قصص و روايات - قصص بوليسية :

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الثامن عشر

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الثامن عشر

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الثامن عشر

قضت يوم كامل حبيسة غرفته، تشعر بتوقف الزمن، شعرت بالملل الشديد، حاولت التخطيط لما هو قادم.
في تلك الأثناء حاولت فتح الباب ولكنها وجدته مغلق بإحكام فتنهدت بحنق، جالت بالحجرة ذهابا وإيابا..
صوت طقطقة ينبعث من خلف الباب، كانت تنتظر عودة ذلك الغاضب حتى ينفث بها شحنة غضبه المسبقة.
لكن..

إذا به ( خوسيه ) يفتح الباب برفق بينما يتلفت حوله ليتأكد من خلو المكان من حوله، يحمل طبقا به القليل من الطعام وزجاجة ماء صغيرة يخبئها داخل معطفه الجلدي الذي يخبئ خلفه عضلات بارزة.
اقترب منها وقدم لها الطعام بينما تحيطه هي بنظرات التعجب.
بدأ بالتواصل معها بالإشارة حيث اعتقد إنها لا تستطيع فهمه، بعد عدة محاولات وبعد ما تفوهه من كلمات استطاعت فهم أنه يتعجلها بتناول الطعام قبل أن يحضر جاك.

تناولت الطعام سريعا وبين الحين والأخر كانت ترمقه بنظرات الإمتنان، ما أن فرغت حتى اختطف الطبق من بين يديها ثم هرب فزعا.
أغلق الباب مرة أخرى ولكنه قد نسي أن يغلقه بالمفتاح كما كان..
مرت بضع ساعات قبيل أن يقرر أن يحادثها بما يدور بخلده، ترك من حوله من العملاء قبل أن ينهي أمور شحنة الممنوعات الجديدة.

وصل على أعتاب حجرته الخاصة حيث تجلس سجينته وجد أن قفل مفتاح الباب قد حل، اشتعل غضبا فقد ظن أنها من قامت بهذه الفعلة، دلف الحجرة وبركان غضبه يصاحبه وما أن رأته بهذه الحالة حتى تنبأت بما هو قادم، وقد كان..
وجه لها العديد والعديد من الصفعات، ينهال عليها بوابل من السباب: -
أنا كنت عارف من الأول إن وراكي حاجة، إنطقي إنتي مين؟!.

لم تكن لتصطنع هذه المرة فقد بدأ اليأس يتوغل لأعماقها، غزت عبراتها وجنتيها بلا شفقة وكأن قلبها يبدي إعتراضه على ما تمر به وما آلت بها الأقدار.
لم تتنحى طبيعتها القاسية عن ردة فعل قاسية، قبضت على كفه عقب تلقي أخر صفعة تكاد تطيح بصدغها.

تسرب الألم عبر عروقه من شدة قبضتها فإزدادت شكوكه نحوها، نفض يدها بقوة قابضا على عنقها بقوة حد الإختناق، تلوت بين يديه، لقد أدركت ما أخطأت به فهي على وشك أن تفصح عن هويتها بردة فعل قفزت خارجها رغما عنها..
إنطقي فتحتي الباب إزاي؟!.
أشارت إلى صدرها حيث ضاقت رئتيها ولا تستطيع التنفس، أفلتها فسقطت بقوة تسترق الهواء من حولها..

مش أنا اللي فتحت الباب، ده المساعد بتاعك هو اللي فتحهولي وجاب لي مية وأكل، إنت سايبني من إمبارح من غير أكل ولا شرب لحد ما كنت هموت..
ها هي تلقي المزيد من الحطب على نيران غضبه، قبض على خصلاتها بقوة يجبرها على النهوض فتمايلت بين يديه بوهن شديد.

ألقاها على فراشه ثم غادر حيث خزانته أخرج منها بعض الأشياء لتقييدها، ثبت كلتا ذراعيها لأعلى وقيدهما بأحد أعمدة الفراش الاربعة، أصبحت تلاصق عمود الفراش وكلا من ذراعيها وساقيها مثبتتان به بشدة.
مين اللي دخلك يا بت إنطقي، خوسيه ولا ريتشارد؟!
معرفهمش من بعض..
أجابته بينما تمسح قطرات الدماء بجانب شفتيها بحافة كتفها الممددة لأعلى.
بشرته لونها أبيض ولا التاني الأسمر؟!

أصبحت الرؤية أمامها غير واضحة وبدأت تتلاشى شيئا فشيئا وهي تردد: -
الأسمر
تمتم ببعض الكلمات باللغة الأسبانية اعتقادا منه على عدم قدرتها على فهمه: -
( مفيش غير خوسيه هو اللي عارف إن مفيش كاميرات في أوضتي، أكيد هو، أنا اللي هفهم عايز منها إيه؟! )
هم بالرحيل ولكنه فجأة توقف بأمر غير متوقع منه، قرر أن يرمقها ببعض نظراته وإهتمامه فوجد قطرات الدماء تتساقط من وجهها وبعض أجزاء من ساقيها إثر ركلاته العنيفة.

اقترب منها بنظف وجنتها من الدماء، أخرج محرما من جيب بنطاله وبدأ يمسح على وجنتها بهدوء بينما يتأمل ملامحها المتمردة التي استكانت بين يديه..
إمتلئ محرمه بالدماء فتابع بأنامله لتتحسس شفتيها، انطلقت صافرات إنذار عقله تحذره من الخطر.
تفقد شعوره الغريب نحوها فألقى محرمه الملطخ بالدماء أرضا، فر هاربا من ذبذبات قلبه الغريبة نحوها..

العودة إلى مصر
كان يتابع أعماله المعتادة بإنهاك خلف شاشة هاتفه الصغيرة، حيث كان يحادث إحداهن، بدأ بالكتابة على صندوق المحادثة خاصته: -
إنتي تعملي اللي بقولك عليه، لو مجبتيش الفلوس دي النهاردة بليل بالكتير هتلاقي صورك مغرقة النت، وإنتي عارفة أهلك ممكن يقتلوكي فيها، ما هم الصعايدة دمهم حامي بردو ولا إيه؟!
أجابته هي أيضا عبر المحادثة: -.

قلت لك مش معايا المبلغ ده كله، مش معايا غير نصه بس، أرجوك إرحمني وإقبله..
لاحت إبتسامة الخبث على شفتيه مجيبا: -
خلاص شفقة بيكي هاخدهم، هتقابليني بعد ساعة من دلوقتي في العنوان اللي قابلتك فيه قبل كده..
حاضر حاضر، ساعة وأكون عندك..
رفع ساقيه على سطح مكتبه الخشبي ووضع كلتا ذراعيه خلف رأسه يستند عليهما بإرتياح وفخر، قاطع إحتفالاته الداخليه مساعده ( مسعود ) قائلا: -.

والعة معاك يا عم سامح، عيني عليك باردة، خامس بنت في أسبوعين بدون ولا غلطة..
فزع من كلماته التي يكسوها الحسد والغبطة: -
إنت بتحسدني على إيه؟، إحنا بنخطفهم هو إحنا شغلنا حلال!.
أجابه بهدوء: -
يا عم سامح الله يسهلك، من ساعة ما حسيت البوليس مراقبني وأنا قاعد من غير شغله ولا مشغلة.
نهض ليغادر المكان بحنق: -.

شوف لك شغلانه بدل ما إنت قاعد لنا كده زي ست البيت البومة، وسيبني بقى عشان ورايا ميعاد مع ضحيتي الجاية..

ديااااالا، دياااااالا..
أنا عارف إنك صاحية، قومي بطلي إستهبال..
رفعت رأسها عاليا، فارقت بين جفونها بينما تهمس بغضب مكتوم: -
عايز إيه؟!، ديالااااا، ديااااالا سرعتني، متنساش إنك بتتكلم في ودني..
قهقه أحمد بشدة مجيبا: -
إنتي مفيش فايدة فيكي، واخدة علقة والراجل ماسح بيكي الأرض ولسانك بردو عايز قطعه.
أحمد إنت حقير..

متشكر يا أستاذة ده من ذوقك، المهم أخدتي بالك من اللي جاك قاله إن مفيش كاميرات في أوضته، دي فرصتنا ديالا قبل ما يخرجك منها.
أجابته متعجبة: -
وإنت عرفت منين إنه قال كده، ده إتكلم بالأسباني، إنت من إمتي بتعرف أسباني؟!.
من طلب العلا سهر الليالي..
أجابته بهدوء متعجب: -
يعني إيه؟!
يعني اللي يطلب ديالا يتعلم أسباني..
تابعت: -
أنا قلت لك قبل كده إنك حقير؟!
أجابها ضاحكا: -.

لسه من جملتين، بصي أنا مقدر شعورك والعلقة المحترمة اللي أخدتيها دلوقتي، بس صدقيني دي فرصتنا عشان نعرف أكتر عن اللي أسمه جاك ده.
يالا يا شاطرة كده فكي نفسك ودوري على أقرب مخرج من الأوضة..
أجابته سريعا: -
حصل يافندم، في فتحة تهوية في الركن هنا بس هي فوق أوي هحاول أفتحها..
أحمد: طب فكي نفسك الأول..

ديالا: أحمد أنا بحاول أفك مسامير فتحة التهوية، أنا فكيت نفسي من أول ما ناديت عليا، ماتخليش المرمطة اللي شفتها تنسيك أنا مين..
أحمد: معلش نسيت، أنا ماشفتش حاجة حتى الأن تدل إنك عميلة كبيرة، جاك علم عليكي يا ( دي )..
طب نركز بقى في الشغل ولا إيه؟!
أجابها برسمية: - إنتي هتمشي خلال فتحات التهوية وهتقولي لي إيه الحاجات اللي إنتي بتمري عليها عليها عشان نحاول نعمل تصور بسيط للمكان..

نجحت بحل غطاء مخرج التهوية، صعدت ثم دلفت بداخلها وساعدها جسدها النحيل بالعبور داخلها بمرونة..
زحفت على ساقيها وكفيها عبر إنبوب فتحة التهوية وبدأت بشرح كل ما تراه لأحمد عبر جهاز الإتصال المثبت بعناية داخل أذنها حيث يستطيع سماعها ومحادثتها..

وصلت حيث غرفة مكتب جاك، رأته يجتمع ببعض الأفراد بينما تقص على أحمد ما تراه، تعلقت عيناها بأحدهم، شعرت أنها رأته من قبل، لكن لم تكن الرؤية واضحة حيث كان يوليها ظهره وما هي إلا لحظات حتى نهض وتمكنت من رؤيته مما ثار الفزع داخلها..
وضعت كفها على شفتيها بفزع وخوف، هتف أحمد بإسمها مرات حتى أجابته بتعلثم: -
أحمد، جاك في مكتبه مع ديفيد..

لم يقدر لها أن تكون كتلك الفتيات اللاتي عرضن للبيع قبل يوم، ولكن قد وجدت وسط من لا يملكون الرحمة أو الشفقة، فقد أجبرتها سمر على العمل وسط تلك الصالة التي أصبحت سببا لعتمة حياتها هي والأخريات.
اقترب منها شخص يترنح بقوة، فقد تجرع الخمر حد الثمالة، قبض على خصرها بقوة ثم حاول تقبيلها وسط ضرباتها الضعيفة الممتنعة.

حاولت التملص من بين يديه مرات ولكن باءت محاولاتها بالفشل، حاولت ردعه فصفعته بقوة عله يستفيق ليبتعد عنها، ولكن من أين لها بهذا التفكير، إنهم يأتون من كل حدب وصوب حتى يفعلوا فعلاتهم تلك.
رد لها الصفعة ولكن تضاهي خاصتها أضعاف فسقطت أرضا، انشق جبينها نصفين من حافة الطاولة التي اصطدمت بها أثناء السقوط.

هرول كلا من سمر وريتشارد نحوهما، ساعدتها سمر على النهوض وجذبتها لتغادرا الصالة بأكملها، بينما يقف ريتشارد يحاول تهدئة ذلك الرجل وأشار لأحد الفتيات لتركض مسرعة، تمايلت أمامه قبضت على ذراعه تجذبه حتى يتمايل معها على ألحان العزف الصاخبة، نجحت في مهمتها لتنسيه ما مضى منذ دقائق وكأن شيئا لم يكن..
أما خارج الصالة وبإحدى غرف تبديل الثياب كانت تجلس سمر تطبب جراح هناء بينما تقول: -.

اسمعي يا هناء، أنا جيت قبلك المكان واتقالت لي كلمة، يمكن مصدقتهاش في الأول بس عشتها حرف حرف.
إنتي في سجن وحياتك رهن إشارة جاك، حاولي تتعايشي لحد ما في يوم تعرفي تنتصري..
قاطع حديثهم دلوف ريتشارد بغضب، اقترب من هناء محاولا تأديبها على ما قامت به منذ قليل، دفعته سمر بصدره تحول بينه وبين هناء وتخبره بأنها ستتولى الأمر.
غادرهم غاضبا كما أتى، عادت حيث مجلسها مرة أخرى، تساءلت هناء بهدوء باكي: -.

مس سمر حابه أطمن على أختي أرجوكي.
طأطأت سمر رأسها بضيق مجيبة: -
أختك ماتت إمبارح.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة