قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية السماء تشهد أيها الماجن للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثالث

رواية السماء تشهد أيها الماجن للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثالث

رواية السماء تشهد أيها الماجن للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثالث

صعد الجميع الى الحافلة التي ستقلهم الى روما بعد انتهاء جولاتهم بنابولي، تأكد ادم من راحة المجموعة وان له ان يستريح قليلا قبل وصولهم، تطلع حوله باحثا عن مقعد وكالعادة لم يكن هناك مقعد فارغ الا بجوارها فلقد كانت المجموعة عبارة عن أزواج ومنهم من كانوا حديثي الزواج يقضون شهر العسل في تلك الجولة حول إيطاليا..

دفع بجسده على المقعد المجاور لها متجاهلا إلقاء التحية فانتفضت هى من شرودها بتلك المناطق الخلابة عبر النافذة، كظمت غيظها وقررت تجاهله تماما وخاصة انه جذب قبعته الرياضية التي يفضّل ارتدائها دوما لتغطي اعلى وجهه معلنا رغبته في الراحة والنوم قليلا..

امتعضت متأففة وهى تتساءل في نفسها: - بالتأكيد لم يحصل على القدر الكافِ من النوم البارحة، ترى مع أيهن كانت سهرته!؟، الصهباء ام الشقراء!؟، ام ربما امرأة جديدة، حسناء تعرف عليها في اي من الأماكن التي يرتادها!؟.
على اي حال هو لا يعدم وجود امرأة جواره على استعداد تام لتنفيذ أمنياته وهى اكثر من راغبة..

مرت الدقائق وعادت لشرودها من جديد متناسية ذاك الجالس جوارها لكن ثقل ما جثم على كتفها الأيسر جعلها تنتفض موجهة نظراتها الي تلك الرأس الملقاة على عاتقه، ارتجفت كليا وهى تراه يغط في نوم عميق غير مدرك ان رأسه قد انحدرت من مسندها الطبيعي على ظهر مقعده لتجد لها موضعا اخر ربما اكثر راحة، تسمرت وما كان لديها الجرأة لإيقاظه، تململ لتسقط قبعته لتختفي بمكان ما اسفل قدميه لتصبح ملامح وجهه المستكينة في تلك اللحظة على غير عادتها سهل التطلع اليها والتفرس فيها دون خوف من ملاحقة نظراته العابثة..

كانت ملامح عادية في تقديرها، ملامح رجل شرقي بامتياز، قسمات حنطية وجبهة عريضة وأنف افطس قليلا وذقن مدبب بعض الشئ عند نهايته التي تحمل طابعا للحسن، لا شئ يميز ذاك الوجه العادي والذي يثير إعجاب الأخريات الا عينيه والتي لحسن الحظ تطبق أجفانها وتسدل ستائرهما حالياعلى تلك النظرات التي تشع مكرا ودهاء ويلوح من خلف بريقهما عبثا ومجون لا يمكن ان تخطئهما عين أنثى، همست داخلها مؤكدة انطباعها الاول عنه: - مجرد رجل عادي لا يستحق تلك الجلبة التي تحدثها الحمقاوات، انه..

انتفضت وكتمت شهقة كادت ان تندفع من بين شفتيها عندما انفرجت تلك الجفون الناعسة معلنة عن تلك النظرات التي وقعت عليها فارتجفت في اضطراب حتى انها لم يكن لديها حسن التصرف الكافي لتتظاهر بانها كانت على وشك إيقاظه لان كتفها قد ناء بحمل هامته..

تطلع لموضع رأسه على كتفها والتي لم يرفعه مبتعدا بعد وهى يسربلها اضطرابها كليا، رفعه في هدوء مبتعدا وهى لاتزل على ترتجف توترا وهمس وكأن شيئا لم يحدث متسائلا وهو يبحث حوله: - اين قبعتي!؟.
اشارت الي حيث انحدرت القبعة دون ان تهمس بحرف واحد، انحنى باحثا عنها ليجدها على مقربة من قدمها فهتف من مكانه بالأسفل: - هل تسمحين بإبعاد قدمك قليلا للوراء!؟.

نفذت في سرعة ضامة قدمها الي ما اسفل المقعد لتطال يده القبعة اخيرا، نفضها بشكل تلقائي ودفع بها على هامته من جديد وعاد ليسند ظهره لمقعده في أريحية عجيبة، تطلع نحو مرافقيه ليجد زوجين يتبادلان الهمس في عشق فهتف في سعادة وبإنجليزية متقنة: - ما اروع الحب!؟.

تطلعت اليه وكذا الزوجان ليبتسما له في سعادة بينما همس وهو يميل بالقرب منها هامسا بسخرية: - الحب!، الخديعة الكبرى وسبب تعاسة البشرية، ألا تعتقدين ذلك!؟
تطلعت اليه هامسة: - اتحدثني!؟.
همس ساخرا: - هل أبدو لك كأخرق يمكن ان يسأل نفسه وينتظر منها الإجابة!؟، بالتأكيد أسألك!؟.
همست مترددة: - اعتقد انك على حق، لا يوجد ما يمكن ان ندعوه حبا، اعتقد انه خرافة..

هتف مستحسنا: - احسنتِ يا فتاة، ها نحن نتشارك اخيرا نفس الرأي، الحب حالة من العته والتيه تصيب الشخص العاشق ليأخذ بملء ارادته قرار اعتقال للأبد في حق روحه وسعادته، ألا لعنة الله على ذاك القلب الخائن الذي يسلم صاحبه لسجانه!.
وتطلع اليها من جديد هامسا: - اولست محقا!؟.
هزت رأسها في إيجاب هامسة: - بلا، محق تماما، فالحب في الأرض بعضا من تخيلنا لو لم نجده عليها لأخترعناه، هكذا قال شاعر الحب نفسه..

هتف ادم في سعادة: - مرحى له ولكِ يا فتاة، يبدو انك انضج كثيرا مما ظننت..
هتفت في حنق: - ماذا ظننت!؟.
تجاهل الرد على سؤالها واندفع ليقف بمقدمة العربة معطيا بعض التفاصيل عن الرحلة مع بعض المرح والمزاح كما هى عادته...

وصلوا لروما وتنبه الجميع لتلك الآثار المتناثرة هنا وهناك على طول شوارع العاصمة العريقة وعرضها..
وقفوا امام الفندق وبدأ كل زوج في التوجه لغرفته لكن قبل ان يتفرق الجمع هتف بهم ادم مؤكدا: - ميعاد اجتماعنا بعد وجبة الغذاء ستجدون الحافلة الخاصة بِنَا بانتظاركم خارج الفندق، ارجوا الالتزام بالمواعيد..

تفرق الجمع على وعد بالتجمع في الوقت المناسب وما ان همت هى بالصعود لغرفتها حتى سقطت نظراتها عليه وهو يقف متحدثا مع احدى فتيات الاستقبال وهي تضحك في أريحية فقد استطاع ان يأسرها كما هو المعتاد..
تمتمت في غيظ وهى تتجه للمصعد: - ماذا يفعل لهن بحق السماء!؟.
واستطردت لنفسها: - لابد وانه يستخدم سحر ما يجذب اليه هؤلاء النسوة بذاك الشكل المستفز وكانه زهرة يتزاحم عليها سرب من نحل..

وقفت بانتظار المصعد وما ان وصل ودخلته متنفسة الصعداء مبتعدة عن مشاهدة غراميات ذاك الرجل حتى وجدته يدفع بنفسه لداخل المصعد قبل ان تهم بغلقه، شهقت في فزع وهى تتقهقر للخلف لاندفاعه الغير محسوب ذلك..
امسكت لسانها باعجوبة عن الإفصاح بما يعتمل بصدرها لكنه لم يعبء لفعلته للحظة وكأنه حدث عادي وهتف مدعيا التهذيب: - الي الطابق الرابع مثلي!؟ أليس كذلك!؟.

هزت رأسها ايجابا محاولة تجاهل الرد عليه لكن لسانها رد لاأراديا: - لسوء الحظ..
لم يجب لردها ولكنه استدار متوجها اليها بكليته واخيرا انفجر ضاحكا ضحكة قوية مفعمة بالرجولة كانت كافية وزيادة لتنكمش داخل ذاك الصندوق الضيق الذي يصعد بهما لوجهتهما..

اشارالمصعد للوصول لطابقهما المشترك وانفرج بابه ليخرج هو جارا حقيبته لتتبعه هى باحثة بناظريها عن رقم غرفتها فوق الأبواب المتراصة خلف بعضها، كان فندق يعتمد فالأساس على خدمة العميل لنفسه دون اضافة عمالة زائدة، وقع ناظرها على رقم قريب من رقم المفتاح الذي تحمله فتتبعته بهدوء حتى وصلت لباب غرفتها ليهتف ادم الذي كانت قد نسيت وجوده وهى مندمجة في البحث عن حجرتها: - ها قد عثرتِ على غرفتك، وانا كذلك عثرت على غرفتي سريعا لكنها على الجانب الاخر من المصعد...

لم ترد فهتف مشاكسا ومقتبسا ردها: - لسوء الحظ..
وابتعد مبتسما وما ان وصل لباب غرفته التي كانت قريبة من المصعد بالفعل حتى لوح لها بكفه ودخل الغرفة، لتحذو حذوه وتندفع لغرفتها حتى تستطيع اخذ حماما سريعا والاستعداد للغذاء وتلك الجولة التي وعدهم بها..

نزلت للمطعم فقد كانت تتضور جوعا بالفعل لكنها وجدته مكتظا لا مكان لقدم وكل الموائد مكتملة العدد، جالت بناظريها لعلها تجد مكانا تستطيع الجلوس فيه لتتناول طعامها سريعا حتى لاتتأخر عن موعد الحافلة لتجده هناك بذاك الركن البعيد يشير لها في أريحية لتجلس بمصاحبته على الطاولة، حاولت تجاهله بالفعل لكن معدتها اصبحت تقرقر جوعا وما ان همت بالتوجه لموضعه متغلبة على رغبتها الداخلية بعدم الذهاب وتجاهل إشارته الا وتوقفت رغما عنها عندما تخطتها تلك الشقراء الفاتنة واتجهت نحو طاولته، شعرت ان الارض تكاد ان تنشق لتبتلعها حرجا وقد ايقنت انه لم يكن يشير لها من الاساس بل الي فاتنته تلك، كادت ان تفقد صوابها وتتجه نحوه لقتله بدم بارد وليكن ما يكون الا ان طاولة قريبة منها قد نهض شاغليها فاندفعت لتجلس وقد قررت ان تتناول طعامها اولا ولتأجل القصاص من ذاك الاحمق فيما بعد..

سارت خلفه ومجموعتها وهم يتخطون احد مداخل الكلسيوم الثمانين، ذاك المبني الاروع بروما والذي يعده البعض احد عجائب الدنيا، وقف ادم ووقف الجمع بدوره ملتفين حوله وهو يشير بكفه للصرح ككل هاتفا: - هنا تكمن عظمة الحضارة الرومانية، ذاك الصرح والذي عبرنا للتو احدي مداخله الثمانين يعد أعجوبة بحق، ما ترونه الان هو احد المسارح الرومانية قديما وهو الان يعتبر مسرح لنا يعرض الحياة الرومانية بكل تفاصيلها في تلك الحقبة الزمنية..

واشار لوسط ذاك البناء هاتفا: - في تلك الحلبة كان يتم إعدام المتهمين وتصوير المعارك الحربية والبحرية محاكاة للواقع..
شهق احد مرافقيه: - حقا!؟.
اكد بايماءة من رأسه: - نعم، وكذلك كانت مسرح للكثير من مباريات المصارعة، سواء ما بين العبيد وبعضهم البعض اوالعبيد والحيوانات الضارية كنوع من انواع المتعة..
هتفت حياة في صدمة: - متعة!؟.
اكد هاتفا في تأكيد: - نعم، متعة..

واشار للطابق الاول من الثلاث طوابق المكونة للمبنى مؤكدا: - هناك كانت مقصورة الملك وحاشيته حتى يكونوا الأقرب لحلبة المصارعة وعلى احد جانبيها مقصورة رجال الدولة وعلى الجانب الاخرمقصورة عذراوات فيستا..
تطلع اليها لتتجاهل نظراته ليهتف احدهم متسائلا: - من هُن عذراوات فيستا!؟.

ابتسم مفسرا: - هُن كاهنات معبد الاله فيستا، وكان لهن مكانة خاصة ومنزلة رفيعة فكل واحدة منهن قدمت حياتها كقربان لخدمة الاله وشرط قبولها هوالاحتفاظ بعذريتها وعدم الزواج للأبد..
ابتسمت احدي الزوجات وهى تتطلع لزوجها متعلقة بذراعه في عشق متسائلة: - ومن تخالف ذلك بدافع الحب، ما مصيرها!؟.
اكد مبتسما: - للاسف تحرق حية جزاء على خيانتها عهدها مع الاله..

شهقت المرأة بينما اندفعت حياة مؤكدة في تهور: - اعتقد انها تستحق مصيرها، لا لانها خانت تلك الآلهة المزعومة ولكن لانها صدقت دعاوى الحب الكاذبة من رجل ما..
قهقه ادم متطلعا اليها: - اعتقد انك على حق، فنحن الرجال كثيروالعهود قليلو الوفاء بها.

وعاد للشرح من جديد: - الكوليسيوم سعته ما بين خمسين الى ثمانين الف فرد، الكل من عامة الشعب يأتي لمشاهدة المصارعات، حتى ان هناك من احترف المصارعة كمهنة في تلك الأيام فيما يسمي بالمحارب او الجلاديتور، ويقال ان هذا الصرح قد شهد التعذيب والتنكيل بالمسيحيين الأوائل والذين كانوا يُلقى بهم لمصارعة الأسود الضارية بتلك الحلبة..

شهق البعض تعاطفا ليتحرك ادم بهم في جولة حول المكان مشيرا هنا وهناك حتى ظهر عليهم الإنهاك فأشار عليهم بالمغادرة..

نزلت نهى للحديقة كعادتها يوميا حتى تتناول إفطارها مع جدها الذي يستيقظ قبلها ويساعده الخدم على النزول لينل قسطا وافرا من شمس الصباح التي أوصاه بها الطبيب..
اندفعت اليه هاتفة في مرح: - صباح الخير يا جدي العزيز، هل نمت ال..
قطعت تساؤلها في صدمة عندما وجدت رأس جدها منحرف قليلا على كتفه وعينيه زائغة غير قادر على إلتقاط أنفاسه..

اندفعت كالمجنونة تحضر هاتفها الذي نسيته لسوء الحظ بحجرتها واتصلت في عجل بمهنى صارخة في لوعة ما ان رد على اتصالها: - اسرع ارجوك، جدي يتعرض لنوبة شديدة وغير قادر على التقاط أنفاسه..
اغلق مهنى الهاتف وأرسل في طلب سيارة اسعاف مجهزة لنقل السعيد الى المشفي، فيبدو ان الامر هذه المرة لن يمر بسلام..

توقفوا جميعا امام نافورة تريفي وهتف ادم مشيرا: - هذه هي فونتانا دي تريفي او نافورة تريفي ، تسمي نافورة تحقيق الاحلام لان الإيطاليون يعتقدون ان من اعطى النافورة ظهره وألقى بها قطعة معدنية متمنيا أمنية ما فانها سوف تتحقق..
واشار لقاع النافورة هاتفا: - انظروا لكم العملات المعدنية الملقاة بها!؟.
هتفت حياة متهكمة: - كل هؤلاء يعتقدون ان احلامهم سوف تتحقق من مجرد إلقاء عملة بنافورة!؟

اكد هو هاتفا بابتسامة: - نعم، يعتقدون ذلك وبشدة..
واقترب منها هامسا: - الأمل في تحقيق بعض الأمنيات يجعلك تقوم ببعض السخافات لعلها تتحقق، اقول لعلها..
ثم اشار لبناء النافورة مستطردا: - هذه النافورة يُعتقد انها تحقق الأمنيات لانها بُنيت على نبع الأمنيات والذي كان يعتقد الرومان في قدرته السحرية على تحقيق امانيهم وخاصة العذراوات، فقد كانت تأتيه عذراوات روما املا في تحقيق حلم الزواج والحب..

قهقهت حياة رغما عنها لتتجه أنظاره اليها فقد كانت المرة الاولى التي يراها بهذا الانشراح ويستمع منها الي تلك الضحكة الرنانة، كان يعلم ان ضحكاتها القصد منها السخرية في الاساس لكن لا يعلم لما حركت شيئا داخله لا يمت للسخرية بصلة..
هتف من جديد مستطردا: - كما كانت تأتيه النسوة الراغبات في الإنجاب وتحقيق حلم الأمومة.

وقعت عيناه عليها وهنا ادرك تبدل مزاجها وتعكر صفحة وجهها النقية، هتف محاولا ابعاد ناظريه عن تتبع تقلبات قسماتها العاكسة كالمرآة لأحوالها الداخلية: - هذا التمثال هناك بصدر النافورة لنبتون اله البحر عند الرومان وهو يركب عربة يجرها فرسان ومن حوله عذراوات النبع رمزا للخصوبة والنقاء والبِركة تشير الي المحيطات اما الدائرة البيضاء فترمز للفصول الأربعة..

وهتف في مرح وهو يدخل كفه بجيب سترته: - هيا، لنجرب تحقيق بعض الأماني..
هلل بعض المرافقين وبدأ هو في توزيع القطع المعدنية على مجموعته ليصل اليها اخيرا فتتجاهل كفه الممدودة وهى بالفعل تعطي ظهرها للنافورة رغبة في المغادرة هامسة: - لا رغبة لي في الأمومة اوالزواج من الاساس، لا اماني على الإطلاق ارغب في تحويلها لحقيقة، وفرعملتك المعدنية لمن يملك أمنية ويرغب بتحقيقها..

تطلع اليها لبرهة واخيرا تجاهل كل ما قالت كالعادة جاذبا كفها ودفع بالقطعة النقدية بباطنه هامسا: - لا ضرر من بعض السخف على سبيل المتعة..

تركها وعاد للمرح مع المجموعة التي كانت تتصايح في سعادة ويتهامس بعض الأزواج رغبة في تحقيق أمنية مشتركة ورغم تظاهره باللهو مع الجمع الذي يقوده الا ان عينيه لم تفارقاها وتتبع نظراتها الشاردة في تلك القطعة المعدنية القابعة باحضان كفها واخيرا دفعت بها بلامبالاة الى الخلف لتسقط بقاع النافورة لتتسع ابتسامته عندما تصادمت بنظراتها ليغمز لها بعينه رافعا إبهامه كعلامة على استحسان فعلتها لتتجاهله هى كالعادة ليمسك هو ضحكاته مشيرا للمجموعة بالتحرك لموضع اخر..

كان التعب قد بلغ من الجمع المرافق لآدم مبلغه مما دفع به ليهتف مشيرا لاحد الشوارع الضيقة: - اتبعوني، فعلينا ان ننال قسطا من الراحة قبل استكمال جولتنا..
تبعه الجميع في امتنان فالكل قد بدأ في الشعور بالإنهاك والرغبة في التزود ببعض الطعام والشراب..
ما ان وصل آدم لمنتصف ذاك الطريق حتى انعطف يسارا وعلى بعد بضع خطوات دفع بباب مطعم متواضع مشيرا لمرافقيه ان يتبعوه..

جلس الجميع على طاولة ضخمة بينما هتف هو صارخا بنفس نبرة وأسلوب الإيطاليين الصاخب: - ماريا، اين انتِ ايتها العجوز!؟.

ظهرت من الداخل امرأة سمينة بيضاء وجهها مشرب بحمرة محببة، كانت عابسة رغبة في الشجار مع ذاك الرجل الوقح الذي يناديها بهذه الصفاقة وما ان همت بإطلاق قذائف سبابها حتى وقع ناظرها على ادم فصرخت باسمه في محبة واضحة وتلقته بين ذراعيها بترحاب بالغ وفي اللحظة التالية دفعت به بعيدا وبدأت في الصراخ بوجهه كانها تعاتبه وليس هذا فقط بل انها جذبت احدي العصي التي تفرد بها معجناتها وبدأت في الجري ورائه حول الموائد رغبة في الثأر منه وتأديبه لغيابه وعدم سؤاله عنها مما دفع بالقهقهات لترتفع من المجموعة والتي لم تكن تع كلمة من ذاك الشجار الدائربالايطالية لكنهم استطاعوا استنتاج الامر على اي حال..

هدأت حدة المعركة ليهتف بها ادم مشيرا لمجموعة مرافقيه مؤكدا انهم بحاجة لطعام شهي من يد ماريا الرائعتين ورفع كفها مقبلا ظاهرها لتجذبه المرأة واضعة قبلة امومية على خده وبعدها اندفعت للداخل من جديد تؤكد على احضار افضل ما لديها لإطعام ضيوفه..
وبالفعل ما هي الا دقائق حتى اصبحت المائدة أمامهم عامرة بكل الاطباق الإيطالية التقليدية والمعجنات الطازجة التي كانت رائحتها وحدها يسيل لها اللعاب..

بدأ الجميع في تناول طعامهم بشهية كبيرة مع استحسان كبير للطعم والمذاق الرائع لكل طبق مقدم لتبتسم ماريا وتزداد حمرة وجهها خجلا وسعادة بذاك الاطراء..
الا ان عاصفة صارخة الجمال قد ظهرت فجأة هاتفة باسمه في فرحة غامرة مندفعة بكل قوتها لأحضانه وقد دفع بكرسيه للخلف فاتحا ذراعيه ليتلقفها..

كانت فتاة تبدو في العقد الثالث من عمرها لكنها فتنة تمشي على الارض بذاك الشعر الذهبي والجسد المرمري في ذاك الثوب المغري الذي يظهر الكثير، كانت تتلوى بين ذراعيه في إغواء هامسة بكلمات توحي انها كلمات ماجنة كذاك الموجهة اليه ولما لا تكون وقد اندفعت قهقهاته عالية على اثر تلك الكلمات التي همهمت بها بالقرب من مسامعه..

هتف ادم في مشاكسة وباللغة الانجليزية ولا تعلم لما استخدمها بالرغم من تحدثه الإيطالية منذ دخوله: - لازلتِ تحملين نفس الروح العابثة كاتي، اواقل كاترينا، حتى لا اثير غيرة وغضب الحبيب ألبيرتو..
هتفت كاتي ممتعضة بانجليزية مضعضة تحاول مجاراة ادم: - اللعنة على ألبيرتو وعائلته كلها حتى جده السابع، انت تعلم ادم وهو يعلم كذلك، ان لا احد له مكانتك بقلبي، ايها العزيز..

قهقه ادم وكأنما هذا الاعتراف لا يعنيه او ربما من كثرة ما سمعه من نساء عدة اعتاده كأمر روتيني وأكد هاتفا وهو يدفع بها بعيدا برقة: - هيا اذهبي فقد يظهر ألبيرتو في ايه لحظة وساعتها ستكون العواقب وخيمة، سلاما يا جميلة..

ابتعدت بكل لطف ملوحة له بحسرة وهى تختفي خلف الباب الداخلي للمطعم ليعاود الجلوس من جديد مستكملا تناول طعامه وكأن شيئا لم يحدث وتبادل الحديث مع أفراد المجموعة في مرح بينما عملت حياة على الانغماس في روعة مذاق الاطباق المقدمة محاولة تجاهل تلك الفقرة الخاصة بكاتي حتى لا تغص بلقيماتها وحاولت كذلك ابعاد ذاك التساؤل الملح عن خاطرها في تلك اللحظة وفي كل لحظة تجده برفقة امرأة ما..

ما الذي تراه الأخريات بذاك الرجل حتى يتكالبن عليه بذاك الشكل!؟.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة