قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل العاشر

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل العاشر

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل العاشر

كان مراد يتمدد على الأريكة يضم شروق بين ذراعيه وهم يشاهدون فيلما كلاسيكيا قديما، نهايته حزينة ربما ولكن مما لا شك فيه أنهم يعشقانه سويا، وهو فيلم(دعاء الكروان)، ليرن هاتف مراد ويقطع إندماجهم في الأحداث، مد مراد يده وإلتقط هاتفه من على الطاولة ينظر إلى شاشته ليرى هوية المتصل، ليعتدل فجأة وتعتدل معه شروق، ثم يتجه إلى الحجرة ليتلقى المكالمة وسط حيرة شروق، وهي تتساءل عن هوية المتصل، فحين يكون معها يتجاهل كل الإتصالات وإن كانت بشرى نفسها المتصلة به، أفاقت من أفكارها على صوت تحطم شئ ما بالداخل، لينتابها القلق وهي تسرع إلى الحجرة تدلفها لتجد الهاتف محطما على الأرض ومراد جالسا على السرير مطرقا برأسه، واضعا إياها بين يديه، لتسرع إليه تجلس أمامه على ركبتيها، وهي تحل يديه من على رأسه قائلة في قلق يعصف بكيانها:.

مالك يامراد، فيك إيه؟
نظر إليها مراد بعيون زائغة وهو يقول:
يحيى، يحيى هيتجوز رحمة النهاردة.
عقدت شروق حاجبيها قائلة:
يحيى أخوك هيتجوز بالسرعة دى، بعد مراته الله يرحمها.
تابع هذيانه قائلا:
دى كانت وصية المرحومة، إنه يتجوزها بعد ما تموت، أنا سمعت الكلام ده بودنى بس مصدقتش إنه هيعملها بجد.
إزدادت حيرة شروق لتقول:
ولما هي وصية المرحومة، إيه اللى مزعلك بس يامراد؟
صرخ بألم:.

اللى مزعلنى إنه هيتجوز رحمة، من بين كل البنات اللى في الدنيا، مخترش غير رحمة يحبها ويتجوزها.
نهضت شروق ببطئ، تنظر إليه بتوجس قائلة بصوت شابه القلق:
وهي رحمة تفرق إيه عن كل البنات يامراد؟
إنتبه مراد من صدمته ومرارته على سؤال شروق ليقول بتوتر:
م، متفرقش طبعا، زيها زي كل البنات، بس، يعنى، كانت مرات أخويا هشام، وإنتى عارفة كنت بحبه أد إيه، ومكنتش يعنى، أحب مراته تكون لحد غيره.

لم تشفى إجابته غليلها وبذرة الشك التي ذرعها في قلبها لتقول بهدوء يخالف مشاعرها المضطربة والمستعرة بنيران الشك:
الحد ده مش غريب، ده أخوك الكبير يامراد، وزي ما إنت قلت دى وصية مراته ليه قبل ما تموت، جايز شافت إنها مش هتآمن على جوزها وإبنها غير مع أختها...
قاطعها قائلا في مرارة:
بيحبها، قلتلك بيحبها وهي بتحبه، ده مش جواز مصلحة، ده جواز حب.

تأكدت شكوكها تماما الآن، ليتمزق قلبها بشدة، تشعر بنزيف مشاعرها يقتلها ببطئ، لقد كانت تتعجب من عدم قدرة مراد على الوقوع بحبها رغم أنه لا يحب بشرى وبشرى لا تمنحه كل تلك المشاعر التي تمنحها إياه شروق، تتساءل دوما، من ذا الذي يقاوم سحر الحب والاهتمام من شخص دون ان يقع في حبه؟ إلا لو كان هذا الشخص مغرما بآخر بالفعل، شعرت بآمالها تنهار، وبالكون يضيق من حولها، ثم فجأة، بلا شئ، وكأنه الفراغ يلفها داخله، تشعر حقا بالخواء الكامل، لتقول بنبرة خالية من الحياة:.

وإيه اللى يزعلك لو كانوا بيحبوا بعض يامراد، بالعكس المفروض تفرح لأخوك وتروح تقف جنبه، أخوك اللى انت عارف ومتأكد إنه لو كان مكانك كان هيفرحلك من كل قلبه.

مست كلماتها قلبه وأشعرته بالذنب، نعم فيحيي لو كان مكانه لفرح له من كل قلبه، يحيى الذي أدرك أنه أحب رحمة من زمن وأخفى هذا الحب، تعذب مثله كثيرا، وربما أكثر، وهو يدرك أن أخواته يحبونها مثله ورغم أنها تحبه بدورها، إلا أنها لم تكن أبدا من نصيبه، أدرك مراد الآن أن قصة حبهما تعود للماضى فحب بمثل تلك القوة لم ينشأ منذ أيام، وإذا عاد بذكرياته للماضى قليلا سيجد أن قصة حبهما كانت واضحة للجميع ولكن عشقه أعماه عنها، ليتعجب مما حدث في الماضى وقصة رحمة مع أخيه هشام ان كانت بالفعل أحبت يحيى، ليشعر فجأة بالإرتياب، وبأن ماضيهم به شئ خاطئ لابد وأن يدركه.

أفاق من أفكاره على صوت شروق البارد والذي لم ينتبه لبرودته وهي تقول:
قوم يامراد، قوم جهز نفسك وروح أقف جنب أخوك في يوم زي ده، ومتنساش إن الحب والجواز قدر، قسمة ونصيب ملناش دخل فيها، قوم يامراد، قوم.

نظر مراد إليها ورغم المرارة في قلبه إلا أنه وجد أن لديها الحق في كلماتها، يجب أن يكون بجوار أخيه في يوم كهذا، كما وقف بجوار هشام من قبل، وليذهب عشقه الذي يؤذيه دائما إلى الجحيم، يجب أن يوأده تلك المرة في قلبه للأبد حتى وإن كان بوأده سيقتل كل مشاعره ويوأدها بدورها، لينهض بإنكسار ويتجه إلى الحمام، تتابعه عينا شروق التي ما إن أغلق عليه باب الحمام حتى تركت لدموعها العنان، تبكى عشقها الذي أدركت لأول مرة منذ أن شعرت به، أنه عشق يائس، بلا أمل.

قال مجدى في حدة:
أيوة ياست بشرى، فيكى الخير والله، لسة فاكرة تكلمينى؟
قالت بشرى:
إهدى بس يامجدى، كنت هعمل إيه يعنى وهكلمك إزاي والعيلة دايما حوالية، أنا اول ما عرفت أتهرب، كلمتك علطول.
زفر مجدى قائلا:
وحشتيني أوي، أوي، إزاي بس هنت عليكى تسيبينى كل ده؟
إبتسمت بشرى قائلة:
كل ده إيه بس؟ده كل الموضوع ٣ أيام.
قال مجدى بشوق وصورتها تتمثل أمامه:.

ال ٣ أيام دول عدوا علية كأنهم ٣ سنين، إنتى مش عارفة بحبك أد إيه؟
قالت بشرى بدلال:
لأ مش عارفة، بس أحب أعرف طبعا.
تنهد مجدى قائلا:
تعالى بس وإنتى تعرفى.
مطت بشرى شفتيها قائلة:
الظاهر إنى فعلا هرجع يامجدى.
قال مجدى بلهفة:
بجد، بجد يابشرى هترجعى، لقيتى الحل؟
زفرت بشرى قائلة:.

لأ، ملقتش حاجة وشكلى مش هلاقى أي حل طول ما أنا هنا، والوضع بقى يخنق، انا هرجع مصر وأفكر هناك براحتى، وبعدين سايبة العقربة دى مع مراد ويحيي وخايفة تأثر على حد فيهم، غالبا هسافر النهاردة المغرب.
قال مجدى وعيونه تلمع:
هستناكى ياحبيبتى، هستناكى.
قالت بشرى بهدوء:
مش هينفع نشوف بعض النهاردة يامجدى، أنا هروح البيت وبكرة هشوفك أكيد.
قال مجدى بإحباط:
تمام يابشرى، تمام، هستناكى بكرة.

أغلقت بشرى هاتفها، ثم وضعته في جيبها وهي تقول:
والله فيك الخير يامجدى، وحشتك وبتطمن علية، مش زي جوزى اللى معبرنيش ولو حتى بتليفون صغير، وكأنه ما صدق.

لتلتفت تنوى العودة إلى منزل الحاج صالح والإستعداد للسفر، حين فوجئت بلبنى إبنة حامد، الإبن الأكبر للحاج صالح، ذات التسع سنوات، وهي ترمقها بحدة، لتشعر بشرى بتوقف دقات قلبها وهي تتساءل، هل إستمعت تلك الشقية إلى حديثها، لتعود وتنفض صدمتها وهي تطمئن نفسها بأن تلك الصغيرة لن تفهم شيئا وإن فهمت فبإستطاعة بشرى التملص من أي شئ، لترمقها بشرى بدورها بحدة، قبل ان تتجه للمنزل، تحمد ربها على عدم إنجابها الأطفال، حتى لا ترزق بمثل هؤلاء الأشقياء أبدا فهي لا تستطيع أن تتحملهم، مطلقا.

تأملت رحمة نفسها في المرآة في هذا الفستان الأسود الأنيق والذي وجدته بين ملابسها، بدت جميلة رغم قتامة لون الفستان وذلك الحزن الذي يغلف ملامحها، فلم يمضى سوى أسبوعا واحدا على وفاة أختها، ومازال الحزن عليها مشتعلا في قلبها، أمسكت تلك الصورة الموضوعة على التسريحة محدثة صاحبتها في عتاب وحنين:.

ليه بس عملتى فينا كدة ياراوية، كانت حكايتنا خلصت خلاص، ليه جددتيها؟والمصيبة إن الحكاية معقدة أوي، لا هو فكرته عنى ممكن أصلحها، و لا أنا هقدر أسامحه على اللى عمله زمان.
لتتنهد مستطردة:
ربنا يرحمك ياراوية ويسامحك.

تركت الصورة ونظرت إلى عيونها المغروقة بالدموع، فإلى جانب حزنها على فراق أختها، هناك ذلك القلق المسيطر على كيانها والخوف من زواجها وإرتباطها بحبيب قلبها وخائنه الوحيد، ترى كيف ستستطيع العيش معه دون أن تخونها مشاعرها تجاهه؟، كيف ستستطيع السيطرة عليها؟كيف بحق السماء ستقاوم ضعفها تجاهه؟وكيف ستحتفظ بسر أختها بعيدا في عمق قلبها السحيق؟ربما بتذكير نفسها بتخليه عنها بالماضى وتصديقه السوء عن أخلاقها ومشاعرها، نعم بهذا فقط ستستطيع الصمود، كلما وجدت نفسها تضعف ستذكرها بما حدث منه بالماضى، فقط عليها الإنتباه لخطواتها وحسب، ليظهر التصميم على وجهها وهي تلقى نظرة أخيرة على نفسها، تمسك منديلها وتمسح به برفق دموعها دون أن تفسد زينتها، قبل أن تغادر الحجرة، إلى حيث إجتمع الجميع، لعقد القران.

كان يحيى يقف إلى جوار مراد، يشعر بالتوتر، ينتظر نزول رحمة حتى يعقد القران وينتهى من هذا الأمر، يشعر لأول مرة في حياته أنه يترك العنان لقلبه يتحكم به، ويدع جانبا عقله الذي يرسل إليه جميع الإنذارات الحمراء، يدرك لأول مرة بحياته أيضا أنه لا يفعل الصواب ولكن رغما عنه يقوم به والأدهى ان قلبه يكاد يطير فرحا بما يفعل، لدرجة أنه لم ينتبه لملامح أخيه العابسة والواقف إلى جواره بوجوم، لتتعلق عينيه فجأة بتلك الجميلة، بل رائعة الجمال والتي تتهادى نزولا إليهم في ثوبها الأسود الأنيق والذي أضفى جماله وبساطته إليها جمالا وأناقة ورقي، قد تبدو الثقة على ملامحها ولكن وحده يحيى من يدرك أنها في قمة إضطرابها وهي تمسك بيدها اليمنى تنورة فستانها تفركها بيدها دون أن تشعر ولكنه يراها ويشعر بحركتها التي لا تفعلها سوى وهي في قمة التوتر والقلق.

تسلطت عيونها عليه أثناء نزولها لتلاحظ ملامحه الجامدة ولكنها تعرفه جيدا لتدرك توتره من قبضتيه المضمومتين بشدة، فهو لا يضمهما سوى في حالتين، الغضب والتوتر، يبغى بضمهما تمالكا حديديا لأعصابه التي توشك على الإنفلات، إقتربت منه لتلاحظ وجود مراد، فإبتسمت له فلم يرد إبتسامتها، لتتجمد الإبتسامة على شفتيها ثم تختفى، وهي تتجه نحوهما تتعجب من عبوس مراد، ولكنها كانت متوترة فلم تلقى بالا لسبب عبوسه، وقفت أمام يحيى، ليومئ لها برأسه بهدوء فردت إيماءته بهدوء أيضا، وكادا أن يتجها إلى المأذون لعقد القران حين إستوقفها صوت مراد وهو يقول بسخرية:.

مبروك ياعروسة.
إلتفت كل من يحيى ورحمة يواجهانه، لتتفحص رحمة ملامح مراد، تتعجب من لهجته الساخرة، وهي تقول بهدوء:
الله يبارك فيك يامراد.
إتسعت إبتسامته الساخرة وهو يقول:
أخدتى زينة شباب عيلة الشناوي، بس خدى بالك منه المرة دى، وياريت ما يحصلش اللى قبله.
إنتفضت رحمة على صوت يحيى القوي وهو يقول بصرامة:
مراد.

نظر مراد إلى أخيه ولثوانى تحدت عيناه عيني أخيه، لترتخى نظرة مراد أمام يحيى وهو يشيح بوجهه، بينما أدركت رحمة أن مراد يحملها ذنب موت أخيه هشام، وبالتأكيد يفعل أخاه، ليصاب قلبها بصدمة أخرى تضاف إلى قائمة صدماتها من عائلة الشناوي، ويطغى الحزن على ملامحها لتفاجئ بكف يحيى الذي إمتد لكفها يحتضنه لتنظر إلى عينيه فأومأ لها برأسه، لتشعر رغما عنها بشعور لم تشعر به منذ زمن طويل، إنه يساندها كما كان يفعل دائما بالماضى، لقد كان هو عضدها في كل المواقف التي مرت بها مع أبناء العائلة، ومع أخويه، كان الحامى لها، والذي معه تشعر بالقوة لتتحدى من تسول له نفسه بمضايقتها، وها هو يعود ويساندها، ولكن يظل الفرق كبير فلم تعد هي رحمة الماضى، ولم يعد هو أيضا يحياها.

أوقفت بشرى سيارتها، تتعجب من أنوار المنزل التي مازالت مضاءة، لتهبط منها وتغلقها، متجهة إلى باب المنزل المفتوح على مصراعيه لتزداد حيرتها، عقدت حاجبيها بشدة وهي ترى رجلين، أحدهما شابا في اوائل الثلاثينات من عمره، والآخر رجلا في حوالى الخمسين من عمره، يرتدى بذلة كحلية ويحمل حقيبة جلدية في يده، مغادرا المنزل في عجلة وهو يحادث أحدهم في هاتفه قائلا:.

جاييين علطول ياماجد بيه، إحنا خلصنا هنا خلاص، مسافة السكة بس.
تجاهلتهما بشرى وهي تدلف إلى المنزل لتجد تلك العقربة تقف بجوار يحيى وعلى مقربة منهم وقف مراد بملامح متجهمة، لتعود بنظرها إلى رحمة تتأمل فستانها الأسود الذي أضفى عليها جمالا أثار حقد بشرى خاصة وهي تلاحظ عيون يحيى التي تعلقت بها، لتعقد حاجبيها بحيرة وهي تسمع روحية تقول بطيبة:
مبروك ياست رحمة، مبروك يايحيى بيه.

إكتفت رحمة بإبتسامة هادئة بينما قال يحيى برصانة:
الله يبارك فيكى ياروحية.
قالت بشرى بحدة:
ممكن اعرف إيه اللى بيحصل هنا في غيابى؟
إلتفت إليها الجميع، فاستطردت قائلة في غيظ:
بقى أنا أغيب ومحدش يسأل عنى، لأ
وكمان بتحتفلوا في غيابى، طب على الأقل عرفونى بتحتفلوا بإيه، وإزاي بتحتفلوا أصلا وراوية معداش على وفاتها أسبوع؟

إكتست ملامح رحمة بالضيق ممتزجا بالحزن، بينما عقد يحيى حاجبيه، ليتقدم منها مراد بخطوات حازمة وهو يمسك يدها قائلا:
مش وقت الكلام ده يا بشرى، تعالى معايا.
نفضت يده قائلة في عصبية:
لأ وقته يا مراد، من حقى أعرف إيه اللى بيحصل ولا أنا مش من أهل البيت؟
كاد مراد أن يتحدث لولا أن إقترب منها يحيى وهو يقول بهدوء:
لأ طبعا من أهل البيت، ومن حقك تعرفى، لإن الموضوع مش سر ولا حاجة،.

لينظر مباشرة إلى عينيها وهو يقول في ثبات:
أنا ورحمة إتجوزنا، النهاردة.
إتسعت عينا بشرى بصدمة وهي تقول:
إتجوزتوا؟إنت ورحمة؟إنت أكيد بتهزر مش كدة؟
هز يحيى رأسه نفيا ببرود قائلا:
لأ بتكلم جد يابشرى، وأنا من إمتى بهزر معاكى؟
أفاقت بشرى من صدمتها لتقول بإنفعال:
ما هو مستحيل أصدق، إن يحيى كبير العيلة، إتجوز رحمة، رحمة اللى...
قاطعها يحيى بلهجة تحذيرية تتحداها أن تنطق بكلمة وهو يقول:.

قبل ما تقولى أي كلمة تندمى عليها، لازم تعرفى إن رحمة بقت مراتى، يعنى أي إهانة في حقها هي إهانة في حقى أنا، وإنتى عارفة إن مفيش حد لغاية النهاردة قدر بس يفكر يهين يحيى الشناوي، فيا تباركيلها، يا تطلعى أوضتك، مفهوم؟

شعرت بشرى بنار تحرق قلبها، تشعل كيانها إشتعالا، تود لو أفرغت مكنون صدرها وإنتهت، ولكن وقتها ستربح رحمة، لذا آثرت الصمت وهي تلقى نظرة حاقدة على رحمة الصامتة، حزينة الملامح، ثم نظرة حارقة ليحيي، قبل أن تبتعد عنهما بخطوات مشتعلة، تتجه إلى غرفتها، يتابعوها بعيونهم، بينما إقترب مراد من يحيى قائلا:
يحيى، أنا بفكر نسيب البيت ونمشى، إنت شايف بشرى وعمايلها وأنا مش عايز مشاكل في البيت.

تفحص يحيى ملامح أخاه وهو يقول:
بشرى بس يايحيى هي السبب، ولا فيه سبب تانى يخليك عايز تسيب البيت؟
قال مراد وهو يحاول تمالك نفسه والثبات تحت نظرات أخيه المتفحصة:
انا قلتلك من زمان، موضوعى إنتهى يا يحيى، أنا خوفى كله دلوقتى من بشرى.
ربت يحيى على كتف أخيه قائلا:
لو على بشرى متقلقش، أنا أدها وأدود يامراد، بس أهم حاجة تكون إنت مرتاح، وأنا هرتاح أكتر وإنت جنبى ياأخويا.

لم يجد مراد مفر من المكوث بالمنزل منصاعا لرغبة أخيه، وليتحمل العذاب في سبيل ذلك، فهذا مصيره منذ أن أحبها، العذاب وحده، وبصمت.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة