قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل الحادي والسبعون

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل الحادي والسبعون

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل الحادي والسبعون

سردت له بالتفصيل ما له علاقة باكتشاف وجود (حجاب) ما أسفل فراشه أثناء مكوث أسيف وعمتها بغرفته، وكيف فزعت هي من مجرد التفكير في حدوث الأسوأ له بمجرد رؤيته، وتوجسها من كونه مرتبط بالسحر والأعمال السفلية، وتأكيد نيرمين لها صحة ذلك الأمر.
نظر لها منذر بامتعاض مستنكرًا تفكيرها الساذج والمحدود، ثم هتف من بين أسنانه بحنق واضح:
-بقى تصدقي التخاريف دي يامه، لأ ومن مين من البت دي؟!

زمت شفتيها مبررة: -كنت هاعمل ايه طيب؟ أنا لاقيته تحت فرشتك وخوفت ل..
قاطعها هاتفًا بعتاب: -يا حاجة جليلة، ده انتي زرتي بيت ربنا، وعارفة إن ده اسمه كفر، هاقول ايه بس! مش عارف أرد عليكي!
ربتت على كتفه مرددة بحذر: -اهدى بس يا بني، أنا مكانش قصدي، بس هاعمل ايه خايفة عليك انت وأخوك، و..

رفع منذر كف يده أمام وجهها مقاطعًا بانفعال: -ده مش خوف يا أمي، وبعدين إيش حال أنا اللي جايبها بإيدي من دكانها! وجرتها بالعافية لحد هنا، لحقت تجيب أعمال امتى؟ مخاوية مثلاً؟
انفرجت شفتاها بذهول مما قاله، هي لم تنتبه لتلك الجزئية من قبل، وانشغلت بالتفكير فقط في كونها وجدت ذلك الحجاب.
تابع منذر حديثه بصرامة: -شوفي! من الأخر كده، انتي ظلمتي أسيف، هي لا بتاعت أعمال سفلية ولا حتى علوية!

أخفض والدته نظراتها حرجًا منه، فقد أخطأت في حقها، بينما استأنف حديثه مرددًا بسخط:
-الدور والباقي على قريبتها، دي محور شر متحرك!
دافعت عنها قائلة بحزن قليل: -والله دي نيرمين غلبانة وتتحط على الجرح يطيب، الظروف بس اللي معاندة معاها!
عقد ما بين حاجبيه صائحًا بتهكم: -دي حقنة! بلاش الله يكرمك الكلام ده عنها لأحسن أنا دمي بيفور لما بتيجي سيرتها!

أومأت جليلة برأسها متفهمة، فلم ترغب في إثارة أعصابه بحديثها الغير مجدي عنها، تحرك هو خطوتين للأمام مرددًا بين جنبات نفسه بوعيد جاد:
-بس أنا بقى هاتصرف معاها! وبالعقل!
لم يستطع كبح جماح غضبه بعد معرفته بتورط الجزار في تدبير حادث السير الخاص بحبيبته، فشل في ضبط انفعالاته وفي السيطرة على نوبة الهياج العصبي التي تملكت منه، انتظر على أحر من الجمر انصراف والده وأخيه لينطلق بعدها في اتجاه محل الجزارة.

سلط أنظاره عليه حتى كاد يحرقه بتحديقه الشرس فيه، لمحه أحد العمال بالداخل، فاقترب منه متسائلًا:
-خير يا سي دياب؟ تؤمرنا بحاجة!
تجمدت أنظار الأخير على وجه العامل، ورد عليه بغموض مقلق: -فين الكلب اللي مشغلك؟
فغر العامل شفتيه مندهشًا من تلك الإهانة الصريحة الموجهة لرب عمله، فصاح به دياب مجددًا بنبرة أشد غلظة وصرامة وقد برزت عروق وجهه النابضة:
-سمعتني
ارتجف العامل وهو يجيبه: -المعلم روح من بدري!

أشار له دياب بسبابته متابعًا بصوت هادر: -تتصل بيه وتقوله يجي دلوقتي بدل ما يلاقي الهلومة دي كلها كومة فحم!
هز رأسه بالإيجاب وهو يردد بخنوع: -أوامرك يا سي دياب!
وضع كفيه على منتصف خصره مثبتًا أنظاره على اسم الجزارة، كانت عيناه تطلقان شررًا مخيفًا، لكنه أقسم ألا يجعله يهنأ أبدًا في ليلته، سيذيقه من الآلام ما يروي عطشه.

بقي في مكانه لفترة لم يتحرك فيها قيد أنملة مترقبًا حضوره، وما إن رأه مقبلًا عليه حتى زاد شموخًا وقوة، دنا منه الجزار متسائلاً بتوجس:
-خير يا كبير الناس؟
لم يعلق عليه دياب بل استمر في حدجه بنظراته القاسية المنذرة بكل شر، ازدرد الجزار ريقه محاولاً الترحيب به، فهتف بود مصطنع:
-ده المحل نور، وربنا لو أعرف إنك جاي كنت..

أجبره على قطم عبارته بصفعه بشراسة على صدغه لاعنًا إياه بكلمات حادة: -اخرس يا، ، يا ابن..!
وضع الجزار يده على وجهه متألمًا بشدة، وسأله باندهاش عجيب: -ليه كده بس؟ ده أنا..
سدد له لكمة قوية في فكه ليمنعه عن الكلام وهو يقول بعصبية متشنجة: -انت وقعت معايا!

قبض عليه من عنقه محكمًا أصابعه عليه، ثم هزه بعنف قبل أن يطرحه أرضًا بتلك الركلة القوية في ركبته، جثى فوقه، وجذبه من خصلات شعره وهو يضرب مؤخرتها بالأرضية.
صفعه مرة أخرى متعمدًا إيلامه أكثر وهو يقول: -مش أنا منبه عليك قبل كده ملاكش دعوة ببنت الحاجة عواطف!
رد عليه الجزار بصوت مختنق وهو يبصق دمًا من بين أسنانه: -هو أنا جيت جمبها أصلاً.

استشاطت نظراته أكثر، وباغته بضربة موجعة في عنقه صارخًا فيه بنبرة مغلولة: -أكتر حاجة بأكرهها هي الكدب، موتي وسمي اللي يحور عليا، وإنت كداب!
سعل الجزار بشدة محاولاً التقاط أنفاسه، فقد اختنقت أحباله الصوتية بفعل قوة الضربة، وانزلق ريقه في قصبته الهوائية فسبب له اختناقًا مؤقتًا، لم يكترث له دياب أو يظهر نحوه أي نوع من الشفقة، بل زادت شراسته هادرًا:.

-بس قبل ما تاخد الحكومة حقها، فيه حساب أولاني؛ حساب دياب حرب!
قفز قلبه في قدميه من نظراته المخيفة، وتيقن أنه وقع في مأزق كبير، لذلك توسله باستعطاف عله يرأف به:
-خلاص يا ريس دياب، أنا مستعد اعمل اللي تؤمرني ب..
وضع دياب يده على فمه ليكممه، واقترب منه برأسه ليحدق فيه بنظراته المتوهجة بغضبها، كز على أسنانه هامسًا بنبرة عدائية:
-وقت التوبة خلص، ودلوقتي جه وقت الحساب!

كال له من الضربات الموجعة ما أنهك جسد الأخير، وجعل عظامه تتحطم، ثم نهض عنه ليجذبه بعنف من رقدته، جرجره من عنقه ناحية الخشبة المخصصة لتقطيع اللحوم -أو ما يعرف عنها بالمصطلح الشعبي الدارج أورمة - ليضع رأسه عليها.
شهق الجزار مذعورًا حينما التصقت رأسه بها، وتخيل أبشع ما يمكن أن يحدث له، ثبته دياب جيدًا، وانحنى برأسه عليه ليهمس له متسائلاً:
-تفتكر هاعمل فيك ايه؟

امتزجت الدماء بلعابه السائل، وخرجت منه فمه بغزارة لتزحف أسفل وجهه وهو يتوسله: -توبت يا سي دياب! أنا محقوقلك!
ضغط الأخير أكثر بكوعه على فقرات عنقه مسببًا له ألمًا موجعًا، ومد يده الأخرى ليسحب الساطور قائلاً:
-اللي زيك لازم يتعلم عليه زي البهايم بالظبط!
قرب نصل الساطور القاطع من عنقه ليشعره بوخزه الحاد، فصرخ الجزار باكيًا: -ماتموتنيش! حقك عليا، جزمتك على راسي، بس ماتدبحنيش، ده أنا عندي عيال و...

قاطعه قائلاً بصرامة: -اسكت! مش عاوز أسمع حسك!
استشعر والده وجود خطب ما به، خاصة حينما صارت تعابير وجهه مشدودة للغاية، وتحولت نظراته للاحمرار، فادعى انصرافه ليراقبه من على بعد لكي يعرف ما الذي ينتويه، وصدق حدسه، فرأه مقبلاً على محل الجزارة عاقدًا العزم على ارتباك شيء متهور.
صاح طه بصوت جهوري صارم وهو يضرب بعكازه الأرضية: -دياب!

توقف عما يفعل ليلتفت برأسه نحو أبيه الذي كان يرمقه بنظرات نارية محذرة، أكمل قائلاً بصلابة:
-سيبه لحاله
احقنت نبرته وهو يرد: -مش هاينفع يا حاج، انت مش عارف ده..
قاطعه والده بجمود صارم ضاربًا بعكازه الأرضية: -دياب هي كلمة! سيبه وتعالى عندي!
أحس الجزارة بالقليل من الأمان لوجوده، بأنه سيحول دون حدوث الأفظع له، فهمس متوسلاً بصوته المبحوح المختنق:
-الله يكرمك يا حاج طه، أنا واقع في عرضك، خليه يرحمني!

أومأ طه بعينيه متابعًا بصرامة: -تعالي ورايا يا دياب!
على مضض كبير اضطر أن يرضخ لأمر أبيه، فتراجع عن الجزار، لكن قبل أن يحرره من قيده ركله بعنف مؤلم في جانبه، وطرحه أرضًا ليضربه بقسوة مرة أخرى، بصق فوقه باشمئزاز واضح، ثم هدر هاتفًا:
-حظك إن الحاج ظهر!
تكور الجزار على نفسه مخرجًا أنينًا مكتومًا من جوفه، وبكى لنجاته من براثنه، لقد كتبت له الحياة من جديد.

اتجه به نحو وكالته لينفرد في حديثه معه، هو أوشك على اقتراف جرم ما بسبب اندفاعه الأعمى، ولولا مشيئة الرحمن وتدخله في الوقت المناسب لربما تحول الأمر إلى مذبحة جديدة.
لكزه طه في كتفه صائحًا: -ممكن تفهمني ايه الجنان ده؟
ضغط دياب على شفتيه كاتمًا حنقه في صدره وهو يرد: -خلاص يا حاج
لوح والده بيده أمامه متابعًا بحدة: -بأنقولك الحتة في حكومة ولبش وقلق، وإنت زي التور الهايج رايح تهجم على الجزار وتدبحه!

برر له موقفه بتجهم شرس: -ليه تار معايا، وكان لازم أخلصه!
عنفه طه بحدة: -أخوك مش منبه عليك؟
لوى ثغره للجانب مبديًا عدم اقتناعه، فاستأنف والده قائلاً: -الله أعلم كان ممكن يحصل ايه لو ماجتش في الوقت المناسب!
وضع دياب يده على رأسه ليمررها في خصلاته هاتفًا بامتعاض: -يا أبا ده..
قاطعه مشيرًا بنظراته الصارمة: -ولا كلمة، قدامي على البيت، ماشبعتش دم النهاردة!

لم يستطع إضافة المزيد، فصرامة أبيه غير قابلة للنقاش أو المجادلة، ولكن على أقل تقدير أفرغ به جزءًا من ثورته المشحونة.

تمدد على فراشه محدقًا في سقفية الغرفة شاردًا في طيف وجهها المُشكل عليه، شبك كفيه خلف مؤخرة رأسه، والتوى فمه مبرزًا ابتسامة عذبة عليه وهو يستعيد في ذاكرته خجلها ورقتها المحببة إليه، أخرج من صدره تنهيدة عميقة حينما تردد في أذنيه صدى كلمات والدته بأنها من قد أقدمت بلا تفكير على مساعدته.
أرخى ساعديه ليلتف بجسده على الجانب، ثم رفع نصب عينيه خاتم خطبته ليشرد فيه مطولاً.

زادت ابتسامته اتساعًا وهو يهمس لنفسه بثقة: -استحالة أنهي الخطوبة دي إلا بجواز إن شاء الله!
هدأت الأوضاع إلى حد ما بعد مشاجرة الأمس العنيفة، والتي ظل الجميع يتناقل أخبارها حتى الساعات الأولى من الصباح، بالطبع وصل إلى مسامع قاطني المنطقة إصابة مهدي بأزمة قلبية ونقله للمشفى متأثرًا بما حدث، حزنوا على مصابه، لكن لم يشفق أي أحد على ابنيه، فالاثنان يستحقان ذلك الجزاء القاسي.

جمعت الثياب الجافة من على المنشر متأملة الطريق بالأسفل بنظرات فاترة، لكن سريعًا ما ارتفع حاجباها للأعلى حينما رأته يلوح لها، تلفتت حولها بخجل بائن، وابتلعت ريقها بتوتر رهيب، أحقًا يشير لها علنًا؟

عبس وجه أسيف بشدة لتصرف منذر الجريء هكذا، فتراجعت مختبئة للخلف متحاشية النظر إليه، لكنه على عكسها ظل في مكانه يبتسم لها بإشراق، جمعت ما استطاعت من ثياب معًا دون طيها، واستدارت عائدة للداخل متمتمة بكلمات مبهمة.
فرك منذر مؤخرة عنقه باستمتاع ثم أكمل سيره نحو مدخل بنايتها، فيومه يبدأ بها، ويستمر معها.

توقعت أن يطرق الباب، فأسرعت بالاختباء في الغرفة متجنبة الالتقاء به، وحدث ما توقعته، سمعت قرع الجرس، فانتفضت في مكانها بتوتر ملحوظ، لا تعرف ما الذي أصابها لتصاب بتلك الحالة من الاضطراب، هي عادة لا تهتم به، لكن نبضات قلبها المتسارعة تحذرها من شيء ما تخشى الإقدام عليه، شعرت بأنفاسها تتلاحق، فتنفست بعمق لتضبطهم.

أتاها صوت عمتها المرحب به عاليًا، وما هي إلا لحظات حتى ولجت إليها قائلة: -خطيبك برا يا أسيف، اجهزي يا حبيبتي عشان تشوفيه
زفرت قائلة بانزعاج: -أولاً مش خطيبي، انتي عارفة يا عمتي إنها تمثيلية أي كلام، وثانيًا بقى أنا مش طالعة!
ضربت عواطف صدرها بيدها مستنكرة رفضها الصارم وهي تقول: -يعني الراجل يجي لحد عندنا ونطرده؟!
هزت كتفيها بعناد: -ماليش دعوة، اتصرفي معاه!

-مايصحش يا بنتي، يقول علينا بس ايه؟ دي عيبة كبيرة أوي
ردت أسيف مبررة بعصبية طفيفة: -هو فاهم كويس إني مش بتاعة الحركات دي، بس قاصد يحرجني!
دافعت عمتها عنه هاتفة: -هو لحق عمل حاجة، ده احنا لسه بنقول يا هادي، وبعدين..
قاطعتها بإصرار: -بلاش يا عمتي تضغطي عليا
-لا حول ولا قوة إلا بالله! اطلعي المرادي وفهميه ده بنفسك! أنا مش هادخل بينكم
-بقى كده!
ابتسمت لها قائلة بمكر: -ايوه، انتو أحرار مع بعض!

على الجانب الأخر، أسرعت نيرمين بارتداء عباءتها الجديدة لتظهر أمامه في أحلى صورها، فإن خسرت جولة معه، لا يعني هذا خسارتها للمعركة برمتها، مازال لديها من الفرص ما يمكنها من استعادته.
دلفت إلى غرفة الضيوف وعلى ثغرها ابتسامة عريضة، ثم انحنت واضعة صينية المشروب البارد والحلوى على الطاولة لتعتدل بعدها في وقفتها رامقة إياه بنظرات مشرقة.

نظر لها منذر بتأفف واضح، وتعمد إظهار امتعاضه منها، أقبلت عليه لتجلس على الأريكة المجاورة له، ثم أمسكت بطرف كم عباءتها تعبث به وهي تستطرد حديثها:
-ازيك يا سي منذر؟ عامل ايه دلوقتي؟
عبست بوجهها لتظهر حزنها بسبب أثار الكدمات الواضحة على قسماته، ثم تمايعت بجسدها مضيفة:
-والله قطع في قلبي اللي حصلك، ده أنا كنت خايفة عليك موت من الجبان مجد، بس طول عمرك راجل يا سي منذر، مخدش في ايدك غلوة!

أرجع ظهره للخلف ليرمقها بنظرات جامدة، لم يحرك شفتيه لينطق بكلمة، فقط نفور واضح على تعابيره، تنهدت بصوت مسموع وهي تقول:
-مش تمد ايدك يا سي منذر، ده عصير طازة عملاه بايدي!
نظر لها باحتقار قائلاً بتمهل: -مش جايز تكوني حاطة فيه عمل من بتوعك
اتسعت حدقتيها سريعًا، وشهقت مصدومة من رده المباغت الذي كان متعمدًا ليكشفها أمامه، شحب وجهها إلى حد ما، وحاولت لملمة نفسها، فخرج صوتها مترددًا:.

-أعمال ايه بس يا سي منذر؟ ده. ده..
انتصب في جلسته محدجًا إياها بنظرات أشد قسوة وهو يقاطعها محذرًا بسبابته: -أحسنلك تبعدي عن سكتي، وبلاش تلعبي في دماغ أمي بهبلك لأني فاهمه كويس، وبأحذرك تاني زعلي وحش!
ارتعد جسدها من نبرته المهددة، واستشعرت قوة انتقامه إن استخفت به، انكمشت على نفسها في جلستها، لكنه صاح بها بصرامة:
-امشي اطلعي برا، أنا جاي أقعد مع خطيبتي مش معاكي!

حطم أمالها تمامًا ليغلق الطريق نهائيًا أمام محاولاتها البائسة للتودد إليه، هبت واقفة من مكانها ناظرة إليه بغيظ بائن، واكتسى وجهها بحمرة غاضبة من اساءته لها، ضغطت على أصابعها بقوة مكورة إياهم بحنق حتى كادت تخترق أظافرها راحتها، ثم استدارت مهرولة من الغرفة كاتمة عبراتها بصعوبة.
شعر بالارتياح لتخلصه منها، ونفخ بعمق مخرجًا من صدره زفيرًا مزعوجًا منها.

تراجع في جلسته منتظرًا بتلهف ولوجها إليه، وسريعًا ما تبدلت نظراته للإشراق، وتشكلت ابتسامة هادئة على ثغره حينما رأها مقبلة عليه، بحرج بائن عليها دخلت الغرفة منتقية أبعد أريكة لتجلس عليها.
نظر لها مدهوشًا من تصرفها العجيب، ثم وضع إصبعيه على طرف ذقنه مداعبًا بمرح: -على فكرة في كنبة برا أوسع وأريح!
سيطرت بصعوبة واضحة على ابتسامة تتقاتل معها للظهور على شفتيها، زمت شفتيها قائلة بعبوس:.

-أستاذ منذر، احنا اتفقنا إن الخطوبة دي صوري، يعني مافيش داعي للي بتعمله، أظن كلامي واضح
رد عليها بنبرة غير مبالية وهو يشير بيده: -أنا مش سامعك على فكرة، الصوت مش واصل!
قطبت جبينها محدقة فيها بنظرات جادة وهي تقول: -لأ، انت سامعني كويس، بس بتستع..
عجزت عن إتمام جملتها حينما رأت نظراته المحذرة من التطاول عليه بأي لفظ لا يليق، فعضت على شفتها السفلى بارتباك.

أخذ منذر نفسًا طويلاً لفظه على مهل ليرد بهدوء: -شوفي يا ست البنات، طبيعي تلاقيني عندك كل شوية، لأن الاتفاق بينا لسه مخلصش..!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة