قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل الثامن والعشرون

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل الثامن والعشرون

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل الثامن والعشرون

أسمعى بس. أنتِ هتطلعى تشوفيها وننزل على طول
أبتسمت علا وهي تضغط على يد هند الجالسة بجوارها وقالت: - أوك مفيش مشكلة علشان تتأكد بس انى بثق فيك
أنتبهت هند لضغطة علا وكما اتفقت معها سابقًا بأن هذه الضغطة معناها أن تتدخل فورًا
أفلتت علا يد هند وهي تنهض واقفة مع وليد فنهضت هند هي الأخرى ووقفت أمامهما قائلة:
أيه يا علا رايحة فين.

قالت علا بتلقائية مدروسة: - طالعين نبص على الشقة بتاعتنا علشان نشوف هتتشطب ازاى
أدت هند دور الشغوفة بإمتياز وهي تقول: - ايه د بجد طب انا جاية معاكوا
تدخل وليد وهو يلف كتف علا بذراعه قائلا: - خليكى مع ماما يا هند لحس تضايق. أحنا مش هنتأخر
أدت دورها جيدًا مرة أخرى وهي تقول: - اه صحيح طب ما نجيب ماما تشوفها معانا. دى برضة ام العروسة.

عادت هند خطوتين للخلف لتخبر والدتها في حين قال وليد بضيق: - أيه بقى الخنقة دى
نظرت له علا وتظاهرت بعدم الفهم وهي تقول: - مالك يا حبيبى في حاجة؟
عادت هند ومعها والدتهما وقد أبدت موافقتها للصعود معهم لرؤية منزل الزوجية
أبتسم لها وليد ابتسامة حانقة وهو يقول: - اه طبعا يا طنط اتفضلى
أستبقهم للداخل وهو يزفر بقوة في غضب بينما هند وعلا يتبادلان نظرات مكر وانتصار.

لم يمكثوا كثيرا في الداخل بمجرد أن فتح لهم باب الشقة المخصصة لزواجة ودخلوا وطالعوها في دقائق وخرجوا سريعا، وما إن خرجوا إلى الحديقة حيث حفل الزفاف حتى وقعت عيناه على سلمى التي تنتظرهم عند المدخل وعينيها يتطاير منها الشرر، لم تنتظر كثيرًا بل أسرعت إليه وصاحت في حدة:
بقى دى أخرتها يا وليد. بقى أعمل علشانك كل ده وفي الآخر تروح تخطب واحدة تانية. أما وريتك. أما فضحتك. أنا هاروح اقول ليوسف كل خططك.

أمسك ذراعها بقوة وهو ينظر إليها بغضب ويضغط أسنانه بقوة وقال: -عارفة لو ماتخرستيش هاعمل فيكى أيه
تقدمت علا منهما بينما وقفت هند ووالدتها يشاهدان ما يحدث في دهشة، أقتربت علا قائلة:
في حاجة يا آنسه؟
هتفت سلمى بغضب: - وانتِ مالك انتِ بتدخلى ليه بين واحدة وجوزها
نظرت له علا بدهشة وقالت: - نعم. جوزها
ألتفت إلى سلمى بغضب وحنق: - أنتِ بتخرفى ولا أيه. أنا اتجوزتك امتى ان شاء الله. في الحلم.

قاطعته وهي تصيح بوجهه وتشير إلى الشقة المشئومة بجوار المصعد: - لا يا خويا في الشقة دى
جذبها من يدها وحثها على الخطى السريع خلفه مرغمة حتى وصل بها إلى جراج السيارات
والتفت إليها وصفعها بقوة حتى ارتدت إلى أحدى السيارات وسال الدم من بين شفاها.

فصرخت في غضب: - ماشى يا وليد والله لاروح أحكى ليوسف واقوله أنك كنت بتفترى على مريم وانك مطلعتش شقتها ولا حاجة وانك كنت مستنيه وكنت عارف انه هيجى وراك وهقوله انك قصدت تديله حبوب علشان يتخدر وميحسش هو بيعمل ايه وانك اتفقت معايا انى اخد مريم شقة مفروشة وافهمها ان ده بيتى وكنت عارف انه هيراقبها وكان كل هدفك انك تفضحه والرؤوس تتساوى وميقدرش يفتح بقه معاك تانى.

أحكم قبضته على ذراعها حتى آلمتها وصرخ فيها: - اسمعى يابت انتِ، مش انا اللى تهددينى.

لو عاوزه تروحى تحكى روحى. ميهمنيش. أنا كده ولا كده شريك في البيت وشريك في الشركة يعنى اللى هتقوليه مش هيأثر عليا لا حد هيرفدنى ولا حد هيقدر يطردنى، ديتها ابويا يزعل منى يومين وخلاص. وانتِ مش هتطلعى بحاجة من ورا كده إلا انى عمرى ما هبص في وشك تانى ومش هتشوفى مني اللى كنتِ بتشوفيه. لكن لو طلعتى عاقلة وحلوة كده، هنفضل مع بعض. فلوس وفسح وكل اللى انتِ عرفتينى علشانه. ها قولتى ايه؟

بكت وهي تحاول أن تخلص ذراعها من يده وهي تقول: - سيبنى بقى أيدى حرام عليك
تركها وهو يدفعها للخلف مجدداً ويشير إلى رأسه قائلا: - عقلك في راسك تعرفى خلاصك دورى على مصلحتك احسنلك
أشتد بكاؤها وهي تقول: - كده برضة يا وليد تعمل فيا كده. يعنى اللى خطبتها وهتتجوزها دى فيها أيه احسن مني
أقترب منها ومسح على شعرها وكأنه لم يفعل شىء وقال: - يا عبيطة ده انتِ اللى في القلب. وبعدين جواز أيه هو انا بتاع جواز.

نظرت له بدهشة وقالت: - يعنى ايه. اومال خطبت ليه
أقترب منها ولف ذراعيه حول خصرها قائلا: - هما وحياتك يومين وهخلع منها وهرجعلك صاغ سليم
قالت وهي تبتعد عنه: - انت بتضحك عليا بكلمتين. فاكرنى هبلة في حد بيخطب يومين ويخلع
قال وليد ضاحكا: - أنا
قالت بدهشة وقد تغيرت ملامحه تماما: - أنت بتضحك عليا
قال بنفاذ صبر: - من الآخر كده. البت دى منشفة دماغها وانا حبيت ألينها بالدبلة اللى لبستهالها. فهمتى بقى.

يعنى انت بقى عينك فارغة
أومأ برأسه مؤكداً بعبث قائلاً: - بالظبط كده أديكى عرفتى، يالا بقى خديها عن قصيره وامشى دلوقتى
قالت باستفزاز: - انا لسه مباركتش لمريم
هتف بحنق: - قال يعنى بتحبيها أوى، يالا اطلعى من باب الجراج وهنتقابل بكرة وهقضى معاكى يا ستى طول اليوم
خطت هند وعلا خطوات سريعة بخفة ليعودا أدراجهما إلى مكانهما قبل أن يعود وليد، جلستا وهما يلتقطان أنفاسهما بصعوبة وقالت هند:
سمعتى يا علا.

أومأت برأسها ووضعت أصبعها على فمها وهي تقول لهند: - ولا كأنك سمعتى حاجة
قالت هند باستنكار: - يعنى ايه يا علا. هي دى كمان فيها مصالح
قالت علا مؤكدة: - بالظبط كده زى ما اتفقنا قبل كده أى معلومة تعرفيها تحوشيها لحد ما يجى وقتها
ونظرت بعيدًا في شرود وهي تقول: - أما بقى بخصوص هدفه من خطوبتنا، انا هخاليه يندم ويقع في شر أعماله.

أستقلت سلمى سيارتها الصغيرة وقادتها في شرود والأفكار تتزاحم في عقلها: - صح. أنا هستفاد أيه لما افضح كل حاجة، كل اللى هيحصل انى هخسره للأبد ومريم سمعتها هتتصلح عند يوسف
وأبتسمت في سخرية وهي تقول: - متضحكيش على نفسك يا سلمى انتِ كده ولا كده كنتِ متأكدة انه مش هيتجوزك ومكنش هامك حاجة متعمليش فيها مصدومة طالما بيصرف عليكى يبقى خلاص خالى الفايدة تكمل للآخر.

عاد وليد إليها قائلا بلهفة مصطنعة: - متزعليش يا حبيبتى دى واحدة مجنونة كانت بتشتغل معايا زمان ومشيتها. وانا طردتها خلاص
أبتسمت برقة وقالت: - تصدق فعلا شكلها مش طبيعى خالص. وبعدين دخلت هنا ازاى دى
رفع كتفيه وقال: - انا عارف. اهو كل فرح ولا مناسبة في بيتنا لازم تحصل فيه بلوى شكل. أسترها علينا يارب.

وقفت فاطمة بجوار زوجها تراقب نظراته جيدًا فالتفت إليها وقال بحدة: - أنتِ وبعدين معاكى هتفضلى تراقبينى كده لحد امتى
قالت فاطمة بحنق: - لحد ما زفته دى تمشى من هنا وتغور
قال متأففاً: - لاحول ولا قوة إلا بالله. يافاطمة عيب كده احنا مش صغيرين على العمايل دى. روحى طيب سلمي على خطيب بنتك ووالدته
تأبطت ذراعه رغما عنه وقالت: - اه وماله يالا نروح سوا.

شعر حسين ببعض الهدوء عندما وجد ملامح السعادة عادت مرة أخرى إلى وجه عفاف بعد أن كانت يغلب عليها الحزن مما سمعت من أحلام وفاطمة وهي تجلس بجوار يوسف بسرور وتربت على يده وتبتسم له بحب هو ومريم، أما احلام فكانت تجلس بين مريم وإيمان، حتى جاء عبد الرحمن وبسط كفه أمامها قائلا:
تعالى يا إيمان لحظة لو سمحتى.

وضعت يدها في يده فتناولها وسار بها خطوات ووقف أمامها قائلا بحب: - أيه رأيك في شهر عسل جديد بدل اللى راح مننا
نظرت له بدهشة يغلفها الخجل وقالت: - ازاى يعنى
أشار لإيهاب الذي كان يقف بعيدا عنهما بخطوات يتكلم مع فرحة وهي تبدو في كامل سعادتها، أقبل إيهاب وفرحة التي تعلقت بذراع عبد الرحمن بابتسامة واسعة وهي تقول:
متشكرة يا عبد الرحمن حقيقى مفاجأة تجنن.

نظر لها إيهاب باستنكار: - ياسلام. على أساس ان انا ماليش دور في المفاجأة يعنى
قالت إيمان بابتسامة حائرة: - مفاجأة ايه؟
لف إيهاب ذراعه حول كتفها وقال بمرح: - هنروح مع يوسف ومريم نقضى شهر العسل معاهم
دفع عبد الرحمن ذراع إيهاب ولف ذراعه هو على كتفها قائلا: - لو سمحت متحطش أيدك على مراتى تانى
والتفت إليها قائلاً: - ها أيه رأيك في المفاجأة دى.

أرتبكت إيمان واقتربت فرحة منها قائلة: - هي دى عاوزه رأى. طبعا موافقة
قالت إيمان بتردد: - بس احنا مجهزناش هدومنا ومش معقول نطلع نجهزها دلوقتى
قالت فرحة بحماس: - لا يا ستى مش هنوضب حاجة. دول كانوا متفقين مع ماما على كل حاجة وهي قامت بالواجب وزيادة
أكد عبد الرحمن على كلام فرحة وقال: - الحقيقة دى كانت فكرة بابا. هو اللى اقترح وخطط واحنا نفذنا.

داعبته إيمان وقالت وهي تضع يدها على خصرها: - ده انتوا عصابة بقى
أومأت فرحة وقالت: - بالظبط كده. عصابة بودى وهوبة
أقتربت هند منهم وهي تتهادى بدلال ووقفت أمام عبد الرحمن وهي تنظر إليه بشوق وتمد يدها لتصافحه وتقول:
أزيك يا عبد الرحمن ليك وحشه والله
ارتبك عبد الرحمن بسبب نظرات إيمان الحارقة لهما وقال: - الحمد لله تمام
قالت وهي مازالت باسطة كفها ليصافحها: - مش هتسلم عليا ولا ايه...

شعرت إيمان أن عبد الرحمن سيصافحها لشعوره بالحرج من يدها الممدودة فأسرعت واخذت يدها وصافحتها هي وقالت بابتسامة باردة:
معلش بقى. أصله مش بيسلم على ستات
أبتسمت لها هند ابتسامة صفراء وهي تقول: - ليه ده حتى عبد الرحمن مثقف ومتعلم
بادلتها إيمان نفس الإبتسامة وقالت: - شرع ربنا مالوش علاقة بالثقافة أو الجهل.

وتابعت: - المثقف الحقيقى هو اللى يبقى عارف امور دينه وبيقوم بيها أما الجاهل هو اللى مهما اتعلم وخد شهادات يفضل برضة مش عارف دينه بيأمره بأيه وبينهاه عن أيه
أختفت الأبتسامة وقالت في حنق: - فرصة سعيدة يا مدام
وغادرت في سرعة بخطوات حانقة، فقالت فرحة موجهة حديثها لإيمان: - البت ياعينى غرقت في شبر ميه حرام عليكى يا إيمان.

نظرت إيمان إلى عبد الرحمن الذي كان ينظر إلى الأسفل وكانه يتأمل حشائش الأرض التي يقف عليها وقالت له:
بتبص على الأرض كده ليه
قال وكأنه يفكر بعمق: - لا ابدا بفتكر انا صليت العشاء ولا لاء...
نظر إيهاب إليه بدهشة ثم انفجرا في الضحك، لم تستطيع فرحة كتم ضحكاتها وهي تحتضن إيمان وتقول:
أخويا شجاع أوى قدامك على فكرة
لم تتمالك إيمان نفسها وضحكت رغمًا عنها.

مالت أحلام على أذن مريم قائلة: - مالك يا مريم مكشرة كده ليه؟
انتبهت مريم لحديث والدتها وقالت بخفوت: - أبدا ياماما. تلاقينى سرحت ولا حاجة
قالت أحلام بتنبيه: - لا أبتسمى الناس بتبص عليكى وبعدين جوزك بيبص عليكى هو كمان
ألتفتت مريم بحركة تلقائية ليوسف الذي يجلس بجوارها فأشاح بوجهه عنها والتفت إلى والدته التي تجلس بجواره فقالت له:
ايه يا حبيبى عاوز حاجة؟
يوسف: - مش كفاية كده مش نمشى بقى لسه ورانا سفر.

أومأت برأسها وهي تبتسم له موافقة وقالت: - طيب استنى اروح اقول لابوك
ذهبت عفاف إلى زوجها وأبلغته بالأمر فذهب إلى عبد الرحمن وإيهاب وقال: - يالا بقى علشان تلحقوا وقتكوا لسه الطريق طويل
تحرك الجميع وسط تبريكات الأهل و المدعوين وتقديم التهانى وعانقتهم أحلام عناق طويل وودعتهم فهى أيضا ستسافر وتعود من حيث جاءت.

بعد ساعات مرهقة دخل أًخيرًا كل زوجين إلى جناحهما الخاص، أسرعت إيمان إلى شرفة جناحها الكبيرة لتنظر إلى المنظر البديع، فلحقها عبد الرحمن ولف ذراعه حولها قائلا:
هنا بقى تقدرى تستمتعى بجد. البلد هنا مش زحمة خالص والشواطىء تقريبا فاضية
تنهدت في أرهاق قائلة: - طبعا دى بعيدة جدا لازم تبقى رايقة.

قال بابتسامة عذبة: - أنا جبتك هنا مخصوص علشان تعرفى تستمعى براحتك. علشان المرة اللى فاتت مكنتيش عاوزه حتى تنزلى تبلى رجلك في المية وكنتِ خايفة الهدوم تلزق عليكى. هنا الحياة بسيطة أوى وعلى طبيعتها والشط بين الجبال ووراه نخيل كتير.

نظرت إليه وقالت في اهتمام: - مصر فيها أماكن حلوة جدا المصريين نفسهم عمرهم ما شافوها طب احنا ليه دايما مركزين على السياح اللى جايين من بره ومهملين في السياحة الداخلية جدا، تقريبا معظم المصريين ميعرفوش ان بلدهم في اماكن ساحرة كده
قال بتركيز: - فكرة برضة. سيبينى افكر في الحكاية دى بس لما نشوف الأول السياحة الزوجية
لم تفهم معنى كلماته فقالت بتسائل: - يعنى أيه السياحة الزوجية.

تصنع عبد الرحمن أنه يهم بشرح معنى كلماته وقال بجدية: - تعالى وانا اشرحلك بالتفصيل
ثم توقف فجأة قائلا: - ولا اقولك غيرى هدومك وانا هدخل اخد دش. ولما اطلع اشرحلك كل حاجة بالتفصيل الممل.

كانت مريم جالسة على طرف فراشها تنظر حولها وتدور عينيها في الجناح الخاص بهما حتى دخل يوسف وأغلق بابه ووقف ينظر إليها ويتأملها حتى شعرت بالإضطراب أكثر، وراودها شعورها بالخوف تجاهه مرة أخرى فأغلقت عينيها وهي تحاول أن تهدئ من روعها فقال:
طبعا تعبانة من السفر ومحتاجة تنامى
اشار إلى الحمام الملحق بالغرفة الداخلية قائلا: - ادخلى غيرى لو تحبى وانا هدخل البلكونة لحد ما تخلصى علشان نصلى ركعتين مع بعض.

نهضت في سرعة واقفة مكانها وقالت بسخرية: - نصلى ركعتين ليه. ده لما يبقى جواز حقيقى مش زينا كده
شعر بالتوتر وصمت قليلا ثم قال: - خلاص زى ما تحبى.

تركها وخرج إلى الشرفة يستنشق الهواء العليل ويحاول أن يركز تفكيره في طريقة التعامل التي ستكون بينهما في الأيام القادمة، اخذت مريم ملابسها ودخلت الحمام، أغتسلت في سرعة وبدلت ملابسها وخرجت من الحمام إلى الفراش مباشرة وتدثرت جيدا، عندما شعر بها قد انتهت دخل هو الآخر وأخذ ملابسه من حقيبته الشخصية ودخل إلى الحمام أغتسل وخرج سريعاً، مر أمام فراشها فوجدها متدثرة جيدًا وتلف الغطاء حولها بعناية وتنظر إليه وتتابع تحركاته بقلق وخوف، آلمه كثيرًا ذلك الشعور وتلك النظرة الخائفة من عينيها فوقف أمام باب الغرفة الداخلية قائلا:.

الأوضه دى ليها مفتاح لو حابة تقفلى على نفسك وانا هنام على الكنبة بره قدام التلفزيون لو احتاجتى حاجة نادى عليا.
لم يتلقى منها أى أجابه فخرج واغلق الباب خلفه وبعد ثوان شعر بها توصد الباب بالمفتاح جيدا من الداخل، لم تتمالك نفسها كثيرًا فلقد كان الأرهاق أكبر من أى مقاومة فاستسلمت للنوم سريعا، وكذلك هو استسلم للنوم على الأريكة في الخارج.

خرج عبد الرحمن من الحمام وهو يدندن بسعادة رغم الأرهاق الواضح على عينيه
ولكن سعادته لم تكتمل، فلقد وقع بصره على إيمان التي استسلمت للنوم سريعًا هي الأخرى، حاول إيقاظها ولكنها لم تستجيب، حاول مجدداً وهو يكاد أن يبكى:
إيمان أصحى بقى عاوز اشرحلك السياحة الزوجية
تمتمت وهي تغط في النوم: - بعدين ابقى اشرحلى السياحة النيلية.

أعتدل وهو يمسح رأسه بحنق وهو يردد: - نيلية، النيلية دى على دماغى انا دلوقتى ياختى
وأخذ الوساده وقذفها بها وهو يقول: - نامى ياختى نامى.
تحسست الفراش بجوارها حتى وصلت لتلك الوسادة، أخذتها ووضعتها على رأسها ثم فتحت عينيها ببطىء وابتسمت ثم عادت للنوم مرة أخرى.

أستيقظت فرحة في الصباح ونظرت إلى ملابسها قائلة: - ياه ده انا نمت بهدومى من كتر التعب
نظرت بجوارها فوجدت حال إيهاب ليس افضل من حالها، هو أيضا نام بملابسه
حاولت ان توقظه مرارًا حتى استيقظ وقال وهو مازال مغمض العينين: - ده مش سفر دى علقة سخنة. اخوكى ده مجنون ملقاش غير آخر بلاد المسلمين.

أبتسمت فرحة بإرهاق قائلة: - بس المكان هنا هادى أوى ومش زحمة زى باقى المصايف. وبعدين أول مرة آجى نويبع. المنظر تحفة
قام بصعوبة قائلا: - طب انا هدخل اخد دش و اخرج اطلب الفطار.
ثم نظر إليها وهي مازالت بفستان العقد فقال ضاحكا: - في عروسة تنام بفستان الفرح. لو حد شافك دلوقتى يقول عليا ايه، فسيخة!

ضحكت فرحة وهو يأخذ ملابسه ويتجه للحمام ثم تناولت الهاتف وأجرت اتصال بإيمان التي أجابتها بعد مدة قصيرة وقالت بصوت ناعس:
السلام عليكم
وعليكم السلام. انتِ لسه نايمة
اه يابنتى المشوار كان صعب أوى حتى اخوكى لسه نايم فوجأت به يأخذ الهاتف من يدها وأستند برأسه على ذراعها وهو يتحدث إلى فرحة:
عاوزه ايه يا رخامة بتتصلى ليه على الصبح كده
ايه ده مالك طلعت فيا كده ليه. طب الحق عليا انى بطمن عليكوا.

حاولت إيمان أن تسحب يدها من تحت رأسه وهو يتحدث ولكنه لم يسمح لها بذلك وهو يقول لفرحة:
لا متشكرين متطمنيش تانى ومش عاوز اسمع صوتك انتِ ولا جوزك النهاردة يلا سلام
أنهى الأتصال ثم أغلق الهاتف تماما وهي مازالت تحاول عبثًا أن تنهض من جواره ولكنه لف ذراعيه حولها وقال بابتسامة مشرقة:
متحاوليش دخول الحمام مش زى خروجه. انتِ وقعتى يا قطة.

حاول أن يقبلها ولكنها وضعت يدها على شفاه وقالت بسرعة: - أنا جعانة وعاوزه افطر حالاً. وكمان عاوزه ادخل الحمام
جلس بجوارها قائلا بضجر: - اه هنبدأ بقى في شغل العيال. عاوزه ادخل الحمام عاوزه اكل عاوزه انام. ناقص تقوليلى عاوزه اروح لماما
نهضت مسرعة واتجهت إلى الحمام بخطوات واسعة وهي تقول: - طب والله جعانة أوى لو سمحت اطلب الفطار على ما اطلع.

تناول الهاتف وطلب الرقم الداخلى للفندق وهو يقول: - لما نشوف هتتحججى بأيه تانى
جلست إيمان وعبد الرحمن يتناولان طعام الأفطار في الشرفة، تناولت إيمان أول رشفة من كوب الشاى وهي تقول باستمتاع:
الله كان نفسى فيها أوى الكوبايه دى من امبارح
أمسك كفها وخلل أصابعها بين أصابعه وقبض عليها برقة ونظر إليها بحب قائلا: - طب وبالنسبة للى قاعد جمبك ده. طب يارب ابقى كوباية شاى علشان تحبينى أوى كده.

ضحكت إيمان على طريقته وقالت برقة: - ربنا يخاليك ليا
ألقى نظرة على كوب الشاى في يدها قائلا: - هي الكوباية دى مبتخلصش ولا أيه
أخذت عدة رشفات وقالت متسائلة: - بتسأل ليه؟
أخذها منها ووضعها على الطاولة الصغيرة أمامهما وهو ينهض قائلا: - انا بقول كفاية كده الشاى مضر بالصحة
نهضت معترضة وقالت: - لا لسه مخلصتش
جذبها للداخل وهو يقول: - ده انا اللى خلصت خلاص ارحمينى شوية.

فتحت مريم باب غرفتها ببطء بعد أن ارتدت ملابسها ونظرت إلى الأريكة تبحث عن يوسف ولكنها لم تجده، تقدمت خطوتين ونظرت داخل الشرفة فوجدته متكأ إلى السور وغارق بعمق في تأمل المنظر البديع على مد بصره، أتجهت نحو باب الغرفة الخارجى وفتحته وهمت بالخروج ولكنها سمعت صوته آتى من خلفها قائلا:
رايحة فين
أستدارت ببطء وهي تتجنب النظر إليه وقالت: - خارجة اتمشى على البحر شوية.

تحرك من مكانه واتجه إليها ووقف بمسافة ليست بعيدة منها وقال بهدوء: - مينفعش تخرجى دلوقتى
قالت بحنق: - ليه ان شاء الله
حافظ على هدوءه قائلا: - أولا الفطار جاى حالا. ثانيا المفروض اننا عرسان جداد. على الأقل قدام اخواتك واخواتى ومينفعش حد فيهم يشوفك طالعة دلوقتى وكمان لوحدك
أبتعدت عن الباب بضيق وجلست إلى الأريكة بعصبية قائلة: - يعنى هتحبس معاك هنا ولا أيه.

طرق الباب، كانت خدمة الغرف، أخذ يوسف طعام الأفطار ووضعه أمامها على الطاولة وقال:
طب افطرى الأول وبعدين نتكلم
قالت بضجر: - مش عاوزه آكل معاك
أومأ برأسه وقال: - زى ما تحبى
ثم أخذ أحد الأطباق الفارغة ووضع لنفسه بعض الطعام فيه ودخل الشرفة، جلس فيها وتناول طعامه، أنتهت مريم من طعامها ودخلت غرفتها وأوصدت الباب مرة أخرى بدلت ملابسها وجلست على فراشها تفكر:.

كيف من الممكن ان يجتمع المجرم والضحية في مكان واحد، كيف يمكن ان تتعايش المغتصبة مع من اغتصبها تحت سقف واحد!
وفى أمواج الأفكار التي تعصف بعقلها سمعت طرقات خفيفة على الباب فقالت بضيق: - افندم
من فضلك عاوز اتكلم معاكى شوية
مش عاوزه اتكلم معاك سيبنى في حالى
أتاها صوته باصرار أكبر وهو يقول: - من فضلك افتحى الباب لازم نتكلم
نهضت على مضض تنفست بعمق وفتحت الباب وقالت بتأفف: - افندم. خير.

قال بهدوء: - تحبى نقعد فين. هنا ولا بره؟
نظرت خلفها ثم عادت برأسها إليه وقالت: - هتقعد فين هنا. بره طبعا
تنحى عن طريقها وتابعها بعينيه حتى جلست على الأريكه فجذب أحد المقاعد ووضعه امامها وبطريقة تلقائية مال للأمام فابتعدت حتى الصقت ظهرها بمسند الأريكة في قلق وهي تقول:
لو سمحت ابعد انت عاوز ايه بالظبط
وأشارت محذرة: - انا بحذرك لو قربت مني
قاطعها: - متكمليش انا اللى مش هقرب من غير ما انتِ تقولى.

عقدت ذراعيها أمام صدرها وحاولت أن تتظاهر بالشجاعة وقالت: - عاوز تقول أيه خلصنى
تكلم بهدوء وهو ينظر إليها بعمق: - معلش انا مش قصدى اضايقك. لكن في حاجة مهمة عاوزك تعرفيها. صحيح هي مش هتغير من وضعنا شىء لكن برضة لازم تعرفيها.

أشاحت بوجهها في صمت ولم ترد فتابع حديثه: - لما كنت في شقتك فوق وسألتك على الشقة اللى طلعتيها مع سلمى قولتيلى انها شقتهم بيتهم يعنى، أنا روحت تانى واتاكدت أن دى مش شقة عادية دى شقة مفروشة وكمان سمعتها مش ولابد. والبواب أكدلى كده زى ما أكدلى يوم...
صمت لعله يجد تعبير مناسب فقال: - يوم الفرح
زفرت بقوة وقالت: - تانى. عاوز تشوه سمعتى تانى. أنت أيه يا أخى انت...

قاطعها بحسم قائلا: - أنا مش عاوز غير انك تسمعينى للآخر. أشوه سمعتك ازاى وانتِ بقيتى مراتى
اومال بتقول كده ليه
قال وهو ينظر إليها بألم: - لو سمعتينى للآخر هتفهمى. لكن انتِ مش عاوزه تسمعى مني حاجة
صمتت مرة أخرى ثم قالت: - اتفضل قول اللى عندك
أردف قائلا: - انا راقبت البت اللى اسمها سلمى دى وعرفت عنوانها. والبيت اللى عايشة فيه مع امها مش هو اللى خدتك فيه يوم الفرح
نظرت له بحدة وقالت: - وأيه المطلوب مني.

قالت بتأنِ: - تحكيلى اللى حصل بالظبط من ساعة ما ركبتى معاها لحد ما وصلتك البيت
نهضت من أمامه وحاولت أن تتخطاه وهي تقول بغضب: - انت عاوز تدور على أى مبرر للى عملته.

قال ببعض الإنفعال: - انا قلتلك من الأول ان مفيش شىء هيتغير. لكن لو سمحتى جاوبينى انا مش عاوز الآقى مبرر لنفسى. أنا عارف انى مجرم وانى استحق الأعدام مش أنى اتكافىء واتجوزك. جاوبينى. أنا حاسس ان الحكاية دى وراها سر. مش هيحصل حاجة لما تحكى اللى حصل
ردت إنفعاله بانفعال مماثل وهي تقول: - حاضر هحكيلك اللى حصل علشان متفتحش الموضوع ده تانى.

وتابعت وكأنها تتذكر: - لما ركبت معاها قالتلى هنروح نتمشى بالعربية شوية. قلتلها لا هنروح نوصلهم للمطار قالتلى هتدبى المشوار ده كله ليه واقنعتنى. المهم. بمجرد ما ركبت وقبل ما تطلع بالعربية لقيت ولاد خالتها ركبوا معانا وقبل ما اعترض كانت هي طلعت ولما عاتبتها قالتلى انها هتوصلهم البيت علشان مامتها طلبت من خالتها تبعتلها أمانه معاهم وبعدين نروح انا وهي نتمشى بالعربية زى ما كنا متفقين. روحنا البيت واتصلت بمامتها مردتش مرة والتانية مردتش، ولاد خالتها قالولها هنطلع نشوفها. طلعوا واحنا استنينا في العربية وبعد شوية نزلوا. قالولها ان مامتها عاوزاها ضرورى وتقريبا كده كانت تعبانة.

أتحايلت عليا اطلع معاها خمس دقايق تشوف مامتها وتنزل توصلنى تانى، طلعنا ودخلت هي لمامتها أوضتها هي وولاد خالتها وخرجت قعدت معايا وسابتهم جوه معاها وقالتلى ان مامتها مكنتش لاقيه الدوا بتاعها وهي ادتهولها. وطلبت مني استنى شوية لحد ماتطمن على مامتها وتوصلنى البيت، بس هو ده اللى حصل. ازاى بقى دى شقة مفروشة وبيتهم في مكان تانى.

كان يستمع بإنصات شديد ويتفحصها وهي تقص عليه ما حدث وعندما انتهت قال: - ومشوفتيش مامتها طبعا
حركت رأسها نفيا وقالت: - لا مدخلتش عندها
أوما برأسه وقال: - أنتِ عمرك ما روحتى بيتهم قبل كده؟
أجابته قائلة بنفاذ صبر: - لا روحت طبعا وقعدت مع مامتها بس هما كانوا ساكنين في مكان تانى. بس هما عزلوا قبل فرح إيمان بأسبوع تقريبا
قطب جبينه وقال بتركيز: - أسبوع.

ثم نظر إليها وقال: - لا يا مريم سلمى معزلتش ولا حاجة ولو حابة تتأكدى روحيلها لما نرجع هتلاقيها معزلتش...
وتابع في تفكير: - طالما قالتلك قبلها بأسبوع انها عزلت يبقى الحكاية مترتبة. بس ليه. وأيه المقصود
قالت بعصبية: - شفت بقى انت بتدور على مبرر ازاى، مرة تقولى كنت واخد مخدرات ومرة تقولى سلمى ودتك شقة مفروشة. أنت عاوز توصل لأيه، ومخدرات أيه اللى بتقول عليها وجبتها منين وانت عمرك ما شربت سجاير أصلا.

ألتفت إليها وقد ترابطت الأفكار في ذهنه وقال في شرود: - أنتِ كده جاوبتى على سؤالى.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة