قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل السابع والعشرون

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل السابع والعشرون

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل السابع والعشرون

عد عبد الرحمن إلى شقته وأخذ يتجول في أركانها يتلمس عطر زوجته التي فارقته، أخذته قدميه إلى غرفة نومها، فتح بابها وأضاء مصباحها في شجن، نظر إلى فراشها ويالها من مفاجأة، لقد كانت نائمة فيه، أختلج قلبه واقرب منها ببطء وحذر، أزال خصلات من شعرها كانت لا تريد أن تفارق وجنتاها، طبع قبلة رقيقة على وجنتها فاستيقظت، نظرت له بحب وشوق وقالت:
وحشتنى أوى.

أحاطت رقبته بذراعيها، فاقترب منها اكثر وهو يقول بابتسامة عذبة: - مش أكتر مني يا حبيبتى.
أقترب أكثر وأكثر وفجأة، تلقى ركلة شديدة في معدته أستيقظ على آثارها المؤلمة، أعتدل في جلسته فوجد نفسه في فراشه ويوسف نائما بجواره، مسح وجهه وهو يقول:
استغفر الله العظيم...
وأمسك بساق يوسف التي ركتله ودفعها بعيدًا وهو يوقظه ويهتف به: - أيه يا أخى ده. صحتنى من أحلها نومة كنت عاوز أكمل الحلم.

أعتدل يوسف فزعًا وهو يقول: - أيه في أيه؟!
قال عبد الرحمن بسخط: - الله يقلق منامك يا أخى. أنت أيه اللى منيمك جانبى
قال يوسف وهو يتثائب: - مش عارف. أنا آخر حاجه فاكرها اننا كنا بنرغى مع بعض
دفعه عبد الرحمن بعيدًا لينهض من فراشه قائلاً: - طب امشى روح نام في أوضتك الله يكون في عون مراتك اكيد مش هتستحمل تنام جنبك ليلة واحدة
خرج يوسف من غرفة أخيه وهو يتمتم بشجن: - ولا حتى ليلة يا عبد الرحمن.

وفى الصباح كانت أحلام تنادى مريم وإيمان: - يالا يا بنات. إيهاب قال جاى ياخدكوا بعد ربع ساعة خلصتوا ولا لسه؟
خرجت ايمان وهي تجر حقيبتها الصغيرة قائلة: - خلاص يا ماما مريم فاضلها حاجات بسيطة
جلست بجوار أمها حول مائدة الأفطار وهي تقول باهتمام: - هو حضرتك مش هتيجى معانا فعلا
ألفتت إليها أحلام قائلة: - آجى فين، أنا هاجى على معاد الفرح على طول بالليل.

خرجت مريم ووضعت حقيبتها بجوار حقيبة ايمان وهي تقول: - ليه يا ماما ما تيجى معايا
أبتسمت أحلام وهي تقول: - مينفعش يابنتى البيت الكبير ميتحملنيش انا وفاطمة اليوم كله
ردت إيمان بتفكير: - والله يا ماما انا مش مصدقة ان طنط فاطمة يطلع منها كل ده. هي اه صحيح مش ودودة معانا زى طنط عفاف بس مكنتش اتخيل انها تطلع كده.

ألتفتت لها أحلام وقالت محذرة اياها: - أسمعى يا ايمان الست دى لازم تخلى بالك منها كويس اوى ومتخطلتيش بيها إلا في المناسبات بس. دى ست مش سهلة واوعى يخيل عليكى حركات الطيبة اللى بتعملها. دى ممثلة درجة أولى. أسرار بيتك أوعى تطلعيها بره أبدا. وأوعى تصدقى حاجة على جوزك إلا لما تسأليه وتسمعى منه كويس. أنتِ فاهمانى انتِ واختك ولا لاء؟
أومات برأسها وقالت مريم: - أنتِ كده خوفتينا اكتر.

هزت رأسها نفيا وقالت بثقة: - لا متخافوش طول ما عمكم حسين موجود وفي صفكم متخافوش منها، لكن محدش فيكوا يرميلها ودنه أبدا ولا يسمع منها نصيحة
تنهدت ايمان وقالت: - عموما احنا كده كده مش بنختلط بيها حتى وفاء مفيش بينا وبينها علاقات قوية زى فرحة
أبتسمت وهي تربت على يدها قائلة: - أديكى شوفتى وجربتيها بنفسك
قالت مريم متسائلة: - أنتِ صحيح يا ماما هتسافرى بكره الصبح.

أومأت برأسها وهي تقول: - ايوا مش هينفع اقعد اكتر من كده. وادينى اهو اطمنت عليكوا
أعلن هاتف أحلام عن اتصال من إيهاب وأخبرها أنه ينتظرهما بالأسفل، ودعت أحلام كل منهما وانطلقتا عائدين إلى البيت الكبير مرة أخرى.

وقفت سيارة إيهاب الصغيرة أمام المنزل قائلا بعجلة من أمره: - يالا انزلوا عندى شغل لازم اخلصه قبل العصر
قالت إيمان بتعجب: - كمان مش هتدخلنا الشنط. مش كفاية نزلتنا بيهم من عند ماما لوحدنا
أشار ايهاب إلى باب المنزل قائلا: - أومال ده واقف بيعمل ايه.

ألفتت إيمان فوجدت عبد الرحمن واقفا ينتظرهم عند البوابة الخارجية، عندما رآهم اقترب من السيارة وفتح الباب الخلفى وأخرج الحقائب، ترجلت إيمان من السيارة وبعدها مريم بخطوات متثاقلة حين قال إيهاب لعبد الرحمن:
أنا راجع العصر ان شاء الله
أومأ له عبد الرحمن برأسه والتفت إلى إيمان ومريم قائلا بابتسامة: - حمد لله على السلامة.

ظهر يوسف وهو يمر بالبوابة ويتجه إليهم بابتسامة صغيرة، اقترب منهم وقال مرحبا وهو يهم بحمل أحدى الحقائب:
حمدلله على السلامة. أتأخرتوا أوى
أوقفته يد عبد الرحمن تقطع عليه الطريق قائلا بحزم: - معلش دى شنطة مراتى شيل التانية
نظر له يوسف بدهشة قائلا: - وفيها أيه؟
قال بجدية: - لا معلش محبش حد يمسك شنطة مراتى.

أختلج قلب إيمان مرة أخرى ودق بقوة أكثر فهومن الأساس يطرق بشدة منذ أن رأته قادما نحوهم، حمل عبد الرحمن حقيبة إيمان التي سارت خلفه واتجه إلى الداخل، نظر يوسف إلى مريم وهو يحمل حقيبتها قائلاً:
أنا عاوز اتكلم معاكى ضرورى
لم ترد ولم تنظر إليه بل أشاحت بوجهها واستبقته للداخل، وقف عبد الرحمن أمام المصعد والتفت إلى إيمان قائلا بهدوء وهو ينظر لعينيها:
طبعا الشنطة هتطلع شقتنا مش كده.

خفضت بصرها وهي تقول: - أيوه. بس هفضل مع مريم علشان الكوافيرة زمانها جاية
أمسك كفها بحنان قائلا: - على فكرة أنا منمتش غير ساعة واحدة بس. من ساعة ما كنت عندكم وانا بافكر فيكى وحتى الساعة دى حلمت بيكى فيها. مش قادر استحمل الدنيا ولا ليا نفس لحاجة وانتِ زعلانة مني.

قاطعه اقتراب مريم ووقوفها بجوارهما، صعدوا إلى الطابق الثانى أولا حيث كانت عفاف تنتظرهم، تهلل وجهها بسعادة غامرة حين رأتهما وعانقتهما بحب كبير وحنان بالغ
ثم قالت في سرعة: - يالا يابنات أطلعوا بسرعة جهزوا نفسكم. فرحة بتقولى الكوافيرة جاية كمان ساعة
ثم التفتت إلى مريم قائلة: - وانتِ يا مريم بصى كده في شقتك ولو لقيتى حاجة ناقصة قوليلى على طول
أبتسمت مريم أبتسامة باهته وهي تقول: - حاضر.

كان عبد الرحمن ويوسف قد صعدا بالحقائب للطابق العلوى وهبط يوسف إليهم وترك عبد الرحمن، أستقلت الفتاتان المصعد وعندما توقف توجهتا إلى شقة مريم ولكنهما وجدا عبد الرحمن ينتظر إيمان عند باب شقتهما وقال لها على الفور:
ايمان عاوزك خمس دقايق بس
توترت إيمان وهي تنظر إلى مريم ثم تنظر إليه معاتبة: - معلش أصل يدوب نلحق. مفيش وقت.

مالت مريم على أذنها قائلة بهمس: - روحى شوفيه انا لسه هدخل آخد دوش. على ما اطلع من الحمام تكونى جيتى
أومأت برأسها موافقة في اضطراب وذهبت إليه، دخلت شقتها ودخل خلفها وأغلق بابها بهدوء، نظر إليها نظرة طويلة معاتبة ولكنها مشتاقة، نظرة محبة شغوفة ولكن تغلفها الحيرة وأخيرًا تكلم قائلاً:
ممكن اعرف انا عملت أيه علشان تتغيرى كده معايا
أطرقت برأسها وقالت في خفوت: - مش وقت الكلام ده دلوقتى لازم أروح أجهز مريم.

أقترب منها يتفحصها بعمق وقال: - يا ايمان متسبينيش كده قوليلى حاجة. ريحينى. أنا معرفش غير موضوع كلام مرات عمى لكن أيه علاقة كلامها بيا أنا وأنتِ
قالت بابتسامة شاحبة: - أوعدك بعد الفرح ما يخلص هقعد معاك ونتكلم زى ما انت عايز
قال بحب: - طب ينفع اقولك وحشتينى
قالت بدون تفكير: - ليه
أبتسم ابتسامة حائرة وقال: - ليه؟ علشان بحبك
قالت دون أن تنظر إليه: - متأكد؟

أقترب منها ومسح على وجنتها قائلا: - طبعا متأكد معقول مش حاسة بيا كل ده
أطرقت برأسها مرة أخرى ولم ترد، فاقترب منها وأخذها بين ذراعيه وضمها بقوة، أستسلمت لضمته فلقد كانت تشتاق لرائحته مثلما يشتاق هو إليها، ضمها أكتر وأغمض عينيه وقال:.

والله لو تعرفى لما بتبقى زعلانة مني بيحصلى أيه عمرك ما هتزعلى مني أبدا. بقولك من ساعة ما رجعت من عندكوا وانا حاسس انك زعلانة مني وحتى معرفش ايه السبب. وانا النوم مجافينى منمتش غير ساعة وحتى الساعة دى حلمت بيكى. كل ما احاول انام افتكر ملامحك وانتِ مضايقة وعنيكى اللى بتلمع بالدموع احس وانا بغمض عينى انى بغمض على شوك. وادى النتيجة بقالى يومين منمتش بسبب حضرتك يا هانم.

أبتسمت وهي تدفن رأسها في صدره بهدوء، لقد كانت تشعر بالسكينة والراحة من وقع كلماته الرقيقة الصادقة، ومن أثر ضمته التي تستمع فيها إلى نبضات قلبه المتسارعة وكأنها تهفو إليها شوقًا، ظلا هكذا وقت ليس بالقصير لم يشعرا بالوقت ولا بعقارب الساعة التي كلما قفزت زادت ضمته لها وكأنه يخشى أن تتركه وتمضى.
قطع هذا الوصال رنين هاتف عبد الرحمن، رفعت رأسها وقالت وهي تنظر إليه: - تليفونك.

وضع رأسها على صدره مرة أخرى وقال بهمس: - سيبيه يرن
ولكن هاتفه أصر على قطع هذا الوصال الحميمى فقالت بابتسامة: - هو بقى مش هيسيبك. شوف كده لتكون حاجة مهمة
نظر إلى عينيها بعمق قائلاً: - مفيش أهم منك عندى
أبتسمت وهي تضع يدها في سترته وتأخذ منها الهاتف، نظرت إليه وقالت: - ده عمى.

أغمض عينيه مرة أخرى وتنهد تنهيدة طويلة وكأنه يطبع صورتها داخل مقلتيه حتى لا تفارقهما أبدا، تناول منها الهاتف وهو يتلمس أطراف أناملها مداعباً، وضع الهاتف على أذنه قائلا:
السلام عليكم.
أستمع إلى والده قليلاً بتركيز وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة عابثة ثم قال: - حاضر يا بابا ثوانى واكون عندك
رفع رإسها إليه لتلتقى عينيهما مرة أخرى قائلا: - كنا بنقول أيه.

أبتعدت وهي تخطو باتجاه الباب وتفتحه قائلة: - يلا انزل شوف عمى وانا رايحة لمريم
توجهت إلى شقة مريم وأخرجت مفتاحها ودلفت بسرعة للداخل وأغلقت الباب ببطء وهي تعلو وجهها ابتسامة خجلة، أتجهت إلى غرفة مريم التي كانت انتهت من الإغتسال للتو وتجفف جسدها بالمنشفة، فتحت إيمان الباب فانتفضت مريم وهي تحتضن منشفتها وعندما وقعت عينيها على اختها فزفرت بقوة وهي تقول:
يخرب عقلك يا ايمان رعبتينى.

تبادلت الفتاتان الضحكات ولكن نظر إيمان وقع على جرح غائر أعلى ساق مريم فاقتربت منها وهي تنظر إليه في تفحص وتقول:
أيه الجرح ده يا مريم؟
نظرت مريم إلى حيث تنظر إيمان، ووضعت أطراف أناملها على الجرح تتحسسه فتذكرت لحظة سقوطها وهي يغشى عليها، تذكرت قطع الزجاج التي سقطت على أطرافه المهشمة.

قطع ذكرياتها صوت إيمان وهي تقول: - أنتِ وقعتى على أيه ولا اتخبطتى فأيه. أرتجفت مريم مع تذكرها الحادث وشعرت بالألم وكأن الجرح مازال حديثا وقالت بارتباك:
مش فاكرة.
قالت ايمان وهي تضغطه قليلاً: - مش فاكرة ازاى، مش بيوجعك طيب؟
حركت مريم رأسها نفيا وقالت: - لا.
ثم لفت المنشفة جيدًا لتخفيه وهي تتصنع المرح: - يالا بقى الست زمانها جاية، أدخلى خدى دش انتِ كمان.

أستسلمت مريم للمُزينة تمشط شعرها وتُزينها بينما جلست إيمان وفرحة يتجاذبان أطراف الحديث ويتضاحكان. قالت إيمان بتساؤل:
فين وفاء مطلعتش ليه ولا حتى سلمت علينا لما رجعنا
مطت فرحة شفتيها وقالت: - مش عارفة بس شكلها محرجة من اللى امها عملته
قالت إيمان بتعجب: - سبحان الله وفاء غيرهم خالص
أومأت فرحة موافقة: - ده حقيقى. بس أكيد اللى أمها بتعمله هي مش راضية عنه علشان كده تلاقيها مكسوفة تطلع.

تناولت إيمان هاتفها وطلبت رقم وفاء وانتظرت ثوان إلى أن أتاها صوتها بخفوت: - السلام عليكم. ازيك يا إيمان
وعليكم السلام. أيه يابنتى مطلعتيش ليه. الكوافيرة هنا
قالت وفاء بخجل: - معلش يا إيمان انا هبقى احط حاجة خفيفة كده
قالت إيمان بإصرار: - لا مينفعش. لازم تطلعى حتى لو مش هتعملى حاجة. كفاية انك تقعدى في وسطينا
سيطرت وفاء على دموعها وقالت بتماسك: - ربنا يخاليكى يا إيمان بس بجد مش هقدر.

زاد إصرار إيمان وهي تقول: - لو مطلعتيش هنزل اخدك بنفسى. ها قلتى ايه
أبتسمت وفاء من بين دموعها وهي تقول: - لالا خلاص خليكى انا طالعة اهو
أغلقت إيمان الهاتف في حين قالت لها فرحة: - والله انتِ طيبة أوى يا إيمان. يابخت عبد الرحمن بيكى.

وفى المساء كانت الحديقة تتلألأ في زينتها الجديدة بلمسات جمالية وضعها إيهاب وفرحة بذوق عالى وأحساس فنان، كان الجو العام يبعث على البهجة وشاركت الطبيعة في تزينه بنسمات عليلة وعبير الورود المتسلل إليها ليجعل النسمات تتحول إلى شذى رائع يأخذ بالألباب ويبعث على الإسترخاء فيحلو استنشاقه ببطء وكأنه سحر.

ومرة أخرى يتكرر نفس المشهد ويوسف يقف أمام مراته يرتدى حلته الأنيقة السوداء ولكن كانت تعلو شفتيه ابتسامة لا يستطيع تفسيرها، قطع ابتسامته صوت عبد الرحمن الساخر وهو يقول:
اضحك اضحك ما انت مش عارف أيه اللى مستنيك
ألتفت إليه يوسف قائلا: - أيه ده انت لحقت تتعقد من الجواز
وقف عبد الرحمن بجواره في المرآة وهو يهندم سترته وقال: - ياعم مش لما اتجوز الأول ابقى اتعقد.

نظر له يوسف متعجبا من كلماته وقال: - نعم. اومال إيمان دى تبقى أيه خطيبتك
دفعه عبد الرحمن ليلتفت مرة أخرى إلى المرآة وهو يقول: - خليك في حالك.
خرج يوسف إلى شرفته ينظر إلى الحديقة التي تزينت كالعروس وهو متعجبًا من السعادة التي يشعر بها برغم من أنه يعلم أن هذا الزواج ماهو إلا غطاء شرعى لما حدث بينهما.

، بدأ المدعوين بالحضور وكان أول من حضر هي علا بصحبة والدتها وأختها هند التي وقفت تنظر حولها وهي تقول لأختها:
شايفة اللى اتحرمت منه اختك
قالت علا بصوت هامس: - ممكن ترجعيله انتِ وشطارتك
ألقت مريم النظرة الأخيرة في مرآتها بينما قالت إيمان: - ماشاء الله. أنتِ قمر والله يا مريم اللهم بارك
عانقتها فرحة ووفاء، ألتفتت إليهم مريم قائلة: - أنتوا كمان قمرات.

قالت وفاء بمشاكسة وهي تقول: - أنتوا بقى غيرانين منها ولابسين فساتين كتب الكتاب بتاعتكوا
ضحكت فرحة قائلة: - والله ياختى مش بمزاجنا. كل واحدة فينا جوزها صمم تلبس كده
أقتربت إيمان من مريم وقالت مداعبة: - بس أيه ده يا مريم. في عروسة تلبس الحجاب يوم فرحها ده ايه العقد دى
تلون وجهها خجلا وقالت: - خلاص بقى بطلى. مكنتش فاهمة وادينى فهمت ياستى.

طرقت عفاف الباب فالتفت الجميع إليها وقالت مريم في سعادة متفاجأة: - ماما!
كانت أحلام بصحبة عفاف فهرولت مريم إليها وعانقتها، نظرت أحلام إليها وإلى فستانها الأبيض وحجابها الحريرى الذي زاد جمالها وقالت:
عروسة زى القمر يا مريم. كان حلمى اشوفك انتِ واختك واخوكى يوم فرحكوا
قالت إيمان مداعبة: - ما انا لابسه فستان كتب كتابى اهو يعنى كأنك حضرتى فرحى برضة
عانقتها والدتها وقالت: - ربنا يسعدكوا يا ولاد.

ربتت عفاف على ظهرها قائلة: - ربنا يديكى طولة العمر وتشوفى ولادهم
نظرت إليها أحلام بمودة وامتنان وقالت: - متشكرة يا عفاف. طول عمرك طيبة وانا مطمنة على ولادى معاكى
أدمعت عينيى إيمان ومريم وهما يتبادلان النظرات بينما قالت فرحة: - وبعدين. الميكب هيبوظ كده
نظرت إليهم عفاف قائلة: - هو فين الميكب ده انا مش شايفة غير زبدة كاكاو.

ضحك الجميع. وفجاة عم الصمت حينما ارتفع صوت فاطمة بغضب وقسوة وهي تقف على باب الغرفة وتستند إلى حافته بيد ومتخصرة باليد الأخرى وذبذبات الشر تتقاف من حولها وتقول:
أنتِ أيه اللى جابك يا أحلام
نظر الجميع إليها بينما استدارت أحلام نحو عفاف وقالت بابتسامة هادئة: - يالا يا ام عبد الرحمن العريس مستنى تحت خدى البنات وانزلى
قالت عفاف باضطراب: - انا هتصل بإيهاب يطلع ياخدهم.

ساد الصمت للحظات وصعد إيهاب في الحال وتناول كف مريم وقال لوالدته: - يالا يا ماما
أومأت برأسها وقالت: - انزلوا انتوا وانا جاية وراكوا
زاغت نظرات الجميع بين أحلام وفاطمة في صمت قطعته أحلام: - يالا اتحركوا الناس تحت
بدأوا في الهبوط للأسفل وتأخرت عفاف عنهم فقالت لها أحلام: - انزلى انتِ يا عفاف
حركت رأسها نفيًا وقالت بإصرار: - مينفعش. والمفروض ننزل كلنا. مش وقته الكلام ده احنا في فرح ولادنا.

أوقفتها فاطمة وهي تصيح بها: - بقيتى حبيبتها يا عفاف. اه ما انتوا بقيتوا نسايب
أقتربت منها أحلام بعينين حادتين قائلة: - أنتِ عاوزه أيه يا فاطمة
قالت فاطمة بنظرات تشع حقداً: - تطلعى حالا من البيت ده ومتوريناش وشك تانى
ضحكت أحلام بطريقة استفزازاية وقالت: - تانى يا فاطمة. تانى عاوزانى امشى. مكفكيش أول مرة مشيت فيها من عشرين سنة.

قالت فاطمة بحدة وبغض: - وياريت المرة دى مترجعيش تانى لحد ما حد فينا يموت ماهى الدنيا متستحملناش سوا
أحتفظت أحلام بابتسامتها وقالت: - لسه بتغيرى مني يا فاطمة؟ معقول. مع انى كبرت اهو زى ما انتِ شايفة. واللى بتغيرى عليه كبر هو كمان وقرب هيبقى جد.
واقتربت أكثر وهي تحدق بعينيها قائلة: - ولا انتِ لسه بتكرهينى علشان علي الله يرحمه فضلنى عليكى.

كادت فاطمة أن تصفعها على وجهها ولكن أحلام أحكمت قبضتها على يدها ونظرت لها بتحدى اكبر، تدخلت عفاف هاتفة بحنق:
لا انا كده هتصل بالحاج حسين يجى مينفعش كده يا جماعة. يالا يا أحلام انزلى لولادك.

فى هذه اللحظة كان يوسف ينظر إلى مريم بإعجاب شديد وهو يراها بفستان زفافها الأبيض وحجابها الذي زادها إشراقًا، تناول يدها من إيهاب وهي تتحاشى النظر إليه وسار بها إلى المكان المخصص لهما بالجلوس بينما أمسك عبد الرحمن يدي زوجته وطبع قبلتين على كل واحدة منهما وعينيه لم تفارق عيناها الخجلتين وكذلك كان حال إيهاب وفرحة
سار الأربعة خلف العروسين كل منهما يتأبط ذراع عروسه في سعادة.

أما في الطابق العلوى فلا تزال المعركة مستمرة وكانت فاطمة تصفق بغضب وتقول: - مبروك يا أحلام برافو عليكى. حققتى كل اللى كنتِ بتتمنيه وخدتى حسين وولاده ومراته في حضنك
زفرت عفاف بضيق هاتفة: - انتيهنا بقى يا فاطمة...
ثم نظرت إلى الهاتف وتقول: - يارب يسمع الجرس في الدوشة دى
وقفت أحلام أمام فاطمة وقالت بصرامة: - أنا بحذرك يا فاطمة لو اتعرضتى لحد من ولادى انا ممكن ادمرك.

ضحكت فاطمة بجنون قائلة: - هتعملى أيه يعنى. انتِ اللى المفروض تخافى على نفسك يا أحلام. سمعتك مش متسحملة
بادلتها أحلام الضحكات وقالت بهدوء: - هعمل كتير يا فاطمة. يعنى مثلا هقول لكل الناس وأولهم ولادك وجوزك انك كنتِ بتحبى علي الله يرحمه وبتجرى وراه بالمشوار وهو كان مطنشك وكنتِ بتسوقى عليه ناس كتير وهو ولا هو هنا لأنه كان بيحبنى ساعتها. وفي الآخر يا مسكينة لما رضيتى بالأمر الواقع.

ووقع فيكِ ابراهيم الراجل الغلبان وهو ميعرفش انك كنتِ بتحبى اخوه الصغير. اكتشفتِ برضة انه بيبصلى من تحت لتحت. نارك قادت مني وخصوصا لما علي مات خفتى لجوزك يعملها ويتجوزنى بحجة انه يربى ولاد اخوه. علشان كده اتجننتى وعملتى عليا فيلم انهم هيقتلوا ولادى ويقتلونى وادتينى فلوس، وأشارت إلى عفاف قائلة:.

وضحكتى على الغلبانة دى وخوفتيها ان جوزها هيروح في داهية وجبتيها معاكى علشان اصدق. لأنك عارفة انى بصدق عفاف، صرخت بها فاطمة:
أخرسى يا أحلام. أنا عمرى ما جريت ورا حد. أنا مش زيك. أنتِ اللى كنتِ بتجرى ورا ابراهيم ولما لقيتيه شخصيته ضعيفة ومش هيقدر يقف قدام ابوه سبتيه وادورتى على علي الله يرحمه
ضحكت أحلام قائلة وقد أعجبها اشتعال النار بقلب فاطمة وقالت: - وهو ده اللى غيظك مني. أن الاتنين كانوا بيحبونى.

كادت فاطمة أن تهم بصفعها ولكن عفاف صرخت: - كفاية. كفاية. حرام عليكوا. ده الزمن بينسى الموت ورغم كده معرفش ينسيكوا كرهكوا لبعض
وفجأة دخل إبراهيم وحسين واقترب حسين من عفاف وامسك يدها بقلق قائلا: - مالك يا عفاف بتصرخى ليه ايه اللى حصل
نظر إبراهيم لزوجته قائلا: - انتوا ايه اللى مقعدكوا هنا سايبين الناس والمعازيم وقاعدين هنا ليه
قالت فاطمة بغل واضح: - أبدًا كنا بنصفى حساب قديم.

أشار حسين إلى أحلام وقال بحسم: - لو سمحتى يا ام ايهاب انزلى دلوقتى اقعدى جنب بنتك متسيبهاش في لحظة زى دى
أما في الأسفل فكانت عينيى هند تراقب عبد الرحمن وتتبعه كظله، وكان وليد يهمس لعلا أن تصعد معه الآن ليريها شقتهما ولم يكن يلحظ العين التي تراقبه بابتسامة غاضبة كريهة، بينما لم تكن تعلم إيمان وفرحة المفاجأة التي أعدها لهما عبد الرحمن وإيهاب.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة