قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل السادس والعشرون

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل السادس والعشرون

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل السادس والعشرون

كانت نهاد تتطلع إلى مراد الجالس مكانه مطرقا الرأس بحزن، تشعر بما يدور في قلبه الآن من صراع، يتساءل عن تلك السيدات التي رأتهم نهاد أسفل تلك البناية التي يقطن فيها هو وشروق، وما سر ذلك الإعتداء الغاشم والغير مبرر على الإطلاق، وينتابه القلق على زوجته التي لم تفيق بعد، وكيف سيجعلها تتقبل خبر فقدانها جنينها، ليلاحظ رأفت نظراتها ويقول بحزن:
شكله فعلا بيحبها، ربنا يصبره على اللى هو فيه.

تنهدت نهاد قائلة:
وهي كمان بتحبه أوي، اللى حصلهم مش قليل، ياما نفسى أوصل للى عملوا فيها العملة دى وأنا أقطعهم بسنانى.
ربت رأفت بيده على يدها قائلا:
إهدى يانهاد، الحمد لله إنها جت على أد كدة، على فكرة من رحمة ربنا عليها إنها لسة عايشة بعد النزيف اللى حصلها ده، وإن الرحم فضل سليم ومضررش.
قالت نهاد بعيون غشيتها الدموع:
الحمد لله، الحمد لله.
تأمل رأفت عيونها بقلب حزبن وهو يقول:.

إنتى مش هتهدى بقى؟، أنا مضطر أمشى عشان أعمل العملية اللى قلتلك عليها، ومش قادر أمشى وأسيبك بالشكل ده، حرام عليكى يانهاد، أنا لازم أركز.
ربتت على يده التي إستكانت على يدها بيدها الأخرى قائلة بحنان:
متخافش علية يارأفت، أنا هبقى كويسة، روح وإعمل العملية وأنا هستناك هنا عشان تطمنى،
إبتسم وهو يومئ برأسه، قبل أن ينهض مغادرا، ليوقفه صوتها الهاتف بإسمه بخجل، ليلتفت إليها متسائلا، فإستطردت قائلة:.

أنا آسفة يارأفت، آسفة لو بتلاقى نفسك دايما جوة مشاكلى ومضطر تتحملنى.
نظر إليها قائلا بحنان:
وأنا وإنتى إيه يانهاد، مش واحد، ياريت لو تحسيها بجد عشان تبطلى تتأسفيلى كل شوية.
إبتسمت وهي تومئ برأسها، ليبتسم بدوره، قبل أن يغادر تتابعه عيناها بعشق، قبل أن تتنهد عندما إختفى من أمام ناظريها، لتلتفت إلى مراد وتقترب منه بهدوء، تجلس بجواره، ليشعر بها ويلتفت إليها قائلا:
رأفت مشي؟
أومأت برأسها، ليقول بهدوء:.

إنسان كويس يا نهاد، ربنا يسعدكم.
قالت نهاد:
ويسعدك إنت وشروق يارب يامراد.
تنهد قائلا:
يارب.
قالت له نهاد بصوت شابت نبراته مشاعر القلق:
هتقول لشروق؟
زفر وهو يمرر يده في رأسه قائلا:
أكيد هقولها، ما هي أكيد هتحس، وهتعرف.
أومأت نهاد برأسها في تقرير قائلة بحزن:
معاك حق، ربنا يستر عليها من الخبر ده، إنت متعرفش كانت فرحانة أد إيه بالطفل اللى راح ده.
قال مراد بمرارة:.

عارف، عارف يانهاد، ومع الأسف، أنا طفيت فرحتها بيه قبل كدة، وهاجى النهاردة أكمل عليها.
قالت نهاد بشفقة:
معلش يامراد، إبتلاء من عند ربنا، ومع الأيام هتعوضوا اللى راح منكم.
كاد مراد أن يقول شيئا حين وجد الممرضة أمامه تقاطعه قائلة بعملية:
حضرتك زوج المريضة شروق؟
أومأ برأسه إيجابا، يشعر بالوجل، لتستطرد قائلة:
حضرتك عايزينك في الإستعلامات عشان يكملوا البيانات، وياريت يكون معاك بطاقتك وقسيمة جوازكم.

أومأ برأسه لتغادر هي ويقول هو:
أنا مضطر أروح الشقة أجيب قسيمة الجواز، أنا مبشلهاش معايا.
قالت نهاد:
مفيش داعى، أنا جبتها معانا عشان حسيت إننا هنحتاجها في إجراءات المستشفى، عشان يعني، وضعها، وإنها حامل.
قال مراد بإمتنان:
أنا مش عارف أشكرك إزاي يانهاد على اللى بتعمليه معانا.
قالت نهاد:
دى أقل حاجة أعملها لصاحبتى وعشرة عمرى،.

لتفتح حقيبتها وتخرج منها القسيمة تمنحها إياه، ليخرج محفظته بدوره يفتحها ليضعها بها، لتتسع عينا نهاد برعب وهي تنظر إلى داخل المحفظة وتكتم صرخة كادت أن تخرج من بين شفتيها، ليلتفت إليها مراد ويلاحظ نظراتها المرتاعة إلى تلك الصورة الموجودة بمحفظته، ليعقد حاجبيه بشدة ونهاد تهمس بكره شديد مشيرة إلى تلك الصورة:
هي دى، هي دى اللى كانت سايقة العربية وكان معاها بقية المجرمين، هي دى.

ليمد مراد يده إلى تلك الصورة بالمحفظة ويخرجها منها ناظرا إليها بدوره بكره شديد، وهو يدرك الآن السبب وراء قتل طفله ومحاولة قتل شروق، إنها للأسف زوجته، بشرى.

نظر يحيى إلى تلك المرأة المزينة بقناع الإهتمام والمحبة ببراعة، لتنتقل عيناه إلى سمرائه التي ملكت قلبه يدرك مدى طيبتها التي جعلت تلك المرأة مدعية الأمومة تقنعها ببرائتها في ثوان، بل وتجعلها تجلس أمامها الآن، تبدو على ملامحها السعادة وكأنها ملكت الدنيا ومافيها، يود من كل قلبه أن يفتح عيونها على حقيقة أمها البشعة ولكنه يخشى العواقب، إتجه إليهما بخطوات سريعة، ليقف أمام رحمة التي نظرت إليه بحب قائلة:.

يحيى، النهاردة أسعد أيام حياتى بجد.
مال يلمس وجنتها بحنان قائلا:
كل أيامك هتكون سعادة ياحبييتى،
إبتسمت له بدورها، لتقول بهيرة بمداهنة:
رغم إنك شبه باباك، بس إنت مختلف عنه خالص في الطبع يايحيى.
إعتدل يحيى ناظرا إليها ببرود قائلا:
بالعكس يامدام بهيرة، أنا نسخة من والدى في الشكل والروح والمشاعر، ونظرتى في الناس، واللى بتوصل لروحهم وتفهمها، وزيه بالظبط في غضبه كمان ولو حد فكر يإذى عيلتى أكيد بدمره قبلها.

إبتلعت بهيرة ريقها بصعوبة تشعر بالتوجس من مقصد يحيى من كلماته لتمتزج مشاعرها بالغيظ أيضا لهذا التحذير المبطن لها، لتتحاشى نظراته بينما قالت رحمة:
طيب أقعد يا يحيى، إنت واقف ليه؟
نظر إليها يحيى قائلا:
رايح مشوار مهم، هخلصه وأرجعلك، مش هتأخر.
أومأت برأسها بإبتسامة، ليميل ويقبلها في رأسها قبل أن يعتدل مغادرا ليوقفه صوتها الحنون وهي تقول:
يحيى.
إلتفت إليها لتستطرد قائلة:
خد بالك من نفسك ياحبيبى.

إبتسم لها وهو يومئ برأسه ثم إبتعد تتابعه عيناها، لتقول بهيرة:
شكلك بتحبيه يارحمة.
نظرت إليها رحمة قائلة:
بحبه أوي ياماما، هو عوض الدنيا لية عن كل حاجة وحشة مريت بيها، هو سندى، حياتى ولو بعد عنى أموت.
عقدت بهيرة حاجبيها تفكر في جملتها الأخيرة، لتعود فتنفرج أساريرها وهي تقول في نفسها، هراء ما قالته رحمة فمن ذا الذي يقتله الهجران، ستنسى يحيى مع مرور الأيام، نعم ستنساه، فالفراق آت، لا محالة.

إقترب يحيى من مراد بخطوات سريعة وهو يراه يمشى أمام تلك الحجرة كليث جريح، وما إن رآه مراد حتى توقف وهو ينظر إليه بعيون رأى بهما يحيى إنكسارا، توقف يحيى أمام مراد تماما، ليندفع مراد إلى حضن أخيه، يترك لدموعه العنان، تلك الدموع التي حبسها طويلا، يرتعش جسده، لينفطر قلب يحيى حزنا على أخيه، يدرك مشاعره الآن جيدا، زوجته تعرضت للإعتداء ولم يكن هناك ليحميها منه، فقد طفله وكان من الممكن أن يفقدها معه، لو كان في مكانه ل...

نفض تلك الفكرة بسرعة وهو يرفض بشدة مجرد التفكير بهذا الإحتمال، يشعر بروحه تسحب منه حرفيا، ربت على ظهر أخيه مهدئا وهو يقول:
إهدى يامراد، المهم إنها كويسة وبخير.
قال مراد بألم من وسط دموعه:
كويسة فين بس يايحيى، دى فاقت من شوية ومجرد ماعرفت بإجهاضها، جالها إنهيار، وإدولها حقنة مهدئة، أنا عارف شروق، موضوع زي ده هيأثر فيها أوي، دى أرق من النسمة.

أدرك يحيى أن مراد إكتشف حبه لزوجته والذي شعر به يحيى منذ فترة، ولذلك لم يخشى من وهم مراد بالحب تجاه رحمة، فمن يحب حقا لا يسمح لأخرى بالدلوف إلى قلبه، ليربت على ظهر أخيه مجددا وهو يقول بحنان:
إنت موجود جنبها هتعديها من أي حاجة ممكن تأثر عليها، إنت سندها يامراد، والسند بيكون وقت الشدة.
خرج مراد من حضن أخيه وهو يكفكف دموعه قائلا:.

مبقاش فية حيل أستحمل يايحيى اللى بيحصلى، أنا إتكسرت، هسندها إزاي بس وأنا عايز اللى يسندنى.
أمسك يحيى يده قائلا في حزم:
إنت أدها وأدود ياإبن صديق الشناوي، مفيش حاجة ممكن تهزك أو تكسرك، واللى بيحصلك بيقويك، وعمره ما يضعفك.
نظر مراد إلى عينيه لثوان قبل أن ينتقل عزمه وإصراره إليه، ليقول بحزم:
معاك حق، ولاد الشناوي يقفوا قصاد الريح وميتهزوش.
إبتسم يحيى قائلا:
هو ده مراد أخويا اللى أنا أعرفه.

نظر إليه مراد بإمتنان قائلا:
أنا مش عارف من غيرك يايحيى كنت عملت إيه في حياتى، إنت سندى ياأخويا.
ربت يحيى على يده قائلا:
وإنت سندى.
ليقول مراد وقد ظهر الإصرار على وجهه:
بس لازم أنتقم من اللى عمل فيها وفية كدة، اللى حرمنى من طفلى و كان هيحرمنى منها، لازم أنتقم من اللى ضربنى في أعز شئ في حياتى يايحيى.
ربت يحيى على كتفه قائلا بعيون إمتلأت بالقسوة وهو يقول:.

اللى عمل العملة السودة دى مكنش يعرف إن شروق تخص عيلة الشناوي، وإلا مكنش عملها، لإن عملته دى عندنا بتبقى تار وردها بالدم.
لينظر إليه مراد قائلا بعيون امتلأت بالألم:
بس اللى عملها عارفنا كويس وعارف طباعنا وعوايدنا، اللى عملها مننا يايحيى.
لينظر إليه يحيى وقد توجس قلبه خيفة من مقصد مراد ولكنه كان مضطرا لسؤاله قائلا:
قصدك مين يامراد؟
قال مراد بكره شمل حروف كلماته:
هقولك يايحيى، هقولك.

قالت بشرى بعصبية وهي تغلق هاتفها:
الباشا بتصل بيه مبيردش علية، قاعد جنب الهانم طبعا.
قال مجدى وهو يتثائب:
أكيد يابشرى، مش مراته.
إتسعت عيناه وهرب النوم منهما وبشرى تهدر بغضب قائلة:
بس متقولش مراته.
ليعتدل قائلا وهو يحاول ان يبدل الموضوع:
طيب إهدى، وقوليلى، إنتى مالية إيدك من اللى إسمها بهيرة دى؟

نجح بالفعل في تحويل إنتباهها من شروق إلى تلك الفتاة الأخرى والتي تمقتها بشدة لتقول بشرى بسخرية، وهي تشير إلى إصبع يدها البنصر:.

بهيرة بقت زي الخاتم في صباعى، دى ست ميهمهاش إلا الفلوس، إنت مشفتش بصت للمبلغ اللى إديتهولها عشان تجيب لبس تحسن بيه مظهرها إزاي؟وكأنها مشافتش فلوس من زمان، وأكيد دلوقتى بتحلم باللى لسة هتاخده منى، صحيح هي طماعة وطلبت كتير بس مش مهم، أهم حاجة تنفذ اللى قلتلها عليه، وساعتها هديلها اللى هي عايزاه.

جذبها مجدى إلى أحضانه ممررا يده على جسدها برغبة إلتمعت في عينيه وهو يتأمل شفاهها التي تلونت بالأحمر القاني قائلا وقد غامت عيناه:
طب واللى أنا عايزه يابشرى.
إقتربت من أذنه تهمس بإغراء قائلة:
طب وإنت طلبت حاجة ومخدتهاش يامجدى.
ليذوب مجدى كلية من إقترابها وهمساتها، ليتخذ منها إشارة خضراء على أن ينفذ ما يحلم به الآن، ليتناول شفتيها بقبلة بطعم الفاكهة، يتلذذ بها تماما، فهو عاشق لفاكهته، حتى النخاع.

كان مراد يجلس في حجرة شروق يتأمل بألم ملامحها الجميلة التي غطتها آثار الضرب ولكنها في عيونه تظل جميلة، تحمل روحها ورقتها مهما تشوهت، أغمض عينيه على دموع غشيتها لتسقط من عينيه الدموع تنعى ألمه لما حدث لها بسببه، لقد أصر على البقاء لوحده رافضا وجود نهاد ومصرا على رأفت كي يوصلها للمنزل ورافضا عرض يحيى بالبقاء معه أيضا، فهو يعرف أن شروق لن تحب أن يراها أحدا بهذا المظهر عندما تفيق، حتى هو، ولكنه سيقنعها أنها في عيونه جميلة الجميلات، تسلل إلى مسامعه صوت حبيبته وهي تقول بهمس حزين:.

مراد.
ليفتح عيونه ويرى عيونها العشبية التي يعشقها تتطلع إليه بألم، ليقول في لهفة:
شروق حبيبتى، حمد الله على السلامة.
نظرت شروق إلى دموعه لتقول بحسرة:
أد كدة شكلى صعب يامراد، حتى إنت مقدرتش تتحمله وغمضت عنيك، وكمان بتدمع.
ليمسك يدها يقربها من فمه يقبلها بقوة ثم ينظر إليها قائلا بعشق:.

لو كنت غمضت عينية أو دمعت فمن ألمك اللى بحسه جوايا ياشروق، شكلك إيه بس اللى مقدرتش أتحمل إنى أبصله؟، دى شوية كدمات ومع الوقت هيروحوا، ولو حتى كان وشك متشوه ومش هيرجع طبيعى تانى، مكنش برده هيهمنى، أنا لما ببصلك بشوفك بقلبى مش بعينية ياحبيبتى، قلبى اللى بيعشقك بكل نبضة فيه.
نظرت إليه بحب، تستشعر الصدق بكلماته، ولكن مالبث أن ظهر الحزن على ملامحها وهي تقول:.

طب ملامحى وممكن ترجع يامراد، لكن إبننا هنرجعه إزاي؟
ضم يدها بين يديه وهو يقول بحنان:
كل شئ في الدنيا يتعوض، كل اللى راح ممكن نعوضه، لكن لو كنتى إنتى اللى روحتى منى كنت هعمل إيه ياشروق؟حبيبتى أنا من غيرك مقدرش أعيش.
نظرت إليه شروق بعيون تغشاها الدموع قائلة:
وأنا كمان مقدرش أعيش من غيرك يامراد، بس...
وضعت يدها على بطنها المسطحة قائلة:.

اللى حصل مش سهل علية يامراد، طفلنا أخد منى روحى، كان جزء منى ولما راح مبقتش أحس جوايا غير بالفراغ، إنت متعرفش الطفل ده كان بالنسبة لى إيه، ده كان أمل، حياة جديدة، دنيا فاتحالى دراعاتها وبتقولى خلاص مبقتيش وحيدة ياشروق.
قال مراد بعتاب:.

وأنا روحت فين بس، من اليوم اللى إتجوزتك فيه، مش بس اليوم اللى إعترفتلك فيه بمشاعرى، كنتى خلاص، مبقتيش وحيدة ياشروق، أنا جنبك ومعاكى في كل حاجة، على الحلوة وعلى المرة، أما موضوع الطفل، فالدكتور قاللى إنك ممكن تانى تحملى بس مش قبل ست شهور،
أشاحت شروق بوجهها في ألم وهي تقول بصوت متهدج:
ممكن آه وممكن لأ، مين عارف، هقدر أحمل تانى ولا لأ؟
مد مراد يده وأمسك ذقنها يعيدها لتنظر إليه مباشرة يقول في تصميم:.

هنستنى الشهور دى وبعدين هنحاول ياشروق، وصدقينى ربنا هيعوضنا خير ياحبيبتى.
نظرت إلى عينيه بأمل ليبتسم لها مشجعا، وهو يقول:
خلى أملك في الله كبير.
تسللت إبتسامة إلى شفتيها وهي تقول بإيمان تسلل إلى قلبها:
ونعم بالله.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة