قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل السابع والستون

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل السابع والستون

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل السابع والستون

تبادل الاثنان نظرات مطولة وكلاهما منتظران بترقب ما سيقال لاحقًا.
تعلقت أنظاره بها، فلم يبعد عيناه عنها، وتابع عن كثب تلك الحركات المتوترة الصادرة منها.
هو لم يعبأ بما سيحدث فيما بعد، فالأهم حاليًا أنها وافقت على عرضه.
استطردت أسيف حديثها قائلة بارتباك شبه ملحوظ: -زي ما قولتلك أنا عندي شروط على الخطوبة دي!
شدد منذر من كتفيه هاتفًا بهدوء رزين: -وأنا سامعك، اتفضلي!

ابتلعت ريقها وهي تتحاشى النظر نحوه، كانت تشعر بأعينه المسلطة عليها، فتوردت وجنتيها خجلًا منه.
تنهدت مرة أخرى وهي تواصل حديثها بحرج قليل: -مش عاوزة أعمل لا هيصة ولا فرح ولا أي حاجة، يعني مجرد اتفاق كده بيني وبينك وخلاص!
لم تهتز عضلة واحدة من وجهه وهو يصغي إلى حماقاتها، وبدت تعابيره جامدة للغاية لا تعكس أي شيء.

صمت للحظات ولم يعقب، فحركت رأسها للجانب لتنظر إليه. رأت نظراته الحادة مثبتة عليها، فعضت على شفتها السفلى متساءلة بارتباك:
-مقولتش ردك ايه؟
أجابها بجمود جاف: -هو الكلام ده عاوز رد؟
تعقدت تعابير وجهها وهي تسأله باستغراب: -مش فاهمة!
رد عليها بجدية مقلقة: -يعني ايه اتفاق بيني وبينك وخلاص؟
أجابته بهدوء حذر وهي ترمش بعينيها: -يعني كلام عادي وبس، محدش يعرف عنه حاجة إلا احنا وبس!

لم يظهر أي تأثير واضح عليه، وتابع قائلًا بامتعاض: -طيب هاتي اللي بعده!
سألته بفضول محاولة سبر أغوار عقله وفهم ما يدور في رأسه: -مش هاتقولي رأيك؟
أجابها بسخط واضح في نبرته رغم ثبات تعابيره: -لما أسمع كل شروطك!
أومأت برأسها قائلة بإيجاز: -ماشي.

أخذت نفسًا عميقًا مرة أخرى، وزفرته على مهل وهي تتابع بحذر: -أنا. أنا مش عاوزة لا دبل ولا شبكة ولا أي حاجة، زي ما فهمتك إنها خطوبة كده وكده، فمافيش داعي للمنظرة ولا كل الحاجات اللي مالهاش لازمة دي!
قست تعابير وجهه أكثر، وضاقت نظراته وهو يسألها بجمود: -ها وايه كمان؟
أجابته بجدية وهي تشير بسبابتها: -الخطوبة هاتخلص لما أرجع من البلد، كأنها لم تكن يعني!

احتدت نظراته، بل وزاد انعقاد ما بين حاجبيه عقب ما قالته.
جاهد ليبدو هادئًا وهو يسألها بصوت ممتعض: -في حاجة تانية لسه؟
هزت رأسها بالإيجاب مضيفة بتريث: -اه. الدكان!
هتف متساءلًا بجفاء: -ماله؟
توترت أكثر وهي تحاول تفسير ما تريد قوله دون حرج، فبدا صوتها مترددًا وهي تستطرد حديثها قائلة:.

-انت قولتلي إنك آآ. إنك هاتديني نصيبك اللي اشتريته من عمتي على اعتبار إنه مهري، أنا موافقة أخده، بس أنا هادفعلك فلوسه، مش هاخده كده، يعني. أنا. أنا هاقسطلك اللي صرفته على كذا آآ..
قاطعها منذر هاتفًا بنفاذ صبر: -في حاجة تانية ولا خلاص؟
ضغطت على شفتيها مرددة بخفوت: -لأ. دول اللي جوم في دماغي!
اشتدت تعابير وجهه حدة، وتجمدت نظراته المحتقنة نوعًا ما عليها.

أردف قائلًا بنبرة جامدة تحمل الصرامة والشدة: -طيب. اسمعيني للأخر ومن غير مقاطعة زي ما أنا سمعت الهبل ده ومعلقتش عليه!
فغرت شفتيها مرددة بذهول: -هبل!
رد عليها بجدية وهو عابس الوجه: -ايوه.
تلون وجهها بحمرة سريعة، وهتفت محتجة على سخريته من شروطها قائلة بعصبية ملحوظة: -إنت آآ..

قاطعها توًا قبل أن تكمل اعتراضها هاتفًا بصوت آمر: -اهدي واسمعيني كويس. الأول مافيش حاجة اسمها خطوبة منظر من غير ما حد يعرف، ده اسمه جنان وتخاريف!
ردت عليه بغيظ وقد اشتعلت نظراتها: -افندم!
أضاف قائلًا بسخط: -ايوه، لأن لو ده كلام عاقلين مش هايكون بالشكل ده!

عبست أسيف بوجهها وهي تطالعه بنظرات محتقنة، وقبل أن تفتح شفتيها لتدافع عما تريد أكمل معاتبًا بتوبيخ صارم: --إزاي مش عاوزة خطوبة وفي نفس الوقت إنتي ساكنة في حتة شعبية؟ يعني الكل هايتكلم عنك إنتي بالذات، ومش شرط قدامك، من ورا ضهرك وهايقولوا عنك في الخمر يا ليل لمجرد إنهم شايفينك رايحة جاية معايا!
صاحت محتجة بانفعال بائن على تصرفاتها: -ومين قالك إني هاطلع واجي معاك من الأساس؟!

أجابها منذر باستنكار قاسي: -سيادتك أنا مش هالبس طقية اخفا، ومش هاقبل إن حد يجيب سيرتك بحرف واحد لمجرد إنهم شافوكي مرة ولا اتنين معايا!
عجزت عن الرد عليه، فحديثه كان منطقيًا بدرجة كبيرة، كيف له أن يقبل بمن يسيء إلى سمعتها لمجرد رفضها إعلان تلك الخطبة؟ وهي منذ برهة قد خاضت تجربة لاذعة مع ابنة عمتها، فماذا عن الغرباء؟

أخرجها من تفكيرها المتخبط صوته المردد بجدية: -ده غير إني لما بأحب أعمل حاجة بأعملها في النور، يعني لازم تكون ليكي قيمتك وكرامتك وأنا بأخطبك، والناس كلها تعرف بده!
كان محقًا في هذا، هو يريد لها الأفضل، أن يحفظ كرامتها ويعطيها أبسط حقوقها.
زادت نبرته قوة وهو يتابع عن قصد: -أسيف! إنتي مش واحدة لا ليكي أهل ولا عيلة عشان تداري نفسها وتخاف من الفضيحة، إنتي غالية أوي عندنا!

اصطبغ وجهها بحمرة خجلة من كلماته المتوارية رغم أنها عامة لا تتضمن غزلًا صريحًا، لكنها استشعرت أهميتها عنده.
تحاشت النظر إليه، وظلت تفرك أصابع كفيها بتوتر.
أخفض نبرته ليبدو صوته رزينًا وهو يضيف: -وأنا كده بأصونك وبأحفظك وبأمنع أي كلب إنه يتعرضلك لما يعرف إنتي مخطوبة لمين!
ردت عليه بتلعثم قليل: -بس دي مش خطوبة بجد، دي تمثلية وآآ..
قاطعها قائلًا بجدية صارمة: -حتى لو كانت تمثلية، يبقى تتعمل صح!

خجلت منه أكثر، هو يفكر بصورة عقلانية عنها، وهي التي تحكم على الأمور بظواهرها. تعاند فقط لمجرد ألا يفرض أحد رأيه عليها، أو يهمش قراراتها، وليس لأنه يفكر في الصالح العام لها.
تنهد منذر بصوت مسموع وهو يكمل على مضض: -نيجي للحاجة التانية، مش عاوزة تلبسي دبل، وماله!

نظرت له بجمود قبل أن يضيف ساخرًا: -طول ما انتي في البيت اعملي زي كل البنات مابتعمل اقلعيها وحطيها في أي درج، لكن لما تخرجي من بيتك البسيها، وطالما يا ستي مش هاتخرجي معايا ولا هاتشوفي الشارع يعني إنتي كده هاتفضلي قلعاها على طول!
بدا حديثه مقنعًا بالنسبة لها، فسألته باقتضاب: -والشبكة؟
أجابها بفتور رغم ضجره: -براحتك، دي هدية من العريس للعروسة، فلو مش عاوزاها خلاص!

ردت عليه بإصرار وهي عابسة الوجه: -لأ مش عاوزة
رغم انزعاجه من رفضها الغير مبرر إلا أنه اضطر أن يوافق على طلبها.
تابع مضيفًا بلهجة شديدة الجدية: -ماشي، أما موضوع الدكان فده اتفاق بينا! إنتي وافقتي على عرضي، وده المقابل!
ازدردت ريقها هاتفة باعتراض: -بس آآ..
أشار لها بكفه مقاطعًا بصلابة: -من غير أي بس، وأتمنى تفكري بالعقل شوية، مش مجرد اعتراض والسلام!

أومأت برأسها مضيفة بعناد: -طيب، وأنا عاوزاها تخلص لما أرجع من البلد!
أشاح بوجهه للجانب مرددًا بتجهم: -هانشوف الموضوع ده بعدين، مش هانسبق الأحداث
أصرت على رأيها قائلة: -لأ، لازم نتفق الأول!
هتف باقتضاب وهو يزفر بانزعاج: -ربنا يسهل!
سألته أسيف بإلحاح أكبر وهي تنظر له: -يعني اه ولا لأ؟
انتظر منذر لثوانٍ قبل أن يجيبها بنبرة غامضة: -سبيها على الله، مش هاننبر فيها من قبل ما نعمل حاجة!

شعرت أسيف بالريبة من رده الغير مريح، كانت تريد أن تحسم كل شيء منذ البداية، حتى لا تضطر للمجادلة معه من جديد، لكنه أنهى الحديث بنهوضه من جوارها.
لم يكن أمامها سوى الصمت والقبول مؤقتًا بما اتفقا عليه، فالأهم أنها وصلت إلى مبتغاها في الأخير، حتى وإن كانت شروط ذلك الاتفاق لم تتحقق كليًا.
أوقفت سائق سيارة الأجرة عند الزاوية القريبة من صيدلية فاطمة وهي تلكزه في كتفه صائحة بامتعاض:.

-هنا يا أسطا، عند الناصية اللي جاية!
نظر لها السائق من المرآة الأمامية مرددًا بجمود: -ماشي يا مدام
ناولته أجرته قبل أن تترجل من السيارة وهي تعدل رضيعتها على كتفها.
نظرت بتعجب إلى الصيدلية المحطمة، وتساءلت مع نفسها بفضول كبير: -هو في ايه؟
اقتربت أكثر منها لتدقق النظر فيها، فرأت الزجاج المهشم، والحطام المتناثرة في كل مكان. كانت كمن أصابها اهتزازة أرضية فأتت عليها بالكامل.

لمحت أحد المارة – والذي تعرفه نوعًا ما – يتحرك على مقربة منها فسألته باهتمام: -ايه اللي حصل؟
أجابها بانزعاج وهو يشير بذراعه: -المعلم مجد ورجالته بهدلوا صيدلية الدكتورة فاطمة!
توهجت عيناها بوميض غريب، وهتفت متساءلة بفضول: -طب ليه عمل كده؟
هز كتفيه قائلًا: -محدش عارف!
مطت نيرمين فمها للأمام محدثة نفسها بغرابة: -مممم. الظاهر إنه بدأ يتصرف!

تركها الرجل وسار مبتعدًا عنها، فواصلت هي حديث نفسها متساءلة بخبث: -طب هايعمل ايه لما يعرف بالخطوبة!
التوى ثغرها بابتسامة شيطانية وهي تضيف بحماس مريب: -أحسن حاجة أضرب على الحديد وهو سخن!
عادت إلى الطابق المتواجد به غرف العناية الفائقة لتجد عمتها مرابطة هناك، وما إن رأتها الأخيرة حتى أسرعت نحوها متساءلة بقلق:
-كنتي فين يا بنتي؟
أجابتها بارتباك قليل وهي تشير بحاجبيها: -أعدة تحت مع آآ، مع الأستاذ منذر!

أمسكت عواطف بكف يدها تسحبها ناحيتها، ثم سألتها باهتمام كبير: -ها واتفقتوا؟
ضغطت على شفتيها قائلة بهدوء: -يعني. حاجة زي كده!
رد عليها منذر بابتسامة خفيفة: -قولي الحمدلله يا ست عواطف!
رفعت الأخيرة رأسها نحوه لتهتف بسعادة: -يستاهل الحمد، خير يا رب!
ثم أشارت بيدها للخلف متابعة بجدية: -وأنا كمان لسه جاية من عند بسمة، وهي أحسن شوية!
تنهدت أسيف بارتياح وهي ترد: -الحمدلله يا عمتي، ربنا يشفيها!

ردت عليها عواطف بتضرع: -يسمع منك ربنا
أضاف منذر قائلًا بجدية: -تعالوا أوصلكم البيت!
التفتت أسيف نحوه قائلة باعتراض: -لأ أنا هافضل معاها!
رد عليه بصرامة قليلة وهو يرمقها بنظرات جادة: -ميعاد الزيارة خلص، ومالهاش لازمة الأعدة، إنتو محتاجين ترتاحوا!
وافقته عواطف الرأي هاتفة بإرهاق: -اه والله، جسمي هلكان وركبي تعباني على الأخر!

أصر منذر على ذهابهما قائلًا بثبات: -وأنا رأيي ترتاحوا وبعد كده تيجوا تاني، كمان أنا موصي الدكاترة لو في حاجة جت يكلمونا على طول!
ترددت عواطف للحظة وهي تقول بقلق: -بس أخاف أمشي وبنتي تفوق ومش تلاقينا جمبها!
رد عليها منذر بتأكيد: -اطمني يا ست عواطف، لو فاقت هتلاقينا كلنا عندها!
تنهدت مضيفة باستسلام: -طيب! أمري لله
ثم لفت ذراعها حول كتفي أسيف قائلة بود: -بينا يا أسيف!

لم يكن أمامها بدًا من الاعتراض، فهي الأخرى بحاجة للراحة بعد ذلك الإرهاق المتواصل، لذلك ابتسمت هاتفة باختصار:
-حاضر!
ربتت عواطف على كتفها قائلة بلطف: -ربنا يسعدك يا بنتي ويفرح قلبك ويرزقك بكل اللي نفسك فيه!
وقفت أمامه عند المقهى الشعبي ترمقه بنظرات ساخطة وهي تراه ينفخ دخان الأرجيلة في الهواء.
دنت أكثر منه وهي تهتف بحماس زائف: -تسلم على اللي عملته، كل الحتة بتحكي عنك!

انتبه مجد لصوتها فسلط أنظاره القاتمة عليها.
رأها تتغنج بجسدها بطريقة مستفزة، ثم زادت من استثارة حنقه بترديدها بابتسامة ماكرة:
-صحيح رجعتنا لأيام زمان يا معلم مجد!
لوح لها بخرطوم أرجيلته قائلًا بنبرة مكفهرة: -امشي يا حرمة منها، أنا مش ناقص وجع دماغ!
مصمصت شفتيها مرددة باستنكار: -الحق عليا اني جاية أباركلك!

نفذ صبره من طريقتها المزعجة في فرض نفسها عليه، فصاح بوقاحة غليظة: -غوري بأم وشك الفقر ده من هنا خليني أشرب الحجرين على رواقة!
عبست بوجهها بحزن مصطنع، ثم أخفضت نبرة صوتها لتقول بعتاب: -الحق عليا، كنت جاية أعزمك على خطوبة بنت خالي!
انتبهت حواسه كليًا لجملتها الأخيرة، وتصلبت تعابير وجهه كرد فعل طبيعي لما سمعه توًا.

ابتسمت قائلة بتفاخر متعمدة إثارة غضبه: -مش سيد الرجالة سي منذر خطبها وإنت. وإنت أعد كده محلك سر!
هدر بها قائلًا بعصبية مغتاظة: -جرى ايه يا..!
فغرت شفتيها معاتبة إياه لتلفظه بكلمات نابية مسيئة في حقها، وردت قائلة: -وليه بس تغلط فيا، الظاهر إنك مش بتتشطر غير على الحريم وبس!

استشاطت نظراته من أسلوبها المستفز، فتيقنت أنها وصلت إلى ما تريد لذلك عمدت إلى النظر إليه باحتقار أكثر لتؤجج غضبه وهي تواصل استهزائها الساخط منه.
تابعت مضيفة بازدراء مهين: -لأن الرجالة اللي بجد بتعرف تاخدحقها صح! سلام يا. يا معلم!
هدر بها بانفعال وهو يضرب بعنف بخرطوم أرجيلته على الطاولة المستديرة الموضوعة أمامه:
-ده انتي ولية حيزبونة بصحيح!
كركرت ضاحكة بسخرية وهي تسير مبتعدة.

لم تنظر خلفها لترى ردة فعله، ولم تعبأ بسبه لها، فقد كانت متأكدة أنه يغلي من داخله بعد نجاحها في استفزازه بكلماتها.
ظل مجد يضرب بكفه على فخذه بعصبية وهو يقول بنبرة مغلولة: -مش مجد أبو النجا اللي يتاخد منه حاجة ويسكت!
زادت نبرته قتامة وهو يضيف بنبرة عدائية مخيفة: -وخصوصًا لما يكون من ابن الحرام ده! بس لسه الحوار مخلصش، ده ابتدى معاك يا..!
بعد مرور عدة أيام،.

صافحه بترحاب كبير براحتي يده وهو يبادله ابتسامة سعيدة قبل أن ينطق بتهذيب معتاد في تلك النوعية من المواقف:
-نورت المدرسة يا أستاذ ناصر، إنت جاي عندنا بتوصية كبيرة، ومن فوق كمان!
برزت أسنان ناصر الصفراء من خلف ابتسامته العابثة وهو يرد بامتنان: -الله يكرمك يا فندم، ده شرف ليا إني أكون معاكو هنا في الصرح التعليمي ده!
تابع وكيل المدرسة قائلًا بهدوء: -أنا هاخدك في جولة في المكان عشان تتعرف عليه!

هز رأسه قائلًا باختصار: -تمام
سار الاثنان سويًا في أروقة المدرسة ليتفقد ناصر كل جزء فيها عن كثب، فتلفت حوله مبديًا إعجابه بتصاميم المكان وبتلك الانتقالة الفارقة في حياته.
لن ينكر أن رجله الهام نفذ طلبه، ووضعه في مكان راقٍ ذو مستوى أفضل بكثير عما كان به من قبل.
اتسعت ابتسامته المتباهية وهو يتنهد مستمتعًا بما يراه.

قطع تأمله صوت الوكيل وهو يردد بجدية: -هاتحب الطلبة عندنا، هما كلهم مجتهدين واهاليهم بتساعدنا نرتقي بالمستوى، ده غير فريق العمل هنا على قدر من الكفاءة!
رد عليه بنبرة متباهية: -ده واضح فعلًا من شكل المكان يا أستاذ!
تابع وكيل المدرسة قائلًا بتشجيع: -كل اللي هتحتاجه من معدات وأدوات هتلاقيه، ولو في حاجة ناقصة بلغنا، وحنا هانجيبهالك على طول!

ثم توقف عن الحديث للحظة ليلتقط أنفاسه، ومن ثم أضاف بهدوء: -أوضة الصيانة هاتكون ورا الجنينة الأمامية، هاوديك عندها
رفع ناصر يده على رأسه ليمررها في خصلات شعره، ولمعت عيناه ببريق غير مريح وهو يحدث نفسه بعبث:
-ماشي. واضح إني هاشوف حاجات فل هنا..!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة