قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل الثامن والعشرون

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل الثامن والعشرون

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل الثامن والعشرون

كانت بهيرة تقف في الحديقة إلى جوار رحمة التي كانت تلاعب هاشم بالكرة، ينتابها التوتر الشديد، فقد هددتها بشرى في الهاتف اليوم، إن لم تحضر رحمة إليها بعد ساعة من الآن فلتعتبر إتفاقهما لاغى، وسترسل ليحيي ورحمة كل تسجيلات محادثاتهما مع حذف صوتها بالطبع، لتخشى بهيرة غدر بشرى وتهديدها، وها هي تتحين الفرصة لإحكام خدعتها، حتى حانت من رحمة إلتفاتة لوالدتها، لتتظاهر بهيرة بأنها على وشك الإغماء، لتصاب رحمة بالجزع وتسرع إليها تسندها وهي تقول بقلق:.

ماما مالك، فيكى إيه بس؟
قالت بهيرة بصوت حاولت أن تبث الضعف به:
قعدينى بس يابنتى وأنا أقولك.
أجلستها رحمة وهي تجلس بجوارها تضم يدها بين يديها قائلة:
طمنينى ياماما، إنتى كويسة؟
قالت بهيرة بعيون غشيتها دموع التماسيح:
الحقيقة يارحمة، إن أنا مريضة بالقلب،
كتمت رحمة بيدها شهقة كادت ان تخرج منها وبهيرة تستطرد قائلة:.

أنا كنت متابعة مع دكتور بس لما الدنيا ضاقت بية مبقتش أروحله، وفى الفترة الأخيرة بقت تجيلى نوبات دوخة وضيق نفس زي ما إنتى شايفة.
قالت رحمة من خلال دموعها التي سقطت حزنا على والدتها:
ياحبيبتى ياماما.
تظاهرت بهيرة بالإستكانة وهي تقول:
كان المفروض أروحله من شهر أعمل باقى الأشعة والتحاليل، بس للأسف مروحتش، وشكل حالتى متأخرة يارحمة أو جايز قربت أمو...
قاطعتها رحمة وهي تضع يدها على فم والدتها قائلة بجزع:.

بعيد الشر عنك ياماما، طول ما فيه أمل لحالتك يبقى مفيش يأس، وأنا معاكى وبإذن الله هتقوميلنا بالسلامة ياحبيبتى.
أمسكت بهيرة بيد إبنتها الموضوعة على فمها بين يديها قائلة:
لكن يارحمة العلاج غالى و...
قاطعتها رحمة قائلة بصوت قاطع:
مفيش لكن، أنا قلتلك طول ما فيه أمل يبقى هنمشى وراه ولو كلفنى علاجك كل حاجة بملكها، هدفعها ياماما وأنا مبسوطة إنك موجودة في حياتى.
ربتت بهيرة على يدها قائلة بحنان زائف:.

يخليكى لية يابنتى.
لتمسح رحمة دموعها وهي تنهض قائلة في تصميم:
أنا هاخد هاشم أوديه لروحية عشان تاخد بالها منه وهتصل بيحيي وأجيلك عشان نروح للدكتور بتاعك، دقايق بس، مش هتأخر.
اومأت بهيرة برأسها موافقة، لتتجه رحمة لهاشم الذي يلعب بالكرة تحمله بين ذراعيها متجهة إلى داخل المنزل بينما تتابعها عيون بهيرة بإبتسامة ساخرة قائلة:
مش قلتلك هابلة زي أبوكى.
لتتسع إبتسامتها الساخرة وعيونها تلمع، بإنتصار.

طرقت بهيرة جرس الباب لتفتح بشرى وتلمع عيونها وهي ترى مجدى الذي يحمل رحمة الغائبة عن الوعي لتفسح له الطريق بالدخول تتبعه بهيرة لتنظر بشرى خارج المنزل تتأكد من أن أحدا لم يرهم أثناء دخولهم المنزل، لتغلق الباب بهدوء وقد شعرت بالراحة لتشير لمجدى الواقف بهدوء ينتظر أن ترشده لحجرتها، لتسبقه وهي تفتح باب الحجرة بحذر، ليدلف مجدى إليها ويضع رحمة الغائبة عن الوعي على السرير بجوار مراد الغائب عن الوعي بدوره، ثم يخرج من الحجرة تتبعه بشرى لتقول بسرعة:.

كدة تمام أوي، إمشوا بقى بسرعة لإنى كلمت يحيى وأكيد قرب ييجى، مش عايزاه يلمحكوا، مفهوم؟
قال مجدى:
وقلتيله إيه؟
قالت بشرى:
زي ما إتفقنا، قلتله إلحقنى يايحيى، انا لقيت مراد مع واحدة في البيت، هو طبعا فضل يهدينى، أكيد فاكر إنها أي واحدة ميعرفش إنها مراته رحمة، الصدمة هتبقى كبيرة عليه وأكيد هيفكر يموتهم بس أنا هكون موجودة وهمنعه.
أومأ مجدى برأسه قائلا:
تمام وأنا هكون قريب عشان لو إحتجتينى.
قالت بسرعة:.

كويس أوي، يلا بقى إمشوا بسرعة.
قالت بهيرة في جشع:
طب وفلوسى، انا مش جبتها لحد عندك.
قالت بشرى بحنق:
يخلص بس الموضوع ده وكل اللى طلبتيه هتاخديه، يلا بقى إمشوا عشان ألحق أظبط الدنيا قبل ما ييجى.

غادر الإثنان، لتدلف بشرى إلى الحجرة، تخلع عن رحمة هذا الجاكت القصير التي تلبسه على فستانها ليظهر كل من كتفها و ذراعيها العاريتان ثم تلقى بالجاكت أرضا، لتبعثر شعر رحمة الرائع بيدها، تود لو قصته لها من غلها، ولكن هذا ليس الوقت المناسب لتفعل ذلك، نظرت إلى مراد لتسحب يده وتضعها على خصر رحمة، لتبتعد ناظرة إليهما بإبتسامة راضية، قبل ان تخرج من الغرفة، وتحاول ذرف بعض الدموع وهي تنتظر قدوم يحيى، بفارغ الصبر.

دق جرس الباب لتسرع بشرى بفتح الباب وهي تتظاهر بالإنهيار التام، ليقول يحيى بجزع:
فين مراد يابشرى؟
أشارت بشرى بيد مرتعشة إلى حجرة النوم ليتجه يحيى إليها، فأسرعت بشرى ووقفت بين يحيى والباب تقول في جزع مصطنع:
بلاش تدخل يايحيى، صدقنى مش هتتحمل الصدمة ولا هتقدر تتقبل اللى أنا شفته.
عقد يحيى حاجبيه قائلا:
قصدك إيه يابشرى؟
قالت بشرى بحزن مفتعل:.

الإتنين اللى جوة دول أقرب الناس لقلبك والإتنين خانوك وخانونى يايحيى.
إزداد إنعقاد حاجبي يحيى وهو يشعر بالتوجس في قلبه ليقول بصرامة:
إبعدى عن طريقى يابشرى.
قالت بشرى:
بس...
هدر بها يحيى قائلا:
قلتلك إبعدى.

تظاهرت بالخضوع وهي تبتعد عن طريقه، ليدلف إلى الحجرة ويشاهد هذا المنظر الذي هز كيانه وأعاده إلى الماضى بكل قسوة، ليقف متجمدا يطالع أخاه وهو يضم زوجته شبه العارية في سرير، لتبدو زوجته على وشك الإستيقاظ ببطئ، لتفتح عيونها وترى زوجها الواقف بوجه خال من المشاعر ينظر إليها لتقول بضعف:
يحيى...

لتتسع عينيها بصدمة وهي ترى وضعها المخجل وتدرك أنها تقع مجددا فريسة لخدعة محكمة، كل هدفها تفريقها عن يحيى لتنتفض مبتعدة عن مراد تضم جسدها بقوة تبحث بعيونها عن مايسترها لتجد الجاكت خاصتها ملقى أرضا، فسحبته بسرعة ولبسته تحت أنظار يحيى الذي ينظر إليها دون أية مشاعر تظهر على وجهه، طالعته بعد ان إرتدت ملابسها، تريد أملا، ثقة، أي شئ يدفعها لتبرير ما حدث والتي باتت واثقة الآن من تلك المؤامرة وخيوطها التي حيكت ضدها، خاصة مع تلك النظرة المنتصرة والقابعة في أعماق عيون تلك الأفعى التي تقف بجوار يحيى، هي فقط تريد أن تشعر بأن يحيى قد تغير، أنه قد بات يثق بها، فلا يكرر أخطاء الماضى، لمحة من الحنان في بئر عينيه قد ينقذ قصة عشقهما من ضياع باتت تشعر به الآن، وهي تلاحظ، تلك العيون التي إكتست ببرود جليدي، كذلك الذي أحاط بقلبها الآن، لتقول بشرى عندما طال الصمت:.

قلتلك متدخلش، إنت اللى مرضتش...
هدر بها يحيى قائلا:
إخرسى يابشرى.
صمتت بشرى على الفور ليقول يحيى بنبرة جليدية:
إنزلى إستنينى في العربية.

أطرقت رحمة برأسها لتغادر الحجرة بخطوات منكسرة، تشعر بأنها الآن لديها رغبة واحدة، الموت، فلم يعد هناك سبب تعيش لأجله فالضربة تلك المرة قاصمة، فيحيي الذي منحته كل شئ، دون حدود او قيود، خذلها من جديد، ولكن تلك المرة قاتلة، نظرت إلى سيارته بحزن، لا، هي لن تعود معه، فقد إنتهى كل مابينهما، وربما آن أوان فراقهما، للأبد.

كادت بشرى أن تتحدث ليقول لها يحيى بصوت حاد:
إطلعى برة يابشرى.
قالت بشرى بقلق:
هتعمل إيه يايحيى؟
هدر بها قائلا:
إطلعى برة.
غادرت الغرفة بسرعة، لتزرع الصالة جيئة وذهابا بقلق حتى رأته على أعتاب الحجرة، عيونه بلون الدماء لتقول متوجسة:
عملت إيه في أخوك يايحيى؟
قال يحيى بصوت متهدج:.

كنت هقتله وأقتلها، بس خسارة أضيع روحى في واحد زيه وواحدة زيها، أنا همشى دلوقتى، هروح أطلقها وإبقى قوللى للى جوة ده إن أخوه يحيى مات.
ليبتعد متجها إلى الباب ليغادر المنزل فإستوقفه صوتها وهي تقول:
يحيى.
إلتفت إليها لتقول بتسرع:
أنا هعمل إيه؟
نظر إليها بتساؤل لتقول متلعثمة:
اللى، يعنى، عملته ده، عين العقل، بس أنا هيكون مصيرى إيه؟
عقد حاجبيه قائلا:
مش فاهم، قصدك إيه؟
إقتربت بشرى من يحيى قائلة:.

أخوك وطلع خاين وحقير وأكيد هطلق منه وإنت أكيد هتساعدنى، ورحمة وهتطلقها، طيب، أنا وإنت هنعمل إيه؟
إزداد إنعقاد حاجبيه لتقول مستطردة:
بما إننا أخلصنا في حبنا وملقيناش من اللى حبيناهم جزاء غير الخيانة فإيه رأيك نبقى أنا وإنت مع بعض يايحيى، وأهو بالمرة يكون ده إنتقامنا الحقيقى منهم.

لم يظهر على وجهه أي تعبير، لتقول مستطردة وقد إنتعش الامل بقلبها لعدم رفضه القطعي، تقرر بكل تسرع أن تصارحه بمشاعرها لتقترب منه أكثر حتى توقفت أمامه تماما قائلة
وهي تضع يدها على صدره ناظرة إليه بعشق:.

أنا طول عمرى معجبة بيك يايحيى، طول عمرى بقول بشرى ليحيي ويحيي لبشرى، ولما إتجوزت راوية وأنا إتجوزت مراد رضيت بنصيبى، بس غصب عنى كنت شايفاك كتير على راوية وكتير على رحمة، غصب عنى كنت بشوفنى نفسى أنا وبس مناسبة ليك، وبعد خيانة الإتنين دول، مبقاش فيه داعى أكتم مشاعرى أكتر من كدة،
رأت إبتسامته الساخرة قبل أن يقول:
تعرفى يابشرى، لو إنتى آخر ست على وش الأرض مستحيل هقرب منك، عارفة ليه؟

نظرت إليه وهي تعقد حاجبيها قائلة:
ليه يايحيى؟
إنتفضت وإتسعت عيناها على آخرهما حين إستمعت إلى صوت مراد وهو يقول بحقد:
عشان إنتى أحقر إنسانة خلقها ربنا يابشرى.
إلتفتت تنظر إلى هذا الذي يقف أمامها ينظر إليها بكره شديد، لتعود بنظراتها إلى يحيى الذي نظر إليها بسخرية، لتدرك ماحدث، لقد أرادت أن تنصب لرحمة فخا فكانت هي من أعد لها الفخ ووقعت هي فيه بكل رعونة، لتقول بتوجس:.

إنتوا مالكو، بتبصولى كدة ليه، هو أنا عملت إيه يعنى؟
إقترب منها مراد قائلا:
يابجاحتك يابشرى، بتخدرينى وبتخدرى رحمة وبتحاولى تعملى عملتك السودة دى لتانى مرة، وبرده بتسالى عملتى إيه؟بتعترفى لأخويا بحبك ليه وبإنك عايزة ترتبطى بيه وبرده بتسألى عملتى إيه؟بتقتلى إبنى وبتحاولى تقتلى مراتى ولسة بتسألى عملتى إيه؟
إنتابها الغضب وهي تدرك أنه تم كشفها وأن كل شئ قد ضاع من بين يديها لتقول بغل:.

انتوا السبب ياولاد الشناوي.
لتلتفت قائلة ليحيي:
طول عمرى بحبك، لكن إنت مشفتنيش وفضلت علية اللى إسمها رحمة فكان لازم أفرق بينكم بأي طريقة.
ثم إلتفتت إلى مراد قائلا:
حتى إنت إتجوزتنى بس عاملتنى زي أي واحدة غريبة، لا حبيتنى ولا إديتنى أي مشاعر تخلينى أقدر أنساه.
قال مراد بنبرة جليدية:
مسألتيش نفسك ليه محبتكيش؟
قالت بغل:
عشان كنت بتحب رحمة.
إبتسم بسخرية قائلا:
طب ليه حبيت شروق وأنا بحب رحمة زي ما بتقولى؟

عقدت حاجبيها ليستطرد قائلا:
عشان لقيت مع شروق اللى عمرى مالقيته معاكى، حب حقيقى، تضحية، حنان وسكن وراحة، الواحدة في إيدها تخلى جوزها مش بس يحبها، لأ كمان يعشقها.
ليضيف بصرامة:
وإحمدى ربنا إنى محبتكيش وإلا كان عقابك دلوقتى الموت على إيدية يابنت الدرملى، مش بس العقاب اللى هتتعاقبى بيه أبدا.
نقلت بصرها بين الأخوين وقد إتسعت عيناها توجسا وهي تقول:
عقاب إيه، إنتوا هتعملوا فية إيه؟
قال يحيى بسخرية:.

متقلقيش، قرصة ودان بس تقيلة شوية.
كادت أن تصرخ مستنجدة ليضربها مراد بخفة على مؤخرة رأسها وتسقط فاقدة الوعي، بينما قال يحيى بهدوء:.

وديها المخزن يامراد، وأنا هنزل بسرعة ألحق أفهم الغلبانة اللى تحت دى الحقيقة واللى أكيد فاكرة إنى صدقت فيها زي زمان، متعرفش إن إحنا إتفقنا في المستشفى، على إننا هنحاول نوقع بشرى ونسجلها صوت وصورة بلاويها عشان العيلة متلومش عليك طلاقها، كنا عايزين إعتراف منها بإنها اللى قتلت طفلك بس هي ساعدتنا وعملت أكتر من كدة كمان، عملت اللى يخلى العيلة غضبانة عليها عمر بحاله.
أومأ مراد برأسه قائلا:.

تمام، روح إنت ومتقلقش، أنا مش عارف أشكرك إزاي على إنك وقفت جنبى وفتحت عيونى اكتر على بلاويها ولولا فهمتنى حقيقتها، كانت هتبقى صدمة كبيرة علية وأنا بسمع كلامها دلوقتى.
قال يحيى بهدوء:
متشكرنيش يامراد، الحمد لله إن شرها وقف لحد هنا ولحقناه قبل ما تضر حد فينا أكتر من كدة، سلام دلوقتى.
قال مراد:
سلام.

ليسرع يحيى وينزل درجات السلم إلى حيث سيارته، كاد أن يجن وهو يلاحظ عدم وجود رحمة، ليشعر بالرعب في أوصاله، وهو يتأمل المكان الخالى من حوله، يصرخ قلبه بإسمها، في لوعة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة