قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثالث للكاتبة نهال مصطفى الفصل الرابع والعشرون والأخير

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثالث للكاتبة نهال مصطفى الفصل الرابع والعشرون والأخير

رواية الحرب لأجلك سلام الجزء الثالث للكاتبة نهال مصطفى الفصل الرابع والعشرون والأخير

مساء النور أو صباحه، غير مهم، فالظلمة باتت مصيري الأبدي منذ فراقنا..
اليوم وبتاريخ الثلاثين من حزيران الذي يصادف لقاء ما بيننا قبل عام، وأنا أطوي نهاية قصتنا التي رافقتني لسبعة أعوام، وعشت تفاصيلها أنا وطيف وجودك الخافت.
دعني أشكوك علنًا.
أيها السادة.

هناك رجل عظيم ألقاه القدر بأيامي، ونفس ذات القدر سلبه وسلب قلبي معه، لم يبذل أدنى مجهود لأحبه ولكني أحببته، أثق أن أي إمرأة تلقاه ستغرم به، حتى عندما ألبس خاتم قلبه في يمين أخرى، لم يشغلني خوفي عليه هل ستحبه كما أحببته! هل كان حلمها كما كان منايا؟! هل ستطمئن قلبه في ليلة اجتاحه فيها الخوف وتدثر قلقه بحضن أم؟! هل سيحلق قلبها في أعلى السماء عندما تُزف إليه كما كان سيكون قلبي حينها؟! لا علينا من كل هذا؟! هو ساحر لديه القدرة الكافية أن يجعل أي انثى تهواه..

لم يكن بهين عليّ قولهم بإن ملامحنا تتشابه أو أنك تفوقني ف الجمال بقليل، كل من يرانا ادعى بأننا نليق ببعضنا، لم أكن موهومة بحبك اللامع بمقلتيك، أحدهم مرة لاحظت نظرتك لي وهامت بها، وجُنت وعاتبتني بقوة ماذا فعلتي بالرجل يا فتاة لينظر لكِ هكذا؟!
تبسمت وقلت لها ( أحببته )
ولكنها ثارت مرة أخرى كيف لكل هذا الحُب يطيح به الزمان فيصبح هباءًا منثورًا؟!
دعكم من بكاء قلبي الآن ونزيف ذاكرتي المتواصل ؛.

وأخبروني ما هو عقاب
من سلب أيامي وقلبي وعقلي وسعادتي التي رسمتها بحبر وجوده، ما هو عقاب القاتل الذي لن يكتفي بقتلي بل قام بقتل جميع رجال الأرض بعيني!
وأصبحت الآن مغتصبة القلب! وعذراء الجسد الذي لم يطبع عليه سوى قُبلات الغياب الزرقاء! وأرملة لرجل لم يعقد قلبه على ذمتي بعد!
تمنيت أن تضمنا صحف السعادة لقائمتها ولكن صحف الحزن طوتنا وبات الفراق لا مفر منه.
بحجم جحيم غيابك افتقدك
وبقدر قربك القليل أكرهك.

الجميع يراهن على عودتك إلا( أنا ) تحطم جسرك حتى ولو أتيت بأمهر الحرفيين لإعادته، لن أعود
ولكن هذا لا ينفي
حبك العظيم الساكن بي.

نهال مصطفى.

لا أعلَمُ لِماذا قد يحبِسُ ٱلنَّاس ٱلكلِمات ٱلجَميلَة في قُلوبِهِم، بينما لو نطقوها، لَأزهرَتْ بساتين ٱلوَرد في صُدورِهِم وصُدورِ أحِبَّتِهِم.
بعد مرور يومين على تلك الاحداث الصادمة التى حاول الجميع أن يتناساها، وبعد تلك الأيام الصعبة التى مرت فيها سفنهم وصلت أخيرًا لشاطئ السلام ومرسى الأمان وبر الحب..

ينقلب البيت رأسًا على عقب جميعهم في انتظار زياد وبسمة العائدين من أمريكا بمساعدة نانسي بعد ما خلصتهم من براثين الشر وجعلت نفسها عرضة للخطر، لم تتركهم إلا أمام المطار مودعة وحاملة أسفها وندمها في كفها التى تصافحه به وقالت جُملتها الأخيرة
-مكافأة الحب سلام حتى ولو لم تكن مرساي.

تقف فجر وسعاد وأم أحمد بالمطبخ لأعداد أذكي الأطعمة، وكرست رهف والخادمة الجديدة نفسهن لترتيب المنزل، أما عن عايدة فما زالت اهتماماتها غير، تجلس بغرفتها تختار ملابسها بعد ما انتهت من تصفيف شعرها ( بالكوافير ) ووضع طلاء الاطافر حتى توقفت أمام المرآة تقيس الملابس عليها وهتفت
-زياد بيحب اللون دا، هلبسه.

عاد هشام من شغله في منتصف اليوم ليكون في انتظار أخيه، بمجرد ما فتح الباب وجد رهف أمامه، نزع قبعته العسكرية وقال بإعجاب
-حلاوتك وأنت ست بيت شاطره!
صرخت رهف بوجهه
-اثبت عندك واقلع الشوز يا هشام.
خطى خطوة بتلقائية فاستقبلتها بصرخة أعلى
-الشوز يا هشام حرام عليك.
انتابته غيبوبة من الضحك و
-وبعد ما اقلعها امشي ازاي؟
صرخت بجنون والكثير من التوسل وهى تركض لتحضر له نعال بيتي.

-اثبت، ثابت مكانك كدا دقيقة واحده بس، متتحركش.
-أنت يا مجنونة، خدي هنا.
عادت رهف إليه ووضعت نعاله الجلدي أمامه
-مش ليك حجة بقا..
نفذ طلبها مجبرًا
-حكم القوي..
ثم سألها
-مجدي فين؟!
-راح يجيب زيزو من المطار.
سب في سره
-قولتله استنى هاجي معاك المُتخلف.
غضبت رهف
-جوزي مش متخلف!
ضحك هشام ساخرًا
-ماهو متخلف عشان اتجوزك أصلا.
-بقا كدا يا هشام؟
ثم ضمها لحضنه وقبل رأسها
-بهزر معاكي يا عبيطة، وهو كان يطول.
بصوت طفولي.

-أيوة كدا..
-فجر فين؟!
-جوجو بتعمل أكل!
أصدار إيماءة شريرة ثم قال
-طيب روحي قوليلها إني جيت ومستنيها فوق!
استغربت رهف لطلبه وعارضته
-بقولك بتعمل أكل، بلاش تعطلها!
ارتدى وجه الحزم
-أنت كمان بتجادليني!
تناولت رهف حذائه ووضعته في مكانه المعتاد وتمتمت
-علي أيه الطيب أحسن!
في المطبخ أعلنت فجر بارتياح
-كدا كل حاجة جاهزة، باقي السلطات طنط أم أحمد هتعملها.
ربتت سعاد على ظهرها بحنو.

-يا قلبي روحي ارتاحي أنت من ٦ الصبح واقفة.
جلست على أقرب مقعد بتأوه ممسكة بظهرها
-مكنش ينفع اسيبك لوحدك بس حقيقي ضهري مش حاسه بيه.
دخلت رهف آنذاك هاتفة
-فجر هشام عايزك، كلميه عشان شكله متعصب!
لبت طلبها على الفور ونهضت بسرعة بقلق
-يارب سلم، بعد اذنكم.
اقتحمت رهف المطبخ وأخذت تتذوق في الأطعمة المتنوعة أمامها وتبدي إعجابها بانبهار حتى أعلنت بتخابث.

-نشأت بيه هيفرح أوي لما يعرف أن الأكل دا كله سعاد هانم عاملاه بايديها.
سعاد بإعتراض
-ومين بقا هيقوله؟!
وضعت رهف صباع محشي الورق عنب في فمها وهتفت بثقة
-عيب تسألي السؤال دا وأنا موجودة!
وصلت فجر لغرفته والمكان الذي سطر بوادر حبه وتلون بوجودهم الأبدي وهي تفتح الباب بقلق قالت
-خير يا هشام!
فك أزرار سترته واقترب منها
-وبعدين فيكي؟
-في أيه بس؟!

بد التعب يقاسم تفاصيل وجهها ولكنها لم تستسلم له، لم يلحظ تعبها وأكمل بعتب
-أيه اللي منزلك تحت؟! مش الدكتورة قالت المفروض راحة تامة؟
تنهدت بتعب وهي تتكئ على وسادة فراشها وقالت
-غصب عني يا هشام، متعودتش أرتاح وغيري بيشقى!
أحس قلبه بوجعها فاندفع نحوها متلهفًا
-فيكي حاجة اطلب لك دكتور!
-لالا دقيقتين بس اتسند فيهم وهابقي زي الفل.
حرر شعرها المطوي والذي يعوق مسندها واكمل عتابه.

-فجر بطلي عناد ولو وجودك هنا بيتعبك يبقى نرجع بيتنا، أنا معنديش استعداد حاجة تحصل لك أنت والبيبي.
لحظة الحب التي أحستها منه تغفر ألف خطيئة ومائة معركة بينهم، وضعت كفه على بطنها وقالت بدلال
-أنا مبسوطة بوجودنا هنا، عالأقل بلقى حد أكلمه وانت فالشغل.
برضا أجابته
-أحنا كويسين يا حبيبي ما تقلقش، مش ناقصنا غير وجودك.
ثم غيرت نبرة صوتها لأكثر حدة
-تعالى هنا أنت ليك يومين مختفي، بتروح فين؟!

-الأهم من الإجابة المغزى من السؤال، شك ولا وحشتك؟!
أضفأ لهب استجوابها بابتسامه خفيفة، فأطرقت بحب
-هتفرق يعني؟
-طبعًا، شك يبقى هكسر دماغك دي لو فكرت مجرد تفكير بس!
-ليه مش راجل زي كل الرجالة اللي مالهمش أمان دول؟!
أصدر إيماءة خافتة وهو يحك رأسه
-هموت وأعرف مين مبوظ سمعتنا عندكم!
-يا حبيبي هي بايظة من زمان!
داعبها ممازحًا
-والله يا جوجو استبعديني أنا عن الإشاعات دي!
قاطعته قبل أن يُكمل
-وأيه اللي يضمن لي؟!

-إلا ولو لقيت واحدة زيك.
-والله يا هشام؟!
-زيادة الخير خيرين!
ذاعت معلنة بنبرة التهديد
-طيب أنا عايزاك تفكر بس مجرد تفكير عينك تروح كدا ولا كدا، هتشوف مني وش تاني خالص.
أنقذ نفسه في الحال وأخمد ثروتها المشتعلة
-أنا عيني مش شايفة غيرك أصلًا
رضا غرورها الانثوي ف تغنجت أمامه بجزل طفولي
-طيب ولو قولت لك وحشتني؟!
اتسعت ابتسامته بشغفٍ
-نشوف الموضوع دا حالًا!
منعته من الاقتراب ضاحكة وهي تقول.

-ما كنا حلوين وولاد ناس وبنفذ تعليمات الدكتورة!
-ما هي الدكتورة بتاعتك دي هتخليني ابن ستين ف سبعين.
قال جملته وهو يتحرر من سترته ليبدل ملابسه ولكنها اوقفته منادية
-خد تعالى هنا، هو إيه حوار الشد العضلي دا اللي أنا معرفوش؟

دخل في غيبوبة ضحك لأول مرة تسمعها من شدقه كمن تخلص من تراكمات الحياة كلها التى كتمت فرحته لزمن طويل وحان وقت الضحك، غمر قلبها بسيل من الاعجاب به وسقطت في حب ضحكاته أيضا ككل شيء غارقة بحبها فيه، تابعته بخفة
-بتضحك؟!
فتح خزانته واخرج بعض ملابسه وهو يقول
-المفروض تلقطيها يعني؟!
ثم مال على آذانها هامسًا
-فجر انا سمعتي اتهزت قدام العيلة كلها تحت، حاولي تصلحيها بقا؟!

خرت ضاحكة هى الاخرى إثر جملته الاخيرة وقالت
-والله انت مشكلة؟!
اقترب منها وقَبل رأسها وقال بحنو
-اتمنى قلبك يكون اطمن دلوقت حتى ولو كان في شوية شكوك، وكمان عايزك تنسى كل حاجة زي ما انا بعمل كدا، كل اللي فات دا مكنش غير عشان يجمعنا، أما اللي جاي دا بتاعنا أحنا وبس مش عايزين حاجة تعكنن علينا!
ارتمت في حضنه ممتنة له وهي تقول
-أنا بحبك أوي يا هشام.
ثم رفعت أنظارها إليه وقالت بعرفان.

-انت عوض ربنا ليا عن كل اللي خسرته.
اكتفي بأن يضم رأسها لصدره بعد ما ربت بحنان على كتفها، ابتعدت عنه مرغمة
-وريني هتلبس أيه!
لوح بالقميص أمامها
-الشيميز دا حلو عليا!
-انت بتحلي أي حاجة يا هشام، ولكن عندي اعتراض أد كدا!
-اتفضلي اعترضي يا ستي.
دفثت رأسها بداخل الخزانة وأخرجت ما تريد
-فاكر القميص دا، ارجع كدا بالذاكرة لورا، كنت لابسه في أول يوم جيت فيه هنا، أنا عشقت اللون الكحلي عليك من يومها.
غمز بطرف عينه.

-اللون الكحلي بردو؟!
-بصراحة يعني، كنت اعاكسك في سري، وأقول هو الجدع دا بيحلو كدا ليه ولا هو حلو ولا ايه حكايته يخربيته!
-دا اعتراف إنك واقعة من زمان؟!
-يوووه من قبل ما نتقابل، وانت عارف المعلومة دي.

للحب لغته الخاصة مثل معجزاته الفريدة التي تجمع شخصين بينهم مسافات طائلة، لا يعرفان بعضهم، ولا سبق وتمنى احدهم الاخر ولكن عندما تعثران في مطب الحب وجد كل منهما بالأخير ذاته، في حضرة الحُب تطوى المسافات وتلغى الأعراف ونبقى نحن..
ابتسم بشكر لربه
-فعلًا النصيب غلاب.
عانقته فجر بتنهيدة محارب بعد فوزه بالمعركة
-وأنا شوفت ف هواك الغُلب.

لقاءنا لم يكن صدفة بل هو فخ مدبر، دبرته قلوبنا التى تعطشت، فعندما تجولت باحثة عن الماء لسد حاجاتها لن تجد إلا عيونك، ومن هنا انقلب الحال لأحوال لنلتقى، ولم تهدأ إلا عندما امتلأ قلبي وجوفي منك.

مرت قرابة النصف ساعة حضر فيها نشأت ودلف هشام ليستقبله، وانتهت فجر من ارتداء فستان راقي باللون الازرق وفوقه حجابه يبرز جمال وجهها وملامحها، ثم دلفت لاعداد العصائر مع الخادمة..
ومن الجهة الأخرى تجلس سعاد وعايدة ونشأت وهشام في ساحة المنزل يتبادلون الحديث الذي استولى عليه نشأت وهشام الذي اختتم جملته ب.

-مهجة اتحكم عليها ب٧ سنين النهاردة، بعد محاولات كتير، والحمد لله رسيت على كدا، أنا وعدتها هقف جمبها لأخر لحظة.
نشأت باقتناع
-كل واحد فالدنيا بياخد نصيبه اللي يستحقه مفيش حد بيهرب من العدالة.
تدخلت عايدة
-هي حوارات الشغل دي مش هتخلص!
ضحك هشام ونشأت الذي اردف
-اعتبريها خلصت يا هانم.
-نتكلم في المهم، اقترحت على سعاد فكرة وحابين ناهد رأيكم فيها.
هشام باهتمام
-خير، فكرة أيه دي؟

-سعاد معاها ورثها سيباه في البلد ومش بتستفاد منه، اقترحت عليها تبقي شريكتي في البراند الجديد اللي ناوية افتحه، وهي اللي هتديره أصلا، أيه رايكم؟!
نشأت بحماس
-أنا معنديش أي مانع، فكرة عظيمة.
هشام مؤيدًا
-خطوة حلوة جدًا خاصة طنط سعاد محتاجة تشتغل الفترة دي وتغير جو البيت.
سعاد بتفكير
-يعني كلكم موافقين؟!
تدخلت فجر بخفة ظل
-وانا كمان موافقة، مش عارفة على أيه بس هشام موافق يبقى خلاص.

تعالت ضحكاتهم الهادئة حتى اتت رهف راكضة بحماس الاطفال
-زياد وصل.
ثم ركضت نحو الباب بلهفة وانطلقت كالسهم في اتجاه سيارة مجدي الاتية حتى صف في منتصف الطريق وهبط زياد من السيارة ليلتقط أخته بين يده
-لمضة هانم وحشتيني؟!
تعلقت رهف بحضن أخيها وهي تقبل وجنتيه بلهفة
-وحشتني أوي يا زيزو حمد الله على سلامتك يا حبيبي.
-الله يسلمك يا روفا..

-وحشتني اوي روفا دي منك، بص انت كلك على بعضك وحشتني، يكون في علمك سهرتنا للصبح النهاردة ها.
تدخل مجدي في حوارهم معارضًا
-طيب احترمي اللوح اللي واقف دا وكفاية احضان ومياعة!
حدجه زياد
-انت بتدخل بيني وبين اختي ليه يا جدع أنت
-ماهي بقيت مراتي كمان يا عم!
-ماهي اختي قبل ما تبقي مراتك، لا بقولك اي اتظبط أحسن الغي الجوازه دي!
انضم هشام لهم ممازحًا
-والله يا زيزو تبقى عملت اللي معرفتش اعمله.

ارتمى زياد في حضن أخيه بضمة قوية مليئة بالحب والحرارة، وعلى الناحية الأخرى تبادلت رهف وبسمة التي ترسم ضحكة زائفة على وجهها السلامات والقبلات.
حلقت بهم عايدة التي خطفت زياد من حضن أخيه وهي تضمه بحب واشتياق
-وحشتني أوي يا روح قلبي..
ثم احتدت نبرتها
-بقولك أيه مفيش سفر ولا غياب بعد النهاردة.
زياد ممازحًا
-علي قلبك يا دودو..
فارقت زياد ابنها وضمت بسمة الي صدرها بحب
-حمدلله على سلامتك يا حبيبتي.

لحقت بهم فجر وسعاد ونشأت وصافحتهم فجر بمنتهى الحب، وضمت بسمة بلهفة وهي تعبر لها عن مدى اشتياقها، وسعاد التي حضنت الاثنين وخرت دموعها من شوقها لبسمة وما أن ذاع مجدي
-ما كفاية احضان، انا جعان؟
أيده زياد
-والله وانا واقع من الجوع
هللت رهف
-طنط سعاد وجوجو عاملين وليمة.
زياد بحماس
-طيب أيه، عايزين ندوق ونقيم بقا؟
اجابه هشام بثقة
-هتنبهر، مش هنعرف نقومك من ع الاكل.

تفرق جمعهم وهم يعودون للمنزل وكل منهما يهمس للأخر، كان مجدي ورهف في المقدمة فداعبها
-وانت مشاركتش في الوليمة دي!
-انت عارف علاقتي بالمطبخ عاملة ازاي
مجدي بحسرة
-كان مكتوب لك فين دا بس يا ربي.
هشام وفجر بالمؤخرة حيث همست له
-حبيبي، حاسة بسمة فيها حاجة.
-متهيألك يا فجر، هي بس الظروف اللي عدوا بيها كانت صعبة مش أكتر.
-لالا انا احساسي مايكدبش، مش دي بسمة اللي اعرفها.
مال على أذانها وهمس.

-وياترى بتركزي معايا كدا زي ما بتركزي مع الناس!
تدللت عليه بمزاح وقالت بثقة
-كفاية أنت مركز معايا!
اتسعت ابتسامته بفظاظة وقال
-طالما ركزتي اني مركز مع الازرق اللي هينطق عليكي دا تبقى مركزة.

لكزته في استيحاء ثم تقدمت خطوة عنه وهي تصعد درجات السلم لتختفي من أمامه ومن أمام عيونه الصقرية التي ترسخها بالحب، أما عنه فانتابه احساس الونس، أن بات هناك من يهتم لأمر ويخصه وينتمى اليه، شخص منه واليه دائمًا والي ما لا نهاية.
( على المائدة )
ابدى الجميع انبهاره بالطعام وكانت الضحكات تنعقد فوق رؤوسهم كسحاب صيف في ظل الشمس الحارقة التي حاطت بهم لأعوام، جهر مجدي.

-جماعة أنا عايز أقول إني انحس عريس ممكن تقابلوه في حياتكم.
التفت الجميع لجملة مجدي، حيث اندفع زياد ممازحًا
-انت جاي ترمي نحسك علينا يابني!
رهف بقلق
-في ايه يا مجدي!
هشام بثقة وهو يرتشف المياة
-ادي اخرة إني مسامحش في حاجة، ماتفكك مننا يمكن النحس يتفك شويه!
عايدة باهتمام
-استنوا يا ولاد، مالك يا حبيبي.
تدخل نشأت بضحك
-البيه جاتله مأمورية ٦٠ يوم في العريش، والمفروض يسافر بالليل.

تعالي صوت الصخب والضحك والذهول من الجميع والشماتة المندلعة من أعين زياد ومجدي، حتى هتف رهف
-يعني كدا مفيش فرح!
مجدي بحسرة
-مفيش زفت!
لكز هشام أخته
-كلي كلي
ثم جهر
-روح يا حبيبي شوف شغلك وبراحتك خالص اختنا معانا وفي حضننا وانت براحتك خالص.
ثم جز على أسنانه متوعدًا
-المرة دي جات من عند ربنا انستناني المرة الجاية، هجددلك ٦٠ ف ٦٠ لحد ما تبقى شبه التور اللي فالساقية
أشار إليه مجدي بطرف السكينه.

-ولاه أنت شمتان فيا صح!
عنفه هشام بمزاح
-اي ولاه دي؟! عسكري عندك.
تدخل زياد ليشعل الأمور أكثر
-متسكتلوش يا هشام، او سيب لي أنا الطلعة دي
مجدي بغضب
-شايفة اخواتك بيلقحوني لبعض ازاي؟
تزمجرت رهف
-والله تستاهل اللي بيعملوه فيك، خلي شغلك ينفعك.
-والله هي بقيت كدا! طيب خلى اخواتك ينفعوكي انت كمان.

تدخل زياد في الحوار بينهم وحاول نشأت أن يهدأ بينهم حتى باتت كل محاولاته بالفشل، ومن تحت الطاولة أحس هشام بكفه فجر تضمه بقوة وما أن طالعها وجدها ركضت من أمامه، لحق بها سريعًا مما أثار فضول الجميع وفزعهم حتى صاحت سعاد
-متقلقوش دا من الحمل بس، من الصبح مكنتش مستحملة الريحة وبتجري على الحمام كدا زي ما انتو شايفين.
بفرح هتف زياد
-فجر حامل بجد؟!
عايدة بحب
-اه يا حبيبي عقبالك أنت وبسمة
تدخل مجدي بحنق.

-طبعا مفيش عقبالك يا مجدي أنت ورهف عشان دي مش أشكال باين لها عقبالك.
تلقت بسمة خنجر الخبر فسقطت السكينه من يدها وسرعان ما فرت من أمامهم معلنة الشبع واعتذرت وفارقتهم، فهم زياد مغزى حزنها فلحق بها على الفور، مما اثار فضول البقية، هتفت سعاد
-بسمة مش عاجباني من ساعة ما جات، انا هروح لها.
نشأت بهدوء
-جوزها معاها، استنى وهنفهم.
(في المرحاض ).

تقيئت فجر كل ما لمس معدتها بألم حتى اوشكت انفاسها على الانقطاع وهي تسعل بين يديه حتى استعادت هدوئها تدريجيا وهو يجفف العرق من مسام وجهها ويسألها بخوف
-اجيبلك دكتور؟!
هزت رأسها بالنفي وهي تنهد
-طنط سعاد قالت طبيعي عشان الحمل، حاسة إني تعبانة أوي يا هشام.
-طيب هجيبلك دكتور تعالى ارتاحي فوق.
رفضت اقتراحه
-انا كويسة، وحجزت عند دكتور كبير هنا، بكرة نروح له سوا.
حاول استيعاب الجملة ولكنه صلحها.

-خدي رهف طيب وروحي بكرة.
عارضته بحدة
-وليه مش أنت؟!
لك الكلام في حلقه
-مش عارف، بس حاسس الموضوع مش لطيف دكتور وكشف وانتظار وغير كدا مش متقبل الفكرة.
بحزم
-هتيجي معايا بكرة يا هشام ولازم تتعود على دا، متبصليش كدا
-تمام تمام، اهدي كدا وبكرة نشوف.
-اسمها هنروح.
زفر مرغمًا
-ماشي هنروح.
(في أعلى ).

دلف زياد الغرفة عند بسمة وجدها في حالة بكاء شديدة، نفس الجسر الشائك يسير عليه الثنائي ولكن أحدهم خرت قواه وانهار وعلى الأخر أن يكون عكازًا يتوكأ عليه، جلس بجوارها بهدوء منتظرًا ان تتفرغ من حزنها حتى طالعته معتذرة
-أنا اسفة يا زياد!
-اسفة ليه؟! وعلى أيه!
اجهشت بالبكاء وقالت
-ربنا حطنا في اختبار صعب أوي أنا مش أده، انا مش هقدر اكمل كدا.
ربت بحنان على ظهرها وقال بخفوت.

-لا أده والا مكنش ربنا هيختبرنا كدا، ولعل ليها حكمة لسه مش عارفين.
ثم رفع لامس ذقنها ورفع وجهها الشاحب وأكمل
-الموضوع محتاج شوية صبر، وبعدين أنا لسه عند وعدي ومن بكرة هننزل نشوف اجراءات الكفالة.
ثم قبل رأسها بحب
-اضحكي بقا، ويلا ننزل نبارك لهشام.
( بعد مرور ثلاثة شهور )
انتهت مأموريات مجدي أخيرًا وحصل على سبعة أيام أجازة، عاد ليتزوج فيهما، ولكن خلال تلك الفترة..

توطأت العلاقة بين فجر وهشام أكثر رغم انها لا تخلو من الخلافات والمناقشات الحادة التي كان دومًا ما يمتصها هشام بحب ويجاري الموقف، ولم تخلو أيضا الايام من مشاجرات عايدة ونصائحها الاشبه بالأوامر لفجر، وشرعت الاخيرة في السير لاجراءات فتح ( البراند ) الخاص بها هي وسعاد..

وسعاد التي عُقد قرانها على اللواء نشأت من حوالي شهر ودخلت قفص حبهم الناضج وباتت السعادة تعقدهم في زمامها من جديد لتفوح رائحة العشق من نوافذهم.

استعدت رهف لحفل زفافها وغيرت أثاث شقتها بأفخم أنواع الاثاث، أما عن زياد وبسمة انتهى الاثنين من إجراءات كفالة طفلة صغيرة من أحد الملاجئ بعد جدالات طويلة مع العائلة نفذ زياد وعده لبسمة وأتت ( ملاك ) الطفلة التي لم يتجاوز عمرها ستة أشهر لتنير عتمة أيامهم وتحظى بحنين أم وأب انعقدت سعادة قلوبهم بعيونها..
(مساءًا ).

وبالتحديد ليلة زفاف رهف ومجدي، ارتدت فجر فستانها الأحمر من أفخم الماركات وارتدى هشام بدلته السوداء الذي تزداده وسامة وهيبة، ارتدت صندلها ذو الكعب العالٍ الذي جعلها تنقصه في الطول قليلًا، واقتربت منه بخطوة ثابت متمرسة على السير به بعد محاولات عديدة وشدت رابطة العنق منه بخفة وشرعت في عقدها قائلة
-تسمح لي!
سلم رقبته لها كما سلم قلبه وقال
-وأنا أطول!

أخذت تعقد في ( الكرافت ) بحرافية كما علمها من قبل ولكن كانت عيونهم تحتضن، فقد حفظت الخطوات لربطها فلم تهتم بالأمر وكرست اهتمامها لحل تلك الشفره الكائنة بعينه التي ما زالت تجذبها بنفس الرعشة والفضول والحب، أما عنه أحس انها لم تعقد الكرافت حول عنقه بل طوقت قلبه بحب لا يعلم من أي جهة تسرب، تأمل ملامحها التي تبرزها مساحيق الجمال الخفيفة وهمس
-بس أيه الحلاوة دي!
-أنت لسه واخد بالك؟

-لا هو الموضوع من زمان أوي، بس زيادة حبة النهاردة.
أطرقت بخجل ثم قالت
-وأنت كمان طالع قمر أوي، يارب ابننا يطلع شبهك كدا ويجنن البنات كلهم ومش هسمح لواحده تقرب منه!
ضحك بصوت عالٍ
-هنبدأ شغل الحموات من دلوقت!
نفضت ما على كتفه برفق وقالت بدلال
-اه هو كدا، وانت كمان لو واحده فكرت تبص لك كدا ولا كدا في الفرح، ناديني بس!
تعمد التحرش بغيرتها
-هما كدا كدا لازم يبصوا يا جوجو، أنا سحري طاغي!
أسبلت عيونها بتوعد.

-اتظبط يا هشام!
-أكتر من كدا البنات هتتهبل علياا برا؟!
غلت الغيرة في عروقها فثارت كالمجنونة محاولة فك رابطة عنقه
-والله! طيب مفيش فرح ويا أنا يا أنت النهاردة يا هشام!
أوقفها بصعوبة عن جنونها وهو يقول
-بس أنا في قلبي مفيش غيرك.
انطفأت نيرانها فجاة ولكنه حاولت ألا تنهزم أمامه
-بردو ما أنت مش هتضحك عليا.

لفها كالفراشة أمامه ثم ضمها إليه من الخلف فانعكست صورتهم بالمرآة، رسى كفه على بطنها المنتفخة كالبلون بحب وقال
-هتعقلي أمتى؟!
-لما تبطل تنرفزني كدا.
-بصراحة مش هبطل.
لكزته بكوعها بغيظٍ
-وانا مش هعقل، انسى.
نصب قامته وفرد ضلوعه ولف يده اليسرى حول خصرها، واخرج بالاخرى هاتفه ليلتقط لهما صورة بالمراة قائلًا
-صورة الشهر الخامس، يلا اضحكي.
طالع صورتهم فالمرآة فلحظ عدم وجود فارق طول بينهم فمزاحها قائلا.

-انت طولتي كدا امتى؟!
-ابتسمت حتى لقطت عدسته الصورة وقالت مترنحة
-شوفت بقيت طولك ازاي!
طالعها بإعجاب ثم قال بمكر
-هو مجهود يحترم وكل حاجة، بس أنا شاغلني حاجة تانية خالص بصراحة!
أخذت كلامه بجدية
-اوعى تقول لي خايف اقع والحمل وكل دا، انا ليا اسبوع بتدرب عليه.
عقد حاجبه بتفهم
-دي حاجة، في حاجة كمان شغلاني!
-ما تقول يا هشام!
شق ثغره بنص ابتسامة والخبث يتقاذف من عيونه رأتها أمامها بالمرآة.

-كنت عايز اجرب طعم التقاء السحاب، بدل منا جالي الغضروف عشان انزلك.
حاولت استيعاب ألغازه التى يرميها ولكنه ترجمه بقبله خفيفة بجانب ثغرها، دومًا ما تعمد أن يخفى حبه بين تلك التفاصيل الصغيرة التي يختلسها في كل مرة ليظفر بها، راق لها فعله خاصة كان قُربه بنكهة الحب واللطف، اتسعت ابتسامتها وهى تغمز له وتبعد عنها بخفة الفراشة وهى تعيد تلوين شفاهها
-طيب امسح بؤك عشان مش كل مرة تفضحنا كدا!

طالع وجهه وذقنه المحمرة وهو يلعن ذلك الحظ وينادي عليها
-تعالي شوفي بتمسحيه ازاي دا يا هانم.
تفاقمت ضحكاتها وهي تسحب منديلا مبللًا وتقترب منه ساخرة
-فاكر عايدة!
انفجر هو الأخر في الضحك وقال
-دي كانت حتة كبسة، وهي كل شوية تسألنى انت دخلت المطبخ عملت ايه؟
أكملت فجر بضحك كثيرًا ساخرة
-وانت بمنتهى الثقة، شربت ميه يا دودو.
-الله يجازي اللي كان السبب بقا.
انتهت من ازالة اللون من وجهه وقالت معاتبة.

-عشان تتعلم الأدب بعد كدا.
قالت جملتها ثم مالت وسحبت حقيبتها الفارهة، مد كفه بشياكة وادخلها بمعصمه وسار ناحية الباب وقال
-على أد منا مبسوط النهاردة إنه ولد، بس حقيقي كان نفسي في بنوتة شبهك.
اضفأت نور الغرفة وخرجا منها وهي تقول بغيرة
-بنوتة عشان تحبها وتدلعها أكتر مني!
-كمان دي هتغيري منها!
-أي حاجة تشاركني فيك طبعًا هغير منها، ولعلمك بقا انا فرحت أوي لما الدكتور قالنا انه ولد.
مال على اذنها بهمس.

-تعرفي أنا حبيت الدكتور بتاعك دا أوي، بدل من الدكتورة الأونطة الله يسامحها.
اندلع الضحك من جوفها وهم ينزلان فوق السلم
-دا ليه بقا؟!
-عشان ابن ناس كده ومتربي، راجل محترم بيقدر الراجل اللي زيه.
فهمت ما اراد أن يقوله متذكرة ذلك اليوم التي ارغمته فيه بالذهاب معه وامتعاضه وغضبه ذلك اليوم الذي ختمها الطبيب مطمئنًا بأن الوضع على ما يرام، ابتسمت لما تذكرته وقالت
-والله أنت بقيت مشكلة.
ثم اكملت.

-بسمة وزياد لسه منزلوش، هنسبقهم ولا نستناهم؟!
-تعالى ننتظرهم هنا.

خليط من المشاعر المتأججة خيمت على حياة الثنائي منذ حضور طفلتهم الصغير، بات بسمة منشغلة بتعاليم دروس التعامل مع الطفل وتمارس نوع فريد من الحنان الأموي الذي طوق قلبها مذ أول لقاء بينهم، لم تنكر انجذابها لتلك الملاك الذي تعثرت به صدفة، بترتيب إلهي، كإن كل من الأخر جاء عونا له، احتضنتها بسمة من واقع مخيف لعالم يغمره الأمن، وطبعت الصغيرة على روحها عطر العطف واحاسيس الحب والمسئوليه..

لم تنته بسمة بعد من ارتداء ملابسها، فكان صراخ ملاك يملأ الغرفة، جلست بجوارها لتهدأ من بكاءها ففشلت حتى انفجرت بسمة باكية بجوارها، خرج زياد من المرحاض ولم يكمل لبسه مذعورًا عليها
-مالها بتعيط ليه! وانت كمان بتعيطي!
-تعالي شوفها يا زياد خايفة يكون في حاجة بتوجعها.
مال زياد وحملها بحب وأخذ يُلاطفها ويصدر اصوات غريبة لتصمت وكعادتها هدأت تدريجيًا بين ذراعيه، اخيرًا اطمئن قلب بسمة ونهضت لتقترب منهم.

-أنت بتعملها أيه بتسكتها!
بغرور أجابها
-دا زيزو يا بنتي، مفيش بنت في مصر كانت بتاخد معايا اكتر من ٣ دقايق، عيلة زي دي مش هعرف اثبتها!
احتدت نظرتها المتوعدة
-شكلك كدا مش عايز تعدي ليلتك ع خير.
ضحك منه ملء السمع اختتمه بقبلة على جبهتها
-ايام الشقاوة بقا، خلاص بقينا مستقيم، بس اهو بغيب اغيب واسترجع أصول المهنة مع القمر دي.
تتثاوب الصغير فوق يده، فجهرت بسمة فارهة
-شوف شكلها قمر ازاي، ياروحي أنا..

ثم رفعت انظارها لزياد وسألته
-حبيتها!
رفع رأس الطفلة لمستوى ثغره وقبله بحب ثم رد
-بصراحة الأول كنت مخضوض، خايف، أحساس أول يوم جات فيه كان موترني، خايف مكنش اد المسئولية، أهملها غصب عني ويبقى ذنب جديد قدام ربنا، بس أول ما بدأت اقرب منها واشوف ضحكها معايا، خطفت قلبي بت الأيه وبقيت عايز كدا اكلها اكل..
صمت قليلًا يتأمل ملامحها التى تغفو ثم أكمل بهمس.

-أقولك على سر، زمان كنت بخلص شغلي بسرعة عشان ألحق اقعد معاكي، حاليا احساس غريب كدا بيخطفني من جوه أيه حاجة مهمة وعايز يجيبني ليها، وجودها منور حياتي وقلبي با بسمة، انا حاسس أن البنت دي هي مفتاح جنتي..
قبلت بسمة وجنته بحب غمر قلبها وروحها وقالت متمنية
-ان شاء الله يا حبيبي ربنا يقدرنا ونخليها اسعد واحده في الدنيا.
رد لها قبلتها بقبلة أشد حبًا وهمس بحذر
-طيب يلا الحقي البسي قبل ما تصحى!

اومأت بسمة بسعادة وركضت لتنتهي من لبسها بسرعة قبل أن تصحو ملاك غفرانه وملاك رحمتها..
( في القاعة بأحد الفنادق الفاخرة).

وصل فجر وهشام برفقة زياد وبسمة قبل جميع المعازيم، وما هي إلا نصف ساعة وكانت القاعة مكتظة بالمعازيم والأهل والأصحاب، تركت بسمة ابنتها للمربية التي تحملها وقت شغلها وانشغلت في استقبال الضيوف والترحيب بهم، وعلى الجهة الأخرى يقف هشام مع مساعد أحد الوزراء الذي كان رفيقًا لابيه وبعد التسليم عليهم بحرارة هو وعائلته الكريمة، قدم لهم فجر قائلًا
-معالى السفيرة المستقبلية، فجر مراتي.

صافحتهم فجر بترحيب، تحت اصوات تبادل الحديث بينهم، وقال الرجل متغزلًا
-ماشاء الله يا هشام ربنا يحفظكم لبعض.
وردت زوجته
-مراتك شكلها طيبة وبنت ناس.
هشام بامتنان
-كلك ذوق معاليكِ، بعد اذنك.
سحبته فجر لتعاتبه خارج القاعة وبعيدًا عن الصخب
-ايه يا هشام معالي السفيرة اللي انت ماشي تقولها للناس دي!
هشام بثقة
-مراتي وبتفشخر بيها، أنت مضايقة ليه!
-مش مضايقة يا هشام، بس لما حاجة تتم ابقي اتفشخر يا حبيبي براحتك.

همس في اذنها
-طول ما انا جمبك مش هخلى حلم في حياتك محققهوش..
ثم غمز بطرف عينه
-وبعدين ماله سيادة السفيرة والله أنت فخمتي الاسم أصلا.
-بكاش أوي!
انضم لهم زياد آنذاك وقال بحماس
-هشام، الفرح كله بنات حلوة وكلهم بيلاحقوني وانا خايف أضعف، خليني جمبك.
انفجر هشام وفجر في الضحك فأتت بسمة من الخلف
-ضحكوني معاكم.
سرح هشام بتلقائية
-تعالى شوفي جوزك يا دكتورة.
لكزه زياد بعنف.

-اطلع جدع ولو لمرة واحدة في حياتك انا في عرضك.
مالت على فجر باستغاثة
-جوجو احنا صحاب وملناش غير بعض، ولاد السيوفي دول بيقولوا أيه.
نطق هشام بمزاح
-بيقول أن الفرح في بنات حلوة أوي وو
كتم زياد صوته وأكمل بتوتر
-بس بسمة برقبتهم.
بسمة بشك
-هشام هو صح قال كدا!
ترجته فجر بعيونه ألا يزيد الأمر سوءًا فهتف هشام
-بيحبك أوي الولا دا.
تنهد زياد اخيرًا بارتياح
-شوفتي، ظلماني دايما.
شدتها فجر من كفها وقالت.

-تعالى نطلع الأوضة لرهف.
بسمة بتأيد
-اه خالتو قالت الميك أب ساح في السيشن، تعالى نشوفهم.
وعلى المقابل شد زياد أخيه
-تعالى نظبط ابن عمك فوق.
هشام بافتقاد
-تصدق ياخي مش مستوعب حوار فرحه دا، وبدور عليه وسط المعازيم عشان انكشه ومش لاقيه.
زياد بحماس
-الليلة ليلته بقا، يا مجدي يا ابن المحظوظة..
طالعه هشام باستنكار وبنظرات غامضة وتركه ورحل، فلحق به زياد هاتفًا خلفه.

-اسمع مني بس، فرحة البدايات دي غير، اخوك عجز خلاص، ياهشام ما توقف يا عم..

في أحد الغرف بالفندق
وصلن فجر وبسمة لغرفة التجميل الخاصة برهف، فكانت الفتاة انتهت من شغلها وفي تلك اللحظة ثارت رهف كالمجنونة نحو الفتيات وحضنتهم بقوة
-انا فرحانة اوي اوي اوي، اخيرًا جيتوا.
طوقها الاثنين بحب وهما يتغزلان بجمالها، حتى هتفت فجر معتذرة
-اخوكي هشام خلاني اسلم على المعازيم كلهم تحت، مكنتش عارفة ابقى معاك.
ابتعدت عنها بسمة وهي تصرخ بحماس
-شكلك حلو اووي.

دارت رهف امامهم كالفراشة وبحركات طفولية
-بجد بجد، يعني طالعة قمر كدا.
اقتحم صوت عايدة صاحبة الفستان الانيق من الخلف وقالت
-طبعا قمر، اصلا خسارة ف ابن منير.
غمزت لها بسمة بتخابث وقالت
-يادودو! حرام عليك، هي بنتنا قمر وكل حاجة وكتيرة على أي حد، بس مجدي كمان يستاهل، ماتقولي حاجة يا فجر.
فجر بمكر ألجم عايدة
-هي قالت ابن منير ها، واخدين بالكم! يعني لا غُبار على مجدي من الأساس.
( بالغرفة المقابلة للشباب ).

اقتحم زياد بصخبه وصوت صفيره وغناه ورقصاته الغريبة وهو يجهر
-يا عريس يا جامد.
احتضن الثنائي بعضهما بحب شديد
-حبيبي يا زيزو.
ثم فارقه وحضن هشام بنفس الشدة وقال
-عم الناس، وباشا الداخلية.
افترق ابناء العمومة عن بعضهم واشار مجدي لاصدقائه ان يغادرون وغيرهم ثم عاد الي ابناء عمه وسألهم
-ها ايه رأيكم، الفورمة ظابطة البدلة المهم..
تدخل زياد بتخابث ولكزه
-المهم الاداء يكون مظبوط غير كدا شكليات.
تمسك به مجدي برجاء.

-أوعي البص بتاعنا وصل، تعالي لي بقا.
ثم همس بصوت خفيض ولكنه مسموع
-اي نصيحة لابن عمك حبيبك بما إنك خبرة.
اتكئ زياد على كتفه بفظاظة وقال بغرور
-علموكم في الشرطة لحد فين!
عقد هشام ذراعية مغلولًا منتظرًا نهاية سخافتهم، طل مجدي يفكر قليلًا حتى حسم رده
-متعلمناش حاجة، هما علمونا حاجة جوة يا هشام!
لم يمنح زياد الفرصة لهشام المكتظ بداخله ان يجيب وقال بثقة.

-انت تركز معايا كدا من الاول خالص، ونفذ اللي هقول لك عليه..
ثم اصدر صوتًا نافيًا من شدقه وقال متحسرًا
-للاسف مفيش وقت للتفسير، انت جاي متأخر والحوار طويل.
مجدي بأسف مصطنع
-طيب انقذ ما يمكن انقاذه.
أخذ زياد أن يبحث عن شيء ما في جيوبه وهو يقول
-محلولة، بس هي الحباية الزرقة اللي هتجيب معاك من الأخر وهتقول كل اللي نفسي اقولولك.
عضم هشام على شفته السفلية حيث فاض به الصبر وجهر غاضبًا.

-تصدقوا انا لو معايا سلاح كنت فجرته فيكم انتوا الاتنين، اتظبط يالا منك له!
ضرب الاثنان التحية العسكرية حتى مال زياد ع أذان مجدي معاتبا
-مش تقول لي انه لسه معانا!
لم يستطع مجدي أن يجيبه حيث اندفع هشام متوعدًا
-ولاه، انت تنام في اوضة واختي في اوضة، انا زاراع كاميرات مراقبة في الشقة، اي تلامس هقتحم!
مجدي بتحدٍ وهو يختبئ خلف زياد ليحتمي به
-شالله تزرع قنابل، ولا يهمني.

رفع زياد مستسلمًا امام ثورة هشام العارمة
-خلاص يا سيوفي، عيل وغلط مش هيكررها.
حدجه هشام بلوم ساخر
-بس با ابو حباية زرقة أنت..
ثم اخفض نبرة صوته وقال
-دي اختك، هي واحدة جايبها من الزايب بتاعتك.
زياد متحسرًا
-يااه فكرتني بالزرايب، كانت ايام، بس والله توبت..
دق الباب وقتها ففتحه هشام بخطوته الثابته، وجد فجر أمامه تخبره
-يلا يا حبيبي عشان تمسك رهف وتسلمها لعريسها.

رمق زياد ومجدي لنظرات ساخطة ثم عاد النظر لفجر مجبورًا
-هو لازم!
فجر بدهشة
-انت بتقول ايه يا هشام!
كان الأمر عليه صعبًا للغاية، لن يستوعب صغيرته المدلله كبرت وأصحبت عروس ملكًا لرجل غيره وهو من يسلمها إليه، كان الشعور أشبه بانتزاع الروح من جسده، فقال
-بقول نأجل الفرح حبه ياخدوا على بعضهم!
احتدت نبرة فجر
-هشام؟! بطل بقا؟!
-ياستي عندي شد عضلي مش هقدر امسك رهف!
فجر بتلقائية اشبه بالمزاح.

-الحجج دي تقولها لميان، انجز يا هشام.
هتف زياد من الخلف
-اه همسكها عادي!
عض على شفتيه بغل
-انت ياحيوان تخرس خالص.
سحبته فجر مرغمًا لغرفة رهف التي اغرورقت عيونه بالدموع عند رؤيتها أشبه بأميرات ديزني طوقته وانهالت عليه بقبلات اول حب في حياتها حتى ختمتها بقبلة على يده وقالت بدموع غزيرة
-أنت اغلى عندي من روحي يا هشام، انت ابويا واخويا وسندي، ربنا ما يحرمني منك أبدًا.
قبل رأسها طويلًا.

-وانت أحلى عروسة شافتها عيني، ربنا يحرسك.
تدخلت فجر بخفة
-انا جيباه وهو هيلغي الفرح، كلمة كمان وهينفذها.
رهف بثرثرة مليئة بالحب
-على فكرة انا مش هسيبكم خالص، كل يوم هتلاقوني عندكم وهبات كتير كتير وهكلمك كل ساعة بس متقفلش في وشي السكة زي ما انت متعود، ومش هبطل اجيبلك اخبار من وش القفص زي ما كنت بتقول عليا.

عايدة تلك المرأة التي لا يغلبها أي نوع حب سواء عاطفي أو اموي، تعرف كيف تفرح وقت الفرح، وللحزن اوقاته الخاصة، جاءت من الخلف
-في فرح تحت ومعازيم، بطلوا دراما بقا.
بسمة مؤيدة
-والله هو دا عين العقل.

بدأت مراسيم الزفاف الرائعة والمختلفة والفرح الذي خيم على المكان، والجو المرح الذي أضافه زياد واصحابه على الفرح وكلاهما يتراقصان على أصوات الغناء والمرح.
كان شعور السعادة قد بلغ ذروته في قلب رهف، تلك الصغيرة التي ما زالت تنعم بحب المراهقة وشراسة الجنون، اخيرًا طوق قلبها بطرحة الفرح لتزُف لحبيبها الذي لم يحب غيرها من قبل، حيث رأي العالم برمته في طفولتها التي لامست أعماق روحه..

بعيدًا عن الصخب طلب منير أن يتحدث جنبًا مع عايدة، فلبت طلبه موافقة، وقف الاثنان بعيدًا عن الانظار حتى ابتدى منير حديثه
-وحشتيني يا عايدة.
لم تنكر هزة قلبها التي وقعت عند سماعها، ولكنها حافظت على ملامحها الثابته، وقالت
-بعد الشهور دي كلها لسه فاكر!
أطرق منير بخجل
-اسف، حقيقي اسف، سامحيني ونبدأ صفحة جديدة!
-اسف على انك اتخليت عني ومشيت عشان غلطة! اسف انك رفضتني في مكتبك! اسف على اهانتك ليا؟!

خيم الندم على رأسه وقال بأسف
-انا غلطان، وكل دا انت عندك حق فيه، بس خلاص مبقاش له لازمة البعد اكتر من كدا، وندي نفسنا فرصة تانية ونرجع
بشموخ الانثى المتمردة بها قالت
-مش عايدة اللي تدي حد نفس الفرصة مرتين، احنا جوازنا من الاول كان غلط، وادينا صلحنا الغلط.
-عايدة بطلي عناد!
-اسفة يا سيادة المحافظ، اللي يرفضني مرة مقبلوش عمري كله، بعد اذنك!
-أنا عمري ما رفضتك يا عايدة، بس حقيقي كنت زعلان منك؟!

-والله؟! وايه اللي جد خلاك تنسى زعلك!
اجتاحتها ملامحه فجأة وهو يفصح عن مشاعره التي اخفاها لأعوام وقال
-بحبك.
أشاحت عيونها بعيدًا عنه كي لا ترى نظراته الحادة وهو يتحدث فتصاب بأسهم الضعف، أكمل منير
-عمري ما عرف أحب ولا أكون مع ست غيرك، حتى بعد وفاة رجاء، فضلت ٢٠ سنة متونس بيكِ وبذكرياتنا زمان عيني ماعرفتش تشوف ست بعدك، كنت مكتفي والله، طالما الحب بينا موجود ملهوش لازم كل العذاب دا يا عايدة.

اشاحت بوجهها في استهانة عكس دواخلها وألقت جملتها الاخيرة بغرور قبل أن ترحل
-متأخرة أوي يا منير، بعد أذنك.
يظل الحب طول عمره ربيع القلب وأجنحته التى تحلق به بعيدًا ولم يظهر وجعه إلا عند الفراق، عند وضع النهاية التي يرفضها قلبك، النهاية التي تسطر نهايتك ونهاية كل شيء بداخلك معها..
من أصدق ما قيل في الحب
(وما الحب إلا للحبيب الأول ).

اشتغلت أغنية رومانسية بصوت وائل جسار ( نخبي ليه ) شرع العرسان يتراقصان عليها وبدأت حدوتة كل منهما على الجانب الأخر..
لم يقاوم اللواء نشأت مشاعره فسحب سعاد خلفه وشرع في رقصة ( سلو ) بوقار بجوار رهف ومجدي وهمس لها متخذًا بنصيحة وائل ( نخبي ليه في أسرارنا، وانا وانت مفيش غيرنا!)
-اقولك على سر؟
عانقته سعاد بخجل أمام الناس وقالت
-سر أيه؟!
-أنت الست الوحيدة اللي عرفت معاها أيه طعم الحب، والسلام النفسي؟!

فوجئت بسمة حينها بزياد يطوق خصرها بسحره المعتاد ليجذبها على ساحة الرقص وشرع الثنائي في التمايل على كلمات الأغنية بإحساس عالٍ ( ومهما تغيب بعيش وياك واشوفك وردة في الشباك بتستناك ياأحلا ملاك )، ضمها إليه بشدة كأنه اراد أن يعلن حبها أمام جميع المعجبات الاتي لم يلتفت لهن، وقال
-تعرفي إني بحبك حبين، حب اعتذار عن كل اللي فات، وحب عشان أنت متستاهليش غير الحب أساسًا .

شعر بأنين عشقها في حضنه رغم صخب الموسيقي إلا أن حرارة مشاعرها طغت، وقالت
-وأنا هفضل أحبك عمري كله.

بعيدًا يقف منير يدخن حرارة مشاعره بشراسة وهو يظن أنه خسر حبه الوحيد للأبد على لحن الأغنية ووائل يغزد قائلًا (قالولى الحب له علامات فى نبض القلب والهمسات، وروح تنادى عليك ورعشة ايدى فى السلامات ) إذا بأصابع تتغلغل في أصابعه من الخلف فملأت فراغات قلبه قبل عينه ولحقها صوتها الدافء من الخلف المفعم بالعشق وقالت بهدوء
-وأنا عمري ما عرفت أكون مع راجل غيرك.

وعلى جانبهم مجدي الذي أحس اخيرًا بلحظة الانتصار والحب معًا، فكانت نظراتهم تشع بأحساس وقُبل دون أن يتلامسا، وما أن افرط مجدي في مشاعره بقبلة طويلة أمام الجميع اشعلت بركان برأس هشام الذي تأهب أن يقسم رأسه ولكنه لحقته فجر سريعًا واخذته بعيدا عن أنظار الجميع وقالت بحب
-أنا مقدرة مشاعرك على رهف، بس دي سنة الحياة هتسيبها جمبك كدا يعني!
-قلبي مش مطاوعني يا فجر، حاسس إني عايز اسيب الفرح وامشي.
-للدرجة دي؟!

-بحاول اعمل كنترول والله، مش قادر!
-طيب أحنا ممكن نحل المشكلة دي؟
-ازاي؟!
-إنك تركز معايا وبس وكأن مفيش في الفرح غيري؟!
قالت جملتها وهى تحضن كفه وتضع اليد الأخرى على كتفه، بتلقائية لبى طلبها وقربها منه ولم يفصل بينهم أي شيء سوى انتفاخ بلونة حبهم بأحشائها..

التقت عيونهم الفائضة بحب لم يعشه أحد من قبل على كلمات الأغنية ( فى عز سكوتنا نتكلم عيوننا بتحكى )، بمجرد ما ملأ قلبه منه تناسى العالم برُمته خلفه، تمايل معها على ألحن الحب بحديث صامت لم يفهمه غيرهم، كانت بداية الحديث السريعة منذ تلك العيون التى رأى بريقها منعكسًا بالمرأة كقرص الشمس المختبئ يومها كأنها سلبته فسلبت قلبه معها، من لحظتها أعلن هو والشمس انهزامهم الأبدي، اباحت عيونه معلنة.

-أنت المحيط الذي أوردتهُ سُفني والبلاد التي أسميتها وطني.
الموسيقى تأتي في المرتبة الثانية بعد الصمت، عندما يتعلق الأمر بما لا نستطيع وصفه، كانت يداه تضغط على خصرها بنفس القوة التي يضغط بها على كفها كأنه يريد أن يتأكد من كونها حقيقة ثابتة، لم تكن حلمًا سينهض منه على كابوس الواقع..
بنفس حرارة صوت جسار وهو يعلن حبه كان صدره بركانٍ ثائر بتفاصيلها المأسور بداخلهم.

( اقولك اااه ومن غير صوت تحبنى موت وأحبك موت واحساسنا يونسنا و ااقوى من الحياة والموت)
تحول وضع رقصتهم لعناق متين لا رياح تستطيع أن تفصله، انتهت الأغنية ولم ينته قربهم بعد حتى خرت باكية على كتفه وهى تردد أخر كلمات تحرشت بمشاعرها
-أقوى من الحياة والموت والله.
ابتعدت عنه تدريجيًا فلحظ دموعها وأخد يكفكفهم بيده، فأجهشت باكية.

-تعرف لو حد كان جيه وحكالي عن كل اللي فات وأن اخرهم حضنك دا، كنت هقول عليه مجنون!
كانت يداه تغطي نصف وجهها بحب اجابها
-وانا لو حد جيه وحكالي عن كل اللي فات كنت هجري معاه زي المجنون عشان يوديني للحظة واحده من اللي عشتهم معاكِ.
-مع أنك كنت العدو اللدود للحب.
تطلع لأعلى ليرى ضوء القمر الذي يغمرهم فلفهم تحت ضيائه متخذة من صدره مسندًا وقال
-منا والحب مضينا معاهدة سلام بيك.
تنهد بارتياح
-بعد حروب كتيرة أوي.

التف ذراعيه حلو بطنها المنتفخة وقال بيقين
-ومليون حرب لأجل عيونك سلام.
كل حمامة سلام ترفرف في مكانٍ يقابلها رصاصات الشر في مكانٍ أخر، على ميناء أحد السفن العملاقة لامست أقدام ذلك المجهول الذى عاون فجر في عودة رهف، وكان ينوي أن يعقد صفقة الشر مع هشام مقابل أن ينجو بوصمة العار التى تثبت هويته بالأمن الوطني، استقر في سفينته بهوية زائفة يتأمل العلم المصري الذي يرفرف فوقهم برصاصات الغدر ويقول بغل.

-مهما حاولتو تقضوا على الشر مستحيل هتقلعوه من جذوره، لينا عودة، ولقاء أقوى.

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة