قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل السادس والستون

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل السادس والستون

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل السادس والستون

اعتاد التسلل خلسة دون أن ينتبه لوجوده أحد ليطمئن عليها بعد أن يعطي الممرضة المسئولة عن رعايتها بداخل غرفة العناية الفائقة مبلغًا نقديًا لتسهل مروره للداخل في غير أوقات الزيارة الرسمية كي يحظى بفرصته معها دون أي مقاطعة.
كان يراقبها لفترات مطولة ممعنًا النظر في تفاصيل وجهها المستكين.

لم يأتِ بباله مطلقًا أنه سيحب من جديد بعد الخدعة التي وقع بها، بل وسيتعلق فؤاده بها تحديدًا، تلك التي كانت بعيدة كل البعد عن مخيلته لتتسلل على مهل بطريقة أو بأخرى إليه فتحوز على مكانة خاصة بها في قلبه.
تنهد دياب بعمق مخرجًا ثقلًا كبيرًا مليئًا بالهموم يجثو على صدره.
أخفض نظراته ليحدق في ملخص تقريرها الطبي المعلق على حافة الفراش لكنه لم يفهم منه شيئًا.

ما أراحه نوعًا ما أنه لم يفوت فرصة للسؤال عن تطور حالتها الصحية من الأطباء المتابعين لها.
دنا من فراشها أكثر، وطالعها بنظرات شغوفة محببة.
حرك يده ناحيتها، ثم تلمس كف يدها الساكن بحذر تام.
انحنى على رأسها ليهمس لها قائلًا: -طولتي أوي يا بسمة، ارجعيلنا تاني يا حبيبتي!
وكأنه كان يعمد لاستخدام أسلوب التحفيز والتحميس علها تستجيب لندائه المشتاق وتخرج من ظلماتها الإجبارية.

انحنى أكثر عليها ليطبع قبلة صغيرة على جبينها ليتراجع بعدها سريعًا للخلف قبل أن يراه أحد.
أخرج زفيرًا مشحونًا من صدره، ثم ودعها هامسًا: -هارجعلك تاني يا حبيبتي!
تحرك بخطى متعجلة نحو باب غرفتها ليخرج منها قبل أن تلتقطه الأعين.
-رايحة فين يا بنتي؟
تساءلت أمها بتلك العبارة بعد أن رأتها تنهض عن الأريكة لتحمل رضيعتها من على الفراش وتتجه بها نحو باب الغرفة.

التفتت نيرمين برأسها نحوها قائلة بسخط: -مالهاش لازمة الأعدة
ردت عليها عواطف معترضة على تصرفها الأحمق: -ده انتي لسه قايمة من دوخة، خليكي شوية بدل ما تقعي من طولك ومحدش يلحقك
نظرت لوالدتها شزرًا وهي تهتف بتهكم: -كان لحقني في الأول، لكن زي قلتها، كله محصل بعضه!
كزت على أسنانها متابعة بحنق واضح: -وجايز لو أعدت أكتر من كده أتجلط باللي بيحصل هنا!

تنهدت أمها قائلة باستياء: -ماهو على يدك المصايب ملاحقنا ومش سيبانا في حالنا! هنعمل ايه يعني؟
زاد سخطها وهي تقول: -كفاية هي تتخطبله وتتهنى!
قطبت عواطف جبينها متساءلة باستغراب: -وإنتي ايه اللي مزعلك؟ ده حل مؤقت لظروفها، يعني مش عارفة قريبها عمل ايه المرة اللي فاتت؟!
أغاظها دفاع والدتها المستميت عنها مبررة كل موقف يحدث معها، فتمتمت من بين شفتيها بحدة:.

-بنت الحرام لعبتها صح وبلفته في عبها، بس لسه الحكاية في أولها ومخلصتش!
لم يبدو صوتها واضحًا، فسألتها عواطف مستفسرة: -انتي بتكلمي نفسك؟ علي صوتك شوية!
ضمت رضيعتها إلى صدرها قائلة باقتضاب عابس: -أنا ماشية
ثم تحركت بعدها إلى خارج الغرفة وهي تشتعل غيظًا مما حدث، وبالطبع لن تدع الأمر يمر على سلام حتى وإن كان عرضًا زائفًا، هي نوت على تخريبه، وستسعى جاهدة لإفساده.

تنهدت والدتها هامسة بضجر بعد انصرافها: -هاقول ايه بس غير ربنا يهديكي
لم يضمد جروحه أو كدماته البارزة على وجهه، بل توجه مباشرةً إليها بنفس ثيابه الغير مهندمة.
هو يشك بدرجة كبيرة أن وراء تواجدها بالمشفى خطب أخر غير الزيارة الاعتيادية للمريض، وخاصة في وجود منذر والذي بادلته بنظرات استجداء وكأنها تطلب منه الحماية.
استدعى مجد عددًا من أتباعه ليأتوا بصحبته.

سار بوحشية مهددة في وسط الطريق المؤدي إلى صيدليتها ومن خلفه رجاله الذين على نفس شاكلته.
تجنب من يمر بهم الاحتكاك به أو بأحد من أتباعه الأشداء.
الأجواء توحي بوقوع كارثة وشيكة، لكن لم تتحدد معالمها بعد.
فركت فاطمة جبينها بإصبعيها وهي تقرأ وصفة الطبيب الورقية لتحضر المطلوب منها، ابتسمت قائلة للكهل الواقف أمام طاولتها الزجاجية:
-هما كلهم موجودين ماعدا أخر واحد!

سألها الكهل بصوت متقطع: -يعني أشتريه من حتة تانية؟
ردت موضحة: -لأ هو قليل في السوق، بس هاحاول أجيبلك البديل ليه، نفس المفعول تقريبًا. ايه رأيك؟
تهدل كتفيه مرددًا باستسلام: -ماشي يا بنتي!
أولتها ظهرها لتطالع أرفف الأدوية لتأتي بالمطلوب، وقبل أن تمد يدها للرفع العلوي سمعت صوتًا غليظًا يصيح بشراسة مخيفة:
-برا يا ولاد ال..!

التفتت وجسدها ينتفض خوفًا نحو صاحب الصوت فرأته ذلك الخسيس القذر يقتحم عليها صيدليتها وبصحبته أشخاصًا أوجههم غير مريحة بالمرة.
لم يتركوا الفرصة للمتواجدين بالمكان للنجاة بأنفسهم، بل دفعوهم دفعًا للخارج ليحتلوه كليًا.
أوصد مجد الباب عليهم ليحاصروها.
باتت فاطمة بمفردها معهم، فنظرت حولها بهلع، وهابت الموقف كثيرًا.

زادت رجفتها فلم تعد تسيطر على ارتعاشة ساقيها، واتسعت حدقتيها برعب حقيقي، كما شحب لون وجهها، وهربت الدماء من عروقها.
لم تكن تظن أنه سيهددها علنًا وبكل فجاجة.
خشيت أن يتطور الوضع لما تهاب التفكير فيه مصيرها معه.
أظلم وجه مجد للغاية حتى بات مفزعًا لمن يحدق فيه، اقترب منها قائلًا من بين أسنانه المضغوطة بعنف:
-خوفتي ليه لما شوفتيني يا ضكترة؟

جف حلقها تمامًا من طريقته المرعبة، وهمست بنبرة مذعورة: -أنا. أنا معملتش حاجة!
كانت على وشك البكاء وهي تتوسله بصوت متقطع: -لو. لو سمحت امشي من هنا!
ضحك عاليًا مستخفًا بها وبصورة جعلت قلبها يقفز في قدميها.
توقف فجأة عن ذلك ليحدجها بنظرات مميتة وهو يتساءل بقسوة جامحة: -قولتي للبت ايه عني؟
هزت رأسها نافية مجيبة إياه بخوف كبير وهي تتراجع للخلف: -م، آآ. مقولتش حاجة! صدقني. أنا ماتكلمتش.

طالعها بنظرات أكثر إظلامًا عن ذي قبل، وصاح قائلًا بصوته المتحشرج: -ماشي. وأنا هاعمل نفسي مصدقك!
ثم صمت للحظة قبل أن يتابع بتهديد غامض: -بس هتاخدي قرصة ودن كده تفكرك بمين مجد أبو النجا!
جحظت بنظراتها مرعوبة مما هي مقلبة عليه.
فرقع بأصابعه لأتباعه ليبدأوا في تحطيم الطاولات الزجاجية بكل ما تحمله من مغلفات طبية، وأدوية، ومساحيق التجميل ليشرعوا بعدها في تهشيم الأرفف.

صرخت فاطمة مستغيثة بمن ينجدها، ولكن لا حياة لمن تنادي، فلم يجرؤ أي أحد على التدخل.
وضعت يديها على أذنيها وهي تواصل تراجعها الفزع للخلف محاولة حماية نفسها من شظايا الزجاج المتناثر في الهواء.
أشار مجد لأتباعه بيده ليتوقفوا هادرًا بصوت مرتفع: -كفاية كده يا رجالة!
أجهشت فاطمة بالبكاء المرتعد وهي تبحث عن مهرب لها.
فرك مجد وجهه بكفه، ثم دنا منها ليحاصرها بالزاوية.

انكمشت على نفسها برعب أكبر، وأغمضت عينيها خوفًا منه.
شعرت بأصابعه الغليظة تجذب رأسها بعنف فصرخت شاهقة: -لالا. معملتش حاجة!
قرب وجهها عنوة منه، فجاهدت لتخلص نفسها من قبضته، لكن مقاومتها لم تكن تقارن بقوته العنيفة.
شعرت بأنفاسه الكريهة تحرق وجهها، فأجهشت ببكاء أشد متوسلة أن يدعها وشأنها.

تلذذ أكثر بإيذائها، وهتف من بين أسنانه بنبرة عدائية صريحة: -ده تحذير تاني ليكي يا ضكترة، بعد كده هاتعامل بشكل مش هاتحبيه خالص!
هزت رأسها بإيماءات متتالية متفهمة تهديده القاسي.
مرر هو أنظاره الجريئة على جسدها متفحصًا إياه بصورة منفرة جعلتها تشعر بالهلع منه.
همس لها بكلمات جارحة وجريئة آن واحد في أذنها جعلتها ترتجف أكثر.
دفعها بعنف للخلف ليرتطم جسدها بقوة بالحائط.

صاح عاليًا بخشونة قوية: -بينا يا رجالة، كفاية كده عليها!
تجمع أتباعه حوله، وأنهوا تحطيم ما بقي على حاله من هجومهم الشرس ليخرجوا من المكان واحدًا تلو الأخر.
انهارت قدمي فاطمة، وتراخى جسدها للأسفل وهي تبكي بحرقة كبيرة.
نجح بالفعل في إرعابها، ونفذ جزءًا مخيفًا من تهديده، وما أنذرها به أشد قسوة وعنفًا إن لم ترتدع.
لم يتوقف جسدها عن الانتفاض، ولم تهدأ شهقاتها المتتابعة.

لمملت بصعوبة شتات نفسها لتفر من المكان في حالة مزرية للغاية.
كانت بحاجة إلى الوقت لتفكر في عرضه المقلق، لم يكن ذهنها صافيًا بالقدر الكافي لتتخذ قرارًا حاسمًا ونهائيًا في ذلك الشأن.
كل الأجواء حولها متوترة ومشحونة للغاية، فتعوق الوصول إلى حل صائب وعقلاني في الظروف الحالية.

أرادت الانفراد بنفسها لتصل إلى قرار أخير بعيدًا عن أي ضغوطات خارجية، لذلك جلست بالاستقبال بالطابق الأرضي بالمشفى مسترجعة في ذاكرتها كل ما مرت به.
رحل والديها، خسرت حبهما وحنانهما فجأة، فباتت الحياة بالنسبة لها مظلمة وباردة، ثم انتقلت للعيش مع عمتها حيث تتواجد معاملات جافة وقاسية من ابنتيها، وخاصة الكبرى.
وإن كانت الصغرى مرنة نسبيًا في بعض الأمور إلا أنها ليست على وفاق كلي معها.

عرفت بوصية أبيها الخاصة بتملك دكانه العتيق بعد وفاته بفترة قصيرة، ففرحت بوجود رابط ملموس يذكرها بالأحباء الراحلين، وأصرت على رؤيته واستعادة ما هو ملكها، لكن فقدت والدتها أثناء مسعاها لتحقيق أمنيتها.
تمسكت بأخر بارقة أمل وسط تلك الصعوبات التي مرت بها، واستمتعت برائحته التي جددت ذكراهم في روحها الملتاعة، لكن هدد إحساسها بذلك الدفء مسألة بيعه.

أعادت رأسها للخلف وهي تشبك ساعديها معًا أمام صدرها لتواصل تفكيرها المتأني.
فتجسد بقوة في مخيلتها مقتحمًا خلايا عقلها ومسيطرًا عليه. منذر..
إنه هو منذ أول مرة رأته فيها بصلابته وهيبته.

ظنت أنها لحظة عابرة في حياتها ستمضي ولن تراه مجددًا، لكن شاءت الأقدار أن يتلاقيا من جديد، وما تلاه من مصادمات معه وتحديات عنيدة جعلتهما خصمين يمقتان بعضهما البعض. ورغم ذلك كان الوحيد الذي يدعمها، يقف إلى جوارها في أشد المواقف حرجًا فيشعرها بالأمان.
سحبت أسيف نفسًا مطولًا حبسته في صدرها، ثم أغمضت جفنيها للحظات، قبل أن تعاود فتحهما وهي تتنهد بعمق.

ربما هو على صواب، هي بحاجة إليه كي لا يتعرض لها الحاج فتحي من جديد، فهو ليس من النوع اللين الذي يصفح بسهولة، ومن المحتمل أن يكون قد نصب لها فخًا لاستدراجها إلى هناك، فهو يعرف أهمية بيتها بالنسبة لها.
أنهكها التفكير المتواصل، وأجهد عقلها صعوبة الوصول إلى حل آخر بدون اللجوء إلى تلك الخطبة المزعومة.
زفرت بتعب، ثم استندت برأسها على مرفقها.

راقبها منذر من على بعد مانعًا نفسه بصعوبة من الاقتراب منها واقتحام عزلتها المؤقتة.
خشي من تركها بمفردها فيأتي ذلك الوقح من جديد ويفرض نفسه عليها، أو ربما يفعل الأسوأ معها خاصة وأنه يعرف نواياه الخبيثة.
ما أقلقه حقًا هو تفكيرها الطائش في أغلب الأحيان. دومًا تتخذ قرارًا أهوجًا في لحظة متهورة لتستفزه بعنادها الغير منطقي.
لم يكن أمامه سوى الضغط عليها وإقناعها بضرورة القبول.

ربما هي حجة مؤقتة للتقرب منها والبقاء إلى جوارها، لكن مع الوقت سيبوح لها بما يكنه نحوها من مشاعر صادقة.
تحرك صوبها بخطوات ثابتة حتى وقف قبالتها.
شعرت بتلك العتمة القليلة التي حجبت الضوء عنها فجأة، فرفعت رأسها للأعلى لتحدق به فرأته أمامها.
حركت شفتاها بحركة عفوية مزعوجة من وجوده حولها.
تنحنح بصوت خفيض وهو يتساءل بنبرة مهذبة: -ممكن نتكلم؟

أبعد عيناها عنه مرددة بعبوس: -أنا عاوزة أقعد مع نفسي شوية، فلو سمحت آآ..
قاطعها قائلًا بإصرار: -أسيف، أنا عارف إنك مترددة ومش حابة تقبلي باقتراحي، بس هو ده الأنسب ليكي، إنت مش هاتضرري من حاجة!
ردت عليه باستنكار وقد احتدت نظراتها: -انت بتكلم عن خطوبة وارتباط وكأنها حاجة عادية بالنسبالك، أنا صعب أقبل بحاجة زي كده، مستحيل أصلًا أتجوز حد مش عارفاه ولا حتى بأحبه! لأ وبالطريقة دي كمان!

رغم رغبته الشديدة في توطيد الارتباط أكثر وبلوغ أخر مراحله إلا أنه تريث في خطواته، لم يرد التعجل فيه كي لا يفسده برمته.
لذا بصعوبة بالغة أجابها دون أن يظهر تغيير في نبرته: -محدش اتكلم عن جواز، أنا بأقولك خطوبة صورية، حاجة كده وكده يعني
ردت عليه بتهكم واضح: -أها. هزار وكلام فارغ!
ضبط ببراعة هدوئه أمام استهزاءها الساخط، ثم جلس إلى جوارها ليتابع حديثه بجدية جافة:.

-شوفي أنا عاوزك متقلقيش، أنا مش هاغصبك على حاجة، بس لو ركزتي في كلامي هتلاقي إن ده فعلًا الحل الوحيد عشان تروحي البلد بحماية ومن غير ما حد يتعرضلك!
ضاقت نظراتها نحوه مرددة باستخفاف: -وأنا محتاجة لحماية منك انت بالذات؟
أزعجه أسلوبها التهكمي، فحذرها بجمود: -لاحظي إن كلامك جارح معايا!
رمشت بعينيها بتوتر، وظلت تفرك أصابع يديها بحركة عصبية.

تنهد بعمق متابعًا: -ومع ذلك أنا من غير حاجة كنت واقف جمبك! بيتهيألي إنتي عارفة ده كويس ومش محتاجة أوضحهولك!
ضغطت أسيف على شفتيها قائلة بحرج قليل: -أنا مقصدش، بس دي مشاكلي وتخصني لوحدي وآآ.
قاطعها مكملًا بصلابة: -ورغم كده أنا اتدخلت فيها عشان مرضتش إن حد يجي عليكي أو يظلمك
رفعت رأسها للأعلى هامسة بامتنان: -وأنا بأشكرك على ده، بس دلوقتي أنا آآ..

استشعر رفضها، فمنعها من مواصلة حديثها هاتفًا بجدية هادئة: -أسيف، أنا مش من النوع الزنان ولا اللحوح في طلباتي، اللي بأعوزه بأعمله على طول، مش بأضيع وقتي، بس عشان الموضوع ده يخصك انتي بالذات، فلازم توافقي عليه بنفسك! وإلا..
صمت لثانية قبل أن يتابع بصلابة تامة: -وإلا كان زماني خدت فيه قرار من زمان!
لم تهتز نبرته وهو يشير بكلماته المتوارية إلى صرامته وتذمته في بعض الأحيان.

نظر مباشرة في عينيها متساءلًا بجدية أشد: -فيا ريت تقوليلي قرارك دلوقتي، رأيك ايه في موضوع الخطوبة؟
ظلت تطالعه بأعين زائغة حائرة، هو يحاول جاهدًا أن يبث لها الأمان والثقة في حديثه، أن يظهر لها دعمه ومساندته لها، وهي في أمس الحاجة إلى ذلك الآن.
استسلمت أخيرًا أمام إصراره قائلة: -ماشي. بس بشروط!
خرجت تلك الكلمة من شفتيها كالمسكن لأعصابه المحترقة من فرط التفكير المتوتر.

تنفس الصعداء لموافقتها، شعر بارتياح غير طبيعي لقبولها بعرضه.
لم يتخيل أنها ستقبل به في النهاية، فقد وصل معها لمرحلة ميؤوسة منها خاصة بسبب عنادها الكبير. وهي كعادتها فاجئته بقرارها.
انتصب في جلسته، وشعر بدمائه تتدفق بغزارة في جميع عروق جسده لتصيبه انتعاشة رهيبة.
وعلى الرغم من كونه موافقتها مشروطة إلا أنه لم يمانع أبدًا، فالأهم أنها ارتضت بالخطوبة.

لمعت نظراته بوميض غريب، والتوى ثغره للجانب ليرد عليها مبتسمًا: -وأنا موافق عليها!
ضاقت نظراتها نحوه إلى حد كبير، وظلت مجمدة عيناها عليه للحظات قبل أن تنطق بغموض:
-مش لما تعرف هما ايه..!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة