قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الشيخ و المراهقة للكاتبة سارة علي الفصل الثاني عشر

رواية الشيخ و المراهقة للكاتبة سارة علي الفصل الثاني عشر

رواية الشيخ و المراهقة للكاتبة سارة علي الفصل الثاني عشر

توقفت سيارة فارس امام منزله، هبط منها واتجه نحو الباب الاخرى وفتحها لترميه لمار بنظرات نارية قبل ان تهبط من السيارة وتسير خلفه...
تأملت لمار المكان بعينين غائمتين وأخذت الذكريات تتدفق إليها، ذكريات عاشتها في هذا المنزل، اغلبها مرة، فحتى تلك اللحظات السعيدة التي عاشتها لم تكن كاملة دوما كان هناك ما يعكرها...
افاقت من شرودها وأفكارها على صوت فارس يطلب منها ان تدلف الى الداخل...

دلفت الى الداخل بخطوات مترددة لتجد صفية وامرأة اخرى لا تعرفها تراها لأول مرة...
نقلت لمار بصرها بين الإمرأتين بحيرة قبل ان يلكزها فارس من ذراعها فاتجهت نحو صفية وحيتها قائلة:
مرحبا، كيف حالك خالتي؟!
اجابتها صفية على مضض:
بخير الحمد لله...
تحدث فارس مشيرا الى نسرين:
هذه نسرين..
ابنة عمتي...
منحتها نسرين ابتسامة مصطنعة بادلتها لمار المثل وهي تحييها ببرود...

جلس الجميع في صالة الجلوس في صمت قطعه فارس وهو يقول:
لمار ستبقى هنا طوال فترة تدريبها...
تطلعت صفية اليه بنظرات صامتة لكنها تحمل في طياتها الكثير، لم يبال فارس بنظراتها وهو يحدث لمار:
هل تريدين ان تصعدي الى غرفتك؟!
نعم، بالتأكيد...
نهض فارس من مكانه وأشار لها قائلا:
اتبعيني...
فعلت لمار ما أمر به بينما اقتربت نسرين من صفية وجلست بجانبها بعدما رحلوا وقالت:
هذه هي زوجته السابقة أليس كذلك؟!

اومأت صفية برأسها وأجابت:
نعم، زوجة الشؤم، لم نرَ منها يوما جيدا منذ ان وطأت أرضنا هذه...
لماذا تقولين هذا خالتي؟!
سأخبرك بكل شيء، لكن ليس الان...
اومأت نسرين برأسها ثم ما لبثت ان سألت بتردد:
خالتي، هل يفكر فارس في إعادتها الى عصمته...
نهرتها صفية بسرعة:
فال الله ولا فالك، لا تقولي هذا...
اعتذرت نسرين بخجل ثم استأذنت منها أن تذهب الى غرفتها...

كانت لمار تسير خلف فارس بينما هو يقودها الى غرفتها التي خصهها لها...
في اثناء سيرهما سويا فوجئت بطفل صغير يجري نحو فارس وهو يصرخ بسعادة جلية:
بابا لقد عدت...
تلقفه الاب بين احضانه بلهفة بينما أخذت لمار تتطلع اليه بحذر...
قبله فارس على وجنتيه ثم التفت نحو لمار وهو يحمله وقال:
دعني أعرفك على خالتك لمار...
كان الخجل واضحا على الطفل فهو لا يعرفها ولم يرها من قبل...

ابتسمت لمار بحنو ومدت يدها نحوه وقالت بلطف:
كيف حالك يا سيف؟! انا لمار، خالتك..
مد الطفل يده الصغيرة نحوها لتحتضن لمار يده ثم تحمله من فارس وتقبله على وجنتيه بحب بشكل فاجأ فارس شخصيا...
اشتقت إليك كثيرا...
قالتها بنبرة صادقة وهي تتذكر ذلك الرضيع الذي قضت معه أياما طويلة...
حررته لمار من بين احضانه ليقف الطفل ارضا فتنزل لمار على قدميها الى مستواه وتقول مكملة تعريف نفسها:
انا خالتك، اخت والدتك..
خالتي...

قالتا الصغير محاولا استيعاب ما تقوله لتهز رأسها نفيا وهي تقول:
بل قل لمار، لا تقل خالتي...
نقل فارس بصره بين الاثنين بتعجب من هذا التناغم اللطيف الذي جرى بينهما ثم ما لبث ان قال مشيرا الى لمار:
ألن نذهب الى غرفتك؟!
نهضت لمار وقالت:
تمام، لنذهب...
اشار فارس للصغير:
عزيزي اذهب الى جدتك، فهي تريدك في امر هام...
اومأ الطفل برأسه متفهما ثم ما لبث ان قال:
لا تتأخر علي...
لن اتأخر بكل تأكيد...

تحرك الطفل بعيدا عنه بخطوات راكضة متجها نحو جدته بينما اتجه كلا من فارس ولمار نحو غرفتها...

دلفت لمار الى الغرفة خاصتها يتبعها فارس الذي اغلق الباب خلفه...
التفتت نحوه تسأله بتوتر:
لماذا اغلقت الباب؟!
منحها ابتسامة خفيفة وهو يرد:
لا تقلقي، لن افعل شيئا يؤذيك، انا فقط أريد الحديث معك...
ابتلعت لمار ريقها وقالت بإباء:
بل انا من تريد الحديث معك...
رد فارس بتسلية:
تحدثي اذا...
بللت لمار شفتيها بلسانها ثم قالت بجدية:
لماذا تفعل هذا بي؟! ما غايتك من كل هذا؟!
سألها مصطنعا عدم الفهم:.

ماذا أفعل أنا؟! ماذا تقصدين؟!
صرخت به بنفاذ:
لا تمثل علي الغباء الان، ولا تستفزني وتختبر صبري...
الا انه كان مستمتعا للغاية بإثارة غضبها فقال:
انا حقا لا افهم اي شيء مما تقولينه...
اقتربت منه وقالت:
لماذا أجبرتني على المجيء معك والسكن في منزلك، ألام تخطط بالضبط؟!
رد ببرود أعصاب يحسد عليها:
انا لا أخطط لاي شيء، كونك زوجتي فهذا مكانك الطبيعي يا لمار..
صرخت بعنف:
انا لست زوجتك، لقد تطلقت منذ سنوات...

كلا انت مخطئة، انت زوجتي بالفعل، صحيح انا طلقتك، لكنني رددتك الى عصمتي في نفس اليوم...
تراجعت لمار الى الخلف لا اراديا بينما اتسعت عيناها محاولة استيعاب ما يحدث...
انت تمزح معي بكل تأكيد...
قالتها بذهول غير مصدق ليهز فارس رأسه نفسا ويجيب:
انا لا امزح معك يا لمار، انت كنت زوجتي طوال تلك الفترة، انا لم أستطع ان اطلقك فعليا...
ولكن كيف؟! كيف تركتني هكذا طوال السنوات الماضية..!

تنهد فارس بصوا مسموع ثم ما لبث ان قال:
لأنني لم أكن أريد ظلمك اكثر من هذا، أردت أن أعطيك فرصة لتستعيدي بها نفسك وصحتك، انتِ كنتِ بحاجة للابتعاد، البدأ من جديد، وانا قررت أن امنحك كل هاذ، ولكن وأنت على ذمتي، منحتك حريتك وانتِ زوجتي...
لا أصدق، لقد كنت ضحيتكما، كنت لعبة في يدكما انت وابي الذي كان يعرف بكل تأكيد...
علا صوتها وهي تردد بصراخ بينما تضربه بقبضتي يديها على صدره بعنف:.

لقد كنت ضحيتكما من جديد، خدعتماني، استغليتما غبائي...
لمار اهدئي...
قالها وهو يحاول ان يوقفها عما تفعله لتنهار هي على ارضية الغرفة باكية...
اقترب فارس منها وانحنى بجوارها محتضنا اياها بقوة، أخذ يهمس لها:
اهدئي لمار، انا فعلت هذا من أجلك، كونني أحبك..
رفعت لمار بصرها نحوه تتطلع إليه بصدمة قبل ان تهمس بذهول:
تحبني،!
اومأ برأسه واكمل:.

نعم أحبك، لقد علمت بهذا ذلك اليوم الذي فقدتي به طفلك، كنت سأموت من الخوف عليك، ادركت حينها أن خسارتي لكِ لن أتحملها ابدا، أدركت وقتها أنني أعشقك، لمار انتٍ لا تعرفين كم تحملت وانتظرت طويلا حتى تكبري وتفهمي...
مسحت لمار دموعها بعنف ثم نهضت من مكانها لينهض هو بدوره...
قالت بنبرة مريرة:
معك حق، انت تحملت الكثير بسببي، أشكرك كثيرا سيد فارس، لقد طلقتني ورميتني لأبي، وتقول أنك تحملت الكثير...

صمت فارس ولم يتحدث بينما هي أكملت:
وأنا ماذا تحملت؟! تحملت كل شيء، تحملت قسوتك وبرودك، رغبتك في الزواج من اخرى، فوق هذا كله طلقتني، هكذا بدون تفسير، والان تخبرني بأنك أعدتني الى عصمتك في نفس اليوم، حقك شكرا لك...
لمار انا...
قاطعته بحدة:
لا تقل شيئا، لكن عليك ان تعلم بأنني كبرت وتغيرت، لم أعد كالسابق، لمار التي تعرفها تغيرت كثيرا، أصبحت واحدة اخرى، لذا فانا لن أبقى على ذمتك بعد الان، انت ستطلقني...

مستحيل، انسي امر الطلاق اطلاقا...
قالها منهيا الموضوع وتحرك خارج المكان تاركا اياها تبكي بصمت.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة