قصص و روايات - قصص بوليسية :

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الأول

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الأول

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل الأول

ظلمات فوق ظلمات، سرداب معتم ومخيف..
من يعبره إما أن يكون لا يعبر الخوف سدود قلبه.
أو أن يكون مجبرا عل المضي به
خطوات كثيرة تشوبها أصوات أنين، زفير حارق، قطرات ماء تصطدم أرضا تصدح عاليا..
لا يمكنها الرؤية، تمكنوا من إطفاء نور عينيها بربط أحد الأوشحة عليها، لكنهم لم يستطيعوا صم أذانها عن تلك الاصوات المحيطة بها..

يحملانها اثنان من الرجال، أحدهما على يمينها والآخر عن يسارها، تلقي بثقل جسدها الهزيل على ذراعيهما، تجر قدماها خلفها..
بضع دقائق واختفت تلك الأصوات من حولها، ألم شديد اجتاح جسدها بعد أن ألقوها بعنف على مقعد ما..
حاولت الاعتدال في جلستها بصعوبة، حيث يعيقها يداها وساقيها المكبلتان بإحكام..

سمعت حديثهم الغريب بوضوح ولكن لا تستطيع فهمهم حيث يتحدثون بلغة غريبة عنها، وكما يبدو أنها ليست بوطنها لتحدث الجميع بتلك اللغة..
فمن يطفئ نور عينيه فتكون حاسة السمع لديه هي سمعه وبصره.
شعرت بخطوات تقترب منها، أنفاس منتظمة تلفح صفحة وجهها، ابتعدت بهدوء حيث أنها شعرت بإختناق لقربه الوقح ورائحته الكريهة..
(دي عينة من البضاعة الجديدة؟! ).

كانت تلك كلماته ومازال يتفحصها بتعد سافر، أعقبها بلمسات يديه الجريئة..
( أيوة سعادتك، والناس بتوعنا كمان بيقولوا لو عجبوك في منهم كتير أوي، ومش عليهم أي مشاكل )..
كانت تلك إجابة مساعده التي ساعدت على طمأنة قلبه بإستمرار العمل دون جهد أو عقبات..
كانت تحاول التركيز علها تفهم كلمة واحدة ولكن كما يبدو لها أن لا يتحدثون لغتها العربية أو الانجليزية وإلا كانت قد استوعبت قولا واحدا..

ما استوعبه عقلها أن القادم لن يكون أفضل مما سبق، وهذا الحديث المبهم، وذاك الوقح ذو الايدي الخبيثة ما هي الا بداية لطريق هلاكها، هكذا كان يحدثها قلبها المجروح..
فكان يتأوه بين ضلوعها مستغيثا:
ألا يكفينا هذا القدر من العذاب؟!
لم أنا من يحيطه الدناءة دائما؟!
هل هربت من واقع سئ إلى جحيم لا مفر منه؟!
وبلحظة استجاب عقلها لصرخات قلبها المتألمة وزاد من عذابه بتذكر الماضي..
( عودة للماضي ): -.

أفضل أوقاتها عندما تكون في المنزل بمفردها والدتها وزوجها بعملهما في احدى المستشفيات الكبرى كعمال نظافة
تقف أمام مرآتها القديمة، بها تصدع كبير من أعلاها الى أسفلها، يغطي جسدها الأنثوي محرمة طويلة، ينسدل خلفها شعرها الأسود الطويل، تمشطه وهي تتمايل بدلال على ألحان الموسيقى الصاخبة..

لم تشعر بتلك العيون المراقبة لها، اقتربت من النافذة وأغلقتها، ولكن للأسف قد تمكن من التقاط بعض الصور لها بهيئتها تلك..
ارتدت ثيابها ثم إسدالها وأدت فرضها تبعتها بمناجاة ربها أن يعجل من تركها لهذا المنزل..
قامت سريعا حتى تنهي أعمالها المنزلية حتى لا تعنفها والدتها وزوجها عقب عودتهم، حيث أن زوج والدتها ( سيد ) يمقتها بشدة ودائما ما يسبها ويعتدي عليها بالضرب لأقل الاسباب..

هكذا حالها كل صباح، تستيقظ لتحلم بإنتهاء يومها وهروبها الى الحجرة خاصتها..
في إحدى الأيام..
عاد ( سيد ) من عمله مبكرا، دخل الى المنزل وهو يصيح باسمها بغضب شديد، من خلفه والدتها تحاول تهدئته بشدة ولكن بدون فائدة..
نووووور، انتي يا هااااانم..
فزعت نور تلك الفتاة البريئة البالغة الثامنة عشر ربيعا من صوته الذي يصم الآذان، هرولت مسرعة من حجرتها بخوف وقلق..

ما ان وصلت اليه حتى انهال عليها بالصفعات بينما يردد على مسامعها: -
حطيتي اسمي في الارض، بعتي شرفك بكام انطقي..
لم تتمكن من الرد حيث قوة صفعاته التي كادت أن تقتلها..

جلست على الأرض تحتمي بذراعيها من بطشه، فجأة توقف ثم أمسك خصلاتها بقوة ووضع أمام ناظريها بعض الصور لها مع أحد رجال حارتها الفقيرة تلتحف بمحرمة فقط كحالها داخل غرفتها، تشعر كمن أصيب بالشلل وعدم مقدرته على الحركة، تنهمر عبراتها بقوة وكاد أن يتوقف قلبها من هول الصدمة..

استكمل (سيد ) سيل السباب والصفعات عليها وما أن أنهك جسده وأحباله الصوتية من تكرار صياحه وسبابه، حتى تركها وابتعد ملقيا بجسده أعلى أقرب مقعد له بعد أن ركلها بقدمه بشدة..
كعادة والدتها تجلس بعيدة حزينة على حال صغيرتها وبدون حراك..
شعرت نور بخيبة الآمل، وباختناق كمن ألقى في بئر عميق ولا أمل للخروج..

المعلم ( منصور ) طلبك مني والا هينشر صورك دي في كل حتة، وهيطردنا من البيت، فرحكم بعد يومين من دلوقتي، انا معنديش استعداد بت مفعوصة زيك تكون السبب في أني اتبهدل في أخر أيامي..
جواز؟!، منصور؟!
وأخيرا تلفظت بكلمة من بين جروح شفتيها المكسوة بدمائها..
استطرد صياحه قائلا: -
أيوة جواز، وهتبقي الزوجة الرابعة ليه كمان، ولو عندك اعتراض قومي ولعي في نفسك وخلصينا..

أصابت كلماته قلبها المسكين فكانت القشة التي قسمت ظهر البعير فغابت عن الوعى..

مر اليومان وجاء موعد زفافها
دخلت والدتها لتبحث عنها حتى توقع أوراق تلك الزيجة ومعها زوجها والمأذون فلم يجدوها، ووجدوا فستانها الابيض ملقى أرضا وورقة صغيرة أعلاه قد خطت تلك الكلمات بدمائها:
أنا هربت من جحيمكم ومكركم وخبثكم، العيشة وسطكم ماتشرفنيش..

جابت الشوارع بحثا عن ملجأ، لم يكن لديها المال، بدأت معدتها تصرخ متألمة من شدة جوعها، لم تدري ما العمل؟!
لمعت قلادتها في عينيها ولكن..
أأبيع قلادة والدي؟!
ولكنها أخر ما تمكنت من الاحتفاظ به، ولكن ليس هناك خيار أخر..

قامت بتأجير إحدى الغرف في أحد الفنادق الرخيصة أو ما يطلق عليها (بانسيون )، حجرات صغيرة متهالكة، في احدى الاحياء الشعبية بعد محاولات كثيرة من جذب شفقة صاحبها بعد إمتلاكها ملجأ أخر أو من يمكنه استضافتها.
ألقت بحقيبتها الصغيرة بعيدا والتي تحتوي على بعض ملابسها، ثم ألقت بجسدها على الفراش المتهالك الذي سقط منكسرا إثر رميتها تلك..

غطت في سبات عميق واذا بها تستيقظ مكبلة اليديد والساقين، مكممة الفاه، مغطاة العينين..
متي؟!
أين؟!
وكيف؟!
تساؤولات بدون إجابات.

( عودة للحاضر ): -.

( خدوها على المخزن وخلوا (كيم ) تظبطها، وبلغ رجالتنا أن البضاعة مية مية ويبعتوا على أد ما يقدروا، احنا في الشتا وموسم الصيف قرب والاجازات والشغل بيبقي كتير، عايزين نبقى مستعدين )
أومأ له مساعده بالطاعة ثم اقترب من ( نور ) وحملها بيد واحدة ووضعها على كتفه فصارت رأسها متدلية على ظهره، ويداها أعلى ظهرها..
لم تعي ما الذي ينتظرها ولكن قلبها وعقلها قد أيقنوا أنه لم ولن يكن خيرا أبدا..

خلي بالك من مراتي وبنتي، ماتخليهمش يأذوهم، أأأ، أرجوك يا أكمل أرجوك..
خرجت تلك الكلمات القليلة وهو يلفظ أنفاسه الآخيرة عقب عملية إغتيال قد كان على علم بهويته مسبقا..
سكنت أحد الطلقات في قلبه، يغطي جسده الدماء ويحتضنه ( أكمل ) بحزن وبكاء على رفيق دربه الذي لقى حتفه بعد محاولاته المضينة للعزوف عن طريق الجريمة والشر..

مصطفى، مصطفى، اصحى يا صاحبي، اصحى، ماتسبنيش، قوم انت خلي بالك من مراتك وبنتك الي محتاجين لك..
أغمض عينيه معلنا صعود روحه إلى بارئها، رحل مصطفى عن هذه الدنيا البغيضة، ولكنه ترك من خلفه زوجته وابنته بلا حول ولا قوة
ترك جسده صديقه على الأرض بهدوء، أغلق له عينيه ثم وضع كفيه على وجهه وهو يبكي بشدة..
اقترب منه أحد الضباط ثم همس له..
يا فندم، أكمل بيه، تليفون عشان حضرتك..

نظر له ( أكمل ) بتساؤل من وقاحته، هل هذا الوقت الملائم للإجابة على إتصال هاتفي..
مسح على عينيه بمعصم قميصه ثم أجاب بصوت متحشرج: -
الووو..
أتاته الاجابة: -
مصطفي مش أخر المطاف، والجهاز هاخده بمزاجك أو غصب عنك..
أنهى الطرف الآخر الاتصال، فألقى مصطفى هاتفه بعيدا بغضب مما تسبب بتحطمه إلى أشلاء مما زاد من انهياره..
أكمل بيه، أأأأكمل بيه، الحقنا..

نداء أتى من ضابط أخر على مسافة بعيدة، يأتي راكضا حيث يجلس أكمل مما جعله يفزع هو الآخر ويركض نحوه وهو يصيح: -
ايه في ايه اللي حصل تاني؟!
أجابه الضابط وهو يستند بكفيه على ركبتيه (كوضع الركوع )، يحاول أن يلتقط أنفاسه بقوة: -
خطفوا بنته وقتله مراته..
كانت تلك الضربة القاضية التي قضت على أكمل، حيث أنها لم تمر دقائق على وصية صديقه بأن يرعى زوجته وابنته بعد رحيله..

خيبة أمل شديدة قد أصابته، ضربات ومصائب تسقط عليه من السماء ولا يعرف كيف يتفاداها..
يلتفت حوله ب تيه، يمسح على خصلاته بغضب، وكأن عقله قد توقف تماما عن التفكير، ففتح ذراعيه ونظر للسماء ثم صرخ عاليا بكل ما أوتي من قوة..
ياااااااااااااااارب
( عودة للحاضر ).

بعد مرور عشرون عاما..

كان يجلس على مقعده الضخم الكائن بمكتبه المنمق، يجلس أمام حاسوبه، يشاهد بضعة صور حتى توقف عند إحداها، كانت صورة لجهاز ما، يعرف تفاصيله بكل دقة، ولكنه لم يكن فقط على علم بتفاصيله، بل والمصائب التي قد تسبب بها هذا الاختراع..
التقط فنجان القهوة الساخن بجانبه، ارتشف القليل منه ثم وضعه حيث موضعه مرة أخرى، عاد بظهره للخلف وتنهد بضيق وأسى على شتات عائلته..

طرقات على الباب، سمح أكمل لمن بالخارج بالدخول..
فإذا به شابا يبدو أنه في العشرينيات، ملامحه شرقية طاغية، بجسد رياضي متناسق يبدو عليه القوة..
اقترب من أكمل ب رسمية شديدة، أدى التحية العسكرية..
أشار له أكمل بالجلوس، نزع ( أحمد ) قبعته الرسمية من أعلى رأسه ثم وضعها أمامه على الطاولة الصغيرة، وضع أمامه بعض الملفات، شرع أكمل بتفحصها وقراءة ما فيها بينما ساد الصمت بينهما للحظات..

قطع أكمل الصمت بقوله الجاد: -
عمري ما وثقت في حد وخيب ظني الحمدلله، دايما ليا نظرة في اللي بتعامل معاهم وعمرها ما خيبت..
نظر له ( أحمد ) ببلاهة وعدم فهم، فتابع: -
انت هيبقى ليك مستقبل حلو جدا، لو فضلت متبع نفس اسلوبك ده..
ابتسم أحمد بهدوء: -
متشكر لحضرتك يافندم..
يتصفح الملف أمامه ورقة تلو الأخرى قائلا: -
تقاريرك عن العمليات اللي كلفتك بيها كلها ممتازة ما عدا واحدة..
أخفض رأسه بقلة حيلة، فأجاب بحزن: -.

الموضوع اصعب مما تخيلت، مشيت ورا كل الخيوط اللي توصلنا بالحل مفيش، بنيجي في حتة وكل أثر ليهم بيختفي، بالرغم من إن أنا وحضرتك متأكدين إننا متعلقين بأحبال دايبة ومفيش أمل، بس مش عارف إحنا بنحاول نثبت إيه؟!.
زفر أكمل بضيق وقال: ليها حل ان شاء الله، ليها حل..

في أحد الساحات الكبيرة التي يملؤها أجهزة تدريب لمختلف الفنون القتالية الشاقة..
تقف تتابعهم بإهتمام شديد إلى أن جاء أحدهم ووقف بجانبها، لم تحيد بنظرها إليه ولكن ظلت عينيها تتابع هؤلاء الجدد بإهتمام شديد..
ديالا: ( هم دول المستجدين؟! )
ماكس: ( ايوة يافندم. ).
حكت رأسها بتعجب وزفرت بضيق، ثم قالت بسخرية: -
( من الواضح اننا قدامنا شغل كتير اوووووووي )..

ماكس بمزاح: - ( قدامك مش قدامنا، ههههههه، ماتنسيش إن ديفيد عايزهم يكونوا جاهزين في أسبوعين بس )..
على النقيض من سابق حالها فقد نظرت إليه بعينين تملؤها الشرقائلة بفزع: -
( اسبوعين؟! ).
توتر قليلا من تساؤلها الحاد، أجابها بنبرة مرتعشة حيث أنها رئيسته في العمل..
وكانت تلقب ب ( القاهرة أو القاسية )، حيث أن الرحمة لا تعرف لقلبها طريقا أثناء عملها..

ماكس بنبرة مرتعشة: د، دد، ده ومش بس كده، ده في أربعة منهم هتاخديهم معاكي المهمة الجاية..
ألقى تلك الكلمات على مسامعها ثم ابتعد سريعا عنها بضعة خطوات..
نظرت له ببلاهة، تعجب وتساؤل ( هل تدرك حقا ماذا تقول )..
ديالا بجدية: -
( هنشوف الموضوع ده بعدين، اجمعهم لي بسرعة )..
ما أن أعطته صافرة الآمان بجملتها الأخيرة، خاصة بعد هدوئها الغير متوقع، اقترب مرة أخرى قائلا:
( تمام حضرتك )..

ابتعد عنها بخطوات متجها الي المجندين الجدد، ثم صاح بقوة: ( ثااااااابت )..
حينها توقف جميع المجندين عن الحركة ثم نظروا جميعا إلى ماكس، تابع ماكس قائلا: -
( كله يجمع هنا )..
ما أن انهى جملته حتي تجمعوا أمامه واقفين في صفوف منظمة جدا بذهن حاضر..
أشار ماكس الي ديالا الواقفة علي بعد خطوات منه..

ماكس: ( دي الرئيسة بتاعتكم الفترة اللي جايه، اللي بيتدرب مع ( دي ) يبقي أكبر مكسب ليه في حياته، أرجو إنكم تستفيدوا في كل ثانية بتقضوها معاها )..
تحرك مبتعدا عنهم فاسحا لها المجال عقب ما ربتت علي كتفه بشكر وابتسامة.
تقدمت نحوهم ديالا في ثبات وملامح جامدة.

ديالا: ( أولا، أحب أشكر الظابط ماكس علي كلامه، ثانيا بقي وده الأهم، إحنا هنا في مركز التدريب عندنا بعض القواعد وأهمها الوقت، الثانية بتفرق في شغلنا جدا، اللحظة بتضيع فيها حياة بني آدم )..
تابعت بينما تسير بين صفوفهم التي تبدو كأنها صفوف اصطناعية من شدة محازاتهم لبعضهم البعض..
تابعت بلهجة جادة: -.

( ثالثا وده الأهم سرعة البديهة، لازم المجند يبقي فاهم إزاي يتصرف في بعض المواقف وبسرعة، والاهم من سرعته إنه يتصرف صح )..
توقفت عن الحديث بعد أن سمعت همهمات بين المجندين، وبسرعة البرق حددت بأذنيها مصدر الصوت، ونظرت بإتجاهه فتبين أنه يعود لأحد المجندين..
سارت بخطوات بطيئة ثابتة حيث مكانهم، توقفت أمامهم مباشرة..

أدركت حينما حاولوا إخفاء ضحكاتهم أنهم يسخرون منها، فكيف لهولاء الرجال اقوياء البنية تكون قائدتهم امرأة، يرونها ضعيفة هزيلة، فلماذا كل هذا الإطراء..
تابعت حديثها وهي تسير نحوهم قائلة بحزم:
( تعمل ايه القوة والعضلات بدون عقل وذكاء؟! )
صمتت للحظات متاملة وجوه الساخرين منها، ثم تابعت بعد أن سارت بضع خطوات وتوقفت تقابل أحدهم ويبدو أنه قائدهم..
نظرت إليه بأعين حادة وثاقبة، أشارت إلى عضلاته البارزة:.

( عضلاتك دي بدون مخك ملهاش أي لازمة )..
فاجئته بضربة شديدة في معدته، إنحنى بجسده على آثرها متألما، أمسكت بخصلاته بإحكام بين أصابعها جاذبة رأسه لأعلى لتتلاقى أعينهم بين نظراتها الجامدة ونظراته المتوعدة..
ابتسمت بسخرية ثم قالت: -
( لو عقلك كان مركز مع حركاتي وملامحي كان هيدرك إني هضربك، لكن هو مركز أوي مع السخرية والاستهزاء )..
ارتفعت نبرة صوتها قائلة: -.

( القوة بدون الذكاء لا شئ، عشان تقدر تحارب أي خصم لازم تعرف حجم قوته وده بيتحدد من ملامحه)..
تركت خصلاته بعد أن أدركت أن غضبه قد بلغ منتهاه، وبشكل مفاجئ قفزت في الهواء، دارت بجسدها ثم ركلته بشدة على وجهه فسقط أرضا في الحال ووقفت هي بثبات لتتابع ردة فعله بنظرات شامخة..
رفع رأسه ثم نظر لها بملامح غاضبة، لقد نجحت بالفعل في إثارة غضبه..

نهض بينما يمسح قطرات الدماء التي قد سالت من أنفه من قوة ركلتها، توقف أمامها مباشرة وابتسمت من تكرار ردة فعله الغبية من وجهة نظرها بينما تتابعهم نظرات الأخرين من حولهم وتعجبهم لقوتها بالرغم من جسدها الضعيف..
عزم الامر ووجه لها لكمة شديدة تحمل غضبه منها ومن إستهزائها به.
أوقفت هذه اللكمة بكل سهولة بقبضتها على معصمه بقوة وثبات، رفع يده الأخرى محاولا ضربها بقوة أكبر من سابقتها ولكن هيهات..

اوقفته كسابقتها بكل سهولة..
احكمت قبضتها علي معصميه، اقتربت منه هامسة:
، (واضح انك مسمعتش اللي قولته، انك لازم تقدر حجم خصمك قبل ما تتحداه )..
ابتعدت عنه ثم أولته ظهرها، سارت ببطئ وبابتسامة جانبية..
وجه لها ضربة بقدمه بإتجاه ظهرها فانحنت وتفادت ركلته، استمر بتوجيه الضربات والركلات والصفعات بقوة عله يصيبها ولكنه لم ينجح ابدا..
توقف عندما أنهكت قواه تماما، مازالت بنفس الجمود والثبات..

سارت حتى عادت الى مكانها امام الصفوف هاتفة بصوت حاد:
( ده كان تطبيق عملي على معرفة حجم وقوة العدو، وأهمية العقل في مهامتنا، إحنا مش آلة او إنسان آلي بنعطي له أمر وينفذه، إحنا عندنا عقل نقدر بيه ننتصر على أي عدو حتى لو قوته فاقت قوتنا بمراحل. ، اوعى حد فيكم يتباهى بقوته ( ثم أشارت الى راسها ) لان القوة هنا )..
اعتدلت بوقفتها وبأعين ثاقبة وحادة صاحت: ثااااااابت.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة