قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية السماء تشهد أيها الماجن للكاتبة رضوى جاويش الفصل العاشر

رواية السماء تشهد أيها الماجن للكاتبة رضوى جاويش الفصل العاشر

رواية السماء تشهد أيها الماجن للكاتبة رضوى جاويش الفصل العاشر

هبط التلة ورائها بفترة وجيزة تاركا لها مساحة من الحرية لتنفرد بنفسها داخل كوخها ليمر من أمامه اللحظة ليقف ببابه برهة واخيرا اندفع داخلا لكوخه الملاصق ممنيا نفسه بقرب الوصل وداعما روحه بالصبر تلك الساعات التي تفصله عن قربها الذي تمنى..
تمدد داخل كوخه مسهد لا نعاس يزور أجفانه، عيونه معلقة بسقف الكوخ الخشبي وقلبه معلق بتلك التي يفصله عنها حاجز مشترك من أعواد من نبات يشبه البامبو الى حد كبير..

دفع بنفسه من موضعه واتجه برأسه يضعها على ذاك الجانب المشترك بينهما لعلها تنام بهذا الجانب فيهنأ بقربها ولو وهما..
همس ربما تكون قد راحت في سبات عميق: - حياة..
ردت بهمهة خفيفة جعلته يدرك ان موضع رأسها على ذاك الجانب بالقرب من موضع رأسه بالفعل فابتسم في راحة هامسا: - هل من الممكن..
قاطعته هامسة: - الى الغد آدم، الى الغد..

قهقه رغما عنه هاتفا: - انا لم اقل شيئا، كيف استطعتِ معرفة ما كنت بصدد سؤالك عنه!؟.
همست وابتسامة تكلل شفتيها وهى تضع كفها على موضع قلبها الذي بدأ يرفرف بين جنباتها لسماع صوت ضحكاته: - وهل لديك امر اخر يشغل تفكرك غير هذا!؟.
اكد مبتسما: - بكل صراحة، لا، لكنى اشعر بالقلق، فإعطاءك مهلة للغد يوترني فقد تغيرين رأيك بعد ان حصلت على موافقتك اخيرا..

ابتسمت هامسة: - لا تقلق، فلن أغير رأيي فانا لا قبل لي على مواجهة رغباتك الدفينة والتي ستطلقها خلفي، الم تقل هذا عند عرضك الثاني للزواج!؟.
انفجر مقهقها واكد: - بلا فعلت، ويعلم الله كم جاهدت في سبيل تهذيب تلك الرغبات، لقد علمتني الفضيلة وهذا عكس طبيعتي..
كان دورها لتعلو ضحكاتها قبل ان يشملهما الصمت للحظات لتقطعه هى هامسة بنبرة مترددة: - لم يكن هذا هو السبب الوحيد الذي دفعني لقبول الزواج بك، بل..

حثها متلهفا وقد اعتدل متطلعا الى الفاصل بينهما وكأنما خيل اليه انه يراها من ورائه يرهف السمع لجوابها بعد ان هتف مصرا: - بل ماذا!؟.
همست بنفس النبرة المترددة: - بل لان لا قبل لي على قتلك دفاعا عن الشرف..

ابتسم دون ان يعقب يعرف ان السبب الحقيقى قادم في الطريق لتستطرد: -و لأني ايقنت اني لن أستطيع العيش وحيدة دونك بتلك الجزيرة، وان الحق كان معك عندما قلت ان خسارتك ستكون فادحة وقد ايقنت هذا عندما اعتقدت انك غرقت، كانت لحظات من كابوس..
همس معتذرا: - انا اسف..

ثم هتف فجأة مهللا وقد تنبه لحقيقة ما: - بل لست اسف، لست آسفا على الاطلاق، فلولا تلك المزحة ما كنتِ اقتنعتِ بقبول الزواج بي، ليتني قمت بها منذ زمن..
علت ضحكاتها ليهمس من جديد: - حياة..
همست بدورها: - ان غدا لناظره قريب، تصبح على خير..
تنهد وقد علم ان لا امل في تغيير رأيها فهمس بدوره: - بل اصبح على اجمل حياة..

ابتسمت واغلقت عينيها تحاول الولوج لدنيا الحلم تاركة إياه يحلم بها وهو لايزل بيقظته التي تضنيه..

جلست نهى بمائدة الإفطار تفرد بعض من زبد على شريحة خبر تناولها لجدها متطلعة اليه في تساءل: - هل هناك امل حقا في تلك الاتصالات الموسعة التي قمت بها يا جدي!؟
اكد السعيد وهو يقضم من شريحة خبزه بعد ان وضع عليها بعض من المربى: - نعم يا نهى، وانا على استعداد لدفع ثروتي كلها في سبيل العثورعلى حياة..

تنهدت نهى في تمنى هامسة: - أتعشم يا جدي ان تكون ثقتك في محلها، فانا لا اصدق اني قد اجد حياة امامي ما بين لحظة وأخرى، لكن بالمناسبة لمَ لم تخبر العم مهنى باتصالاتك هذه!؟.

أجاب السعيد متنهدا: - مهنى كان يوما صديقا لوالدكِ رحمه الله، تقرب الى العائلة حتى اصبح فردا منها وكان دوما متعشما في العمل بمنصب كبير بامبراطورية السعيد، لم اكن لاسمح بذلك وأبيك وخالك على قيد الحياة، لكن بعد رحيلهما كُسرت وهزمتني الاحزان فلم يكن هناك الاه ليتولى منصبا ما كان لينله ولو في أروع أحلامه..

وتنهد مستطردا: - تأتي الشدائد يا صغيرتي لتجبركِ على اتخاذ قرارت ما كان يخطر ببالك لحظة اتخاذها وتدفعك للتخلي عن أمور كان من المستحيل يوما التخلي عنها او حتى تخيل فقدها، الشدائد هي المعلم الأول لذاك الذي اعتقد انه اصبح المهيمن على مقاليد الأمور فتأتي لتعيده لصوابه وتأدبه في حضرتها..

انهى الجد كلماته وشرد في الأفق الأخضر الممتد قبالته لتهتف نهى محاولة إخراجه من صمته المحمل بالشجن: - ان لا أطيق صبرا، متى تعود حياة فلكم اشتاقها!؟.
اكد جدها وقد استعاد روحه المتقدة مع ذكر حياة: - لقد اخبروني ان البحث يتطلب وقتا وجهدا لانهم على يقين ان البحث الذي تم حول حطام الطائرة كان متقنا، لكنهم سيقومون بكل ما يلزم..

هتفت نهى في نفاذ صبر: - لقد مرت عدة ليال منذ اتصالك يا جدي!؟، كم سيستغرق الامر..!؟.
اكد السعيد: - لا اعلم، سننتظر مهما كلفنا الانتظار..
وهمس بصوت متحشرج يهتز ايمانا: - وانا اعلم انها ستعود مهما طال الوقت، ستعود ابنة خالك الينا فقد استودعتها رب العالمين حين رحيلها وانا على يقين انه لن يضيعها ابدا..
دمعت عينا نهى تأثرا وتضرعت ان تعود حياة، فعودتها المرجوة هي التي تجعل جدها متمسكا بأهداب الحياة..

طرقات على باب حجرتها جعلتها تنتفض محاولة ايقاظ ذاك الذي يجاورها ليفتح الباب لكن لا استجابة من قبله مما اضطرها لتنهض على استحياء لتفتحه معتقدة ان فطورها الصباحي قد حضر، لكن هيهات فما طالعته اللحظة يختلف تماما عما توقعت فقد ظهرت اخته وهى ممتعضة الوجه كعادتها تقف مستندة على عارضة الباب وتضع كفا بخصرها وما ان طالعها وجه حياة حتى هتفت في استهزاء مشيرة لدلو كان يجاورها ارضا: - هيا يا جميلة الملامح، اتعتقدين اننا هنا من اجل خدمتك كأميرة!؟، هذا هناك بفيلا جدك، اما هنا فعليك القيام بدورك كما أقوم بدوري، و الآن دورك لتنظيف الشقة ومسح الأرضيات..

تطلعت اليها حياة في صدمة غير قادرة على الرد على تلك المرأة العدوانية واخيرا همست بعد ان استطاعت استجماع شتات نفسها: - لكني عروس وهذه ليلتي الاولى هنا بالمنزل، كنت اعتقد اني سأنال الترحاب اللائق وانك تطرقين الباب في هذه الساعة من اجل إفطارنا..
هتفت شادية في سخرية: - افطار!؟.

وارتفعت قهقهاتها المجلجلة في استهزاء هاتفة: - اى افطار!؟، لا طعام لمن لا يعمل، والبيت خالِ تماما من الطعام، هيا يا مدللة جدك اخلعي عنكِ ملابس المجون تلك وارتدي هذه..
وقذفت بوجه حياة جلباب قديم ممزق لتستبدله بقميص نومها الحريري الابيض..

ضمت حياة الجلباب الي صدرها واغلقت باب حجرتها وتطلعت لشهاب الذي مايزل يغط في سبات عميق لا يشغله شاغل، انحدرت على خديها دموع قهر وقد ادركت اي مصيبة أوقعت نفسها بها، وهمست شاعرة بالندم: - انا آسفة يا جدي، سامحني لقد كنت على حق..

اخذت تكرر كلماتها الاخيرة منادية على جدها الذي كان ينظر اليها نظرة ملؤها العتاب واللوم ثم رحل مبتعدا عنها موليا ظهره مؤكدا على سخطه وغضبه لتصرخ تستوقفه هاتفة باسمه من جديد لكنه لم يستجب فانتفضت متطلعة حولها وهى لاتزل تنادي لتدرك انها بكوخها وحيدة، انحدرت الدموع على خديها وهى لا تعلم ما مصير جدها اللحظة!؟، هل علم بخبر وفاتها ام يعتقد انها حية ترزق!؟.

وهل استطاع تجاوز امرموتها اذا ما وصل خبره اليه!؟، ام انه رحل متأثرا بحزنه عليها!؟.
اسئلة كثيرة كانت ومازالت تشغلها منذ لحظة استيقاظها على شاطئ الجزيرة لتدرك انها لاتزل في عداد الأحياء، لكن لا اجابة تريح بالها وتهدئ خاطرها الملتاع..
نهضت تمسح دموعها وتفتح باب الكوخ في بطء متطلعة للبحر امامها مستنشقة هواء الصباح العليل وذاك الهدوء المحيط بها يسكن قليلا من اثار ذاك الكابوس المقبض..

تطلعت حولها فأدركت ان ادم لايزل نائما فقررت الاختلاء بنفسها قليلا، والقيام بشئ ما يخفف ذاك الضغط على قلبها وعقلها..

استيقظ اليوم متأخرا على غير العادة فقد أضناه شوقه اليها تاركا اياه مسهدا الليل بطوله تقريبا حتى زار الكرى أجفانه اخيرا في ساعة متأخرة..
تمطع يحاول استعادة وعيه كاملا ونهض يفتح باب كوخه يعتقد انه قد يجدها تجلس قبالة كوخها تنتظر استيقاظه، لكنه على العكس لم يجدها كما توقع..
اعتقد أنها لاتزل نائمة، ابتسم رغما عنه يمني نفسه انها كانت على نفس حاله من السهد والأرق..

وقف امام الكوخ ينادي باسمها لكنها لم تجب، دفع بباب الكوخ قليلا وبدأ في النداء بصوت خفيض لكنه لم يتلق جوابا كذلك، دفع برأسه لداخل الكوخ ليجده فارغا..
اذن اين ذهبت..!؟.
جال بناظريه في اتجاه البحر وبطول الشاطئ لكنه لم يبصر محياها في اي اتجاه..
شعر بالقلق فاندفع صارخا باسمها من جديد، لكن لا اجابة تريحه وتخبره عن موضع اختفائها..

اندفع يعتلي الربوة التي تختلي فيها بنفسها وتجلس منفردة لبعض الوقت لكنه لم يجدها كذلك، استغل ارتفاع المكان نسبيا يحاول ان يستدل على مكانها لكن الوضع لم يتغير..
اندفع هابطا التلة يبحث في كل مكان كالمجنون، اين تراها قد ذهبت!؟، واخيرا اندفع باتجاه الدغل خلف الأكواخ وقد أضاءت بفكره خاطرة ما..

وصل لموضع النبع وتسلل بحذر باحثا عنها واخيرا ابصرها، وقف خلف بعض الأحراش متطلعا الى تلك الحورية التي تقف تحت شلال الماء المنهمر من علي..

لم يكن يريد خرق عزلتها وجرح خصوصيتها بالظهور امامها رغم ان الامر كان يستهويه كثيرا، الا انه تغلب على شياطينه باعجوبة وقرر الرحيل تاركا إياها تنعم بذاك الاغتسال الملائكي والذي كانت تبدو فيه وكأنها تغتسل بغلالات من نور فضي ينحدر على جسدها الذي يحجبه لحد كبير رزاز الماء المنهمر بشدة..

ما ان هم بالخروج من موضعه عائدا في حذّر الى كوخه حتى ابصرها تخرج بالفعل من تحت الماء متجهة لموضع قريب تركت به ملابسها..
تسمر موضعه وقد اضحى واضحا ما تره عيناه ولا يمكن ان تخطئه، ألهذا تنأى مبتعدة!؟، ألهذا السبب كانت ترفض الزواج به!؟، وهل هذا الذي يدفعها لتتسربل بملابسها من قمة رأسها حتى اخمص قدميها..!؟.

اجبر نفسه على ابعاد ناظريه عن محياها وتسلل في بطء يحاول قدر الإمكان العودة سريعا ليجلس امام كوخه حتى لا تدرك او يساورها الشك حتى انه كان هنا..

ظهرت من داخل الدغل قادمة من النبع في اتجاه تلك الجلبة ليطالعها ادم عارالصدر يقوم بتقطيع بعض الأخشاب بتلك الأداة التي وجدها ملقاة على الشاطئ ذات ظهيرة عندما كانوا يمشطون الجزيرة بحثا عن اى شيء ذو فائدة قد يكون البحر قذف به..
شعرت بالحياء لمظهره فهتفت وعيونها تتجه الي البحر: - صباح الخير، ماذا تفعل!؟.
هتف رافعا رأسه متطلعا اليها وقد علت الابتسامة وجهه: - صباح الجمال يا بطتي..

تطلعت اليه في تعجب وقد تضرج وجهها بحمرة خجل ونأت بناظريها عنه من جديد متسائلة في دهشة: - بطتك!؟.
اكد هاتفا في مزاح: - انا ادلل زوجتي بالطريقة التي تعجبني..
لم تجادله فقد كان الامر برمته يصيبها بالاضطراب فسألت من جديد تحاول تغيير الموضوع: - ماذا تفعل!؟.
أجاب سؤالها وهو يرفع تلك الأداة ضاربا غصن شجرة مقسما إياه تحتها لنصفين: - احضر بعض الأخشاب للاحتفال ليلا..

ابتسمت هاتفة: - جعلته احتفالا..!، انه انا وانت فقط، لا داع لكل تلك الجلبة..
توقف عن عمله وهتف متعجبا يتطلع اليها في محاولة لثبر أغوار نفسها: - كنت اعتقد ان النساء هُن الأكثر رغبة في اجواء احتفالية تليق بمناسبة كالزواج لا زاهدات فيها، وكنت احاول فعل ما كنت اعتقد انه قد يسعدك..

شعرت بانها لم تقدر ما يفعل لاجلها وأدركت ان مزاجها عكر بما فيه الكفاية بسبب ذاك الحلم السخيف الذي اعاد اليها ذكريات مقيتة تحاول تناسيها بجانب احياء قلقها على جدها والذي لم يخبو بداخلها بل انها فقط تحاول تناسبه لان لا إمكانية لتعلم حاله وهى على تلك الجزيزة معزولة عن الحياة ولا احد يعلم ايضا انها لاتزل حية ترزق..

وقفت تفرك كفيها في تردد واخيرا همست في اضطراب: - هل لي باخبارك ببعض الامور قبل ان يتم زواجنا مساءً!؟.
ترك ما كان بصدده وتطلع اليها للحظة ثم اقترب منها ليقف قبالتها رافعا وجهها بأطراف أصابعه لتقابل نظراتها المضطربة نظراته الحانية: - اعرف ما انتِ بصدد اخباري به..
تحولت نظراتها لنظرات شك غير قادرة على تصديقه ليهمس مؤكدا على خطأ
ظنها: - تريدين اخباري عن شهاب أليس كذلك..!؟.

شهقت في عدم تصديق وازدردت ريقها هامسة: - كيف عرفت بشأنه!؟.
ابتسم هامسا: - لا يهم كيف عرفت، الاهم هو اني لا اريد سماع اي أمور تخصك من الماضي، نحن هنا يا حياة وحيدان، وانا اعتبر اننا خلقنا منذ اللحظة التي وجدنا أنفسنا فيها احياء على شاطئ تلك الجزيرة، ما قبل ذلك ما عاد يعنينا، لقد ولى بغير رجعة، دعينا نبدأ من جديد، ادم وحياة، فقط...
همست بحرف مرتجفة: - لكن انا اريد ان...

وضع إصبعه على شفتيها مقاطعا استرسالها هامسا: - وانا لا اريد إلاكِ، وكل ما عداكِ هراء..
اضطرب قلبها بين حناياها ليهمس في عبثية متطلعا الي عمق عينيها: - هيا اذهبي، فعلى العروس ان تعد نفسها من اجل ليلة العمر..

هتف بكلماته الاخيرة وهو يغمز بعينه فأمسكت ضحكاتها رغما عنها وابتعدت للخلف خطوة فيبدو ان نوبة مجونه قد حانت وهى لا تأمنه على الاطلاق مما دفعه لينفجر ضاحكا هاتفا بمرح: - ايتها السماء امطري بعضا من الصبر على قلبي المسكين..
وتطلع الي حياة هاتفا في شوق: - ساعات وتغرب تلك الشمس بالافق هناك لتشرق شمسا جديدة داخل ذاك الكوخ، فاستعدي للاحتراق عشقا..

خبأت وجهها بين كفيها حياءً واندفعت هاربة لداخل الكوخ لترتفع ضحكاته التي لاحقتها وهى تحتمي بجدرانه الخشبية من تلميحاته العابثة..

هتفت شادية في حنق: - هل ستجلس هكذا بلا حول ولا قوة!؟، قف افعل شيئا، فأموال السعيد تتسرب من بين أيدينا..
هتف شهاب في ضيق: - وماذا علىّ ان افعل!؟، الا تتشدقين دوما برأسك العبقري وتفكيرك الخارق!؟، اين هما الان!؟.
تطلعت اليه شادية في غيظ تود قتله الا انها صمتت للحظة وهتفت في حماسة: - انتظر وسترى، لن ادع هذا العز، لابد وان يكون لنا نصيبا فيه بأي طريقة..
هتف شهاب متعجبا: - كيف ذلك!؟.

ابتسمت ابتسامة شيطانية صفراء وهمست: - سنقتل السعيد..
شهق شهاب في صدمة ولم يعقب بحرف..

اقتربت الشمس على المغيب ليخرج هو من كوخه متطلعا الى الأفق واستدار موليا ناظريه لباب كوخها فأخيرا حانت لحظة اجتماعهما التي تمناها كثيرا..
قطع تلك الخطوة التي تفصله عن اعتاب الكوخ هاتفا من الخارج: - حياة!؟، هل انت مستعدة!؟.
ترددت ان تجيبه للحظة واخيرا هتفت بصوت متحشرج: - حسنا، نعم، اذهب الي التلة وانا قادمة خلفك..
ابتسم هاتفا: - سأفعل لكن لا تتأخرى رجاءً..

تحرك مبتعدا لتتنهد هى في اضطراب وقلة حيلة، تعلم انها قطعت له وعدا بالموافقة على زواجهما العجيب ذاك لكنها تشعر بتلك اللحظة انها غير مؤهلة لفعل كهذا، وانها تسرعت في الموافقة..

فتحت باب الكوخ ووقفت تتطلع للمغيب بتوتر واخيرا قررت إنهاء الامر والذهاب الي حيث ينتظرها وإتمام ما وعدت به، فلقد انتهى امر الحياة خارج هذه الجزيرة وعليها ان عاجلا او آجلا ان تقبل الحياة بقرب آدم وخاصة ان فرص نجاتهما بعد هذه المدة تكاد تكون معدومة..

كان يضع بعض الأخشاب في تلك الركوة التي اشعل بها النار والتي حاول ان يحافظ على اشتعالها مع وجود نسمات الهواء القادمة من ناحية البحر لكى ينير المكان فقد اوشك الظلام على سدل ستائره..

انتبه عندما شعر بحفيف خفيف يقترب ووقع ناظريه عليها تسير الهوينى لا تجرؤ على رفع نظراتها تجاهه، كان يستشعر اضطرابها ويخيل اليه انه يسمع خفقات قلبها التي اصبحت اشبه بالمطارق كلما زاد اقترابها من موضعه، تنبه من شروده ووقف فى اللحظة التي أصبحت تقف بدورها قبالته، كانت ركوة النيران بينهما وكل منهما على احد جانبيها..
هتف ادم يحاول ترطيب الأجواء المضطربة: - كيف حالكِ!؟، تبدين رااائعة..

لم يكن يجاملها بل كانت الحقيقة، فعلى عكس ما توقع انها قد تحضر بملابس لا تلائم المناسبة على الاطلاق لكنه اضطرب وشعر بخفان عجيب بصدره عندما طالعه محياها بذاك الثوب الوردي من المخمل والشيفون والذي كان يعلم انه من محتويات الشنطة العجيبة التي وجدها، لكنه لم يتوقع ابدا ان يكون بهذا الجمال والروعة وهى ترتديه مع غطاء شعر من محتويات الحقيبة أيضا يتسق تماما مع الثوب..

تطلعت نحوه وهولا يصدق ان تلك الحورية ستصبح ملكه بعد لحظات..
اقترب منها يرفع وجهها لتقابل ناظريه هامسا في مودة تضعف دفاعاتها: - حياة السعيد، ايتها الفتاة العنيدة الفاقدة الرغبة في الحياة، هل تقبلين الزواج بذاك الماجن الذي تاب على يديكِ واصبح اخيرا رجلا لامرأة واحدة..
رفعت ناظريها وابتسمت حياءً هامسة: - رجلا لامرأة واحدة رغما عنه..

قهقه وهمس عابثا: - لم احصل على جواب لسؤالي حتى اللحظة، هل تقبلين بي زوجا حياة!؟.
همست باضطراب وبأحرف متقطعة: - نعم، نعم اقبل والسماء تشهد ايها الماجن..

صرخ في سعادة اجفلتها وهو يقفز عاليا مستشعرا انه ملك في هذه اللحظة الدنيا وما فيها لكن حاله تبدل اللحظة التالية ليقترب منها في هوادة وهو يمد كفيه في خفة ليحتضن خصرها النحيل مقربا إياها منه متنهدا في شوق هامسا: - وأخيرا استطعت ان أضع يدا عليكِ واقسم ان لا ارفعها ابدا..

تطلعت الى عمق عينيه ترتجف في سعادة ممزوجة برهبة عجيبة وهو يهمس مستطردا وقد ارتفعت كفيه لتحتضنا وجهها: - فانا كالمحتل الذي يرفض الجلاء عن مستعمراته مهما تظاهرت الشعوب وشجبت الحكومات...
لثم جبينها في عشق ومنه لأرنبة انفها في محبة وما ان هم بالحصول على مبتغاه ظافرا بالشهد المصفي على بوابات الثغر المقدس حتى انتفضت حياة مبتعدة..

تطلع اليها في تعجب فقد كان مأخوذا تماما بتلك الجنة التي كان على أعتابها لدرجة انه لم ينتبه لسبب ذعرها وابتعادها عنه بهذا الشكل متطلعة للسماء وعيونها شاخصة واخيرا بدأت في الصراخ والقفز بشكل هستيري ليدرك تماما ان ما تمناه ذهب ادراج الرياح.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة