قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل العشرون

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل العشرون

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل العشرون

أمنيتى تلك الليله 4فبراير بتوقيت العالم، 30يوليو بتوقيت قلبى، ماذا لو اخترعنا طريقة مُغايرة في الحب؟ لِمَ لا نبدأ من الخاتمة؟ نفترق أولا ثم نلتقي إلى الأبد، بدلا من لقاء استمر بضعة أيام ودام فراقه لعوامٍ..

خرجت هشام من الغرفة جامحًا بعد ما أوصد الباب خلفه بقوة رجته حد الانخلاع فوضعت فجر كفها على صدرها متنهدة بارتياح، مُعاتبه نفسها على غباءها
- ياغبية؟! ايه مش عارفه تمسكى نفسك قدامه ٥د بس! بتنسي كل حاجه كده؟! هو بيعمل فيا ايه، الحمد لله مجدى جيه فالوقت المناسب...
وصل هشام لصاله شقته وكان مرتديا ( ترينك) باللون الاسود الذي يعكس شخصيته واردف مختنقًا
- دايما مواعيدك زى وشك..

وقف مجدى ليصافحه ثم حضنه ضاحكًا
- دا وش تقابل بيه ابن عمك اللى مشفتوش من ٥شهور، والله وحشتنى يا سيوفى..
ربت هشام على ظهره بقوة ومازحه
- يعنى ليك خمس شهور مُختفى ؛ مفتكرتش ابن عمك غير الساعة دى
ابتعد وقال
- بس اي اللى لم الشامى على المغربى، شايف إن الحبايب كلهم عندك..؟!
لكزه مستنجدًا
- ما تاخدهم وتبقي جِميلة فى رقبتى لاخر العمر..

ضحك مجدى وشرع أن يرد عليه، ففوجئ بظهور فجر مرتديه ( دريس طويل ) وفوقه حجاب، فبادلها التحيه ثم مال ليهمس فى آذان هشام متفهمًا
- اااه طيب ما تقول كده! وانا اللى كنت جاى اقعد عندك يومين افك فيهم عن نفسي، لقيتك محتاج اللي يفكك..
- اااه، ماهى المشرحة ناقصة قُتلى يا مجدى...
مجدى مداعبا
- خلاص يا عم ما تزوقش، فاهم فاهم، دانت شكلك جايب آخرك..
آتت رهف وبيدها كاسة العصير فاتسعت ابتسامة مجدى مشتاقًا.

-هونت عليكى كل ده متسأليش عنى؟!
حدجه هشام بحدة
- وتسأل عليك ليه؟!
اخذ مجدى كوب العصير وقال جازعًا
- وانت متعصب ليه؟! ابن عمها ياخى متسالش ليه بقي؟!
- احنا عيلة قليلة أصل، ومابتسألش على حد ارتحت؟!
ارتشف مجدى كوب العصير منزعجا من قسوة ردود هشام، فلكزه
- ما تطريها معايا عشان اطريهالك..
تهامس هشام معه
- هتعمل ايه يعنى..؟
اجابه بثقة
- جربنى؟! المهم عندى شوية أخبار من وش القفص زي ما بيقولوا..
قطعتهم فجر متدخله.

- هشام يلا عشان الفطار..
ربت هشام على ركبته متحمسًا
- قوم قوم نفطر الاول وبعدين هنتكلم..
على مائده الفطار، رحبت به بسمة وسألته بتلقائيه
- عاش من شافك يا حضرة الظابط، اى الغيبة دى؟!
ضحك ساخرا وهو يفرد بالسكينه المربى فوق التوست وقال
- كنت شغال قهوجى أد الدنيا..
تبدلت النظرات الساخره فيما بينهم، فقطعه هشام مستهزئ
- انت الشغلانه عجبتك ولا إيه؟!
مجدى بحسرة
- متفكرنيش، يوم اسود ومنيل ؛ المهم أن الدنيا خربانه..

ابتلع مجدى باقى كلماته عندما لاحظ فضول البنات يلتهمه فابتسم
- اى يا جماعه التركيز ده، دى اسرار أمن دولة..
للحظة نبتت براثين الشك ناحية فجر فى جوف هشام فضغط على ساق مجدى محذرا وتوقف على الاكل غاضبًا وحدجه بحرص عندما تذكر افعالها السابقة لاحظته فجر فاسرت وجعه فى نفسها ونهضت مستأذنه
- انا شبعت، البيت بيتكم...

ذهبت الى غرفتها باكيه متنحبة، فرمقه مجدى بنظرة فهمها فتراجع هشام مرغمًا بمقعده ومضي خلفها آسفا فوجدها منهارة فى حضن فراشها..
نظرت بسمه لرهف مستعجبة، فسالتها
- هو حصل ايه؟!
رهف بجهل وهى تحدج مجدى باستغراب
-معرفش، فاهم حاجه؟!
طأطأ مجدى رأسه فى الطبق وواصل تناول فطاره
- كلو كلو...
وقف للحظة على اعتاب الباب ثم قفله وتقدم نحوها، فاعتدلت لتجفف دموعها سريعا واردفت بصوت هدر
- معلش انا تعبت شويه بس..

جلس بالقرب منها وسألها متخاذلا
- إنت ليه خدتى الكلام عليكى، مكنش قصدى؟!
طوت كلماتها فى حضن شهقاتها المتتاليه وسألته بأسف
- انت لسه قلقان منى يا هشام، لسه مش واثق فيا؟!
أخفض انظاره ارضا لانها تلك الحقيقه التى لا تتغير وإن حاول تجاهلها، ثم اجابها بهدوء يتوارى خلفه ضجيجه
- خلينا متفقين إن اللى حصل سبب فجوة كبيره ما بينا؟!

ثنت ركبتها وحضنت كفه بيدها المرتعشة ورفعته لمستوى ثغرها فانصبت دموعها وحبها فى باطن كفه وتحدثت
- محدش فينا اختار، الكل كان مجبر ؛ لا انت اخترت تتجوزنى ولا أنا اخترت اخدعك، أنا كنت تايهه..
ثم اسكتتها صوت شهقتها العاليه الممزوجه بوخزات الوجع
- ولا كان البعد هيريحنا، ولا القرب هيرجعنا زى الاول، يبقي إيه الحل، قول لى..!
طبق كلا شفتيه بقوة متأسفة على حالتهم دافنا حزنه وقال.

- لما عملتلك المفاجأة كنت بتحجج ؛ مكنتش عارف أنا هقول إيه ولا بعمل كده ليه اصلا، لاول مرة كنت سايب نفسي للموج، كنت واثق إنك هتتكلمى وتقولى كل اللى أنا مش قادر اقوله، وتهدمى كل المسافات اللى ما بيننا..
ثم سكت للحظه عندما التقت اعينه الحاده بعيونها الهالكة بدماء الحزن وأكمل
- عارف إننا لو رجعنا فى حاجات كتير ممكن مترجعش بسهولة، زى الثقه والشك والخوف، بس على الاقل فى احتمال إننا نرجعها واحنا مع بعض..

فقاطعته باكيه
- أنت مش مجبر تكمل حياتك على احتمالات، يبقي نبعد وكل واحد يحتفظ باللى فى قلبه للتانى، كده افضل من حياه مهددة بالموت فى أى لحظه..
فبادرها بتلقائيه
- ما أحنا بعدنا؟! كانت إيه النتيجه؟! أنت قدرتى تتخطى وجودى فى حياتك؟! ولا أنا كمان مبطلتش ادور عليكى فى كل واحده تقابلنى، وماعرفتش اقتلك جوايا بالرغم من رصاصي اللى كان بيقتل كل حاجه حوليا بضغطه منى!
هزت رأسها رافضة.

- كل ده هينتهى مع الوقت، بس إهانتك وشكك فيا طول الوقت هيقتل كل الحلو ما بينا..
مسحت دموعها واكتسحت بأهدابها تفاصيل غرفتهما التى افتقرت ضمهم معًا، وواصلت
- لما مجدى اتكلم بره عن شغله خليته يسكت عشان للحظه شكيت فيا ؛ ما بالك أنت بقا هتقدر تأمنى على نفسك وقلبك وبيتك وولادك، هتقدر ترجع اخر الليل تنام فى حضنى وتحكيلى عن كل اللى مضايقك ولا هكون بالنسبة ليك سد رغبة وتخفيف وجع؟!

نصب عوده حائرا معاتبا الحياه عن قسوتها وعن محاربتها لنا فيما بثته فى قلوبنًا، و
- كل كلامك صح وهو اللى كان باعدنى طول الفترة دى، بس امبارح لما نزلت وفكرت مع نفسي لقيت إن مفيش حل غير إنى امشي ورا قلبى وارمى كل المخاوف دى فى النيل، كنت راجع وناوى افتح معاكى صفحة جديده عشان قلبى اللى عايز كده، عايز يديكى فرصة تانية ولانه بعدك مش هيقدر يدى فرصة اولى لأى واحدة...
ثم امتعض متأسفا.

- بس رهف وبسمه الله يسامحهم بقي..
وقفت على السرير مستنده على ركبتيها لتعانقه بحب عصف بهما لاحضان بعضهما، فانفجر شلال الدموع فى صدره معتذرة
- انا اسفه ياهشام، أسفه بجد، معاك حق فى كل اللى قولته، وزى ماانت قررت تدى قلبك فرصه تانيه انا همسك فيها بابديا وسنانى ومش هسمح لاى حاجه تفرقنا، واى حاجه بعد النهارده تهون طالما أنا جمبك ومسنودة عليك..

طوقها بذراعه القوى وضمها إليه اكثر كأنه هو من يحتاج لحضنها وليس هى ودفن انفاسه فى جدار عنقها، وعاد الحب المضمور تنبت زهوره بداخلهم، رفعها بذراعها فباتت معلقه فى سماء حضنه مطوقة بأنفاس شوقه، ثانية رجليها كى لا تفيق من الطيران هواها إن لامست الارض، وغمغم ممازحا
- مايصحش تكونى فى حضن هشام السيوفى وتعيطى، إنت عايزاهم يقولوا عليا ايه؟!
- أنا بعيط عشان خلاص رجعت مكانى ومش عايزه ابعد عنه تانى...

لم يُجيبها تلك المرة بل سبق رده صوت قفل الباب بالمفتاح، فتدلت مبتعده عنه وسألته
- انت بتقفل الباب ليه؟!
ابتسم مشتاقًا
- الاتفاق اللى حصل ما بينا ده لازم نختمه بختم النسر...
حاولت الهرب منه ولكنه تلقاها على ذراعه واوقفها
- هشام، انت نسيت الناس اللى بره؟
- تلاقيهم ميشيوا، منا متفق مع مجدى يظبط لى الدنيا..
تراجعت للخلف متوسله
- ياهشام، بطل بقي وافتح الباب..

- مش بمزاجك ياحلوة، خلاص وقعتى فى زنزانة هشام السيوفى...
فركت كفيها متوترة
- ماهو إللى إنت بتفكر فيه ده ما ينفعش خالص؟!
نفذ صبره متأففا
- متحسسنيش إنى جايب بنت اختى معايا هنا، انجزى وبطلى عناد..
فكرت بحيرة لتهرب من حصاره
- ياااربي منك، طيب قرب عايزة اقولك حاجه..
- حاجة إيه؟! مفيش غيرنا هنا، قولى..

- ياهشام بقي، ماهو بصراحه فى اعذار قهرية تمنع اللى فى دماغك ده خااااالص، ووسع كده خلينى اخرج للناس بدل ما يفهمونا غلط...
غض على شفته مغتاظا
- اااه يابت ال****، طيب اعمل فيكى ايه؟!
ترجته باصرار
- يلا افتح بقي...

ثم اقتربت منه وطبعت قبله هادئه على خده فألتقت عيونهما للحظة ‏فتبسمت بحب أفحمه اكثر، اكل شفته السفليه من كثرة الغضب وغيظه منها فاستدار مجبرا وفتح الباب وخرج وهو يضرب كف على الاخر ويسب فى نفسه علنا
- هشام علي سنين هشام على فقر هشام...
ثم صاح مناديا بقوة
- مجددددددى...
كان يجرى مكالمه هاتفية فى الشرفه قطعها مجيبا
- جايلك حالا..

فوقف على رأس الطاولة يتفقد بسمه ورهف اللاتى تبسمن إليه بخبث استقبله بضجر وقال
- منورين..
رهف متدلله
- ربنا ما يحرمك مننا أبدا ياهشام..
كشر فى وجهها اكتر
- يارب ياختى
اتى مجدى على الفور وطلب من رهف بعشم
- رهف، اتنين قهوة مظبوط الله يخليكى..
- مين قال لك تطلبلى قهوة؟!
كأنه وجد ما يفرغ فيه شحناته السلبيه فبات يتمسك بذيول الكلمات ويصنع منها شجارا، فاجابه مجدى
- ومين قال لك إنى طلبتلك، الاتنين ليا لوحدى..

تنهد بهدوء
- اه بحسب، ثم نظر لرهف خليهم تلاته طيب..
رمقها مجدى ضاحكا بسخريه وقال بصوت عال
- حالك يصعب عالكافر يابن عمى..
ثم مال موشوشا
- الحب مبهدلك..
دفعه هشام بقوة وبغل
- طيب يلا ياخفيف، عندنا زفت شغل ؛ امشى قدامى..

تقف رهف فى المطبخ وترمق مجدى بخجل يحوى دموع الندم بمقلتيها بقلب حار اشتعل تلك اللحظه بحبه فغلت عليه قهوته وغمغمت باسف ( اعلم بإن الحياه بين يديك لا تؤذي ولكننى عاندت )، فارت قهوتها فاختفى وجهها فسكبتها واعدت غيرها على مضض، ثم وضعتها مرة آخرى على الموقد ومسكت هاتفها وقررت أن تكتب له رسالة نصية بدلا من صمتها القاتل وعيونه المتوهجة بالشوق.

- ((((وحشتنى أوى على فكرة، وكنت محتاجالك أوى الفترة اللى فاتت ))))
ثم ضغطت على زر ارسال وعادت لتصب القهوة فتلقى مجدى الرساله التى قطع صوتها حديثه، وفتح هاتفه
- استنى...
سها مجدى للحظه من هول رسالتها الغير متوقعة فرفع انظاره وجدتها غير مباليه ومولية ظهرها مشغولة فى رص فنجانى القهوة، فساله هشام
- في حاجه حصلت..؟!
قفل مجدى هاتفه وهو يهز رأسه نافيا.

- لا، لا مفيش هكملك، المهم أن منصور الشاذلى ده طلع داهيه، مصيبة من مصايب الزمن...
هشام بحماس
- مسكت عليه حاجه؟!
- بلاوى، بس ما وصلتش للى عايزينه..
تقدمت رهف بخطوات متباطئه خافضة عينيها لاسفل بخجل، فابتلع مجدى باقى كلماته ورمقها بشوق هز الصنيه فى يدها وغمغمت
- يارب تعجبكم..
اندفع بحب وهو ياخذها منها
- تسلم ايدك يا ست البنات..
فاتسعت ابتسامتها وقالت بحماس
- انا عملتها زى ما جوجل قال بالظبط..

اخذ هشام فنجانه خائفا
- ربنا يستر، روحى اقعدى مع البنات جوه عشان بنتكلم فى شغل..
ارسلت لمجدى ابتسامه خافته هزت قلبه وولت ظهرها متأهبه للذهاب حيث شرع هشام بارتشاف القهوة فتغيرت ملامحه وهدف مشجعا
- عاش يارهف فعلا القهوة زى ما جوجل قال، بس الملح زاد منك...
دارت اليه باسف
- هو طلع ملح مش سكر؟!
كتم مجدى صوت ضحكاته وهو يرشف القهوة ويبتلعها مرغما
- ياريتنى ما كنت طلبت..

ضحك هشام بصوت عال على فشل اخته ونظر لمجدى مازحا
- عرفت انا مش عايز اجوزها ليه؟!
فتلهف مجدى متحمسا
- ياسيدى وانا راضي وابن عمكم وهيستر عليكم بردو...
- اتلهى...
هربت رهف سريعا من امامه متاففه وهى تدندن
- يخربيت غباءك، عقلك راح فين بس..
ثم دخلت الغرفه عند فجر وبسمه، فطلبت منها فجر ان تقفل الباب سريعا، ثم اخفضت صوتها وقالت
-(( عايزه أعمل حاجه ؛ وانتو لازم تساعدونى، )).

عوده لمجدى وهشام الذي يتحدثان باهتمام، حتى اردف مجدى
- بص ياهشام، ياما تحاول انك تفتح سكة للبت ميان دى وتدخل وسط جماعات ابوها وتبقي واحد منهم ودى حاجه مش صعبة، يأما فجر وعايده هانم يتحدوا معانا ويوقعوا البت دى فى شر اعمالها، لان وراها سر كبير وانا حاسس إنه هو مربط الفرس...
هشام معترضا
- لالا ومن امتى أحنا بنشتغل مع ستات، خرج فجر وعايده من الحوار ده، والبت دى سيبها عليا...
مجدى بشك.

- هشام، متنساش فجر، بلاش تخرب العلاقه مابينكم طالما رجعتوا..
- متقلقش انا مش غبى عشان اخسرها، انا هقلبها فى راسي الاول وارد عليك..
رمقه مجدى بخبث
- ياولااااه ياحنين انت يابتاع المكسب والخسارة، عايز ابقي عمو كده بعد كام شهر...
- أنت عارف يامجدى لو بس تشيل عينك دى من حياتى هتتظبط والله..
ضحك مجدى وطمئنه.

- شلتها خلاص، يلا قوم ألبس عشان ننزل، سيادة اللواء مستنينا، عشان فى حاجات مهمه عايز يقولنا عليها وبالاخص ليك..
نهض هشام ليرتدى ملابسه، فطرق الباب ودخل وبالتالى خرجن الفتيات فتوقفت فجر امامه وسألته
- اساعدك فى حاجه..
اجابها بعجل
- لا انتى تختفى خالص كده من قدامى لحد موانعك ما تسمح، اااه وكمان سدالك ده ميتقلعش انت فاهمه..
- خلاص براحتك هطلع اهو...

اخذت هاتفها وقفلت الباب بسرعه ثم ركضت نحو مجدى وطلبت منه بحذر
- مجدى، هات رقمك كده الاول..
مجدى باستغراب
- مفيش مشكله بس ليه..
فجر بحرص
- عايزه اعمل مفاجأه لهشام بكرة، وانت هتساعدنا، بس اوعى تقوله...
ابتسم مجدى مرحبًا بالفكرة
- جيتيلى فى ملعبى، دا اتش ده حبيبي..
ثم انتوى له سرا
- السف والقر هيكون عليك للسنة الجايه يا سيوفى...

خرج زياد من باب المشفى بعد ما جبس ذراعه الذي كُسر إثر حادثته التى نجا منها بأعجوبة فشاور لاحد سيارات الاجرة وصعد بجوار السائق فكان رجلا مسنًا فاخبره بالعنوان والتفت يتفقد الطريق وهو يزفر مختنقا، فسأله العجوز
- استغفر ربنا يابنى، إن مع العسر يسرا...
فرمقه مغلولا وزفر قائلا
- هو انا ليه بيحصلى كده؟! ليه كل حاجه جاية معايا عكسي..
ابتسم الرجل بحكمة ثم قال.

- قضاء ربنا هو اللى صح حتى ولو جيه عكس رغبتنا..
اتخذ كلامه ببعض من السخرية والقنوط
- وايه حكمة ربنا فى إنى اسقط وايدى تتكسر وكل المصايب اللى شغاله ترف فوق دماغى؟!
لم يخل حديث السائق البسيط من الابتسامه والرضا.

- العبد لما يُبتلى لازم يفرح يابنى، يفرح لان ربنا مطلع على قلبه وشايف الخير جواه بالرغم من تصرفاته، فبيبعتلوا الابتلاءات دى عشان يفوق، ويصحى من غفلته، ويراجع نفسه ويشوف هو بيعمل، اكيد فى ذنب كبير فى حياتك ربنا عايز يفوق منه..

راجع زياد شريط حياته طوال الثلاثين عاما فلم يجد حسنة واحدة فى سجل اعماله، فهو لم سلك نهج شيطانه من زنا وفسوق وعقوق وكذب وخداع وألم، هنالك شيء خاطئ يحدث غير مألوف عن الحياه الاداميه، فأى نجاه واستقامة ينتظرها..
فاق من شروده على صوت هداية السائق.

- اهم حاجه سلامة قلبك ياولدى، ( إلا من اتى الله بقلب سليم ) وطالما لسه فيك النفس يبقي باب التوبة مفتوح، اقولك اسمع كلام ربنا وهتلاقي فيه راحتك، واسباب وجعك، وابعد عن طريق الشيطان
ثم علىّ صوت المُسجل فاشتغل صوت (مشارى) بالاية الكريمه التى خرطت قلبه.

(وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ ۚ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلًا مَّعْرُوفًا ۚ وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ).

فى احد المطاعم الفارخه، تجلس عايدة بصحبة منير منفجرة فى البكاء
- كل عيالى سابونى يا منير، حاسه إنى بقيت لوحدى خلاص، حاسه إنى بموت..
لأول مرة يرى دموعها التى بخلت بهما عليه فى لحظه فراقهم ولو رأهم حينها لهد الجبال لتبقي له ولكنها تحدت واستكبرت، احتضن كفيها مواسيا
- طيب أهدى، واكيد عندهم مشاغلهم..
هزت رأسه نافيه واحتضنت كفه.

- دول سابونى خلاص، هشام وخد اخته وزياد فى دنيا تانيه، انا حاسه هتجرالى حاجه، منير ساعدنى ارجع عيالى يا منير...
انتقل من مقعده وجلس بجوارها ليواسيها
- أهدى اهدى، حاضر انا هتكلم معاهم بس متعمليش فى نفسك كده..
رفعت انظارها المعاتبة إليه واردفت بضعف.

- ياريتنى ما عاندت وياريتك ما سبتنى، انا اللى بدفع التمن من يومها لحد ما اخوك عرف بعلاقتنا السابقة وخلي حياة البيت كلها جخيم لحد ولادى اللى اهملت تربيتهم، مش ولو كنا اتجوزنا كانت حياتنا هتبقي أحسن، شوفت يامنير ادينا بندفع التمن...
اطرق بقلة حيلة بعد ما اشعلت مشاعره المدنونه اليها وقال
- الكلام فى الماضي مش هيغير أى حاجه، احنا ولاد النهار ده...
رمقته بعيونها الباكيه وبنظره رجاء
- هتساعدنى يا منير..

ضم كفها بقوة من تحت الطاولة وابتسم
- هساعدك يا عايده..

حل المساء فعاد هشام الى شقته متأخرا، فاول ما التقمته عينيه نوم فجر على الاريكه التى غلب النعاس انتظارها، فوضع مفاتيحه بحرص الا يصدر صخب واقترب اليها وشمر بنطاله جاثيا على ركبتيه مقابلها، فمسح على رأسها بحب وقال
- حد ينام هنا بردو؟!
تململت بخفة وتراقصت جفونها متفوهه بصوت يغلبه النوم
- انت جيت؟! ليه التأخير ده كل..؟!
اصدر ايماء خافته
- الشغل ياستى ما بيخلصش..
اعتدلت فى نومتها بمساعدة على كفه وقالت.

- هحضرلك عشا..
- دانت النوم مضيعك خالص..
هزت رأسها مصره
- لالا هعملك حاجه خفيفه كدة.
- ياستى اكلت مع مجدى، يلا قومى نامى جمب بسمه.
تتثاوب بتكاسل ثم اطرقت
- لا بسمه مشيت عشان عندها امتحانات..
اتسعت ابتسامته ولمعت عيونه بفرحه، فحملها فجاة وهو يقول
- تمام، يبقي تعالى أوصلك لجوه..
فر آخر عصفور للنوم من فوق جفونها اثر عطره القوي وقربه المفاجئ، فهمست بحب مستنده على صدره ولفحته بذراعها وقالت متدلله.

- استنيتك كتير، لحد ما روحت فالنوم..
- تانى مرة متستنيش، نامى على طول لان مواعيدى مش مضمونه..
تعمدت فك اول زر من قميصه بدلال
- مقدرش طبعا، لازم استناك لحد ما تيجى واطمن عليك كمان..
تحمحم بصوت عال عدة مرات محاولا كبح جيوش شوقه التى موجتها بقلبه، فرمقها منذرا وهو يدخل بها الغرفة
- كمان؟!
ثم انحنى ووضعها برفق مبتسما
- طيب نامى يلا..
فوجئ بها تحوى كفها وسألته
- مش هتنام جمبى؟!
اجابها متخابثا.

- أنتى عايزانى انام جمبك؟!
اصدرت صوتا نافيا بدلع
- تؤؤ، مش عايزاك تنام جمبى...
انكمشت ملامحة لوهله فلحقت نفسها ووثبت قائمه كطفله مدللة واخذت تعبث بعشوائية فى ازار قميصه ثم قالت بحياء وهى تقطع شفتها السفلية
- انا عايزه أنام فى حضنك..
تغنجها ودلالها المُبرح صهر جبل الجليده بجوفه حتى ذاب بها ولكنه لازال محافظا على ثباته وثقله
- هو حضنى مُريح للدرجة دى؟!
انخفضت نبرة صوتها حد وصوله الى آذانه همسًا.

- بالنسبة لى فوق ما تتخيل..
نزع حذائه وشرع فى تبديل ملابسه مبتسما ومستريحا من الداخل، سعيدا بوجودها معه مسحورا بدلالها الذي خدره، انتهى من نزع ملابسه واكتفى بارتداء بنطال فضفاض ثم فرد ظهره بجوارها، فبسطت ذراعه ونامت عليه وطوقته مستريحة وقالت
- هشام، احكى لى حدوته..
اقتطب جبينه مذهولا
- ودى بتتحكى ازاى؟!
- عادى ياهشام حدوته..
- لالالا، تؤ ماليش أنا فى الجو ده..
تغيرت نبرتها مفتعله الزعل.

- يعنى مش هتحكيلى؟!
فزع من نومته منحنيا إليها مستندا على ذراعه حتى باتت عيونه تعلو عيونها بحماس
- طيب ما تحكيلى إنت، وتقوليلى هفضل متعذب كده لحد أمتى...؟!
تلاعبيت بحدق عينيها كاظمه ضحكها
- يعنى ٤ ايام كده..
ابتسم مغتاظا وهو يجز على فكيه
- يبقي عليكى بخير الاجازه الجايه بقي، نامى..
- حاضر..
احتدت نبرته الامره
- غمضي عينك يلا..

استجابت على الفور، فعاد هو لنومته مزفرا وعادت هى سريعا لتختبىء فى حضنه بعد ما قبلته قبله سريعه فى وجنته
- تصبح على خير ياحبيبي...
اكتفى بضمها إليه بدون إى رد متنهدا بكلل ثم اطفىء النور بجواره وظلت جملة اللواء نشأت تتقلب فى رأسه قالقا
- ((( اللى اسمها ميان دى لغز كبير أوى، واحنا لازم نحله ياهشام، وانت المدخل الوحيد للبنت دى ))).

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة