قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل التاسع عشر

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل التاسع عشر

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل التاسع عشر

كانت رحمة تقف في الشرفة تتأمل الفضاء أمامها، لا تصدق ما آلت إليه قصتها مع يحيى، لقد أصبحت له أخيرا وأصبح لها، ورغم نكوثها بوعدها إلى أختها إلا أن يحيى لم يغضب من راوية بل سامحها لإنها بالنهاية جمعت بينهما من جديد، تنهدت وهي تتذكر أحداث الليلة الماضية بكل مشاعرها ورقتها، بيحياها الذي حملها معه إلى الجنة، لتتسلل بسمة إلى شفتيها حين أحاطت يد من يشغل بالها وقلبها بخصرها ثم قبل عنقها بقبلة أذابتها لتغمض عينيها تستشعر لذتها، لتفتحهما مجددا وهو يتكئ بذقنه على كتفها قائلا:.

صباح الخير.
قالت بإبتسامة:
صباح النور.
تنهد يحيى قائلا:
يرضيكى برده في صباحيتى مصحاش ألاقى عروستى جنبى قاعدة تبصلى وتتأمل ملامحى وأنا أبتسملها وأكسفها وبعدين أبوسها وأبوسها وأبوسها، وهنا تسكت شهرزاد عن الكلام المباح،
تعالت ضحكات رحمة ليبتسم يحيى وهي تلتفت تواجهه بعينيها الرائعتين الضاحكتين قائلة:
ده كلام روايات يايحيى، إنت بقيت بتقرا روايات؟
تأمل ملامحها الجميلة وهو يقول:.

إنتى ناسية عشقك للروايات يارحمة؟، من بعد ماسيبتينى بقيت أدور عليكى فيهم، أشوفك وأشوف نفسى في أبطالهم، وأفرح بالنهاية السعيدة لحكاياتهم، للاسف دى كانت الحاجة الوحيدة اللى بتصبرنى على بعدك،
تأملته بعشق وهي ترفع يدها تمررها على وجنته ليذوب من لمستها وهي تقول:
لما إنت بتحبنى أوي كدة يا يحيى، ليه إتخليت عنى، ليه ضيعت من عمرنا كل السنين دى؟

مال يقبل يدها وهو يغمض عينيه يخفى ألمه من فعلته التي أثرت بمحبوبته بهذا الشكل ليفتحهما مجددا وهو ينظر إلى عمق عينيها قائلا:.

غلطة كبيرة هفضل عمرى كله أندم عليها، و أعوضك عنها، بس لازم تعرفى انه كان غصب عنى، المشهد اللى شوفته وحبكته تخدع أي إنسان وخصوصا لو إنسان بيحب وبيغير على حبيبته، الغيرة شئ بشع يارحمة، بتخليكى عامية ومش شايفة أدامك، وأنا ساعتها مشفتش غير جرحى من الغدر، كان لازم أكون متأكد من مشاعرك أيوة، بس عذرى إن إحنا كنا لسة معترفين لبعض بالمشاعر دى، ومكنتش ساعتها متأكد من حاجة غير مشاعرى من ناحيتك وبس.

إقتربت منه حتى لفحته أنفاسها وهي تقول:
ودلوقت؟
تأملها بشوق، بعشق ملك عليه كيانه، ليهمس أمام شفتيها قائلا:
دلوقتى أنا متأكد إن يحيى بيعشق رحمة ورحمة بتعشق يحيى، وإن لقاهم نصيب وعشقهم قدر وفراقهم...
إبتسمت وهي تقاطعه قائلة بهمس:
مستحيل، فراقهم مستحيل يايحيى.
غامت عينا يحيى وهو يقول بعشق:
قلب يحيى وعمره كله.

ليميل ويقبلها قبلة ناعمة رقيقة وكأنه يتذوقها، يرشف من شهدها، يذيبها بقبلته تلك، لترفع يدها إلى عنقه تتخلل شعره بأصابعها تضمه لها مبادلة إياه قبلته الرائعة ليتعمق بقبلته وقد انتفض قلبه من لمساتها ليتركها فقط كي يتنفسا وهو يضع جبهته على جبهتها، مغمض العينين يقول بهمس:
بعشقك يارحمة.

ثم وفى ثوان كان يحملها بين يديه يدلف بها إلى الحجرة ليكمل لها تلك المعزوفة والتي يعزف فيها بلمساته وقبلاته على أوتار مشاعرها، تلك المعزوفة الرائعة التي لها بداية ولكنها بالتأكيد، بلا نهاية.

قال مراد بلهفة:
بجد ياعزت، عرفت عنوان صاحبتها؟، متأكد إنها هناك؟
ليصمث لثوان مستمعا إلى صديقه ليقول بعدها بسرعة:
طيب إدينى العنوان، أيوة، أيوة إبعتهولى في ماسيدج.

ليغلق الهاتف وهو يشغل سيارته ليصل إلى مسامعه صوت يدل على وصول تلك الرسالة إليه ليفتحها على عجلة وتلتمع عيناه، فالمكان الذي توجد به شروق ليس بعيدا عن هنا، كيف لم يخطر على باله هذا المكان من قبل وقد عاشت فيه لفترة قصيرة قبل أن يتزوجها، لابد وأن هناك خطب ما في رأسه أو أن غيابها لم يترك له عقل بالتأكيد ليفكر به، ليبتسم في إنتصار وهو ينطلق بسيارته بسرعة يسابق الريح كي يصل إليها، يزيد من سرعة السيارة فهو في شوق لرؤية محبوبته والإطمئنان على طفله، فلم ينتبه لتلك السيارة التي جاءت من الطريق المعاكس، حاول تفاديها بكل قوته ومهارته في القيادة وبالفعل تفاداها لكنه وجد نفسه متجها إلى شجرة حاول كبح فرامل سيارته ولكن وللأسف الشديد، كانت محاولة متأخرة، ليصطدم بالشجرة بعنف وترتطم رأسه بالمقود وهو يشعر بالألم الشديد قبل أن يغرق في ذلك الظلام الذي أحاط به.

رن هاتف بشرى لتمد يدها إليه قائلة في نعاس:
ألو.
إنتتفضت فجأة وإحتلت ملامحها السعادة وهي تقول:
يحيى،
ثم تلاشت إبتسامتها وعقدت حاجبيها قائلة:
إمتى الكلام ده حصل؟
لتنفض الغطاء عنها بسرعة وهي تقول:
طيب أنا جاية حالا، مسافة السكة.
ليستيقظ مجدى على صوتها ويفرك عينيه وهو يراها تحدث أحدهم في الهاتف ليقول بنعاس:
مين ده اللى بيتصل بيكى في نص الليل يابشرى؟
كانت بشرى ترتدى تنورتها وهي تقول بسرعة:.

ده يحيى، مراد عمل حادثة ولازم أروحله المستشفى حالا.
نهض بدوره قائلا:
طيب، أوصلك؟
قالت بشرى بإستنكار:
توصلنى فين بس؟، انت عايز يحيى يشوفك وتبقى مصيبة، المستشفى قريبة من هنا، مش بعيدة، مسافة السكة.
أومأ مجدى برأسه متفهما وهو يقول:
طيب أول ما توصلى طمنينى عليكى يابشرى.
أومأت بشرى برأسها وهي تقول بسرعة:
هطمنك، سلام دلوقتى.

وتركته لتغادر الحجرة يتبعها بعينيه في قلق، يتمنى أن تصل إلى المستشفى دون أن يصيبها، أي مكروه.

دلفت بشرى إلى المستشفى وإتجهت مباشرة إلى الحجرة التي أخبرها يحيى بوجودهم بها لتتجمد مكانها وهي تجد يحيى يقف أمامها يضم رحمة إلى جانبه و تميل هي على صدره تبكى بدموع التماسيح، لتستدر عطفه بينما ينظران من خلال تلك النافذة الزجاجية للقابع بالداخل على سريره ملتفا ببعض الأربطة التي تحيط برأسه ويده، إشتعل الحقد بداخلها خاصة وهي تستمع إلى نبرات يحيى الحانية وهو يقول:.

إهدى يارحمة، الحمد لله إنها جت على أد كدة، بإذن الله بكرة يفوق ويبقى زي الفل.
لتقول هي بهمس باكى:
يارب يايحيى، يارب.
ليزيد من ضمته إياها وتدفن هي رأسها بداخل صدره لتشتعل النار بصدرها، وهي ترى رحمة تستكين بين ذراعي يحيى وهي التي لطالما حلمت بوجودها في حضنه بدلا من تلك الساحرة الشريرة رحمة، لتتقدم بخطوات غاضبة بإتجاههما وهي تقول بنبرات خرجت رغما عنها محتدة وهي تقول:
أخبار مراد إيه يايحيى؟

إلتفتا لها سويا لتحاول رحمة الخروج من بين ذراعي يحيى بينما تمسك يحيى بها رافضا ما تفعله، ليقول هو بهدوء وهو يواجه بشرى قائلا:
الحمد لله يابشرى، نجا بأعجوبة، مجرد كسر بسيط في الدراع، وجرح بسيط في الراس، مفيش نزيف داخلى الحمد لله، بس الغريبة إنه دخل في غيبوبة، الدكاترة بيقولوا ملهاش سبب عضوى وان غالبا السبب نفسى، ولما هيكون مستعد هيخرج منها بنفسه.

ألقت بشرى نظرة عابرة على مراد ثم عادت بعينيها إلى يحيى ورحمة التي مازال يضمها إلى جانبه تطرق برأسها في حزن تتساقط دموعها، لتقول بشرى بحنق:
طيب، أظن إنك عارف يايحيى إن دى مستشفى محترمة والعمايل اللى بتعملها مراتك دى متليقش بالمكان، فياريت تروحها أو تبعدها عن هنا، لو مش هتقدر تمسك نفسها.

نظرت رحمة إليها في صدمة، تتساءل عن تلك القوة التي تتحدث بها وزوجها هناك على سرير المرض يعانى من آثار حادث كاد أن يودى بحياته، بينما لا يظهر بعينيها حتى أي أثر لألم او أي شعور، لتفيق من صدمتها على صوت يحيى الصارم وهو يقول:.

مراتى تعمل اللى هي عايزاه في أي مكان يابشرى وإذا كان الإحساس بالنسبة لك أو لغيرك عمايل متليقش بمكان محترم فاللى مش عاجبه يخرج من المكان، لإنه أكيد المكان المحترم اللى بتتكلمى عنه ده بتاعى صاحبى أنا، يعنى بتاعى، وأنا اللى مش هقبل يكون فيه ناس معندهمش أي إحساس، ومش هقبل مراتى فيه تتمس ولو بكلمة واحدة من ناس زي دول.
أدركت بشرى أنه يقصدها بكلامه لتتراجع عن حديتها وكلماتها قائلة بمداهنة:.

أنا مقصدتش كدة بس...
قاطعها قائلا بضجر:
بشرى، أنا أخويا في أوضة في مستشفى جوة غيبوبة مش عارف هيفوق منها إمتى، ودماغى فيها كتير ومش ناقص وجع دماغ، فياريت تشوفى مكان وتقعدى فيه أحسن.

نظرت إليه بشرى في حنق لمعاملته الجافة لها، لتبتعد بخطوات غاضبة بإتجاه هذا المقعد المواجه للحجرة وتجلس، تطالعهما يعودان إلى مكانهما أمام النافذة بعيون ظهر بهم حقدا شديدا، تفكر في طريقة للتخلص من تلك التي إستطاعت أن تروض هذا الليث وتجعله كالحمل الوديع بين يديها، تماما.

إقتربت نهاد من شروق الجالسة بالشرفة تشرب فنجال من الشاي وتتطلع إلى الأفق في شرود، لتقول في تردد:
شروق.
إلتفتت إليها شروق قائلة بهدوء:
أيوة يانهاد.
قالت نهاد بإضطراب:
أنا، الحقيقة، يعنى...
عقدت شروق حاجبيها وهي تلاحظ التوتر على ملامح صديقتها لتقول بحيرة:
مالك يانهاد؟فيه إيه؟
قالت نهاد وهي تحسم رأيها فيجب أن تعرف شروق الحقيقة لتقول بحزم:
مراد عمل حادثة.

وقع كوب الشاي من يد شروق لينكسر بصوت مدوي وهي تنظر إليها بعيون متسعة من الصدمة وقلب يرتجف رعبا وهي تقول بألم:
مراد جوزى؟
أومأت نهاد برأسها وهي تنظر إلى ملامحها الشاحبة في شفقة قائلة بسرعة:
هما بيقولوا إنه الحمد لله نجا منها بس دخل في غيبوبة.
تتلقى شروق صدمة تلو الأخرى بألم لتقول بهذيان:
غيبوبة، مراد، جوزى أنا؟، عرفتى منين يانهاد؟

اقتربت منها نهاد متجنبة ذلك الزجاج المكسور وهي تأخذ بيدها تبعدها عنه وتدخلها إلى الحجرة لتكون بأمان قائلة بحنان:
إنتى ناسية إنى ممرضة في المستشفى بتاعة الدكتور رءوف صاحب يحيى و مراد؟، أنا لسة جاية من هناك حالا، أنا بس عايزاكى تمسكى نفسك وتتمالكى أعصابك عشان تشوفى هتعملى إيه ياشروق؟
نظرت إليها شروق وقد أغروقت عيناها بالدموع قائلة:
هروحله طبعا، أنا لازم أشوفه يانهاد.
قالت نهاد:.

طيب إهدى، هتشوفيه ياشروق، بس هنظبطها إزاي ومراته أنا شايفاها بنفسى هناك.
تساقطت دموع شروق وهي تقول:
معرفش، بس عشان خاطرى يانهاد، إتصرفى أنا عايزة أشوفه.
فكرت نهاد قليلا ثم قالت:
أخوه يحيى، مفيش غيره ممكن يحل المشكلة دى.
إتسعت عينا بشرى قائلة بإستنكار:
لأ طبعا، يحيى لأ.
قالت نهاد:
إنتى مش قلتى إن يحيى عارف بجوازكم، يبقى ليه لأ؟
قالت شروق بحزن:.

يحيى عرف بجوازنا بالصدفة لما دور ورا أخوه ولاقاه بييجى كتير الشقة عندى، ولما جالى وبهدلنى عشان كان مفكرنى واحدة من إياهم، اضطريت أوريله قسيمة جوازنا، بس حلفته ميقولش لمراد، لإن مراد حابب جوازنا يفضل سر، وفعلا حافظ على وعده.
قالت نهاد:
يعنى راجل كويس، وهيقدر رغبتك في إنك تشوفى جوزك وتتطمنى عليه، وهو الوحيد اللى هيقدر يهيألك الفرصة، إيه المشكلة بس؟
هزت شروق كتفيها في قلة حيلة وهي تقول:.

مش عارفة بس خايفة أكلمه، وبعدين هجيب بس رقمه منين، رقمه مش معايا أصلا؟
قالت نهاد:
دى سهلة، سيبيها علية، هجيبها منه هو شخصيا، بس يلا جهزى نفسك، وأنا دقايق وأكون عندك.
إبتلعت شروق ريقها بصعوبة وهي تخشى إجراء تلك المكالمة ولكن من أجل مراد هي مستعدة لأن تفعل، أي شئ.

رأت رحمة يحيى عائدا بعد أن إبتعد عنهم قليلا وهو يجيب على مكالمة لإحداهن، تدعى شروق، لتقول بغيرة يشوبها الحيرة:
مين شروق دى يايحيى؟
أشار لها يحيى بالصمت وهو يتنحى بها بعيدا عن بشرى قائلا:
تعالى بس هنا وأنا اقولك.
عقدت حاجبيها قائلة بحنق:
مين دى يايحيى، السكرتيرة بتاعتك ولا عميلة عندك؟
رفع يحيى حاجبيه قائلا بإستمتاع:
حبيبتى غيورة أوي على فكرة؟
نظرت إليه بغيظ ليبتسم قائلا:.

طب خلاص خلاص، دى ياستى لا سكرتيرة ولا حتى عميلة، دى مرات أخويا.
نظرت إليه بدهشة قائلة:
أخوك مين؟
رفع حاجبه قائلا:
هيكون مين؟، مراد طبعا.
شهقت لتكتم شهقتها بسرعة وهي تنظر إلى بشرى لتزفر في راحة حين رأتها تتحدث بالهاتف ولا تعيرهما إهتماما، لتعود بعينيها إلى يحيى الذي كان يتابعها بتسلية وهي تقول بحيرة:
هو مراد متجوز واحدة تانية غير بشرى؟
رفع حاجبيه قائلا:
أيوة، شروق.
عقدت حاجبيها قائلة:
طب إزاي وليه؟

قال بهدوء:
لأ، دى قصة طويلة أوي هبقى أحكيهالك بعدين، المهم دلوقتى إنها جاية في الطريق وعايزة تشوف مراد، وأنا عايز أشوف حل للمصيبة دى اللى إسمها بشرى عشان أبعدها عن المكان قبل ما تيجى وتبقى كارثة، عندك حل يا حبيبتى؟
ظهر التفكير على وجهها لثوان ليعشقها يحيى أكثر وأكثر يتمنى لو ضمها إلى صدره الآن وأسكنها بين ضلوعه للأبد فيبتسم وتظهر غمازتيه الرائعتين حين لمعت عيناها وقالت بإنتصار:
لقيتها.

سردت على مسامعه خطتها الصغيرة الذكية ليدرك أن فاتنته هي فتاة مليئة بالمفاجآت وأن عشقه لها ليس من فراغ، ليس من فراغ أبدا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة