قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل مئة وواحد

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل مئة وواحد

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل مئة وواحد

تلفت حوله بتوتر كبير مترقبًا ولوجها إلى المطعم القريب بين لحظة وأخرى، لا يعرف سبب طلبها لرؤيته خارج المنزل، بدا له أن الأمر هامًا للغاية خاصة أنها خالفت مبادئها وأصرت على الالتقاء به منفردًا دون إبلاغ عائلتها، طرق بأصابعه على السطح الزجاجي للطاولة محاولاً تخفيف حدة القلق الذي يعتريه، لكن كيف له أن يتحكم في ذلك وقلبه بين ضلوعه يدق بعنف حتى كادت صوت نبضاته المتلاحقة تصم آذانه.

أحس بوجودها فحرك عينيه للجانب ليجدها تسير بتمهل محبب له، نهض من مكانه راسمًا على ثغره ابتسامة مشرقة، أشار لها بيده قائلاً بحماس:
-اتفضلي يا بسمة
هزت رأسها بإيماءة خفيفة كنوع من التعبير الرمزي عن تقبلها لترحيبه المتحمس لوجودها، وجلست على المقعد المقابل له، تابع متسائلاً باهتمام:
-تحبي تشربي إيه
عبست بوجهها مرددة بجدية: -لأ مش عاوزة.

قطب جبينه هاتفًا باستنكار: -وده كلام؟ لازم تاخدي حاجة الأول، ده أنا مش عاوز أطلب أكل ولا..
أشارت بكفها معترضة: -لالالا، مالوش لازمة
ابتسم قائلاً بلطف وهو يشير بيده
-طيب مسافة ما يجي العصير، ترتاحي وتاخدي نفسك كده، عصير بس!
استسلمت أمام إلحاحه المستمر مرددة: -طيب
تنهد بحرارة محدثًا نفسه بنبرة حالمة: -وأهي فرصة أملي عيني منك!

حضر النادل إلى الطاولة راسمًا على ثغره ابتسامة مصطنعة وهو يرحب بالعميلين، فأعطاه دياب طلبه، دونه سريعًا وانصرف ليتابع الاثنان حديثهما، بدت بسمة في حالة ارتباك كبير ممزوجة بالتخبط، عضت على شفتها السفلى بتوتر بائن، وحاولت تصفية ذهنها لكي ترتب أفكارها، زفرت بصوت مسموع وهي تقول بتردد:
-بص. أنا مش عارفة أقول ايه!
نظر لها دياب اهتمام فواصلت بحيرة: -أنا حاسة إن الكلام طاير من دماغي.

ابتسم لرؤيتها على تلك الحالة المربكة، خاصة أن بشرتها تزداد توردًا وعيناها بريقًا، أشار لها بيده بهدوء:
-سمي بالله كده وأنا معاكي على الخط
تنحنحت بصوت خفيض لتتابع بعدها: -انت عارف ظروف مرض نيرمين وحالتها
هز رأسه قائلاً بنبرة مواسية: -ربنا يشفيها، كلنا زعلانين عشانها، لعلمك أمي بتحبها أوي و..
قاطعته قائلة بجدية: -يا رب أمين، المهم أنا..

وقبل أن تكمل جملتها انضم لهما النادل محضرات العصائر الباردة، فتوقفت مجبرة عن الحديث، لتنظر له بجدية، ابتسم قائلاً بنبرة عملية مرحبة:
-اتفضلوا يا فندم!
لوى دياب ثغره قائلاً بامتعاض: -متشكرين
انتظره للحظاتٍ حتى انصرف فسلط أنظاره عليها مكملاً بابتسامة متسعة: -اشربي يا بسمة!
زاد توترها المصحوب بعبوس مقلق فحاول تخفيف حدة الاضطراب المسيطر عليها، فتابع مازحًا:
-بلي ريقك، ده فريش والله.

كورت قبضتها ضاغطة على أصابعها بقوة وهي تتنفس بعمق، هتفت فجأة دون أي مقدمات: -دياب!
تحفزت حواسه لنطقها اسمه مجردًا من بين شفتيها، أسبل عينيه نحوها مرددًا بسعادة: -عيون دياب!
انعقد ما بين حاجبيها بشدة وهي ترد: -نعم؟
أشار بسبابته مبتسمًا: -بأقول اشربي قبل ما يبرد
ردت عليه مستنكرة جملته الغريبة: -على فكرة ده عصير، يعني بارد أصلاً!

حك مقدمة رأسه باستغراب، ثم ابتسم قائلاً بمزاح: -والله، يبقى اشربيه قبل ما يسخن!
استاءت من كونه يجعل الموقف هزيلاً فصاحت بحدة طفيفة: -ممكن تديني فرصة أقول الكلمتين اللي جاية عشانهم!
لاحظ التبدل السريع في ملامحها ما بين الاضطراب والتشنج، والتردد والصلابة، فرد عليها بحذر:
-ماشي، بس أمانة عليكي يا شيخة، وحياة حبيبك النبي ما تكون حاجة تزعل!
أجابته بتجهم: -والله على حسب.

ابتلع ريقه قائلاً: -استر يا رب، أنا خايف من الدخلة دي!
صمتت للحظات تستجمع فيها شجاعتها، أخفضت نظراتها متحاشية تحديقه المتعمد بها لتركز فقط في كأس المشروب الموضوع أمامها، تنحنحت هامسة بتردد:
-احم. دلوقتي نيرمين كانت. كلمتني بخصوص. يعني موضوعنا!
تأهب في جلسته، وأصغى بانتباه تام لكل كلمة تقولها، إذًا فالمسألة متعلقة بهما وليس أمرًا أخرًا، سألها باهتمام:
-ها وبعدين؟

تلعثمت وهي تقول: -هي هاتكون فرحانة لو، قصدي هي هاتبقى مرتاحة لو..
صمتت محاولة ترتيب أفكارها، فبدا أكثر تلهفًا لمعرفة ما الذي تريد قوله، هتف بإصرار:
-لو ايه؟
شعرت بصعوبة كبيرة في البوح باسترسال طبيعي لتخبره برغبة أختها في وجود رابط رسمي بينهما، حاولت التلميح عن ذلك الأمر قائلة بحذر:
-أنا مش عاوزة أكسر بخاطرها
تمتم معلقًا بصوت خفيض: -ولا بخاطري أنا كمان!

مطت شفتيها لتضيف: -مممم. يعني إن، إنت وأنا. قصدي إنك. مش عارفة بقى!
مل من تلك الإطالة التي لا تسمن ولا تغني من جوع فهتف بنزق: -بسمة قولي إنك وافقتي نرتبط، صح؟
أجابته بصوت أقرب للهمس وهي تتحاشى النظر كليًا له: -ايوه
اتسعت ابتسامته بصورة عريضة حتى برزت نواجذه، وتلاحقت أنفاسه مرددًا بعدم تصديق: -احلفي!
رفعت رأسها لتنظر نحوه باستغراب وهي تقول: -نعم.

هب واقفًا من مكانه ليحدق بها بنظرات أكثر تفائلاً وحماسًا عن ذي قبل، صاح بنبرة عالية غير مكترث بمن حوله:
-إنتي وافقتي نتجوز؟
تلفتت حولها بحرج وهي تقول: -اقعد، كده هتفضحنا!
وضع يديه على رأسه ضاغطًا عليها بقوة مرددًا بفرحة جلية: -أخيرًا، ده أبو الهول نطق وإنتي لأ!
حاولت أن تلفت أنظاره لكون ردة فعله تتجاوز حدود اللا معقول، لكنه كان في عالم أخر مرسوم فيه جميع أحلامه معها، تنهد مطولاً وهو يردد بارتياح:.

-ياه، نشفتي ريقي عشان أسمع كلمة أه منك!
رمشت بعينيها عدة مرات هاتفة بخجل من أسلوبه: -دياب مايصحش كده، الناس بتتفرج علينا
دنا منها ليمسك بكف يدها وطالعها بنظرات شغوفة بها، هتف بلا مبالاة: -سيبك منهم!
ضغط على يدها بأصابعه مؤكدًا: -وأنا أوعدك عمرك ماهتندمي على القرار ده
حاولت سحب يدها من كفه ضاغطة على شفتيها وهي تقول: -ممكن تعقل وتهدى!

اضطر أن يمتثل لطلبها، وأرخى يده عن كفها مضطرًا كي لا تثور، عاد إلى مقعده مضيفًا بسعادة:
-ربنا يباركلها أختك، عملت حاجة كويسة، هادعيلها بضمير
سألته مستنكرة: -ده على أساس إن قبل كده كنت لأ؟
فرك طرف ذقنه مرددًا بحرج طفيف: -لأ هاكثف الدعا وأركز
-إن شاء الله
انتصب في جلسته متابعًا: -شوفي إنتي حابة أتقدم امتى رسمي ونتجوز، أنا جاهز على فكرة و..
قاطعته مسرعة قبل أن يفرط في حماسه وخيالاته: -لأ هي خطوبة و..

رد رافضًا المماطلة: -هو احنا لسه هانعرف بعض؟ جرى ايه بسمة، العملية كده باخت أوي، طب ايه رأيك نكتب الكتاب زي منذر وأسيف؟
-ممممم.
-احنا نخلي الفرح فرحين ونعملهم سوا، ها قولتي ايه؟
ردت بهدوء حذر: -بلاش استعجال
سألها بإلحاح وهو يعمق نظراته الرومانسية نحوها: -خير البر عاجله، ها موافقة؟ قولي أه، طب أي حاجة؟

لم تعلق عليه واكتفت بالصمت، فصاح مهللاً وهو يرفع يديه في الهواء: -بيقولوا السكوت علامة الرضا، وأنا شايف بعيني أحلى بسمة في الدنيا!
زادت سخونة وجهها من غزله الصريح لها، فنهضت واقفة من مكانها لتقول: -هامشي أنا بقى
هب واقفًا هو الأخر مرددًا بعبوس: -بالسرعة دي، أنا كده بأتكروت على فكرة!
نظرت له بطرف عينها وهي تقول بجدية: -عن اذنك.

ظل للحظة متسمرًا في مكانه محاولاً استيعاب تلك المفاجأة، هي وافقت بعد عناء على الارتباط به، فرك وجهه بيده مخرجًا تنهيدة عميقة من صدره، تنبه لكونه تركها تنصرف بمفردها، فأسرع بإخراج بعض المال من جيبه ليضعه على الطاولة ثم تحرك في إثرها ليلحق بها.
-على بركة الله، يبقى الدخلة بكرة!

قالها منذر مبتسمًا وهو يطالع زوجته بأعين متوهجة من الحماس بعد أن حصلت على موافقة عمتها للتبكير بميعاد حفل الزفاف إزعانًا لرغبة نيرمين خاصة أن منزل الزوجية بات معدًا لاستقبال العروسين، كذلك لم تعترض بسمة هي الأخرى، فكل ما تطلبه أختها في تلك الفترة العصيبة بمثابة أمنيات يسعى الجميع جاهدًا لتحقيقها على أمل إعطائها دفعة إيجابية لتستمر في رفع روحها المعنوية، تورد وجه أسيف بالكامل لمجرد ذكر تلك العبارة، وأخفضت أنظارها لتحدق في أي شيء إلا وجهه مما اضطره لوضع إصبعيه على طرف ذقنها ليرفع وجهها إليه وهو يهمس لها بعشق:.

-بأحبك!
ردت عليه بهمس وهي تعض على شفتها السفلى: -وأنا كمان!
أمسك بكفها بأنامله، ثم رفعه إلى فمه ليطبع قبلة صغيرة عليه، ابتسمت له بخجل كبير، وبادلته نظرات والهة أججت من مشاعره نحوها، سيطر بصعوبة على تلك الرغبات الجامحة التي تعتريه معللاً لنفسه أن كل شيء في وقته أفضل، نهض من مكانه قائلاً بجمود مصطنع ليخفي رغبته فيها:
-أنا هاقوم أشوف الكهربا والزينة، وإن شاء الله على الصبح كل حاجة هاتكون جاهزة!

هزت رأسها بتفهم، فأكمل بثقة: -مش عاوزك تشلي هم أي حاجة يا أسيف!
وقفت قبالته قائلة بجدية وكأنها قد تذكرت أمر ما: -ماتنساش دياب هايكتب كتابه على بسمة و..
قاطعها بهدوء: -هما مسئولين عن نفسهم، خلينا مع بعض
حركت رأسها بإيماءة صغيرة وهي تضيف: -ماشي، بس أنا كنت عاوزة أطلب منك حاجة، ويا ريت ماتكسفنيش
طالعها بنظرات دافئة قائلاً: -انتي بس تؤمري.

أعطتها جملته الأخيرة الثقة لتقول بلا تردد ما تنوي فعله إن وافقها الرأي في ذلك.

حركت رأسها على الوسادة لتحدق في الستائر الساكنة بأعين دامعة، هي الآن بمفردها في غرفة وحيدة، يصاحبها ألمها الذي يفتك بجسدها، وذكرياتها التعيسة التي أنهكت عقلها، بحثت عن السعادة بين ما مرت به، فلم تجد إلا القسوة والجفاء، فتحول قلبها للجحود وتجمدت مشاعرها تدريجيًا، انهمرت العبرات بغزارة من ازدياد حدة الوجع لتبلل وسادتها، أصدرت أنينًا مكتومًا وهي تقاتله بمقاومة أخيرة حتى أنهكت تمامًا، فخرجت شهقاتها الباكية معبرة عما تتحمله من أوجاع.

لم تسمع تلك الدقات الخافتة على باب غرفتها، فقد حان موعد المتابعة من قبل الطبيب المسئول عن حالتها، لكن لظروف ما تعذر عليه الحضور فأرسل من ينوب عنه، أطل الطبيب برأسه متنحنحًا بخشونة ليلفت انتباهه لوجوده، لكنها لم تشعر به، نظر لها بإشفاق مستشعرًا ألمها، ودنا منها قائلاً بهدوء:
-مدام نيرمين.

أدارت رأسها في اتجاهه لتجد شخصًا غريبًا يطالعها بنظرات أكثر غرابة، توقفت عن البكاء رافعة يدها إلى وجهها لتمسح عبراتها بأنامل مرتعشة وهي تسأله:
-إنت مين؟
أجابها مبتسمًا دون تكلف: -حضرتك أنا د. نبيل، والمفروض هاتابع مع سيادتك الحالة لحد ما يرجع الدكتور بتاعك، هو عنده..
قاطعته بحدة: -امشي، مش عاوزة حاجة!
رد بجدية: -يا مدام، أنا مقدر الألم اللي فيكي، وده طبيعي أثناء العلاج، حضرتك..

قاطعته بيأس: -أنا عارفة إني هاموت، فمحدش يكدب عليا ويقولي كلام غير ده
هتف معترضًا: -أنا مش معاكي، إنتي متشائمة وده بيعمل نتيجة عكسية مع العلاج
تنهدت مستاءة من كونه يضغط عليها، زاد ألمها، فتأوهت بصوت مكتوم، دنا منها يتفحصها بدقة قائلاً بهدوء:
-اهدي يا مدام نيرمين، إن شاء الله فترة وهتعدي
اغرورقت مقلتاها بالعبرات فبكت بإحباط: -معنتش قادرة، تعبت من كل حاجة، نفسي أرتاح بقى!

ربت على كف يدها برفق قائلاً بابتسامة ودودة: -هترتاحي إن شاء الله، وأنا موجود جمبك لحد ما الجرعة تخلص!
التفتت برأسها نحوه لتنظر له بامتنان، هي حقًا كانت بحاجة لوجود من يقف إلى جوارها وإن كان غريبًا عنها ليخفف عنها ألمها المصحوب بالوحدة، هي اكتفت من معاناتها في صمت حتى غص صدرها ولم تعد تتحمل المزيد، فانفجرت باكية تشكو كل شيء.

لم يقاطعها الطبيب نبيل، تركها على حريتها لتطلق العنان لنفسها، و تقوم بما يسمى بالتداعي الحر، فربما تكمن راحتها في ذلك، ظل إلى جوارها حتى انتهت جلسة علاجها الكيماوي ثم تركها تستريح متمنيًا لها الشفاء.

ترقب على أحر من الجمر خروجها من مركز التجميل، مر الوقت بطيئًا عليه رغم انشغاله طوال اليوم في الترتيب لكل شيء، لكن ما أصعب اللحظات الأخيرة، لم يعد يفصله عنها سوى دقائق معدودة، فرك كفيه معًا، وتلفت حوله بشرود محاولاً إلهاء عقله عنها ولو للحظات، لكنه رفض الإنصات ليظل باله مشغولاً بها هي فقط، ربت دياب على كتفه بقوة وهو يقول:
-مبروك يا عريس!

التفت منذر ناحيته ليرد بامتعاض: -الله يبارك فيك، ما هي ليلتك إنت كمان
جذب دياب طرفي سترته الرمادية بيديه قائلاً بابتسامة مغترة: -أرزاق يا ابن أبويا!
ابتسم لمزاحه الطريف فتابع قائلاً بتعجب وهو يهز رأسه: -حد كان يصدق إن أنا وإنت نتجوز في ليلة واحدة!
ثم لكزه برفق في كتفه ليكمل بعبث غامزًا له بطرف عينه: -بس يا بختك إنت دخلة يا معلم، وأنا مع إيقاف التنفيذ!

رد عليه منذر محذرًا: -إحمد ربنا إنها جت كده معاك، مين عالم كان ممكن ولا حاجة من دي تحصل!
هز رأسه بالإيجاب هاتفًا: -أه والله، ده أنا حامده وشاكره، كده رضا على الأخر!
وضع منذر يده على كتف أخيه ليضغط عليه قليلاً وهو يضيف: -ربنا يتمملك على خير يا دياب، والله فرحانلك!

احتضن الأخير أخيه بود كبير معبرًا له عن حبه الغريزي له فهو نعم السند له، ضمه منذر بذراعه وهو يربت على ظهره بقوة، تباعد الأخان عن بعضهما البعض ليحدقا في باب المركز بعد سماعهما لأصوات الزغاريد تصدح بالداخل، هتف دياب بمرح:
-سمعت، باين عليهم خلصوا
نفخ منذر مرددًا بنفاذ صبر: -أخيرًا، هما بيخترعوا الذرة جوا
رد عليه دياب مازحًا: -عقبال ما يدوها وش صنفرة على كام وش معجون والبوهية في الأخر!

لكزه منذر في جانبه محذرًا بغلظة: -بطل بواخة، مراتي حلوة من غير أي حاجة!
غمز له أخاه مرددًا بعبث ماكر: -يباركله يا عمنا، إمسك البوكية بقى واجهز
سأله منذر باهتمام: -ها، البدلة مظبوطة؟
ضبط دياب لأخيه رابطة عنقه السوداء، وعدل له من ياقة حلته التي تحمل نفس اللون ليبدو كل شيء منمقًا ولائقًا به، رفع إبهامه أمام وجهه هاتفًا بإعجاب:
-مية مية يا كبير!

سحب منذر نفسًا عميقًا يضبط به انفعالاته المتلهفة بشغف متحمس لرؤية عروسه التي ستخرج إليه بين لحظة وأخرى، مشاعر قوية انتابته في تلك اللحظة لتزيد من نبضات فؤاده، شعر بتدفق الدماء في عروقه، بنشاط عجيب يجتاح كل ذرة في خلايا جسده، حرك قدميه بتوتر وهو يشدد من قبضته الممسكة بباقة الورد البيضاء ليردد بارتباك:
-يا مسهل يا رب..!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة