: وهو هيعرف منين؟!، إنتي مش قلتي إنه بيشتغل؟!
مي: أيوة بيشتغل في أمن مول كبير أوي..
سامح بسعادة: طيب حلو اوي، يعني بيقعد على الاقل 8 ساعات بره البيت..
مي: أيوة يعني إيه بردو مش فاهمة عايز توصل لإيه؟!
سامح: عايز أقابلك..
مي بخوف: تقابلني، لالالا مستحيل، مستحيل أعمل حاجة زي كده..
سامح: لا ليه؟!، وليه مستحيل؟!

مي: أنا لا يمكن أخون ثقة أخويا فيا..
سامح: وأنا طلبت منك إيه؟!، أنا بقولك نتقابل، وبعدين إنتي مش واثقة فيا؟!
مي: أخاف اخويا يعرف ده ممكن يموتني فيها..
سامح: مي انتي مش واثقة فيا؟!
مي: مش موضوع ثقة خالص..
سامح: أمال؟!، وبعدين أنا هقابلك في الشارع مكان عام يعني، يعني مفيش داعي للخوف..
مي:.

سامح: علي فكرة يا مي أنا ابن ناس، عايز أشوفك عشان أجي أتقدم لك وأتجوزك، يعني معملتش حاجة غلط، أنا حبيتك جدا من أدبك وإحترامك، إنتي بجد بنت جميلة جدا بأخلاقك، وأنا حابب بجد ارتبط بيكي رسمي، فكري أرجوكي، ومتخافيش مني أنا هقابلك في أي مكان عام..
مي بتردد: أنا مش خايفة منك، هفكر حاضر، خليني أشوف وأرد عليك..
انتفضت مي عندما سمعت صياح أخيها يأتي من الخارج..

إنتي فين يا مي؟!، اوعي تكوني قاعدة علي النت تاني هاجي أقطم رقبتك..
أجابته مي بخوف: لا أنا برتب الاوضة، جايه حالا..
كتبت مي رسالة إلى سامح..
مي: سامح أنا لازم أقفل عشان أخويا متعصب، أما ينزل هكلمك..
سامح: ماشي يا حبي، أوعي تنسي تمسحي المحادثة عشان أخوكي مايضايقكيش، خلي بالك علي نفسك، بحبك..
مي بسعادة غامرة: حاضر، مع السلامة..

محت المحادثة كاملة ثم أغلقت الحاسوب، وضعت يديها علي قلبها تحاول أن تحافظ عليه بين ضلوعها حتى لا يقفز خارجها من فرط سعادته..
نظرت إلى السماء تدعو ربها في سرها أن تغادر هذا المنزل سريعا وتتخلص من سطوة أخيها وتحكمه الشديد بها..
فتح الباب فجأة، إرتعش جسدها خوفا..
بتعملي ايه كل ده؟!
مي بتوتر: في ايه؟!
أخيها: تعالي حطي لي أكل عشان الحق أنزل الشغل..
مي: حاضر جايه..

أما عند سامح..
دخل عليه أحد الاشخاص..
إيه يا بني؟! بقالك شهر مش عارف تجيب البت؟! إيه راحت عليك ولا إيه؟!
سامح بغضب: راحت على مين؟!، انا جايب لكم الشهر ده 3 بنات غير البت دي، محدش فيكم يعرف يجيب بنات في الوقت القليل ده، وبعدين مش في تعليمات إننا نهدي اللعب دلوقتي عشان عيون البوليس متتفتحش علينا، عامة خلاص رجلها جت في الخية، وقريب الشحنة هتكمل عشان نشحنها..

نهض عن مقعده وربت على كتفه بابتسامة غرور وثقة..
مش انا يابني اللي راحت عليه..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة