قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الشيطان حينما يعشق للكاتبة سارة علي الفصل العاشر

رواية الشيطان حينما يعشق للكاتبة سارة علي الفصل العاشر

رواية الشيطان حينما يعشق للكاتبة سارة علي الفصل العاشر

في صباح اليوم التالي.

فتحت عينيها بتعب وهي تناظر المكان حولها بلا ادراك، نهضت وجلست نصف جلسة وهي تحدق في المكان بتعجب شديد سرعان ما تحول الى رعب وهي تتذكر ما حدث معها منذ ساعات، عندما انتهت من تجهيز أغراضها وحملت حقابئها وخرجت من الفندق متجهه نحو المطار، اقتربت من سيارة الأجرة التي كانت تنتظرها امام مدخل الفندق فوضعت حقائبها فيها ثم جلست في الخلف لتتفاجئ بشخص ما يقتحم السيارة ثم يرش في وجهها شيء غريب أفقدها وعيها فورا، انتفضت من مكانها فورا حالما تذكرت هذا، تطلعت الى ملابسها وهيئتها بحذر ثم زفرت براحه وهي تتآكد من كونه لم يستغل غيابها عن الوعي ويفعل لها شيء سيء، فعلها الحقير، قالتها لنفسها بغضب شديد ثم خرجت من الغرفه لاستكشاف المكان من حولها، كانت شقة راقيه تتكون من ثلاث غرف للنوم ومطبخ واسع كبير انيق للغايه، تقدمت من غرفة الجلوس والتي كانت واسعه وفخمة جدا لها شرفة تطل مباشرة على البحر، ذوقه رفيع، قالتها بتهكم وهي تتجه نحو الباب، حاولت فتحه الا انها فشلت بالتأكيد، شعرت بمدى غباء تصرفها فهو بالطبع لن يترك باب الشقه مفتوح لها لتدخل وتخرج كما تشاء، عادت مره اخرى الى غرفة النوم لتفتش في أغراضها فوجدت ان هاتفها غير موجود ولا حتى حاسوبها الشخصي اما باقي أغراضها فموجودة كما هي، دق ناقوس الخطر في رأسها وهي تتذكر جواز سفرها فعادت لتبحث عنه الا انها لم تجده، جلست على السرير وهي تضع رأسها بين يديها ولأول مره في حياتها تشعر بالعجز عن التصرف الصحيح اللازم في هكذا موقف...

نهضت من مكانها وبدأت تدور في الغرفه عده مرات حتى جذب انتباهها تلك القطع الممزقه المرميه في القمامه، ذهبت بسرعه اتجاهها وأخرجتها لتجده كما توقعت جواز سفرها ممزق بالكامل، اشتعلت نيران الغضب في داخلها وهي ترى فعلته الحقيره تلك، شعرت برغبة كبيره في تحطيم جميع الأشياء التي حولها فشعور الغضب الذي يحتلها كان شديد للغايه...

انطلقت مره اخرى ناحية باب الشقه ثم بدأت تضربها بقبضة يدها بعصبيه جارفه وهي تصرخ بصوت عالي ان يفتح لها الباب، كانت تتصرف بجنون وعصبية غير واعيه بكونه غير موجود بقربها ليسمعها، ظلت على هذا الحال لفترة
طويله تضرب الباب بيدها وتصيح عاليا حتى تفاجئت بالباب تفتح في وجهها بقوة مما جعلها ترتد الى الخلف بسرعه لتراه واقفا أمامها ينظر اليها بهدوء تام...

ركضت اتجاهه بانفعال ثم بدأت تضربه على صدره بقوة وهي تصرخ به قائله أيها المتخلف الخسيس، كيف تفعل هذا بي، كان واقفا أمامها ببرود تام غير آبه لصراخها أو ضرباتها المتتالية...

ابتعدت عنه وهي بالكاد تستطيع أخذ انفاسها بسبب انفعالها الزائد وعصبيتها المفرطه، تحدثت بصوت ثائر انت حقا شخص حقير، صفعها بقسوة على وجهها حتى شعرت بالدماء تملأ فمها، وضعت يدها على خدها بعدم تصديق، لقد صفعها بكل عنفة، طوال سنوات عمرها الخمسة وعشرون لم يتجرأ احد على ضربها معها ليأتي هو ويفعلها بكل صلافه، أبعدت كف يدها عن وجهها وهي تنظر له بحقد شديد انت احقر وأبشع شخص رأيته في حياتي، باغتها بصفعه اخرى على وجهها ثم قبض علي وجهها بين يديه وهو يقول بغضب عاصف كلمة اخرى، وسوف أضربك بطريقة لم تريها طوال حياتك، طريقة لن تترك من جسدك جزء واحد سليم حتى...

انقضت عليه بقوة اكبر وكأن ضربه لها بهذا الشكل المهين لم يخيفها بل زادها حدة وهياج، كانت تضربه بكل طاقتها وهي تردد كلمة حقير طوال الوقت حتى دفعها بقوة بعيد عنه مطيحا بها أرضا مما جعلها تصرخ بالم وهي تضع يدها على ظهرها الذي شعرت به ينقسم الى نصفين بفعل صلابة الارض وقوة دفعه لها...

بعد حوالي نصف ساعة كانت جالسه على الكنبة رأسها منخفض للأسفل تعصر قبضة يديها بشده بينما دموعها تسيل على وجهها بقهر، لقد رأت اليوم وجهه الحقيقي بلا تزويق، رأته كما يجب ان تراه بكل غطرسة وعنفوان، كانت تعرف انه بلا قلب ولا رحمه لكنها لم تظن يوما ان تجرب عنفه وقسوته معها بهذه ألطريقه، وهاهي قد نالت منها ما يكفيها لتفهم كم هو إنسان مجرم و قاسي...

صب كأس من العصير البارد له ثم تقدم اتجاهها وهو يجلس على الكنبه المقابله لها واضعها قدما فوق الاخرى، تناول بعضا منه ثم وضعه على الطاوله وهو يحدثها بجديه لم يكن عليك التحدث معي هكذا واغضابي يا رغد...
رفعت بصرها نحوه وهي تتطلع اليه بنظرات جامدة خاليه من المعنى بينما اكمل هو حديثه قائلا ولم يكن عليكِ الهروب مني بهذه الطريقه أيضا...
لماذا فعلت هذا، لماذا منعتني من السفر، لماذا مزقت جوازي...

قالتها بوجع وهي تشعر بدموعها تجمدت فوق وجنتيها بينما اجابها بهدوء قائلا لأني لا أريدك ان تذهبي، ما زال الوقت مبكرا للذهاب يا رغد...

انتفضت من مكانها بعصبيه وهي تهتف به ببكاء قائله انت ماذا تظن نفسك، انا لست بلعبه في يدك تحركها كيفما تشاء، تجعلها عشيقتك التي تلبي رغباتك بها، تأخذ منها ما تريد، وفالاخير ترميها بلا مبالاة، انا لن أكون هكذا ابدا، اريد ان اعود الى فرنسا يا سيف، ارجوك اتركني وشآني، اتوسل إليك...

انسي هذا الموضوع تماما، لا توجد عودة الى فرنسا الان، انا أريدك، انت ملكي انا، سوف تكونين لي سواء قبلت أو رفضت، انت لي بكل الأحوال، ولا مجال للتحرر مني والعوده الى فرنسا حتى أقرر انا ذلك...
قالها بنبرة حازمه لا تحتاج للجدال فوقفت هي تطالعه بنظرات باهته ووجه شاحب للغايه، من الواضح انها وقعت في مصيدة تملكه الجنوني ولا يوجد مفر لها منه...

اقترب منها على مهل ثم رفع ذقنها بين يديه و هو يطالع وجهها الناعم والذي احتلت خده الأيمن بقع حمراء نتيجه ضربه لها، قرب شفتيه من مكان الكدمه ليقبلها بهدوء وهو يشعر بارتجافه جسدها على الرغم من محاولتها إظهار عدم تأثرها بما يفعله، ابتعد عنها بعد لحظات ثم تحدث بصوت جدي للغايه اسمعي ما سوف أقوله جيدا يا رغد...

رمقته بنظرات مبهمة وهي تستمع لحديثه الموجه اليها فكره العودة الى فرنسا الان الغيها من رأسك تماما، لن تعودي الى هنا حتى اسمح انا بهذا، و لا انوي السماح لك بهذا في الفترة المقبله على الأقل...

ابتسمت له بسخريه دون ان تنطق بكلمة واحده حتى بينما استطرد هو في حديثه قائلا انت الان أمامك خيارين لا ثالث لهما، اما ان تتقبلي حقيقة انني أريدك وأنك لي، وتتعايشي مع هذا الواقع بكل اريحيه، خصوصا انك تحبينني، وتريدينني كما انا أريدك تماما حتى لو أنكرت هذا امامي، اما الخيار الثاني هو ان ترفضي ما قلته، وتتصرفين معي كما فعلت منذ قليل، تماطلين وتعاندين بلا فائدة، وفِي الاخر سوف تكونين لي أيضا، يعني لن تستفيدي شيئا بكل الأحوال...

لم تجيبه بكلمة واحده بينما اكمل حديثه قائلا اذا نفذتي الخيار الاول، فسوف يعود كل شيء لسابق عهده، سوف اعود كما عرفتني الفترة السابقة، بنفس تصرفاتي الهادئة المتفهمة، سوف اصبر عليك كما فعلت في السباق، ولن اقترب منك الا وانا متاكد انك ترغبين بهذا الاقتراب اكثر مني، وأيضا سوف تعودين الى عملك معي و تأخذين حريتك الكامله، اما اذا كان جوابك الخيار الثاني، فحينها لن ارحمك نهائيا، سوف تظلمين حبيسة هذا الشقه طوال الوقت، لن تخرجي منها نهائيا الا معي حتى لا تفكري في الهروب بتاتا، وسوف انالك حتى لو بالإجبار يا رغد، وللاسف سوف أكون حينها مضطر لاستخدام أساليب اخرى معك لن تعجبك بتاتا، أساليب لا أحبذ نهائيا ان تجربيها والكدمات التي في وجهك مثال بسيط عليها...

اكمل حديثه هذا ثم تقدم ناحية الطاوله ثم أخذ كوب العصير وتناوله على دفعه واحده، وضعه على الطاوله مره اخرى ثم حمل سترته واتجه ناحية الباب، توقف مكانه للحظه وهو يوجه حديثها اليها قائلا فكري فيما قلته جيدا، انتظر منك جواب نهائي غدا، هاتفك وحاسوبك الشخصي معي، لن أعيدها لك حتى اسمع جوابك المنتظر والذي تعرفينه جيدا...

ثم خرج من الشقه باكملها صافقا الباب خلفه تاركا إياها في صراع ناري بين خيارين اصعب من بعضهما، وفِي كلاهما سوف تخسر أشياء كثيره وأهمها كرامتها وكبريائها.

استيقظت تمارا صباحا وهي تشعر بتحسن كبير في صحتها، خرجت من غرفتها واتجهت الى غرفة الجلوس لتتفاجئ بحازم نائم على الكنبه، عادت لها ذكريات ليلة البارحه تدريجيا مما جعلها تبتسم بخفوت وهي تقترب منه وتوقظه برفق، استيقظ حازم من نومته بعد ان هزته تمارا اكثر من مره، ما ان فتح عينيه حتى نظر الى المكان حوله بتعجب ثم انتفض من مكانه وهو يرى تمارا أمامه فسألها قائلا تمارا، كيف أصبحت الان...

بخير الحمد لله...
لماذا نهضتي من السرير...
لقد شعرت انني بخير، فقلت لانهض واصنع لي فطور وأتناوله، ثم اكملت بخجل انا أسفه حازم، لقد تعبت بسببي البارحه كثيرا...
لا تقولي هذا تمارا، كما انني لم افعل شيء مهم لهذه الدرجه، لقد قلقت عليك البارحه كثيرا، هل انت متأكده انك بخير حقا...

هزت رأسها بابتسامه نعم بخير للغايه، اطمئن انت، حتى انني سوف اذهب الان واعد لك فطور شهي للغايه، هز رأسه بتفهم وهو يشعر بالاطمئنان عليها ثم قال
وانا سوف اذهب الى الحمام لأغسل وجهي...
خد راحتك، اعتبره منزلك، قالتها بابتسامه وهي تتجه نحو المطبخ لإعداد الفطور لكليهما...

اخرجت ثلاث بيضات من الثلاجة ثم وضعتها في المقلاة واتجهت لإخراج بعض الأجبان ووضعتها على طاولة الطعام، وجدت بضعة اكياس غريبه في الثلاجة في داخلها بعض الأطعمة فسألت حازم الذي دخل المطبخ قائله هل انت من جلبت هذا لطعام...
نعم، جلبته من اجلك، حاولت إيقاظك لتتناوليه، لكنك لن ترضي ان تستيقظي، ففضلت ان أتركك تكملين نومتك المريحة...

في العادة نومي ثقيل للغايه، فكيف اذا كنت مريضه، قالتها بسخريه ثم وضعت البيض المقلي في صحن زجاجي ووضعته على الطاوله ثم طلبت من حازم ان يجلس ليتناول فطوره فيما جلست هي على الكرسي الذي أمامه...
كانا يتناولان طعامها بصمت تام قطعه حازم وهو يقول البارحه كنت تهذين باشياء غريبه...

ابتلعت اللقمه الموجوده في فمها بتوتر حتى كادت ان تغص بها، مسكت قدح الماء الذي أمامها وشربت قليلا منه ثم اعادته الى مكانها وهي تجيبه بتماسك مصطنع حقا، ماذا قلت...
كنت تذكرين أسامي غريبه، مثلا كنت تذكرين اسم سيف، تقولين انه حقير وتشتميه...
حاولت الحفاظ على رباطة جأشها وهي تجيبه قائله آه انه سيف ابن عمي، اجابته وهي تدعو ربها الا يشعر بكذبتها هذه ولا يشك بها...

حقا، قالها حازم بتعجب ثم اكمل قائلا ومحمود من يكون...
ابتسمت بسخريه وهي تقول يبدو انني ذكرت اسماء العائلي كلها، ثم اجابته بهدوء قائله محمود كان زوجي...
اندهش لما قالته فقال بعدم تصديقهل انت متزوجة...
كنت، كنت متزوجة، اجابته مصححه بينما اكمل هو قائلا اذا مطلقه...

تطلعت اليه بصمت لعدة لحظات ثم تحدثت بجمود لست مطلقه، انا ارمله، ثم عادت بتركيزها الى الطبق الذي أمامها وهي تتظاهر انها منشغلة في تناول طعامها بينما ظل هو يرميها بنظرات مستهجنه ويشعر بان تمارا يلفها الغموض من جميع الاتجاهات.

تقدمت يارا من قصي وهي تحمل معها بضعة ملفات طلبها منها، وضعتها أمامه بينما كان هو يقلب في حاسوبه الشخص بتركيز شديد، ظلت واقفه أمامه ولم تتحرك مما جعله يسألها بجديه قائلا وتركيزه ما زال منصب على الحاسوب الذي أمامه تحدثي يا يارا، اعرف جيدا انك تريدين قول شيء ما...
تحدثت بارتباك في الحقيقه، انا ما زلت قلقه للغايه بسبب تلك الحادثة...

رفع بصره نحوها وهو يقول بجديه لا اعرف لماذا انت قلقه هكذا، انت خارج الموضوع أساسا...
انا قلقه من اجلك سيد قصي، لا ذنب لك لان تسجن بسببي، قالتها بصدق بينما ظل هو ينظر اليها بصمت لعدة لحظات سرعان ما تحول الى ضحكات عاليه أدهشتها كثيرا...
توقف اخيراً عن الضحك وهو يقول أعيدي ما قلته يا يارا، أسجن! ومن اجل من، شخص مثل هذا الحقير، اطمئني يا يارا، لا يوجد شخص قادر على ان يسجنني نهائيا، تأكدي من ذلك...

حقا سيد قصي...
حقا يا يارا...
ابتسمت بارتياح وهي تقول الان فقط شعرت بالراحة...
حاول ان يتكلم مره اخرى الا ان دخول رامي قطع حديثه والذي كان يتجه نحوهم بملامح مضطربه مما جعل قصي يشعر ان هناك شيء ما يحدث...
سأله قصي فورا ماذا هناك رامي، وجهك يقول ان هناك شيء سيّء حدث معك...

عن إذنك سيد قصي، سوف اعود الى عملي، قالتها يارا وهي تتجه نحو الخارج بينما تحدث رامي مجيبا قصي على سؤالي ليس معي، انها هايدي، لقد اصطدمت سيارتها بحادث مريع للغايه، وهي الان في المشفى بين الحياة والموت...
ماذا، قاله قصي بعدم تصديق بينما اكمل رامي قائلا كما أقول لك، الصحف جميعها تتحدث عن هذه الحادثة...

نهض من مكانه فورا وهو يقول يجب ان نذهب لزيارة رشاد الصاوي، لا يجب ان نتركه في وضع كهذا، ثم لبس سترته وخرج من الشركة باكملها ورامي يتبعه...

بينما كانت يارا جالسه على مكتبها في حالة صدمه، لقد سمعت ما قاله رامي اثناء خروجها من الغرفه، وعرفت فورا ان سيف هو من فعلها، وهي من ساعدته على هذا عندما اعطته التسجيل، شعرت بالم فظيع يغزو قلبها وهي ترى نفسها السبب في مقتل هذه الفتاة الشابه، أخرجت هاتفها واتصلت بسيف الا انه لم يجبها مما اضطرها فالأخير الى إرسال رسالته له تخبره فيها انها تريد مقابلته حالا.

ما معنى ما تقوله، أجبني، زمجر سيف غاضبا وهو يقبض على ياقة قميص الرجل الذي أمامه والذي لم يكن سوى نفسه الرجل الذي نفذ حادثة هايدي...
أبعده معتز عنه فورا وهو يحدثه محاولا ان يهدأ قليلا من ثورة الغضب الذي اعترته اهدأ يا سيف، لا يجب ان تتصرف هكذا...
اهدأ، تريد مني ان اهدأ يا معتز، كيف اهدأ بعد جميع ما سمعته، هايدي لم تمت يا سيد معتز، هل تفهم ما معنى هذا...
لقد فعلنا جميع ما بوسعنا سيد سيف...

انت بالذات اخرس نهائيا، لقد اعتمدت عليك أيها الغبي، مهمه سخيفه كهذه فشلت في تنفيذها...
سيف ليس هكذا، قالها معتز ثم اتجه ناحية الرجل وهو يحدثه قائلا اذهب الان انت يا أكرم...
حاضر سيد معتز، قالها أكرم بحنق ثم خرج من الغرفه باكملها بينما تحدث معتز قائلا لقد زودتها كثيرا يا سيف، لا يوجد احد يقبل ان تتحدث معه بهذه الطريقه...
عفوا، أعد ما قلته، هل يجب ان أراعي حديثي مع السيد أكرم أيضا...

زفر معتز بغضب بينما اكمل سيف بجديه قائلا هل تدرك حجم المصيبه التي تنتظرنا، هايدي لم تمت يا معتز، هايدي اذا استيقظت سوف تخبر والدها بما حدث معها، يعني سوف نخسر الصفقه نهائيا...
ليت الامر يتوقف على خسارة الصفقه، بل اننا سوف نكسب عداوة جديده، وهذه المره مع رشاد الصاوي...
ما حالتها الصحيه بالضبط يا معتز...
الأخبار التي وصلتني تقول انها دخلت في غيبوبه...

باقي على الصفقه شهر واحد فقط، هايدي لا يجب ان تستيقظ خلال هذا الشهر، نأخذ الصفقه وبعدها لستيقظ كما تشاء...
اكمل ما قاله ثم نهض من مكانه فسأله معتز قائلا الى اين...
اجابه قائلا سوف اذهب الى رولا، لا تنتظرني مساءا، لأني سوف ابيت عندها...
هز معتز رأسه بتفهم وهو يتبع بنظراته سيف الذي خرج من الغرفه متجها نحو رولا.

تقدم معتز نحو صالة الجلوس ليجد ليان جالسه على الاريكه تقلب في هاتفها المحمول ونورا جالسه امام المدفئه تلاعب الصغير...
جلس بجانب ليان وهو يقول كيف حالك ليان...
أفضل منك بالتأكيد، قالتها بغرورها المعتاد ثم أردفت قائلة معتز، ما رأيك بهذا الفستان...
وما دخلي انا بهذه الأشياء يا ليان، هذا ما ينقصني، اختار معك فساتينك أيضا...
معقد، بارد...
قرص إذنها بأصابعه وهو يقول أعيدي ما قلته...

اتركني معتز، لم اقصد ما قلته...
اعتذري فورا...
حسنا، انا أسفه، اتركني ارجوك...
تركها بينما ظلت هي تفرك اذنيها و ترمقه بنظرات حاده لم يهتم لها بتاتا...
مط شفتيه بلا مبالاة ثم اتجهت أنظاره ناحية تلك القصيرة الجالسه على بعد أمتار منه تلاعب سيف الصغير بكل حماس...
ابتسم بخبث وهو ينادي عليها فالتفتت له وهي ترمقه بنظرات متسائله
نورا، أعدي لي الشاي فورا...

تطلعت اليه بنظرات غاضبه ثم اجابته بحنق انا لست بخادمه هنا سيد معتز، اطلب من احدى الخادمات ان تعده لك...
هل تعاندينني يا نورا، انهضي فورا و اعديه لي، أريده جاهز خلال عشر دقائق...
اجابته نورا بتحدي لقد أخبرني السيد سيف ان وظيفتي هنا هي الاهتمام بالصغير لا اكثر، وانه غير مطلوب مني ان افعل اي شيء اخر...
حسنا يا نورا، هكذا اذا، ليأتي السيد سيف بنفسه وانا سوف اخبره انك لا تطيعني أوامري...

افعل ما تشاء، قالتها بعدم اكتراث وهي تعود بتركيزها ناحية الصغير بينما كز هو على اسنانه بغضب ويتوعد لها بداخله.

هذا يكفي سيد سيف، في كل مرة تفعلون بي هذا، تسحبونني مثل الخروف و تجلبونني هنا بهذه الطريقه...
قالتها بضجر فقد سأمت حقا من هذه المعامله التي يتبعها معها، بينما لم يبالِ سيف كعادته في حديثها حيث سألها قائلا هاتي ما عندك، لماذا أردتِ رؤيتي...
تطلعت الى الرجلين اللذين يقفان بجانبها ثم قالت من الأفضل ان نتحدث لوحدنا...
زمجر بها غاضبا وهو يقول تحدثي يا فتاة، لا عليك بهم...

تلعثمت كثيرا وهي لا تعرف كيف تبدأ حديثها مما جعله يصيح بها غاضبا ماذا تنتظرين، تحدثي فورا...
ارتجفت أوصالها بشده نتيجه صراخه عليها بهذا الشكل، ابتلعت ريقها بتوتر ثم نطقت اخيراً بصعوبة لقد علمت بما حدث مع هايدي الصاوي...
وماذا بعد، سألها بعدم فهم بينما تحدثت هي ببكاء لم تستطع كبحه هذه المره فقد تآثرت كثيرا بما حدث انت كيف تفعل بي هذا، كيف تجعلني السبب في اذيتها...

عفوا يا يارا، أعيدي ما قلته من فضلك، انت السبب فيما حدث! ما علاقتك انت أصلا، قالها بتهكم ثم أردف بنبرة حادة لا داعي لهذا الكلام السخيف يا يارا، انت ذهبت هناك من اجل وظيفه معينه، وقد نفذتيها على اكمل وجه، باقي الأمور لا دخل لك بها، لا تحشري أنفك بما لا يعنيك...
انا من جلبت لك هذاك التسجيل بنفسي، وبسببه انت قتلتها، انا السبب سيد سيف...

قالتها بالم لم يبالي به بتاتا وهو يجيبها ببرود طالما انت مصره على هذا، حسنا يا انسه يارا انت السبب فيما حدث، أتمنى ان يريحك جوابي هذا...
نظرت اليه بحقد ثم تحدثت بلهجة عاليه قليلا انت السبب فيما يحدث لي، لقد دمرتني نهائيا، انا بسببك سوف احمل ذنب هذه الفتاة طوال عمري...
هذا يكفي، لست مضطر لسماع هذه الأسطوانات السخيفه، لو كنت اعلم انك اردتي رؤيتي لهذا السبب التافه لما أمرتهم ان يجلبوكي هنا...

أسطوانات سخيفه اذا، قد تكون ارواح الناس بالنسبة لك شيء سخيف، لكن ليست شيء سخيف بالنسبة لي نهائيا، لهذا انا متأسفه سيد سيف، طالما عملي معك سوف يضر أشخاص لا ذنب لهم بهذا الشكل، فأنا لن اعمل معك بعد الان...

مط شفتيه باستهزاء وهو يقول أصبحت يارا هانم هي التي تقرر عملها معي من عدمه، كم هو شيء رائع، ثم تبع حديثه باخر غاضب هل جننت يا فتاة، تظنين ان الامر يجري كما تريدين، انت لن تتوقفي عن عملك هذا الا عندما أقرر انا...
بلى سوف أتوقف سيد سيف، ماذا سوف تفعل لي مثلا، تقتلني مثلا، لا مشكله افعلها فأنا لا أمانع نهائيا...
ثم أردفت بكذب كما ان عملي هناك بات خطر فعلا، فيبدو ان قصي العمري اصبح يشك في تصرفاتي...

عقد حاجبيه بتعجب وهو يقول ماذا يعني بات يشك بك، ماذا فعلتي له لكي يشك بك، اخبريني...
اكملت كذبتها هذه وهي تدعو ربها ان تنطلي عليه لقد رأني وانا أفتش في اغراضه اثناء غيابه عن الشركة...
غبيه، زأر بها غاضبا وهو يقبض على ذراعها الأيمن باقصى قوته حتى كاد ان يخلعه من مكانه...
انت اغبي فتاة رأيتها في حياتي، كيف تفعلين شيء كهذا، من طلب منك هذا اصلا...

صرخت به ببكاء قائله لا اعلم، لقد تصرفت بغباء دون ان ادرك ما سيحدث بعدها...
دفعها بعيد عنه بقرف ثم ظل واقف أمامها ينظر اليها بنظرات حارقه بينما ظلت هي تفرك ذراعها المتألمة بفعل قبضته عليها بيده...
تحدث اخيراً بعد فترة صمت طويل طالما رأك وانت تعبثين بأغراضه فهذا يعني انه كشفك، يعني انت الان كارت محروق بالنسبة له، كنت تريدين ان تتركي العمل معي أليس كذلك...

نظرت اليه بترقب بينما اكمل هو قائلا حسنا وانا موافق، أساسا لم يعد ينفع ان تعملي معي بعدما حدث، فأنت الان أصبحت في محل شبهة...
هزت رأسها بعدم تصديق وهي تقول حقا سيد سيف، هل صحيح ما تقوله، يعني انا لم أعد اعمل جاسوسه لديك...
هز رأسه بعلامة النفي مجيبا إياها كلا، منذ الان فصاعدا انت لا تعملين لدي، انت الان حره يا يارا، افعلي ما تشائين...

ثم أعطاها رزمة من الأموال وهو يقول اعتبريها مكافئة نهاية الخدمه، يمكنك الذهاب الان...
أخذت الأموال منه ثم هربت سريعا من أمامه بينما ظل هو يتابعها بنظراته حتى اختفت تماما، نهض من مكانه هو الاخر متجها الى رولا التي تنتظره في شقتها.

بعد مرور أسبوع
كانت جالسه على مكتبها تتابع أعمالها بتركيز حتى وجدته يتقدم منها وهو يقول بجديه هيا اتركي العمل الان ولملمي أغراضك، سوف آخذك معي...
الى اين، سألته تمارا بعدم فهم فأجابها قائلا انا معتاد ان أسهر يوميا مع رفاقي في احد البارات الليله، تعالي معي لاعرفك عليهم، سوف تندمجين معهم بسهوله و تحبينهم كثيرا، انا متاكد من هذا...
ولكن...
ولكن ماذا، لا داعي للخجل تمارا، صدقيني هم لطفاء للغايه...

ابتسمت بهدوء ثم قالت حسنا سوف اذهب معك اذا...
لملمت أغراضها كما طلب منها ثم حملت حقيبتها و ذهبت معه...

بعد حوالي ثلث ساعه دخلت تمارا مع حازم الى احد البارات الليلية في المنطقة، تقدمت معه باتجاه احدى الطاولات الدائرية التي يحيط بها ثلاثة شبان ومعهم فتاة شقراء، عرفها على أصدقائه الثلاثه ومن ضمنه صديقة المقرب ياسر وهو العربي الوحيد بينهم كما عرفها على كاتيا صديقته الانكليزية، جلست بعد ذلك بجانبه وهي تبتسم بهدوء بينما قدم لها حازم مشروب النبيذ فتناولته منه بعد ان شكرته، شردت قليلا وهي تفكر في الاسبوع الماضي وكيف تطورت خلاله علاقتها بحازم وتكونت بينهم صداقه خفيفة نوعا ما...

يبدو ان افكارها جلبت نتيجه جيده والدليل انها تجلس الان مع حازم في المكان الذي اعتاد ان يسهر فيه وتعرفت على أصدقائه المقربين والآن يجب ان تفكر في طريقه اخرى تزيد من عمق العلاقه بينهما، حازم يجب ان يحبها، هي بالأساس جائت الى هنا حتى تتقرب منه وتجعله يغرم بها، هذه أفضل طريقة للانتقام من سيف عندما يرى أخيه الوحيد المدلل غارق في حبها هي...

افاقت من شرودها على صوت كاتيا وهي تسألها بابتسامه بماذا تفكرين هكذا...
ابتسمت بخجل وهي تقول ليس في شيء معين، أسفه يبدو انك كنت تودين قول شيء معين ولم انتبه اليك...
كنت اسألك اذا كنت مرتاحة في المعيشه هنا...

نعم مرتاحة نوعا ما، قالتها بهدوء بينما تحدث ياسر هذه المره قائلا انت ما زلت جديده في أمريكا، مع مرور الوقت سوف تعتادين على تفاصيل الحياة هنا، صحيح هي مختلفه كثيرا عن حياتك السابقة لكنها أفضل بكثير...
معك حق...
اخبريني تمارا، كيف ترين العمل مع حازم، بالتأكيد مزعج وصعب للغايه، سألتها كاتيا بمزاح فأجابتها تمارا بابتسامه خفيفه بالعكس، انه رائع للغايه، وانا مرتاحة بالعمل معه كثيرا.

لا تحاولي كاتيا، لن تستطيعي ان تحرضيها علي، سمعتي بنفسك انها مرتاحة للغايه معي...
استمرت السهرة حتى ساعات الفجر الاولى، كانت تمارا تنظر اليهم وهي تحسدهم في داخلها كثيرا، تحسدهم على السعادة والمتعه البادية عليهم، تمنت في داخلها لو تحضى هي الاخرى بحياة هادئه سعيده كهذه، ان تستقر في حياتها مثلهم، وقد كانت افكارها هذه تزيدها حقدا وكرها على سيف وتضاعف رغبتها في الانتقام منه.

وقف معتز بسيارته امام قصر النصار ثم نزل منها وهو يتقدم ناحية الباب الأمامي ليجد نورا تخرج منه وهي تحمل بيدها حقيبه متوسطه الحجم...
سألها قائلا الى اين تذهبين...
اجابته بهدوء غدا إجازتي، سوف أزور عائلتي وأقضي إجازتي معهم...
لماذا لم تطلبي من السائق ان يوصلك الى هناك...
لا داعي لهذا، يمكنني الذهاب لوحدي...
حسنا سأوصلك...
صدقني لا داعي لكل هذا، سوف استأجر تاكسي يأخذني الى هناك...

قلت انا سوف أوصلك يا نورا...
لكن...
قاطعها بحزم لا تعاندي كثيرا معي، اذهبي واركبي في سيارتي، سوف تتأخرين عليهم بسبب كثرة عنادك...
شعرت بان معه الحق فيما قاله و انها تبالغ في مسآلة رفضها فلا توجد مشكله اذا ذهبت معه ليوصلها، سمعت كلامه واتجهت نحو سيارته وركبت فيها و تبعها هو الاخر...

ظلا طوال الطريق صامتين لم يتحدث اي منهما بكلمة واحده، كانت نورا تنظر اليه بطرف عينها وهي تشعر بنوع من الرهبة نتيجه وجودها معه على هذا النحو من القرب...
بعد حوالي نصف ساعه وصلا الى المنطقة التي تسكن فيها فطلبت منه ان ينزلها في مقدمة الشارع الذي تسكن فيه، أوقف سيارته في المكان الذي حددته ثم شكرته بهدوء و خرجت منها متجهه نحو منزلها...

كادت ان تدخل في عمارتها السكنيه الا ان صوت رجولي صاح باسمها أوقفها في مكانه، تأففت بضجر واستدارت نحوه لتجده يقترب منها وهو يقول نورا متى اتيت...
اجابته بضجر اتيت الان، خير يا جميل، ماذا تريد...
أردت فقط الاطمئنان عليك...
انا بخير، اطمئن، قالتها بنفاذ صبر بينما اكمل حديثه قائلا بحنق هل ما زلت مصره على عملك هذا...

وما علاقتك انت، لم يبقى سواك ليتدخل في عملي، نهرته بعصبيه ثم ذهبت بسرعه من أمامه قبل ان تسمع رده متجهه نحو شقتها غافله عن تلك العيون التي ما زلت واقفه في مكانها تراقبها من بعيد.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة