قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل الحادي عشر

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل الحادي عشر

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل الحادي عشر

كانت بشرى تمشى جيئة وذهابا في الحجرة، تشعر بالغيظ يحرق صدرها، بالغضب يعصف بكيانها، كيف يتزوجها رغم كل شئ فعلته بالماضى، كيف ينتهى بتلك الرحمة زوجة له، كيف؟

إنها الملامة، نعم، هي وحدها الملامة على ذلك، تركت لها المجال خاليا لتعاود ألاعيبها من جديد وتتزوجه بالنهاية، ولكن زواجها منه وبتلك السرعة، هذا ما لم تكن بشرى تتوقعه أبدا، فلم يمر سوى أسبوع واحد فقط على موت راوية، هل كانا ينتظران موتها ليعيدا معا عشق الماضى؟هل نسي لها يحيى خيانتها؟وهل غفرت له خذلانه إياها؟

حقا لقد أصبح تفريقهما الآن أصعب مما كان بالماضى فلقد أصبحا زوجين، وتلك الفكرة وحدها تشعل كيانها إشتعالا.

توقفت عن التفكير حين دلف مراد إلى الحجرة ليجدها واقفة متأهبة، تنظر إليه بحدة، ليدرك أن تلك الليلة لن تمر بسلام، ألا يكفيه ما يعانيه الآن وهو يتخيل رحمة في أحضان أخيه؟، لتظهر بشرى بالصورة وتستنزف آخر طاقته المنهكة، ليستدعى كل ذرة في كيانه تجعله قادرا على تحمل تلك المرأة، وهو ينظر إلى وقفتها المتحفزة في ثبات، ينتظر ثورتها، وهي لم تنتظر، بل ألقتها في وجهه قائلة بصوت يحمل الغيظ في طياته:.

إنت إزاي توافق على جوازهم، إزاي تسمح بالمهزلة دى؟
نظر إليها في برود وهو يقول:
وأرفض ليه؟، ده أخويا الكبير ورحمة، وبعدين حتى لو كنت رفضت تفتكرى كان أخويا يحيى مش هيتم الجوازة عشان خاطر رفضى ده؟
قالت بشرى بعصبية:
يابرودك ياأخى...
قاطعها مراد قائلا بحدة:
بشرى.

إنتفضت بشرى من حدته الفجائية لتلاحظ أنه بدوره مصابا بالضيق وربما بالحنق أيضا من زواجهما، فقد نسيت أن زوجها بدوره يحب رحمة ولابد وأنه الآن يعانى مثلها، لتحاول أن تبعد حنقها جانبا وهي تقترب منه قائلة بنعومة:.

أعذرنى يامراد، إنت عارف إنى مبطيقش رحمة، والكلام ده من زمان أوي، لإنى أكتر واحدة عارفاها وعارفة أخلاقها، دى حرباية بتتلون بكل لون عشان توصل للى هي عايزاه، وهي كل اللى عايزاه فلوس عيلة الشناوي، بدأت بهشام ومش بعيد تكون هي السبب في موته، وأهي لفت على يحيى وربنا يستر وميحصلش أخوه، مفاضلش غيرك، وأنا خايفة عليك يامراد.
بلغ بمراد الضيق حد شعوره بأنفاسه تسحب منه وهو يقول:.

بلاش تخريف يابشرى، حادثة أخويا كانت قضاء وقدر، كانت حادثة عادية ملهاش ذنب فيها وهي نفسها كانت معاه وكانت في المستشفى بعدها، أما يحيى فيقدر ياخد باله من نفسه كويس، وبعدين انا شايف إنه جواز حب مش مصلحة زي ما انتى بتحاولى تصوريلى.
قالت بشرى بعصبية وقد استفزتها كلماته:
حب إيه اللى يحصل في كام يوم ده؟وهي رحمة دى تتحب على إيه بس؟
قال مراد بنبرات حزينة رغما عنه:.

الظاهر الحب ده كان من زمان، والقدر فرقهم، وأهو رجع وإتجدد، ودى حاجة مش بإيدينا، وإذا كان على رحمة، فهي فعلا تتحب، جمال وأصل ورقة وطيبة و...
قاطعته بشرى وقد أحرقتها كلماته، وأغضبتها لأقصى حد وهي تقول:
وإيه كمان ياسي مراد؟، ما تقول كمان إنك بتحبها.
قال مراد بحدة يخغى بها إضطراب نبضاته:
حب إيه بس اللى بتتكلمى عليه؟إنتى إتجننتى؟هحب مرات أخويا؟
تفحصت ملامحه قائلة بسخرية:.

مين عارف، ماهي ساحرة وقاعدة تسحرلكم واحد ورا التانى.
قال مراد في حدة:
بلاش هبل، ساحرة إيه وسحر إيه اللى بتتكلمى عنهم دول، أقولك أنا سايبلك الأوضة وماشى، أنا تعبان ومش ناقص وجع دماغ.
قالت بشرى بحدة:
يعنى أمشى من البيت ومتسألش فية، ولما أرجع هتسيبنى كمان، العيشة معاك مبقتش تتطاق على فكرة.
نظر إليها مراد قائلا في جمود:
مش عاجباكى العيشة معايا، تقدرى تغيريها، إنتى بس أطلبى وأنا هنفذ.

أحست بشرى بتسرعها وإندفاعها وبأنها على وشك أن تخسر مراد، لذا اسرعت بإظهار الضعف على وجهها وهي تقول:
بقى كدة يا مراد، بسهولة كدة بتبيعنى؟
قال مراد ببرود:
أنا مببعش، إنتى اللى مش عاجباكى الحياة معايا يا بشرى، وأنا مبغصبش حد على حاجة، أنا عايز راحتك، و الظاهر راحتك مش معايا.
إقتربت بشرى منه تمد يديها على طول يديه ترفعهما إلى كتفيه لتقترب منه أكثر وتقبله قبلة بطيئة على وجنته اليسرى قائلة بنعومة:.

أنا راحتى معاك.
ثم تقبله قبلة بطيئة اخرى على وجنته اليمنى قائلة:
وقلبى معاك.
ثم تهمس أمام شفتيه قائلة:
ياحبيب بشرى.
لتبادر بتقبيله على شفتيه قبلة مغوية، تضم مؤخرة عنقه إليها ليبدو جامدا بالبداية، لا يبادلها قبلته ثم مالبث أن أغمض عينيه ورغما عنه قبلها متخيلا إياها رحمة، أدرك فجأة أن تخيله إياها وقد أصبحت زوجة أخيه هو جرم في حق أخيه نفسه، لينفض صورتها بقوة،
فجأة...

تمثلت أمام عيناه المغمضتان شروق، ليقبل بشرى وهو يتخيلها شروق، شروق فقط، تلك الجميلة الرقيقة المحبة، يحاول بقبلاته نسيان أن رحمة وأخيه زوجين الآن ومغلق عليهما بابا، ليغوص مع بشرى في معركة مشاعر
إختلطت بها الحقيقة، بالخيال.

دلفت رحمة بخطوات مرتبكة مترددة إلى تلك الحجرة التي لطالما راودتها في أحلامها مع يحيى، تشاركه فيها سعادتهما وعشقهما كزوجة، الآن هي فعلا تشاركه فيها كزوجة، ولكن زوجة مع إيقاف التنفيذ، زوجة بالإسم فقط، دلف يحيى خلفها بخطوات هادئة يتأمل إرتباكها وتخضب وجنتيها بشئ من الإستمتاع وكأنها لم تكن يوما عروس لأخيه ولم تتشارك حجرة مع رجل من قبل، كم تمنى لو كان الأول بحياة رحمة، الأول والأخير والوحيد، ولكن شاءت الأقدار أن تخيب آماله بها، أصابته تلك الفكرة بوجع في قلبه ليسرع وينفضها بعيدا، فلقد تزوجها ليس رغبة فيها ولا حبا، ولكن من أجل وصية راوية، ومن أجل ولده، ليدحض قلبه تلك الفكرة على الفور وهو يسخر من نكرانه لمشاعره التي أجبرته على الزواج منها والإسراع كذلك، عندما شعر بأنها من الممكن أن تكون لسواه، أما عن عدم إخلاصها له وخيانتها القديمة فأرجعها قلبه لرعونتها وصغر سنها أما الآن فربما صارت ناضجة، وإن لم تلتزم حدودها وتدرك أنها زوجة يحيى الشناوي فسيريها الوجه الآخر له، وهو وجه لن تحب رؤيته البتة.

وقفت رحمة في مكانها تشعر بالإختناق، لا تتخيل وجودها هنا في حجرته هو وراوية، حجرته التي تحمل ذكرياتهما سويا، قتلتها الغيرة وهي تنظر إلى السرير تتخيلهما سويا، عليه، لتشيح بوجهها وتلتفت إليه قائلة بضيق:
مش هقدر أكون هنا، أنا لازم أخرج.
عقد حاجبيه قائلا:
تخرجى فين؟دى اوضتى والمفروض تشاركينى فيها.
قالت في مرارة:
لأ دى أوضتك إنت وراوية، ومش هقدر أكون فيها معاك.

تأمل ملامحها المرتعشة من المرارة يغلفها الحزن والضيق، يتساءل عن سر عدم رغبتها بالمكوث بتلك الحجرة، هل هي ذكريات أختها الرابضة بها، أم إنها ذكريات أختها معه والتي تملأ جنبات الحجرة، ترى هل تغار رحمة عليه؟هل كانت تحمل له مشاعر فيما مضى حقا؟دق قلبه بسرعة لهذا الإحتمال الذي تمنى ان يكون صحيحا من كل قلبه، إنتابته الشكوك، وود من كل قلبه لو قطع الشك باليقين ولكن كرامته أبت عليه أن يتحقق من شكوكه، لذا قال بهدوء:.

مش هينفع طبعا، خروجك برة الأوضة شئ مش مسموح بيه.
جلست على الأريكة وقد تهدمت قواها وأغروقت عيناها بالدموع وهي تطالع سريره، تتراءى لها صور قاتلة لقلبها ومشاعرها وكيانها بأكمله، لتقول بألم:
مش هقدر، صدقنى مش هقدر.
لاحظ نظراتها ليعود الامل إلى قلبه الذي رق لدموعها وتمنى ان يكون ما يفكر فيه صحيحا ليقترب منها ويجلس أمامها على ركبتيه، يمسك يدها بحنو، وسط ذهولها وهو يقول برقة:
ليه بس مش هتقدرى؟

تأملت عسليتاه اللتان تعشقهما وخاصة عندما ينظر إليها بهذا الحنان، كادت ان تعترف، ان تصرخ بكل قوتها قائلة، لإنك كنت لغيرى بها، قلبا وقالبا، أشعر بالخيانة، بنار تحرق فؤادى، أشعر بأن أنفاسى تختتنق وأنا أتخيلك تحتضنها، تقبلها، تمنحها العشق الذي تمنيته يوما، أشعر بروحى تزهق وانا أصم آذانى التي تستمع إلى لهاثكم الآن وثورة مشاعركم، نعم أتخيلها بوضوح لتمزق شرايينى، ورغم أننى أتمزق لأن هناك أخرى كانت بحياتك قبلى إلا أن معرفة أنها كانت أختى، تجرى بها دماء أبى، يذبحنى حقا، كادت ان تقول كل ذلك واكثر ولكن خوفها من أن يدرك يحيى أنها مازالت تحبه حال دون إعترافها، وألجم لسانها عن قول الحقيقة، لتقول بصوت حاولت أن تهدئ نبراته:.

عشان يعنى، دى اوضة اختى وبتفكرنى بيها وبحزنى عليها، وكمان مش هقدر أنام على السرير ده انا وإنت، إنت يعنى لسة غريب عنى.
ترك يدها ونهض ببطئ، يشعر بخيبة الأمل ليقول بنبرة خالية من المشاعر تشوبها فقط بعض السخرية:
غريب عنك؟طيب دى حاجة تخلينا أكتر نبات في أوضة واحدة وسرير واحد، عشان نتعود على بعض.
نظرت إليه رحمة قائلة في خجل وإرتباك:
بس...
قاطعها قائلا بلهجة حاسمة:.

مفيش بس، مش هينفع تخرجى برة أوضتى، جوازنا ووجودى هنا بيحتم وجودك معايا، إحنا صحيح جوازنا مصلحة بس أدام الناس مش لازم يبان كدة، أنا مش مستعد حد يتكلم علية وعلى حياتى الشخصية وعلاقتى مع مراتى، لمجرد إنك مش قادرة تتحملى وجودك في أوضة أختك يارحمة.

ليتركها ويدلف إلى الحمام، تاركا إياها تنظر بحسرة إلى ليلة زفافها إليه والتي حلمت بها سنوات طوال، تصارع رغبتها بالنداء عليه والإعتراف له بكل شئ، لتتذكر وعدها لراوية وتنهض ببطئ تفتح دولابه التي وضعت به روحية اشياءها وتأخذ منه عباءة تغطى جسدها بالكامل، فسوف تنام إلى جواره شاءت أم أبت، مدركة أنه لن يرضى بنومها على الأريكة ولن يستطيع النوم بها لصغر حجمها، لذا تنهدت في يأس وهي تنتظره حتى يخرج من الحمام لتدلف هي إليه وتنهى تلك الليلة الطويلة، الحالكة، والتي إختفى قمرها ليزيدها، سوادا.

تأملت بشرى مراد النائم بعمق بجوارها لتنهض بهدوء، وتتجه إلى دولابها تحضر علبة سجائرها التي تخفيها بعناية بين طيات ملابسها، ثم تتجه إلى شرفة الحجرة تفتحها بحذر وتدلف إليها ثم تغلقها وتشعل إحدى سجائرها تنفث دخانها ومعه توترها وضيقها وهي تتخيل رحمة الآن في أحضان يحيى يبادلها وتبادله القبلات، تشتعل ليلتهما بعشق سنوات مضت، لتفرك السيجارة بيدها غير عابئة بألمها من تلك النيران المشتعلة، فألمها الذي يحرق صدرها يفوق كل الآلام، تفكر كيف تفرق بينهما وتشفى غليلها، لتلمع عينيها وقد وجدت الفكرة، نعم، كيف لم تفكر في ذلك من قبل؟، إن أدرات خطتها بشكل جيد، فربما لن ترحل رحمة وتسافر مجددا فقط، وإنما ستختفى من حياتهم، ربما للأبد.

لتبتسم بشيطانية وهي تدلف مجددا إلى الحجرة لتداوى حرق باطن يدها وتنتظر حتى طلوع الصباح لتبدأ في تنفيذ خطتها، تدعوا في سرها أن تحقق تلك الخطة مأربها، لترتاح من تلك الشقية والتي تعبث في حياتها مفسدة كل خططها، حتى الآن.

كانت نائمة بعمق، حين تسللت يداه لتضمها من الخلف تقربها منه، نعم يداه، فهما القادرتان على إشعال حرارة جسدها بتلك الصورة، دفن وجهه في عنقها وشعرت به يستنشق عبيرها فتظاهرت بالنوم مستمتعة بهذا الشعور الذي يمنحها إياه حضنه وإقترابه منها هكذا، لتسمع همساته التي جعلت عينيها تتسع بقوة وهو يقول:
عارف إنك صاحية فبلاش تمثلى علية يارحمة، أنا أدرى الناس بيكى، ده أنا اللى مربيكى.

إلتفتت إليه ليرفع نفسه على مرفقه وينظر إليها متأملا بنظرات سحبت أنفاسها ولكنها تمالكت نفسها وهي تنظر إليه قائلة بعتاب:
ولما إنت مربينى على إيدك صدقت ليه إنى ممكن اخونك، وأخونك مع مين؟مع أخوك اللى إنت عارف أد إيه كان بيضايقنى وياما إشتكيتلك منه؟
نظر إلى ملامحها في عشق قائلا:
عشان أنا غبي، قلبى كان حاسس إنك مظلومة، والنهاردة حابب أسمعك، انا اهو أدامك، فهمينى.
إعتدلت جالسة تنظر إليه بعتاب قائلة:.

كان زمان ممكن أقولك وأشرحلك، بس دلوقتى فات الأوان.
سحبها من ذراعها يمددها مجددا ويشرف عليها ملامسا وجنتها بيده بنعومة قائلا بهمس:
سامحينى،.

لتغمض عينيها تأثرا بنبراته الهامسة و لمساته الرقيقة، ليمرر يده نزولا إلى عنقها ووصولا إلى سحاب عبائتها ليفتحه ببطئ أثار كيانها ويميل على وجنتها يقبلها برقة يمرر شفتيه على بشرتها الناعمة وسط تأوهاتها العاشقة والتي أثارت كيانه بالكامل ليخلع عنها عباءتها ثم يندمجا سويا في ثورة من المشاعر أكملت إتحادهما وسط همساتها بإسمه مرارا وتكرارا كنغمة لن تمل منها أبدا...

أفاق يحيى من نومه على صوت همسات رقيقة بإسمه، إعتدل على الفور وهو يدرك مصدر تلك الهمسات، لينظر إلى فاتنته التي ظل يتأملها طوال الليل بعد أن نامت بصعوبة تتمسك بالغطاء وكأنه سيحميه منها إن أرادها، إبتسم وهو يتأمل شعرها المبعثر ووجهها الرائع الملائكي القسمات حتى في نومها، لتنطلق من شفتيها مجددا همسة بإسمه، أطارت عقله عندما ترددت مجددا بنبرة عاشقة جعلته يود لو مال الآن وقطف تلك الشفاه التي تهمس بإسمه بنبرة إشتاق لسماعها، كاد أن يستسلم لمشاعره ويفعل، ليميل بالفعل عليها ولكنه عقد حاجبيه وهو يتراجع فجأة بعد ان أدرك أنها تحلم به، نعم إنها تحلم به، ترى أيراود هو احلامها كما تراود هي أحلامه؟آاااه كم يتمنى لو كانت حقا تعشقه، ربما وقتها سامحها على كل أخطاء الماضى، همست بإسمه مجددا ليشعر بأنه على وشك ان يطيح بكل شئ ويميل آخذا إياها في جولة عشق خاصة بهما وحدهما، ولكنه عندما يفعل يجب ان يتأكد بأنها تعشقه حقا وتريد ان تكمل حياتها معها، حتى الرمق الأخير، ليميل عليها ولكن ليهزها برفق قائلا:.

رحمة، فوقى يارحمة.
فتحت عيناها الرماديتان ببطئ ليذوب هو عشقا عندما رأته فإبتسمت إبتسامة عشق، ليبتسم بداخله، ولكنه قال بهدوء:
صباح الخير.
إختفت تلك الإبتسامة على الفور وهي تدرك أن ماحدث بينهما كان حلما، وأن يحيى أمامها حقا، لتتسع عينيها في صدمة ويتخضب وجهها خجلا، ويخفى يحيى إبتسامة كادت ان تعلو شفتيه وهو يدرك ما هي فيه الآن من إضطراب وخجل، لتقول بإرتباك:
صباح النور،.

ثم تنظر إلى عبائتها تتأكد أنها ترتديها وأن سحابها مغلق، ليكاد يحيى ان يطلق ضحكة من بين شفتيه رغما عنه وهو يتابع نظراتها ليكتمها تماما وهي تعاود النظر إليه قائلة:
انا، أنا...
قال بنعومة:
إنتى إيه؟
إبتلعت ريقها بصعوبة قائلة:
أنا هاخد الحمام الأول، عن إذنك.
لتنهض بسرعة وتدلف إلى الحمام، كاد يحيى أن يطلق سراح ضحكته وهو يتابعها ليكتمها مجددا ورحمة تفتح الباب قائلة بإضطراب:
نسيت آخد هدومى.

لم ينطق يحيى بكلمة، لتذهب رحمة إلى الدولاب وتأخذ ملابسها متجهة إلى الحمام بسرعة، ومغلقة الباب خلفها، ليطلق يحيى سراح ضحكته تلك المرة، ضحكة فارقت شفتيه منذ زمن بعيد، يتراقص قلبه فرحا، وهو يدرك كنه حلمها من همساتها ونظراتها لملبسها وخجلها، ويدرك أن بطيات قلبها هناك مكان له، أور ربما هي تتمناه حقا، وإلا ما كانت حلمت بمثل تلك الأحلام، ليشعر بشعور لا يستطيع وصفه من روعته، إنها أنفاس الحياة تعود إليه مجددا، فلقد كانت حياته من دونها قاحلة وجاءت هي فأعادت الألوان لحياته من جديد ومنذ اليوم الأول، وحدها من تستطيع فعل ذلك، هي، رحمته، ولا أحد غيرها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة