قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية السماء تشهد أيها الماجن للكاتبة رضوى جاويش الفصل الحادي عشر

رواية السماء تشهد أيها الماجن للكاتبة رضوى جاويش الفصل الحادي عشر

رواية السماء تشهد أيها الماجن للكاتبة رضوى جاويش الفصل الحادي عشر

هبطت تلك الطائرة الخاصة اخيرا بموضع هبوطها بأحد المطارات ليهبط منها ادم تتبعه حياة، كان كل منهما لايصدق انه نجا وعاد للحياة المدنية من جديد، كانت تتطلع حولها في اضطراب لكن هو لم يكن يتطلع الا الى الفرصة الضائعة التي ذهبت مع الريح ما ان صرخت وهو على اعتاب جنتها تلوح كالمجنونة لتلك الطائرة التي ظهرت بالسماء من العدم والتي كانت مكلفة للبحث عنهما..

تمنى لو يعرف من أرسل تلك الطائرة وفى هذا التوقيت بالذات حتى يقتص منه بأبشع الطرق المتعارف عليها والمجهولة على حد سواء..
هبطوا جميعا ليجدوا عدة سيارات في انتظارهما، من هؤلاء!؟، تساءل في نفسه وجاءت الإجابة على لسان ذاك الرجل الذي ترجل من داخل احدى السيارات هاتفا في ترحاب بدا مصطنع له: - حمد لله على سلامتك يا حياة، كم ستسعد عودتك جدك المسكين..
هتفت حياة في لهفة: - هل جدي بخير!؟.

تنهد هاتفا في حزن خيل لأدم انه لا يحمل اى لمحة حزن حقيقية: - سيكون بخير ما ان يراكِ ويتأكد ان طفلته الغالية بافضل حال.
واخيرا، وكأنما انتبه مهنى لوجود ادم فهتف متسائلا: - من هذا!؟.
كادت ان تجيب حياة الا ان ادم هتف مؤكدا في ثقة: - انا زوجها...

تطلعت اليه حياة وكذا مهنى الذي نقل ناظريه الي حياة متسائلا الا ان ادم هتف به في حنق: - لا اعتقد ان الامر يحتاج الي تأكيد من قبلها، نعم انا زوجها، هل لديك مانع!؟.
هتف مهنى في برود: - على الاطلاق، ولما أمانع امرا خاصا كهذا!؟، هذا شأنها..
ثم اشار للعربة هاتفا: - تفضلا..
صعدا العربة فتطلعت حياة الى ادم هامسة في ضيق: - لما أخبرته بانك زوجي!؟، نحن..

قاطعها هامسا في حزم: - نحن ماذا!؟، نحن زوجان امام الله، هل تنكرين!؟.
همست باضطراب: - لكن، اقصد انه..
لم تجد ما يمكنها قوله فالأمر برمته لا يصدق فالتزمت الصمت حتى وصلا لبوابة تلك الفيلا العتيقة الأشبه بالقصور القديمة، تطلع ادم حوله في استحسان بينما انصبت نظراتها عليه وعلى ردة فعله تجاه تلك الفخامة التي يطالعها في كل شبر حوله..

توقفت السيارة امام باب الفيلا الداخلى والذي انفرج فجأة لتندفع من الداخل ابنة خالتها نهى لترتمي بأحضانها باكية ما ان طالعها محياها صارخة في سعادة ممزوجة بالدموع: - حياة، واخيرا انت هنا وعلى قيد الحياة، كاد ان يموت جدى حزنا عليكِ، لم نصدق ابدا انك رحلتي هكذا، أرسل عدة طائرات للبحث عنكِ واخيرا ها انت هنا، لكم افتقدتك!؟.
هتفت حياة باكية في شوق: - وانا افتقدتك كثيرا وأموت شوقا لرؤية جدي..

همت حياة بالاندفاع للداخل الا ان نهى همست متطلعة لآدم متسائلة في فضول: - من هذا حياة!؟.
تقدم ادم نحوهما في ثقة ما ان استشعر ان الكلام يدور حوله، مادا كفه للتحية هاتفا: - انا ادم عبدالخالق زوجها..
هتفت نهى في تعجب متطلعة لحياة: - زوجك!؟.
همست حياة باضطراب: - نعم، انه، هو..
مالت نهى نحو حياة غير مدركة لاضطرابها هامسة في عبث كعادتها: - انه رائع، لقد تحسن ذوقك كثيرا..

اطلقت حياة سبابا داخليا لمزاح ابنة عمتها والذي يأتي دوما في غير موضعه واندفعت باتجاه حجرة جدها الذي اشتاقته كثيرا ليلحق بها كل من نهى وآدم وكذا مهنى..

دفعت حياة باب الغرفة في لهفة لتجد جدها السعيد ممددا على فراشه حيث كان ينتظرها في لهفة تنبهت ممرضته التي لا تفارقه لتخرج من الغرفة تاركة حياة ومن تبعها والتي كانت تتطلع للجسد المسجي لجدها والذي وجدته لمرضه وتلك الأدوية التي يتناولها وكذا بحكم سنه قد أخذته سنة من نوم فغفا رغما عنه..
اقتربت حتى جلست على طرف الفراش في هدوء وانحنت هامسة بالقرب من أذنه: - جدي، انا حياة، انا هنا، لقد عدت..

وكأنما كانت كلماتها اشبه بكلمة السر، انفرجت عيناه في تؤدة متطلعا اليها في عدم تصديق هامسا في سعادة: - حياة!؟، هل هذا انتِ حقا ام انني أهذي!؟.
مدت كفها تتلقى كفه بين كفيها هامسة والدموع تنساب على خديها: - نعم انا حياة يا جدي، اطمئن انا بخير..
فتح العجوز ذراعيه لها لتندفع على صدره تبكى في اشتياق لدفء احضانه التي افتقدتها كثيرا..

تطلع العجوز للأشخاص الذي ظهروا لتوهم في مجال رؤيته ووقعت عيناه على نهى ابنة ابنته الراحلة وكذا مهنى محاميه ومدير أعماله، واخيرا ذاك الشاب المجهول الذي كان يقف بثبات..
همس متسائلا وهو يشير برأسه لآدم الذي كان يبدو في ملابسه المهترئة من جراء استخدامها طوال مكوثه بالجزيرة وكذا لحيته الذي استطالت اشبه بأحد قطاع الطرق: - من هذا حياة..!؟.

رفعت رأسها عن صدره ومسكت دموعها في اضطراب ولم تجب ليهتف ادم للمرة الثالثة على نفس السؤال الذي لم يجب غيره منذ عودته: - انا زوجها سيدي..
اعاد السعيد ناظريه ليقعا على حياة هاتفا في سخرية لا يمكن إغفالها: - وغد اخر تضيفينه للقائمة، ألم تكتفِ يا حياة!؟.
أشاحت بناظريها بعيدا في حرج ولم تجب بينما انفجرادم مقهقها مع تعجب الجميع وهتف في أريحية شديدة: - وهذا لقب جديد اخراضيفه انا ايضا للقائمة..

تجاهل السعيد مزاحه متسائلا: - متى حدث الزواج!؟.
كادت ان تهتف حياة بحقيقة زواجهما الا ان ادم كان الأسرع كالعادة هاتفا: - كان زواجا عرفيا لكن ضاعت الاوراق في الحادث، و..
قاطعه السعيد باشارة من كفه وتطلع للجميع مشيرا للخارج امرا: - كلكم بالخارج..
واكد مشيرا لآدم الذي هم بتنفيذ الامر مثلهم: - الا انت، فلتبق..

كانت حياة تعتقد انها ستبقى بدورها الا ان جدها ربت على كفها هامسا: - وانتِ ايضا يا حياة، اتركيني لحالي مع هذا الادم..
اطاعت حياة دون رغبة منها تاركة جدها مع ادم وحيدا لكنها ازعنت للامر وخرجت مغلقة الباب خلفها..
مر بعض الوقت والكل بالخارج في انتظار أمر جدها للعودة مرة اخرى لداخل الغرفة التي اخيرا انفرج بابها ليشير لهم ادم بالدخول من جديد..

ما ان تراصوا جميعا امام جدها حتى هتف امرا مهنى: - اذهب واحضر مأذون لعقد قران حياة على ادم، هيا..
واشار لنهى امرا: - وانتِ اكدي على الخدم تحضير الغرفة الرئيسية من اجل حياة وزوجها..
هتفت حياة في اعتراض: - لكن يا جدي، انا..
هتف جدها في حزم: - انتِ ماذا!؟، الم تتزوجا وكنتِ بمفردك وحيدة معه على جزيرة خالية من البشر لمدة أسابيع..!؟.

اومأت دون اجابة لانها لا تعلم من الأساس بما تجيبه ليستطرد جدها: - اذن لا محالة من اشهار زواجكما..
ابتلعت لسانها وما عاد يمكنها الأعتراض على ما اقره جدها ليستكمل اوامره ونواهيه هاتفا: - هيا اذهبي لتتحضري لعقد قرانك..

وأشار لآدم هاتفا بلهجة صارمة: - وانت، اخبر مهنى اين يمكنه الذهاب ليحضر هويتك الشخصية لعقد القران ولتبق هنا حتى يمكنك الحصول على زي مناسب من خزانة ملابس ولدي باهي والد حياة، فقد كان يماثلك تقريبا في الطول والبنية، رحمه الله..
أطاع ادم دون ان ينبس بكلمة بينما تحرك الجميع مغادرين الغرفة ماعداه وقد شعر ان حلمه الضائع في امتلاك حياة البارحة قد عاد ملك يديه من جديد..

تم عقد القران في هدوء داخل غرفة الجد ولم تطلق الخادمة الا بعض الزغاريد على استحياء اعلانا لإتمام العقد..
انسحب مهنى بالمأذون راحلا وكذا نهى الى حجرتها بينما ظلت حياة تقف على استحياء لا تدري ما عليها فعله ليهتف جدها بها امرا: - هيا، اذهبي بزوجك لحجرتكما، زواج مبارك..

واشار لآدم هاتفا بلهجة صارمة: - وانت، اياك وغضبي، فلو شعرت بانك قد اساءت بأي شكل لحفيدتي الغالية، صدقا لن ارحمك، لايغرنك وهني فانا قادر تماما على ذلك..
اومأ ادم برأسه متفهما ولم ينبس بحرف ليشير لهما الجد بالرحيل..
تحركا في اتجاه غرفتهما، كانت حياة تسير بأرجل متخشبة باتجاه الحجرة الذي تم اعدادها لتشاركها مع ذاك الذي اصبح قدرها مؤخرا واصبح زوجها منذ دقائق بزواج رسمي حقيقي..

فتحت الباب ودلفت للداخل تاركة اياه خارجه ولم تدعه للدخول، ابتسم هاتفا وهو يدخل ورائها ويغلق الباب خلفه: - اخيرا..
انتفضت هاتفة متطلعة اليه في صرامة: - اخيرا ماذا..!؟.
اقترب منها فاعتقدت انه في سبيله لممارسة حيله الماجنة الا انه تجاهلها تماما وألقى بجسده فوق الفراش دفعة واحدة هاتفا في سعادة: - اخيرا سأنام مرة اخرى على فراش وثير بعد ذاك الفراش من القش بكوخ الجزيرة..

على الرغم من الراحة التي اعترتها لمقصده الا انها وللعجب شعرت ببعض الغضب لتصريحه ذاك فهتفت في ضيق حاولت مداراته: - فلتنعم به على اتساعه، فانا..
انتفض مقتربا منها هامسا بمجون: - فانتِ ماذا!؟، كنتِ اكثر من راغبة البارحة ونحن نلق وعود الزواج وصيغته المقدسة..

همست تحاول السيطرة على ارتجاف صوتها: - كان ذلك البارحة، كانت هناك ضرورة، والان انتفت وما عاد زواجنا له اي هدف، وجدي لم يعقد قراننا الا لانك أخبرته اننا تزوجنا بالفعل وكذلك لانني بقيت معك فترة طويلة بالجزيرة وحيدة وانا امرأة ولها سمعتها، هذا يعني شيء واحد ان ذاك الزواج مجرد زواج مؤقت يمكن إنهائه بأي لحظة وفي الوقت المناسب لي..

هتف ناظرا بعمق عينيها هامسا في ثبات وبلهجة ساخرة كعادته: - اي كان يا حبيبة جدك، هذا زواج صحيح وانا لي الحق في كل ما يشمله العقد من مزايا، وانا لا أتنازل عن حقوقي ابدااا..
هتفت في حنق: - اي حقوق!؟، انا لن امنحك اي حق دون رغبتي وجدي قادر تماما على التفاهم معك في هذا الشأن، انا متاكدة ان بعض المال يمكن ان يحيد ناظريك عن حقوقك المزعومة، أليس كذلك..!؟

كانت تعتقد انه سيثور لكرامته اوحتى يغضب لما ترميه به من تهم ليس لها ادلة لكنه على العكس تنهد في حيرة مهمهما: - هذا العرض يحتاج لذهن صافِ للتفكير لكن الان انا بحاجة شديدة لنوم عميق على فراش وثير، تصبحين على خير يا بطتي..
هتفت بغيظ: - لا تناديني بهذا اللقب الاحمق مرة اخرى!؟.
تمدد في أريحية ضاما كفيه اسفل مؤخرة رأسه هاتفا: - ومنذ متى اطعتك في امر ما!؟، ثم انا ادلل زوجتي كما يحلو لي، يا بطتي..

ألقي باللقب الكريه مرة اخرى مغيظا واستدار موليا ظهره كانما يقطع اي فرصة في التواصل بينهما مما جعلها تتجاهله بدورها وهى تتجه الي تلك الأريكة الموجودة على الجانب الاخر من الحجرة لتتمدد عليها بدورها وتغرق سريعا في نوم عميق افتقدته لليال طويلة..

طرقات سريعة على باب حجرتهما ايقظتهما بالكامل ليستوعب كل منهما موضعه، اندفعت حياة لتفتح الباب غير عابئة بانهما لايزالا بملابس الامس ولم يبدلاها..

انفرج الباب لتطالعها نهى باضطراب
هاتفة: - جدي متعب للغاية ويطلبكما..
انتفض ادم من الفراش ليلحق بحياة وهى تهرول لحجرة جدها، توقفا امام الفراش ليطالعاه شاحب الوجه على نحو مخيف وأنفاسه تتابع في سرعة غير معتادة..
هتفت حياة وهى تجلس جواره على طرف الفراش تضع له قناع الأكسجين تطمئنه رغم ذعرها: - اطمئن يا جدي، ستكون بخير..

هتفت نهى في حنق: - لقد اعتذرت الممرضة التي كانت تلازمه عن مجيئها اليوم والممرضة البديلة تأخرت كثيرا فقد كان من المفترض تواجدها هنا منذ اكثر من ساعة، وطبيبه المعالج هاتفه لا يرد..
ساتصل بالعم مهنى ليتصرف..
هتف ادم معترضا: - لا اتصالات ولا انتظار للطبيب، سنذهب به للمشفى على وجه السرعة..
همس الجد في وهن من خلف قناع الأكسجين: - لا داعِ..
هتف ادم مؤكدا: - بل هناك الف داعِ، هيا علينا الإسراع..

هتف ادم امرا نهى باحضار العربة امام باب الفيلا فأطاعته في سرعة وابعد حياة عن طرف الفراش الذي تسمرت عليه في هدوء رابتا على كتفها مطمئنا، وانحنى يحمل الجد الذي كان جسده خفيفا واهنا يدعو للشفقة..

اندفع به ادم في اتجاه العربة وخلفه حياة ارقد ادم جسده بالمقعد الخلفي في هدوء و جلست حياة جواره بينما ادم اندفع خلف عجلة القيادة بجوار نهى التي كانت تحفظ الطريق الى المشفى الذي وصلوا اليه في غضون الخمس دقائق..
صرخ ادم عندما وصل الاستقبال ليندفع الجميع باهتمام بالغ حاملين الجد لداخل المشفى للقيام بالازم..

استقبلهم الطبيب المعالج بعد معاينته حالة الجد معتذرا: - انا اسف لتأخري عن القدوم عندما استدعتني آنسة نهى، كنت بغرفة العمليات، أحسنتم صنعا بإحضاره الى هنا، فالوقت كان فارقا بالفعل..
تطلعت حياة الى ادم نظرة ممتنة بينما هتف هو متسائلا في اهتمام حقيقي: - هل سيكون بخير!؟.

اكد الطبيب: - لقد تعرض لازمات متتالية اثرت كثيرا على وضعه العام في الفترة الأخيرة، بالمناسبة، حمد لله على سلامتك سيدتي، لقد كان غيابك واحدا من أسباب تأخر صحته، لكن عدت بخير ونرجوا ان يكون ذلك حافزا له ليعتني بصحته بشكل افضل..
دمعت عينا حياة تأثرا ليستطرد الطبيب في مهنية: - نرجو ان يمر الامر بسلام، لو مرت الليلة على خير سيكون الوضع مطمئنا، دعواتكم لأجله..

انصرف الطبيب لتنزوي نهى جانبا في حزن بينما انسابت الدموع على وجنتىّ حياة ولم تنبس بحرف واحد..
ربت ادم على كتفها وهمس مطمئنا: - سيكون بخير باذن الله..

وقفت تتطلع في تيه لجسد جدها المسجي على فراشه بين الاجهزة الطبيبة من خلف زجاج غرفة العناية المركزة وهمست في وجع: - ماذا لو رحل!؟، كيف سيمكنني العيش دونه!؟، انه، ان جدي بعد رحيل والدينا انا ونهى في حادث السيارة المشؤوم ذاك وهو كل حياتنا، لم يدخر وسعا في إسعادنا بكل ما يملك..

ورفعت ناظراتها الدامعة اليه في هشاشة هامسة: - اوتعلم!؟، لقد كنت المفضلة له دوما، لكنني بعد كل ما فعله لأجلي خزلته، أذقته مرارة ووجعا لا يقل عن وجع رحيل والديا، أشعرته انه فرط في أمانتهما، ومع ذلك، ظل دوما هو الحصن، هو الصرح الذي اختبئ خلفه من خطوب الدنيا ونوائبها، كان هو..

وانقطع استرسال كلماتها لتشهق في وجع وبغصة عالقة بحلقها هامسة: - كان الصديق الأوحد، فماذا لو رحل!؟، ماذا سيحدث لحياة من بعده اذا ما انهار صرح الحماية!؟، سُيهتك غطاء الستر، سأموت حتما..

شهقت من جديد منتحبة ليجذبها نحو صدره لاواعيا ضاما إياها بين ذراعيه مطبقا عليها باحضانه يود لو ينتزع ذاك الوجع من بين أضلعها محلا اياه بفرحة لا تقدر وهمس مؤكدا في صوت متحشرج: - سيكون بخير ولن يمسك سوء طالما انا هنا، اطمئني..
ظلت تبكي باحضانه لفترة ولم يفلتها حتى بدأت تهدأ قليلا، اجلسها على احد المقاعد واحضر لهما هي ونهى الباكية بدورها بعض المشروبات المنعشة حتى تهدأ كلتاهما..

قرر ادم عودتهما للفيلا وبقائه هو بجوار جدهما السعيد الا ان حياة ابت الرحيل وأصرت على البقاء معه وتحت ضغط تشبثها بالبقاء ازعن لطلبها لترحل نهى لتنال قسطا من الراحة حتى يتم التبادل بينهما..
مرت الساعات كئيبة وثقيلة ولا جديد يذكر في حالة الجد، كانت حياة قد غفت رغما عنها على احد المقاعد بينما ظل هو على حالة من الترقب لما قد يحدث وخاصة بعد ان اخبره الطبيب سرا ان الحالة لا تدعو للتفاؤل على الاطلاق..

اقترب منها مدثرا إياها بسترة ابيها التي كان لايزل يرتديها منذ البارحة فتشبثت بها من بين همهمات غفوتها تضمها اليها فاعتصر الوجع قلبه على هيئتها الباعثة للشفقة..

عاد لموضع وقوفه السابق يتطلع الي الجسد الواهن عبر الزجاج لتقفز الى مخيلته ذكرى شبيهة وموجعة، دمعت عيناه رغما عنه لمرور طيف الحدث بمخيلته الا انه استفاق فجأة منتفضا على صوت صفير من جهاز ما بالداخل جعل الأطباء يهرعون للغرفة لتنتفض حياة بدورها فزعة للحركة المرتبكة حولها مندفعة تقف لجواره تتطلع من خلف الزجاج لمحاولتهم إنعاش قلب جدها الذي توقف عن النبض يكاد يقف قلبها بدوره، وما ان ادركت توقف الأطباء عن محاولة إنعاش قلبه حتى ادركت أنها النهاية..

اتسعت رقعة السواد امام ناظريها واضحت بحجم الكون لتسقط فاقدة الوعي بين ذراعي المدعو، زوجها..

مر العزاء في هدوء وما ان اوشك على الانتهاء برحيل معظم المعزين حتى طل شهاب الذي اندفع باتجاه حياة هامسا في مداهنة: - البقاء لله، وحمدا لله على سلامتك فلم اعلم بعودتك الا مع علمي بخبر الوفاة..
انتفضت حياة ما ان طالعها محيا ذاك الحقير هاتفة في حدة: - ما الذي أتى بك الا هنا!؟.

هتف شهاب في هدوء: - وكيف لا أكون بجوار زوجتي العزيزة في مثل ذاك الظرف القاسي!؟.
هتفت بحنق: - زوجتك!؟، هل تمزح!؟.
هتف شهاب في ثبات مقيت وابتسامة صفراء على شفتيه: - أولم يخبرك جدك اني رددتك لعصمتي قبل انتهاء العدة عندما كنتِ بالمشفى!؟.

تطلعت حياة اليه في صدمة ولم ترد ليدخل ادم في تلك اللحظة وقد انتهى لتوه من توديع اخر المعزين من الرجال ليعود لداخل الفيلا ليطالع ذاك المشهد الصاخب، اندفع باتجاه شهاب متسائلا في حدة: - من يكون هذا!؟
هتف شهاب ساخرا: - على انا ان أسالك هذا السؤال.!؟.
هتف ادم في حدة من جديد: - انا زوجها، من تكون..!؟.
قهقه شهاب في سخرية لا تتناسب والوضع الراهن هاتفا: - وانا ايضا للمصادفة العجيبة زوجها..

اندفع ادم محكما قبضتيه على ياقة قميص شهاب يهزه متحدثا اليه من بين اسنانه في غضب مكبوت: - اسمع يا هذا، اي كانت نوعية تلك الألاعيب القذرة التي تقوم بها فهى لن تجعلني اتواني عن قتلك بدم بارد ما لم تغرب عن وجهي اللحظة ولا تريني اياه مرة اخرى ما حييت، هل فهمت!؟.

اضطربت ثقة شهاب في قدرته على احداث فارق ما بإعلانه ذاك الخبر الصادم والذي سيجعله قادرًا على المكوث معها والاستفادة من كل هذا العز والفخامة فهتف مدعيا الحنق: - زواجكما باطل، فهى لاتزل زوجتي، ولن أتنازل عنها ما حييت..
دفعه ادم بعيدا قبل ان يتهور ويقوم بقتله بالفعل هاتفا في ثورة: - ارحل الان قبل ان أنفذ تهديدي ايها الاحمق..

اندفع شهاب للخارج في سرعة ليتطلع ادم لحياة التي كانت تقف كتمثال بلا حراك واخيرا تطلعت اليه بدورها نظرة مفادها، الم اخبرك ان موت جدي سيزيح عنا غطاء الستر وسيجر علينا الكثير، اندفعت للأعلى تاركة اياه يغلي غضبا لظهور هذا الشهاب مدعيا انه زوجها مما اثار بداخله مشاعر كفيلة بحرق الأخضر واليابس..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة