قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل الحادي والعشرون

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل الحادي والعشرون

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل الحادي والعشرون

بحياتي كلها لم تجبرني مشاعري على المضي تجاه من يبتعد عنها طوعًا، إلا أنت، يشتهي قلبي الركض خلفك لاَسلم بك واُسْلّم لك...

فى مساء اليوم التالى صفت سيارة مجدى أمام أحد الفنادق العائمه على الكورنيش ؛ مما اثار جزع هشام الذي نهره متأففا
- يابنى أنت إيه حكايتك؟! مصحينى من ٦ الصبح وشغال تلففنى بعربيتك بلا هدف، وبتخترع فى مشاوير مالهاش تلاتين لازمه، تقدر تقول لى إحنا هنا هنعمل ايه؟!
سحب مجدى مفاتيح عربيته ضاحكًا
- وانت متعصب ليه؟! مش عاجبك الجو مع مجدى حبيبك؟! ولا البدله خانقاك.

- ولااااه هتغابى عليك؟! وبعدين فين المحافظ اللى أحنا هنقابله!
دار مجدى بجزئه العلوى للخلف ليأخذ شيئا ما وهو يقول متخابثًا
- للدرجة دى هتموت وتروح؟!
كظم هشام غيظه وهو يكور قبضته التى باتت ستناوله فى أي لحظة
- هتتزفت ترجع ولا أنزل أخد تاكسي؟!
نزل مجدى من سيارته، ودار أمام عينيه ليقف مستندا على نافذة سيارته ناحية هشام وقال
- يلا، أنزل، المحافظ مستنينا فوق..
استهزأ هشام بجملته.

- محافظ فى فندق سياحى؟! انت اتهبلت؟!
اتسعت إبتسامة مجدى التى تخفى سرا وراءها
- محافظ روش وبيحب يدلع نفسه؟! هنقوله لا..
- أنا ليه مش مستريحلك!
- وانت ليه محسسنى إنى خاطفك! انزل انزل...
قال مجدى جُملته وهو يفتح له الباب لينزل، فدار هشام مرغمًا مزفرا بدخان غضبه مغمغمًا على مضض
- وايه الزفت اللى أنت شايله ده!
تعمد مجدى افتعال وضع اللامبالاه وهو يقلب ما بيده.

- دى؟! دى علبة شكولاته للمحافظ، هنخش عليه بايدينا فاضيه يعنى! قولت مايصحش!
حك هشام رأسه وهو يقطم شفته السفليه فلكزه بقوة
- شكلك هتترن منى عقلة النهارده تجيب خبرك...
- لالا وفر المجهود ده لحاجات اهم وفكك منى دلوقتى؟!
وطأت اقدامهم بوابة السفينه، فسبقه مجدى بخطوة واستقبلهما موظفي الاستقبال بابتسامة عريضة..
- الدور التالت يا فندم...
فهمس هشام لمجدى من خلف فكيه
- هما بيضحكوا كده ليه..!
نصب مجدى عود بفظاظه.

- تلاقى المحافظ موصيهم علينا، اطلع اطلع..
ثم غمغم مًستاءا
- وعامل فيها ظابط أمن وطنى وبيلقطها وهى طايره، واتاريك عايم فى مية البطيخ..
كانت خطوات مجدى مسبقة لخطوات هشام حتى وصل الثنائى الى سطح السفينه المزينة بأروع مبهجات الاحتفالات، من ورود وشموع وبلونات ملونة وفرقة موسيقية تعزف بألحان عذبة وتعالت صوت المفرقات والصواريخ فى السماء، فمال هشام على مجدى
- هو ده عشاء عمل ولا ناوى يجوزنى بنته؟!

لكزه مجدى ممتعضًا
- بنته مين بس! بص هناك كده..
دار الناحية الاخرى ليرمى انظاره محل ما اشار إليه، فوجد بسمة تقف مبتسمة بجوار آخرى تعطى له ظهرها مرتديه فستان المهرجان، فتوقف نشاط عقله للحظه إثر صخب قلبه الذي اصابه بلذة الشرود وتمتم
- هو في إيه..؟!
أخرج مجدى عُلبة مستطيله عليها أحد ماركات المجوهرات العالمية ولكزه وهو يضع شيئا ما بجيبه
- خد دى عشان تعرف إن ابن عمك مزوق وبيفهم فى الحاجات دى...

اقتربت منه بسمة فارحة
- كل ده تأخير يامجدى؟!
- معلش على بال ما جبت معالييه؟!
هشام بحيره
- ما تفهمونى فى إيه؟!
ضحكت بسمة ومجدى معًا ثم قالت
- دى هتفهمها لما نمشى أنا ومجدى، يلا يا سياده النقيب...
اومأ متفهما..
- وانا بقول كده بردو..
ثم مال على آذان هشام هامسا
- حساب الليلة دى كلها فى جيبك يا سيوفى، منا مش هصرف عليك من جيبي...
ضغط هشام على قدمه متوعدا
- دانت اللى لسه حسابك مجاش معايا!

ضحك مجدى بصوت خافت متأهبا للذهاب
- عايزك ترفع راس ابن عمك حبيبك، وتشرف مصر..
ثم جهر
- يلا يا دكتورة عشان اوصلك فى طريقى...
تقدم مجدى فى خُطاه، فتوقفت بسمة أمام هشام ناصحة بابتسامتها الساحرة
- بتحبك أوى على فكرة، انسي كل حاجه واتبسطوا..
اومأ هشام متفهما ثم غير مجرى الحديث
- بسمه، عدى على رهف خليها تبات عندك ؛ متسيبهاش لوحدها...
- هى فالبيت أصلا وزمانها أكلت دماغ عمتو، يلا هسيبكم أنا...

رحلت بسمة ورحل اى حاجز يمكن أن يعيق بينهم للحظه، قلب العبلة التى فى يده على كلا وجهيها حائرا حتى أخفاها خلف ظهره وتقدم إليها بخطواته الهادئه، فكانت تقف فى انتظاره كالسندريلا فى انتظار أميرها، تحمحم بخفوت وهو يرمقها بلهفة
- هتفضلى مديانى ضهرك كده كتير..!

ملأت صدرها بأوكسجين عطره مبتسمه من عفويته، فدارت أمامه متمهله، فتفقدها من كاحلها لرأسها حتى رست عيونه على وجهه الساطع كالبدر فى عتمة السماء وحجابها التى باتت فيه كالاميرات فغمغم هائما
- الله أكبر...!
دغدغت قلبه بضحكة هادئه
- المفاجاة عجبتك؟!
دنا منها خطوة سلحفية فتراقص قلبها فرحًا، واكمل
- طلعنا بنعرف نعمل خطط بقي ومفاجئات! ايه الحلاوة دى؟!
كورت كفوفها من شدة الخجل فاطرقت بهدوء.

- كان نفسي فى فرح واحس أحساس العرايس والفستان ووجودك، وبجد أنا حاسه إنى طايره من الفرحه، مبسوط..؟!
فاض الحب من عينيه حتى ارتسمت على ملامحه، وبالرغم من ربكته ؛ وقلة خبرته فى التصرف التى احتلت كلماته شاردا بكل تفاصيلها يترقبها ويترقب المشاعر المدججه التى هاجت به..
سحب كفوفه من وراء ظهره وفتح العُلبه فوجد طاقم من الذهب الابيض باهظ الثمن ومعه اسواره وخاتم من نفس الشكل فتمتم منبهرا.

- والله وطلعت بتفهم يا زفت..
ثم رفع انظاره إليه وقدمها له قائلا
- شبكتك...
- اوعى يكون مجدى قالك حاجة؟!
- لا هو حضر كل حاجه وجرجرنى هنا وانا مش فاهم حاجه...
ضحكت على ارتباكه الملحوظ وقالت متدلله
- طيب إيه مش هتلبسها لى؟!

ألتقمت يده العقد وأعطاها العُبله وتحرك ليقف خلفها ويطوق لآلىء حبه حلو رقبتها ثم عاد كُرة آخرى ووقف أمامها وأخذ الاسواره وكلبش يديها باصفاد أمتلاكه لها للابد، ثم بعدها تناول الخاتم والمحبس وأسرها بقلبه لما لا نهاية، فانحنى قليلا وطبع قبلة طويله على يديها جعلت كل ما بها يتنشي إليه..

ظل محافظا على صمته لانه لا يعرف ما الذي سيقال حينها فترك الامر لتصرفاته كى تُخبرها عن كل ما يكمن لها به، نصب عودة مرة آخرى، وطوق جانبها بكفه فجذبها إليه برفق..
رفعت كفها على كتفه فتخففت من عبء العالم المرصوص فوقها، واحتوى بكفه الاخر كفها فشعرت أنها خفيفة كفراشةٍ لا تملك سوى جناحين ومدى لا ينتهي لتحلق بهم معه..
تمايل الثنائى على لحن الموسيقي بصمت تام حكت فيه عيونهم عن كل شيء حتى قطعته هى وقالت بحياء.

- عارفه إن مشاعرك لسه محتارة و عارفه إنك مش عايز تتسرع فى أى حاجه، ويمكن لسه ماحبتنيش زى ما أنا دايبه فيك، بس تعرف إللى شيفاه فى عيونك دلوقتى أحلى من مليون كلمة بحبك؟! وتعرف الاحلى منهم إيه؟!
ابتسامة خفيفه غير ملحوظه ولكنها محسوسة شقت ثغره وسألها
- إيه؟!.
سحبت كفها من يده لتعانقه بكلا ذراعيها، وهبط بذراعيه لخصرها وطوقها أكثر فازدادت قربًا منه، واكملت.

- لهفتك عليا، شعور الحب جميل وبيفرح أى ست، بس احساس اللهفة اللى شوفتها فى عيونك اليومين اللى فاتوا سحرتنى، خلتنى اصمم ان اللى ما بينا مش لازم ينتهى، لازم ندى قلوبنا فرصة وما نكونش انانيين..
ضاقت عيونه متوعدا
- يعنى كل الاستهبال اللى فات ده مدبر ومقصود؟!
ضحكت بصوت عال ولمعت عيونها ببريق الشوق فاطرقت انظارها لاسفل ثم رفعتهم إليه وقالت ببراءه
- أنا معملتش حاجه، أنت اللى كانت عيونك فضحاك..

تعمد ابتعاد عيونه عنها واكتسح أرجاء المكان بينما هى من اطالت النظر بشغف وتفوهت مداعبة
- بتبعدهم عنى عشان خايف اقراهم غلط، ولا خايف يقولوا كلام أنت بتتعمد تخبيه عنى..؟!
فتح لها قلبه وحدثها بخفوت
- عارفه إنتى وجودك فى حياتى عامل بالظبط زي القهوة، اللى بحس بسكرها على لسانى ومُرها في قلبى وفى نفس الوقت بقيت إدمان، مقدرش استغنى عنها؟
- انت بقيت بتحب القهوة؟!

للتو ايقن أنه أمام امراة تصم كل تفاصيله ؛ فتبسم بعيون لامعه
- انا كنت بعوض غيابك بيها؟!
- وعوضتك؟!
- اااه وخدتنى لحد عندك...
عاود النظر إليها شاردا وصدح قلبه هاتفًا ‏
- لا أعلم الكثير من الكلام لابوح عما فاض بى ولكنني اعلم قطعًا ويقينًا أنني سقطتُ في هاوية مخاوفي وأنني في المكان الذي لطالما ارتعبتُ من الوصول إليه، وتحديدا إليك..

اغرورقت عيونها بدموع اليائس من صمته الطويل حتى ارتخت قبضة يديه وسألته بحزن
- طيب أنت سكتت ليه تانى؟!
شرد للحظة ثم حدقها طويلا وقال
- مش لاقى كلام كافى يوصف اللى جوايا، فأنا هسيبلك عيونى اقريهم زى ما أنت عايزه..
- أنا عارفه ان اللى حصل صعب، وانه مش هيتغير من يوم وليله، بس أنا هحضنك لحد ما كل اللى فيك ما يتسرسب ليا..

برغم من حذائها العالى إلا انه كان يجب ان تقف على اطراف قدمها لتصل إليه، بمجرد ما القت جملتها ارتمت فى حضنه وعانقته بحب يسع العالم، فطوقها بذراعه القوى وقال
- دانت غاوية غُلب شكلك؟!
فهمست: وانت أحلى غُلب فى حياتى..
فابتعدت عنه لتعود لمكانها وسألته
- مبسوط؟!
- مش عارف، بس حاسس إنى فرحان، و أوى؟!

اتسعت ابتسامتها تدريجيا فاختلس من طرف فمها قُبلة خفيفة فقطعها صوت عمرو دياب الذي صاح صوته مغنيا ( محسود على عودك )، فقرر نفض مخاوفة والاخذ بنصيحة بسمة ورفع شعار يحيا الحب وتقسط نيرانه والتراقص فوق كل احزانهم واغتيالها باقدامهم..

بعدها عنه ليدورها أمام عينيه كالفراشة التى غادرت كل البساتين ورست فوق قلبه حتى ألقاها مرة آخرى بحضنه وحملها ودار بها على لحن ( أنا وانت بمية لمة، مش محتاجين لمة، لما بشوفك بنسي أنا مين )...
انتهت الاغنية وهى ذائبه فى حضنه الذي يقبض عليها كأنها جوهرة ثمينه يخشى فقدانها، فلمست اقدامها الطائر الارض فقبل رأسها بحنو بالغ ثم أخبرها سرا
- المفاجاة عجبتنى اوى، ووجودك وضحكتك دول كفاية إنهم ينسونى العالم..

رفعت عيونها الهائمه وضغطت على كفه بشوق
- بحبك اوى، متحرمنيش منك تانى!
ارسل لها ابتسامه جميله واغمض عيونه للحظه بما يوحى بالموافقه، فخيرته
- تحب نتعشي هنا ولا ننزل الاوضة تحت...
كسح المكان بعيونه ثم همس ممازحا
- الوليه اللى ماسكه الجيتار دى مركزه معانا اوى وحاسسها باصة لنا فالليلة، وانا مش مرتاحلها...
تمايلت ضاحكه فى حضنه وقالت
- يعنى نخلع، وانا بقول كده بردو..
مسكته من كفه وخطت خطوة ولكن ثباته اوقفها.

- غيرت رايك ولا إيه..
- خدى هنا، رايحه فين؟!
اقتطبت مندهشه
- مش قولت هنخلع!
- حصل؟!
- يبقي إيه بقى؟!
قفل زر بدلته متحمحمًا وهو يدنو منها
- وانت عروسة وزى القمر والمفروض إنى أنا عريس بردو وكده...
فقطع جملته فجأة وهى يحملها بين راحتى يديه وواصل بفظاظه
- وانا بردو جنتل وبفهم فى الحاجات دى؟!
لفحته بعطرها وذراعها ووشوشته
- بالرغم من تقلك ورخامتك وغرورك وو
فحدجها بنظره الحاده التى جعلتها تبتلع ما فى فمها سريعا.

- استنى عليا هقول كلام حلو اهو...
- انجزى عشان حااسس العين رشقت..
- ههه لالا مرشقتش ولا حاجه..
ثم حدقته بولهٍ متنهدة بارتياح وقالت بتعزل
- كل الصفات دى ما تمنعش انت جميل بطريقه ت...
صمتت للحظة ثم غمغمت حائره وطوقته بشوق
- انت جميل بكل الطرق ياهشام...
ثقل حُبها فى قلبه للحد الذي افقده اتزانه ورخى يديه للحظه فسريعا ما ريحها فى يديه متحججا
- الفستان ده تقيل أوى، انت شيلاه ازاى؟!

”أرجوكِ أن تغفر لي هذه الثرثرة، وهذا الاصرار العتيق كى تبقي لى وكل محاولاتى فى الوصول إليك، كلاهما عُذري الوحيد يإنني صادقه، وممزقة، وأرتاحُ اليك، واكتمل بك، ولا يشغلنى العالم بدونك “
ايمان هنا عاملة لزياد وبسمه عظمة بجد
https: //www. facebook. com/groups/2018326755145710/permalink/2703757253269320/.

- أنا مش عارف أعملها ايه عشان اصلح كل اللى حصل ما بينا، طنط، ممكن تساعدينى؟!
أطرق زياد جُملته بخيبات الاسف ودموع الخزى تتلألأ من عينيه، فأجبت سعاد معاتبه
- عارف يا زياد، انتو الاتنين غلطانين..
فاجابه بلهفة
- انا عايزه فرصة تانيه نتكلم ونحط فيها النقط على الحروف؟!
رمقته بحسرة.

- عندك مبررات لخيانتك؟! عندك مبررات للعبك بيها وانك ضحيت فى ولادك بمزاجك! عندك مبررات لكذبك؟! عندك مبررات لوجودك هنا قدامك غير إنك حسيت بغيابها عنك للابد، فجاى تتوسلها ترجعلك..!
نفى برأسه كل كلامها وأطرق آسفًا
- عايزها تسامحنى، وبس ؛ أنا مستاهلش واحده زيها، انا استاهل اتعاقب ببعدها عنى عمرى كله!
- متأخر اوى يا زياد، اووووى!
ثم بللت حلقها واكملت.

- عارف مشكلتكم ايه انتو الاتنين؟! حبكم كان حب مُراهقين، أنت مش عايز منها غير حاجه واحده بس وهى مش عايزه غيرك للدرجة اللى سلمتلك فيها نفسها بدون أى مُقابل، وانت للاسف مقدرتش ده، ولما ربنا حب يفوقكم ولقيت نفسك هتتورط وتتحمل مسئوليه طفل وبيت وحوار قولت لا اخلع اسهل وانا كان مالى بالصداع ده كله..

رُدت ورود الماضي لقلبه لاشكواك تنخر في جسده بقوة، ففقدته بحة صوته فاكتفى أن يومىء لها بالايجاب فواصلت سعاد ناصحة
- ابعدو الفتره دى، لانكم لو رجعتوا هتأذوا بعض اكتر، لحد ما الزمن يحكم، والنصيب يغلب..
مثله كمثل بقية الرجال اللذين لا يُقدرون الأشياء التي تُقدم لهم إلا بعد فوات الأوان، أغلب الرجال لا يُقدرون الحب إلا بعد أن ينزلق من بين أيديهم ويهرب من تحت سيطرتهم وسطواهم...

- طنط، أنا اكشفت إنى مش هعرف اعيش مع واحده غيرها ولا حد هيتحملنى بعدها، وحقيقي أنا تايه مش عارل اصلح كل العك اللى فات ده ازاى ولا ابدا منين...
تحيرت سعاد فاطلت النظر بصدق عيونه فاستدلت وقالت
- يبقي حاول، شوف هتعمل ايه بقي..
لم يلحق ان يجاوبها فقطعه صوت الباب ودخول بسمة التى صُعقت بوجوده، فسقطت انظارها على ذراعه المُجبس فاضطرب قلبها قلقا ولكنها عادت متسحلة بالجمود، فوقف زياد مبتسمًا
- ازيك يابسمة..

ألقت مفاتيحها بعشوائيه واقتربت منهم متجاهله وجوده
- مساء الخير يا عمتو...
سعاد بهدوء: زياد عايز يتكلم معاكى..
لم تلتفت إليه بل باتت لامباليه لوجوده وسالتها
- عمو يسري كلمك؟!
نفت سعاد سؤالها:
- لا، خير حصل حاجه..!
رمقت زياد بطرف عينيها وقالت
- اصل فى عريس متقدملى، واهله وعمو جايين بكرة..
ثم اهتزت نبرة صوتها
- ابقي تعالى اتعرف عليه يا زياد، عن اذنكم عشان تعبانه وعايزه انام..

القت الجمر بحلقه وولت ظهرها راحله، فلحق بها وهتف
- خدى هنا، اى الهبل اللى بتقوليه ده؟!
لم تبد اى رد ولكنها اكملت سيرها بثبات حتى قبض على ساعدها واوقفها مرغمة، وجهر
- عايز اتكلم معاكى؟!
- مبقاش ما بينا كلام، حوش ايدك..
رجها بقوة
- أنت لسه مراتى لومش واخده بالك..
استهزأت بجمله
- ده فى احلامك و بس...
جز على اسنانه وتبادل الاثنين النظرات بينهم ثم هدا قليلا وطلب راجيا
- احنا لازم نتكلم..
فأبت باصرار.

- مفيش حاجه لازمه، انت طلقت وانا ارتحت ومش عايزه اشوف وشك تانى وابعد عنى وسيبنى ياخى..
تملصت لتفك قبضته التى كبلت قلبها ولكنها لم ترتخى قط، فشدها إليه عنوة
- بسمة، افهمى أنا لسة بحبك..
كلمة فجرت مكنوناتها بلطمة قويه نزلت من كفها على وجنته صارخه
- انت مش عايزاك تقولها تانى، مش عايز كدب، انت ايه ما بتزهق، روح للارف والزفت بتاعك وسيبنى اعيش حياتى واعرف اتنفسك من غيرك..
ثم ضربته على كتفيه بانهيار.

- كل ما تفتكر أن فى واحده على ذمتك اسمها بسمه ترجع تقولها بحب ومستنى تترمى فى حضنك، ده بعينك..
لطخ وجهها بمياه عينيها وانطفئ برماد حزنها وصرخت
- انا بكرهك، وبكره ريحتك وبكره كل حاجه فيك، سيبنى بقى وابعد عنى عشان انت ولو آخر راجل فالدنيا أنا مش هتجوزه ولا ارجعله، افهم بقي...

سقطت حقيبتها ونزع حذائها ارضا وركضت امامه لتحتمى بغرفتها كى تدفن الروح التى تود أن تضمه وتقتلها للابد، احكمت غلق الباب بالمفتاح واستندت خلفه وواصلت صراخها
- أنا مش عايزه اشوفك تانى، ولا عايزاك تحبى ولا عمرى هسامحك يا زياد، ورحمه ولادى اللى ماشافوش نور الشمس أنا ما هسامحك أبدا...
اقتربت سعاد منه متوسله
- أمشي أنت يابنى دلوقتى، معلش! اعصابها تعبانه..

وطأه راسه بخزى وحزن على الحاله التى وصل الاثنين لها وتقهقر مغادرا فاندفعت سعاد صوب الباب راجيه
- افتحى يا حبيبتى، افتحى مشي خلاص..
تزحلقت بقدميها عمدا لترقد خلف الباب مستنده عليه بظهرها باكيه
- سيبينى لوحدى يا عمتو، مش قادره اتكلم..
- يابنتى...
قطعتها باصرار
- من فضلك يا عمتو، عايزه ابقي لوحدى...

تناولت هاتفها وظلت تُقلب فى صورهما وذكرياتهما معًا مجهشة ببكاء غزير، فتوقفت عند فيديو قديم وهو يحتويها من الخلف فى احد المصايف ورفعت عدستها ليلتقطا صورة لهما معًا، فانقلبت لفيديو استغله مهاتفا بمراح بعد قبل كتفها بغتة
- بسماااااااااه، أنت بحبك اوى...
ألقت الهاتف من يديها منفجره فى نزيفها الداخلى والخارجى وتردد مرات متتاليه
- وانا كمان بكرهك، بكرهك، بكرهكك، ووووو.

فشهقت متفهمة ومدركة بأن ضرره أكثر من نفعه بحياتها وانها علاقة سامة لاجدوى بها ولكنها تتمناه وتشتهى قُربه لانه منحها ضحكة ذات مرة ورجفة حب مرة او اثنين..
ضمت ساقيها الى صدرها وهذيت معترفه بصوت خفيض
-وانا كمان بحبك، بس مستحيل ارجعلك، مهما عملت مستحيل، اللى كسرته جوايا مش هتقدر تصلحه انت ولا الايام...

سكوتك عما يُرضي قلبك تنازلاتك الأولى، فتغاضيك عن كوارثه الهائله، إخفاءك لرفضك، تحملك وجعة، كتمانك، جميعها صلابة لم تؤلم أحداً سواك، ولا تدمر حياة احد غيرك..
- (( ميان، احنا لازم نتقابل فى أسرع وقت، معرفش ليه بس حاسس انك وحشتينى ومحتاجلك أوى ))
انتهى هشام من كتابة رسالته النصيه وارسلها لميان ثم قفل هاتفه نهائيا إثر خروج فجر من الحمام مرتديه ( بيجامة حرير طويله زرقاء ) فتفقدها متسائلا ومتعجبا.

- الله يفتح عليكى يااخت فجر...
ابتسمت لانها تفهمت مقصد جُملته ولكنها لم تجيبه حيث انحنت لتفتح احد الادراج واخرجت منه مُصحفا ثم نادته أن يقترب، فجلس هشام بجوارها
- مالك..
احتضنت اناملها المصحف وولت اليه وقالت
- نتكلم شويه...!
- فى إيه؟!
وضعت المصحف مناصفة بينه وبينها وقالت
- هنبدأ حياة جديده ربنا شاهد عليها..
احتضنت يده ثم وضعت يديها الاخرى فوق الكتاب الجليل وأقسمت بضعف.

- من النهارده أنا هسلملك نفسي وقلبى وحياتى، اوعدك إنى هحافظ عليك واكون ام لولادك تفتخر بيها العمر كله، مش هكذب عليك فى حاجه بعد النهارده ولا هخبى عنك حرف، حياتى كلها هتبقالك كتاب مفتوح، وهحاول بقدر الامكان أكونلك الزوجة اللى بتحلم بيها، والام اللى تعوضك عن كل اللى اتحرمت منه، وبنتك اللى مش هتبطل تدلع عليك مهما كبرتوا..
فرت دمعه من عينيها ثم وضعت كفه على المصحف وطلبت منه.

- اقسم أنك مش هتزعلنى وهتسامحنى وهتحاول تدى قلبك فرصة ننسي بيها اللى فات، ومش هتخبى عنى حاجه، ونطبش سوا فالموج لحد ما نوصل للبر سوا..
أطال النظر بعينيها فتوسلته بعيونها راجية بأن ينطق، فتفوه
- اوعدك إنى مش هخبى عنك حاجة، وإنى هحاول ادى قلبى فرصة يبدا من جديد، بس..
- بس إيه يا هشام؟!

-مش هوعدك إنى مش هزعلك بس هحاول، بس عايزك انت اللى توعدينى، إنك تستحملينى بغضبى بعصبيتى بالحرب اللى جوايا ناحيتك، مش عايز يبقي فى حاجة اسمها خصام ما بينا حتى ولو كنت أنا السبب تيجى فى حضنى تشتكيلى منى، واوعدك انى هاخدلك حقك وزياده، مش عايزك تضيعى فرصتنا التانيه و الاخيره...
تناولت المصحف ووضعته على فخذها واحتوت بكفها الصغير وجنته وأومات متقبله ومذعنة لكل اوامره
- اوعدك، اوعدك ياهشام..

ضاقت عيونه المتخابثه قليلا ثم قال ممازحًا ساخرا
- ااه، دلوقتى هشام؟!، أمال فين حبيبي اللى واكله عقلى بيها فالروحة والجيه!
تراجعت قليلا فاطرقت بخجل وهى تبعد انظارها عنه
- وقتها كانوا البنات موجودين؟!
- لا ياشيخه...!
اومات بطاعه: اه والله...
هشام متخابثًا
- المهم أن فى حاجه بتزن فى دماغى ولو طلعت صح، مش عايز اقولك اللى هيحصل فيكى!
ضمت اصابعها على المصحف وبللت حلقها قلقة.

- فى إيه ياهشام، انت بتبصلى كده ليه...؟!
حدجها بنظراته الفاحصة ثم قال بمكر
- هو مش المفروض يعنى فى ما يمنع؟! ولا هو ما يمنع ده عند هشام وبس والمصحف لا؟!
تقاسم التوتر والخوف ملامحها وافتعلت وضع الغباء
- ها، أنت قصدك إيه؟!
- قصدى إن المصحف مش من ضمن الممنوعات ياهانم ولا هو مفيش موانع وانا كان بيضحك عليا؟!.
ولت بهدوء لتضع المصحف على ( الكومود ) ثم قفزت مرتعبة وهى تشير بسبابتها.

- هو بصراح ماكنش فى ما يمنع ولا حاجه، بس والله والله اخر مرة هكذب عليك فيها..
ثم تراجعت للخلف خائفه وهى تحدجه بعيونها الثائره
- هشام أنت بتبص لى كده ليه؟!
- بحوش نفسي عنك، عشان لو مسكتك دلوقتى ما هرحمك...
- والله اخر مرة، خلاص بقي؛ شوفت اهى عنين الوليه اللى كانت مضايقاك رشقت وبوظت الليله..
يعض بقوة على شفتيع ويحدجها مغتاظا حتى ركضت لتلهيه
- بص بص العشا قمر ازاى، تعالى ناكل يلا...
دار إليها بهدوءه المريب.

- انت بتجرى ليه؟!
توقفت مرتبكة: عشان خايفة!
- منى؟!
هزت رأسها بالإيجاب واصدارت ايماءه خافته، فدنا منها وأخبرها
- بس انا الوحيد اللى ما ينفعش تخافى منه..
دبت الفرحه فى قلبها وابتسمت
- يعنى ما أخفش؟!
فكر للحظه: لا خافى شوية صغيرين..
ثم سحب مفرش الطاوله واستخدم السكينة ليشقه لنصفين فارتعدت اكثر لفعله الغريب وسألته
- أنت هتعمل ايه..
- هتفهمى دلوقت؟!

انشقت القماشة لنصفين ثم ثنى النصف الاول واقترب منها وطبع قلبتين على كلتا جفونها فبث بقلبها رعشة خفيفه تغلفت بنبرة صوتها
- أنت هتعمل ايه؟!
- غمضي عينك...
استجابت لطلبه على الفور ثم وضع الغمامه على عيونها وربطها برفق، فلامست امانلها القماشة وسألته
- ليه كده...
فعل بنفسه ما فعله بها وغمى عيونه بالجزء الاخر وقال.

- خلينا متفقين إنى فاشل فى موضوع الحب والكلام، بس هحاول اثبتلك كل اللى ما بعرفش أقوله فعل، وتصرفات تفضل محفورة العمر كله جواكى...
غمغمت بصوت هائم
- اشمعنا؟!
احتوت انامله جدار عنقها فاصابت جسدها بقشعريره احسها هو بقلبه وقال
- العيون مرايا للحزن والفرح، العيون والعقل بيفسدوا كل اللحظات الجميله اللى بنعيشها، واحنا اتفقنا أن المساحه تكون لقلبنا وبس؟!
- بس أنا ماشوفتش فى عيونك غير الحب..
همس مغمغما بهيام.

- وانا مش عايز اشوفه، أنا عايز أحسه معاكى...
كانت تلك أخر جملة اردفها بهمس شفتيه قبل ما ينحنى على عظمة الترقوة الخاصة بها ويقبلها طويلا حتى انتشت فى يده وترنح هو من سكرها، وغمغمت منادية عليه
- هشاااام.

فعانقت مستجيبه لكل افعاله العذبة متثملة لحركة انامله التى تتراقص بحريه على كل جسدها، فلقد كان كافيًا أن تلمس يدي يدك ليذهب عن قلبي كلّ هذا التعب والمرار والعذاب، لأشعر بأن الحياة تفيض من كفيك، وأنا مذاق العوض هو شهدٌ يصبه فاهك بين شفتي، ذابت فيه أم ذاب بها؟! فكل منهما بات يفرغ شوقه بالاخر منتقمًا كانه ولو آخر لقاء بينهما حتى غرق الثنائى فى عالمهم الخاص القادر على بتر كل عائق بينهم...

سأظل متيقنًا بأنكِ الإستثناء الوحيد لدي، وبأنني لم أشهد مثلك في حياتي ولم اتذوق لذة القرب إلا معك، وبأن عمق علاقتنا لم يصله أحدٌ من قبلنا، وبأنني معك تجردت من غموضي ومن قوتى، و سأكون غبيًا إذا فكرت بالبحث عنك في شخصٍ آخر لاننى حتمًا سأفشل، سأظل أحبك جدًا في داخلي، حتى وأن كنت يومًا سيئًا في علاقتي معك، حتى لو أنني لم أعرف كيف تقال( أحبك) ولكننى سأثبتها لكٍ.

انتهت رهف من أخذ ما نسيته فى شقة هشام وهى تتحدث فى الهاتف مع مجدى بخجل
- انت وصلت فين؟!
حرك مقود سيارته وتحدث معلقا سماعته اللاسلكيه
- ربع ساعه واكون عندك، هرنلك انزلى على طول..
نظرت على نفسها فى المرآة ثم تدللت
- طيب سوق على مهلك، وخلى بالك..
التوى ثغر مجدى مبتسمًا
- بس إيه الرضا ده كله..؟!
- أبطله يعنى؟!
لحق نفسه
- لالا، اثبتى كده لحد ما اخلص على عيلة السيوفى اللى باعدانى عنك دى واجيلك...

ضحكت بصوت عاالِ ثم قالت بتردد
- مجدى...
- قلب مجدى من جوه؟!
قطمت اظافرها بخجل ثم قالت
- مش أنا اكتشفت اكتشاف، وحاسه إنى لازم اقولهولك؟!
- خير؟!
- احم، وهقفل على طول بعدها؟!
- اخلصي يابت؟!
- ما تقولش بت دى تانى؟!
ضحك مجدى على طفولتها وقال مسايسًا
- وست البنات كلهم، يلا قولى...
فكرت لدقيقه أو اكثر ثم استقوت وألقت جملتها بعشوائيه قبل ان تنهى المكالمه
- أنا بحبك...

وضعت كفها على قلبها ليكف عن ضجيجه، وشرعت انا تعاتب نفسها ولكن توقفت على صوت رساله صوتيه منه على الواتس آب
-طيب منا عارف، وانا كمان بحبك يامجنونتى..
تنطت من كثرة الفرحه بمجرد ما سمعتها منه هاتفه بلذة انتصار
- يس يس يس...
ثم قطع فرحتها صوت جرس الباب الذي ركضت لتفتحه ففوجئت بميان فى وجهها، انعقد جبينها حائرا
- ميان؟!
تمايلت مختاله
- هنقف على السلم كده؟!
- هشام مش هنا..
زفرت ميان مختنقه، وقالت.

- وانا مش جاية عشان هشام، جيالك...
فكرت رهف للحظة حائره وسألتها
- هى مامى بعتتك عشان ارجع البيت والشغل وكده، لالا أنا قررت اهتم بدراستى..
تغيرت ملامح ميان لواحده تخشاها وتجهلها وصرخت
- ما تخلصي يابت، انا جيالك أنت
ثم دفعتها ودخلت وبنبرة آمرة
- اقفلى الباب..
قفلت رهف الباب وتابعت خُطاها خائفه
- فى إيه؟!
- بصي من غير كلام كتير، هجيبلك من الاخر؟!
نفذ صبر رهف وارتفع صوتها
- فى ايه يا ميان؟!

فتحت ميان هاتفها وشغلت الفيديو لها مع فارس ثم ولت الشاشه نحوها وحدجتها بحذر
- شايفه ده؟! لو منفذتيش كل حرف هقولولك، الفيديوهات دى هتوصل لاخواتك وعمك ولعيتلك كلها وهتبقي تريند مواقع السوشيال، ها يا حلوة؟! قولتى إيه...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة