قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الجوكر والأسطورة للكاتبة آية محمد الفصل الرابع

رواية الجوكر والأسطورة للكاتبة آية محمد

رواية الجوكر والأسطورة للكاتبة آية محمد الجزء الأول الفصل الرابع

( نثرات الروح والهوى )

جلس لجوارها بعدما حرر أزاز جاكيته الأسود المميز، ليبتسم على عكس عادته! _وأنتِ كمان وحشتيني...
تطلعت له "نجلاء" بحزن_لو كنت وحشتك زي ما بتقول كنت على الأقل رفعت سماعة التلفون وإتطمنت على أمك يا "فريد"..
رفع عيناه بنطراتٍ قاتمة قائلاً بتشديد على كلماته _"رحيم" إسمي" رحيم"..
تحاولت ملامح وجهها للحزن الشديد فحاولت التحكم بذاتها حتى لا تفسد اللحظات الأسبوعية التي تجمعها به فقالت كمحاولة لتغير الحديث_مفيش أخبار عن"فاتن" و" أشجان"...

إنقلبت ملامحه للحزن الذي يظهر ولأول مرة على وجه" رحيم زيدان" نعم لأجل من سكنت القلب ووجدان الروح فقال بصوتٍ فشل بكبت أحزان نغماته _سنين وأنا قالب الدنيا عليها كأن الارض إنشقت وبلعتها...
رفعت يدها على كتفيه كمحاولة لتخفيف أحزانه _معلش يا حبيبي مصيرك هتلاقيها، هي سابت السكن اللي كنا فيه بعد دخولك السجن من غير ما تقولي كانت حاسه بالذنب كمان الناس مسبهمش في حالهم..

رفع عيناه على يدها التي تحاوط كتفيه كمحاولة لبث الطمأنينه له لتتهجم ملامحه سريعاً ليعود لثباته المميت فلاطالما كان قوياً ولم يظهر ضعفه قط حتى لوالدته!، يرى أن يقتل ذاته على أن يرأه أحداً ضعيفاً، سحب يدها لينهض من جوارها، فجذب علب السجائر من جيب جاكيته لينفثها ببطء غير عابأ بنظرات صدمتها، كبتت شهقاتها بصعوبة لتصرخ بجنون _أنت بتدخن يا "فريد"، وقدااامي كمان!..

إستدار ليقف أمام عيناها ببسمة برود_الجبان اللي بيعمل الخطأ بينه وبين نفسه..
إزدادت صدماتها فكأنما يتعمد تحطيم أفضل القيم التي زراعتها به فصرخت ببكاء_أنت أيه اللي غيرك بالشكل دااا بقيت واحد أنا معرفوش مش إبني اللي ربيته وتعبت عشانه!..
إبتسم بسخرية_قصدك الأبن الغير شرعي...

رمقته بنظرة حادة لتصرخ به بصوتٍ متقطع _مش صحيح أنا و"طلعت" متجوزيين رسمي وعند محامي...
إعجابها بنفس ذات البرود_بدون علم العيلة تبقى بنفس المسمى...
وقفت أمام عيناه لتجذبه من قميصه بغضب_أنت مستحيل تكون إبني مستحيييل تكون "فريد" اللي تراب الأرض بيحبه..
تأملها بعين يسودها النظرات القاتمة فأبتسم بسخرية_وأنا اللي خاليت طوب الأرض دا يكرهني ويعملي ألف حساب...

تحررت يدها بخوفاً من الحالة التي وصل أليها إبنها اقترب منها خطوة مستكملاً حديثه بلهجته الشياطنية_أنا اللي كل أملاك عيلة"زيدان" بقيت تحت رجلي وبقوا بالنسبالي عبيد...
_أنا اللي الشيطان بيتعلم مني قبل ما يخطي خطوة بكون سابقه بعشر خطوات...
_أنا "رحيم زيدان" مجرد نطق الأسم كامل نار بتحرق للي نطقه
_أنا اللي هدمر مملكة "زيدان" وهندم الكل سواء كان واقف معايا أو ضدي...

_أنا اللي هخليهم يكرهوا اليوم اللي دخلت فيه القصر دا وبالأخص "مراد زيدان"..
_أنا الحاقد على أي علاقة حب ومستعد أدمرها طول مأنا مش قادر أوصل الروحي معاها ومستعد أدمرها لو لقيتها في يوم من الأيام وكانت إرتبطت بحد غيري أو بتفكر ترتبط...

تراجعت للخلف بصدمة ودموع متحجرة لتشير لباب الشقة الفاخرة_أخرج من هنا ومترجعش تاني أنا عمري ما هكون أمك أبداً أنا إبني مات في اللحظة اللي دخل فيها السجن القذر دا...
إبتسم بسخرية_إبنك معتش موجود..
ثم بصوت يحمل أوجاع عالم بأكمله قال _مات بس بدل المرة ألف، مات مرة وهو بيحاول يدافع عن نفسه وسط وحوش ميعرفوش يعني أيه إنسانية كانوا بيحاولوا ينتهكوا رجولته.

كبتت شهقاتها بصعوبة فأبتسم ليكمل بنفس ذات السخرية_ومات ألف مرة وهو بيدعي أن الليل ميدخلش عشان ميقضهوش في طلب الرحمة أو الذل عشان الأشكال القدرة اللي مسجون معاهم يتطاولوا عليه...
جلست على المقعد كالجثه الهامدة ليكمل دون توقف _مات لما ملقاش مكنة تصرف عملة الأخلاق والشهامة جوا السجن القذر دا...
ثم أقترب منها ودموعها أوشكت على التجلط_تحبي تشوفي تذكارات إبنك الغالية..

لم تفهم كلماته الا حينما خلع قميصه لتصرخ ألماً من بشاعة ما رأته لتصرخ ألماً ويتعالى بكائها بجنون فأقتربت منه تحاول إحتضانه بألم يصعب وصفه_يا حبيبي ...
تراجع للخلف منعاً إياها من أن تحتضنه ليكمل بنفس الجبروت_لازم تكوني أقوى من كدا رحلة إبنك منتهتش بالسجن وبس رحلة إبنك استمرت طول ما كان في قصر "طلعت زيدان" وسامع بودنه نفورهم منه وكلامهم بالسوء عنك وعن أخلاقك، أغلبهم قال إنه مش متجوز أنك واحدة شمال قضى معاها كام يوم فحملت منه...

جلست أرضاً بصدمه ودموع ليكمل ببسمة ألم _صرخت وأنا بحاول ادافع عنك بس انا نفسي كنت بتحارب من كل إتجاه لحد ما قررت ابقى الأسوء بينهم، أقص لسان اي حقير إتكلم عني بالسوء ومش بس كدا حالياً لازم يمجدوني...
لم تعد قادرة على سماع المزيد ولكنه لم يتوقف أكمل وأكمل كأن صوته كبت دهور من الأزمان_تعرفي "طلعت زيدان" عمل أيه عشان أقبل أعمل عملية تجميل أداري بيها التشوهات دي...

رفعت رأسها إليه بدموع فأكمل ببسمة شيطانية _سبب رفضي بسيط جداً أني حابب شخصيتي الجديدة ومكانتي، أخاف أنسى اللي اتعرضتله فأرجع "فريد" الساذج اللي عايش عشان يحب غيره ويخدمهم على كفوف الراحة ودا مستحيل يحصل..
بكت شفقة على ما مر به إبنها الوحيد فقال بغرور_لا وبعد كل دا يموت إبنه اللي لسه مدخلش الكلية الحربية وأجي أنا أكون بداله وأرجع المكان القذر دا بس وأنا قوي وبرتبة أقوى وأخد حقي من واحد واحد ودلوقتي جيه دور عيلة "زيدان"...

وإنحنى ليجذب قميصه ثم ارتداه على جسده القوى امنحني بالعضلات الصلبة كحال قلبه ليرتدي نظاراته السوداء القاتمة متوجهاً للخروج لتلحق به قائلة بصوت متقطع من البكاء_متقساش على أخواتك البنات يا "فريد" دول من لحمك ودمك..
إبتسم بسخرية قبل أن يغلق الباب خلفه بقوة لتسقط أرضاً ببكاء لا مثيل له...

بقصر الجوكر..
وقف أمامهم بنظراته المتهجمة الذي يطوفها الصمت، إزداد فضولهم لمعرفة سبب التجمع المجهول، خرج الجوكر عن صمته أخيراً قائلاً بعينان تنبعان الثبات_من النهاردة هتكونوا الحرس الخاص للمدام وطبعاً مش مضطر أنبهكم بتعليمات حمايتها..
أسرع أحدهما بالحديث_متقلقش يا باشا عيونا على الهانم محدش هيقرب منها..
أشار له ببسمة رضا، أما بالأعلى..

كانت تجلس أمام الشرفة بحزن يسيطر عليها، بداخلها عواصف متناقضة، خوفاً من القادم ومن حاضرها بعيشها بمثل هذا المكان الذي ظنت بأنه سيكون معتقل أخر لها مثلما كانت بمنزل والدها فكانت لا تفارقه خوفاً من أن يتعرضون لها مجدداً وخاصة بعد قتلهم لأكثر من حارس شخصي يحرسها إلى أن طلب منها والدها بعدم مغادرة المنزل وترك الجامعة من أجل البقاء حياً، قطع شرودها دقات ثابتة على باب غرفتها فرفعت حجابها تخفي خصلات شعرها الحريري، ولجت مدبرة القصر ببسمتها العملية _مساء الخير يا "حنين" هانم...

نهضت عن فراشها ببسمة هادئة يكسوها الطيبة _مساء النور...
إقتربت منها قائلة بثبات_"مراد" بيه بيبلغ حضرتك أن في عربية تحت بأنتظارك عشان توصل حضرتك للجامعة...
فتحت عيناها على مصراعيها بصدمة_الجامعة!...

أشارت لها بتأكيد فطافت عيناها غيمة من الفرحة والأستغراب مما يحدث ولكنه حقق ما كانت تريد، أسرعت للخزانة الخاصة بها فجذبت ثيابها بسرعة لا مثيل لها والفرحة تحاوطها دون توقف، أحكمت حجابها على شعرها بحرفية فكانت جميلة للغاية، إستدارت لتغادر الغرفة بصحبتها فتفاجئت بها تخرج أحد البطاقات من جيبها قائلة بهدوء _"مراد" بيه قالي أعطيها لحضرتك وبيبلغك أن حضرتك تستعمليها من النهاردة.

أشارت لها بأستغراب_بس انا معايا فلوسي الخاصة رجعهاله.
كادت بالمغادرة ولكنها إستدرات لها ببسمة هادئة _أنا حبيت حضرتك جداً على غير عاداتنا أننا نتعلق بحد هنا بس أنا فعلاً حبيتك اوي...
إبتسمت "حنين" بفرحة_ربنا أعلم بالقلوب أنا إستريحتلك جداً وحبيتك والله...
أجابتها "عفاف" ببسمة هادئة_يبقي تسمعي نصحيتي..

أنصاحت لها بأهتمام فأسترسلت حديثها بجدية_متعارضيش أي قرار يأخده الجوكر حتى لو عندك ألف مبرر لأن غضبه مش بيسمحله بيسمع تبريرات.
إزدردت ريقها الجاف بصعوبة بعدما تمكن منها الخوف على أثر كلماتها فرفعت يدها المرتجفة لتجذب بطاقته ثم لحقت بها للأسفل بهدوء لتعد لجامعتها التي إشتاقت للعودة إليها فبعدما تركت جامعتها بالقاهرة توجهت للأمريكا لتستكمل دراستها وهرباً من مقتلهم ولكن لم يجدي الأمر نفعاً، جلست بالسيارة تترقب الحرس من حولها بشرود بكلمات "عفاف" فيبدو أن زوجها المزعوم ذو مركز ومكانة مرموقة بعيداً عن مرتبته بالشرطة فيبدو لها بأنه ذو سلطة أعظم من والدها!...

كان يعمل بأحد الورش الخاصة بالخشب، فلم يستمع لصوت هاتفه من شدة الصوت، مرت الساعات إلى أن دقت بموعد الاستراحة؛ فجلس "يوسف" على أحد المقاعد بتعب ثم أخرج هاتفه ليتفاجئ بعدد لا بأس به من رنين رقم مجهول فطلبه بقلق...

حطمها الأحباط بسماع صوته فوضعت الهاتف على طاولة المطعم بحزن لينير بعد دقائق معدودة برقمه فرفعته لتستمع بصوته العميق_أيوا، مين معايا؟..
أغلقت عيناها بأشتياق يكفي عالم بأكمله فكأن صوته منحها أجنحة لتعود للتحليق مجدداً بعدما قصت أجنحتها عنوة، كبتت شهقاتها بدمعة الشوق له فكرر سؤاله مجددًا فخشيت بأن يغلق لذا أسرعت بالرد_أنا "نغم" يا "يوسف".

كانت كلحظة هطول المطر المفاجأ فردد إسمها بأنين_"نغم"!..
كاد بأن يغلق الهاتف لتسرع ببكاء_أرجوك متقفلش أنا محتاجالك أوي، أرجوك يا" يوسف" تسمعني بس لو لدقايق أنا إتعذبت أوي لحد ما عرفت أوصلك..
قال بجفاء جعلها تحبط من فكرة مسامحتها _عايزة تقولي أيه أنا سامعك..
قالت بدموع_مش هينفع بالتلفون لو ممكن بس نتقابل والله ما هعطلك هما ١٠دقايق بس انا موجودة بالمكان اللي كنا بنخرج فيه دايماً..

أجابها بسخرية محفورة بالألم _هشوف لو وقتي يسمح.
أغلقت عيناها بقوة حينما ذكرها بلهجتها وبنفس كلماتها حينما ترجاها بأن يلتقي بها أخر مرة فقالت بلهجة أخافته _وأنا هستناك حتى ولو بعد ميت سنة.
وأغلقت هاتفها لتعود لنوبة بكائها من جديد أما هو فتطلع لهاتفه بأستغراب من لهجتها فأسرع ليبدل ثيابه ثم إستأذن بالأنصراف...

بغرفة "ريم"..
ظلت بغرفتها بخوف من أن تلتقي به فيرى ما إرتكبته بعينها! ...
خرجت لشرفتها تستنشق الهواء العليل بأنفاساً مكبوتة وعينان أصابتها الأرق، لم ترى من يتأملها بأعين يشوبها العشق والعزيمة لأنتشالها من بؤرة الخوف الذي ستسقط ضحيته لا محالة، همس "سليم" بغموض وعيناه تراقب كل حركة ولو صغيرة صادرة عنها _هتتعبي شوية وهتتعذبي بس بعدها هتكوني واحدة تانية يا "ريم"،

هتهزمي خوفك وهتعلني جوازنا أدام الكل وأولهم "رحيم زيدان"... وإبتسم بثقة من الخطط التي دبرها ليكسر حاجز خوفها، جابت شرفتها ذهاباً وإياباً إلى أن إستمعت لصوت هاتفها فأخرجه من جيب بجامتها لتبتسم بتلقائية حينما وجدته يلمع بأسمه لتجيبه بعدما تفحصت الطرقات ليبتسم بسخرية محاولاً التحكم بذاته_الأبيض هيأكل منك حتة...

رفعت عيناها تلقائياً على باب شرفته لتجده يقف أمامها بطالته الساحرة مرتدياً قميصاً أبيض اللون منفتح على مصراعيه دون أن يغلق أزاره، تحاست النظر إليه بوجهاً يكسوه حمرة الخجل القاتمة فأبتسم بعدم تصديق على تلك الفتاة التي ستقوده للجنون حتماً على تصرفاتها العذرية كأنها ترى ما بالحياة لأول مرة!..
قال بتسلية_الأوضة حر فقررتي تباتي على ألتراس؟..

أجابته بأرتباك_مش بالظبط...
إبتسم بخبث _أخدتي بالك أنك واقف بره أنا كمان فخرجتي مثلاً..
رفعت عيناها إليه بتوتر _لا...
تعمد أن يغمز لها بعيناه _أممم طيب على الأقل عرفيني أني متراقب حتى أقف محتشم بدل مأنا متراقب كدا...

وأغلق أزار قميصه بمكر حينما رأي غضبها يشتعل لتصرخ به دون كذب_منزلتش من أوضتي عشان خايفة أشوف "رحيم" فيعرف باللي عملته إرتحت كدا؟..
إبتسم بتسلية_جداً وهرتاح أكتر لما تنزلي تقابليني وحالا..
جحظت عيناها بصدمة فكاد بأن ينفجر ضاحكاً ولكنه بقى ثابت للغاية، قالت بصدمة_أقابلك فييين ورحيم تحت!..
أجابها بدون إكتثار_ميهمنيش ولا أجيلك أنا..
أشارت له بجنون فهي تعلم بأنه سيتمكن من فعلها _لااا هتصرف..
وأغلقت الهاتف لترمقه بنظرة غاضبة قبل أن تدلف لغرفتها لتفكر في حل لهذة الكارثة...

بحث عنها بطرف عيناه فوجدها تجلس على الطاولة التي كانت ملاذ حبهم لفترة من الوقت، كبت ألمه ليستكمل طريقه ليقف أمامها فقال دون النظر إليها _خير...
قطع صوته جحيم موتها فخلعت نظاراتها السوداء ثم نهضت لتقف أمامه قائلة بفرحة يكسوها الدمع_"يوسف"!...
إنقبض قلبه حينما رأى أثر الضرب الذي يكتسح معالم وجهها فقال بلهفة فشل بأخفائها _ايه اللي في وشك دا؟!..

لم تستمع لكلماته فكانت تتأمل ملامح وجهه بتركيز كأنها تطلع صورة لملامحه علي جدران
القلب المجنون، إنتبه لنظراتها فتأملها بهدوء ليقرأ ترتيل الأشتياق تحفر بعينها فهمس بضعف ومازال يقف أمامها _لسه عايزة أيه تاني يا "نغم"؟
سقطت دمعاتها بألم لتقول ببسمة مخيفة_جاية أعرفك إجابة السؤال اللي حايرك.
ضيق عيناه بعدم فهم_سؤال أيه؟..

أجابته ومازالت عيناها متعلقة بعيناه_سبب تغيري بالفترة الأخيرة وليه بعدت عنك..
عاد الألم لمخالبه فقال بثبات _بس انا ميهمنيش ولو جايباني هنا النهاردة عشان كدا فأنا مش فاضي ورايا شغل.
وأستدار ليغادر لتتمسك بذراعيه ببكاء حارق _لا متمشيش يا "يوسف" عشان خاطري...

تحطم قلبه فلم يعد يشعر به، من تلك الفتاة الهزيلة فحبيبته قوية حادة الطباع، أنصاع لها فجلس أمامها قائلاً بلهفة _أنتِ كويسة؟..
أشارت له بلا ثم تعالى بكائها لتقول بصعوبة بالحديث_صدقني يا "يوسف" أنا محبتش ولا هحب حد زيك..
تابعها بأهتمام _طب ليه جرحتيني كدا؟..
أسرعت بالحديث_عشان خايفة عليك..
_من أيه؟..

قالها بحدة فقالت ببكاء حارق_من "رحيم زيدان"..
ضيق عيناه بأستغراب_مين دا؟!
أجابته ببسمة ساخرة_المفروض انه أخويا..
تطلع لها بذهول فشرعت بقص ما يحدث معهم بأيجاز لتتبدل ملامحه للغضب فقال بعدم تصديق_طيب وحاولتوش تعرفوا عن الشخص دا حاجة إسمه أو أي حاجه..
إجابته بدموع_لا بابا مسمحش لحد أنه يتدخل في اللي ميخصهوش كل اللي احنا واثقين فيه أنه أبنه يعني في الاخر أخونا. .

احتل الحزن ملامحه ولكنه لم يتمكن من كبت فضوله فقال بأستغراب_بس انتوا ليه عايشين معاه هنا وسايبن "مراد" دا!..
قالت بألم لتذكر أخيها_أحنا متحطناش في إختيار عشان نختار "مراد" عارض بابا على إنتحال إبنه دا لشخصية "رحيم" وطلب منه أنه يغير إسمه ويعلن وفأة أخوه للكل بس هو رافض وبالتالي "مراد" كان ضدهم الاتنين فمقدرش يكون معاهم بمكان واحد عشان كدا ساب القصر من سنين طويلة من قبل وفأة بابا الله يرحمه ومن وقتها وهو مش بيظهر كل اللي نعرفه عنه عن طريق أنكل "عباس" المحامي دا...

إستمع لها بقلبٍ ممزق فقوتها نجحت بأخفاء همومها، تطلع لها مطولاً ثم جاهد ليقول بهدوء _ورحيم دا ممكن يعارض جوازنا؟..
رفعت عيناها إليه بصدمة لسماعها كلماته الأخيرة فقالت بصعوبة بالحديث_جوازنا؟..
إبتسم وقد تشكل عشقها بين دفوف الهمسات_لو معندكيش مانع.
أجابته سريعاً _موافقة طبعاً..

إبتسم بمرح_طيب أتقلي شوية أو أي بكش كدا.
تطلعت له بهيام_مش مستعدة أتقل عليك وأفقدك مرة تانيه..
إبتسم بشرود وهو يتأمل نبع عيناها الزرقاء ليقول بجدية لا تضاهيها ثبات_فكري كويس يا "نغم" أنا مش هقدر أعيشك بربع المستوى اللي أنتِ عايشاه وأ...
قطعت كلماته ببسمة ساحرة_انت أغلى من أي مستوى ممكن اعيشه وحبك بالنسبالي ثروة ملهاش تمن، أنا حبيتك لرجولتك وشهامتك اللي متتقدرش بالمال يا "يوسف".

إبتلع ريقه بصعوبة ليردد بهمساً ساخر_يالهوي على "يوسف" واللي هيجراله على إيدك.
كبتت ضحكاتها بصعوبة فأبتسم بعشق وهو يتابع نظراتها...

بقصر "رحيم زيدان"...
كان يجلس بمكتب القصر مستنداً برأسه على مقعده الضخم المخيف، عيناه مغلقة بأسترخاء غريب، معالم وجهها تبدو انها ترى ذكريات تعشقها فبينهم ألفة أعوام!...
وقفت تترقب الدرج بضيق إلى أن رأته يصعد للأعلى فأسرعت إليه ببسمتها الفتاكة_"فريد"...
رفع عيناه بأستغراب لسماع صوتها بمثل هذا الوقت فقال بذهول_واقفة كدليه يا" شجن" المغرب أذن أدخلي أفطري..
أجابته بدمعة فتكت بما تبقى بقلبه _أنت أتاخرت كدليه قلقتني عليك..

أجابها بتعب_كان عندنا عربية صاحبها مستعجل عليها فقولنا ننجز فيها قبل أجازة العيد...
أشارت له بغضب فأشار لها ببسمة هادئة_ممكن أصالحك بس بعد الفطار لأني ميت من العطش والجوع..
صعدت الدرج لتجذب الصنية الصغيرة ليجدها تحمل كوباً من العصير وبعض الطعام الذي يكفي بالغرض، تناول العصير ليروي ظمأه ثم جلس على الدرج لجوارها يلتهم ما تقدمه له ببسمة هادئة ليتمتم بخفوت وعيناه على باب شقة والدته_نوجا لو قفشتنا هتعلقني مش بعيد تخليني أغسلها المواعين عقاب للأكل اللي عملته. .
تعالت ضحكاتها بعدم تصديق_أنت بتغسل المواعين...

أجابها ببسمة مكر_ليكي عليا يا ستي لما نكبر ونتجوز لما تتعبي هنضفلك الشقة كلها مش مواعين بس اشطا كدا...
جذبت الكوب الذي شرب منه لترتشف العصير بتلذذ_أشطا اوي..
تعالت ضحكاته حتى كاد بأن يختنق حينما توقف الطعام بحلقه لتشارك البسمة بسعادة..

فتح عيناه الساكنة بمخمل الليل بسكونه حينما يغفل عدد مهول من البشر هتعمه السكينة، عينان من يرأهم يقسم بأنها خارج سيطرة الشيطان، كأنها تعويذة سحرية تتحكم بغضبه فتربطه بمشاعر لا فيض لها، كأنها نسمة عليلة تنعش قلبٍ دفن منذ سنوات أسفل طبقة مهولة من الغبار والأتربة فأتت هي لتزيحهما ببطء، همس من بين جوارحه ورغبات مشاعره الجياشة_وحشتيني يا "شجن"...

كأنه يتعمد لفظ إسمها بترتيل خاص محبب إليه، قطع بحور ذكرياته أعلان هاتفه بأستلام عدة رسائل على رقمه الخاص فرفعه ليبتسم بمكر حينما رأي رسالة من "جان" تنص على موافقته على شروطه أما الرسالة الأخرى فبددت غضبه المهلك حينما رأها تجلس بصحبة ذلك الشاب فأرسل له رجاله صوراً تفصيلية عن المقابلة التي تمت بين "يوسف" و"نغم" فأزداد غضبه أضعافاً مضاعفة حينما رأي صوراً لها وهي تتمسك بذراعيه ببكاء ليقرأ بعينيه عشقها المتربع بعينها فتذكر تحذيره لها من قبل حينما علم بأمرهم أم الأن فقد دقت الدفوف لحرباً لا نهاية لها ليرفع هاتفه ويطلب صاحب الرسالة قائلاً بأعين كاللهيب_عايز كل المعلومات عن الكلب داا في ظرف ساعتين فاهم...
وأغلق هاتفه دون أن يستمع للرد.

وقفت "فاطمة" أمام منزله بأرتباك فحديث صديقتها أستحوذ على عقلها ولكن لا تمتلك الجرأة لأخبره به، حمدت الله أنها لم تقم بضرب جرس الفيلا فأستدرات لتغادر سريعاً ولكن يا للحظ فأذا به يقف خلفها، تطلع لها "يامن" بأستغراب_"فاطمة"!، بتعملي أيه هنا؟...
فركت يدها بأرتباك_كنت جاية ليك.
تطلع لها بصدمة _ليا أنا!..

أشارت له بخجل ثم قالت بحرج_بس لو ممكن نتكلم في مكان عام أفضل...
أشار لها بتفهم ثم قال _في كافية هنا جانب الفيلا إركبي...
قالت بهدوء _معايا عربيتي بالسواق هحصلك..
إكتفي بأشارة بسيطة لها ثم صعد لسيارته سريعاً...

أعدت "كوثر" الحقائب إستعداداً للرحيل بالسيارة المجهزة بالأسفل الذي بعثها "رحيم" على الفور من إستلام رسالته لنقلها للطائرة، على جوارها بمسافة ليس ببعيدة كان يراقبها وهي تحزم أغراضها، إقترب منها ثم إنحنى ليكون مقابل عيناها مستغلاً إنشغال "كوثر" بحزم الأغراض، طبع قبلة حانية على أصابع يدها ثم رفع يديه يمررها علي وجهها ليغلق عيناه بألم يعصف بعيننه الرمادية ليهوى الدمع من عيناه ليقول بلهجة تخرج لأول مرة _عشت عمري كله بالطول وبالعرض، عرفت ستات بعدد شعر رأسي بس عمري ما اتمنيت حد غيرك يا "سلمي"، أنتِ قدرتي تلمسي روحي وكياني، خلتيني شخص انا نفسي إستغربت أنه كان موجود!...

غيرتيني للأفضل خلتيني مشفش ست غيرك أنتِ، خاليكِ على ثقة أني مقربتش لست من يوم مأنتِ دخلتِ حياتي.
ثم إبتسم بسخرية_كتير كنت بخاف أن علاقاتي تأثر على علاقتي بيكِ، كنت بدعي أنك تفضلي معايا لأخر أنفاسي، مكنتش اعرف أني هتسببلك بألم جسدي كبير كدا...
جذب حجابها المنسدل خلف رأسها ليعدله على شعرها حتي اخفاه تماماً قائلاً بألم بعدما طبع قبلة على رأسها ممزوجة بالدموع_غصب عني يا روحي، كنت أتمنى مكنش عاجز في يوم من الأيام بس انا حقيقي عاجز مقدرتش أكون على الأقل جانبك، بس انا واثق أنك هترجعيلي تاني وأفضل من الاول...

وهمس بألم مميت_مش عارف هقدر أستحمل أزاي الأيام دي؟...
ثم جلس بجوارها أرضاً يهمس بضعف_أول مرة أحس أني ضعيف بالشكل دا...
جففت "كوثر" دمعاتها حينما إقتربت منهم، إنتبه لوجودها فرفع عيناه إليها برجاء _أنا مش هوصيكي عليها عشان عارف أنها زي بنتك بس أرجوكي متسبهاش لحظة ولو ربنا حقق أمنيتي ورجعت وقفت على رجلها من تاني قوليها "جان" متخلاش عنك أبداً، عرفيها أد أيه أنا حبتها وهحبها لحد أخر يوم بعمري..
جففت دمعاتها قائلة بمجاهدة للحديث _هي حاسة بيك يا حبيبي حاسة وسامعة..

تطلع لسلمى ببسمة هادئة_أتمنى..
جذبتها برفق_هنتأخر كدا..
شدد بيديه بقوة على المقعد المعدني كأن أحداً ينتزع روحه منه فرفع عيناه على كوثر برجاء_دقيقة بس.
قالت ببكاء وهي تتباعد عنه _خد راحتك يا حبيبي.

تأملها بنظرة مطولة ثم إحتضانها بجنون هامساً بدمع يمتزج مع صوته الرجولي _اللحظة اللي أتخليت فيها عن كبريائي كان علشانك أنتِ ومش ندمان بالعكس لو طولت أعمل أكتر من كدا عشانك مش هتأخر يا روحي...

ثم أخرج هاتفه ليلتقط لها عدد من الصور قائلاً بثبات تحلى به بعدما أزاح دموعه_أنتِ هتقاومي وهترجعيلي مقدمكيش حل تاني فاهمه.
ثم أشار لكوثر فأقتربت لتسحب المقعد للخارج فسقط أرضاً بعدما خرجت من الغرفة، سقط كأن قلبه إنشطر لألأف من الشظايا المنكسرة، ضعف، إنكسار يشهدهما لأول مرة ربما لو لحق بها لرأي الدمعة التي تهوى على وجهها ليعلم الأن بأنها تشعر به وتنصت إليه!...

بالمطعم...
بقى هادئاً للغاية فقالت بأستغراب_ساكت ليه؟..
أجابها بذهول_والمفروض أعمل أيه؟
قالت برجاد_تساعدني.
صاح "يامن" بسخرية_أساعدك أنك تدمري نفسك؟...
أجابته دون مبالة_بس كدا هيعرف غلطه وهيندم.
_وبعدين؟..

قالها "يامن" بسخرية لتكمل هي بدموع_لازم يعرف الحقيقة..
صاح بغضب _بس كدا أنتِ بتكسري نفسك وأنا مش هسمحلك بدا..
قالت "فاطمة" بغضب وهي تجذب حقيبتها إستعداداً للمغادرة_قول بقى أنك مش عايز تساعدني.
لحق بها سريعاً ليركل باب السيارة بغضب قبل أن تدلف إليها _دي مش مساعدة دا غباء مالوش أخر وأنا من واجبي كاقرب صديق لأخوكي أني أنبهك...
_طب وكأخ وصديق ليا؟.

قالتها بدموع ليبتلع باقي كلماته بضيق فأخذ يزفر بغضب وهو يشدد على خصلات شعره الطويل حتى أستعاد إتزانه فاستدار ليكون مقابلها _أوكي يا فاطمة هطلبك من "جان" في أقرب وقت.
إبتسمت بسعادة لتحقق هدفها للانتقام من من ظنت بأنه معشوقها ولكن ترى ماذا ستكتسب برحلة الأنتقام؟! .

بقصر "رحيم زيدان"...
عصف غضبه أرجائه فكان كالجحيم الأحمر،صعدت "نغم" لغرفتها فولجت لتشعل الضوء فشهقت فزعاً حينما رأته يجلس على المقعد الذي يتوسط غرفتها بنظرات تكاد تكون شبيهة بالموت! ...
ترى هل من مطاف لأنشودات الأنتقام والعشق، ترى هل ستنال القلوب راحة أردتها بشدة أم ستطول رحلة المعانأة؟!. .

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة