قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثالث للكاتبة نهال مصطفى الفصل السابع

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثالث للكاتبة نهال مصطفى الفصل السابع

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثالث للكاتبة نهال مصطفى الفصل السابع

خلاصة الأمر أن القلوب قد استنفذت، لم يعد لديها القدرة الكافية لتحمل ضغوط مُرهقة..
أنها فقدت قدرتها على الاستمرار ف علاقات زائفة
والمكوث أطول ف أماكن لم تجد فيها مأمنها، وتحمل نتائج أشخاص أخرين والمحاسبه ع أخطاء غيرها..
لن تفضل البقاء مع أشخاص لا تقدر وجودها
ولم يعد هناك طاقة لفض حقائب العتاب واللوم أو الحديث مع أشخاص مؤذية
لذلك اضطررت أن أنزعك مني، أثقلتني وأنا لا أنحني أبداً.

لأن لم يعد هناك عذرًا واحدًا ليرغم الأنسان نفسه ع الإقامة في أماكن لفظته
مطالب القلوب يسيره، أن تجد ملجئًا أمانًا بعيدًا عن غابة الأيام التي لا ترحم أحد..
هل ستجد أم كُتب عليها التخبط أمدًا!

حل صباح يوم جديد وحلت معه أحداثه الغامضة، انتهى زياد من ضب حقائب سفره وأزفت لحظة مغادرته سيارة بسمه
المصفوفة أمام المطار، وبعد مرور ساعتين من الصمت المبهم بينهم قطعه زياد مُتسائلاً.

- هتفضلي ساكته كدا كتير؟
اتكئت بسمة بظهرها للوراء وقالت متنهدة
- زياد، أنا قلبي مقبوض؟
تغلغلت أنامله بين أصابعها بحنان وأردف بتخابث
- لو حجة جديدة عشان أقعد ما اسافرش، قولي! مش هينفع اأجل سفري اسبوع كمان وحياتك!
عبثت في شعرها بفوضويه وبعدما اطلقت زفيرًا قويًا قالت
- معرفش يا زياد بس قلبي مقبوض والله، حد جوايا بيتكلم بيقول لي متخليهوش يسافر.

السفرية دي مش خير له، ده غير الكوابيس طول الليل، وفي نفس الوقت عقلي بينهي كل الخرافات دي
وبيقول لي ماتبقيش أنانية وتقفي ف طريقه! مش عارفه بجد!

ظل يستمع إليها باهتمام تحول لمزاح بمجرد ما انتهت من حيرتها الواضحة وقال
- الحد اللي بيقول لك متخليهوش يسافر ده هو قلبك اللي قسيتي عليه أوي يا بسمة، وبخصوص عقلك بقا.

لم تعط له الفرصة ليكمل حيث قاطعته متمردة
-وعقلي بيقول أن ده الصح، لازم نبعد عشان نوحش بعض ونعرف قيمة بعض ونخلي البعد يقيم علاقتنا..

ضرب كف على الأخر متأففًا
- بُعد أي وهبل أيه يا بسمة إللي عايزانا نبعده تاني؟! خلاص يااماما خلاص جيت واتنيلت وسلمت تيشرت الملاعب واعتزلت
وقولت لك انا بتاعك ولو عيني لمحت بنت تانيه أغزئيها..
لم يكمل جملته حتى صادفته إمراه غاية في الجمال والأناقة تدلف من سيارة باهظة الثمن فأطلق صفيرًا طويلًا وهو يتفحصها بعناية وقال شاردًا
- طيب أمشي أنت يا بسمة دلوقت لازم ألحق الطياره بتاعتي..

لم تتحمل تغزل وسخافته أكثر من ذلك وعيونه التي تقتنص المرأة بشراسة فأطلقت صرخة جنونية وهي تتمسك بشعرها ونهرته
- زياد!
- ايه ايه! مالك؟
حاولت تمالك أعصابها قدر المستطاع وقالت
- انت كنت بتبص على أيه؟
تراجعت قوة زياد حتي رست علي مؤشر الصفر وقال
- عليكي، هو في قمر ف عز الضهر غيرك؟
تابعت مكره بصرخة أقوي
- زياد! اقسم بالله لو مااتعدلت ما أنت رايح في حتة وهلف وأرجع..

انفجر زياد ضاحكًا وهو يسحب كفها الرقيق صوب ثغره وطبع قُبلة خفيفة تلتها ضحكة عاليه
- والله هتفضلي هبله طول عمرك!
سحبت كفها بضيق ورفعت حاجبها معترضة
- والله؟!
لمعت أسنانه إثر ضحكة ساحرة أنارت وجهه
- متقلقيش هفضل أحبك طول عمرك بقا؟!

- امممم وع الأربعين لما يخلص عمري تتجوز مش كدا! مكر تعالب!
ضرب كف ع الأخر وهو يضحك بصوت مسموع
- ايه مش هعرف اتنفس خالص يعني؟!
استدارت نحوه بغل
- أأه هقعد على قلبك كده..
- يابخت قلبي والله! ده بيرقص بوجودك..
استطاع أن يمتص غضب الانثى بها بجملتين تناست بهم مخاوفها حيث اجابته مبتسمه
- يلا طيارتك مش قدامها غير نص ساعة، هستناك هنا لحد ما تقلع.

- هتوحشيني
نبرة صوته من لهفتها كانت كأنها تحمل عناقًا، احتوت كفه بحب وقالت
- خلي بالك من نفسك.
غمز لها بطرف عينه
- مفيش حضن مطارات طيب؟!
- لا مفيش خلي الخليجية اللي عينك كانت هتطلع عليها تحضنك!
- والله لو هي موافقة انا معنديش مانع..
صرخت بوجهه بنفاذ صبر
- اتلم ياابن السيوفي..
ضحك بصوت ساحر وهو يدلف من سياراتها ويتناول حقائب سفره وما انتهى حيث استدار نحوها وفتح باب سيارتها
وطلب منها قائلًا
- انزلي يلا..

عقدت ما بين جبينها مستفهمة
- ليه؟
- في حاجة فالعجلات عايزك تشوفيها..
ابتلعت طُعم خدعته ودلفت هائمة على وجهها حتى فوجئت بديه تسحبها من خصرها إليه، اندلعت من جوفها شهقة خفيفه انتهت في جدار عنقه إثر جملته الأخيرة
-مش زياد السيوفي اللي يفوت لحظة تجمعه بيكي.
استسلمت لرغبته حيث عانقته بعد قليل من التردد وهي تربت على ظهره بحب
-هتخلي بالك من نفسك! أوعدني؟
ابتعد عن حضنها متنهدًا.

-خلي بالك علي رهف وماما، ومن نفسك..
ثم داعب وجنتها بحب
-كلها شهرين وهبعتلك.
-لا اله الا الله يا زياد
كانت جملة وداعها الاخيرة حادة بحدة السيف، فليس بهين أن تسلم قلبها لأيدي الغُربة، تقهقر زياد بتثاقل وحمل حقائبه واتجه نحو ساحة المطار دون أن يلتفت!
لأول يشعر بحشاشة تأكل في روحه، أنه فقد شيء مهم بالنسبة له وسيتركه ويرحل!

ظلت تراقبه في صمت تام مع رقراق الدمع المنبثق من مُقلتيها لتطفئ نيران تحرقها من الداخل، ألم لا يُمكن وصفه كمن يطفئ أعقاب سجائره علي جسد الأحلام ومضى وكأنه لم يفعل أي شيء، وهذا أسوأ ما يمكن أن يوصف به رحيل أحدهم..
مضت قرابة النصف ساعة ولا زالت بسمة تنظر إقلاع طائرته ولكن سبق انتظارها فجة ما اضاءة شاشه هاتفها، إذن برسالة نصية من رقم مجهول تخبرها.

-( بسمة متخليش زياد يسافر، ارجوكي! زياد في مصيبة وده كمين، عاوزين يمسكوا هشام من الايد اللي بتوجعه. ).

أنا أنجو، دون أن أعرف كيف أمكنني ذلك، كيف فررت من ذلك الشبح الذي يستوطنني؟ شبح امرأة أحببتها يلاحقني أينما ذهبت، كلّ ما أعرِفهُ أنّني لا أرى نفسي في الصّفِّ الأخير أو الصّفّ المهزوم، ولكني أنجو لأنّني أكرهُ الهزيمة فحسب، خاصة وأن كانت سببها امرأة!

تلك آخر كلمات أرسلها هشام الي السماء بمجرد وصوله لمكتبه في بني سويف وشرع في إعداده بهدوء وهو يتساءل كيف ستكون المواجهة بينهم! يلوم قلبه القاسي الذي فشل أن ينتصر على كبريائه، كل ما به يشتاق ولكن لا جدوى من اشتياق لا يصدر له صدى فعل!

عاد إلى مكتبه ونزع سلاحه بقامته القوية الاشبه بقامة الجبال وزفر باختناق وهو يشعل سيجارته ويقترب مرة آخرى من النافذه إلي أن اتاه صوت هاتفه فأجابه متكاسلا
-خير يا بسمة؟!
لم تتح له الفرصه للحصول على جواب منها ولكن خانه هاتفه ونفذت بطاريته، لعن الحظ آنذاك في نفسه وقال
-مش وقتك أنت كمان..

أخذ يبحث عن شاحن كهربي لهاتفه ولكن على الأغلب نساه، ربما أنه نسى أشياء كثيرة حتى وصل إلى ما يشغله، رمي الهاتف من يده فوق المكتب وشرع أن يهاتفها من هاتف آخر حتى فوجئ بقدوم العسكري بصحبة اثنين تسيل من رؤوسهم الدماء وقال
-يابيه العيال دول كانوا هيقتلوا بعض قصاد القسم..
اجابهم متأففًا
-اي حكايتك يلاه أنت وهو؟!

اليَومَ قادني الحَنِين إليكَ، وكذلكَ البارِحَة وهذا ما سيفعله الغد وبقية أيامي الخالية منك..
جاء المطرُ و أنتَ لا زلت متمردًا، وعَاد قِرطِي المَفقُود و قطِي الغَائِب و فَقِيد قلبِي لَم يَعد للآن!
إنَّ الأيَام تمرُ سريعًا فِي كُل شيءٍ إلا عندك، أشعر وكأنِي إلتقيتك البَارِحة و أحبَبتُكَ البارِحَة ولا يومٌ أخر لِي بعدك، توقف عقرب ساعات الوقت عالقًا بأهداب عينيك!

ولكن الحقيقية الخفية عن الجميع هى إنني ألتَقيكَ دوماً ف قصائد درويش و البُيوت و المَطر و القمَر واحتضنك بين سطور كتاباتي ودومًا ما اختتم مقالاتي حائرة باحثة عنك
أين أنت؟! أنتَ غائِب وقلبِي كَذلكَ فمتى تعُودا!
تلك آخر فقرة أطفأت بها فجر لهب انتظارها، حيث ألقت القلم من بين اصابعها وعانقت انظارها شروق الشمس فتبسمت بخيبة أمل وقالت
-متى تشرق شمسك على دياري، سيزال معتمًا حتى تدك خُطاك أعتابه..

أوشكت أن تترك الاريكة التي لازمتها طوال الاسبوع الذي تفرقت فيه سُبلهم، تلك الاريكة الكائنة أسفل الشُرفة التي تطل على معالم جمال الطبيعة ولكن لم يعد كافيًا ليغطي عن فادحة غيابه..

عادت مرة آخري لقلمها ودفترها وكأنها تذكرت شيئًا آخرًا ولكن تلك المرة امتزجت حروفها بدموع الانتظار
- ظننت أن المرء لابد أن يكون شجاعًا كي يعترف أنه يحب، والآن أقر حقيقة أنه يحتاج أضعاف هذه الشجاعة ليعترف أن محبته هذه لا جدوى منها، لابد من وضع نقطة النهايه والتوقف عن محاولات عبثية يطيح القلب ضحية لها.

ولكن يا علقم قلبي على فقدانك كيف أعيش ما هو باقي لي بدونك؟!كيف أمهد لقلبي الأيام المقبلة التي ستخلو منك؟!

تلك الجملة التي كانت تحاصرني عندما أواجه حزني أمام دفتري أو أمام المرأة، ما زالوا البشر يمتلكون قُدرة هائلة على تجاوز مواقف الفقد و الحرمان سريعًا، لكنني ادركت أنه قد يتظاهر المرء بأنه على ما يُرام، بينما هو يعتصر بداخله، لم يتجاوز اي شيء، و يبكي كل ليلة حسرة ووجع بمُفرده.

توقف حبر قلبها عن كتابة كلمة إضافية ثم ثنت ساقيها إلى صدرها وضمت الدفتر لقلبها وصرحت بصوت خفيض لنفسها
-اسبوع يا هشام؟! سبع ليالي مفيش فيهم ليلة انتصرت على عنادك وجابتك لعندي؟! أنا عارفة أننا مابقناش ننفع لبعض بس شعور إني هونت دا هيقتلني! انا اتعمدت اروح لخالد عشان نار الغيرة تجيبك، بس الظاهر فشلت، ولازم دلوقت أعترف إن انتظاري وأملي في رجوعك كله وهّم!

إن العين لتدمع والقلب ليحزن وإنني على فراقك جسد بلا روح! مسحت دموعها بعناد ورددت بصوت القوة الكائن بقلب إمراة هزمها الحُب وقالت
-انا هزعل ليه؟ كدا كدا أنا اللي اصريت أنه يطلقني وكدا احسن يعني أنا اللي سايباه، وبعدين لو كُنت فارقة له كان زمانه نايم تحت بيتي لكن دا ما صدق! خلي الست عايده هانم تنفعه..

خلع صوت الباب المفاجئ قلبها من مكانه فنهضت مفزوعة وهي تخطو نحوه بخوفٍ
-مين بيخبط؟
ارتفع صوت الطرق وتكرر سؤالها أكثر من مرة حتى أتاها صوت انثوي جاهر
-ماتفتحي يا دلعادي، افتحي يا سنيورة.
كذبت أذانها لمعرفة هوية الطارق وما أن فزع أيوب من نومه وقال بخوف
- مين اللي عيخبط واعر أكده يا فجر؟
بمجرد ما فتحت الباب فوجئت بزوجة والدها عنايات وهى تدفعها بشماته
- والله وعاودتي يابت صبري؟
ثم قهقهت ساخرة وأكملت.

- سبق وقولت لك رجالة بحري بتوع كييف! يتسلوا بالواحدة كام يوم وبعدين هيي يقولولها أمك في العشة ولا طارت؟
عقدت فجر حجابها بعشوائية واجابتها متأففة
- عايزه ايه يا عنايات؟
تمايلت عنايات بتفاخر
- جايه اشمت، جايه اطفي غليلي منك ومن اللي حصل في سي غازي سيد الناس..
- تمام! خلصت شماته ولا لسه؟ عشان عايزه اكمل نومي؟
ظلت عنايات تتفحص في البيت وترمي كل ما يعوقها أرضًا وتجهر ساخرة.

- الا ماقولتليش يا بت صبري هو حضرة الظابط اسم النبي حارسه وصاينه
ألتوي ثغرها بسخريه حتى اتبعت
- كان كاتب عليكي صوح؟ ولا مقضينها مراجيح
ثمة أشخاص لديهم تلك القدرة الخرافية لنهش قلوب الاخرين دون الشعور بالذنب
شعرت فجر بنفاذ صبرها وشرعت ان تبادلها أنظار الذئب الذي يرتقب فريسته لينقض عليها
وكأنها وجدت من ستفرغ به شحنات انتظارها المميتة، تابعت فجر خطاها وجاوبت على سؤالها بتوعد
- لا كنا مراجيح..

اطلقت عنايات ضحكة اهتزت بها الجدران حتى لحظ أيوب عبث ملامح فجر فصرخ بها محذرا
- هتطلعي بره الدوار ولا اجيب الغفر يرموكي، كله الا خالتي فجر
لم تعط لتهديدات ايوب اي اهميه غير السخرية والعبث بشعره وقالت
- خالتك فجر! خالتك اللي ما لقيتش سكة مع واد بحري جات تلف على جناب العمده
ويلا نص العمى ولا العمى كله، طول عمرك مش سهلة يا بت مديحة يا خرابة البيوت.

لم تتحمل فجر كلمه اضافيه حيث نزعت نعلها وهمت أن تذوقها تراب المنزل ولكنها فوجئت بنداء أجش من الخلف
- فجر..
استدارت للخلف وهى ترخي يدها وتقول باستغراب
- خالد؟
هندم خالد عبائته ودلف الي الداخل بشموخ واقترب منها وامسك نعلها و بنظرات لوم
- مش انت اللي تنزلي من مقامك عشان واحدة زي دي.
- يا خالد انت ما شوفتهاش قالت ايه؟

صرخت عنايات بأعلى صوتها لتجمع حشود القريه وخدعة منها لتجد من ستحتمي به وقالت بصوتها العال وهى تتفحص
مائده الفطار التي يحملها الخفير
- وانا قولت ايه غلط، كل قولته أن إنك ملقتيش سكة مع الظباط بتاع بحري جيتي تبُخي سمك على العمده بتاعنا، تعالوا شوفوا يانااس.
لطمة قويه كانت من نصيب وجنة عنايات اخرستها واطاحت بها أرضًا تابعها هجوما قويا من خالد مهددا.

- انت مره قليلة ترباية وبتتطاولي على اسيادك وبتحشري مناخيرك دي فاللي مالكيش فيه، فقابلي عاد اللي هيجرالك مني.
تدخلت فجر وهي تترجاه
- خلاص يا خالد سيبها!
لم تنخفض نبرة صوته بل ارتفعت بنيران الغضب واتبع تهديداته
- ومش قدامك غير حل من الاتنين ياما تيجي تشتغلي هنا خدام تحت رجلين ستك فجر يااما مش عايز اشوف وشك في البلد كلها؟
قولتي ايه؟ سمعيني؟
عاتبته فجر بعيونها العسلي وهمست
- خالد أنت بتعمل ايه..

لاحظت عنايات تجمع أهالي القريه فأحتمت بها هاربة لتركض نحو الشارع وتلهث لتنشر شرها
- تعالوا شوفوا العمده بتاعكم بيعمل ايه؟ بيمد يده ع حريم؟ وسايب مرته بت الناس الزينهوجاي يحفى ورا البت اللي سمعتها فالوحل..
قوى موقف عنايات ظهور سيارة الشرطه أمامها فاندفعت صارخة في الاهالي
- بت صبري جاي تعركم يابلد؟ بعد ما هربت من جوازتها رجعت والغريب انكم فتحتوا ليها بيوتكم، وقمان جناب العمدة سايب حاله وماله ولابدلها.

الحديت ده يرضي راجل فيكم؟ شايفين واحده مشبوهه زي دي والرجالة داخله خارجه عندها وساكتين، فينك ياحكومه تشوفي الحال المايل.

أغرورقت عيني فجر بالدموع ونظرت لخالد متوسله
- خالد ارجوك اتصرف.
اشار خالد لأحد خفر ليمسك بعنايات ووقف على أعتاب المنزل وجهر بكل ما أوتي من قوة وقال
- فجر بت عمي صبري في حمايتي وأي نفر هيقربلها هاكله بسناني، وفجر سمعتها اشرف من الشرف وقطع لسان مخلوق
يجيب سيرتها بحديت عفش، همحيه من على وش الارض..
صاح احد الاهالي معارضا
- بس جنابك مجيتك كل ساعه والتانية عنديها مترضيش حد ولا اي يارجاله.

أيد الاهالي جملة الشخص بصوت جمهوري في نفس واحد
- طبعا ما يصحش؟
تململت عنايات تحت يد الخفير وخاصة عندما لاحظت هشام يقف بعيدا يراقبهم في صمت
فتعمدت علي القاء شُعلة النيران وأعلنت صارخة
- هو ده نفس اللي قولته قام جناب العمده مخرجني من البلد؟ الساكت ع الحق يا بلد؟
كتمت فجر أنفاسها بكفوفها إثر المأزق الذي وجدت نفسها في قعره، فتبادلت الانظار بين كل من خالد وفجر وبدون تردد أعلن خالد بثقه.

- طالما الموضوع أكده، فأنا هنا بعلن خطوبتي على بت عمي صبري والجواز أول ما عدتها تخلص..
تتراقص عيونها حول دائره مستديرة يملأها الخوف وهي تعاتبه
- خالد أنت بتقول أيه؟

حينها لم يتحمل هشام المراقبة أكثر من ذلك فأخترق الصفوف والحشود بهيبته المرعبة وما أن لحظته فجر شهقته مرتعدة
- هشام؟!
ولم تقل دهشتها عن دهشة خالد الواقف أمامه حيث أعقب هشام على الموقف
- دانا جيت في وقتي بقا.
امراه جعلتها عرضة علي كل الألسن واطاحت بسمعها وقصت أخر أمل لرجوعهما، وقفت فجر حائره ماذا ستفعل؟وبما ستبرر موقفها؟
بين خطبة لم تنويها وحبها الوحيد الذي فقدته بلا رجعة، لامست كفه بتوسل.

- هشام انت مش فاهم حاجة؟
رمقها بنظرة ثاقبة ارعبتها وأجاب
- أنت لسه دورك ماجاش؟
سن خالد سيوف التحدي ووقف أمام هشام متحديًا
- يا مرحب بحضرة الظابط..
صمت مريب يحاصره الخوف والرعب المنبعث من انظار فجر، وبات التاريخ يكرر نفسه مع اختلاف الشخصيات
- وياتري أنا معزوم في الخطوبة دي ولا على الضيق؟
- انت صاحب مطرح يا هشام بيه بس أظن الوضع هيكون سخيف بالنسبة لك.

التقطت فجر لقطه سريعا لثورة النيران التي تضرمت بمعالم وجه هشام وتفاداها سريعا بسؤاله الثلجي
- طيب والعروسه رأيها إيه؟
تدخل خالد ولم يسمح لها بالجواب وقال
- حمايتها معاي! سبق وسبتهالك لكنك محافظتش عليها، جيه وقته الحقوق ترجع لصحابها، وانا لو هموت عشان احميها مش هتردد..
أخذ يسيطر على أعصابه بابتسامة غامضةمناقضة لمجري البراكين المشتعله بجوفه
- دي بقيت قصة حب ومن زمان بقا..
خرجت فجر عن صمتها.

- هشام الكلام ده كله كذب، انت اكيد مش مصدق الهبل ده..
تحررت عنايات من قبضة يد الخفير واقتربت من هشام صارخة
- صبح وليل عنديها يابيه ولا حد من أهل البلد مالي عينهم، واديك شوفت بعينك انها واحدة خاينه ما تستاهلش
صرخت فجر بوجهها
- حرام عليكي انت بتقولي ايه..
ثم اقتربت من هشام باكية
- هشام انت فاهم غلط، ممكن نتكلم وهفهمك؟
رمقها بنظرة ساخرة
- طلبتي الطلاق عشان ترجعي له؟
- لا ده جنان رسمي؟! اي التخاريف دي؟

اكتسحت نظراته جسدها بالكامل وشد قامته بشموخ وببرود عجيب قال
- مبروك يا جناب العمده، مبروك يا عروسه، بالرفاء والبنين.
موقف هشام كان غامضًا للحد الذي أرعبها، تضرمت عيناها حيرة وهى تأكل بنظراتها خطواته نحو سيارة الشرطه حتى جهر آمرا
- نزل المتهمين يابني خلينا نشوف شغلنا.
لم تسيطر فجر على أعصابها أكثر حيث صرخت بوجه خالد وقالت مهدده
-لو سمحت أنهي المهزلة دي دلوقت يا خالد.

تلك كانت آخر جملة أردفتها فجر قبل ما تقفل بابها في وجه الجميع لتخلو بضيف جديد من الألم يُرحب بها، لوح قلبها لقلبه مودعًا بنزيف متواصل ويقسم برب الحب أنه احبه كثيرًا وتمناه أكثر، ولكنك فارقت ولم تلتفت..
- ألحقيني يا رهف، مصيبة وأنا مش عارفة اتصرف!
قالت بسمة جملتها الأخيرة بفزعٍ وهي تشعل أنوار غرفة رهف النائمة حتى قامت بتكاسل
- في أيه يابسمة؟! حد يصحى حد كدا.

جلست بسمة بجوارها وهى تشغل هاتفها بأيدي مرتجفة
-بصي الرسالة دي وصلتني من شويه وللاسف الطيارة أقلعت قبل مااوصل لزياد، رهف انا خايفة أوي.
قرأت رهف الجملة التهديدية مرارًا وتكرارًا
- ياخبر؟! طيب هنعمل ايه؟!
انتفضت بسمة من مكانها وهي تقول
- مجدي! هو فين؟! انا مش عارفه أوصل لهشام يارهف الحقي أنا هتجنن من خوفي عليه؟!
فزعت رهف من مرقدها وتناولت هاتفها بقلقٍ
- هكلم مجدي اهو، استني.
وما لبثت أن تذكرت شيئا أخر.

- أوف؟! بس مجدي ف سينا والشبكة قليل ما بتجمع؟! هنعمل ايه؟
تضاعف قلق بسمة حتى بد على حركاتها الفوضوية
- هتصرف ازاي؟! عمو منير طيب؟! قومي صحيه حالا يمكن يلحق يتصرف؟!
أحست رهف بعجزها حتى قالت بصوت خافت
- هما ممكن يعملوا فيه أيه؟!
- أنا عارفه بقا يا رهف؟! طيب اسافرله؟! تفتكري هلحق؟!
هزت رهف رأسها نافية
- بس بقا بطلي هبل أنت التانيه؟! طيب أنا عندي فكرة مش عارفه تنفع ولا لا؟!
آنذاك دخلت عايدة الغرفة متسائلة.

- مالكم يابنات؟!
انفجر بسمة في حضنها باكية
- زياد في خطر يا طنط.

مشاعر الرجل تشبه جبل الثلج، قد لا يظهر منها سوى قمته الصغيرة، ولكن ما خفي كان أعظم، كُلما آلمك كم الصمت الذي يتغلفه في حضرتك، فلتعلمي أن ما وراء الصمت حالة راسخة ثابتة من الحُب تملأ كيانه، كل ما عليك أن لا ترتطمي بِه، لتشعري بقوة حبه، في عُرف الحُب كل ارتطام، ينتج عنه حطام، فما عليك سوى فهمك العميق لأدوات تعبيره عن الحُب، والالتفاف حولها بيقين، لتشعري بأمان، فالمُحب للحبيب مُتفهم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة