قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل العشرون

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل العشرون

رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل العشرون

دلفت شروق إلى حجرة مراد بجسد يرتعش قلقا على هذا الممدد على سرير المستشفى، تحيطه الأربطة البيضاء المرعبة، إنهمرت دموعها في صمت وهي تقترب منه، ترى شحوب وجه الذي أوجس قلبها خيفة عليه، جلست بجواره ومدت يدها تحيط بيده اليسرى السليمة بلهفة حزينة، تقول بهمس مرير:.

سلامتك ألف سلامة، ياحبيبى يامراد، ياريتنى كنت أنا اللى بدالك، ليه بس مأخدتش بالك من نفسك، إنت مش عارف غلاوتك عندى، إنت مش عارف لو جرالك حاجة أنا ممكن يجرالى إيه؟
لتسرع وهي تهز رأسها بجزع قائلة:
لأ، بعيد الشر، إنت مش ممكن يجرالك حاجة أبدا، مفهوم، إنت روحى يامراد، ومن غيرك أموت.
لترفع يده إلى شفتيها تقبلها بشوق وهي تغمض عينيها ألم.

لتشير رحمة إلى يحيى كي يبتعدا عن النافذة الزجاجية ويتركا لها بعض الحرية لتعبر عن مشاعرها بخصوصية، ليجلس يحيى وتجلس بجواره رحمة على تلك الكراسي المقابلة للحجرة، إستندت رحمة إلى كتف يحيى فرفع يده ووضعها على كتفها لتضم نفسها إليه تمد يدها وتمسك يده الأخرى تتخلل أصابعه بأصابعها وهي تقول بهمس:.

أنا عرفت دلوقتى ليه مراد إتجوز على مراته، شروق هي بجد اللى تستاهله، هي مراته الحقيقية، واضح جدا إنها بتحبه، وأكيد هو كمان بيحبها.
تنهد يحيى قائلا:
هي فعلا بتحبه، بس مع الأسف هو مش شايف حبها ده، معمي بحب واحدة تانية.
عقدت رحمة حاجبيها وهي تعتدل قائلة:
واحدة تانية، بس مراد مبيحبش بشرى وإلا مكنش إتجوز عليها، وكمان مش باين أبدا إنه بيحبها.
قال يحيى بهدوء:
بشرى مش هي الإنسانة اللى بيحبها يارحمة،.

عقدت حاجبيها قائلة في حيرة:
أمال هي مين؟وياترى أعرفها؟
أومأ برأسه إيجابا قائلا:
أيوة.
إزداد إنعقاد حاجبيها وهي تقول:
مين دى؟، قول بسرعة يايحيى متحيرنيش.
تأملها لثوان حبست فيهم أنفاسها ليقول هو بهدوء:
إنتى.
نهضت وقد إتسعت عيناها في صدمة قائلة:
أنا؟
أومأ برأسه قائلا:
أيوة إنتى، بس إهدى كدة وأقعدى عشان أفهمك.
جلست ومازالت الصدمة ظاهرة بعينيها ليستطرد يحيى قائلا بشرود:
أنا هحكيلك حكاية صغيرة...

من زمان، عرفنا إن عمى إتجوز وجاب طفلة تانية غير راوية إسمها رحمة، وإنها جميلة ورقيقة زي البدر، بتشبه مامتها بالظبط، كان نفسنا نشوفها بس جدنا كان مانعنا، ولما هربت مامتها وباباها اتوفى، دخلت هي حياتنا، دخلتها بطلتها، بجمالها، بسحرها، بطيبتها وخفة دمها، دخلتها بروحها اللى جذبت الكل وخلتهم إما عاشقين لها أو غيرانين منها زي بشرى، للأسف حبها الإخوات التلاتة، وللأسف برده محدش فيهم صارح التانى بمشاعره، الكبير كان عاميه حبه عن إنه يشوف إن إخواته هما كمان حبوا حبيبته، أما الصغير ولإنه طايش ومجنون ومريض نفسى، قدر يتجوزها رغم حب أخوه الكبير ليها وحبها ليه، وبعدها إكتشف الأخ الكبير أن أخوه الوسطانى كمان بيحبها لما إعترفله بالحب ده في لحظة ضعف منه بعد جوازها من أخوهم الصغير، كانت صدمته كبيرة وهو شايف إخواته حبوها زي ما حبها هو بس اللى كان متأكد منه إنهم محبوهاش أده، وإنهم لو حبهم في يوم إنتهى من قلوبهم، حبه هو مش ممكن ينتهى وإنه محفور في جلده، فجأة الصغير عرف إنها مبتحبوش وده جننه، والأخ الوسطانى بدأ يفوق من وهمه قبل ما يتجنن هو كمان، لكن حب الأخ الكبير لرحمة هو الحاجة الحقيقية بس في حياتهم، واللى فضلت زي ما هي متغيرتش، والأكيد إنه هيفضل يحبها مهما طال بيهم العمر،.

نظرت إلى أصابعه التي تمسكت بأصابعها ثم نظرت إلى عيونه بعيون غشيتها الدموع قائلة بحنان:
الحمد لله إن ربنا جمعنا وفوق مراد يايحيى قبل ما يخسر كل حاجة زي هشام، أما أنا فهفضل أحبك لآخر نفس فية يايحيى.
إبتسم لها برقة، لتبتسم له بدورها ثم مالبثت أن إختفت إبتسامتها وهي تقول:
طب ومراد، إمتى هيحس بشروق يايحيى؟
قال يحيى بغموض:.

مراد خلاص بدأ يفوق من وهمه، معتقدش فاضل كتير ويحس بيها وبحبه هو كمان ليها، ولو محسش بيها، فأعتقد الحادثة دى هتفوقه بالكامل.
أومأت برأسها موافقة وعيونها على هذا الباب المغلق والذي تضم جنبات حجرته حبيبان مثلهما تماما، تنقصهما فقط، النهاية السعيدة.

نظرت شروق إلى ملامح مراد في عشق قائلة:
وحشتني أوي يامراد، وحشنى صوتك، وحشنى حضنك، قوم ياحبيبى بالسلامة ومش مهم ترجعلى، المهم تقوم وأشوفك أدامى زي زمان، ولو من بعيد حتى، قوم عشان خاطرى وخاطر إبنك وأخوك، قوم عشان خاطر كل اللى بيحبوك، متسيبناش كدة متعذبين في بعدك عننا، عشان خاطرى قوم، قوم يامراد.
إنهمرت دموعها، لتظل هكذا برهة من الوقت، حتى هدأت قليلا، لتنهض وتميل مقبلة وجنته بحنان ثم تعتدل قائلة:.

أنا همشى دلوقتى عشان معملش ليك مشاكل مع بشرى بس هجيلك تانى وهفضل أجيلك وأجيلك لحد ما أشوفك مفتح عيونك، لحد ما أشوفك مراد، حبيبى بتاع زمان.
لتنظر إليه تتأمله للمرة الأخيرة ثم تغادر الحجرة بخطوات بطيئة منكسرة، حزينة، لتجد يحيى و رحمة بالخارج، اقتربت منهم تمسح دموعها برقة ثم تقف أمامهما قائلة بحزن:
أنا همشى دلوقتى عشان بشرى، بس من فضلك يايحيى لو حصل أي حاجة بلغنى بيها علطول.

أومأ يحيى برأسه في هدوء قائلا:
متقلقيش ياشروق، هبلغك.
قالت شروق بإرتباك خجول:
أنا، يعنى، من بعد إذنك هجيله تانى، عارفة إنى بتعبك معايا بس غصب عنى يايحيى، عايزة أشوفه وأطمن عليه بنفسى.
إبتسم يحيى قائلا:
انا مقدر مشاعرك، ومتقلقيش إبقى كلمينى بس، ورحمة هتظبط كل حاجة.
أومأت برأسها بهدوء، ثم إلتفتت شروق إلى رحمة تتأملها قائلة بصوت ظهر به حزنها رغما عنها:
إنتى رحمة؟
أومأت رحمة برأسها قائلة:
أيوة.

تمالكت شروق نفسها وهي تقول:
كتر خيرك على اللى عملتيه معايا، يحيى قاللى إنك صاحبة فكرة الفحوصات اللى شروق لازم تعملها عشان لو إحتاجوا يعملوا عملية لمراد، متشكرة، متشكرة أوي.
أمسكت رحمة يد شروق قائلة بحنان:
دى حاجة بسيطة عشان أجمع إتنين بيحبوا بعض.
نظرت شروق إلى عيون رحمة التي ظهرت بهما روحها الطيبة لتدرك سر حب الجميع لها، حتى هي أحبتها على الفور، لتبتسم إبتسامة باهتة قائلة:.

ربنا يخليلك يحيى ويخليكى ليه.
نظرت رحمة إلى يحيى الذي بادلها نظرتها بعشق قائلة:
يارب.
إبتسمت شروق بحزن وهي ترى هذان العاشقان أمامها، لتتمنى لثوان فقط لو كانت هي ومراد مثلهما، لتخفض بصرها قائلة:
انا لازم أمشى ومتشكرة أوي على تعبكم معايا.
قال يحيى:
إستنى هوصلك.
إبتسمت قائلة:
مفيش داعى، نهاد صاحبتى مستنيانى برة، بعد إذنكم.

لتغادر تتبعها عيونهم، بينما كانت هناك عينان تابعت ما يحدث بشئ من الريبة، ربما لم تستطع سماع حديثهما من هذا المكان البعيد ولكن ما شاهدته لا يبشر بالخير أبدا، لترفع هاتفها قائلة:
مجدى، إنت لسة ممشتش صح؟
لتزفر براحة قائلة:
طيب فيه واحدة خارجة دلوقتى من المستشفى لابسة فستان أزرق وعينيها خضرا وشعرها كستنائى، إمشى وراها وإعرفلى كل حاجة عنها، مفهوم؟

لتغلق هاتفها وهي تنظر بحقد إلى هذان العاشقان اللذان جلسا مجددا إلى جوار بعضهما البعض يمسك يحيى بيدها وكأنه إن تركها ستهرب منه،
حمدت ربها ان مجدى قد جاء في اللحظة المناسبة ليطمأن عليها وأنها طلبت منه المغادرة حتى لا يراه يحيى، ولكنه لم يغادر بعد ليتبع الفتاة وتصل هي إلى ما يخفونه عنها، نعم ستصل بكل تأكيد، إلى الحقيقة.

إنتبه يحيى على صوت إضطراب تلك الأجهزة المتصلة بأخيه، لينظر من خلال النافذة الزجاجية بسرعة، ليلاحظ تحرك يد أخيه ويسرع بالدلوف للداخل تتبعه رحمة، ليقترب من سرير مراد يلاحظ سكون أخيه مجددا وعودة الأجهزة لمسارها الطبيعي، ليغمض عينيه بخيبة أمل فقد ظن أن أخاه قد أفاق من غيبوبته، ليفتحهما على صوت شروق التي قالت:
حصل حاجة يايحيى، مراد فاق؟
لاحظت رحمة تجاهلها الدائم لها لتتجاهلها بدورها بينما قال يحيى:.

للحظة حسيت إنه فاق، بس الظاهر إنى كنت غلطان.
أومأت بشرى برأسها، ثم قالت:
طيب، أنا هروح البيت آخد شاور وأغير هدومي، وأرتاح شوية،
لتنظر إلى رحمة وهي تستطرد قائلة:
المكان هنا بقى خنيق أوي، ومحتاجة بريك، مش هتأخر يايحيى.

كادت رحمة أن تموت غيظا من تلك التي تسمى بشرى، والتي تترك زوجها في غيبوبة وتعود للمنزل فقط كي تأخذ حماما وتبدل ملابسها ثم ترتاح قليلا، بينما هناك محلا للملابس أمام المستشفى قد تستطيع شراء شئ مناسب لها منه وهناك حجرة محجوزة لها بالمستشفى أيضا يمكنها أن تاخذ به حماما، ثم كيف تستطيع أن تنام وترتاح بينما زوجها يرقد على الفراش أسير غيبوبة لا تعرف هل سيفيق منها أم لا؟، لتهز رأسها بعدم رضا بينما قال لها يحيى ببرود:.

ماشى يابشرى، السواق تحت هيوديكى ويبقى يجيبك تانى.
أومأت برأسها بهدوء ثم إقتربت منه وسط دهشة رحمة قائلة:
مش عايز حاجة أجيبهالك وأنا جاية يايحيى؟
شعرت رحمة بالحنق من تلك المأفونة والتي بدأت رحمة تدرك نواياها الخبيثة، وما يضمره قلبها لزوجها، لتقول رحمة بغيظ:.

لأ ياحبيبتى متشكرين، جوزى لو عايز حاجة هيطلبها منى أنا وهجيبهاله أنا، هاتى إنتى لجوزك وإنتى جاية هدوم، ومتتأخريش، لإنه أكيد هيحب مراته تكون جنبه لما بإذن الله يفوق.

كاد يحيى أن يبتسم وهو يدرك غيرة زوجته الرائعة عليه ووقوفها تدافع عن حقها به بضراوة، ليكتم إبتسامته ولكنه شعر بداخله بالسعادة المطلقة وبعشقه الذي يشمل ذرات كيانه لتلك الجميلة زوجته، بينما نظرت بشرى إليها يأكلها الغيظ من تلميحاتها الغير مباشرة ولكنها مقصودة و بشدة، ليحمر وجهها غضبا، وكادت أن تتفوه بكلمات حانقة ولكنها كتمتها بدورها في اللحظة الأخيرة وهي ترسم إبتسامة باردة على وجهها قائلة:.

إن شاء الله ياحبيبتى،
لتنظر إليها من رأسها لأخمص قدمها قائلة بشفقة مزيفة:
طيب أجيبلك فستان معايا يارحمة، إنتى مغيرتيش من إنبارح، وبصراحة المنظر مش تمام ويأثر اكيد على سمعة عيلة الشناوي.
ليتدخل يحيى بالكلام قائلا بهدوء ولكن بنبرة خرجت تحذيرية وشديدة الصرامة:
مراتى مبيهماش المظاهر، والكلام الفارغ ده يابشرى،
لينظر إلى عيون رحمة قائلا بحنان:.

مراتى بتشرفنى أيا كان مظهرها، مظهرها اللى أنا شايفه دلوقتى كامل ومش محتاج أي حاجة،
رفعت رحمة حاجبيها تأثرا وقد غشيت عيونها الدموع، تشعر بقلبها يغرق في عشقه، فماذا هناك أكثر من الغرق في العشق؟هي حقا لا تدرى.

ليبتسم لها بحنان وهو يدرك أفكارها التي تظهر على ملامحها الشفافة، لتبادله إبتسامته بدورها، تتابعهما بشرى بقلب يشتعل حقدا، تشعر أنها تكاد ان تموت قهرا الآن، ليلتفت يحيى إلى بشرى وهو يضع يده على كتف رحمة يضمها إليه قائلا:
لكن طبعا لو حبت هبعت أجيبلها بدل الفستان عشرة بس معتقدش إن وضع أخويا دلوقتى يخلينا نفكر في حاجات تافهة زي دى.

إلى هنا ويكفيها ما لاقته من كلمات يحيى التي تحمل لها تقريعا غير مباشرا وتجريحا مقصودا، لتقول بملامح عجزت عن إخفاء الحقد بهم:
آااه، طيب، أنا ماشية، سلام.
لتبتعد بشرى بخطوات سريعة غاضبة، وتقول رحمة بدهشة:
هو فيه كدة، بشرى دى إيه، ياساتر، مراد مستحملها إزاي بس؟
قال يحيى بهدوء:
دى الحاجة الوحيدة اللى شفعتله عندى جوازه من شروق، بشرى بجد متتطاقش، وشروق مختلفة عنها خالص.
قالت رحمة:.

مفيش أصلا وجه مقارنة بينهم، دى حاجة ودى حاجة تانية خالص، أنا عن نفسى حبيت شروق وحسيتها بجد بتحب مراد، بس اللى مش قادرة أفهمه، ليه مخبى جوازه منها؟
نظر إليها بنظرة ذات مغزى لتفهم نظرته وهي تومئ برأسها قائلة في تقرير:
بشرى أكيد، صح؟
كاد أن يوافق على كلماتها حين إنتفض على صوت مراد وهو يقول بضعف:
يحيى.
إلتفت كل من يحيى ورحمة إلى مراد ليميل يحيى على مراد الذي كان مغلق العيون قائلا:.

مراد، إنت فقت بجد وبتكلمنى؟ولا أنا بتخيل؟
فتح مراد عيونه بوهن ونظر إليهم وهو يبتلع ريقه بضعف قائلا:
شروق يا يحيى، شروق كانت هنا، صح؟
أغشيت عيون رحمة بالدموع ويحيي يقول بسعادة:
حمد الله ع السلامة ياحبيبى، حمد الله ع السلامة يامراد.
إبتلع مراد ريقه قائلا:
الله يسلمك،
ليصمت لثانية ثم إستطرد قائلا:
شروق يايحيى، شروق كانت هنا، أنا متأكد؟صح؟
إبتسم يحيى قائلا:
ايوة يامراد، شروق كانت هنا،
زفر مراد بإرتياح قائلا:.

كنت عارف، قلبى حس بيها، سمعت كلامها، كانت حزينة،
إبتلع ريقه ثم إستطرد قائلا بضعف:
فضلت تنادى علية وقلبى لبى نداها، طلبت من ربنا أفوق حتى لو بعدت عنها، إزاي فكرت بس إنى ممكن أعيش من غيرها،
ليغمض عينيه مستطردا:
أكيد أنا السبب، انا اللى خليتها تفتكر إنها مش مهمة عندى، أنا السبب.
قالت رحمة بشفقة وقد فتح مراد عيناه لتظهر بهما الدموع:
إهدى يامراد، بالراحة، مش كدة؟
نظر مراد إليها ليتأملها لثانية قائلا في حزن:.

أنا آسف يارحمة،
ثم نظر إلى يحيى قائلا بندم نطقت به أحرفه وهو يقول:
أنا آسف يايحيى.
ليبدل نظراته بينهما وهو يستطرد قائلا:
أنا آسف بجد، آسف لو غلطت في حقكم من غير قصد،
ليصمت لثانية ثم يستطرد بألم:
كان نفسى أتأسفلها هي كمان، كان نفسى أقولها إنى غلطت في حقها كتير وسامحتنى أكتر، وإنى بحبها أوي، أوي يايحيى، بحبها أوي يارحمة، والحمد لله إنها منزلتش البيبى، كنت هموت لو حصلها أو حصل لإبنى حاجة يايحيى.

إتسعت عينا يحيى قائلا في صدمة:
هي شروق حامل؟
أومأ مراد برأسه قائلا بحزن:
أيوة حامل، وأنا بلسانى اللى كان يستاهل قطعه ده قلتلها تختار بينى وبينه، خيرتها مابينى وبين إنها تقتل إبنى يايحيى، أنا طلعت وحش أوي.
قال يحيى بشفقة:
غلطة وندمت عليها يامراد وهي اكيد سامحتك، اللى بيحب بيسامح، وهي إختارت متنزلش طفلك وده معناه إنها لسة بتحبك وإنها أصيلة يا مراد.
ليربت يحيى على يده مستطردا:.

بص، أنا عايزك تهدى يامراد، إهدى ومتفكرش في حاجة دلوقتى غير إنك تقوم بالسلامة، ولما تقوم بالسلامة اكيد هتقدر تصحح كل الغلطات اللى في حياتك، وهترجع مراد، اللى انا عارفه كويس وواثق فيه.
نظر مراد إلى يحيى بإمتنان ليبادله يحيى بنظرة ثابتة قوية حانية، قبل أن يقول:
أنا هروح أجيب الدكتور يطمنا عليك يامراد، مش هتأخر.
إبتعد مغادرا الحجرة بهدوء بينما أغلق مراد عيونه بوهن ليفتحهما مجددا حين قالت رحمة:.

شروق دى كنز يا مراد، ياريت تحافظ عليه.
أومأ مراد برأسه وقد ظهر بعيونه التصميم، يدرك أن شروقه بالفعل كنز كما قالت رحمة، كنزه الذي تركه يفلت من يده، وهو ينوى إسترجاعه والحفاظ عليه، بكل قوته.

نظرت رحمة إلى بشرى الجالسة بجوار مراد تتظاهر باللهفة عليه، من خلال النافذة الزجاجية، لتشعر بالحنق، زفرت ببطئ، ثم ربتت على يد يحيى قائلة بهمس:
يحيى.
نظر إليها بإستفهام، لتقول مستطردة:
مراد بقى كويس الحمد لله فأنا هروح البيت، أجيبلنا شوية حاجات من هناك.
قال يحيى وهو يهمس بدوره:
كل الموضوع ليلة واحدة كمان يارحمة وهنروح بكرة.
أطرقت برأسها قائلة بحزن:.

بصراحة هاشم وحشنى أوي وعايزة أشوفه يا يحيى، وأطمن عليه.
تأملها يحيى بحنان قائلا:
طيب، يلا هوصلك تشوفيه وتجيبى الحاجات اللى إنتى عايزاها ونرجع تانى.
نظرت إليه بدهشة قائلة:
مش مستاهلة تيجى معايا يايحيى، السواق هيوصلنى ويرجعنى علطول.
تأمل ملامحها الجميلة الرقيقة وهو يقول بشغف:
مش هقولك هاشم كمان وحشنى وعايز أشوفه، لأ، كمان مش هقدر أسيبك تغيبى عن عينى الشوية دول.

دق قلب رحمة فرحا لكلماته التي حملتها إلى أعناق السماء، فمنذ إعترافه لها بعشقه وهو يغمرها به، حتى كاد قلبها ان ينسى كل مامر به من عذاب، لتنظر إلى ملامحه التي تعشقها وهي تقول بحنان:
على فكرة أنا قلبى مش حمل كل الحب ده يا يحيى، خايفة أصدقه وأعيش جواه وبعدين...
رفع إصبعه يضعها على شفتيها الجميلتين ناظرا إلى عينيها بعشق قائلا:.

مفيش بعدين، صدقيه وعيشى جواه ووعد منى مش هتندمى على إنك سيبتى نفسك تعيشى الحب اللى اتحرمنا منه سنين.
إبتسمت لتتحرك شفتيها تحت أصابعه وتغيم عيناه وهو ينظر إليها لتتجمد بدورها ثم تنتفض على صوت بشرى التي خرجت من الغرفة فجأة قائلة بحنق:
الحاجات دى ليها أوض مقفولة تتعمل فيها يايحيى.
جز يحيى على أسنانه وظهرت بعيونه القسوة وهو يلتفت إليها قائلا ببرود صقيعي:
تصدقى إنتى معاكى حق، يلا، سلام يابشرى.

ثم أخذ بيد رحمة متجها إلى الخارج وسط صدمة بشرى التي نظرت في إثرهما بدهشة تحولت لغضب شديد وهي تقول بغل:
ماشى يايحيى بتغيظنى، طب وحياتك عندى لأحسرك على العقربة اللى انت فرحان بيها أوي دى، أصبرى علية يابنت بهيرة.

لتتجه بخطوات غاضبة بإتجاه حجرة مراد مجددا وهي تتساءل بغيظ، لماذا لم يمت في هذا الحادث ولماذا إستفاق من الغيبوبة، هل هو حظها العاثر أم أنه القدر والذي يعاندها دائما، لتقسم في نفسها أنها ستغير هذا الحظ وستتحدى القدر حتى، فقط لكي تصل إلى مأربها، تصل إلى يحيى.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة