قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثالث للكاتبة نهال مصطفى الفصل الثالث والعشرون

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثالث للكاتبة نهال مصطفى الفصل الثالث والعشرون

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثالث للكاتبة نهال مصطفى الفصل الثالث والعشرون

لماذا أفترقنا وما تزال ذاكرتي تنزف حضورك، كل الطرق التي أسلكها كي أبتعد عنك بات بالفشل، ووحدك بقيت على باب الذاكرة!
غادة السمان

وصل هشام ومجدي إلي المطعم وطلبوا الوجبات التي أدلت بها فجر، وقف الثنائي في الخارج متكئين على مقدمة السيارة، لاحظ مجدي قيام هشام بمكالمة تليفونية فسأله
-بتكلم مين!
أشار بيده أن ينتظر و تحدث في هاتفه قائلًا
-أيوه يا حبيبتي!
فجر بهدوء.

-طلبت اللي قولت لك عليه! أوعى تكون نسيت حاجة
-كله تمام، شوفيلو ناسية أنت حاجة!
فارقت مجلس السيدات لتسمعه بوضوح وقالت بوشوشة
-حلوة حبيبتي دي!
بمزاح
-أنت لسه واخده بالك!
-معلش بقا كنت محاصرة.
-هنشوف الموضوع دا، المهم ارتياحي ومتعمليش مجهود كتير متنسيش نفسك!
وصلت إلى المطبخ وجلست على أحد المقاعد أمامها وقالت
-ده خوف عليا ولا على ابنك!
-عليكم أنتوا الاتنين، اسمعي الكلام وارتاحي.

-حاضر متقلقش، و أنت سوق بالراحة، وخلى بالك.
-سبيها على ربنا.
بقلق غير مفسر قالت
-والله يا هشام قلبي مقبوض من ساعة ما مشيتوا، ربنا يستر.
ابتعد عن مجدي قليلًا واستهتر بجملتها بمزاح قائلًا
-تلاقي قلبك بس وحشته عشان كدا مقبوض ومتأريف واضح إنه عايز يدلع.
يخلق الحب أشياء لا وجود لها بنا من قبل، كل مرة تسمع منه ما يرضيها ويروي قلب الانثي بها ولست ما تحب أن تسمعه، ضحكت بهدوء ثم قالت
-خلي بالك على نفسك..

صاح مجدي من الخلف معارضا
-يارميو؟! أيه مش كفاية!
جز هشام على فكيه متوعدًا
-طيب اقفلي عشان في دبور وزن على خراب عشه.
قهقهت فجر بصوت عالٍ وقالت
-بصراحة يستاهل.
بمجرد ما أنهت المكالمة فوجئت بعايدة خلفها، انكمشت ملامحها حائرة وقالت بذوق
-محتاجة حاجة اساعدك فيها.
على المقعد المجاور لها جلست عايدة وقالت
-عايزة اتكلم معاكي!
-اتفضلي طبعًا.
(عودة للشباب )
لم يكف مجدي عن سخافاته حتى نفذ صبر هشام منه وقال.

-انت هتعقل أمتى!
-عايز تشوف العقل؟!
-نفسي والله قبل ما أموت.
عقد مجدي ذراعيه وطالع نجوم السماء وقال
-أحساسك أيه؟!
-من ناحية؟!
-شوف يا هشام نبقي ما بنفهمش حاجة لو مخدناش بالنا من التغير الجذري اللي أنت فيه؟! فجاة تحولت من شخص صامت حاسم لشخص اجتماعي بيهزر بيضحك، بقي فيه فرق شاسع بين هشام القديم واللي أنا شايفه! يا ترى أيه السبب اللي وصلك لكدا؟

يتقلب حديث مجدي في رأسه كفقاقيع المياه المغلية وقال بعد تفكير طويل
-هي!
-عملت أيه غيرها معرفش يعمله!
-صدقني مش عارف، يمكن أدتني أكتر ما استاهل! او كانت مستحيلة وأنا حبيت التحدي، أو حبتني، حبتني بعيوبي وتقبلتني كدا.
ثم تنهد بنيران الحيرة وأكمل.

-تصدق أنها خسارة فيا، هى أنقى حد ممكن تقابله يمكن الدنيا جات عليها أوي وحاولت تشوهها بس نجت منها بأعجوبة، حد نضيف بيتعامل بالفطرة، بالفطرة أوي يا مجدي، حسيت فيها حنية هالة اللي اتحرمت منها، ملهاش في الخبث ولا المكر واضحة زي الشمس اللي في قلبها على لسانها، أحنا كرجاله بنشوف دا ونميزه أوي.
قطع كلامه وتناول زجاجة المياه من يد مجدي وارتشف رشفة صغيرة ثم قفلها وأكمل بهدوء أثار إعجاب مجدي.

-استحملت اللي محدش يستحمله مني، هي لمست جوايا هشام اللي أنا دفنته من سنين وقدرت تحييه بذكائها، تعرف هي أكتر حد أنا اذيته ولسه بأذيه غصب عني، فوبيا انها سابتني في يوم غدر ومشيت دي قتلتني أنا في ليلة اتجردت كليا قدامها وأمنت وحسيت أني وصلت لبر الأمان، مش قادر اتخطى وجعي لحد اللحظة دي، من بعدها رجعت شخص مذبذب مرة فوق مرة تحت بخبط هنا وهنا منا خلاص فقدت الثقة، ولسه بغلط ومعرفش ازاي عندها القدرة الجبارة دي إنها تسامحني! وأنا معترف إني مستاهلش قلبها دا.

أنصت له مجدي باهتمام بالغ متأثرًا بحديثه النابع من قاع قلبه، حتى قاطعه معارضًا
-بس أنت مش بالبشاعة دي يا هشام! المشكلة كلها اختلافات تربية و عادات وتقاليد وو
نفى هشام كلامه
-إطلاقًا، الحب ملهوش علاقة بكل دا..
ثم أطلق ضحكة خافته برائحة الحسرة
-أنا بالبشاعة دي وأكتر، همجي ومتهور مع إني مش كدا خالص، بس عندها هي ببقى شخص تاني، شخص أنا معرفهوش! شعور التملك كدا.
مجدي متفهمًا.

-بدون خوض ف التفاصيل، على حسب كلامك وتصرفاتك اللي مش عاجبك، مسألتش نفسك هي ليه بتسامحك وبتغفر لك، أي واحدة مكانها مكنتش هتتحمل كل دا!
-كل مرة بتغفر فيها يا مجدي بتدبحني بتعرفني أد إيه انا مستاهلهاش، انها كتيرة عليا، أنا عندي أنها تقف في وشي وتناطحني راس براس ولا أنها تسامحني وتنسى، هي ازاي كدا!
-زي ما أنت غفرت كل اللي فات يا هشام، وفضلت متمسك بيها لحد ما بقيت في بيتك!
هشام مبررًا تمسكه بها.

-محدش هيستحملني ويصبر عليا ادها! دي الحقيقة
-وبس؟! سبت شغلك وجريت على بلدها عشان هتستحملك وتصبر عليك!
بتلقائية ويقين و تنهيدة حارة قال
-حبيتها يا مجدي.
ابتسم مجدي برضا تام واقتناع أن للحب معجزاته التي لم يتخيلها بشر، وقال بحكمة.

-هلفت نظرك لكذا حاجة، فجر يا هشام صعيدية، والست الصعيدية مش مرفهة زي بنات هنا، مسئولة، عندها قدرة تحمل جبارة، طالما الحب لمس قلبها هتعمل أي حاجة عشان تمشي المركب وتحافظ على الحب دا، ومش معنى انها بتسامحك وصابره عليك دا يمس كرامتها في حاجة هي مش داخلة معاك في حرب، بس هي حكيمة وعارفة كويس انكم مخدوتش فرصتكم على أتم وجه انتو عشتوا مع بعض أد إية اصلا! وعارفة طبعك وراضيه بيه بس أنت متسوقش فيها وتتعود وتفتكر أن دا حق مكتسب، وفي النهاية الستات دي هي اللي بتكسب وبكرة تشوف! مراتك جبروتها في ضعفها قدامك يا ابن عمي.

زفر هشام بكللٍ
-أنت صح. بحاول والله، بحاول أوصل معاها لبر الأمان، عشان هي تستاهل دا.
لكزه مجدي
-مش عارف أنت من غيري كنت هتعمل أيه!
ضربه هشام بقوة وهو يدفعه للأمام
-طيب اجري شوف الأكل خلص ولا لسه، مش فالح غير فالكلام وبس، يلاه.
*****
-تسمحي لي ادخل في حياتكم شوية.
نبرة صوت عايدة كانت هادئة وراقية حد إثارة تعجب فجر التي شعرت بالخجل من طلبها وقالت بشكٍ
-اتفضلي!

صبت عايدة العصير بالكأس وبعد ما أخذت رشفة صغيرة قالت
-مش هسألك عن تفاصيل حياتك مع هشام، بس هديكي مفاتيحه وأنت وذكائك.
لحظت الحيرة في عيونها، فإجابتها لتريحها واكملت
-خلينا متفقين إني أكتر حد كان معترض على وجودك لي حياة هشام، ودلوقت أكتر حد مقتنع إنك انسب حد لهشام!
خرجت فجر عن صمتها وسألتها
-أنت ليه كُنتي رفضاني بالإصرار دا وانا مقدمتش ليكِ غير كل خير!
-لما تبقى أم هتعرفي.

اكتفت عايدة بجوابها المختصر ثم انتقلت لموضوعها الأساسي واتبعت
-ده مش موضوعنا، هشام شارب طبع باباه بس الفرق إنه واخد حنية هالة.
ثم ضحكت بوجع ووضحت
-متستغربيش، منا كان لازم اسأل واطقس على اللي اتجوزها جوزي ودخل عليا بابنها!
أصدرت إيماءة طويلة وهى تتذكر وتفصل حكاها بتنهيدات ساخرة.

-هديت الدنيا عشان أوصل للست اللي كانت بتخدمها، عرفت أنها ملكت قلب عماد ب نعم وحاضر، كانت ست مصرية أصيلة تقف على الباب مستنياه بالطشت والكوز، تأكله وتدلعه زي الطفل، على فكرة عماد مكنش مجبر خالص يتجوزها هو هرب من عصبيتي وكبريائي والست القوية اللي كنت بفرضها عليه طول الوقت، بمنتهى الانانية اشترى راحته مع واحدة تانية!
طال صمت عايدة لدقائق، فأعقبت فجر متلهفة
-وبعدين!

-عماد السيوفي أكتر حد مؤذي ممكن تقابليه، أنا بحمد ربنا أن مفيش حد خد طبعه، أقولك على سر، عماد عمل فيا نفس اللي زياد عمله في بسمة ومرتين يتقل ولاده في بطني من أنانيته، دا كان في أول جوازنا لحد ما أخدت ٣ سنين مأخلفش، واللي فيهم شرف هشام ابنه.

فجر مذهولة لما تسمعه، وأدى ذلك لتذكرها تصرف هشام معها ولكنها نفت التشابه عندما دق قلبها برائحة حنيته عليها وطريقه عرضه لعاطفته التي تأسرها أكثر من العاطفة ذاتها ؛ اطمئن جوفها وقالت بخفوت متعجبة
-أعرف أن حضرتك قوية ازاي سمحتي بكدا!
-كنت الأول مش عايزه افرح منير فيا، كنت بعافر عشان ابين إني مبسوطة..
-طيب وهو اتجوزك ليه طالما مش بيحبك من الأول!
ضحكت بسخرية وقالت.

-تصدقي أنا لحد دلوقت معرفش إذا كان بيحبني ولا لا، عمره ما قال لي كلمة حلوة، عمره ما طبطب عليا، كان كل اللي يربطنا حقوقه اللي كانت بالنسبة لي قيود وسجن، يبقي مبسوط غضبان زهقان كله بينعكس عليكي أنتي بالسلب والدمار النفسي، طول الوقت محسسك إنك أداة لأهوائه، أنا عشت مع عماد السيوفي أسوا ١٥ سنين.
أخذت رشفة من العصير وأكملت.

-انتقمت منه في هشام ابنه للأسف، رميته لأبوه يربيه لحد ما يشرب طبعه وبكرة وبعده يكرر تاريخ ابوه قدامه ويدفع التمن ويشوف هو عمل فيا أيه! بس لحسن حظه مات قبل ما يشوف دا، منكرش أن حاله بدأ يتعدل لما كبر وحاول يقرب مني ومن ولاده
فجر بتردد
-هو هشام عصبي اه ونادر ما بيعبر عن مشاعره بس حنين، وانا بشوف الحنيه دي وبحسها.
بأسف أغرورقت أعين عايدة بالدموع.

-سمعت العكس تماما عن معاملته مع هاله، اد ايه كان مدلعها وبتسافر معاه سفريات شغله، واحد تاني خالص، أنا شوفته بس بعد فوات الأوان، في أخر أيامه كان بيعمل معانا دا، بس بعد أيه!
فجر باستغراب
-كان ممكن تطلقي!

-وفاة ابويا وأخويا بعد سنة من جوازي، وأول ما خلفت زياد اتوفت امي، حتى اختي أم بسمة ماتت هي كمان، فكرت قولت هطلق هستفيد أيه؟! هتجوز تاني؟! وليه! كلهم واحد، من هنا خدت قرار أن حياتي للشغل وبس، وهكون أنا، وعماد السيوفي مجرد اسم على بطاقة بالنسبة لي بتحرك بيه وبيساعدني، وبقيت عايدة النورماندي.
غيرت مجرى الحديث متألمة.

-المهم سيبك من أبوه، خلينا في هشام، تعرفي يوم ما مشيتي انا فرحت جدًا وقولت شاطر هتربيه ولازم تعلمه يحترمها ازاي! بس لما لقيته راجع ومعاه هدية عشان يصالحك، بصراحة استغبيتك أوي وقولت دي غبية ومش عارفة تكسبه!
فجر بجهل
-يعني كنت أعمل أيه؟!

-طالما الراجل بيحبك تلاعبيه مش تمشي وتسيبيه! عرفيه غلطه وأنت ساكته، قدامه ومش عارف حتى يكلمك، اتجاهليه وأنت في بيته، عرفيه مدى قوتك وأن كل حاجة بمزاج حتى ولو كان هو السجان ومعاه المفتاح، ف الاول انعكس عليا طباع عماد ولو هشام بطباع عماد كنت هقولك أمشي، لكن هنا استوب هشام روحه فيكي متعلق كان هيبقى لك زي ضلك ويطلب العفو كمان، الذكاء إنك تتزودي الحب دا مش تقتليه بالمسافات..
أومأت باقتناع
-أنت صح.

-ملخص كلامي يا فجر، هشام فيه صفات كتير غلط، طالما بتاخدي منه اللي بيكفيكي متركزيش فالحاجات الل بتزعلك انت مش هتصلحيها بس الأيام هتصلحها غصب عنه وهتديله القلم اتنين، اهدي واركزي لحد ما تتطبعوا ع بعض، اتعلمي متديهوش كل حاجة وقت ما هو عايز ولا إنك تمنعي، امسكي العصاية من النص، انتو يعتبر لسه بتتعرفوا على بعض لسه مفهمتوش بعض، أول سنتين جواز هتقابلك مشاكل كتير لسه، عديها مش عشان دا فرض عليكي، دا عشان هشام بجبروت أبوه الي فيه حبك، متخيلة!، خليكي ذكية وطمني قلبك أن هشام بيحبك ومش هيسيبك مهما حصل، وأنا اللي بقول لك كدا يا فجر.

ثم نهضت وربتت على كتفها وقالت
-وانت كمان تعبتي في حياتك، واتحرمتي من حاجات كتير، أنت كمان تستاهلي حب هشام، شبهي علاقتكم بطبق الكشري اللي كل ما تزودي له شطة طعمه هيبقى أحلى حتى ولو بتأذيكي.
قال نزار ذات مرة
(هناك نوعين من الرجال
رجل إذا أحبك أعادك طفلة تركضين في حقول الياسمين
ورجل إذا أحبك جعلكِ تفوقين عمرك بمئة عام أو أكثر، ).

ولكنه بالطبع لم يقابل في حياته رجل مثله، أن التقاه مرة في العمر لعلم أنه متعدد الأطوار، قد يمنحك الطفولة في ساعة ثم يسلبها منك ويحولك لعجوز وهنه لا تحملها قدميها وفي ليلة وضحها تتفاجئ بنفسها امراة طاغية الانوثة للدرجة التي تصلها عندما يتحدث عن حبه وتارة اخرى يصيبها بشللٍ كامل حتى يفقدها نطقها وهى تتفاجئ بشخصه الكائن أمامها، أي رجل هو؟! وأي امرأة عليا أن أكونها معه؟!

على حده في الحديقة حملت رهف كؤوس العصير وذهبت الي سعاد ونشأت، وقالت ممازحة
-القعدة دي محتاجة لمون من أيديا.
تناول منها نشأت العصير وقال بامتنان
-عقبال ما نشرب عصير فرحك؟!
تبسمت بخفوت وبحس فكاهي
-يا رب بقا يا عمو..
تدخلت سعاد في حديثهم
-تعالى اقعدي يا رهف.
-والله نفسي، بس دي كانت دودو تاكلني..
ثم تحركت بخفة ظل وتوجهت ناحية باب البيت وهي تقول
-اسيبكم بقا..
ضحكت سعاد علي مزاحها وما أن توجهت لنشأت قائلة.

-عسولة رهف.
غمز لها بطرف عينه و
-عن نفسي مش شايف أحلى منك هنا.
ما أن اختتم نشأت جملته ووطأت اقدام رهف أعتاب البيت إذًا بصوت رصاصة مصوبه بعناية من مسدح كاتم للصوت لتفتك بزجاج نافذة البيت، واتبعها سيل متواصل من الضربات أصابت أهله بهلع تام..
*****
-يازياد مفيش وقت للتفسير يلا، ميان هتاخدك رهان عشان هشام ينفذلها كل طلباتها، هي دي خطتهم..
تدخلت بسمة بشكٍ وسألته
-زياد انت مرتاح للبنت دي؟!
-استنى يا بسمة.

ثم وجه حديثه لنانسي و
-وانا اضمن منين إنك مش معاهم.
نفذ صبر نانسي وخوفها الكائن بصوتها قالت
-انا كنت بحذرك من اول يوم من اظهر فالصورة وانت مسمعتش الكلام، كل المسدجات كانت مني..
ثم تنهدت بتعب
-هاتي جوازات السفر يا بسمة ويلا، مفيش وقت، لازم نتحرك من هنا.
ركضت بسمة بهلع واخذت جوازات السفر وبطاقة النقود الخاصة بهما وامسكت هاتفها متصلة بهشام الذي رد على الفور قائلًا
-اهلا اهلا يا دكتورة!

كان الرعب محتلًا صوت بسمة وهي تسأله
-هشام انتوا تمام؟!
استغرب هشام ولكنه لم يمنح نبرتها المرتعدة أي اهتمام وقال
-احنا تمام يا بسمة، حصل حاجة.
زفرت بكلل وقلق
-حاجات يا هشام واحنا مش فاهمين حاجة.
انتهت جملتها بنداء زياد المخيف عليها ففزعت مرتعدة
-سلام سلام يا هشام.
وفي الخارج عادت نانسي من جوار النافذة صارخة
-وصلو احنا لازم نمشي.

ركضت أمامهم فأمسك زياد بيد بسمة وقفل الباب، وصعدوا كلهم الدور الأعلى ف العمارة نسبة للدور الارضي الساكن به زياد، توقفت نانسي لتراقبهم من أعلى وبعدها رمى زياد انظاره فوجد مجموعة مخيفة من الرجال أمام شقتهم يطرقون الجرس، اتسع بؤبؤ عيونهم المرتعشة وهم يتبادلون الأنظار حتى قال احدهم
-no one here.

اخترق كبيرهم الصف واخرج بطاقة الأمان التي يفتح بها الباب وفتحه بسهولة ويسر، شهقت بسمة بصوت مرعب فسرعان ما وضع زياد كفه على فهما ليكتم صوتها، وعاد لمتابعة المشهد بصمت وحرص شديد.
(في سيارة هشام )
-بسمة صوتها مش مريح، اكيد في مصيبة.
مجدي بحيرة
-ان شاء الله خير يا هشام نوصل بس وهنكلمهم خلى بالك من الطريق أنت بس هنروح نكلمهم.
هشام بقلق
-كلم رهف شوف الوضع عندهم أيه!

سخر مجدي من ابن عمه وشرع ف تنفيذ ما أمره به و
-الحس العسكري اشتغل، ماشي يا سيدي ادي رهف نكلمها.
رنين وراء الأخر بدون رد مما بث براثين بقلب مجدي ايضا، زود هشام من سرعة العربية وهو يقول
-لا الموضوع مقلق فعلًا، خليك وراهم يا مجدي لحد ما حد فيهم يرد.
******
كان صوت تهشم الزجاج ممزوجًا بصوت صراخ رهف المرتفع، نهضت ندى على الفور عندما لحظت اثر الرصاصة في الحائط صارخة
-رهف متقفيش، خليكي في الأرض.
عايدة بفزع.

-في ايه يا ندى؟! الرصاص ده جيه منين!
وصل نشأت بصحبة سعاد بعد ما ادخلها المنزل اندفعت ندى حوله بعد ما فحصت الرؤية بالخارج وقالت
-نشأت بيه، الظاهر في هجوم على البيت..
يقظ الرجل القيادة بجسده وقال آمرًا
-ندى اطلعي السطح راقبي الاوضاع وأنا هنا هتصرف.
خرجت فجر من المرحاض مفزوعة على صوت الصخب
-في أيه!
صرخت عايدة وهي تضم رهف لحضنها
-مين دول!
نشأت ليطمئنها.

-طالما الضرب وقف يبقى دا تحذير، مش لازم يكون لنا اي رد فعل عشان هما الأقوي..
ثم توجه لندى
-اطلعي أمني البيت من فوق يا ندى.
تدخلت فجر
-هو في ايه!
طمئنتها ندى
-سلاح هشام فين يا فجر.
-في المكتب جوه، تعالى
صاحت سعاد معترضة
-يا جماعه بلغوا الشرطة، مفيش وقت.
ركضت عايدة نحو الهاتف المنزلي ولكن وجدته بدون اتصال فذاعت
-مفيش حرارة.
فجر بلهفة
-انا تليفوني في المطبخ.
صرخ نشأت
-اتحركي يا ندى خدى سلاح هشام واطلعي يلا.

نفذت ندى الأمر على الفور وتناولت سلاح هشام وتجاهلت ذعر الجميع وانطلقت لأعلى طبقًا لتعليات نشأت، ركضت فجر للمطبخ وأحضرت هاتفها وقالت بخوف
-احنا لازم نبلغ! التليفون أهو
تناول نشأت الهاتف وشرع في الاتصال بالشرطة ولكن رصاصة ميان اصابت هدفها بالتمام حيث اخذت الهاتف من يده اسقطته ارضًا وصاحت
-متحاولش!
رددت فجر بذهول
-ميان؟

في لمح البصر كان رجالها يملئون المكان، منتشرين هنا وهناك كالغرابيب السود، واصبحت فوهات اسلحتهم محيطه بهم، نهرتها عايدة
-انت عايزة مننا أيه؟!
تدللت ميان في خطاها المتراقصه على نيران الشر
-كوين عايدة! معلش لو هزعجك تصفية حساب.
جهر نشأت لتخويفها
-أنت عارفة نتيجة اللي أنت بتعمليه دا ايه!
ميان بسخرية
-بلاش انت يا اونكل.
ثم اقتربت من فجر ورمقتها بحقد
-أنت لسه عايشه؟! أنت ايه؟! قطة بسبع ترواح!

وقفت فجر أمامها بتحدٍ
-وانت مش ناويه تنضفي؟!
تدخلت عايدة
-عايزة مننا أيه يا ميان لمي رجالتك وابعدي عننا بقا؟!
اندلعت ضحكات الشر من فمها
-لسه في حسابات هنصفيها يا كوين عايدة وشروط واتفاقات، الا هو المحروس ابنك فين؟!
هبت رياح الغيرة من فجر
-اسمه المقدم هشام السيوفي، اللي هيعرفك مقامك لو ممشيتش من هنا!
التوى ثغر ميان بسخرية
-هنشوف، متستعجليش!
-اقصري الشر وابعدي عننا بقى!

اقتربت ميان منها حد الالتصاق وهمست لها بخبث
-انت ازاي قادرة تعيشي معاه بعد ماااا، ولا تلاقيه ما قالش يا حرام ومختومة على قفاكِ!
اشتعلت نيران الغيرة في قلب فجر للحد الذي جعلها تصرخ بوجهها وسددت لها ضربات متتالية
-انت لسه مصدقة نفسك؟! ما تفوقي بقا! هشام مستحيل يعمل كده، بطلي وهم بقا.
مسكتها ميان من معصمها بقوة لم تقارن بقوة فجر ولفتها أمامها متشبثه بذراعها الملتوي بشدة وتحت تأوهات فجر قالت.

-طيب اجهزي عشان انت وسي هشام بتاعك هدفنكم في تُربة واحدة.
تدخلت سعاد ونشأت وخلصوها من يد ميان بصعوبة، حتى انفجر فيها نشأت
-أنت لو ملمتيش المهزلة دي، مش هيحصل كويس!
دخل فارس إنذاك وخلف اثنين من الرجال ذوي البنية الضخمة
-ولاد السيوفي مالهمش أثر في البيت كله.
بمجرد ما رأته رهف انفجرت بالسبات
-اه يا سافل يا حقير، فكر بس كدا تقرب من اخويا وجوزي هقتلك!
اقترب منها فارس بنظراته الدنيئة
-انت لسه دورك جاي، اتقلي!

ثارت عايدة بغضب شديد
-انطقي يا ميان عايزة مننا أيه تاني؟!
بهدوء ما يسبقه كارثة
-ابنك فين؟!
نشأت بحدة
-عايزة أيه من هشام انطقي؟!
ميان بحزم
-دا كلام مهم..
ثم مالت ناحيه فجر مترنحة
-يخصنا أحنا وبس!
ثارت سعاد
-انت مش عارفة مين دا اللي واقفة قدامه؟! دا اللواء نشأت مدير أمن القاهره.
برزت شظايا القلق والتراجع من مقلتي ميان وفارس ولكنها تعمدت أن تلوح بالسلاح أمامه وقالت بمكر
-كدا اللعب احلو..
ثم صاحت.

-هات يابني كلبشات هنا وكلبش سيادة اللواء
دفعها نشأت بعنفوان فتقهقرت متراجعه للخلف بألم
-انت هتنسي نفسك؟!
فوجئ نشأت برجلين اقوياء البنية يكبلان حركته من الخلف، اقتربت منها عايدة محاولة انهاء تلك المهزلة وصرخت
-ميان كفاية كدا، وابعدي عننا بقى.
تجاهلت ميان ثرثرتها
-هشام السيوفي فين يا عايدة!
لاحظت الصمت التام على وجوه الجميع وقالت بصراخ في أحد رجالها
-نادي على سلمى من العربية تيجي تخدر الأشكال دي..

ثم حدجت النظر بفجر وأكملت
-عشان سيادة المقدم يجي عندنا بنفسه.

من أعلى بات الوضع مخيفًا بالنسبة لندى، عدد كبير من الرجال يحاوطون المنزل بأذكى أنواع الأسلحة، لا تعرف من أين ستبدأ، همت بالنزول لأسفل ولكن تراجعت في منتصف السُلم عند سماعها صوت الصخب بالطابق الأرضي، تسللت بخفية ودخلت غرفة هشام التي تكشف جزء كبير من حديقة البيت وبعد ما عادت وأحكمت غلق الباب بالمفتاح بحذر شديد، اخرجت هاتفها من جيبها وحاولت الاتصال بهشام ولكن وجدته مشغولًا، لعنت في سرها.

-مش وقتك يا هشام!
سرعان ما غيرت مسار خطتها وطلبت شرطة النجدة التي تبتعد عنهم بحوالي ٢٠ دقيقة، اخذت تتجول من النافذة للأخرى كي تحدد هدفها بدون فائدة، العدد كبير لا يضاهي قوتها..

فجاة ارتعدت اثر سماع أصوات الصراخ والاستنجاد من الخلف فشعرت بالعجز التام وما أن أخذت قرارها بضرورة التعامل، لاحظت عيونها سيارة هشام تحوم بسرعة كبيرة حول البيت، اطمئن قلب ندى قليلًا ثم أخذت قرارها في أن تكون الجزء العلوي للدفاع..
في السيارة.

لاحظ هشام انكسار وسقوط ( فازة ) الزرع العملاقة الكائنة أمام المنزل، مما جعله يتأكد من وجود شيء غامض لابد من حله، انتقل مجدي للمقعد الخلفي من السيارة ووقف ليخرج رأسه من سقف السيارة ويترقب الأمر، رغم انغلاق باب البيت الحديدي إلا أن عيناه استطاعت اقتناص العديد من السيارات السوداء بالداخل..
ما زال هشام يجوب حول ( المنزل ) بنظرات ثاقبة فاصحة حتى اتاه اليقين من جملة مجدي.

-اللي خايفين منه شكله حصل، في حد في الفيلا يا هشام!
صف هشام بعيدًا عن البيت وقال بقلقٍ وتفكير
-رجالة فهمي؟!
عاد مجدي لمكانه بجواره وهو يلعن حظه
-سلمى جات وحذرتني بمصيبة ومخطط ليهم بس أنا اللي استهتدرت.
-سلمي؟! مالها
-مش مهم، هنعمل أيه دلوقتِ؟!
هشام بحسم
-هنتعامل لحد الشرطة ما توصل..
التقمت ندى سيارتهم المصفوفة من أعلى فعادت الاتصال به سريعًا، فأجاب مجدي بلهفة
-ندى في ايه عندك؟
اختبأت بالداخل وهمست.

-مصيبة، أنا مش عارفة اتعامل لوحدي، الجماعة تحت كلهم في خطر، احنا لازم نتصرف
نزع هشام جاكت بدلته بسرعة وسالها
-انتِ فين؟!
-انا كاشفة الفيلا كلها من أوضتك يا هشام، ومعايا سلاحك.
قطم كلامها وقال
-تمام احنا هندخل وانتِ غطي علينا يا ندى، هتلاقي رصاص كافي في درج المكتب عندك.
ثم لفت مسامعها نبرة صوت جيسي العالية
-حد يطلع يأمن المكان من فوق يلاا.
ارتعب قلب ندى وهي تقول
-هشام مفيش وقت لازم تدخلوا حالًا.

هشام متفهمًا وهو يضع سماعة البلوتوث
-تمام تمام يا ندى، متقفليش خلينا على اتصال.
هبط الثنائي من السيارة بعد ما أعطى هشام مسدسه الكائن بالسيارة لمجدي وقال
-خلى دا معاك!
-وانت؟!
-مالكش دعوة بيا، نفذ اللي هقول لك عليه بالحرف!
قال جملته الاخيرة وهو يخرج بعض الحقائب البلاستيك من الخلف ويشرح له الخطة لدخولهم..

وعلى حدا وصلت سلمى وبيدها حقيبتها الطبية وشرعت في استخراج الابر المُخدرة، ومن الناحية الأخرى شرع الحرس في تكبيل الجميع تحت لعنات وسبات وصراخ هؤلاء الضحايا التي طوتهم نيران الشر في طريقها..
من الباب الخلف تقدم هشام بثبات يحسد عليه، مطلقًا صفيرًا قويًا ويتمايل أثناء دخوله البيت إذًا بأحد الرجالة خلفه وحذره
-ولا حركة، مكانك.
ألقى هشام الحقائب من يده ورفعها مستسلمًا وهو يتسائل
-مين!
-هتفهم دلوقت.

شغل الرجل اللاسيلكي مناديًا على ميان ولكن لم يمهله مجدي الفرصة حيث بحركة بهلاوانية انقض على رأسه بمؤخرة سلاحه فسقط في الحال، استدار هشام بحذر وأخذ سلاحه ووضعه في حزام بنطاله وأشار لمجدي أمرًا
-جرجره لبره البيت.
ثم تسلل مختبئًا خلف الأشجار فلحظ الحشد الهائل المكتظ أمامه، انتبه لهمس ندى في أذنه
-هشام خلى بالك وصلوا السطح، في حركة فوق.
بهمس رد عليها
-متقلقيش فتحي عينك كويس بس.

تسرب هشام من بين الأشجار كالأفعى دون أن يلحظه أحد، لحق به مجدى وهو يقول
-عددهم كبير أوي يا هشام، لازم نحكم عقلنا.
إثر صوت الصخب المروع بالأسفل رمت ندى اذانها وانظارها من فتحة صغيره بالباب فشهقت مذعوره وسرعان ما عادت لهشام مستغيثة
-هشام الحق، دول بيخدروهم تحت.
شعر هشام بالعجز للحظة ثم قال
-قدامنا حل من الاتنين يا نشغلهم يا نستسلم لهم!
ثم همس
-ميان متسبيش مكانك مهما حصل.
ثم أشار لمجدي على أحد الأشجار.

-اطلع هنا، وحاول هات الراجلين اللي على السطح وغطي ضهري، وأنت يا ندى غطي مجدي.

نفذ مجدي ما أمره به هشام وتسلق أعلى غصن بالشجر وبرصاصتين انطلقا بمهارة عسكرية حرافية أسقطت الحارسان بأعلى، أشار مجدي لهشام بنجاح فعله، فاطمئن قلب هشام وتحرك في ساحة الحديقة الخلفية بحرية ليثير انتباه أعدائه وبالفعل فوجئ بأخرين حوله وبدون مقاومة توقف ثابتًا وفي نفس اللحظة انطلقا رصاصتين معاكسين كل منهما أصابت هدفها بالتمام..

اندفع هشام راكضًا نحو مداخل المنزل محتميًا بالجدران وعلى الناحية الأخرى لاحظ أحد الحراس وجود مجدي بأعلى فوجه فوهة سلاحه صوبه وقبل ما أن يصب هدفه كانت رصاصة ندى في منتصف جبهته ومن هنا ذاع خبر تواجدهم، وانكشف أمرهم، انتشر الرجال في مختلف البقاع كالتبن المنثور وبث الرعب في قلوبهم وعلى حدا دخل هشام مستسلمًا وهو يرفع سلاحه
-طلعيهم برا الموضوع خالص يا ميان!
صرخت فجر باستغاثة وهي تتملص من يده الحارس
-هشام!

دب الهلع في قلب ميان ولكنها اخفته وقالت
-سيادة المقدم؟! مستنياك ليا كتير!
ثم اشارت للحارس أن يأخذ السلاح منه وقالت بمكر
-كدا متسائلش عن ميان حبيبتك طول الفترة دي؟!
أعطى هشام السلاح للحارس وعقد يده ببعضهم امام بطنه وقال بشموخ
-بالعقل هنتفق ومش عايز تهور!
دخل احد الحرس ينهد ليخبرها
-يا هانم اربع من رجالتنا اتقتلوا بره!
ضحك هشام بسخرية وقال في ثبات وثقة
-عطلوني وانا وجاي، ف ريحتهم عشان متستنيش كتير.

-فداك كل رجالتي.
طالعته بإعجاب يبرق في عيونها ثم ارسلت نظرة خبيثة لفجر متعمدة إثارة غيرتها واقتربت من هشام لتطبع قبله على وجنته وقالت بتدلل
-وحشتني، ووحشني تهورك.
صرخت فجر بحنقة
-ابعدي عنه يا زبالة!
قهقهت بصوت ساحرات ديزني
-أنت مش قايلها على اللي بينا ولا أيه؟!
مسح هشام موضع القُبلة وقال
-هو أيه اللي بينا عشان انا نساي.
مررت فوهة السلاح على وجنته بإثارة متعمدة أن تقترب منه وتتلوى كالحية و.

-ليا عندك وعد بليلة طويلة، بتاعتنا لوحدنا؟!
ثم عادت لفجر المشتعلة بالغيرة وأكملت
-بدل الليلة بتاعت الشد العضلي..
ثم غمزت لفجر بتخابث
-هو متعود يجيله كتير الشد العضلي دا يا اسمك أيه؟!
التقط أعين هشام الحادة بأعين فجر الحارة لتصمت وتهدأ، ثم انتقلت أعينه لنشأت التي افصحت عن شيء ما وسرعان ما عاد لميان
-نتفق؟
بدلالٍ اجابته
-نتفق.

ثم وضعت كفها المغلف بالقفزات الجلدية ولم يظهر منها سوى اناملها على صدره الصلب المفعم بالعضلات القوية وقالت
-هنا ولا جوه؟!
-لا هنا، قدامهم، ولا أنت خايفة من حاجة؟!
-أخاف؟! انا الأقوى يا هشام لو مش واخد لبالك.
صرخت عايدة من الخلف
-ما تنطقي وتقولي عايزة كام وخلصينا!
-للاسف مش فلوس..
ثم أشارت للحارس أن يكبله ولكن تدخلت جيسي قائلة
-هذا الرجل يخصني، اتركي لي هذه المهمة.

اندهش الجميع لهدوء هشام التام واستسلامه، ولكن هدوئه ما كان إلا نضج، فليس من الحكمة أن تنزل ساحة المعركة دون درع، تقدمت جيسي وأمسكت بيدي هشام بقوة ووضعتهم خلف ظهره ووضعت بداخلهم الاصفاد بعنف شديد، ثم اشارت لميان
-Done.
اطمئن قلب ميان وأخذ أن تسرد مطالبها، وقالت.

-طبعًا زي ما أنت شايف أحنا الأقوى، وانا بصراحة كنت جاية ناوية على موت، بس حرام قلت العقل يحكم مش جاية اخد تار حد، الحي أبقى من الميت، شوف يا هشام تنفذ حاجة من الاتنين، نتجوز وتبقى أنت الكبير هنا وتمشي لينا شغلنا ونبقى حبايب.
ثارت فجر من الخلف بالمعارضة
-دانتي اتهبلتي رسمي.
بهدوء طاوعها هشام وأكمل
-الحاجة التانية؟!
-تعجبني، تأمن خروجنا من هنا من غير شوشرة وبهدوء وأحنا هنسيب مصر كلها ومش هنرجع تاني؟

ما زالت نبرة هشام مثيرة للغموض وقال
-مقابل؟!
-حياتكم، حياة زياد أخوك اللي تحت أيدي وهسمعك صوته..
قاطعتها عايدة صارخة وبعجز
-انت عملتي في ابني أيه، زياد اخوك في خطر يا هشام..
عاد هشام إليها
-بس أنت كدا مش هتستفيدي حاجة لما نموت؟!
-لا هستفيد، ابقى أخدت بتار الغالين، قلت أيه؟!
ساد الصمت للحظات بين عيونها الغاضمة التى تدبر لشيء ما حتى قطعته ميان بهدوئها المرعب.

-ااه عشان تحط في حسابك، لو اخترت الخيار الأول هتضطر تطلق الهانم مراتك، مش أنا اللي اتجوز على ضره يا اتش..
رن هاتفها إنذاك فقالت
-هعمل تليفون تكون فكرت!
ثم اشارت لرجالها
-عينكم عليه.
فارقت مجلس متوجهه للحديقه وهي تجيب على هاتفها بضيق
-يعني أيه مش لاقينه، بقولكم اتصرفوا، هاتوه من تحت الأرض..
ثم قفلت الهاتف وهي تلعن جهرًا وسرًا حتى عادت إليهم بوجهها الغاضب ولكنها نزعته بمجرد ما وصلت وقالت من الخلف
-فكرت؟!

تنهد هشام بثقة ثم قال رافضًا
-مش هينفع الاختيار الاول!
طالعته ميان بضيق
-ليه، وأنت تطول تبقى واحد مننا وجوزي!
قرأ الارتباك والذعر في أعين سلمى أمامه مما اتخذ من حبها المرضي له سبيلًا لنجاته وقال بهدوء يخلو من أي شكوك
-عشان أنا بحب سلمى، هي بالنسبة لي الحب الحقيقي وكنت ناوي ارجع لها، وانا معنديش استعداد اظلمها معايا اكتر من كدا!

قرأت فجر عيون هشام التي تلونت بالخديعة، ومن ناحية أخرى دب العشق الجنوني بقلب سلمى وثارت بلهفة
-بجد يا هشام؟! ناوي ترجع لي أنا، اخيرًا، أخيرًا حسيت بيا.
بسهولة خرجت رصاصة من مسدس ميان لقلب سلمى فلقيت مصرعها في الحال تحت مظلة شهقات الجميع وقالت ببرود قاتل
-كدا ما بقاش في سلمى، ها غيره!
هجم مجدى عليها من الخلف متخذًا من جسدها حصنًا بصلابته قيدها و صوب سلاحه فوق رأسها
-ولا حركة، أي حركة هفرغ دا في دماغها.

في لمح البصر تناولت أيدي فارس رهف وتبدلت الأدوار واصبح هدف أمام هدف، إنذاك التقت أعين جيسي بأعين هشام الذي لم تكبل يداه وتركته حرًا لهدف ما برأسها، مال وتناول سلاحه ونهرها
-قوليلهم ينزلوا أسلحتهم يلاه.
صرخت ميان بجيسي
-اعملي حاجة، اتصرفي!
شد جيسي اجزاء سلاحها ووضعته فجاة برأس فارس مهددة
-اتركها..
ثم صرخت بقوة
-اتركها قلت!
صرخت ميان بجنون
-انت بتعملي أيه؟!
جيسي بتحدٍ.

-متل ما كنتم ناوين تفعلوا بي. اخترت الطرف المربح بالنسبه لي.
تحت صدمة الجميع من موقف جيسي بمجرد ما شرعت فجر بوميض من الأمان اندفعت نحو هشام محتمية بذراعه، اخذها بحضنه مما اشعل نيران الغيرة بميان التي صرخت بوجهه
-هقتلك يا هشام؟!
رفع السلاح بجبهتها
-زياد أخويا فين؟! انطقي قبل ما أموتك!
ميان بتحدٍ
-موتي قصاده موت أخوك ومراته!
نهرها مجدي بثقة.

-متصدقهاش يا هشام، انا سمعتها بره بتزعق فالتليفون وبتقولهم هاتوه من تحت الارض، يعني حتى زياد هرب؟!
ارتسمت ضحكات الانتصار على وجه هشام وقال
-ها، تحبي تقولي أيه قبل ما تموتي؟!
في تلك اللحظة وصلت سيارات الشرطة وشرعت المشاجرة القوية بالخارجة وأيضا مشاجرة أقوى بالداخل، احتمى كل من الرجال خلف اساس البيت وبدأت ضربات الرصاص تتساقط فوق رؤوسهم كالمطر.

استغلت ميان ذلك وضغطت على قدم مجدى بقوة وركلته مباغتة حتى هربت من تحت يده، خرجت ندى من الغرفة وشرعت في اقتناص أعدائها، حمى هشام فجر بجسده كله لتأمن تحت صراخها وتوسلاتها للخارج حتى احتمت بالحائط وشرع هشام برد ضربات الرصاص..

أما عن عايدة ضمت ابنتها واحتمى الاثنان خلف احد المقاعد، وهذا مثل ما فعله نشأت بعد ما احتضن سعاد، سقط أحد القتلى من رجال ميان بواسطة ندى، فركل مجدى السلاح بقدمه ناحية نشأت الذي تناوله وشرع في تسديد الضربات، كان الامر اشبه بمعركة شرسة يخيمها النيران من كل صوب وحدب، ركض مجدى في منتصف الساحة كي يصل لمكان هشام الأمان، ولكن لحسن حظه تفادى أول رصاصة من مسدس فارس والثانية كانت من سلاح ندي في رأسه فسقط قتيلًا في الحال، بلغ الحماس ذروته حيث جهرت ندى بتفاخر.

-كدا اتنين يا سيادة الرائد!
احتمى مجدى بالحائط أسفلها و قال
-طيب امنى ضهري عشان يبقوا تلاته!
وبالفعل نفذت ما طلبه وانطلق مجدى نحو هشام الذي لحظ الرجل يقتنصه فأصابه هشام في مقتل وفي نفس اللحظة وصل مجدي للجهه المقابله بجانب الباب بجوار هشام الذي مازحه
-انا مش عارف من غيري كنت هتعمل ايه؟

لم يجيبه مجدي بل اجابه سلاحه الذي طال رجل من الخلف يأتي راكضًا ليأخذه غدر ولكن كانت رصاصة مجدي أسرع فأطاحت به أرضًا، فصرخت فجر من شدة الخوف
-حاسب يا هشام
اجاب مجدي عندما انهى حياة الرجل بفظاظة
-كدا خالصين!
قابله هشام بتباهي وهو يصيب هدفه بأخر رجل في الحرس بالداخل
-خالصين؟!

حاولت جيسي ان تهرب لتحتمي بهشام ولكن رصاصة الغدر لحقت بها، فانهت ميان حياة افعي الشر وتابعها نشأت برصاصة أخرى اصابت كتف ميان التي رضخت صارخة ولكن كتم صرختها برصاصتين في آن واحد من هشام ومجدي جعلتها تسقط في الحال..

اقتحمت الشرط آنذاك بعد استسلام بقية الرجال بالخارج، تلاشت اصوات النيران وهدأ ذعر القلوب التي خلعها الخوف بمجرد رؤية رجال الشرطة، تعلقت فجر بكف هشام حيث فقدت النطق مؤقت إثر ما رأته، فسألها
-انت كويسة!
أومأت بالايجاب وهي تطوق وترتعش بحضنه
-الحمد لله..
اندفعت رهف نحو مجدي وعانقته بلهفة ثم انفجرت باكية
-كنت هموت من الخوف؟
حملها مجدي بذراعه ففارقت قدميها الارض وبقيت معلقة في سحب حبه، اخذ يربت عليها.

-اهدي، احنا تمام، دا كان لعب عيال.
لقمتهم أعين هشام الصقرية فسحب فجر خلفها وجهر من الخلف بمزاح
-تصدق انا غلطان مسبتش الرصاصة كانت جات في نص دماغك.
لكزته فجر بعتب ليصمت ثم صاح
-دانت ليلتك معايا سوده؟!
ابتعدت رهف عنه بخجل مطأطأة رأسها فالأرض، ثم قال مجدي
-اسود من كدا؟!
-اركن انت حسابك لسه جاي، انت ياهانم ايه اللي شوفته دا؟!
ارتعبت رهف ثم فرت من امامه متحججة
-ماما!

اتجه اللواء نشأت الي الضابط ليخبره عما حدث، ويفتح محضر بالواقعة، انضمت ندى الي مجمعهم ممازحة
-أنا مش عارفة يا مجدي كنت هتعمل أيه من غيرنا؟!
مجدي بإنكار
-انتو هتقسموا عليا ولا ايه؟!
-لا ابدًا، احنا نفديك يا سيادة الرائد..
ثم توجهت لهشام
-الحمد لله عدت بدون خساير!
ثار مجدي وهو ينادى على عايدة وسعاد ورهف
-لا هيكون في خساير لو اللي عايزه متعملش!
افتعل هشام الحدة
-انت بتعلي صوتك كدا على مين يالا؟!
لوح بسلاحه.

-على أي حد يقف في طريق سعادتي..
ثم اقترب من عايدة
-انا مش متحرك من هنا غير لما تقولوا انا هتجوز أمتى؟! انا كنت هفارق الدنيا قبل ما ادخلها.
اندلعت ضحكات الجميع على حسه الفكاهي، فتدخلت عايدة
-ما تجوزهم يا هشام خلينا نخلص منهم!
وتابعتها سعاد بحماس
-طب أي رايك انا هسلم هشام للقيادات العليا، وهتفق مع اللواء نشأت انا وهو مش هنتجوز غير لما مجدي يتجوز.
انهال الجميع بالتصفيقات حتى مجدى من فرحته قبل رأسها.

-عليا النعمة أنت عسل؟!
أتى نشأت ثائرًا لفعل مجدي
-انت عملت أيه؟! دانت نهارك مش فايت!
صاح هشام بشماتة
-اللي بيجي عليا مش بيكسب!
حاول مجدي تصليح الموقف
-دي رد جميل على دماغها الكُمل دي؟!
وسوس هشام لنشأت
-أنا لو منك مسكتلوش، دا تطاول معاليك!
ضربته فجر بمزاح
-ما تهدأ شويه يا عم البوتجاز.
دار مجدي واقترب من نشأت وطوق عنقه من الجنب كأنه صديق له طالبًا تعاطفه
-يا نشأت بيه هو أنا كل دا مصعبتش عليك.

ثم قبل رأس نشأت أيضًا
-ابوس البركة دي خليه يجوزني قبل ما انحرف!
نشأت بمزاح
-دانت واخد الموضوع هواية بقا؟!
حسمت سعاد الموقف
-بصراحة كدا مفيش جواز لينا قبل مجدى ورهف.
نشأت بدهشة
-واحنا مالنا بالعيال دي؟
سعاد بدلال
-هو كدا، اتصرف بقا يا سيادة اللواء؟
وضعت في مأزق لا بد الخروج منه ثم قال بحسم
-النهاردة الحد، الخميس فرحك يا مجدي، والخميس اللي بعده فرحي.

هلل الجميع بأصوات الفرح والسعادة التي خيمت عليهم اصبح مجدي يتمايل ويتراقص بمرح ويحضن في كل من يقابله حتى نهره هشام
-لا طبعًا مش موافق.
نشأت بحزم
-هتكسر كلامي يا هشام!
-العفو يا فندم بس!
صاح مجدى من الخلف مكملًا
-بس دا قرار سيادي مفيهوش رجعه
كرر نشأت إصراره بنبرة أحد وبفظاظة
-ايوه هو قرار سيادي مفهيوش رجعة زي ما مجدي قال..
حالة من الضحك خيمت على الجميع، فسحب فجر هشام من بينهم وخرجت به للحديقه وقالت بعتب.

-بطل تقل دم بقا، عايزين نفرح!
-ياستي أنا موافق بس عمري ما هروح أقول!
أخذ مجدي يغني ويهتف بمرح
-ويوم الخميس أيوه أنا العريس.
نهره هشام من الخارج بتوعد
-على جثتي!
عاتبه فجر
-بطل رخامة بقا.
سحبها بعيدًا عن انظارهم بخفة وعاتبها بحب
-أنا رخم؟!
-جدًا، يا بتاع سلمى!
استند كفه على الحائط خلفها وطالعها بحب
-أنا بتاعك أنت وبس!
-مش حاسة؟
-طيب بحبك!
تدللت عليه
-سمعتها كتير.
عاندها بلطف
-لسه مخدتش غيرها فالمدرسة.
ثارت بوجهه.

-والله! وبعدين انت ازاي تسمح للزفته دي تقرب منك! واي حكاية الشد العضلي دا يا استاذ.
شم رائحة النكد، فتفادى الأمر
-دي هرمونات غيرة ولا حمل؟!
-الاتنين.
-يعني أنا لبست وهيتنكد عليا الليلة!
-دا بعد اذنك!
غير مجرى الحديث ثم قال
-طيب قبل ما تنكدي ينفع أقولك أن الحمل مخليكي زي القمر والغيرة مخلياكي قمرين!
خمدت نيرانها سريعًا
-دا بجد ولا عشان تبوظ الخناقة!
-بصراحة الاتنين، فكي بقا كنت هموت قدامك من كام دقيقة!
بلهفة.

-بعد الشر عليك، خلاص خليها بكرة نتخانق.
-بكرة!
ثم تركها مناديًا على مجدي
-يابن اسمع مني واخلع دانت هيتنكد عليك كل يوم..
لحقت به معاتبة
-قصدك إني نكدية يا هشام!
مال هشام على أذان عايدة
-هرمونات الحمل دي حلها أيه!
عمزت له عايدة
-دلعها.
دندن في نفسه
-دانت هتتربى من أول وجديد يا سيوفي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة