قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل السابع

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل السابع

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل السابع

ارتجف جسد حنان بعد أن قرأت ذلك العقد القديم الذي تنازل فيه زوجها الراحل عن نصيبه في إرث أبيه لإبنتهما الوحيدة.
احتارت كثيراً في سبب إقدامه على فعل هذا دون إبلاغها بالأمر أو حتى التلميح عنه.
ربما هو أراد حمايتها بتلك الطريقة، وإعطائها ما تستحق دون الدخول في مشاحنات أو ما شابه، لكنها باتت تخاف أكثر من تحول الأمر للعكس.
ضغطت على شفتيها بقوة، وهزت رأسها مستنكرة قراره النافذ.

لم تكن تريد لصغيرتها أن تخوض تجربة الصراع والكره مع أقارب والدها الأشداء، فهي على دراية تامة بشراسة طباعهم ونواياهم الدنيئة، وقد كانت هي إحدى ضحاياهم قديماً، حينما افتدت الحاج خورشيد وتلقت طلقة نارية طائشة كادت تودي بحياته، فأصابتها في مقتل، وسببت لها العجز.
وكل هذا بسبب تخصيصه لجزء من أملاكه لابنه رياض مع شقيقته عواطف.

كان الهدف من محاولة الاعتداء هي قتل ابنه لضمان عدم حصوله على شيء، لكنها ظهرت في المكان الغير مناسب لتتلقاها هي.
وقتها قرر رياض الزواج منها، وتحسرت حنان على حالها، فقد اعتقدت أنه زواجاً لمجرد الشفقة والتعويض، لكنه أثبت لها على مدار السنون أنه زواجاً قائماً على الحب والمودة والعشرة الطيبة.
طأطأت رأسها بحزن، وأخرجت زفيراً عميقاً من صدرها، ثم تمتمت مع نفسها بنبرة خائفة:
-عدي اللي جاي على خير يا رب!

مط الحاج طه فمه للأمام وهو يطالع بإهتمام بعض التجديدات التي طرأت في المحال المملوكة له أسفل البناية موضع الاتفاق وهو يقف على مسافة جيدة لتمكنه من الرؤية بوضوح.
بالطبع كان الدكان العتيق يفصل بين تلك المحال، ويحول دون توسعها بالشكل المطلوب.
نفخ بضيق من وجوده في وسطهم مانعاً من إتمام الإتفاق المبرم سابقاً. نفخ مجدداً، وصاح عالياً بنبرة شبه محتدة:
-شبطوا المحارة خلينا نشوف هنعمل ايه.

خرج أحد العاملين بالداخل ليرد بجدية: -كله تمام يا حاج، المونة تنشف، ويبدأ الكهربائي شغله ويرمي مواسير الكهربا
ضرب بعكازه الخشبي الصلب الأرضية من أسفله، وهتف فيه بصرامة: -ماشي، مش عاوز تأخير!
أشار العامل بيده للأمام قائلاً بجدية: -هي العطلة بس من الدكان ده! واقف في النص وآآ..
قاطعه طه قائلاً بغلظة قبل أن يتمم الأخير عبارته: -خلصوا شغل في اللي معاكو وربنا يسهل في الزفت ده!

هز العامل رأسه إيجاباً وهو يردد بخنوع: -أوامرك يا حاج!
ثم دس الحاج طه يده في جيب جلبابه الرمادي ليخرج هاتفه المحمول منه، ووضعه على أذنه بعد أن ضغط على زر الاتصال بابنه البكري.
انتظر للحظات قبل أن يسمع صوته على الطرف الأخر، فهتف عالياً: -ايوه يا منذر، انت فين؟
أجابه منذر بصوت جاد: -بأخلص كام مصلحة يا حاج
هتف فيه أباه بصلابة: -طب يا بني، أما تفضى عدي عليا، عاوزين نروح لعواطف النهاردة.

رد عليه منذر بصوت خشن: -حاضر، اديني ساعة زمن!
أخذ الحاج طه نفساً عميقاً، وزفره دفعه واحدة ليجيبه بإنزعاج ملحوظ: -ماشي يا بني، الله يعينك
-سلام يا حاج
أنهى طه المكالمة مع ابنه ثم أعاد وضع هاتفه في جيبه، وظل محدقاً بالدكان العتيق بنظرات مطولة لا تنتوي أي خير على الإطلاق.
حدجت جليلة ابنتها الصغرى أروى بنظرات حادة وهي تصيح فيها بصوت آمر بعد أن ضجرت من تكاسلها عن استذكار دروسها:
-يا بت اعملي الواجب بتاعك!

نفخت الصغيرة بعبوس ظاهر على محياها وهي تردد: -مش فاهمة فيه حاجة، خليني أخد درس!
هتفت فيها بصوت ممتعض وهي ترفع حاجبها للأعلى: -أبوكي قايل مافيش طلوع من البيت، عاوزة تتبهدلي تاني!
زفرت أروى مجدداً قائلة بإستياء وهي تستند بوجهها على كفيها: -يووه، أنا زهقت مش فاهمة حاجة خالص، والواجب كتير وصعب أوي.

أضافت والدتها قائلة بنبرة حاسمة: -أما يجي أبوكي هاكلمه في الموضوع ده، وبالمرة يشوف أبلة تذاكر للواد يحيى هو كمان!
تهللت أساريرها نسبياً بعد اقتراح والدتها، وهتفت متساءلة بتفاءل: -طيب والواجب؟
أجابتها بقلة حيلة وهي تغلق الكتب المفتوحة: -استني أما يرجع حد من أخواتك الكبار ويساعدوكي فيه، أنا مش فاهمة منه كلمة
اتسعت ابتسامة الصغيرة على أشدها حتى برزت نواجذها لعدم اضطرارها للاستذكار، ثم تساءلت بحماس:.

-ماشي يا ماما، ينفع اتفرج على التلفزيون؟
ردت عليها جليلة بعدم مبالاة وهي تهز فمها للجانبين: -قومي، ماهي مش جايبة همها!
نهضت أروى سريعاً من مقعدها وهي تدندن بسعادة، فنظرت لها والدتها بإندهاش من تصرفاتها الطفولية، ثم نهضت هي الأخرى عن الطاولة وقامت بجمع مذكرات وكتب صغيرتها ورصتهم فوق بعضهم البعض.
انتبهت هي إلى صوت رنين الهاتف الأرضي، فتحركت بتمهل نحوه لتجيب عليه.

رفعت السماعة ووضعتها على أذنها، وردت بصوت أمومي: -ألوو، مين؟
استمعت للصوت الأنثوي الذي أتاها على الطرف الأخر فعرفت هويتها فوراً.
تبدلت ملامح وجهها للعبوس، وتحولت نظراتها للإنزعاج، ثم تابعت قائلة بإمتعاض جلي:
-ايوه يا ولاء، خير؟
ظلت جليلة صامتة لبرهة مصغية لما تقوله طليقة ابنها، وردت عليها بإقتضاب: -يحيى نايم، يا حبيبي جاي تعبان من مدرسته.

سكتت عن الحديث لتستمع لها، وأضافت بإيجاز: -ماشي، أما يصحى هخليه يكلمك، سلام
نفخت بإشمئزاز، ووضعت السماعة بضيق كبير، ثم هتفت بنبرة تحمل البغض والغل: -ربنا يريحنا منك، لولا الواد كنت آآآ، استغفر الله العظيم، دايماً تفور دمي كده!
على الجانب الأخر، طلبت حنان من ابنتها أن تنهي أعمال المطبخ سريعاً لتجلس معها لتتحدث الاثنتان في أمر هام.

ظل بال أسيف مشغولاً وهي تجفف الصحون محاولة تخمين ذلك الموضوع الطاريء الذي تريد والدتها مفاتحتها فيه.
جففت يديها، وتوجهت إلى غرفة مكتب أبيها حيث تتواجد أمها، ثم جلست على الأريكة بجوار مقعدها المتحرك.
ابتسمت برقة وهي تتساءل بصوت خفيض لا يخلو من القلق: -خير يا ماما!
حدقت فيها حنان بنظرات عميقة قبل أن تجيبها بحذر: -أسيف، كنت محتاجة أحكي معاكي في حاجة!

استشعرت هي وجود خطب ما، فوالدتها منذ باكر تبدو على غير طبيعتها. يوجد شيء ما يشغل عقلها وبشدة حتى بات تأثيره ظاهراً على ملامحها البسيطة، فبدت أكثر إرهاقاً وذبولاً.
ردت أسيف عليها بنبرة متوترة وقد اضطربت نظراتها نوعاً ما: -قلقتيني، انتي كويسة، بتشتكي من حاجة في جسمك، صحتك تمام؟
ابتسمت والدتها ابتسامة هادئة، وأجابتها بصوت خفيض وهي توميء برأسها بإيماءة خفيفة:
-اطمني يا بنتي!

ربتت على فخذها برفق وهي تتابع بتنهيدة خافتة: -أنا الحمدلله في أحسن حال
تنفست أسيف الصعداء وهي تجيبها: -يا رب دايماً
ترددت حنان نوعاً ما في كيفية البدء في الحديث الجدي، ولكن لا بديل عن فعل هذا.
ابتلعت ريقها، وأردفت قائلة: -الموضوع بخصوص أبوكي الله يرحمه!
هوى قلبها في قدميها عقب تلك العبارة الأخيرة، واضطربت أنفاسها نسبياً.
سيطر عليها التوتر، وتساءلت بتلهف: -خير؟
ترددت والدتها في إبلاغها بصراحة.

صمتت للحظات، ثم استطردت حديثها قائلة بتلعثم ملحوظ: -كنا اتكلمنا قبل كده عن آآ. عن عمتك عواطف والقطيعة اللي بينا!
هزت أسيف رأسها بإيماءة قوية مرددة بنزق: -ايوه، بس حضرتك مش حكيتي أي تفاصيل
أخفضت حنان نظراتها قليلاً، وردت بحذر: -سيبك من التفاصيل دي، المهم عندي تعرفي بموضوع الدكان
هتفت أسيف متساءلة بجدية: -ورث بابا من جدي خورشيد؟
أجابتها حنان بهدوء وهي تسلط أنظارها عليها: -ايوه!

ساد صمت قليل بينهما ولكنه مليء بالكثير من خلال نظراتهما العميقة.
قطعته والدتها مضيفة بتنهيدة مطولة: -عمتك قالت إن حقنا في الدكان محفوظ!
استعادت هي سريعاً في ذاكرتها ما دار في المكالمة الأخيرة مع عمتها. لذا حركت رأسها إيجاباً مرددة:
-اه، الرسالة اللي قالتلي أوصلهالك
تابعت والدتها قائلة بغموض: -مظبوط، ورياض الله يرحمه عمل ده، وحفظلك حقك!

عقدت أسيف ما بين حاجبيها متعجبة، ثم رددت بحيرة وهي تحاول تخمين المغزى من عبارة أمها الأخيرة:
-مش فاهمة!
حدقت فيها حنان بنظرات ثابتة، ولم تطرف عيناها لثوانٍ وكأنها تستمد قوتها لتقول بنبرة متريثة:
-أبوكي اتنازل عن نصيبه بالكامل ليكي!
اتسعت مقلتي أسيف بإندهاش كبير، ولم تصدق ما سمعته تواً.
انفرجت شفتيها مرددة بصدمة: -ايه؟
استأنفت حنان حديثها بهدوء مريب للغاية: -وده العقد بتاعه!

ثم مدت يدها بورقة قديمة مطوية نحوها.
تناولتها أسيف منها، وألقت نظرة عامة سريعة وشمولية على فحواها، ثم رفعت رأسها للأعلى لتتساءل بحيرة بادية على محياها:
-طب بابا عمل كده ليه؟
هزت والدتها كتفيها نافية وهي تجيبها بصوت هاديء: -مش عارفة، جايز كان بيفكر يحافظلك على حقوقك، يمنع الغريب يشاركك، مش فاهمة دماغه كانت فيها ايه بالظبط!
رمشت أسيف بعينيها متساءلة بنبرة قلقة: -طب وانتي يا ماما كنتي عارفة بده؟

حركت رأسها بالنفي وهي ترد: -لأ للأسف، أنا اتفاجئت باللي عمله!
أعادت أسيف التطلع للعقد مجدداً لتقرأه بتمعن.
بدت الحيرة واضحة في ردة فعلها وفي نظرات عينيها.
ضغطت على شفتيها متساءلة بخوف: -طب. طب وهانتصرف ازاي؟ يعني عمتي عارفة؟
أجابتها والدتها بهدوء: -بيتهيألي لأ
صمتت الاثنتان مجدداً ليفكرا في الأمر بروية.

نظرت أسيف للموضوع من زاوية مختلفة نسبياً عن السابق، فخفت حدة توترها نوعاً ما، وبدأت في حساب الأمور من منظور أخر.
ابتسمت برقة وهي تهمس: -ماما
حدقت فيها حنان قائلة: -ايوه يا حبيبتي
مالت هي للأمام بجسدها، وجمدت نظراتها عليها قائلة بحماس عجيب: -مش جايز يكون الدكان ده بداية خير لينا
استغربت حنان من تبدل حال ابنتها، وسألتها بنزق: -بمعنى؟

بررت أسيف ما عقدت العزم عليه قائلة بنبرة عقلانية: -يعني أنا فكرت قبل ما أعرف بالعقد ده إننا نروح عند عمتي!
ضاقت نظرات حنان، وقطبت جبينها بضيق بائن، ثم هتفت غير مصدقة ما قالته: -ايه؟ نروح عندها؟!
شعرت أسيف بإستنكار والدتها لتفكيرها في هذا الأمر، وتابعت معللة بهدوء محاولة الحفاظ على ثبات ردة فعلها المتحفزة:.

-اللي اقصده ان احنا كنا هنروح لدكتور كويس عشان حضرتك، فلو أمكن نستغل الفرصة ونزور عمتي وأشوف الدكان بالمرة!
ردت عليها أمها بإمتعاض: -مش وقته يا أسيف!
ألحت هي قائلة بإصرار أشد وهي تمد يدها لتمسك بكفها: -صدقيني يا ماما مافيش أحسن من دي فرصة، احنا معدتش لينا حاجة هنا تربطنا بالمكان غير البيت ده، وبصراحة أنا مش هاتحمل إني أشوفك بتتوجعي قصادي وأفضل ساكتة.

سحبت حنان يدها من كفها، وردت بجدية صارمة: -ربنا يخليكي ليا يا بنتي، أنا مش محتاجة حاجة!
رققت أسيف من نبرتها، ونظرت لأمها بنظرات عاشمة مرددة بإصرار: -عشان خاطري يا ماما، الموضوع مش هياخد غير كام يوم وخلاص!
لم تتوقف أسيف عن التشبث برأيها، ولم تعدل عنه. اعتبرت المسألة فرصتها الذهبية لترك تلك القرية الريفية والخروج إلى الحضر.

وبالطبع لم تستطع حنان الصمود أمام عنادها الشديد. فقد كانت أسبابها منطقية للغاية ومقنعة.
وهي لم تحاول إظهار خوفها عليها من ذلك المستقبل الغامض.
وفي الأخير تخلت عن رفضها، و تنهدت قائلة بإستسلام: -ماشي، بس هانروح نقعد فين؟
أجابتها أسيف بتلهف: -أي لوكاندة على أدنا، وإن شاء الله مش هانطول!
ردت عليها أمها بهدوء: -طيب.

اتسعت ابتسامة أسيف أكثر، وهللت بسعادة واضحة بعد أن استجابت لطلبها: -حبيبتي يا ماما، ربنا ما يحرمني منك أبداً
علقت جليلة جلباب زوجها في المكان المخصص له، ثم التفتت ناحيته قائلة بعبوس: -اتأخرت يا حاج
أجابها بإرهاق وهو ينزع حذائه عن قدميه: -مشاغل يا جليلة!
هتفت هي قائلة بتضرع معتاد: -ربنا يكرمك يا حاج طه ويوسع رزقك!
نظر لها دون أن يعقب، فتابعت قائلة بتوجس: -أنا بس خايفة عليك لتتعب بزيادة.

رد عليها بصوت منهك: -ربك المعين
ثم استدار برأسه ناحية باب الغرفة متساءلاً بإهتمام: -أومال فين أروى والواد يحيى؟
أجابته بنبرة عادية وهي تشير بيدها للخلف: -أعدين بيلعبوا جوا في اوضتهم
أضاف هو قائلاً بجدية: -طيب، جهزلي لقمة أكلها لأحسن على لحم بطني من الصبح
ردت عليه بحماس: -ثواني والأكل يكون عندك يا حاج.

وبالفعل خرجت من الغرفة لتتجه نحو المطبخ فرأت ابنها منذر مقبلاً عليها ومودعاً إياها في نفس الوقت مردداً:
-ست الكل!
نظرت له بغرابة وهي تتساءل: -رايح فين يا منذر؟
أجابها بتنهيدة متعبة: -رايح المطعم أشوف التوضيبات وأتكلم مع المهندس المسئول!
هتفت قائلة بإصرار وهي تضع قبضتها على ذراعه لتمسك به: -طب استنى هاجهزلك لقمة تاكلها على السريع.

أزاح يدها برفق عنه قائلاً بإقتضاب وقد ظهر الانهاك واضحاً على تعابير وجهه: -لأ مش عاوز!
-منذر!
هتف بإسمه أباه بصوت مسموع وجاد للغاية، فالتفت برأسه نحوه وردد ممتثلاً: -ايوه يا حاج
تابع طه قائلاً بلهجة شبه آمرة: -أما تخلص عدي على عواطف وشوف عملت ايه لأن انت اتأخرت عليا وأنا زهقت من الأعدة في الوكالة!
هز رأسه متفهماً وهو يقول: -ماشي، سلامو عليكم!

ردت عليه والدته التحية قائلة بصوت أمومي حاني متابعة إياه بنظراتها الدافئة: -وعليكم السلام، في حفظ الله يا ضنايا، وربنا يكفيك شر الناس!
أومأ دياب رأسه بإعجاب وهو يجوب بأنظاره المطعم متأملاً التجديدات التي طرأت عليه، وأردف قائلاً بتحمس وهو يربت على كتف مهندس الديكور:
-عال الشغل 100 100 يا رجالة!
رد عليه الأخير قائلاً بسعادة: -انت تؤمر بس يا ريس دياب.

أضاف دياب قائلاً بجدية وهو يشير بذراعه موضحاً ما يرغب في القيام به من تعديلات لائقة من وجهة نظره:
-أنا عاوزك توسع المدخل من هنا، وتعمل جيبسون بورد في الحتة دي، وتشيل الجزئية دي مالهاش لازمة!
هز المهندس رأسه بتفهم مردداً: -تمام، أنا هاكتب الملحوظات المطلوبة كلها وأظبطها، وبعد كده أعرضها عليك قبل ما أبدأ التنفيذ دي!
-متفقين.

في نفس التوقيت ولج منذر إلى داخل المطعم ليجد أخاه واقفاً إلى جوار مهندس الديكور، فهتف بصوت مرتفع يحمل المفاجأة:
-الله، انت هنا؟!
التفت دياب برأسه نصف التفاتة نحوه، ورد عليه بجدية: -منذر! حبيبي
وضع منذر ذراعه حول كتف أخيه الأصغر، وربت عليه برفق ثم سأله بإستغراب: -ايه اللي جابك؟ مش كان لسه عندك تسليم؟
أجابه الأخير بعبوس: -اتأجلت الطلبية، الزبون فلسع ( توفى )!

تعجب منذر مما قاله، وردد بضيق قليل: -يا ساتر يا رب!
ثم انتقل للسؤال التالي مردداً بإهتمام: -ها اتكلمت مع المهندس؟
أجابه دياب بثقة: -أه، هايظبط كل حاجة زي ما احنا عاوزين
زم منذر فمه للأمام قائلاً بإعجاب: -عظيم!
وسريعاً تحولت ملامحه للإنزعاج وهو يضيف على مضض: -ناقصنا بس نشوف البلوى اللي في النص دي!
فهم دياب المغزى من عبارته الغامضة، فأردف موضحاً دون تردد: -تقصد الدكان!

رد عليه منذر وهو ينفخ بضيق: -هو في غيره يا دياب
وافقه أخيه الرأي قائلاً: -عندك حق، معطلنا كتير
أضاف منذر قائلاً بنبرة عازمة وقد ضاقت نظراته للغاية: -أنا رايح عند عواطف أتكلم معاها أشوفها وصلت لإيه
رد عليه دياب بجدية: -طب خدني معاك في سكتك
استغرب منذر من رغبته في الذهاب معه لتلك الزيارة الثقيلة على قلبه متساءلاً بتعجب:
-هتطلع معايا عندها؟

هز رأسه بالإيجاب معللاً: -اه، وأهوو بالمرة ألاغيها بلغة السوق إن كانت معصلجة!
زفر منذر بصوت مزعوج، ثم دس يديه في جيبي بنطاله الجينز مضيفاً بتأفف: -المشكلة مش فيها هي، دي في أخوها!
رد عليه دياب بعدم اكتراث: -أهوو نشوفله سكة إن كان معاند في البيع
أخرج منذر يداً واحدة من جيبه، ولكز بها أخيه في كتفه قائلاً بحزم: -طيب، تعالى.

وبالفعل تحرك الاثنان إلى خارج المطعم متجهين إلى البناية التي تقطن بها عواطف عاقدين العزم على الوصول إلى حل حاسم و نهائي بشأن الدكان..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة