قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل السابع والعشرون

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل السابع والعشرون

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل السابع والعشرون

كان يحيى واقفا في شرفة حجرته يعقد حاجبيه بضيق وهو يتطلع إلى الأفق البعيد، حين أحاطت خصره بذراعيها ومالت برأسها تسندها على ظهره تخرجه على الفور من حالة الضيق التي تعتريه وتحيطه بحالة من السلام النفسي وهي تهمس قائلة:
حبيبى بقاله ساعة بعيد عنى ليه؟
تنهد وهو يضع يديه على يديها قائلا:
حبيبك ميقدرش يبعد عنك ثوانى يارحمة.
ليلفها كي تواجهه، تتأمل عيناه ملامحها بشغف قائلا:.

ومين بس يقدر يبعد عن روحه ياأغلى عندى من روحى.
إبتسمت قائلة:
كلامك حلو أوي، بيدوبنى يايحيى، تعرف؟أنا بقى عندى إدمان إسمه، كلام يحيى الحلو، لازم كل يوم، لأ كل ساعة وكل دقيقة أسمعه.
قرص وجنتها بخفة قائلا بلهجة ذات مغزي:
كلامى بس اللى حلو؟
أطرقت برأسها في خجل قائلة:
إنت قليل الأدب على فكرة.
إبتسم وهو يرفع ذقنها بيده قائلا:
وإنتى دماغك شمال يارحومتى، ليه فهمتيها بالشكل ده؟مايمكن قصدى عيونى، غمازاتي...

ضربت يده بخفة قائلة بغيظ:
بقى كدة، ماشي يايحيى.
كادت أن تمشى ليجذبها من يدها يوقفها ثم يعيدها إلى مكانها قائلا بضحكته التي تذيب ضيقها وغضبها دائما:
تعالى بس، رايحة فين، أنا بهزر معاكى.
نظرت إلى وجهه الذي تشرقه إبتسامته، أما ضحكاته فتجعله ساحرا، لتجد نفسها تقول دون وعي:
إنت حلو أوي يايحيى.
نظر إليها بعينيه اللتين تذيبانها عشقا، عيناه اللتان تبتسمان بعشق الآن وهو يقول:
أنا حلو عشان عيونك حلوة يارحمتى.

نظرت إليه بعيون رائعة وهي تقول بدهشة:
أول مرة تقولى كدة.
إتسعت إبتسامته وهو يقول:
عشان حاسسها بجد، إنتى رحمتى من وحدة عشت فيها قبلك، ورحمتى من أي عذاب شفته في بعدك، ورحمتى اللى دايما معايا كل ما أحس بضيق واللى بتقدر تبعده عنى في ثوانى وتبدله براحة عمرى ما حسيتها غير وأنا معاكى بس.
رفعت يديها تحيط بها وجهه قائلة:
وإنت كمان عوض ربنا لية عن كل حاجة حصلتلى، مبحسش بالسعادة غير وأنا وياك بس يايحيى.

مال يقبل يدها الرابضة على وجنته قائلا:
قلب يحيى وعمره كله.
أحست رحمة بأنها تذوب بين يديه وكادت أن تستسلم لمشاعرها ولكنها تذكرت فجأة ما جاءت إلى يحيى كي تسأله عنه، لتخفض يديها قائلة بمشاعر مازالت مضطربة من أثر قبلته وهمساته:
صحيح إنت خرجت النهاردة روحت فين وراجع مضايق كدة ليه ياحبيبى؟
لاحظت رحمة لمحة من القسوة مرت بعينيه، تعجبت لها خاصة وأن صوت يحيى لم يحملها وهو يقول:
كنت مع مراد في المستشفى.

إتسعت عينا رحمة بجزع وهي تقول:
ليه، حصله حاجة تانى؟
قال بنفي وبصوت شعرت فيه بحزنه:
لأ، مراد كويس، الموضوع بس إن شروق حصلها حادثة وخسرت البيبى.
شهقت بقوة وهي تضع يدها على فمها ثم رفعتها قائلة بصدمة:
وهي عاملة إيه دلوقت؟ومراد عامل إيه؟مخدتنيش معاك ليه بس يايحيى؟
أمسك يديها بين يديه قائلا:.

إهدى بس، هما بخير، أكيد الموضوع مش سهل عليهم بس مع الوقت هيتقبلوه وهيعوضوا اللى راح منهم، ومكنش ينفع آخدك ولسة حالة شروق النفسية مش مستقرة، ده غير رجوع مامتك النهاردة، والأمور كانت متلخبطة شوية.
أومأت برأسها قائلة:
معاك حق، طيب انا عايزة أشوفها يايحيى وأطمن عليها بنفسى.
قال يحيى:
هوديكى ليها، بس يومين كدة على ماتبقى أحسن، على الأقل نفسيا يارحمة.
أومأت برأسها موافقة، ثم تنهدت وهي تنظر إلى عينيه قائلة:.

طيب الوقت متأخر، مش هتنام ياحبيبى؟، إنت شكلك بجد تعبان.
نظر إلى عينيها الجميلتين وهو يقول:
وهتاخدينى في حضنك عشان أرتاح يارحمة؟
تنهدت قائلة:
حضنى ده ملكك ياقلب رحمة.
إبتسم وهو يضمها إلى صدره يغمض عينيه، يشعر بالإرتياح وهو يستنشق عبيرها، فبين ذراعيها هي فقط، وجد راحته.

دلفت شروق إلى تلك الشقة الجديدة مع مراد الذي صمم أن يحملها رغم أنها تستطيع المشي جيدا، فالحمد لله لم تصب بكسور من ذلك الإعتداء الذي أصابها، فقط فقدت جنينها وإمتلئ جسدها ووجهها بالكدمات البشعة، أدخلها مراد إلى الحجرة الرئيسية ومددها ثم جلس بجوارها قائلا:
حمد الله على السلامة ياشوشو، نورتى بيتك.
تأملت المكان حولها قائلة بضيق:.

مكنش ليه لزوم تنقلنا شقة تانية يامراد، واضح إن الشقة دى أغلى كتير من التانية.
إبتسم قائلا:
مفيش حاجة تغلى عليكى ياحبيبتى، النقل كان ضرورى، أولا عشان الأمان، الشقة اللى كنا عايشين فيها مبقتش أمان خلاص، ثانيا الشقة التانية هتفكرك بكل حاجة حصلتلك، وعشان كدة نقلتك هنا، ثالثا إحنا مش هنقعد فيها كتير، فترة كدة وهنروح حتة تانية.
قالت في لهفة:
هنرجع شقتنا؟
قال في غموض:.

لأ، هنروح مكان كان المفروض كنت أعيشك فيه من زمان.
نظرت إلى عينيه في حيرة قائلة:
مكان إيه ده؟
قرص وجنتها بخفة قائلا:
متشغليش بالك دلوقتى، وقوليلى، أخبارك إيه؟
إبتسمت قائلة:
أنا بخير طول ما إنت في حياتى يامراد، وجودك جنبى هون علية كل حاجة.
أمسك يديها بين يديه قائلا:
أنا جنبك وهفضل طول عمرى جنبك، أنا ماصدقت لقيتك ياحبيبتى.
إبتسمت وهي تتأمله بعشق، لتقول بعد لحظة:.

على فكرة، على أد ما كنت بغير من رحمة، على أد ما بحبها دلوقتى، زيارتها لية في المستشفى وكلامها خففوا عنى كتير،
إبتسم قائلا:
رحمة ما تفرقش عنك ياشروق، انتوا الاتنين ملايكة، مكان مابتكونوا بتنشروا فرحة وراحة وحب.
نظرت إلى عينيه قائلة بلهفة:
يعنى انت بجد شايفنى زيها يامراد؟
قال مراد بعشق:
أنا دلوقتى شايفك غير الكل، إنتى بالنسبة لى دلوقتى وعلى رأي كاظم بتاعك ده، ست النساء.
أدمعت عيونها قائلة:
بجد يامراد؟

رفع يده يمررها على خد شروق السليم قائلا بحب:
بجد ياقلب مراد.
غرق كل منهم في عيون الآخر، ليتنحنح مراد قائلا:
إحمم، على فكرة كدة غلط، أنا شوية ومش هقدر أمنع نفسى عنك، والدكتور منبه علية، متودنيش في داهية أبوس إيدك.
تعالت ضحكاتها، ليتيه فيها ثم نهض قائلا:
لأ، أنا همشى بقى قبل ما أتهور يابنت الناس،
توقفت عن الضحك وهي تقول بحزن:
إنت هتمشى وتسيبنى.
مال يقبل وجنتها برقة ثم يقول وهو يستمع إلى جرس الباب:.

غصب عنى، بقالى كام يوم غايب عن البيت والشغل، هروح أظبط شوية حاجات وهرجعلك، ونهاد جت أهي، هتقعد معاكى لحد ما أرجع، وأوعدك، مش هتأخر.
إبتسمت تعلن بإبتسامتها موافقتها على ذهابه ليقبل رأسها ثم ينظر إليها نظرة أخيرة قائلا:
لا إله إلا الله.
إتسعت إبتسامتها وهي تقول:
محمد رسول الله.
ليغادر تتبعه عيناها بعشق قبل أن تتنهد قائلة:
بحبك يامراد، بحبك أوي.

قالت بشرى بعصبية:
قصدك إيه يابهيرة؟
تلفتت بهيرة حولها تتأكد من عدم وجود أحد يمكنه سماعها وعندما إطمأنت قالت بهدوء:
زي ما قلتلك، اكيد محتاجة وقت عشان أكسب ثقتها من تانى، وبعدين يحيى آخد باله منى كويس، حاساه مش مرتاحلى ومراقبنى، فمينفعش أتسرع عشان مغلطش.
زفرت بشرى ثم قالت:
تمام يابهيرة بس إنجزى، على ما أشوف مراد كمان ده راح فين، بس خليكى جاهزة، عشان ممكن أتصل بيكى في أي وقت، مفهوم؟
قالت بهيرة:
مفهوم.

أغلقت بشرى الهاتف بوجهها لتقول بهيرة بضيق:
بتتكلم كدة ليه وبتتأمر بس على إيه؟أمال لو مكنتش محتاجانى كانت عملت فية إيه؟، حاجة تجيب الضغط.
لتبتعد بخطوات غاضبة، ليظهر يحيى من أحد الأركان يتابع إبتعادها بعيينه، ليتأكد تماما من حدسه، وتقسو عينيه وهو يتوعد لها ولمن خلفها بعذاب شديد.

كانت بشرى تجلس على الأريكة تمسك مجلة الموضة تتصفحها بلا مبالاة، فمزاجها اليوم غير رائق بالمرة، حين فتح الباب ودلف مراد، لتقول بشرى بسخرية:
لسة بتفتكر إن ليك زوجة وبيت تسأل عليهم يامراد.
نظر إليها مراد مطولا للحظات، لتشعر هي رغما عنها بالإضطراب من نظراته الخالية من المشاعر، والتي تمتلئ ببرودة كالجليد تماما، تتساءل هل عرف بفعلتها؟، لتنفض هذا الإحتمال فأنى له أن يعرف؟ليقاطع أفكارها قائلا ببرود:.

بشرى، أنا لسة راجع البيت وتعبان ومش فاضى أبدا لتلميحات سخيفة عن تقصيرى معاكى.
لتنهض قائلة بعصبية:
أمال فاضى لإيه بالظبط، ها؟كنت فين يامراد المدة اللى فاتت دى كلها؟
نظر إلى عيونها مباشرة وهو يقول ببرود:
كنت مسافر في شغل.
رفعت حاجبيها قائلة بسخرية:
شغل برده؟شغل إيه اللى الشركة متعرفش عنه حاجة، وشغل إيه اللى مخلى شكلك كدة؟، وكأنك منمتش من شهور.
قال بهدوء يحمل بعض السخرية:.

مظنش إن الوقت يسمح أشرح لسموك الشغل ده، ده غير إنك قولتيها بنفسك، انا فعلا منمتش ومحتاج أنام، عن إذنك.
كاد ان يغادر متجها لغرفته حين إستوقفه صوتها وهي تقول بغضب:
إنت هتستعبط يامراد؟
ليلتفت إليها يمسك ذراعيها بيديه قائلا بقسوة:
إنتى إزاي تتكلمى معايا بالشكل ده، إنتى نسيتى نفسك ولا إيه؟انا مراد الشناوي واللى يطول لسانه علية، أقطعهوله، مفهوم؟
نظرت إليه بصدمة ليهدر قائلا:
مفهوم؟

اومأت برأسها لينظر لها ببرود ثم يتركها ويبتعد متجها لحجرته، تتابعه بعينيها بغيظ قبل أن تقول بغل:
والله وطلعلك صوت يامراد، بقى عايز تقطع لسانى، طب نهايتك هتكون على إيدى، وبكرة تشوف.

قالت رحمة بإستنكار:
إنتى بتقولى إيه بس ياماما؟، لأ طبعا، يحيى مستحيل يتجوز علية أو يفكر حتى يعملها.
قالت بهيرة بهدوء:
وليه لأ يارحمة، ماباباه عملها قبل كدة وإتجوز مامة هشام، وباباكى عملها بعده وإتجوزنى، ويحيي نفسه إتجوزك بعد راوية، إيه اللى يمنعه يتجوز تالت، ده شئ بيجري في دمهم ياحبيبتى مجرى الدم.

كادت كلمات بهيرة ان تفتك بقلب رحمة شكا، فبالفعل حدث كل ما قالته والدتها، ولكن لوالد يحيى ويحيي ظروفا أجبرتهم على الزواج، وهو وفاة زوجتهم الأولى، وإضطرارهم للزواج مرة ثانية، أما أباها فخضع لسحر أمها، ولم يكن له حق أبدا في ذلك، ولكنها لن تلومه الآن وقد واراه الثرى، لتتساءل بقلق، ترى هل من الممكن أن تأخذه منها أخرى؟، خاصة وهو يعلم بعدم قدرتها على الإنجاب، كادت بهيرة أن تبتسم إنتصارا وهي ترى ملامح الشك على وجه إبنتها، ولكنها مالبثت أن شعرت بالصدمة، حين إختفت تلك الملامح ليحل مكانها يقينا وهي تقول:.

مستحيل أصدق إن يحيى ممكن يتجوز علية، أنا بحب يحيى، ويحيي بيحبنى ياماما، ومستحيل يعمل كدة، عن إذنك أنا رايحة لهاشم عشان ده ميعاد أكله.
تابعتها بهيرة بعينيها يتآكلها الغيظ، وهي تقول:
طالعة هابلة زي أبوكى.
بينما إبتسم يحيى بعشق وهو يتابع صعود رحمة، بعد ان إستمع إلى كلماتها ليدرك انها أصبحت تثق بعشقه لها، لينظر إلى بهيرة ويدرك أنها أصبحت أيضا خطرا شديدا لابد من إقتلاعه، فورا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة