قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل الرابع والثلاثون

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل الرابع والثلاثون

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل الرابع والثلاثون

أعدك بأنك ستبحث عني كثيراً، ستجدني أمامك لكنني تغيرت، لن تجد نسختي القديمة مهما بحثت، لن تجدني كما عرفتني أبداً، لستُ أنا تلك التي أحبتك، تعلمت أن أعيش بلا قلب وتعلمت العيش دونك، فتعلم العيش من دوني.

- مش كفايه بقي يا هشام؟!
اردفت عايده جملتها الاخيره عندما تركت سعاد واتجهت نحو فجر وهشام الواقفين بعيدا، فتبادلت الانظار حائره حتى اجابها
- قصدك ايه؟!
- قصدى كفايه كده وترجع بيت ابوك، ولا انت مش ناوي ترجع...
مهما بدا تسامحه مُظهرا تجاوزه للموقف إلا لازال فى قلبه رُكام الماضي التى لا يمكنه التخلص منه مهما بدا عاديًا، فتحمحم بخفوت وشرع فى الاجابه التى خطفتها فجر من لسانه وقالت.

- آكيد ياعايده هانم هنرجع...
ثم اتجهت انظارها المتسعة المغلفه بالتوسل نحو هشام
- ولا إنت ايه رايك يا هشام..
تلعثمت الكلمات فى حلقه، وبتردد
- مش والله، إحنا ممكن هنجي زيارات وكده، مم اكيد يعنى..
عايده بضيق
- لا تبقي لسه زعلان ياهشام وشايل فى قلبك..
هشام مبررا موقفه
- الفكرة إنى عايز استقل ويكون لى بيت لوحدى، مش زى ما حضرتك بتقولى..
هزت عايده رأسها رافضة تقبل جملته، وقالت بإصرار.

- هشااام! الحاجه الوحيده اللى هتثبتلى إنك سامحت ومابقتش زعلان هى برجوعك للبيت، غير كدا تبقي لسه زى ما أنت..
ضغطت فجر على كفه فاقتربت منهم سعاد اثر انفعال عايده الواضح وتدخلت
- مزعل عايده هانم ليه ياهشام..
فاجابتها فجر بصدر رحب
- لا ياماما، مفيش زعل ولا حاجه ؛ هشام بس شايف حاجه مدام عايده مش شايفاها، اختلاف وجهات نظر يعنى...
فاحتدت نبرة صوت عايده الموشكة على البكاء.

- لا مفيش اختلاف ؛ وزى ما عشنا مع بعض اكتر من ٣٠سنه مش هنيجى نفترق فى الاخر، وانا مش هرجع فى كلمتى ياهشام..
صمت تام فى الافواه نطقت بدلا منه الاعين الجائرة حتى ثبتت حدقها بين فجر وهشام حيث بادالته الاولى بابتسامة خافته متغلفة بالرجاء وما كادت أن تنطق ففوجئت بواحده تحمل على ذراعها باقة كبيره من الورود وتقترب منه مبتسمة، حيث لاحظت تجمد ملامح من حولها بمجرد ما طلت رؤيتها...

ما كادت فجر أن تستفهم، ففوجئت بتلك الفتاة تقف بالقرب منهم وعلى ثغرها نفحات ماضي دفين وتبسمت
- هاااي، عايده هانم إزى حضرتك...
تمتمت عايده بملامح مشدوهه اثر الصدمة وقالت
- سلمى!
تجاهلت ( سلمى ) ذهول عايده حيث مدت كفها لتصافح هشام ثابت الملامح وهى تقول
- هاى ياهشام...
بعد طويلا من تبادل النظرات وجريان وخزات التعب فى كف سلمى الممتد والمتجاهل من قِبل هشام، شبكت عايده يدها فى يد سلمى رافعة الحرج وقالت.

- إنتى ايه اللى عرفك مكاننا، ورجعتى من بره أمتى!
داعبت سلمى خصيلات شعرها الكستنائى بمرح وقالت
- أطلقت، أطلقت ورجعت..
ثم رفعت انظارها نحو هشام واتبعت
- مصر جميله ومفيش بعد جمالها وجمال اهلها، مممم اضطريت اصفى كل شغلى هناك وارجع..
تبسمت عايده ابتسامه زائفة
- نورتى ياحبيبتى..

تدخلت فجر فالحوار بفضول انثوى يقرض قلبها من شدة الغيره، حيث إن للمراة حدس قوى برائحة الاسرار التى يفوح عطرها من عيون اصحابها وقالت بنبره خائفه مكذبة قلبها
- ايه ياجماعه، مش هتعرفونا...
ثم مدت كفها لتصافح سلمى وقالت
- أنا فجر، مراة هشام؟! وإنتى؟! قريبة مدام عايده مش كده!
شعرت فجر ببرودة كف سلمى فى يدها وتبدل ملامحها المبتسمه وعيونها الثاقبه لهشام وهى تسأله بصدمة مبالغ فيها
- مراتك!

فتعمدت فجر أن تحتضن ذراع زوجها بحب لتوصل لها رساله ما تحرق كل أمال سلمى المستنيره من عيونها، وقالت
- إنتى مش متابعة سوشيال ولا ايه! ده مفيش حد فى مصر مايعرفش إننا متجوزين...
انكمشت ابتسامة الامل فى وجه سلمى واكملت
- اااه، مبروك ياهشام، مبسووط...
تجاهل هشام سؤالها واجاب
- جدا...
- مكنش كلامك!
- ساعتها كنت باصص تحت رجليا وبس..

بالرغم من قصر الحوار بينهم إلا أن عيونهم افصحت بمقالات ماضٍ دب براثين قسوته فى قلبه وإنتزعها، فاشتعلت نيران الغيره بجوف فجر اثر نظراتهم المتأرجحه وقالت
- وانتى مين بقي...!
التوى ثغر سلمى بحزن بالغ، وشيء من الحسرة
- هشام ابقي يقولك...
ثم اطرقت انظارها الموشكة على البكاء واتبعت
- قريت خبر اصابه النقيب مجدى، وحبيت اطمن عليه، يارب يكون بخير...
تفصحتها أعين سعاد بحقد امٍ تغار على مشاعر ابنتها وقالت بسخرية.

-مجدى بردو؟! هو بقي كويس، حاجه تانيه!
تراجعت سلمى خطوه للخلف وتبسمت ببرود
- هطمن عليه بنفسي، دى غرفته مش كده؟!
اشارت لها عايده بود مصطنع وقالت
- تعالى، هوصلك..
فتابعتها سعاد بحرقه
- خُدينى معاك ياعايده
وتمتمت
- أما نشوف كهن البنات هيودينا على فين!
- هشام، مين؟!
اردفت فجر سؤالها بنبرة مهزوزه، فنصب هشام عوده وهو ينزع ذراعه من قبضتها وضم رأسها لصدره واطرق بصوت خفيض ليطمئنها.

- هروح واحكيلك كل حاجه، عدى النهارده على خير بس...
- يعنى مش هتقول لى!
- قولتلك لما نروح يافجر، هنزل ادفع حساب المستشفى وانتى روقى كده وبلاش تسلمى دماغك للشيطان...
اومأت بطاعه غير مصدقة
- تمام ياهشام، تمام...

نهضت قمر من فوق مقعدها إثر سماعها صوت دق جرس الباب بلهفة متمنيه هوية الطارق مالبثت ان لمحت خالد فشهقت مرتميه فى حضنه صارخه باسمه
- خالد، خالد جيه ياما، والله لو ما كنت رجعت كمان ساعه لكنت هاخد جلبيتى وانزل ادور عليكى فالشوارع..
طوق خصرها بحب متدليا لمستواها وقال
- بت مجانين وتعمليها...
ضربته بقبضة يدها على ظهره بعنفوان منتحبه فى حضنه.

- كنت فين، هونت عليك تسيبنى هتجنن كل ده لحالى ياخالد، هانت عليك قمر!
مسح على شعر رأسها
- حقك عليّ، انا اسف..
فقطعهم صوت نعمات من الداخل
- هتفرجوا عليكم اللى طالع واللى نازل...
نصب خالد عوده بمرح وهو يضم راس قمر لصدره وقفل الباب بيده الاخرى وقال
-معاكى حق ياحماتى!
- اختفيت فجاة ليه ياخالد، روحت فين..
فأكملت قمر
- ايوه كنت فين...
- والله ياجماعه هحكيلكم كل حاجه، بس واحنا راجعين البلد...
- أى بلد؟!

قذفت شفتى قمر سؤالها بغرابة مصطحبه بالرعب، فطمئنها خالد بعيونه واكمل
- بلدنا وبيتنا ومالنا ياقمر...
عقدت نعمات الاشرب على راسها متعجبه
- جوزك شكله ادب فى نفوخه ياقمر...
ابتعد خالد عن قمر فما لبث ان يتفوه لشيعته صارخه
- خلقاتك متبهدلين كده ليه! انت اتعاركت؟!
- والله انتو لو تدونى فرصة بس أحكى هريحكم..
تشبثت بذراعه بخوف ووقفت أمامه
- خالد، جرلك ايه؟! ومالك مخبى عنى ايه..!

ضحك خالد بارتياح يشع من ملامحه وسألها
- وانتى خايفه ترجعى البلد ليه؟!
- عشانك عمك وظلمه ويده الطايله!
انعقد جبينه واحتضن ابهامه وجنتها وقال بحنو
- وان قولت لك إن شرارة الظلم انطفت واليد الطايله انقطعت..
اقتربت نعمات منه مشدوهه
- تقصد ايه ياخالد! ماال حديتك كله بقي ألغاز...؟!

- مش الغاز ولا حاجه ياحماتى، كل الموضوع أن خلاص عمى بين يد العادل دلوك بيتحاسب، ومهجة وسلمت نفسها للحكومه، يبقي إحنا هنخاف من ايه تانى، واللى كانت خايفه منه بتك خلاص راح عند ربه...
ندبت نعمات على صدرها
- يالهوى، زيدان مات؟!
ايد حديثها برأسه واتبع
- واللى قتلته مهجة، وربنا ضرب الظالمين فى بعض...
ثم دار نحو قمر واكمل
- هااا، فى حاجه تانيه مخوفاكى، يلا عاد ناديه وحشتنى...
اغرورقت عيونها بدموع الخوف.

- وان قولتلك لا ياخالد، لا، سقف هنا ولا قصر البلد..
- يعنى ايه لا ياقمر! ما تعقلى بتك يانعمات...؟!
هزت رأسها نفيا واصرت
- لا، ولو رجعت هرجع على بيت ابويا...
تلك اخر جُملة القتها ثم ركضت لتحتمى بغرفتها باكية، فتابع خُطاه اثناء طلب نعمات منه ( الحقها ياولدى )...
قفل باب الغرفة عليهم فوجدها مرتميه فى منتصف فراشها تنوح بصوت مكتوم، فتعجب منها متسائلا بشيء من الحده
- بتبكى ليه؟! فى ايه تانى تخافى منه...

- غدر الزمن ياخالد؟!
جلس بجوارها واكمل أسئلته
- غدر ايه؟! انتى بتطلعى اوهام من راسك وبتصدقيها؟!
اعتدلت من نومتها بتثاقل وهى تجفف دموعها
- عايز ترجع البلد ليه ياخالد؟! عشان ايه؟! عايزنى ارجع المكان اللى ادبحت فيه!
- هنعيش العمر كله هربانين اياك...
- عشانها؟! عايز تجرى تروحلها...!
لم يعى مغزى جملتها لحظة انطلاقها فهز راسه مستفهما
- انتى قصدك ايه؟! وايه الهلاوس اللى فى راسك دى!
- هلاوس؟! يعنى بطلت تحبها؟!

نفذ صبره الادمى وجهر
- هى مين؟! تقصدى فجر؟! احنا مش قفلناه الموضوع ده!
- اتقفل وانت اللى عايز ترجع وتفتحه؟!
ضرب خالد كف على الاخر مستعجبا
- قومى اخزى الشيطان ياقمر ولمى هدومك...
- قولتلك مش هروح فى حته، ولو عايز انت ارجع ؛ ارجعلها بس سيبنى أنا هنا هربي ولدى...
- وايه دخل رجوعنا بيها؟! انتى ليه مش عايزه تفهمى انها انتهت، انتهت من جوايا ياقمر، مابقاش ليها وجود خلاص!
صرخت فى وجهه.

- عيونك رافضه كلامك، انا عشان بحب فهماك..
- يابت الحلال اى صدر منى يخليكى تقولى كده؟! وعلى واحده متجوزه اصلا!
قمر بتأكد
- اكيد متجوزتش بمزاجها والظابط ده مسيره فى يوم يسيبها لانها مش من مقامه، ولا انت اتجوزتنى بمزاجك، اتجوزتنى عشان تستر عليا من الفضيحه، انا ؛ انا عارفه كل حاجه وشايفه نظرة الشفقه فى عينك، متكدبش ياخالد..
ارتفعت نبرة صوته منفعلا.

- لا ياقمر، انتى مش شايفه اي حاجه، وكفاياكى اوهام لحد هنا، اوهام فى دماغك انتى وبس! ومن غير كلام كتير نص ساعه تكونى بره عشان هنرجعوا البلد انت فاهمه!
شرعت ان تعارضه فذبح الكلام من شفتيها بنظرة حادة من عينيه واتبع
- ولا كلمه، مش عايز ولا كلمه لاتصرفى ولا كلامى قالوها..
هزته رجفه عيونها الذابلة فاستغفر فى سره وضمها لصدره بحنو ورفع كفها لمستوى شدقيه وقبله طويلا وهمس فى آذانها.

- انتِ حبيبتى الاخيره وصاحبه المشوار الطويل اللى مستنينا وام عيالى، بلاش تخربى راسك بافكار مش موجوده..
طوقته مستنده على صدره
- بحبك قوى ياخالد..
فتبسم مداعبا
- وانا كمان بحبك ياقمر..
ثم تهامس فى آذانها واتبع هائما
- وكمان وحشتينى قوى ؛ تحبى اثبتلك...
لم يعطيها فرصه للرد فوشوش لها فى آذانها بسر بينهم جعلهم تضحك بين فحل صبار اوهامها مبتعده عنه وسبته سرا
- والله قليل الادب، بعد عنى كده..

فجهر ضاحكا من حماقتها ومزاجها المتقلب بسرعه البرق
- خلاص ابقي نشوف الموضوع ده فالقصر...
وبالرغم من أن الابواب غُلقت والخطاوى تفرقت إلا أن هناك جزء يحمل بعض التساؤلات: ما سيكون شعورى لو كنت أنت هنا! دومًا سيضع القلب مقارنات مع الواقع واحتمالية وجود احدها ويفترض احساسه معه!

لكل شخصٌ احساسه ورائحته المختلفه عن الاخر، وإذا اشتهى القلب قلبًا اخرًا فلا يسد شهيته مائده من الاحاسيس المتنوعة مع غيره، قاموس القلب لا يحوى الا المستحيل..

-( قمر ما كذبتش انا اللى بكدب فى كل مرة انفى فيها حبى لفجر، وانها مابقتش تيجى على بالى، بالعكس لسه فالقلب حاجه ليها بس مش حاجه كبيره كفاية إنها تخلينى اتخلى عن قمر واكسرها، منكرش إنى حبيت حب قمر ليا، لحد ما حبيتها بس دايما بقف على محطه اااه لو كانت فجر؟! ، كل واحد فينا جواه السر اللى يخليه يدفنه لحد ما يدفن معاه لانه ماينفعش يتقال ومبقاش فيه حاجه ينفع تتقال، لسه متخلصتش من حب فجر جوايا بس انا عارف هى ماتنفعنيش ولا هلقى فرحتى معاها، انا نصيبي الحلو من الدنيا كان فى قمر اللى هعيش عمرى كله ليها لإنى ماينفعش اكمل حياتى غير معاها، وده الفرق بينها وبين فجر، إنك بتحب حد بس ماينفعش تكمل معاه الباقى من عمرك وان فى حد هو اللى هينفع تكمل معاه وبس حتى ولو الحب مجاش كفايه الامان، ).

كان تواجد سلمى انسب ما يقال عنه بإنه بثقل جبل على قلوب الجميع، فكان تواجدها اشبه بقنبلة موقوته قُذفت لتحرق الحاضر وتشعل دخان الماضي..
خرجت من غرفة مجدى سريعًا فلم تستغرق بضعة دقائق حتى التقت بفجر الواقفه بجوار الباب، فتبسمت ومنعت قدمها من التخطى، وسألتها بسخرية
- مكنتش متخيلة إن ذوق هشام يتحط للدرجة دى..
فكت فجر ذراعيها المنعقدة مذهولة من وقاحتها
- أفندم...!
ضحكت سلمى بصوت مسموع مغلف بالحقد..

- متتخضيش كده، انا بقولك اللى فى بالى وبس، المهم..
- أحنا في مابينا حاجه مهمة؟!
لم تخل نبرات صوت سلمى من السخريه والحرقة وواصلت
- شوور، هشام..
فاستقبلتها فجر بنفور وجزع، وغضب مكتوم، واطرقت
- يخصك فى ايه..
- شوفى يا فجر عشان اكون صريحه معاكى، انا أول حب فى حياة هشام وهو أول حب فى حياتى، ولا أنا قدرت اعيش مع جوزى أكتر من كده ولا هشام هيقدر يكمل معاكى خاصة بعد ما ظهرت...
- ايوه، والمطلوب...

سلمى بثقة اشبه بالغرور
- ابعدى عنه لو بتحبيه، هشام مش هيتبسط مع حد غيري؟!
لم تهتز ثقة فجر بنفسها حيث تسلحت بنفس سلاحها واجابتها
- ااه هو الحوار كده..! ممممممم ومين فهمك كده بقي، هشام...؟!
- أنا اكتر واحده حافظة هشام، و عارفه إن مستحيل واحده مهما كانت ممكن تاخد مكانى فى قلبه...
ضحكت فجر ساخرة من ثقتها ودنت منها خطوة سُلحفيه وتمتمت.

- هو مش قالك إنه ساعتها كان باصص تحت رجليه وبس! ما بلاش وهم! وتنسيه زى ما نساكى!
اسبلت سلمى عيونها وتغلفت نبرتها بالشر
- انتى اللى بطلى وهم وفوقى، ولو بتحبي هشام سيبيه يرجع لحبيبته، لانك عمرك ماهتعرفى تخليه يحب زيي..
عقدت فجر ذراعيها أمام صدرها معلنة الحرب على حبها وقالت.

- لالا انت فاهمه غلط خالص، طبعا مش محتاجه افكرك إنى مراته يعنى حلاله و كل ليله نايمه فى حضنه يعنى مش محتاجة اوضحلك اكتر من كده ايه اللى بيحصل ما بينا، ومش واحده زيك عايشه على اطلال ماضي مااااا هتيجى تحكم على علاقتى بجوزى...
حدجتها سلمى من رأسها للكاحل بغيرة شديدة ثم اطرقت
- متتحمقيش اوى كده، انا بقولك الحقيقه اللى مش عايزه تشوفيها وهسيبها للايام تثبتهالك...
ثم ارتدت نظارتها السوداء متأهبه للذهاب.

- ماتبقيش ظالمه وانانيه وتفرقينا تانى، كفايه اللى حصلنا زمان، فكرى كويس فى كلامى...
انتهت سلمى من جُملتها وولت ظهرها متأهبه للذهاب ففوجئت بظهور هشام أمامها فاقتربت منه ووقفت أمامه بشوق تعمدت دفنه لاعوام وسألته بهمس
- لسه مكانى موجود، مش كده؟!
على الفور صوبت انظاره نحو انظار فجر المشتعله وما لبثت أن التقيا فتجلجلت وهربت منه ودخلت الغرفة، فزفر هشام مختنقا وقال بهدوء.

- مش عيب تسألى السؤال ده لواحد متجوز..
- وهما كل المتجوزين مبسوطين! هنكذب على بعض يا هشام؟!
- بس أنا ماليش دعوة بكل المتجوزين..
- للدرجة دى خايف على مشاعرها!
- ورافضة ليه فكرة إنى حبيتها!
سلمى باستنكار
- هنكذب على بعض يا هشام انت ماحبتش غيري..
انعقد جبينه بثبات وبفظاظه مصطبحه بابتسامه خافته
- منك ابتديت، وفيها انتهيت...
ثم نصب عوده متأهبا للمغادرة
- رد كافى إنه يقضي على كل الاوهام اللى فى دماغك دى!

تخيل صعوبة أن يتوقف المخدر عن عمله في الجزء الأخطر من العملية، لقد كان حديث سلمى هكذا على قلبها، حيث اتت فاللحظة التى تفاقم فيها فيروس الشك بينها وبين هشام، انطوت حول نفسها منفردة بصبابة مستقبلها المجهول، متناسيه الجميع حولها ومزحاتهم الى أن فاقت على يد هشام تطوق كتفيها وتضمها إليه جاهرا
- انتو بتضحكوا على ايه، ضحكونا معاكم...
تبدل وجه رهف الضاحك لوجه يملأه الشحوب واختبأت خلف سعاد.

- متاخدش فى بالك ياهشام...
فتدخل مجدى:
- ايه اللى متاخدتش فى بالك دى! لالا ماهو لازم يعرف!
تأرجحت عيون هشام بشكٍ
- فى ايه بيحصل من ورايا...
فاقترب زياد من هشام وجلجل
- فضايح، فضايح ياخويا تعالى شوف بنفسك! ابن عمك مفكر انى غفرت له جريمته الاولى، وجاي يعمل جريمة تانى..
فهبت بسمه معارضه
- ما تبطل رخامه ياعم إنت...
حافظ هشام على ثباته وسأله
- حصل ايه يا زياد قووول..

- البيه ابن عمك اتجرأ واطاول واخدته الشجاعه يطلب ايد اختك رهف ياسيدى اتصرف إنت بقي انا خليت مسئوليتى...
رمقه مجدى متوعدا
- وشرف أمى يا زياد لاربيك...
احمر وجه هشام بغضب مفتعل
- يعنى ايه تطلب حاجة زى دى؟!
- ياعم انت وانا هاخدها فى شقة مفروش، هتجوزها عادى، هو الجواز حُرم..
اشار له هشام بسبابته
- انت تخرس خالص جيلك..
ثم صوب انظاره المهددة لرهف
- وانتى ساكته على المهزلة دى وقاعده تضحكى معاهم!

اندست رهف وراء سعاد وغمغمت
- انا مش عايزه اتجوز ياهشام دول هما اللى مصممين حتى اسألهم كده..
انفعل مجدى: نعم ياااختى؟!
فتدخل زياد
- وانت كمان هتردح لاختى من اولها...! نهارك مش فايت!
- استنى يا زياد؟! انت يابنى آدم كام مرة تطلبها منى..
انفعال هشام المبالغ فيه اثار فضول الجميع، فاجابه مجدى بهدوء
- والله من كتر منا اترفضت مابقتش اعد...
كبح هشام شفته من التبسم وواصل.

- يعنى مفيش ده ولو رفضتك المره دى هتتقدملها تانى بردو؟!
ضاقت عيون مجدى الجازعه ثم اردف متوعدا
- يكون فى علمك انا لو اترفضت المرة دى مش هتقدم تانى، واشبع باختك خليها تعنس جمبك..
ثم غمز لرهف ممازحا
- ايه منفسكش تبقي خالو، دانت مفتري ياخى!
اقترب هشام من رهف المنكمشه فى ذراع سعاد وقال بحدة
- انت بتهددنى كمان؟!
- ياعم بقولك اللى هيحصل، وانت حر بقي، فكر دانا عريس لقطة مترفضش...
قطعهم دخول منير جاهرا.

- مش كفاية ياولاد ونمشي يلا...
مجدى بلهفه
- ابن حلال، بابا تعالى شوف المحترم ابن اخوك مش راضي يجوزنى اخته، اتصرف معاه بقي عشان انا جبت اخرى من العيله دى..
تسمر منير فى مكانها حيث تبادلت انظاره مع انظار عايده الراجيه بألا يرفض، فاتسعت ابتسامه منير تدريجيا وقال
- الشورة شورة اخوها الكبير، احنا مالناش دخل...
جلس زياد على طرف الاريكه واحتضن كتفى عايده وقال مستنكرا
- والصغير مالهوش لازمه يعنى؟!

لكزته عايده بنفاذ صبر
- اسكت انت...
ثم رفعت صوتها
- هااا ياهشام كلنا موافقين مش باقى غيرك..
اشار هشام لاخته أن تقترب، فتقدمت بخطوات مترددة نحوه وما لبثت أن وقفت أمامه فسألها
- موافقه على الجريمة دى!
فكرت للحظة ثم قالت
- بص هو طيب وغلبان، بس
تمسك هشام باخر كلمه
- بسسسس! اهو هى مش موافقه عليك وانا ماينفعش اغصب أختى على حاجه، يلا بقي طلبك مرفوض يااا.

فوضعت رهفت اناملها فوق ثغره ليتوقف عن قول كلام لم تقصده صارخه
- لالا انا موافقه، خلاص موافقة اتجوزه...
هلل الجميع بصوت عالٍ وخيمت الفرحة على المكان كله جيث مجدى الذي قفز من مكانه متناسيا وجعه وهاتفا
- ياشيخه اخيرررا نطقتى!
طوق هشام أخته بدفء وهمس فى آذانها
- مش هطمن عليكى غيره معاه للاسف، غير كده عمرى ما كنت هجوزك ابدا وهخليكي عايشه معايا..
سالت دموع الحب والفرحه من مقلتيها وعانقته بحنان.

- انا بحبك ياهشام، انت مش بس اخويا، انت ابويا وكل دنيتى..
فجهر مجدى مغتاظًا
- ما كفايه احضان ياعم انت، مابقيتش تخصك خلاص..
ابتعدت رهف عن حضنه وحدجه هشام بقوة منذرا
- ولاه لم نفسك، ولا اقولك يلا من هنا عشان انت حواراتك كترت وفاضلك معايا تكه وانا ممكن اعملك عاهه مستديمه..
فحذرته رهف:
- خاف من اخويا بقي، انا بقولك اهو...
مجدى محذرا: ما بلاش انتى!
فجهر زيااااد صائحا.

- بسسس يبقي فرحى وفرح مجدى آخر الشهر، والفرحة تبقي اتنين، طنط سعاد يلا بقى زغروتك القمر فين...!
تجمهرت الاصوات بينهم حيث تسلل هشام ليقف بجوار فجر المتغيبه عن احاديثهم وطبع قبلة على كتفها وهمس بالقرب من آذانها
- هى ضايقتك...!
هزت رأسها نفيا متبسمة
- لا ابدا، كلامها ولا فارق معايا...
- اومال مالك!
احتضنت كفه الذي يطوق كتفيها وقالت بحنو سقط على قلبه كشوك
- وحشتنى بس...
- وانتى كمان وحشتينى!

رمقته بشك: مش باين!
طافت انظاره الحائره فالغرفة وقال متنهدا
- هنروح ونشوف الموضوع ده..
- إنت مخبى عنى حاجه مش كده؟!
اومأ باسف شديد وهو يداعب كتفها باصابعه وقال
- لازم نتكلم يافجر...
يتبع.

تفتكروا فجر هتسامح هشام لما يعترفلها...
وبسمه هتعمل ايه لو زياد حكى لها على نانسي!
ومن رايكم هشام يستاهل يكمل مع فجر ولا سلمى...
وقمر عندها حق فى شكها المبالغ من خالد!
هنعرفهم فالبارت اللى جاى بقي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة