قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الشيخ و المراهقة للكاتبة سارة علي الفصل الثالث عشر

رواية الشيخ و المراهقة للكاتبة سارة علي الفصل الثالث عشر

رواية الشيخ و المراهقة للكاتبة سارة علي الفصل الثالث عشر

في المساء...
وقفت لمار أمام المرأة تتأمل ثوبها الطويل بملامح فخورة، لقد اختارت فستان مناسب ويليق بها لتخرج به أمام حماتها وابنة عمة زوجها...
نعم حماتها فيبدو ان صفية تلك باتت أمرا واقعا في حياتها...

كان فستانها زهري اللون طويل يصل الى كاحلها ذو أكمام قصيرة تصل الى منتصف ذراعيها، ارتدت معه حذاء ذو كعب عالي قليلا، ولم تنس ان ترتدي قلادة ناعمة مع الفستان، رفعت خصلات شعرها من الجانبين وجمعتهما الى الخلف مع ترك خصلات شعرها الخلفية حرة بتسريحة ابرزت ملامح وجهها الناعم بسخاء...

تنهدت براحة ثم خطت اولى خطواتها خارج الغرفة، اتجهت اولا الى غرفة الصغير فوجدتها خالية، زفرت بضيق فهي كانت تريد التحدث معه قليلا، قد لا يصدقها احد اذا قالت أنها كانت تفكر دائما به، بوضعه وحياته بلا أم، كانت تتمنى ان تكون بجانبه لكنها لم تكن مذنبة يوما بحقه، فصغر سنها وقلة خبرتها لم يسمحها لها برعايته كما يحب، سارت لمار بخطوات متزنة نحو الطابق السفلي وتحديدا نحو صالة الجلوس لتجد صفية هناك تتحدث مع نسرين بصوت خافت قليلا وبجانبهما سيف الصغير يلعب في ألعابه...

القت التحية بإقتضاب ثم جلست بجانب الصغير وبدأت تشاركه لعبه، توقفت عما تفعله حينما سألتها صفية:
لمار، هل والدتك تعلم بأمر إقامتك هنا؟!
التفتت لمار نحوها واجابتها على مضض:
لقد أخبرتها قبل قليل...
جيد، وهل هي موافقة؟!
اجابتها لمار ببديهية:
بالطبع ستوافق...
منحتها صفية ابتسامة باردة قبل ان تعاود إستكمال حديثها مع نسرين بصوت أكثر خفوتا، بينما هزت لمار كتفيها بلا مبالاة وعادت تشارك الصغير فيما يفعله...

دلف فارس بعد لحظات الى المكان ليتفاجئ بلمار امامه، اخر ما توقعه أن تهبط من غرفتها وتأتي الى هنا دون ان يطلب منها هذا، شعر بالراحة فيبدو انها بالفعل كبرت وباتت تفهم ما عليها و وما يجب ان تتتصرف به...
السلام عليكم...

رفعت لمار رأسها ما ان سمعت صوته لترد تحيته بخفوت كما رد كلا من صفية ونسرين تحيته، جلس فارس بجانب ابنه واخذ يتابع لمار وهي تلعب مع الصغير بعفوية وراحة غريبة عليها، ابتسم لا اراديا وهو يراها تشاكس الصغير، هو يعرف لمار جيدا ويثق بكونها ستكون أم جيدة لأبنه، سترعاه وتهتم به جيدا وتحبه من أعماق قلبها...

نهض الجميع من أماكنهم بعدما جاءت الخادمة تخبرهم ان الطعام جاهز، اتجه الجميع الى غرفة الطعام، جلست صفية في مقدمة السفرة بينما اختارت نسرين ان تجلس بجانب فارس الأمر الذي أغاظ لمار بشدة لكنها لم تظهر هذا بل جلست على الجهة الاخرى بجانب الصغير...

كانت نسرين متحدثة لبقة بشكل اثار غيرة لمار، كانت تتحدث بثقة وبشكل يثير البهجة في نفوس من حولها، حديثها كان ممتعا، اعترفت لمار لنفسها بهذا، ورغما عنه اندمج فارس معها في حديثها وبالطبع صفية، الا لمار كانت صامتة طوال الوقت...
بعدما انتهوا من تناول الطعام نهضت نسرين من مكانها وقالت موجهة حديثها لفارس:
فارس، اريد الحديث معك في أمور تخص العمل، ما رأيك أن نذهب الى غرفة مكتبك؟!
حسنا، لنذهب...

قالها فارس بإذعان ثم ما لبث أن نهض من مكانه واتجه خلف نسرين الى مكتبه لتجد لمار صفية تقول بنبرة ذات مغزى:
يليقان ببعضيهما كثيرا، أليس كذلك؟!
تطلعت اليها لمار بدهشة قبل ان تبتسم مجاملة وترد بذقن مرفوع:
كثيرا، كثيرا...
ابتسمت صفية ببرود بينما نهضت لمار من مكانها وأخذت الصغير معها واتجهت به الى غرفته...

انتهى فارس من حديثه مع نسرين ليخرج بسرعة من مكتبه ويتجه الى غرفة لمار...
بحث بعينيه عنها ليجدها فارغة...
عقد حاجبيه بتفكير قبل ان يسير متجها نحو غرفة ابنه ليجدها بالفعل هناك تهم بالخروج منها...
ماذا تفعلين هنا؟!
سألها مستغربا لتجيبه بلا مبالاة:
كنت أساعد سيف لينام...
هل نتحدث سويا؟!
قالها بجدية لتومأ برأسها موافقة فيأخذها فارس ويتجه بها نحو غرفتها...

دلفت لمار الى غرفتها ودلف فارس خلفها بعدما اغلق الباب جيدا...
توترت لمار لا اراديا من وجودهما سويا في هذا المكان المغلق لكنها حاولت ألا تظهر هذا له فأدعت القوة امامه...
اقترب فارس منها وقال متسائلا:
هل ما زلت متضايقة كونني ردتتك الى عصمتي دون إخبارك؟!
اجابته لمار بسخرية:
وكأن ضيقي سوف يفرق معك...
زفر فارس أنفاسه بقوة ثم قال:
لمار، انت كنت صغيرة، وأنا لم أشأ أن أزعجك...

فارس أنت قيدتني بك دون أن تاخذ رأيي حتى، ووالدي ساعدك بهذا...
اومأ فارس برأسه وأكمل:
معك حق، انا اخطأت بما فعلته، لكن لم يكن امامي خل اخر لأحافظ عليكي...
لمعت عينا لمار بالدموع وقالت:
ولماذا طلقتني من الاساس طالما انك تريد الحفاظ علي؟!
أخذ فارس نفسا عميقا وقال:
وهل ما فعلتيه هينا يا لمار؟! لقد قتلتي ابني...

هطلت دموعها من مقلتيها لا اراديا وهي تتذكر ما فعلته، هي لن تسامح نفسها اطلاقا على جريمتها تلك، طوال السنين الفائتة كانت تؤنب نفسها وتحاسبها على فعلتها تلك، لكنها كانت صغيرة ومجروحة، غير واعية لحجم فعلتها...
لمار انا لم اقصد أن...
قاطعتها بنبرة باكية:.

انا عاقبت نفسي يا فارس، عاقبت نفسي كثيرا، مرارا، اعترف بمدى حجم خطأي، لكنني كنت صغيرة، تصرفت بطفولية رعناء، والنتيجة انني خسرت ابني، هل تظن بأن الأمر كان سهلا علي؟! وفوق هذا جئت أنت وتخليت عني...
كنت بحاجة لأجعلك تعيدين حساباتك من جديد، كان يجب ان تعرفي مدى خطأك، لم يكن من السهل علي أن أتخلى عنك لكني فعلتها من اجلك وليس من أجلي...
لكن هذا لا يعطيك الحق أن تعيدني الى عصمتك ثم تخبأ الامر عني...

قالتها بحرقة حقيقية ليرد فارس معتذرا:
انا اسف لمار، اعترف بأنني اخطأت هنا، لكن رغبتي المتملكة نحوك هي من جعلتني أفعل هذا...
منحته ابتسامة ساخرة من بين دموعها وقالت بألم:
نعم فأنا يجب أن اكون دائما ملك لك...
انت ملك لي بالفعل مثلما أنا ملك لك...
هزت رأسها نفيا بسرعة وقالت بوجع:
أنت لم تكن يوما ملك لي، انت ملك نفسك، انت لست لي فارس، دوما لم تكن لي...
مسك يديها الاثنتين بيديه وقال بحزم:.

انظري الي، انا فارس صفوان، أقر وأعترف بأنني ملك لك، وأنت ملك لي...
فارس...
ابتلعت كلماتها الاخيرة حينما وجدته ينحني نحوها ويعانقها بقوة بينما شفاهه تهمس لها:
اشتقت اليك لمار، اشتقت اليك صغيرتي...

شعرت بنفسها تكاد تذوب بين يديه، ابتعدت عن احضانه بعد لحظات لتلتقي عيناها بعينيه، كانت رغبته بها واضحة وضوح الشمس، وهي كانت تريده وبشدة، شعر فارس بها فإنحنى نحوها بنية تقبيلها وبالرغم من خجلها استجابت له وبادلته قبلته بشكل أثار جنونه...
لحظات قليلة وفتحت الباب ثم ما لبثا ان سمعا صوت صفية يصرخ بعدم تصديق:
أنتما ماذا تفعلان؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة