قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل مئة وثلاثة

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل مئة وثلاثة

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل مئة وثلاثة

استغلت لحظة انشغال الجميع عنها أثناء استعدادهم للانصراف لتطلب منها البقاء دون أن تلفت الانتباه لكونها رغبتها الخاصة، فاستجابت ابنة خالها لطلبها، واعتذرت بلباقة عن الذهاب مع زوجها لتبقى لعدة لحظات معها تؤنسها فيها وتشد من أزرها، توجس منذر خيفة أن تكون نيرمين تدبر لها أمر ما لتفسد عليهما ليلتهما المميزة، فتعمد البقاء بالخارج وملصقًا ظهره بالحائط ليتنصت عليهما، دفعه حدسه لفعل ذلك، وانتظر بترقب شديد ما دار بينهما.

ابتسمت لها بكل ود وهي تطالعها بنظراتها الحنونة الدافئة، رأت في صفو حدقتيها راحة عجيبة غفلت عنها بسبب حقدها الأسود الذي أعمى بصيرتها، تنفست بعمق وهي تستطرد حديثها قائلة:
-أسيف، أنا. عاوزاكي تسامحيني
وضعت يدها على كفها المرتعش لترد بابتسامة لطيفة: -صدقيني أنا نسيت اللي فات
هزت رأسها معترضة وهي تقول: -لأ، انتي مش عارفة أنا كنت ناوية أعمل فيكي ايه، ولا الجحيم اللي كنتي هرميكي فيه، أنا..

قاطعتها ابنة خالها بجدية دون أن تخفي ابتسامتها الودودة عن محياها: -خلاص يا نيرمين، ارمي ورا ضهرك، احنا بقينا أخوات
تنفس منذر الصعداء لكون الموضوع لا يتخطى الاعتذار وإبداء الندم، فتراجع متحرجًا من استراقه السمع دون إذن ليعطي لهما مساحة من الخصوصية، جلس على أقرب مقعد منتظرًا على أحر من الجمر، فأمامهما ليلة حافلة.

ابتسمت لها بصفاء يذيب ما في القلوب من أحقاد قديمة، ويمحو ما في العقول من ذكريات أليمة، فأدمعت عيني نيرمين بشدة، تعذر عليها المتابعة بنبرة ثابتة، فخرج صوتها متقطعًا وهي تضيف:
-أنا قلبي كان مليان غل ناحيتك
بررت لها أسيف موقفها العدائي نحوها مرددة ببساطة: -مكونتيش تعرفيني
انسابت العبرات من طرفي عينيها متابعة بندم: -أنا عملت زي جدتي عزيزة ما عملت مع أبوكي وأمه، أنا مفرقتش حاجة عنها، لأ و. وكنت عاوزة..

منعتها عن إتمام جملتها جبرًا هاتفة بتوسل: -عشان خاطري أنا مش عاوزة أتكلم في اللي فات، المهم دلوقتي بقينا ازاي!
ثم مدت أناملها لتمسح برفق عبراتها عنها، فسألتها نيرمين بصوت خفيض باكٍ: -يعني انتي من قلبك مسامحاني؟
هزت رأسها بإيماءة واضحة وهي تجيبها: -ايوه
تنفست بارتياح للحظات قبل أن تكمل بمرارة: -كان نفسي أشوف بنتي زيك.

احتجت على خبو مقاومتها سريعًا فهتفت بجدية: -ماتقوليش كده، الأعمار بيد الله، وإن شاء الله تشوفيها وهي بتكبر قصادك وتفرحي بيها و..
قاطعتها نيرمين بصوتٍ واهن: -أنا حاسة بنفسي!
ابتلعت ريقها قبل أن تتابع بجدية: -أسيف! مش هوصيكي عليها، علميها تكون زيك، تحب غيرها ماتكونش أنانية!
ردت عليها ابنة خالها بنبرة متأثرة: -إنتي اللي هاتعملي ده بنفسك.

أحست أنها أزاحت ثقلاً كبيرًا كان يجثو على صدرها، أنها رممت شرخًا عميقًا في علاقتها مع صلة الرحم الأقرب لها، أغمضت عينيها قائلة بتنهيدة مرهقة:
-أنا أخرتك عن عريسك، معلش!
ابتسمت أسيف بخجل طفيف وهي تقول: -ولا يهمك
ضحكت نيرمين من نفسها ساخرة: -سي منذر، زمانته بيدعي عليا!
-متقوليش كده هو بيقدرك
اشارت لها بيدها مكملة: -قومي شوفيه، بس خليني أبوس رنا.

هزت رأسها بالإيجاب ثم نهضت من مكانها لتحمل الرضيعة وقربتها إلى فمها، فطبعت أمها قبلة أمومية على وجنتها الناعمة، احتضنتها بيدها على قدر استطاعتها، وهمست لها بصوت شبه منتحب:
-هتوحشيني يا ضنايا
عاودت تقبيلها بعمق مشبعة عينيها من رؤيتها ثم أبعدتها عنها برفق، أضافت أسيف بنبرة رقيقة:
-إن شاء الله هنعدي عليكي في أقرب وقت
ردت عليها بهدوء: -براحتك، أنا كده ارتحت
أوصتها أسيف مرددة بتحذير: -خلي بالك من نفسك.

في تلك اللحظة ولج الطبيب نبيل إلى داخل الغرفة ليتفقد حالة المريضة، فتفاجأ بوجود العروس بالداخل، تهللت أساريره مرددًا بحماس:
-إيه ده لسه العروسة هنا؟!
تحرجت أسيف من وجوده، واكتست تعبيراتها سريعًا بحمرة كبيرة وهي ترد بخجل: -احم. أهلا وسهلاً بحضرتك!
مد يده ليصافحها قائلاً بابتسامة مهذبة: -أنا د. نبيل.

نظرت إلى يده الممدودة نحوها وترددت في مبادلته المصافحة، فعمدت إلى الإشارة للرضيعة التي تحملها هاتفة بحرج وهي ترمش بعينيها:
-أهلاً بيك يا دكتور!
تفهم موقفها، وأبعد يده متابعًا بسعادة: -ما شاء الله، النفسية تمام النهاردة، أكيد العروسة غالية عليكي عشان وشك ينور بالشكل ده.

تابع منذر الموقف من على بعد بنظرات نارية، ورغم تصرف زوجته الحذر إلا أن ذلك أصابه بالغيرة الشديدة، فكون غيره يجاملها حتى لو كان الأمر بحسن نية إلا أنه أشعل نيران الغيرة بداخله، لم يستطع ضبط نبرته المتشنجة وهو يصيح عاليًا:
-مش يالا بينا يا أسيف!
انتفض جسدها على صوته، والتفتت برأسها نحوه لتنظر إلى قسمات وجهه المشدود، تحرك نبيل نحوه هاتفًا بمرح وهو يمد يده نحوه:
-مبروك.

بادله منذر المصافحة بامتعاض جلي على وجهه قائلاً بعبوس: -الله يبارك فيك!
شعرت بنظراته التي تأكله، بالغيرة التي تعصف بروحه، هو أحبها حتى الجنون، عشقها حتى النخاع، فكيف لا يثور لرؤية غيره يمدحها؟ تمنت لثانية لو عاشت مثل تلك المشاعر الفياضة لتغير الكثير في حياتها، ولتحولت لشخصية أخرى محبوبة، هتفت بصوت هادئ محاولة امتصاص الأجواء الحادة والمشحونة من حولها:
-لا مؤاخذة يا سي منذر، أخرتكم!

استدار برأسه نحوها قائلاً بجمود: -ولا يهمك، وسلامتك
عاود التحديق في وجه الطبيب نبيل مرددًا بتجهم: -فرصة سعيدة يا حضرت!
رد عليه نبيل بابتسامة محببة: -شكرًا ليك، ومبروك مرة تانية
أضافت أسيف بعفوية دون أن تنتبه لذلك المشتعل حنقًا خلفها: -مش هنوصيك عليها يا د. نبيل، أرجوك خلي..
قاطعها الطبيب بود وهو يوميء برأسه: -اطمني، أنا موجود!

قبض منذر على ذراعها بيده، فقد بلغ الحلم معه أدنى مراحله، وهتف من بين أسنانه المضغوطة:
-يالا يا بنت رياض، الجماعة قلقانين تحت
نظرت له بغرابة وهي عاقدة لجبينها متعجبة من ذلك العبوس الظاهر عليه، ردت بهدوء: -حاضر
رسمت ابتسامة زائفة على ثغرها وهي تود ابنة عمتها لتقول: -مع السلامة
لوحت لها الأخيرة بيدها وهي تتنهد بتعب: -سلام.

تابعت الاثنان بأنظار مطولة وهما ينصرفان من الغرفة بصحبة رضيعتها، وظلت أعينها مثبتة على الباب للحظات حتى أخرجها من تحديقها الشارد صوت نبيل المتسائل باهتمام:
-ها ايه الأخبار معاكي؟
ردت باقتضاب وهي تدير رأسها نحوه: -الحمدلله
كادت قدميها أن تلتف حول بعضهما البعض وتتعثر في سيرها السريع وهو يسحبها بعصبية نحو الرواق، فحذرته بجدية:
-بالراحة هاتكعبل وأنا شايلة البنت!

أرخى قبضته عنها زافرًا بصوت مسموع ليخرج من صدره غضبًا مشحونًا بدا واضحًا للعيان، قست نظراته نحوها قائلاً بعتابٍ شبه حاد:
-مش واخدة بالك من اللي عملتيه؟
تعقدت تعبيراتها متسائلة بعدم فهم: -في ايه لكل ده؟
رد عليها بغموض وهو متجهم الوجه: -هنتكلم بعدين يا بنت رياض!
مطت فمها للأمام مرددة لنفسها باستغراب متوجس: -بنت رياض، واضح إنك مضايق أوي!

التقطت أذناه جملتها رغم صوتها الخافت إلا أنه أجابها بجدية: -مش عاوز أتكلم دلوقتي، فالأحسن متسأليش
هزت كتفيها قائلة بجمود: -براحتك
أراد التحكم في غضبه، فكتم في نفسه بأقصى طاقته ما لديه من مشاعر محتقنة، ربما تصرفت بتلقائية مع الطبيب، لكنه لن يتحمل مثل تلك الأفعال البسيطة، هو يغار عليها بشدة، وعليها أن تعلم ذلك، لكن لا وقت للعتاب هنا، فالمكان والوقت لا يسمحان.

تابعا السير بصمت في أروقة المشفى حتى وصلا إلى الاستقبال حيث ينتظرهما باقي أفراد العائلتين، فاستقل الجميع السيارات متجهين نحو المنطقة الشعبية لتكتمل أجوائهما الاحتفالية هناك.

احتدت نظراتها المتقدة غيظًا على تلك الأضواء اللامعة التي تزين البناية وما حولها، هو اليوم سيزف إلى غيرها، سيقترن اسمه بأخرى يضمها إلى أحضانه، ستغدو حبيبته، وسيطارحها الغرام على فراش قد جمعهما سويًا، تأججت مشاعر الكراهية والحقد بداخلها، بلغت الذروة في لحظات، وانتظرت كالواقف على الجمرات قدومه لتفتعل فضيحة لا تنسى، بقيت بسيارتها تشحن غضبها بداخلها حتى سمعت أبواق السيارات تزداد، انتبهت حواسها بالكامل وتحفزت للهجوم.

اصطفت السيارات على الناصية حيث الزفة الشعبية التي أصر الأخوين على إحضارها، كانت مفاجأة سارة لأسيف وبسمة، لم يتوقعا ذلك منهما، فعائلة حرب دومًا تلتزم بالأعراف المتبعة في كل شيء، لا تخرج عن الأصول والتقاليد حتى في أفراحهم، وإعلان خبر الزفاف ما لم يكن مصحوبًا بشيء مبهج ربما سيفسر بصورة خاطئة، لذا وجب على منذر التصرف بحنكة.

استغربت أسيف من أسلوبه الرقيق في التعامل معها رغم تلك الحدة الطفيفة التي كانت ظاهرة عليه، ومع ذلك تجاوبت معه وارتسمت علامات السعادة على محياها، رأت في عينيه نظرات شغوفة بها، تشتاق لأحضانها، تتوق إلى تذوق طعم الحب معها، ولما لا فهي قد تربعت وبجدارة على عرش قلبه؟

ترجل دياب من السيارة أولاً مستقبلاً التهنئات من المحيطين به، وتبعه أخيه، ثم اصطحب كل منهما عروسه وتأبط في ذراعها، التف الجميع حول منذر وعروسه ليشكلوا دائرة حولهما لتصدح بعدها أصوات التهليلات والزعاريد الفرحة، كما ارتفعت دقات الطبول والمزامير إعلانًا ببدء الزفة الشعبية المتعارف عليها، وبدأ الجميع بالتمايل والرقص معبرين عن سعادتهم بتلك الزيجة.

بقي دياب مع عروسه بالمؤخرة يتبادلان حديثًا هامسًا لكن ضحكاتهما كانت واضح للعيان، أراد استغلال الفرصة والتغزل بها فسحبها بعيدًا عن الزحام لينفرد معها في حديث خاص، ولكن في تلك اللحظة تحديدًا ترجلت ولاء من سيارتها مندفعة نحوهما وهي تصرخ بهياج:
-عملتها يا دياب!
سلطت أنظارها النارية على وجه بسمة متابعة بتهكم صارخ متعمدة إهانتها: -لأ واتجوزت دي بالذات؟!

ساد صمت رهيب بين الحضور المتواجدين حولهم والذين راقبوا المشهد بفضول مثير، بينما تجمدت أنظار دياب على شخصها المسيء إليه، احتقن وجهه بشدة، ونظر لها باحتقار متأملاً ثيابها المنزلية التي لم تعبأ بكونها ضيقة فتثير الفتن والأطماع في نفوس الرجال، واصلت صراخها المهتاج ملوحة بذراعيها:
-بقى ترفض ترجع لأم ابنك الوحيد عشان الزبالة دي؟

لم يستطع كبح جماح غضبه فأوشك على التهور والاعتداء بالضرب عليها، لكن سبقته بسمة بصفعها صفعة قوية ومباغتة لترد إليها إساءتها وهي تقول بصلابة:
-الزبالة دي جابت أشكالك، وهتربي ابنك أحسن منك!
وضعت ولاء يدها على صدغها متحسسة إياه، وقبل أن تفتح شفتيها لترد واصلت بسمة حديثها بقوة:
-غلطة جوزي الوحيدة إنه عرفك، والحمدلله صلحها واتجوز اللي حبها وبتحبه!

صفعات أقوى تلقتها ولاء على مرأى ومسمع من المتابعين للمشهد في الخلف، ورغم ذلك بدت أكثر صلابة وتماسكًا، هي لن تسمح لغريمتها بتذوق لذة الانتصار والظفر به، ستفعل أي شيء لتعكر صوف فرحتها، احتقنت نظراتها والتهب وجهها بدماء ساخنة، تدخل دياب مضيفًا بتهديد عدائي:
-عشان خاطر ابني مكونتش عاوز أقرب منك، بس انتي تستاهلي اللي هايتعمل فيكي.

ردت عليه بتحدٍ: -مش هاسيبكوا تفرحوا، أنا هافضل زي الشوكة في ضهركم، هانغص عليكم حياتكم!
أشارت نحو قدمها متابعة بسخرية واثقة: -وهاخليك يا دياب تجيلي زاحف تبوس رجلي
وكأنها وضعت النيران بجوار الوقود لتزيد من تأزم الوضع واشتعاله، هدر بها بصراخ عنيف:
-هادفنك وانتي واقفة!
كاد أن يهجم عليها ليضربها علنًا لكن حالت بسمة بينهما بجسدها مستخدمة كل قوتها لدفعه للخلف متوسلة له:
-ماتستهلش يا دياب!

اغتاظت ولاء منها، فهتفت بنزق: -خلي الشرشوحة دي تنفعك!
شدد دياب من قبضتيه على بسمة محاولاً إزاحتها من طريقه هادرًا بانفعال: -حاسبي يا بسمة، قسمًا بالله مش سايبها!

رأى مهدي زوجة ابنه مازن على تلك الحالة الهائجة، فانقبض قلبه بشدة، أدرك أن خلافًا حادًا دائرًا بينها وبين طليقها السابق، وما زاد من ضيقه هو تلك الحالة الفاضحة الظاهرة بها، فاندفع وسط الحشد الملتف حولها ليبعدها قبل أن يزيد الموقف حدة وشراسة، لف ذراعه حول كتفيها دافعًا إياها للخلف وهو يهتف بتخوف:
-تعالي يا ولاء معايا!
قاومته قدر استطاعتها وهي ترد بعصبية: -حاسب يا حاج مهدي، أنا..

أجبرها على السير معه قائلاً: -سيبي الجماعة في حالهم، مالك بيهم
صرخت فيه بجنون: -ابعد عني، أنا مش ماشية من هنا، لازم أحرق قلبه وأبوظ ليلته!
نظر لها بغرابة متعجبًا ذلك الموقف الهجومي الغريب، فمن المفترض أنها لا تزال زوجة ابنه، وعلى وفاق حذر مع طليقها من أجل مصلحة ابنها الوحيد، لكن كونها على تلك الحالة المريبة أثار في نفسه الشكوك، نفض عن عقله مؤقتًا تلك الأفكار المتخبطة التي تعصف برأسه هاتفًا بصرامة:.

-يالا يا بنتي من هنا!
شعرت أن قبضتيه تعتصران ذراعيها ورغم ذلك تحملت الألم لتمنعه من تصرف أهوج، توسلته باستعطاف كبير
-عشان خاطري يا دياب! اسمعني بس!
صاح بحدة وقد فقد السيطرة على أعصابه: -هاموتها، هي قفلت معايا!

رأت في حدقتيه نظرات لا تنتوي خيرًا على الإطلاق، وأيقنت أنه لن يصغي لها مهما فعلت، لذا لجأت إلى وسيلة أخرى، ربما ستلهيه ولو بقدر بسيط عن التفكير بها، تعمدت الترنح بجسدها بصورة قوية لتلفت أنظاره هاتفة بصوت متقطع:
-دياب. آآ..
نظر لها بغرابة وهو قاطب جبينه مرددًا: -بسمة!
أبعدت قبضتيها عن صدره متراجعة للخلف، واهتزت بجسدها بطريقة مقلقة، ثم وضعت يدها على جبينها تتحسه وهي تقول بصوت خفيض:
-مش عارفة مالي!

عمدت إلى إخفاض نبرتها أكثر وتسريع أنفاسها وهي تكمل بصعوبة: -أنا. دايخة خالص!
لف ذراعه حولها ليمسك بها من خصرها، وأحال دون سقوطها متسائلاً بتخوف كبير: -مالك في ايه؟
ادعت فقدانها للوعي لتثير فزعه، فحاول إفاقتها هاتفًا: -بسمة، مالك، ردي عليا، بسمة!
أجابته بهمس: -أنا. مخنوقة، نفسي بيروح!

لم ينتظر أكثر من ذلك انحنى ليحملها بين ذراعيه، فأسندت رأسها على صدره مكملة تلك التمثيلية الزائفة للنهاية، استمع إلى تلك الهمهمات المستنكرة للموقف برمته فتجاهلها مضطرًا، سار بها مبتعدًا عن الجميع وكاظمًا في نفسه غضبه حتى يطمئن عليها أولاً، توجه بها نحو مدخل بنايته والتي كانت قريبة منه، ثم صعد بها بخطوات مهرولة إلى الطوابق العليا حيث يتواجد منزله.

ولج للداخل مستخدمًا مفتاحه، ثم أسندها برفق على الأريكة القريبة، أسرع راكضًا نحو غرفته ليحضر لها عطرًا من غرفته، تأكدت بسمة من اختفائه ففتحت عينيها، وابتسمت لنفسها بغرور، اعتدلت في جلستها متنفسة الصعداء، فقد نجحت خطتها ببساطة وأبعدته عن شر تلك البغيضة، ضبطت من حجابها الذي تأثر من المشادات اليدوية، تفاجأ بها دياب في كامل وعيها فحدق فيها بأعين شبه مغتاظة، هتف متسائلاً فجأة بنبرة أجفلتها:.

-يعني كنتي بتشتغليني..؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة