قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل الثاني والثلاثون

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل الثاني والثلاثون

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل الثاني والثلاثون

لم تتكبد العناء في انتقاء ما سترتديه، فعباءة سوداء ستفي بالغرض، خاصة أنها في فترة حداد ممتدة.
أحكمت ربط حجاب رأسها عليها، وتحركت خارج الغرفة وهي متحفزة للحصول على حقها المسروق.
لحقت بها عواطف مستطردة حديثها بتوجس: -بالراحة يا بنتي، الأمور ماتتخدتش قفش!
ردت عليها بنبرة صارمة وهي ترمقها بنظرات محتقنة: -أنا مش هاسكت عن حقي، وفلوسي اللي اتسرق هاعرف ازاي هارجعها.

أومأت عمتها برأسها قائلة: -حاضر، بس بالعقل!
تحركت صوب باب المنزل هاتفة بصوت شبه آمر: -يالا يا عمتي، وريني فين مكانه!
ابتلعت ريقها بتوتر بادي على ملامح وجهها وهي تقول: -طيب. استر يا رب وعدي اليوم ده على خير!
راقبتهما نيرمين بنظرات نارية من خلف باب غرفتها الموارب، وحدثت نفسها بنبرة مغلولة:
-على أخر الزمن البت دي جاية تعمل راسها براسه!

كزت على أسنانها بعنف وهي تردد بنبرة عدائية: -مفكرة نفسها مين، وربنا ماهسيبها في حالها! هاخلي عيشتها أسود من قرن الخروب!
وقف أمام مكتبه ينهي أحد مكالمات عمله قائلاً بجدية: -الفاتورة فيها كل حاجة، راجع بس البضاعة وانت بتنزلها
مط منذر فمه للأمام ليضيف بهدوء: -تمام، وأنا معاك لو في حاجة ناقصة!
ضغط بعدها على زر الإيجاب واتجه عائداً لمقعده ليجلس عليه مسترخياً.

حرك عنقه للجانبين وهو يفركه بكفه مخففاً من حدة ذلك الإرهاق المسيطر عليه.
سمع أصواتاً خارجية غير واضحة، فاعتدل بجلسته، ودقق النظر أمامه ليرى إلى من يتحدث أحد عماله.
تساءلت عواطف بتوتر وهي تشير بيدها: -هو موجود يا بني نقدر نشوفه؟
أجابها العامل قائلاً بإبتسامة لطيفة: -اه يا حاجة عواطف، اتفضلي!
ردت عليه بود وهي تتحرك بحذر للداخل: -كتر خيرك!

تأهبت أسيف لتلك المواجهة المحتدمة معه، واستعدت بالكامل لذلك اللقاء المثير.
تفاجيء منذر بقدوم عواطف وابنة أخيها إلى وكالته، فنهض واقفاً مرحباً بهما: -يا أهلاً وسهلاً نورتوا الوكالة
ازدردت عواطف ريقها قائلة بإرتباك ملحوظ وهي توجه أنظارها إلى أسيف: -منورة بيك يا سي منذر!
سلط أنظاره على أسيف والتي بدت ملامحها غريبة إلى حد ما.

كانت على تلك الحالة المتشنجة التي رأها من قبل بالمشفى، لكنه لم يستطع تفسير سبب تجهمها.
حاولت عواطف الابتسام وهي تضيف بنبرة ودودة محاولة تلطيف الأجواء بعد أن لاحظت نظراته المتساءلة في صمت:
-اعذرنا إن كنا جينالك من غير ميعاد
أشار لهما بكف يده لتجلسا قائلاً بجدية: -ولا يهمك، اتفضلوا اقعدوا!
ثم إشرأب بعنقه صائحاً بصوت آجش آمر لأحد عماله: -الشاي بسرعة ياض!
رد عليه أحدهم: -تؤمر يا سي منذر!

اعترضت أسيف قائلة بجمود غريب: -احنا مش جايين نضايف هنا!
ضاقت نظراته نحوها، وعبست تعابير وجهه عقب عبارتها المريبة تلك.
قبضت عواطف على ذراعها قائلة بإبتسامة مصطنعة ومانعة إياها من التفوه بالمزيد: -احنا مش عاوزين نتعبك يا بني، هما كلمتين هانقولهم ونمشي على طول!
اضطرت أسيف على مضض أن ترضخ لتوسل عمتها، وصمتت مجبرة.
بدا غير مقتنع بما قالته عواطف، لكنه مرر الأمر ولم يعلق عليه كثيراً.

ظن في نفسه أن مجيئهما إليه لتأكيد مسألة بيع الدكان بعد أن أعطته والدته فكرة مسبقة عن موافقة الجميع على هذا الأمر، وقدوم أسيف اليوم ما هو إلا لتحديد قيمة المبلغ المطلوب نظير بيع حصتها فيه.
لم يخطر بباله مطلقاً أنها حضرت إليه لأجل سبب أخر.
همست عواطف لها برجاء خفي: -اهدي يا بنتي الأول، وخليني أنا أتكلم
جلس منذر خلف مقعد مكتبه منتصباً، ثم استند بمرفقيه على سطحه متساءلاً بهدوء وموجهاً حديثه إلى عواطف:.

-أخبارك ايه ست عواطف؟
أجابته بإبتسامتها المتكلفة: -بخير والحمدلله!
أضاف قائلاً بجديه وهو يشير بكفه الأيمن: -الحاجة جليلة قالتلي على موافقتكم كلكم على بيع الدكان، وإن شاء الله زي ما عرفتكم قبل كده مش هانختلف!
نظرت عواطف إلى أسيف بنظرات زائغة، ثم عاودت النظر إلى منذر مبتسمة بصعوبة وهي ترد بإرتباك:
-أكيد. بس. بس آآ..

استدار منذر نحوها مضيفاً بنبرة عقلانية: -شوفي يا ست عواطف، أنا راجل حقاني وعملي، وهاكلمك بلغة السوق، الدكان هاشتريه بسعر اليومين دول، وشوفي انتي دلوقتي سعر السهم بكام، يعني بنتكلم في مبلغ محترم، وفي الأخر الكل هايطلع كسبان!
حرك وجهه لينظر في اتجاه أسيف موجهاً حديثه لها: -ولا إيه رأيك يا آآ..!
صاحت فيه مقاطعة بحدة: -مش هايحصل!
اندهش من ردها الغريب، وتصلبت قبضتي يده نوعاً ما.

فقد كان واثقاً من موافقتها على بيعه، والآن هي تخبره بالعكس.
لم يحد بعينيه بعيداً عنها، وحدق فيها بنظرات مطولة متفرسة.
كررت هي عبارتها مؤكدة بنبرة حاسمة: -الدكان مش هيتباع!
كان متحكماً في أعصابه رغم الفضول الذي يعتريه لمعرفة سبب رفضها المفاجيء لمسألة البيع، فسألها بجفاء مريب:
-مش فاهمك؟ يعني ايه مش هيتباع؟

أجابته بنبرة قاتمة وقد قست نظراتها نحوه: -يعني زي ما قولتلك، بيع الدكان مش هايحصل، وأنا جايالك أصلاً في حاجة تانية خالص إنت عملتها!
سألها بهدوء حذر محاولاً ضبط انفعالاته بعد صدمته في إلغاء صفقة البيع وما سيترتب عليها من تبعات مزعجة للكل:
-عملت ايه بالظبط؟
هبت واقفة من مكانها وهي تجيبه بصوت متعصب: -فين فلوسي اللي كانت في الشنطة؟
رفع حاجبه للأعلى مردداً بصدمة قليلة: -فلوس؟

لم يفهم مقصدها جيداً، وحاول استيعاب جملتها الغامضة.
أجابته بنفس النبرة العصبية وهي تهز رأسها بالإيجاب: -ايوه كانوا في شنطتي في اللوكاندة، وانت بنفسك قولت إنك الوحيد اللي لم الحاجة
نهض واقفاً بهدوء من مقعده متذكراً ما فعله بداخل غرفتهما المؤجرة بالفندق، هو لم يجد سوى الثياب، وجمعها بعناية واضعاً إياها بداخل الحقائب دون أن يدقق النظر في باقي محتوياتها.

بدت نظراته حادة، لكنه كان بارعاً في إخفاء عصبيته، وأجابها بصوت شبه ثابت: -ايوه أنا لميت الحاجة، بس لا فتشت في شنط، ولا شوفت فلوس من أصله!
هدرت فيه صارخة بإتهام شديد اللهجة: -انت كداب!
هنا احتدت نظراته، وعبس وجهه بصورة مقلقة.
هتف فيها مستنكراً إتهامها الباطل: -نعم!
تابعت مؤكدة بعزم وهي تشير بسبابتها: -ايوه كداب، تلاقي ده ملعوب عامله عشان تجبرني أبيع الدكان!

فشلت عواطف في السيطرة على ابنة أخيها، هي عقدت العزم على تنفيذ ما قالته حرفياً دون أي مقدمات ممهدة وبدأت ثورتها في وجهه.
سمع جميع نزلاء السجن صوت فتح أحد الأقفال الموصدة لعنبر حبسهم بالسجن العمومي. وتعلقت أنظارهم بذلك الصول الضخم الذي ولج للداخل.
صاح هو بصوت جهوري غليظ: -المسجون مجد مهدي أبو النجا!
أتاه صوته من بعيد وهو يعتدل من متكأه: -ايوه يا شاويش!
هتف فيه بصوت آمر: -قوم معايا كلم المأمور!

نهض بتثاقل من مكانه قائلاً بصوت بارد: -طيب!
همس له من خلفه أحد المساجين قائلاً بحماس: -بينها البشارة يا كبيرنا
رد عليه مج بحذر: -الظاهر كده!
ربت على كتفه قائلاً بسعادة: -ربنا معاك!
صاح الصول بحدة بعد أن لاحظ تباطيء حركته: -اتحرك يا مسجون!
رد عليه مجد برخامة: -جاي يا شاويش، بس رجلي منملة شوية!
رمقه الصول بنظرات احتقارية وهو يرد ساخراً: -تحب أخليهالك تفك؟!

تقوس فمه للجانب قائلاً بصوت خشن: -وعلى ايه، هي هاتفك لوحدها!
ركضت أروى ناحية باب المنزل لتفتحه بعد أن سمعت صوت قرع الجرس معتقدة أن الطارق أحد أخويها.
وجدت رجلاً غريباً ممسكاً بأوراق ما فيه يرمقها بنظرات عادية، فنظرت له بتعجب متساءلة:
-انت عاوز مين يا عمو؟
أجابها بنبرة جادة: -ناديلي حد كبير من جوا يا شاطرة يكلمني!
لوت ثغرها قائلة بإمتعاض: -طيب.

ثم استدارت برأسها للخلف صائحة بنبرة عالية: -ماما، في واحد كبير على الباب عاوزك
أتاها صوت والدتها مردداً بتوتر: -يا ساتر، مين ده اللي عاوزني؟
جذبت ابنتها الصغرى من كتفها للخلف لتقف هي على عتبة الباب متساءلة بتوجس محدقة فيه بغرابة:
-خير يا حضرت، انت عاوز مين؟
أجابها بنبرة رسمية وهو يخرج ورقة ما من وسط الأوراق الموضوعة بداخل الملف الذي يمسكه:
-ده بيت الأستاذ دياب طه حرب.

انقبض قلبها نوعاً ما خافقاً بدقات سريعة وهي ترد بالإيجاب: -اه هو. خير في حاجة؟ أنا أمه
رد عليها متساءلاً بنفس النبرة الخالية من التعابير: -هو فين؟
أجابته متوجسة: -جاي في السكة، طمني بس في حاجة حصلت؟
ناولها تلك الورقة قائلاً ببرود معتاد: -معايا إخطار من المحكمة للسيد دياب!
أخذتها منه متساءلة بحيرة: -إخطار ايه ده؟

رد عليها بنبرة جافة وهو يقرب دفتر ما منها مشيراً إلى مكان ما فيه لتوقع به: -معرفش، اتفضلي امضي هنا بالإستلام
-طيب.
قالتها وهي توقع باسمها بجوار إصبعه، ثم طوت الورقة الرسمية التي بحوزتها
أغلق المحُضر دفتره مردداً: -متشكر!
ثم انصرف بعدها تاركاً إياها في حالة حيرة وتخبط.
أغلقت الباب خلفه محاولة قراءة وفهم ما هو مدون في ذلك الإخطار..
وقفت قبالتها ابنتها متساءلة بفضول: -مين ده يا ماما؟

ردت عليها جليلة بحدة معنفة إياها: -خشي شوفي مذاكرتي بدل ما انتي مضيعة وقتك كده على الفاضي!
عبست أروى بوجهها قائلة بتذمر وهي تركل بقدمها الأرضية: -حاضر. مافيش إلا المذاكرة وبس!
قرأت بتأني ما كتب بداخل الإخطار، فانفرجت شفتاها بصدمة كبيرة.
شهقت غير مصدقة ما عرفته، وتسمرت في مكانها محاولة استيعاب الأمر.
بقيت على حالها للحظات حتى سمعت صوت فتح باب المنزل بالمفتاح.

استدارت برأسها عفوياً في اتجاهه فرأت ابنها دياب يلج مبتسماً وهاتفاً: -سلامو عليكم
لم ترد عليه فقطب جبينه مستغرباً حالة الوجوم الظاهرة عليها..
نظر لها متعجباً، ثم دنا منها متساءلاً: -مالك يا أماه، واقفة كده ليه مبلمة مش بتردي السلام؟
رفعت الورقة أمام وجهها قائلة: -الإخطار ده جالك من شوية!
ردد بغير فهم وقد زاد انعقاد ما بين حاجبيه: -إخطار!

هزت رأسها بإيماءة مترددة وهي تجيبه: -اه من المحكمة، المحضر لسه جايبه، انتو ماشفتوش؟
حرك رأسه نافياً: -لأ. مخدتش بالي!
ثم مد يده نحوها متساءلاً بإهتمام: -فيها ايه الورقة دي؟
أعطته إياها، فبدأ في قراءة ما بها على عجالة.
تبدلت تعابير وجهه من الاسترخاء للتشنج، وازدادت حمرة عيناه، يمكن القول بإختصار أن أحواله تغيرت من الهدوء للعصبية الشديدة.

طوى الورقة بغل وهو يصيح بسباب لاذع ومهين: -بنت ال، ضحكت عليا واستغفلتني!
قفز قلبها في قدميها رعبا ً من هياج ابنها، وتوسلته برجاء: -اهدى يا دياب خلينا نفهم هي عملت كده ليه؟
صرخ فيها بجنون: -أفهم ايه، ده مكتوب هنا يا أماه إن ال، نقلت حضانة الواد يحيى لأمها لأنها اتجوزت، يعني الهانم مخططة ومرتبة لكل حاجة، وأنا الأهبل المغفل اللي إداها الواد ومش في دماغه حاجة!

اندفع كالثور الهائج ناحية باب المنزل صارخاً بنبرة عدائية وقاذفاً بإحدى المزهريات التي التقطها من على الطاولة بالحائط:
-ورب العزة ما سايبها، هاجيبها من شعرها!
تحطمت المزهرية إلى أجزاء صغيرة وتناثرت قطعها المهشمة في أرجاء المكان.
انتفضت جليلة فزعاً في مكانها. وركضت خلفه قائلة: -اهدى يا دياب ماتتهورش!
وضعت يدها على كتفه مانعة إياه من الذهاب، فأزاح قبضتها عنه بعنف ثائر وهو يقول بتوعد صريح:.

-اوعي يا أمي، مش هارحمها، مش دياب حرب اللي يتسك على قفاه!
انطلق خارج المنزل صافقاً الباب بقوة عنيفة خلفه، فاستندت جليلة بكفي يدها عليه مرددة بهلع:
-يا مصيبتي، الواد هايضيع نفسه!
لطمت على صدرها مرددة بحسرة: -فينك يا حاج طه، فينك يا منذر تلحق أخوك!
أسرعت في خطاها نحو الهاتف قائلة: - لازم أكلمهم يتصرفوا ويمنعوه بدل ما يودي نفسه في داهية!

وكأنها استخدمت مطرقة قوية لتطرق بعنف على ذلك الحديد الساخن فأطلقت شرارته الملتهبة في الهواء.
واصلت أسيف اتهاماتها صائحة بإنفعال: -محدش ليه مصلحة يعمل كده غيرك، إنت اللي خدت الفلوس عشان تجبرني أبيع الدكان
انفجر فيها غاضباً بهياج: -أنا مش حرامي يا بنت الأصول!
ثم التفت إلى عواطف متابعاً بشراسة: -جرى ايه يا ست عواطف، ماتفهمي بنت أخوكي أنا أبقى مين.

حاولت تبرير الموقف قائلة بتلعثم: -هي. هي متقصدش آآ. بس أصل آآ..
قاطعها قائلاً بإزدراء وهو ينظر لأسيف بنظرات نارية: -هي في الأخر غلطتي أني عملت فيكي معروف
ردت عليه بصوت متشنج: -معروف! بقى السرقة اسمها معروف!
ثم أخفضت نبرتها نسبياً وهي تضيف بسخط متهكم: -أنا مشوفتش كده في حياتي، بجح وبيتكلم!
صرخ فيها هادراً وهو يلوح بذراعه مهدداً: -بردك هاتقولي سرقة، متخلنيش أتهور عليكي!

ثم تحرك ليقف قبالتها ليزيد من سوء الوضع ويضيق عليها الحصار.
لم تهابه أسيف رغم حالة التوتر الكبيرة المسيطرة عليها، لكنها قررت ألا تبدو لقمة سائغة له أو لغيره، ستدافع عن حقها المسلوب وتستعيده. ولن تمكنه من تحقيق مراده، فواصلت جمودها وثباتها أمامه متحدية إياه.
أدركت عواطف أن الموقف قد تأجج وبلغت ذروته، فتحركت هي الأخرى لتقف حائلاً بينهما بجسدها، وهتفت بإستعطاف:.

-الله يخليك يا سي منذر، الحكاية أكيد فيها لبس! هي. هي متقصدش
تجاهلها منذر، وتابع قائلاً بصوت قاتم قاسي وقد أظلمت عيناه: -لو عندك دليل واحد يقول إني سرقت، روحي القسم واشتكي عليا!
خفق قلب عواطف بخوف، فقد رأت في نظرات منذر ما يهدد بنسف كل شيء وإحراق الأرض بمن عليها.
هتفت بنبرة متوسلة: -أقسام ايه بس، مش للدرجادي يا سي منذر، والله الموضوع ما كده، ما تسكتي يا أسيف وتسمعيه للأخر!

حضر أحد صبيان القهوة حاملاً صينية بها مشروبات ساخنة مقترباً منهم وهو يقول: -الشاي يا ريس!
ضرب منذر الصينية بقبضة يده صائحاً بنبرة محتدة: -غور من هنا!
فلتت الصينية من يد الصبي، وسقطت على الأرضية محدثة دوياً هائلاً على إثر تحطم الأكواب الزجاجية.
انتفضت أسيف في مكانها بسبب حركته العنيفة المباغتة، وتراجعت عفوياً خطوة للخلف.
ارتعد الصبي خوفاً من عصبيته الزائدة، واختفى من أمام أنظاره على الفور..

شكلت عواطف بجسدها حائلاً، واختنق صوتها وهي تستجديه: -اهدى يا سي منذر! أكيد في غلطة، والموضوع مش سرقة ولا ال آآ..
هدر فيها بنبرة مخيفة أجبرتها على الصمت فجأة: -مش أنا اللي يتقالي الكلام ده!
تيقنت عواطف أنه لا رجعة الآن عما حدث. فقد صار ما كانت تخشاه، واكتسبت عداوته. وأصبحت على وشك خسارة أكبر داعم لها.

لم تهتز عضلة واحدة من وجه أسيف، وردت عليه بتحدٍ سافر بعد أن استجمعت كل ذرات شجاعتها لتبدو على قدر المواجهة:
-وأنا مش هاسكت عن حقي، والدكان اللي طمعان فيه انت أو غيرك مش هاسيبوه يتباع مهما حصل..!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة