قصص و روايات - قصص بوليسية :

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الثالث عشر

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الثالث عشر

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الثالث عشر

يقطع حجرة مكتبه ذهابا وإيابا بقلق، لم يعتاد بعد على مغيبها عن ناظره طوال الخمس أعوام الماضية، ساورته الظنون أنه ستكن له الحب يوما ما، ولكنه عهد منها
الصمت، الحزن، الغموض بغلاف القوة، الغضب، الصرامة..
وبحين أخر تتجسد أمامه كأنسان ألي لا يملك قرار بما هو آتي، ولا تغير ما مضى..
استقر بجوار نافذة مكتبه، فتحها على مصرعيها عله يسترق بعض نسمات الخريف الصباحية الباردة، علها تهدئ من نيران شوقه إليها..

قاطع شوقه وأنين قلبه المحترق طرقات على الباب، تنفس الصعداء ثم قال: -
( أدخل، )..
فتح الطارق الباب بهدوء ليجده يوليه ظهره، ينظر عبر النافذة نحو اللاشئ..
تقدم نحوه بخطوات بطيئة قائلا: -
(تسمح لي أق، )..
قاطعه بإشارة من يده بالجلوس وظل على هيئته السابقة.
( أنا كلمت ديالا إمبارح، )..
إلتفت نحوه بقوة حتى كاد أن يصطدم بحافة مكتبه الخشبي، هرول ليجلس مقابله متسائلا بتلهف: -.

( ماكس!، حقيقي كلمتها؟!، طب هي ردت عليك؟، قالت لك إيه؟!، قلتلها إيه؟!، )..
( ديالا قبل ما تمشي كانت مدياني رقم ليها قبل ما تسافر وقالت لي أتابع أنا المافيا هنا ولو في جديد أبلغها )..
طأطأ رأسه بخجل، فقد ديفيد هيبته كرئيسا له، لقد أذهبت تلك المتمردة عقله كشارب الخمر.

ابتسم بهدوء كي لا يزيد من إحراجه الذي لاح فجأة على ملامحه، عاد بظهره إلى الخلف واضعا ساقا أعلى الأخرى، التقط لفافة تبغ من صندوق ذهبي على الجانب الأيمن من المكتب ثم أشعلها.
تسائل بتردد مكنون: -
( مسألتش عليا؟! )..
أجابه بإبتسامة: -
( لا، سألت )..
تهللت أساريره، كاد ماكس أن يقسم أن عيناه تكاد أن تضيء من لمعتهما.

( سألتني عنك وعن صحتك، وسألت إذا كنت بتاخد أدويتك في مواعيدها ولا لأ؟!، وزعلت جدا أما عرفت إنك مهمل في صحتك. ).
زفر بقوة وكأن الهواء سيباع بالمزاد العلني، إتكأ بمرفقه جانبا وأسند رأسه على كفه، شقت الإبتسامة وجهه.
أشار بكفه الآخر ل ماكس معلنا موعد إنصرافه، نهض ثم سار بضعة خطوات حتى توقف حيث الباب: -
( آآه، بلغتني إنها هتتصل بيك النهاردة، )..

ألقى كلماته كلغم عشق على وشك الإنفجار، تركه بحالة عاشق يرثى لها..

بفارق توقيت سبع ساعات دلف أكمل مكتبه حيث تم احتلاله من قبل أحمد وديالا اللذان تم إكراههما منه على العمل سويا، وبالرغم من إجبارهم على هذا الوضع إلا أنهما تأقلما سريعا لأجل العمل..
ما إن رآوه حتى حاولا أن ينهضا لتحيته ببطئ شديد، فأشار لهما بالجلوس سريعا، وهو يقول: -
اقعدوا اقعدوا..
إيه اللي إنتوا عاملينه في نفسكم ده؟!، خلاص روحوا ناموا ووقفوا شغل، كملوا بكرة..

تحدث أحمد ليعلن رفضه متابعا بعينين ناعستين، يتثاءب وبجسد مرتخي قال: -
النهاردة إتكلمت مع الظباط المكلفين بمتابعة القضايا الإختفاء في الدول التانية بعد ما حضرتك إتواصلت مع القيادات هناك، وهيبلغوني بالجديد أول بأول..
ذهب حيث مقعده الجلدي الوثير، جلس بهدوء، صدق على حديث أحمد بجدية: -
أنا بالفعل تواصلت مع القيادات نفسها، عايز الموضوع يبقى على مستوى سرية عالية.

صدح صوت رنين هاتفها عاليا، التقطته من على الأريكة بجانبها، فتحت عينيها ببطئ، نهضت بفزع عندما علمت هوية المتصل، إستاذنت بالخروج وسط تعجب كلا من أحمد وأكمل..
أكمل بتساؤل: -
هو في إيه؟!، أول مرة ترد على موبايلها بره يعني..
هز رأسه بالنفي ومازال مغمض العينين، تحدث بصوت ناعس: -
لا مش أول مرة، إمبارح بردو جالها إتصال وقامت بعيد عني ترد، وغالبا بيجيلها من بلدها لأنها بتتكلم أسباني..

لوى أكمل شفتيه ساخرا وهو يسحب بعض الأوراق من حافة المكتب ليضعها أمامه: -
ما هي من بلد المشاكل والجرائم كلها..

أما في الخارج..

ديالا بهمس: -
( يعني إنت سمعته بنفسك؟!، .
طيب سمعته وهو بيتفق على العدد؟، ..
مقالش المرة دي جايين منين؟
طيب تمام، عايزاك تخلي عينك عليه كويس، مايغيبش عنك لحظة، وماتتصلش على الموبايل تاني يا غبي، أنا مش مديالك جهاز تكلمني عليه،
شغلنا مفيهوش أسف وأخطاء، سلام إنت دلوقتي، ).

انتبهت فجأة للجمع من حولها يحملقون فيها للغتها الغريبة عنهم وبثيابها الضيقة الجاذبة للإنتباه، التي كانت عبارة عن سروال أسود جلدي ضيق جدا، ومن الأعلى قميصا نسائيا من الجلد الأسود يكشف ذراعيها بالكامل وترقوتها، لم تعرهم أي انتباه وسارت بإتجاه مكتب أكمل بخطوات سريعة..
طرقت عدة طرقات، دخلت بعد أن سمعت صوت أكمل يسمح لها بالدخول..

عادت حيث كانت تجلس من قبل فوجدت أحمد يحملق بحاسوبها بتركيز شديد، جلست سريعا بجانبه وتدقق بما يحملق به فجذب إنتباهها حدوث ما كانا ينتظراه وبشدة..
دفعته قليلا بكفيها حيث أن إنعكاس ضوء الحجرة ينعكس على شاشة الحاسوب فلم تكن ترى بشكل واضح..
هو إيه اللي دب فيكم النشاط والتركيز كده فجأة؟!
تسائل أكمل عقب ملاحظته تحركاتهم السريعة الفجائية..
اللي كنا مستنينه حصل..

أجابه أحمد بقليل من التيه والتعلثم لتركيزه الشديد على ما يعرض على شاشة الحاسوب..
أقتربت من لوحة المفاتيح وبدأت بالضغط عليها وتغيير بعض إعدادت الحاسوب.
نظر لها بتعجب واستنكار: -
إنتي بتعملي ايه دلوقتي؟!، هو ده وقته اللعب ده ما تخلينا نشوف المحادثة..
لم تعره إنتباهها وأنهت ما شرعت به، أجابته بسخرية: -
مش بلعب يا حضرة الظابط، أنا بشغل إعدادات الجهاز مانع التتبع والتجسس، اسكت بقى عشان شكلك بقى وحش..

زفر بضيق، نكزها بقوة بذراعها ثم قال: -
لمي لسانك ده بدل ما أقطعهولك بقى.
أجابته بإختصار: -
مش هرد عليك عشان أنا بحترم القائد بتاعي.
إنفجر أكمل ضاحكا على مشاكستهم، بينما أجابها أحمد: -
لا إنتي خايفة بس..
وجهه نظره مرة أخرى نحو الشاشة حيث المحادثة التي يجريها الشخص المشكوك به والتي كانت كالآتي..
سامح: وبعدين بقى يا مي بقالي أسبوعين بتحايل عليكي نخرج سوا وإنتي بتأجلي، أنا خلاص إتاكدت إنك مش بتحبيني..

توترت بشدة خلف شاشتها، ظلت للحظات تحاول كتابة ردا مناسبا يخرجها من هذا المأزق..
استغرقت وقتا طويلا حتى أجابته بالموافقة بخوف مما هو قادم وما لم يحمد عقباه لاحقا..
التقطت الحاسوب بشكل مفاجئ، وضعته علي ساقيها بعد أن وضعت ساقا فوق الأخرى حتى تجعله في مستوى عينيها..
تعجب أحمد وتسائل بحيرة ماذا تفعل، فبعد مرور بضعة دقائق من عملها واستخدامها لبعض البرامج الغريبة كليا عنه ولكن..

جذبت انتباهه بشدة فقد نسي أن يسألها ماذا تفعل
بدأت ديالا بتسجيل الدخول علي الحساب الخاص ب مي، أصابته الدهشة وجحظت عيناه
( كيف فعلت ذلك؟)
لاحظت ملامح وجهه المتعجبة وبشدة، تابعت بدون أن تلتفت إليه: -
طبعا إنت كده فهمت أنا هدخل وسط العصابة دي إزاي؟!
نظر لها بتعجب فتسائل: -.

إنتي لسه مصرة إنك تدخلي وسط العصابة دي؟!، يا بنتي إنتي بنفسك اللي قايلة عنها إنها عصابة خطيرة جدا، وحتى الآن مش قادرة تثبتي عليهم حاجة..
نظرت إليه بأعين يملؤها الترجي: -
معاك إنت هثبت، إنت مش هتسيبني صح؟!
التحمت نظراتهما سويا، فجأة تسمع نبضات قلبها القوية كطبول حرب في أذنيها..
تحوم التساؤلات في عقلها فجأة: -
ماذا دهاني؟!
ما هذا الذي تفوهت به؟!
لم أكن من يمد يده طلبا للعون..

لم يجيبها ولكنه أسرع مغادرا الغرفة بأكملها.

كبيضة أنا غلافى قشرة، قوية، قاسية، صلبة
داخلى، سائل مذموم، إنهار من دموع وجروح
طفلة بريئة يتيمه، اشتاق لأحضان أمى، اميل لدفء نظرات أبى، أفتقد الحنان
أريد اللهو مع الجيران، دموعى تحكى مئات القصص
وألامى تسطر فى آلاف الكتب
رحمة بقلب مسكين. عانى اوجاع سنين..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة