قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل الثاني عشر

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل الثاني عشر

رواية الدكان للكاتبة منال سالم الفصل الثاني عشر

انتهى منذر من تسليم عدد من الطلبيات المؤجلة بعد أن امتلأ المستودع بالوارد الجديد من البضاعة الخاصة بوكالتهم.
تمكن الإرهاق منه، فقرر العودة إلى منزله ليرتاح قليلاً ومن ثم يستأنف البقية.
رأته والدته وهو يلج إلى غرفته، فهتفت متساءلة بإهتمام: -اجيبلك تاكل يا بني؟
هز رأسه نافياً وهو يجيبها بصوت منهك: -لأ، أنا جعان نوم خالص!

ابتسمت له بعاطفة أمومية حانية وهي ترد عليه: -طب يا منذر لما تصحى براحتك هاسخنلك الأكل!
أومأ برأسه بخفة مردداً بتثاؤب: -ماشي، وأنا ساعة كده وهاصحى وأنزل الوكالة، عندي شغل متلتل كتير!
ظلت جليلة محتفظة بإبتسامتها الطيبة وهي تتابع حديثها: -ماشي يا حبيبي! ربنا معاك!
أغلق منذر الباب خلفه، وبقيت أنظار والدته معلقة على بابه.

تنهدت بأسف مشفقة على وحدته التي طالت، ثم تمتمت بصوت خفيض: -ياما نفسي أشوفك فرحان ومتهني وعيالك بيجروا حواليك ومالين عليك البيت!
صمتت للحظات متذكرة كيف كانت حياته السابقة، ثم أضاء عقلها فجأة بشيء ما جعل بريق عينيها يلمع بوهج عجيب.
مطت فمها للأمام متابعة حديث نفسها: -مممم. طب وليه لأ؟
هزت حاجبيها للأعلى مرددة بحماس غريب: -ربنا يسهل بعدين أبقى اتكلم معاه في الحكاية دي، وأشوف دماغه!

اتسعت ابتسامتها وباتت أكثر اشراقاً وهي تتتجه نحو غرفتها لتفكر ملياً في تلك المسألة الحيوية..
عنفت عواطف ابنتها بسمة على فعلتها الحمقاء مع صاحب محل الجزارة وما تبعها من توبيخ وتهديد صريح من دياب.
اغتاظت بسمة من أسلوبه الوقح المتعدي على حريتها الشخصية والتدخل في شئونها، وهتفت مستنكرة بسخط:
-هو بيتنطط على ايه؟ مفكر نفسه فتوة الحارة؟!

ردت عليها عواطف بتبرم من تصرفاتها: -يا بنتي بلاش تعادي الناس، ارحمي نفسك!
هزت رأسه محتجة، ودافعت عما تقوم به قائلة بإستماتة: -لالالا. كده كتير، هو كل واحد هايعمل راجل عليا، هي سايبة!
ضربت أمها كفاً بالأخر مرددة بضجر: -لا حول ولا قوة إلا بالله، شوف أنا بتكلم في ايه وانتي بتقولي ايه؟
صاحت بسمة بنفاذ صبر وقد تشنج وجهها للغاية: -ماهو بصراحة الموضوع بقى أوفر، وأنا اتخنقت!

ثم زفرت بصوت مسموع لتظهر استياءها مما يحدث من تدخلات الغير في أمورها الخاصة.
لم توفق عواطف في انتقاء الوقت المناسب لمفاتحة ابنتها في مسألة الدرس الخصوصي المتعلق بحفيد عائلة حرب وابنتهما الصغرى. فهتفت بنزق وبلا تفكير:
-طب هاتعملي ايه في موضوع درس ابنه وأخته؟
انعقد حاجبي بسمة بإندهاش عجيب، وسألتها بصوت متعصب وهي تسلط أنظارها المحتدة على والدتها:
-نعم؟ ده ايه ده كمان؟

أجابتها عواطف بحسن نية: -ما هو الحاجة جليلة جت عندنا تكلمني انك تدي درس لحفيدها يحيى وبنتها أروى!
ردت عليها بسمة بنبرة متشنجة فاقدة للصبر: -وهو انتي شيفاني يا ماما فاضية أصلاً، ما هو على يدك أنا بأطلع من هنا لهنا والحكاية مش جايبة همها على الأخر
رمقتها عواطف بنظرات ذات مغزى وهي تحاول اقناعها بقبول عرض الدرس السخي: -ماهو عشان كده بأقولك إديهم، وأهوو درس أبرك من عشرة!

سئمت بسمة من طريقة أمها الساذجة في تقرير شأنها دون الرجوع إليها، وإعطاء الأخرين وعوداً على حساب شخصها. لذلك اعترضت بشراسة على القبول مرددة:
-بس مش الجماعة دول!
استغربت عواطف من رفض ابنتها القاطع، وضيقت عيناها قائلة بإلحاح: -يا بت هو مش يا مكتره، لأ يا محسنه، جربي حصة ولا اتنين عندهم وبعد كده قرري.

تجهم وجه بسمة أكثر، وأصرت على اعتراضها قائلة وهي تكتف ساعديها أمام صدرها: -طب وأروح ليه من الأول، أنا مش عاوزة!
بدت بسمة متشبثة برأيها حتى الرمق الأخير، نعم هي تماثل جدتها الراحلة عزيزة في عنادها الصلب.
يئست أمها من اقناعها بسهولة. لذا لجأت إلى ذلك الأسلوب الذي تجيده وهو استعطافها لعل قلبها يرق نحوها.

دنت منها، ووضعت قبضتها على ذراعها قائلة بصوت شبه منكسر: -الله يكرمك يا بسمة بلاش تحرجيني مع الجماعة أكتر من كده!
استشاطت بسمة من طريقتها في الحديث، وصاحت بإنفعال وهي تنظر لها بغضب: -هما ماسكين عليكي ذلة؟
استشعرت الغضب في نبرة ابنتها، فعمدت إلى تجميد تعابير وجهها مرددة بجدية قليلة:
-لأ، بس بينا مصالح وقرابة وحاجات كتير، وأنا مش عاوزة أعادي حد!

نفخت بسمة متذمرة، ثم أشاحت بوجهها للجانب وهي تقول: -ربنا يسهل!
سألتها عواطف بصراحة وهي مسلطة أنظارها عليها: -يعني أرد على الست جليلة أقولها ايه؟
ردت عليها بضيق: -قولتلك ربنا يسهل!
أصرت عواطف على الحصول على إجابة نهائية منها حتى لا تتعرض للإحراج معها لاحقاً، لذلك سألتها مجدداً بإلحاح شديد:
-ما تريحني وتديني كلام واضح! هاتروحي ولا لأ؟

أرخت بسمة ساعديها مستسلمة لذلك الاستجداء المتواصل، وخطت ببطء عدة خطوات مبتعدة عن أمها وهي ترد بفتور:
-هاشوف وقتي وبعد كده أقولك على ميعاد فاضية فيه!
ثم شددت من نبرتها وهي تضيف: -بس لو معجبنيش الوضع مش هاكمل، ماشي؟
ابتسمت عواطف لموافقة ابنتها مرددة بحماس: -طيب يا بسمة!
تحركت بعدها ابنتها نحو غرفتها، فلاحقتها والدتها بعينيها متمتمة بصوت خفيض: -ربنا يهديكي يا بنتي ويصلح حالك!

وقعت أنظارها على الهاتف الأرضي، فتذكرت أنها لم تهاتف زوجة أخيها الراحل لتتحدث معها بشأن بيع حصتها بالدكان كي تنتهي من تلك المسألة العالقة، لذلك حدثت نفسها بجدية وهي تتجه نحوه:
-أما أكلم بالمرة حنان، بدل ما أتلبخ في مصيبة تانية وأنسى موضوعها، كفاية القلق اللي عملهولي بسمة
أمسكت بالسماعة ووضعتها على أذنها، ثم بدأت في طلب الرقم الخاص بعائلة أخيها.

سمعت صوت رنين الهاتف على الطرف الأخر، لكن للأسف لم يأتيها أي رد، فانتابها القلق وهي تتساءل مع نفسها بحيرة:
-راحوا فين دول؟!
وضعت السماعة في مكانها بعد تكرارها للاتصال لعدة مرات قائلة بإستغراب: -محدش بيرد! يكونش الخط بايظ!
زمت شفتاها وهي تضيف: -خلاص هأطلبهم وقت تاني، وأنا ورايا ايه غير كده!
بعد مرور يومين،.

توجهت أسيف بصحبة والدتها إلى أحد المراكز الطبية الحديثة المتخصصة في حالتها لتوقيع الكشف الطبي المبدأي عليها بعد أن حجزت لها موعداً مسبقاً فيه.
انتظرت بالخارج ريثما ينتهي الطبيب من فحصه لها.
كانت أعصابها على أشدها، فمن بالداخل هي أغلى ما في حياتها.
مر الوقت بطيئاً عليها وهي تراقب الوافدين والخارجين بنظرات شاردة.

لمحت إحدى الممرضات تتحرك على مقربة منها، فهبت واقفة من مكانها لتسألها بتلهف: -لو سمحتي! هو الدكتور قدامه كتير؟
أجابتها الممرضة بنبرة عملية: -لسه شوية، اقعدي ولما هايخلص هناديلك
هزت رأسها متفهمة وهي ترد بصوت حرج: -اوكي، شكراً
عاودت الجلوس على مقعدها المعدني بإسترخاء، وتابعت المرضى وذويهم بنظرات فاترة، فتفكيرها بالكامل منصب على ما يحدث بالداخل لأمها..

بعد وقت ولجت الممرضة مرة أخرى للخارج، وتلك المرة اتجهت نحوها.
انتفضت أسيف واقفة من مقعدها المعدني متساءلة بقلق: -ماما خلصت؟
أجابتها الممرضة بهدوء: -أيوه، الدكتور هيقابلك في مكتبه!
ثم أشارت لها بيدها لتتبعها قائلة بجدية: -تعالي ورايا من فضلك!
-طيب
تحركت الاثنتان في اتجاه غرفة الطبيب القابعة في نهاية الرواق الجانبي.
دقت الممرضة بخفة على الباب قبل أن تفتحه وتتنحى للجانب لتفسح المجال لأسيف لتمر أمامها.

ابتلعت الأخيرة ريقها بتوتر، وحدقت في الطبيب بنظرات خجلة.
انتبهت لصوته يقول بجدية: -تعالي يا آنسة!
رفعت انظارها نحو والدتها التي كانت تدفعها ممرضة أخرى من مقعدها لتقترب من مكتب الطبيب.
هتفت أسيف بتلهف وهي تركض ناحيتها: -عاملة ايه يا ماما؟
ثم انحنت عليها لتقبلها من أعلى رأسها.
وضعت حنان يدها على وجه ابنتها، ومسحت عليه برفق مجيبة إياها بخفوت: -بخير يا بنتي!

أشار الطبيب بيده لأسيف لتجلس قبالته قائلاً بصرامة قليلة: -اتفضلي يا آنسة!
أومأت برأسها إيجاباً، وجلست على المقعد المواجه لمكتبه، ثم وزعت أنظارها بينه وبين أمها وهي تتساءل بإهتمام:
-خير؟ ماما حالتها كويسة؟ وآآ. وهل ينفع يتعملها عملية ترجع تمشي على رجلها تاني؟
صمت الطبيب للحظة قبل أن يجيبها بهدوء مريب وهو يسلط أنظاره على السيدة المسنة الجالسة قبالته:.

-بالنسبة لسنها ووضعها الحالي، فأنا شايف إن الحالة تعتبر إلى حد كبير مستقرة، لكن أكيد محتاجة علاج عشان تتحسن!
لم تفهم أسيف المراد من كلامه المنمق، فسألته مباشرة: -يعني ماما هاتقدر تمشي زي زمان؟
ضغط على شفتيه قائلاً بحذر: -مخبيش عليكي ده صعب في حالتها لكن آآ..
قاطعته حنان قائلة بنبرة محبطة: -أنا عارفة من الأول إنه زي قِلته، وقولت مافيش داعي للسفر والبهدلة، كله محصل بعضه!

حلت الصدمة على قسمات وجه أسيف، لم تتخيل صعوبة الحالة بتلك الدرجة.
عجزت لوهلة عن التفكير فقد كانت معلقة لآمال كثيرة على علاجها ومن ثم تماثلها للشفاء، والآن بات كل هذا شبه مستحيل.
تدارك الطبيب الموقف متفهماً أسلوب مريضته المحبط، وهتف قائلاً بجدية: -يا حاجة مافيش حاجة مستحيلة، الفكرة بس إن الموضوع هيحتاج وقت وصبر، ومايمنعش إننا ممكن نوصل مرحلة متقدمة وآآآ..

لم تدعه حنان يكمل جملته للنهاية حيث قاطعته مرة أخرى قائلة بحسم وقد تجهم وجهها للغاية:
-مالوش لازمة يا بني، كتر خيرك!
ثم وضعت يديها على عجلتي مقعدها المتحرك لتدفعه مرددة بصوت آمر لكنه مختنق: -يالا يا أسيف!
أفاقت أسيف من ذهولها المصدوم على صوتها الآمر، واستدارت برأسها نحوها لتجدها تتحرك مبتعدة، فنهضت سريعاً من مكانها قائلة برجاء ومحاولة إخفاء تأثرها:
-يا ماما استني!

لم تلتفت لها أمها، وأكمل تحركها مرددة بصرامة: -يالا يا بنتي!
أدارت أسيف رأسها في اتجاه الطبيب قائلة بحرج بائن: -أنا اسفة يا دكتور، عن اذنك!
لحقت هي بوالدتها في الخارج، وقبل أن تفتح شفتيها لتنطق بجملة ما، صاحت حنان بغلظة محذرة إياها:
-أسيف ولا كلمة دلوقتي!
احتجت أسيف على عنادها مرددة: -بس آآ..
هتفت حنان مقاطعة إياها بحزم: -خلاص، مش عاوزة أحكي في حاجة دلوقتي، خلينا نرجع اللوكاندة!

نكست أسيف رأسها بحزن، وبدا الإحباط الممزوج باليأس واضحاً عليها.
تنهدت بعمق قائلة لنفسها بأسف: -ليه بس كده يا ماما، ليه تفقدي الأمل واحنا لسه في أول مشوارنا؟!
سارت بتريث خلف والدتها وظلت أنظارها اللامعة التي تعكس حالتها المستاءة متجمدة على مقعدها المتحرك. وقاومت بجهد كبير ذرف عبراتها وهي بصحبتها، فلا داعي لأن تبدو بكل تلك الهشاشة وهي تحاول بث القوة إليها.

تمكنت زوجة صاحب محل الجزارة من إخراج زوجها من محبسه بكفالة مالية، وأوصاه المحامي الخاص به بضرورة التصالح مع المدعية عليه وإجبارها على التنازل قبل أن يتطور الوضع ويتفاقم.
رفض الجزار الإنصات له، وصاح بحدة متوعداً إياها: -يا مين يلايمني على رقبتها، ده أنا أدبحها بساطور تلم!
ردت عليه زوجته بضيق محاولة إثناءه عن تهوره: -وده وقته! جاي تكلم قصاد القسم
رد عليها بحنق كبير: -ده أنا شوفت بهدلة جوا!

أردف المحامي الخاص به قائلاً بهدوء: -انت محتاج تراضي البت دي عشان القضية ماتكبرش
احتج الجزار مردداً بغلظة عنيدة: -مش هايحصل، يا أنا يا هي
انزعجت زوجته من عناده المهلك قائلة بصوت مرتفع: -أوف، ما تفضنا من سيرة البت دي، أنا مصدقت أعرف أخرجك من المخروب ده، هاتحطها في دماغك وتتسجن واحنا نتبهدل من بعدك!
رد عليها بنبرة عدائية وقد أظلمت نظراته: -هو أنا هارتاح إلا لما أرميها الرامية السودة اللي كنت فيها!

أصرت هي على موقفها قائلة: -سيبك منها، وركز في مصالحك!
تمتم الجزار بغيظ من بين أسنانه وهو يحك مؤخرة رأسه: -دي قادرة وفاجرة!
ربتت زوجته على ظهره عدة مرات هاتفة بصوت جاد: -طب بينا على البيت تروح تستحمى وتغسل جتتك من البراغيت
حك عنقه، ومقدمة صدره بكفه الخشن قائلاً بإنهاك: -اه والله، ده غير ضهري اللي اتقطم من نومة البورش!

ثم استدار بجسده ناحية المحامي ليضيف بجمود: -لا مؤاخذة يا أستاذنا، انت شايف حالتي عاملة ازاي، نتكلم في المحل أخر النهار
رد عليه المحامي بإيجاز وهو يهز رأسه: -تمام!
لاحقاً،
عادت كلاً من حنان وأسيف إلى الفندق المتواضع، وجلست الاثنتان سوياً بالغرفة رافضتان تناول الطعام.

حدقت أسيف في صحنها المليء بالطعام بنظرات حزينة شاردة، فشاغلها الأكبر هو حالها أمها الصحية. وبعنادها هذا هي تمنع أي فرصة للسعي وراء العلاج وطلب الشفاء.
رأت حنان العبوس واضحاً على ابنتها، فاستطردت حديثها قائلة بجدية: -شوفي يا أسيف، أنا سمعت كلامك وجيت هنا وأنا متأكدة إن مافيش علاج لحالتي، كل ده قضا!

انتبهت ابنتها لها، وردت عليها بصوت مختنق نوعاً ما: -الطب اتقدم يا ماما، وحاجات كتير اتغيرت عن زمان، فليه تستسلمي على طول؟
أجابتها أمها بهدوء زرين: -أبوكي الله يرحمه عمل اللي عليه وقتها معايا، وسافر بين هنا وهناك وفي كل حتة، والنتيجة كانت واحدة.!
ثم صمتت لثوانٍ قبل أن تتابع بنبرة أكثر هدوءاً: -وأنا الحمدلله راضية بنصيبي واتعودت على كده!

اقتربت أسيف من أمها، وجثت على ركبتيها أمامها لتكون في مستوى نظراتها المنخفضة، ثم همست لها برجاء:
-عشان خاطري يا ماما خلينا نحاول تاني، في أكتر من مركز كويس، احنا لسه في البداية!
ثم مدت يديها لتمسك بكفيها، وضغطت عليهما بأصابعها وهي تتابع بإلحاح: -أنا قريت أنه مش لازم ناخد برأي أول دكتور وآآ..
قاطعتها حنان قائلة بعدم اكتراث لحديثها: -المهم دلوقتي، هانروح لعمتك امتى؟

اتسعت حدقتي أسيف في صدمة، وإرتفع حاجبها للأعلى، فقد كانت عبارتها الأخيرة مباغتة بدرجة كبيرة.
تملكها الإرتباك وتوترت نظراتها وهي محدقة بها.
بدت متلعثمة وهي ترد: -هو آآ.
أكملت حنان قائلة بنبرة متريثة تحمل الجدية: -مش ده السبب الأساسي اننا سيبنا بيتنا وجينا هنا؟
رمشت أسيف بعينيها في توتر أكبر. فأمها دوماً تمتاز بالصراحة والوضوح في حديثها. وبالتالي تعجز هي عن مجابهتها أو إخفاء أي شيء عنها.

اضطربت دقات قلبها، وارتفعت نسبة الأدرينالين في دمائها. وباتت أكثر حماسة عن ذي قبل.
راقبت حنان تبدل حالها بكثب، ثم أضافت قائلة بجدية وهي تسحب كفيها من يدي ابنتها:
-اعملي حسابك بكرة هانروح عندها
أومأت الأخيرة برأسها بحركة خفيفة قائلة بصوت خفيض: -ماشي يا ماما!
ثم استدارت بمقعدها المتحرك مبتعدة عنها وهي تغمغم بصوت منزعج لكنه خافت للغاية: -عدي اللي جاي على خير يا رب!

عضت أسيف على شفتها السفلى بإرتباك، ونهضت لتقف على قدميها. ثم تنهدت بعمق محاولة ضبط انفعالاتها المتحمسة لذلك اللقاء المثير..!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة