قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الشيطان حينما يعشق للكاتبة سارة علي الفصل الثاني

رواية الشيطان حينما يعشق للكاتبة سارة علي الفصل الثاني

رواية الشيطان حينما يعشق للكاتبة سارة علي الفصل الثاني

وقفت يارا امام المرآة وهي تتأكد جيدا من مدى ترتيب ملابسها وحسن مظهرها، عدلت خصلات شعرها بارتباك وهي تتأمل الفستان الأسود القصير الذي يلتف حول جسدها النحيل بنعومة وجاذبية، كان راقيا جدا، في حياتها لم ترتدي فستان كهذا ابدا، لقد اشترى لها سيف مجموعة فساتين رائعة اضافة الى الاحذية والحقائب، وجهزها أيضا بمستحضرات تجميل فخمة، جميعها من أشهر الماركات العالميه، لم ينسَ شيئا واحد أو يغفل عنه، كان حريصا على تجهيزها لمهمتها بافضل شكل ممكن...

عادت مرة اخرى تتأمل فستانها الانيق والذي بالرغم من مدى رقيه الا انه قصير للغاية وهذا ما أزعجها بشده فهي غير معتادة على ارتداء هذه النوعية من الفساتين والملابس التي تعتبر فاضحه بنظرها، فهي دائما تحبذ ارتداء بناطيل واسعه ترتدي فوقها اقمصه طويله أو تنانير طويله واسعة تصل الى كاحلها، مما جعلها تتميز بهيئة كلاسيكية خاصه بها، اما الفساتين التي ارسلها سيف لها فجميعها كانت قصيره جدا وضيقة للغاية مما أزعجها كثيرا خصوصا انها مضطرة لارتدائها كما امرها، فهي لن تجازف ان تعارضه أبدا حتى في موضوع كهذا...

ألقت نظره اخيره على هيئتها في المرآة وشعرت بالرضا عن شكلها، خرجت بهدوء من غرفتها وما ان وصلت الى غرفة الجلوس حتى وجدت زوج والدتها يجلس على الكنبة يشاهد التلفاز ولا يرتدي سوى شورت اسود قصير، تنهدت بغضب منه فهو يجلس بهذه الهيئة المقرفه في صالة الجلوس بلا خجل و دون مراعاة لوجودها معه في نفس المنزل، سارت من أمامه متجهه الى الباب لتخرج من اجل موعدها المحدد لكن صوته أوقفها وهو يصيح عليها يارا...

استدارت له يارا وهي ترمقه بنظرات بارده فيما نهض هو من مكانه متجها نحوها بهيئته الشبه عاريه الى أين تذهبين منذ الصباح الباكر...
ما هذا السؤال، أين سأذهب مثلا، بالتأكيد الى عملي، أجابته بنبرتها الهادئة وبرودها المعتاد مما اغاظه بشده فهتف بها بعصبية اسمعيني يا فتاة، وضعك هذا لا يعجبني...
ومالذي لا يعجبك فيه...

عملك مثلا لا يعجبني، وملابسك هذه غير مناسبة للخروج بتاتا، انها عاريه بشكل فاضح، أجابها بغيرة لم يستطع ان يخفيها...

حدجته بنظراتها البارده ثم تحدثت بهدوء ان كان عملي لا يعجبك فهذه مشكلتك، انت لا يحق لك التدخل باي من شؤوني الخاصة، اما عن ملابسي التي وصفتها بالعاريه، استر جسدك اولا وحينها من الممكن ان نتناقش في وضعها هذا قالت جملتها الاخيرة بسخرية وهي تفتح الباب وتهم بالخروج الا انه قبض على ذراعها بقسوة قائلا يارا، لا تستفزيني...

ابتعد عني، وإلا اقسم لك انني سوف اصرخ بأعلى صوتي وأجمع جميع الجيران من حولنا وأقول لهم انك تحاول الاعتداء علي...
تهدديني يا يارا، سوف تأتي والدتك وحينها سوف اخبرها بجميع ما قلتيه...
اخبرها بما تشاء،.

قالت جملتها الاخيرة بلا مبالاة وهي تخرج من الشقة تاركة إياه يشتغل غضبا منها وغيرة في نفس الوقت فهو لأول مره يراها ترتدي هذه النوعية من الملابس التي اختلفت تماما عما كانت ترتديه في السابق مما زادها جمالا وجاذبية وزاده هو رغبة بها وشوقا اليها...

وقفت امام مجموعة شركات العمري الضخمه وهي تشعر بالارتباك الشديد، كانت شركة ضخمة جدا ذات تصميم هندسي رائع لا تختلف في ضخامتها وفخامتها عن شركة النصار التي عملت بها لخمس سنوات، ابتلعت ريقها بتوتر وهي تخطو أولى خطواتها نحو الشركة التي سوف تصبح موظفه فيها قريبا، تقدمت نحو موظفة الإستعلامات وهي تسألها عن المكان المخصص للوظيفة التي تم الإعلان عنها في الجرائد كما أوصاها سيف بالضبط...

بعد دقائق كانت يارا جالسه في احدى الغرف هي ومجموعة من الفتيات اللواتي ينتظرن دورهم في هذه المقابله، كانت تنظر الى الفتيات وهي تشعر بالاسف من أجلهن، فهم جاؤوا وكلهم أمل في ان يحصلوا على هذه الوظيفه دون ان يعلموا ان صاحبتها قد اختيرت مسبقا وللاسف كالشديد كانت هي...

بعد حوالي ربع ساعة سمعت صوت الموظفة تنادي باسمها وتخبرها في الدخول لإجراء المقابله، دخلت يارا بتوتر لتجد أمامها موظفا شابا يبدو في الثلاثينيات من عمره ينظر الى احد الملفات بتمعن وما ان شعر بوجودها حتى طلب منها الجلوس في الكرسي المقابل له وهو ينظر لها بنظرات ذات مغزى فهمتها هي على الفور...
آنسة يارا، بالتأكيد اخبرك السيد سيف بكل شيء،
نعم، أجابته بخفوت وهي ما زالت تشعر بالقلق والتوتر...

سوف أعرفك على نفسي اولا، أنا مؤيد عباس، المدير المالي لمجموعة العمري للاستيراد والتصدير...
تعجبت يارا في داخلها كثيرا، فكيف لشخص ذو منصب مهم كهذا ان يخون مديره ويتعاون مع اكبر اعداؤه، كيف أتته الجرأة على فعل شيء كهذا خصوصا ان قُصي العمري ليس بالشخص السهل أبدا، فهي كما سمعت عنه قوي جدا وقاسي أيضا لا يختلف كثيرا عن سيف الدين النصار بقوته وجبروته...

اكمل مؤيد حديثه قائلا انت بالتأكيد تعرفين ان وجودك هنا الْيَوْمَ هو مجرد نظام روتيني حتى لا تحوم الشكوك حولنا، فأنت مقبولة لدينا والوظيفة هذه لك منذ اول يوم تم الإعلان عنها، ما يجب ان تعرفيه هو ان تكوني حذره جدا في تصرفاتك، السيد قُصي صعب المراس وحازم في عمله جدا، حاولي ان تكسبي ثقته في أسرع وقت ممكن، حينها سوف تصبح مهمتك اسهل بالتأكيد...

أومأت رأسها بتفهم دون ان تنبس بكلمة واحده بينما استمر مؤيد في حديثه قائلا سوف نتصل بك بعد ثلاث ايّام بالضبط لنبلغك انه تم قبولك في هذه الوظيفه، في الْيَوْمَ الرابع سوف تباشرين في وظيفتك، مفهوم...
مفهوم، أجابته يارا بهدوء فيما قال اخيراً انتهت المقابله، يمكنك الذهاب الان...

نهضت يارا من مكانها فورا بعد سماع كلمته هذه، ألقت التحيه عليه وخرجت من مكتبه فورا، تنفست الصعداء قليلا فهي قد أنهت مقابلتها هذه بسلام، الا ان هناك مقابله كبرى تنتظرها عن قريب وتحديدا بعد ثلاثة ايّام، مقابلة مع قُصي العمري، وَيَا لها من مقابلة مخيفة ومرعبة، حاولت ان تبعد هذه الأفكار عن رأسها فما زال هناك ثلاثة ايّام لديها ولا داعي لان تتوتر وتفكر فيما ينتظرها منذ الان...

جيد يا مؤيد، مكافئتك سوف تصلك اليوم مساءا، سوف يأتي احد رجالي الى منزلك ويعطيها لك...
أغلق سيف هاتفه وهو ينظر الى الصحيفه التي أمامه بتفكير، فاليوم سوف يتم دفن عدنان العمري والد قُصي الذي توفي بعد غيبوبه استمرت لسبع سنوات، هو ما زال محتار بما ينوي فعله، فهو لن يترك يوم كهذا يمر على عائلة العمري دون ان يترك بصمته فيه...
وأخيرا بعد تفكير عميق ابتسم بخبث وقد حسم قراره...

تقدم معتز من سيف وهو يجلس على الكرسي المقابل لمكتبه و يحدثه قائلا سوف يتم دفن عدنان العمري اليوم...
اعلم هذا، وتحديدا بعد ساعة واحده من الان، اجابه سيف بهدوء فيما ظل معتز يرميه بنظرات ذات معنى مما جعل سيف يهتف به قائلا لا تنظر الي هكذا، تحدث عما تفكر فيه...
من الذي يجب ان يتحدث، أنا من انتظر حديث منك، يبدو انك تخطط لشيء ما...

ابتسم سيف لمعتز بخبث مما جعل معتز يهتف بعدم تصديق وقد فهم على الفور ما يدور في رأس صديقه انت بالتأكيد لا تنوي الذهاب الى هناك...
بلى، سوف اذهب واحضر مراسم الدفن كامله، يجب ان أعزي قُصي العمري بنفسه، هذا واجب علي ويجب ان أؤديه، وانا لا اترك واجب كهذا ابدا، هذا عيب في حقي...
اكمل جملته الاخيرة وهو يغمز لمعتز والذي تحدث بدوره قائلا أنا لا أحبذ ذهابك الى هناك،.

الا ان سيف كالعادة لم يستمع لكلامه حيث نهض من مكانه مرتديا سترته وهو يقول كما تريد، انا سوف اذهب الان، هل تود مرافقتي أم سوف تنتظر في الشركة...
اجابه معتز على الفور ما هذا السؤال، بالتأكيد معك يا صاح، رغم عدم اقتناعي بذهابنا الى هناك...
حسنا هيا بنا اذا...
خرج كلا من سيف ومعتز خارج الشركة متجهين الى عزاء عدنان العمري...
أشار سيف لمعتز محدثا إياه
تعال معي في سيارتي، لنذهب سويا...

هز معتز رأسه بتفهم وهو يذهب معه باتجاه سيارته حيث ينتظره هناك جمال السائق الخاص به وأسد مرافقه الدائم...
سيف موجها حديثه الى أسد سوف نذهب الى المقبرة الخاصة بعائلة العمري، لنحضر مراسم الدفن هناك، اكمل حديثه وهو يدخل في سيارته فيما قبض أسد على ذراع معتز وهو يقول ماذا جرى له، لماذا يريد الذهاب هناك، ذلك الحقير لن يسكت بالتأكيد،.

قلت له هذا لكنه عنيد، انت تعرفه جيدا عندما يضع شيء في رأسه فلا يوجد شخص ما قادر ان يمنعه عنه...
هتف سيف بهما ساخرا وهو يمد رأسه خارج نافذة السيارة هل سوف تظلان تتناقشان حول عنادي وإصراري على الذهاب هناك، ثم اكمل بنبرة آمره تحركا فورا، وإلا سوف اذهب لوحدي...

تقدم أسد ليفتح باب السيارة ويجلس بجانب جمال اما معتز فجلس بجانب سيف وهو يهتف قائلا هيا يا جمال تحرك، ماذا تنتظر، فسيدك سوف يموت قهرا اذا لم يصل في الوقت المحدد ويحضر دفن السيد عدنان...

بعد ثلث ساعة توقفت السيارة بهم امام مقبرة عائلة العمري، خرج كلا من سيف ومعتز وأسد من السيارة متجهين الى الداخل ما عدا أسد الذي ظل ينتظرهم خارجا، خلع سيف نظاراته الشمسية وهو ينظر الى ذلك التجمع الكبير الذي جاؤوا لحضور مراسم الدفن ومعظمهم من كبار رجال الاعمال الذين يعرفهم سيف جيدا، تقدم سيف بثقة وغرور كعادته وخلفه معتز الذي يماثله تماما في الثقه والبرود وما ان وقع بصره على قُصي حتى ابتسم بشماته لم يستطع ان يخفيها وهو يراه واقف امام قبر والده الذي تم دفنه منذ دقائق يستقبل التعازي من الحاضرين...

كان قُصي العمري يقف مستقبلا المعزين وبجانبه رامي العمري ابن عمه وشريكه أيضا، ما ان رفع بصره حتى صدم بشده وهو يرى سيف يقترب اتجاهه، كز على اسنانه بغضب فأخر شيء كان يريده هو رؤية سيف وفِي يوم كهذا، اقترب سيف منه ومد يده اليه متحدثا بهدوء البقاء لله...

مد قُصي يده على مضغ وهو يهز رأسه دون ان يتحدث بكلمة واحده وهو يرى في عين سيف نظرة شماته واضحة جدا مما جعله يضغط على نفسه بقوه لكي لا يقوم باي تصرف متهور يفسد عزاء والده، ابتعد سيف عنه ليعزي رامي فيما اقترب معتز ببرود من قُصي وبالكاد يده لامست يد قُصي ولَم يتفوه حتى بكلمات المواساة المعتادة بهكذا مواقف...

لحظات معدوده وخرج كل من سيف ومعتز من المقبرة تحت نظرات قُصي المشتعلة غضبا ولَم ينس سيف ان ينظر له نظرته الاخيرة و وهو يرسم على شفتيه ابتسامه ساخره مما جعل قُصي يشتاط غضبا اكثر...
ما ان خرجا من المقبرة حتى وجدا أسد وهو يقبض على ذراع فؤاد الحارس الشخصي الخاص لقصي و يبدو انه على وشك ان يضربه، تقدما منه بسرعه وهتف سيف به قائلا أسد، اتركه...

تحدث فؤاد مالذي جلب سيف الدين النصار الى هذا العزاء، تأتون بكل جرأة الى عزاء الرجل الذي تسببتم في موته...
كلمة اخرى وسوف أفرغ رصاص مسدسي في رأسك، اجابه سيف ببرود تام وهو يتحداه ان يفتح فمه بكلمة واحده وحينها لن يتردد لحظه واحده في فعل هذا و فؤاد يعلم ذلك جيدا...
عاد ببصره مره اخرى الى أسد الذي يبدو انه مصر على موقفه هذا وهو مازال يقبض على فؤاد فحدثه مره اخرى أسد، هيا بِنَا لنذهب...

لم يتحرك أسد من مكانه خطوه واحده مما جعله يصرخ به بقوه
أسد...
تقدم معتز من أسد وهو يبعده عن فؤاد جاذبا إياه باتجاه السيارة...

في السيارة
لم يستطع أسد ان يسيطر على نفسه وهو يتحدث بحنق لماذا لم تتركني أتصرف معه يا سيدي، كنت سوف أربيه قليلا...
ليس الان يا أسد...
متى اذا، الى الان وأنا احاول ان اجد سببا مقنعا لعدم قتلك له، كان يجب ان نقتله فورا سيدي...
سوف اقتله...
متى، هتف أسد بنفاذ صبر فيما اجابه سيف بهدوء في الوقت المناسب يا أسد وليس الان...

اجابه أسد بتحفز اريد وعدا منك، انا من سوف يقتله سيدي، اريد ان أزهق روحه بيدي هاتين، لا تحرمني من هذا أرجوك...
دون ان تطلب هذا مني، لم أكن لأوكل غيرك لمهمه كهذه، اجابه سيف بصدق مما جعل أسد يرتاح قليلا وهو يعرف جيدا ان سيده حينما يوعد يوفي بوعده...

دفع باب غرفته بقوة وهو يكاد يشتعل غضبا من قدوم سيف بكل وقاحة الى عزاء والده...
خلع سترته ورماها على الارض بعصبية شديده فيما تقدم رامي منه وهو يحدثه قائلا قُصي اهدأ أرجوك...
بدأ قُصي يدور في الغرفه بعصبية شديده كوحش حبيس يرغب في الانقضاض على فريسته التي تقف أمامه على بعد أمتار بينما هو عاجز عن الامساك بها...

حقير، جاء بكل وقاحه ومد يده إليّ، يقدم التعازي لي بلا أدنى خجل، يقتل القتيل ويمشي في جنازته، كان يتحدث بحقد شديد وهو يتذكر كيف دبّر والد سيف هذه الحادثة لوالده منذ سبع سنوات، الا ان والده لم يمت وظل في غيبوبه طيلة السنوات السابقة اما والد سيف فتوفي بعد سنة واحده من تلك الحادثة بعد اصابته بجلطة قلبيه مفاجئه...
لكنك تصرفت بشكل جيد، كنت خائف من ان تفتعل مشكله معه...

كنت اريد ان اقتله بيدي لكنني لم ارغب بان أكون السبب في خراب عزاء والدي، لهذا اضطررت الى مجاراته في تصرفاته الحقيره تلك،
قُصي، اهدأ أرجوك، وتذكر ان بعد اقل من ساعتين يجب ان نكون متواجدين في سرادق العزاء...
ما ان اكمل رامي حديثه حتى دخلت مونيا والدته وهي تهتف بهم قائله لماذا لم تتجهزوا الى الان، ماذا تنتظرون العزاء سوف يبدأ بعد حوالي ساعتين، يجب ان تتواجدوا هناك وتتأكدوا من كل شيء بانفسكم...

أجابها قُصي بهدوء حسنا عمتي، سوف نتجهز حالا، تفضلي انت واهتمي بالعزاء الخاص بقسم السيدات وانا ورامي سوف نتدبر الباقي، اطمئني...
حسنا اذا، أجابته بهدوء وهي تخرج من غرفته ورامي ابنها يتبعها فيما ظل قُصي واقفا في مكانه يضغط على كفه بقوه وهو يتوعد لسيف ونار الانتقام تشتعل في داخله اكثر وأكثر.

تقدمت رولا بسرعه وهي تسمع جرس الباب يرن، وقفت للحظات امام المرآة تتأمل هيئتها المنمقة، ابتسمت برضا عن مظهرها ثم ذهبت باتجاه الباب وفتحته ليتقدم سيف الى الداخل وهو يقول كيف حالك رولا...
اغلقت الباب على الفور واقتربت منه وهي تضمه من الخلف مجيبة إياه أصبحت بخير عندما رأيتك...

استدار اتجاهها وهو يتأملها بنظرة تقييمه من رأسها الى اخمص قدميها، كانت ترتدي قميص نوم اسود اللون قصير يبرز بشرتها البيضاء، اما شعرها الاشقر فتركته منسدلا يغطي ظهرها من الخلف، كانت تبدو رائعة الجمال وكل شيء فيها ينطق بالانوثه...
قبض على خصرها بين ذراعيه وهو يهتف بها قائلا تبدين جميله جدا، كل يوم تزدادين جمالا عن الذي قبله...
وضعت يدها على صدره وهي تحدثه بإغراء هل اشتقت الي...

كثيرا، همس كلماته تلك بجانب شفتيها ثم اطبق عليها بشفتيه وهو يقبلها بقوة...
وبعد فترة ابتعد عنها وهو يحاول أخذ انفاسه ثم حملها بين يديه هذه المره وعاد يقبلها بهدوء متجها بها الى غرفة النوم...

ابتعد عنها بعد فترة وهو يلهث بقوه، استند بنصف جلسه على الجدار الخلفي السرير وهو يدخن سيجارته فيما لفت هي غطاء السرير حول جسدها الأبيض واقتربت منه، مد سيجارة اليها فتناولتها منه وهي تضعها داخل فمها ثم تنفث دخانها بقوه...
أسبوعين لا اراك يا سيف، حتى لم تتصل بي على الأقل...
لقد كان لدي اعمال مهمه، لم انتهي منها سوى اليوم، أجابها بهدوء
اقتربت منه وهي تلمس ذراعه بيدها تبدو متعبا،.

قليلا، طوال أسبوعين وانا اعمل على صفقة جديده، حتى انني لم أنم جيدا بسببها...
بالتأكيد كسبتها
هل لديك شك بهذا...
أبدا...
نهض من على السرير وهو يرتدي بنطاله فيما وقفت هي على السرير مستنده على ركبتيها وتحدثه بتساؤل ما رأيك في وجبة عشاء فاخره، قل فقط نعم وسوف أباشر فورا في تحضيرها...
لا مانع لدي، في الحقيقة لم أتناول شيئا منذ الصباح، لهذا لن أمانع بالتأكيد...
أردفت بحماس سوف أعده فورا...

بعد حوالي ساعة كان سيف جالسا على المائدة يتناول طعامه بهدوء وفِي مقابله تجلس رولا وتتناول طعامها هي الاخرى...
قطع سيف الصمت بصوته العميق وهو يقول غدا، سوف اسافر الى باريس
أجابته بتساؤل حقا...
نعم لدي اعمال مهمه هناك...
سألته بخفوت كنت أرغب بشده ان اسافر الى هناك، ما رأيك ان اذهب معك...
أجابها بحزم لا أستطيع، هذه السفرة من اجل العمل فقط يا رولا...
حسنا كما تريد، كم المده التي سوف تقضيها هناك...

أجابها بإيجاز ثلاثة ايّام فقط وسوف اعود...

هزت رأسها بتفهم ثم عادت تتناول طعامها بصمت تام وهي تفكر في سيف وعلاقتها معه، عادت بذاكرتها الى تلك الفترة التي تعرفت بها عليه، لقد التقت به صدفه وأعجبته بشده، وخلال فترة قصيره دخلا في علاقة سويه، منذ ثلاث سنوات وهي عشيقه له، هي لم تكن المرأة الوحيدة في حياته بالتأكيد، فهي تعرف جيدا انه لديه العديد من العلاقات مع نساء غيرها، الا انها الوحيدة التي استمر معها طوال هذا الوقت، في الحقيقة هو يعاملها بشكل رائع كما انه كريم معها جدا، فقد جهز لها كل ما تحتاجه بدءا من هذه الشقة الفخمه انتهاءا بمركز التجميل الذي فتحه لها وتديره هي بنفسها، لقد وفر لها رفاهية لم تحلم بها يوما وهي ممتنه جدا له، وهذا ما يجعلها تتغاضى عن صرامته معها وأسلوبه الجاف في بعض الأحيان...

تقدمت تمارا من والدتها التي كانت جالسة على طاولة الطعام تتناول فطورها بهدوء وما ان رأتها حتى ابتسمت فورا وهي تهتف بها قائلة صباح الخير حبيبتي...
تمارا وهي تجلس على الكرسي المقابل لوالدتها صباح النور ماما...
قدمت لها والدتها كوب الشاي الخاص بها وهي تقول هيا جميلتي تناولي فطورك،
فأخذت تمارا الكوب من يد والدتها وبدأت تشرب الشاي دون ان تنبس بكلمة واحده...

تأملت هناء ابنتها التي كانت تجلس شارده وكأنها في عالم اخر، كانت هذه الحالة التي اعتادت ان تراها فيها منذ وقت طويل، منذ عامين تحديدا، ابنتها التي فقدت كل معاني الحياة وتحولت الى فتاة بائسة تقضي معظم وقتها معزولة عن الجميع غافلة عن جميع ما يحيط بها وملامحها يكسوها الحزن والوجوم...

من كان يصدق ان تمارا الهادي سوف تصبح يوما ما بهذا الشكل المزري والهيئة المحطمه، ابنتها التي كانت كالشمس المتوهجه تشع جمالا وحيوية بشقارها المميز وشقاوتها المحببة تسلب القلوب وتجذب جميع الأنظار، لقد تحطمت تمارا تماما و انطفئت بكل ما فيها من مرح وتوهج بعد ان سقتها الحياة الآلام والاحزان على اصولها...

تنهدت هناء بالم وهي تحدثها قائلا تمارا لم تتناولي شيئا من طعامك، كالعادة اكتفيتي بكوب الشاي فقط، هذا ليس جيد من اجلك حبيبتي...
ماما أرجوكي لا تضغطي علي...
ليس بيدي يا ابنتي،
اكملت بأسى أنا اموت كل يوم من اجلك وانا اراك في هذه الحالة ولا أستطيع ان افعل لك اَي شيء، اشعر باني عاجزة عن مساعدتك، أنا أمك التي أنجبتك وربتك لا أستطيع ان أخرجك من هذه الوضع المؤلم،.

اقتربت تمارا منها وهي تمسك كفها بيدها وتضغط عليها ماما لا تلومي نفسك أرجوك، ولا تفكري كثيرا بوضعي، انا بخير اطمئني، لا اريد ان أكون سبب في حزنك أبدا...
ليس بيدي تمارا، انت تنطفئين امامي كل يوم اكثر، وانا لا اعرف ماذا يجب ان افعل لأعيدك الى سابق عهدك...

تأملت تمارا والدتها بحزن فهذه المرأة تعذبت كثيرا في الفترة الاخيرة، يكفيها موت والدها المفاجئ والذي أذاها بشدة، والدتها التي كانت تعشق زوجها كثيرا لم تتحمل وفاته أبدا، كانت صدمة موجعة لها ونكبة احتاجت وقت طويل حتى تخرج منها، لم يكفيها هذا كله لتأتي هي وتزيد من أوجاعها وأحزانها...

لكن الامر ليس بيدها أيضا، فهي قد ذاقت من الالم والمعاناة ما يكفيها، ما حدث معها لم يكن هينا، ولو كانت اخرى بدالها لما ترددت في ان تنهي حياتها أبدا، في الحقيقة لقد فكرت جديا في الانتحار، لقد كان هو الحل الاسهل بالنسبة لها، تنهي حياتها بيدها لتتخلص من مرارة الفقدان التي احتلت كل إنش فيها وعذاب الضمير الذي يلاحقها في كل لحظه، لكن هناك شيئا ما كان يمنعها من هذا، كلما تقرر المضي في هذه الخطوة يقف في وجهها ويحذرها منها لتعود الى ادراجها كما ذهبت وشعور غريب بالراحة يسيطر عليها بالرغم من كل ما تعانيه...

ماما ليس بيدي أنا أيضا، ما فقدته لم يكن هينا أبدا، اشعري بي ولو قليلا حتى، ما تطلبينه مني صعب، صعب جدا، بدأت الدموع تفيض من عينيها بقوه فيما اكملت هي حديثها بصوت منتحب أنا احاول جاهده ان اعود الى ما كنت عليه في السابق، اريد بشده ان تعود تمارا القديمة الي، ابحث عنها طوال الوقت لكنني لا اجدها، وحتى ان وجدتها فسوف تهرب مني بالتأكيد، فتمارا الجديده لا تناسب القديمة بتاتا بتلك الجروح والآلام التي تنهش فيها، قالت كلماتها الاخيرة بحسره وهي تنهض من مكانها متجه الى غرفتها ونظرات والدتها المتألمة تتبعها...

دخلت الى الحمام الملحق بغرفتها وهي تبكي بقوة، استندت بيديها على المغسلة وهي تنظر الى وجهها في المرأة المقابله لها، كانت تبحث بعينيها عن اَي شيء يدل انها ما زالت تمتلك ولو جزء بسيط من روحها القديمة، الا انها فشلت في ذلك، مسحت دموع عينيها بقوة وبدأت تتأمل وجهها الأحمر والمنتفخ من شدة البكاء، كان وجهها الأبيض شاحبا بشده وعيناها الزرقاوتان فقدتا بريقهما المميز، لمست شعرها الأشعر القصير بوجع وهي تتذكر كيف كان رائع وطويل يصل الى منتصف ظهرها، من شدة حبها له واهتمامها وهوسها الزائد به قصته، وكأنها تعاقب نفسها بهذا...

لم تتحمل النظر الى هيئتها المزريه اكثر من هذا فابتعدت فورا من امام المرأة وبدأت بخلع ملابسها بسرعه و رغبه جامحه في التحرر منها سيطرت عليها...
وقفت تحت الدوش والمياه تنساب فوق جسدها العاري، كانت تريد منها ان تغسل ذنوبها و تطهرها جيدا، تلك الذنوب التي ارتكبتها دون إرادة منها، لكنها ظلت تلاحقها دائما وتبث فيها الغم والاسى...

كانت المياه الصافية تختلط بدموعها التي ابت ان تكف عن الهطول، بدأت تفرك وجهها بيديها بقوة ودموعها ما زالت تنسكب على وجهها بغزارة...

بعد فترت خرجت من حوض الاستحمام ثم ارتدت الروب الخاص بها، وقفت مرة اخرى امام المرآة وهي تتطلع الى وجهها بهدوء، كادت ان تبكي هذه المره أيضا الا انها تماسكت جيدا وهي تضغط على عينيها بقوه مانعه الدموع الحبيسة فيهما من الهطول وهي تحدث نفسها قائله لن ابكي، لن ابكي مره اخرى...

كانت تشعر في تلك اللحظة بشيء غريب تغير فيها، وكأن هناك قوه غريبة تولدت في داخلها، قوة تحثها على شيء لم يخطر في بالها من قبل، لقد اضاعت سنتين كامله من عمرها دون ان تفعل اَي شيء، سنتين كاملتين قضتهما في حزن ولوم لا ينتهي، كانت تحاسب نفسها و تعذبها ظنا منها انها تستحق هذا، حملت نفسها مسؤولية ما حدث بينما الجاني الحقيقي جالس في مكانه يزداد علوا ويزهو انتصارا، وبدل ان تفكر في كيفية محاسبته على ما فعله جلست تنتحب حظها العاثر وتبكي مأساتها الدائمه...

لقد حان الوقت لأبدأ من جديد، لاتحرر من السجن الذي دخلته بإرادتي، انا لن أظل طوال حياتي هكذا، ابكي على الاطلال، تطلعت الى وجهها في المرآة وهي تهتف بعزم وقوة لا تعرف متى اكتسبتها سوف انتقم منك، سوف أخذ حقي منك كاملا، لن ارتاح حتى اراك تتعذب امامي وتعاني مثلي تماما...

طرقات قوية على الباب ايقظتها من نوم عميق بعد ليلة صاخبة قضتها بالحديث والضحك الذي لا ينتهي مع كريستين...
كانا قد عادا الى المنزل فورا بعد فعلتهما الخبيثه مع تامر فوجدا والدة رغد في انتظارهم وقد أعدت لهم عشاء رائع كما وعدتهم في وقت سابق وذلك بمناسبة الترقية التي حصلت عليها في وظيفتها كأستاذة جامعية...

وما ان أكملا تناول طعامهما حتى دخلا سويا الى غرفتها ليكملا أحاديثهم الصاخبة ومشاغباتهم التي لا تنتهي...
قضيا ليلتهم سويا ما بين الأحاديث والضحك والرقص والغناء مما اضطر والدتها في الأخير الى اقتحام خلوتهم وإيقافهم عن جنونهم هذا وطرد كريستين من المنزل...
نهضت من سريرها وهي تزفر بضجر متجهه الى الخارج من اجل فتح الباب لهذا الطارق المزعج والذي اصبح يزيد من قوة ضرباته...

فتحت الباب وهي تفرك عينيها بنعاس لتجد كريستين أمامها والتي دخلت فورا وهي تجر ورائها حقيبة سفر كبيرة...
طردني، قالتها كريستين بغضب وهي تجلس على الكنبة وتضع حقيبتها على الارضيّة المقابله لها...
رغد بعدم فهم طردك! من تقصدين...
وهل يوجد غيره، والدي العتيد...
اووه معقول، لماذا طردك، ماذا فعلت...

كالعادة، نبدأ بنقاش لطيف حول موضوع معين يطرحه امامي، يتبعه اختلاف في وجهات النظر، يتحول الى صراخ، والصراخ يعني شجار كبير بيننا، كدت ان اضرب الفازة الزجاجية برأسي الا انني تراجعت عن هذا في اخر لحظه...
من الجيد انك لم تتهوري وتفعليها، لكن اخبريني ما هذا الموضوع الذي سبب هذا العراك كله...
لن تصدقي بالتأكيد،
هل هو موضوع تافه لهذه الدرجه، اخبريني.

كنّا نتناقش حول الانتخابات الامريكية ومدى أحقية ترامب بان يفوز بها، من وجهة نظري ان كلينتون كانت الاجدر بها، وعندما أخبرته بهذا أجابني بان المرأة فاشله بهذه المواضيع واكبر شيء ممكن ان تديره هو منزل يحوي عائلة صغيرة، تجادلت معه كثيرا، وبدأت أصواتنا بالارتفاع وكلانا متمسك برأيه، وهكذا تشاجرنا...

هزت رغد رأسها بعدم تصديق وتحدثت بلهجة ساخرة تشاجرتما من اجل ترامب وكلينتون، يا له من موضوع مهم و يستحق هذا...
أقول لك انه يقول عن النساء فاشلات و...
قاطعتها رغد وهي تقول منذ متى وصديقتي أصبحت مناضلة في مجال حقوق المرأة،
ماذا تقصدين...
طوال حياتي لم اراك مهتمه بهكذا مواضيع، اعترفي انك لا تتحملين اَي كلمة تصدر من والدك، وتبحثين عن اَي حجه لبدأ شجار معه...

وهو أيضا نفس الشيء، اجابتها كريستين ببساطه فيما تنهدت رغد بتعب وهي تفكر في كريستين وجنونها الذي لا ينتهي وعلاقتها بوالدها التي باتت فاشله وبشده...

كريستين كانت الابنة الوحيدة لوالديها وهما ادوارد وبيلا، كان اداورد شاب عربي من عائلة ثريه وعندما جاء الى فرنسا تعرف على بيلا والدة كريستين وهي شابة فرنسية تصغره بعام واحد، احبا بعضهما بشده وتزوجا وبعد عام واحد أنجبا كريستين، كانت حياتهما تسير بشكل رائع حتى بدأت صحة بيلا تتدهور فجأة واكتشفا اصابتها بالمرض الخبيث لتموت بعد ستة أشهر من اكتشاف المرض تاركة كريستين التي لا تتجاوز السبعة الأعوام، بدأ حينها ادوارد يعتني بكريستين ويدللها بشكل مبالغ فيه وهذا ما جعل كريستين تصبح على هذا النحو من الجنون والاهمال، لكن أدوارد اكتشف هذا متأخرا عندما دخلت كريستين جامعتها وتطورت افعالها الحمقاء وأصبحت اكثر استهتارا، حينها تغيرت معاملته لها وبات يحاول بكل الطرق ان يغير منها ومن شخصيتها، الا انه لم يستطع ان يفعل اَي شيء سوى ان العلاقة بينه وبين ابنته ازدادت سوءا واضطرابا...

وضعت رغد يدها على فمها وهي تتثائب ثم وجهت حديثها لكريستين حسنا كريستين، خذي راحتك، سوف اذهب أنا وأكمل نومتي البيت بيتك...
ستنامين وتتركيني لوحدي...
انت مقيمه لدينا يا كريستين لدرجه أني اراك هنا اكثر مما ارى والدتي، فلا تتصرفي وكأنك غريبه...

هل تعايريني لأني أقضي ليلي ونهاري معك، هل هذا جزائي لأني ارغب في تسليتك واسعادك بوجودي جانبك أجابتها بحزن مصطنع بينما تنهدت رغد بهدوء كريستين، انا حقا متعبه واشعر بالنعاس...
وانا أيضا، أجابتها كريستين بابتسامة ثم اكملت حديثها وهي تنهض من مكانها لهذا سوف انام انا أيضا، بجانبك...

طبعا لا يحلو النوم لك الا بجانبي وعلى سريري، إجابتها رغد بسخرية فهي دائما تصر على النوم بجانبها في سريرها صغير الحجم بالرغم من وجود غرفه إضافية مخصصه للضيوف...
كريستين وهي تغمز لها بالطبع...
اشارت رغد الى حقيبتها وهي تقول لها اخرجي بيجامه لك، بالتأكيد لن تنامي بملابس الخروج...
لماذا سوف اخرج بيجامه لي، وبيجاماتك الورديه موجودة وتنتظرني لارتديها...

هتفت رغد بنفاذ صبر سريري، بيجامتي، منزلي، مالذي تبقى لدي لم تحتليه يا كريستين...
ثم أكملت حديثها وهي تسأل نفسها لا اعرف مالذي يجبرني على تحملك...
قلبك، يحبني ولا يستطيع الابتعاد عني، رفعت رغد حاجبيها بتهكم فيما مشت كريستين أمامها وهي تهتف بها قائله هيا رغد، انا متعبه جدا وارغب بالنوم، بيجامتك في مكانها المعتاد أليس كذلك...
فيما كانت رغد تتبعها وهي تهز رأسها بيأس من تصرفات صديقتها المجنونه...

بعد حوالي ثلاث ساعات
كانت رغد جالسه على الكرسي تعمل على حاسوبها الشخصي وهي تشرب قهوتها فيما كريستين كانت متمدده على الكنبه المقابله وهي تتابع احد الأفلام المعروضة على التلفاز...
فتحت الباب لتطل منه لميس والدة رغد والتي تفاجأت بكريستين وهي متمدده على الأريكة ترتدي البيجامة الخاصة برغد وتتابع التلفاز خصوصا وأنها طردتها فجر البارحه من المنزل بعد الفوضى التي احدثاها هي ورغد...

لميس بتعجب كريستين، اشتقتي إلينا بهذه السرعة...
نهضت كريستين من وضعيتها المتمدده وهي تحدثها بابتسامة اهلًا خالتي، في الحقيقة نعم لقد افتقدتك كثيرا،
رفعت لميس حاجبها بتهكم فيما تحدثت رغد قائله لقد طردها والدها، وسوف تقيم لدينا هذه الفترة...
لميس بدهشة حقا، لماذا...
كريستين باختصار خلافات عائلية...

تطلعت رغد اليها بسخرية فيما تحدثت لميس قائلا معه حق، منذ فترة طويله وانا انوي على هذه الخطوه لكنني أتراجع في اخر لحظه قالت كلماتها هذه وهي ترمي رغد بنظراتها والتي هبت من مكانها فورا وهي تتحدث بتعجب ماذا تقصدين ماما، من ترغبين في طرده من المنزل، هل تقصدينني انا،
وهل يوجد غيرك مثلا، أجابتها بتهكم فيما تحدثت رغد مره اخرى نعم يوجد، كريستين فهي تقريبا مقيمه لدينا...

رغد، اخرسي، صرخت كريستين وهي تقترب منها وتنقض على عنقها بغضب مصطنع سوف أقتلك يا رغد، نعم انا مقيمة لديكم وأنتم مجبورين على تحملي...
تطلعت لميس بسخرية إليهما ثم تحدثت قائله انا سوف ادخل لأرتاح قليلا، اعدا طعام الغداء من فضلكما...
وقفت كريستين بجانب رغد وهي تزم شفتيها بعبوس اعدا طعام الغداء، هذا يعني ان والدتك لن تطبخ...

أكملت رغد عنها وهذا يعني اننا يجب ان ننهض فورا لنعد الطعام، وإذا لم نفعل هذا فهي لن تتردد لحظه واحده في طردنا من هذا المنزل وحينها سوف نقيم بالشوارع...
انا لن أعد الطعام، لست بمعتاده أصلا على أشياء كهذه...
اقتربت منها رغد وهي تحدثها بتهديد اذا لم تشاركيني في إعداد الطعام فخذي حقيبتك التي تقطن في غرفتي واغربي من هذا المنزل، نحن لا نأوي المتقاعسين أمثالك...

ثم ابتعدت عنها متجهه نحو المطبخ وكريسيتين تتبعها بغضب...

اقتربت كريستين من رغد التي كانت واقفه تقلي البطاطا وهي تهتف بها قائلة رغد، لقد وصلتك رسالة على هاتفك...
سألتها رغد من...
وهل توجد غيرها صديقتك البائسة، إجابتها كريستين بسخرية فيما أخذت رغد منها الهاتف وهي تقرأ محتوى الرسالة الذي جائتها...
سألتها كريستين بفضول ماذا تريد...
تريد رؤيتي مساء اليوم، تقول ان لديها موضوع مهم تريد ان تخبرني إياه...
انا لا اعرف كيف تصادقين واحده مثلها انها كئيبة وممله...

هي لم تكن هكذا أبدا، بل على العكس تماما دائما كانت مرحه ولطيفه، لكن ما حدث معها منذ سنتين جعلها هكذا...
كريستين بعدم فهم مالذي حدث معها...
استدارت رغد نحوها وهي تجيبها بحزن مات زوجها ليلة زفافها...
هزت كريستين رأسها بعدم تصديق وهي تقول ماذا، كيف
مات في سكتة قلبية مفاجئة، تخيلي تستيقظين صباحا يوم زفافك لتجدي عريسك ميت بجانبك...
كريستين بأسف يا لها من مسكينة، بالتأكيد كانت صدمه مفجعه اليها...

هزت رغد رأسها وهي تعود الى عملها اخرى، فهي لا تريد خوض احاديث اكثر بخصوص هذا الموضوع، خصوصا ان هناك أشياء اخرى لا تستطيع ان تفشيها لأي احد حتى لو كانت كريستين اقرب صديقة لها.

وضعت رغد كوب قهوتها على الطاولة وهي تهتف بخوف لا تستعجلي يا تمارا، ما تنوين فعله خطر جدا،
أجابتها تمارا بهدوء لم يعد هناك شيء اخاف عليه يا رغد، لقد انتهيت تماما، لم يعد هناك شيء قد اخسره،
لكن سيف الدين النصار رجل صعب جدا والاقتراب منه مخيف، انت بنفسك قلت هذا، اذا علم بما تنوين فعله لن يتركك ابدا...

ماذا سوف يفعل لي، سوف يقتلني مثلا، انا بالأساس ميته، تطلعت رغد اليها بأسف فيما اكملت هي بغضب ونار الانتقام اشتعلت داخل عينيها الزرقاوتين لن ارتاح حتى أخذ حقي منه، سوف افعل المستحيل حتى أراه يتعذب مثلما فعل بي، يجب ان انهي حياته كما انهى حياتي يا رغد...
ربتت رغد على يديها وهي تحدثها بهدوء انا لا ألومك فيما تقولينه، لكن انا خائفة عليك منه، أرجوك فكري بعواقب هذا الشيء،.

تمارا بإصرار لقد فكرت جيدا وانا مستعده لجميع العواقب الاتيه منه، وانا على أتم الاستعداد لتقبّله بكل ما فيه من اوجاع...
تطلعت رغد اليها بصمت وهي لا تعرف بماذا تجيبها فتمارا تبدو مصره على الانتقام وبشده، هي تفهمها جيدا وتضع الاعذار لها لكنها لا تمتلك تلك القوة التي تساعدها في انتقامها هذا، هي سوف تدخل حرب بلا اسلحه تحارب بها، حرب سوف تكون هي الخاسر الوحيد فيها.

جلست تمارا امام حاسوبها الشخصي بعد ان وصلت منذ قليل الى منزلها، لقد ارتاحت قليلا حينما فضفضت الى رغد بنواياها الجديده، رغد صديقتها المقربه والوحيدة التي حدثتها بجميع ما فعله سيف معها دون ان تخبئ عنها اَي شيء، كانت اول من شاركها أحزانها تلك ودعمها بقوه...

بدأت تقلب في المعلومات التي تخص سيف الدين النصار وهي تبحث عن أشياء معينه قد تفيدها في خطوة انتقامها القادمة، فجأة وقعت عينيها على ذلك الاسم وهي تهز رأسها بعدم تصديق، كيف غابت هذه المعلومه المهمه عنها، ابتسمت لا إراديا وهي تكتب اسم الشخص المطلوب في خانة البحث ليظهر لها عدة معلومات وصور عنه...

همست بخفوت حازم النصار، الأخ الأصغر لسيف الدين النصار، في الثامنة والعشرين من عمره، مقيم في أمريكا، بدأت تسترسل في قراءه المعلومات الخاصة بحازم وهي تشعر في كل معلومة تقرأها ان هدفها اصبح واضحا جدا اليها...
اغلقت حاسوبها الشخصي وهي تبتسم بهدوء فقد نجحت اخيراً في تحديد خطوتها الاولى والتي سوف تصل من خلالها الى مبتغاها وتحقق انتقامها...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة