قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل التاسع والعشرون

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل التاسع والعشرون

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل التاسع والعشرون

هتعمل ايه يا مجنون.!
أخذ عبد الرحمن عصى ملقاة عند الشاطىء قائلا: - أستنى وانتِ تعرفى
وبدأ في حفر صورة لقلب كبير على الشط وكتب بداخله بحبك يا إيمان
أبتسمت إيمان وهي تنظر إلى ما يفعل وترقرقت عيناها بالدموع، وعندما انتهى ألقى العصاة جانبا والتفت إليها وهو يقول بسعادة:
أيه رأيك في خطى.

نظر إلى عينيها فوجد آثار الدموع تلمع بها وهي تبتسم في شجن وتنظر إليه بحب، أخذ كفها في كفه ووضع عليه قبلة طويلة ثم لفها بذراعها وضمها إليه في حنان وقال معتذرا:
انا آسف. أنا مكنتش مقدر النعمة اللى ربنا أنعم عليا بيها بس الحمد لله انى فوقت لنفسى قبل ما تضيعى مني يا حبيبتى.

فاضت اللآليء من عينيها وهي تتأمل عينيه بحب فمسح دموعها بأنامله وهو يقول: يا للآليء عينيها حدثيها أني عشقتها. واجمعى عمرى ودمى واصنعى عقدا لها
أبتسمت وقالت بخفوت: - أيه ده وكمان بقيت شاعر
همس لها: - عمرى ما عرفت اقول شعر. أنا لقيته طالع كده من قلبى معرفش ازاى
تشابكت أصابعهما في بطء وعينيهما متعلقة ببعضها البعض، وفجأة وضعت يد بقوة على كتف عبد الرحمن من الخلف وسمع صوت أجش يقول بعنف:
بطاقتك يا روميو.

أستدار عبد الرحمن وهو يستعد للعراك ولكن ضحكات إيمان جعلته يلتقط العصا من على الأرض قبل أن يكمل استدارته ويسرع خلف إيهاب الذي هرول ضاحكا وهو يقول بترجى:
خلاص ياباشا مكنتش اعرف انك مباحث
دفعه عبد الرحمن إلى المياة وهو يقول: - والله ما انا سايبك
وقفتا إيمان وفرحة تضحكان على مزاحهما وتراشقهما بمياة البحر حتى جلس عبد الرحمن على الشاطىء بجوار إيهاب وهو يتنفس بصعوبة قائلا:
هاخد نفسى واقوم اقطعك.

أقبلت فرحة وإيمان عليهما فقال إيهاب لإيمان بأنفاس متلاحقة: - ضربته لحد ما مت من الضرب
أومأت برأسها قائلة: - اه طبعا ماهو واضح
بينما هتفت فرحة: - أنا هموت من الجوع لسه متغدتش لحد دلوقتى
نهض عبد الرحمن وأخذ يد إيمان في يده قائلا: - لا اتغدوا انتوا احنا هنروح الفندق نتغدى هناك
هتفت فرحة مرة أخرى: - ليه ما نتغدى مع بعض.

حرك رأسه نفيا وقال بجدية: - لا مش هينفع أصل كنت بشرح لإيمان موضوع كده عن السياحة ولازم اكمله
نظرت له إيمان بعتاب وحاولت أن تخفى تلون وجهها خجلا من إيهاب الذي لم ينتبه لها وقال:
سياحة أيه؟
تابع عبد الرحمن بنفس الجدية وهو يشرح بكلتا يديه لإيهاب وفرحة اللذان يتابعان شرح عبد الرحمن باهتمام وهو يقول:
في سياحة داخلية. وفي سياحة خارجية في النص بقى في سياحة زوجية.

قالت فرحة وهي تحاول فهم ما يقول: - يعنى أيه سياحة زوجية
أردف عبد الرحمن بتركيز: - أفهمى. ده مشروع جديد
والتفت إلى إيمان التي تقف خلفه وغمز لها قائلا: - مبقالوش يومين
ثم استدار إليهما مرة أخرى وهو يتابع: - يعنى يدوب قصينا الشريط
كانت فرحة تحاول استيعاب ما يقول حين قال إيهاب: - هو انتوا هتدخلوا نشاط السياحة في الشركة بتاعتكوا.

استدارت إيمان تجاه البحر وهي تحاول كتمان ضحكاتها واستمر عبد الرحمن في الشرح: - هو الموضوع كبير لما نرجع مصر هبقى اشرحلك
أشار لهما وهو يضع يده على كتف إيمان: - يالا بقى كفاية عليكوا كده سلام
بمجرد أن ابتعدوا قليلا ضربته على كتفه وهي تقول: - ماشى يا عبد الرحمن
قال وكأنه لم يفهم: - ليه هو انا عملت حاجة. ده انا كنت بشرح لهم بس
ثم ضمها إليه أكثر وهو يقول: - بس ايه رأيك مش انا بشرح كويس.

أتسعت عيناها وهي تنظر له وقد تلونت وجنتاها احمرارًا فقال بسرعة: - لالا متفهمنيش صح. أنا قصدى انى كنت بشرحلهم كويس يعنى
استبقته بخطوات واسعه فلحقها وأمسك يدها، أفلتت يدها منه وأسرعت تجرى فأسرع خلفها يناديها:
أستنى بس. يا إيمان. أستنى. ده انا يدوب شرحت المميزات. لسه هناخد الأهداف. هدف. هدف.

كانت مريم تقف في الشرفة تتابع أصوات البحر المختلطة بحفيف النخيل وقد جلس يوسف يشاهد التلفاز ويلقى عليها نظرة من حين للآخر حتى سمع طرقات خفيفة على الباب، أستدارت مريم في مكانها واتجهت للداخل في سعادة وهي تسمع صوت إيهاب وفرحة التي أقبلت وعانقتها وقبلتها على وجنتها وهي تقول:
وحشتينى أوى يا مريم بقالى يومين مشوفتكيش.
ثم همست لها: - ها أخبار الجواز ايه.

أرتبكت مريم ثم قالت: - تعالى لما اشوف إيهاب لحسن واحشنى اوى
خرجت إلى اخيها وعانقته واستكانت بين ذراعيه، فلقد شعرت بالأمان بمجرد أن استمعت لصوته، رفع رأسها وقبلها على جبينها وقال:
ألف مبروك يا حبيبتى. بصى جبتلك ايه
نظرت مريم إلى العقد المجمع من القواقع البحرية مختلفة الألوان وقالت بانبهار: - ده جميل أوى جبته منين ده.

قالت فرحة: - نزلنا نتسوق شوية وجبنا الحاجات دى من هناك. إيهاب اول ما شاف العقد قال هيعجب مريم أوى
اخذت تتأمله بين يديها بإعجاب وتقول: - ده حلو اوى أوى. متشكره اوى يا إيهاب
تدخل يوسف قائلا وهو يمسك بالهاتف: - ها بسرعة تشربوا ايه
تقدم إيهاب نحوه وهو يقول: - لالا مفيش داعى احنا ماشين على طول
طلب يوسف بعض العصائر وأغلق الهاتف وقال لإيهاب: - اقعدوا معانا شوية.

مالت فرحة على اذن مريم قائلة بخفوت: - أيه ده يا بنتى في عروسة تلبس عباية بعد يومين من فرحها
توترت مريم ورسمت ابتسامة على شفتيها قائلة: - أصلى كنت واقفة في البلكون زى ما شوفتينى كده ويوسف بيزعل لما بقف فيها بهدوم خفيفة.

أومأت برأسها متفهمة بينما أشار لهم يوسف أن يجلسوا، جلس إيهاب وفرحة على الأريكة الكبيرة، بينما جلست مريم بجوار مسند الأريكة الصغيرة وكانت تتوقع أن يجلس يوسف بعيدًا عنها نسبيًا ولكنه جلس بجوارها ملتصقاً بها، ولف ذراعه حول كتفها وضمها إليه بخفة حتى شعرت أنها التصقت بصدره وهو يقول مداعبًا موجهًا حديثه لفرحة:
وانتِ بقى يا معزة أخبارك أيه.

عقدت فرحة يدها أمام صدرها بغضب طفولى وهي تهتف: - مش هتبطل تقولى يا معزة ماشى يا يوسف
أنتصر لها إيهاب قائلا: - متزعليش يا حبيبتى هو يقصد المعزة اللى قعدة جنبه
صاح به يوسف وهو يضمها أكثر: - نعم يا خويا. انا مراتى دى قمر منور الدنيا كلها. انا أصلا مش عارف انت اخوها ازاى
تدخلت فرحة: - بقى كده. عموما إيهاب أحلى من مريم بكتير
ونظرت إلى إيهاب قائلة: - مش كده يا هوبة؟
أومأ برأسه ممازحاً: - طبعا يا حياتى.

نسيت مريم أمر ضمة يوسف وهي تقاطع فرحة وهي تقول بمشاغبة: - ياسلام بقى إيهاب أحلى مني. تصدقى فعلا انتِ معزة
ضحك يوسف وطبع قبلة على رأس مريم وهو يقول: - أيوا كده يا حبيبتى قطعيها.

طرق الباب ونهض يوسف متوجها إليه، لا تعلم مريم لماذا شعرت بالفراغ بعد أن أرسلها يوسف من ضمته، ولا تعلم لماذا تولد هذا الشعور لديها بمجرد أن فارقها وأنها كانت تود لو أنه بقى، أنزعجت كثيرًا من هذا الشعور ونفضته سريعًا من عقلها ولكن بعد أن عاد بأكواب العصير كانت تتبعه بنظرها وتتوقع أن يعود إلى جلسته الأولى وخفقات قلبها تسابق خطواته، ولكنه لم يفعل، جلس بعيدًا عنها ولكن على نفس الأريكة، كادت أن تشعر بخيبة أمل ولكن قطبت جبينها وهي تحث نفسها على ترك تلك الأفكار الغريبة، تناول إيهاب العصير في سرعة ونهض واقفا وهو يجذب فرحة قائلا:.

يالا بقى كفاية كده. اخوكى خلاص قرب يطردنا
هتف يوسف مداعبا: - بصراحة اه. ولااقولك أعتبرنى طردتك خلاص
بعد أن خرجا وأغلق الباب خلفهما واستدار إليها وجدها مازالت جالسة في مكانها وشاردة في أفكارها المتصارعة وفجأة هبت العاصفة، وقفت مريم في اضطراب وانفعال وقالت بارتباك:
أنت ازاى تحضنى كده. هه ازاى. أنت بتستغل انهم قاعدين يعنى وعارف انى مش هقدر اتكلم
حاول أن يتحدث قائلا: - أنا مكنش قصدى حاجة.

قاطعته وهي تصيح به: - لا انت كان قصدك. لازم تعرف انى مش طايقاك
وتلعثمت أكثر وهي تهتف: - مش طايقاك انت فاهم ولا لاء.

حاول يوسف أن يكذب الشعور الذي راوده من نظراتها الزائغة وارتباكها، ولكن انفعالها وتلعثمها جعله يقترب منها ببطء وهي تصيح بكلماتها الغير مترابطة وهي تتحاشى النظر إليه، وهو يتفحصها بنظراته بعمق، أنتبهت إلى قربه منها فأسرعت إلى غرفتها الداخلية وأوصدت الباب بسرعة، لم يكن هناك شىء مجهد في الأمر ولكن أنفاسها كانت تتلاحق وصدرها يعلو ويهبط في قمة الانفعال، وقف خلف الباب يستمع إلى صوت أنفاسها المتقطعة وكأنها تبذل جهدا لتتنفس، وجد نفسه يطرق الباب قائلاً:.

مريم. أفتحى
صاحت من الداخل: - مش هفتح أبعد عنى
قال مهدئا للموقف: - طب خلاص أهدى شوية بس وحاولى تنامى
صاحت مرة أخرى: - ملكش دعوة بيا. مفيش كلام بينا أصلا
طب انا آسف طيب لو كنت ضايقتك
لم ترد عليه ودخلت فراشها وضمت ساقيها بيديها وأرخت رأسها عليهما وهي تقول بهمس: - فوقى يا مريم فوقى متنسيش هو عمل فيكى أيه
ما هذا الشعور الغريب الذي يدور بين الكره والحنين!

جلست علا أمام وليد في مكتبه وهي تقول: - ياحبيبى ما انا أثبتلك انى بثق فيك عاوز ايه تانى
قال باستنكار: - بأمارة أيه. بأمارة ما جبتى معاكى أختك وامك
مطت شفتيها وهي تقول: - طب وانا اعمل ايه. هند هي اللى شبطت فينا وبعدين راحت قالت لماما
قال بلامبالاة: - خلاص تعالى معايا النهاردة
قالت على الفور: - ليه مش انا شفتها خلاص. وبعدين يا حبيبى ذوقك عاجبنى. أعمل فيها اللى انت عاوزه وانا موافقة.

ألتفت إليها بحنق قائلاً: - شفتى بقى. شفتى خايفة مني ازاى
نهضت علا باضطراب وقد شعرت بأنه وضعها بين المطرقة والسندان وقالت: - انت عاوز ايه مني بالظبط. قلتلى تعالى شوفى الشقة علشان تقولى رأيك وافقت وشفتها خلاص وأى تعديل هتعمله انا موافقة عليه. عاوز ايه تانى
شعر وليد بالضيق فهو أصلا لايحبها وإنما خطبها لهدف معين في رأسه وهي لا تعطيه فرصة لتحقيق هذا الهدف فنظر لها وقال بجمود:.

خلاص براحتك وكويس انى عرفت اننا مش متفقين من دلوقتى بدل ما كنا نتجوز وبعدين نطلق
أستدارت له بجسدها كله وحاولت تدارك الموقف قائلة: - وليد انت عارف معنى كلامك ده ايه
نظر لها وهو محتفظ بنظرته الباردة وقال: - أسمى وليد بيه. واعتبرى الخطوبة اتفسخت
تجمدت مكانها فهى لم تهزم طيلة حياتها، فلقد كانت الأذكى دائما، الشعور بالهزيمة مؤلم فلم تجد مفر من أن تقول:
يعنى انت مبتحبنيش يا وليد.

شعر باللين في صوتها بعض الشىء فقال: - طبعا بحبك أومال خطبتك ليه. لكن انتِ مش فاهمانى واحنا مش متفقين في حاجات كتير يبقى الأحسن ننفصل من دلوقتى
صمتت لبرهة ثم قالت ببطء: - خلاص يا حبيبى انا موافقة
ألتفت إليها يتفحصها قائلا: - موافقة على ايه؟
نظرت له بحب وابتسمت قائلة: - موافقة آجى معاك. علشان تعرف بس انى واثقة فيك واننا مش مختلفين ولا حاجة.

أرتسمت ابتسامة نصر على شفتيه وأخذ مفاتيح سيارته وأمسك يدها قائلا: - طب يالا.

أخذت حقيبتها وسارت معه، أستقلت سيارته وظلت طوال الطريق صامتة تحاول أن تجمع شتات نفسها لتجد مخرجاً مناسباً للموقف، فهى لا تريد فسخ الخطبة وتريد أن تتم هذه الزيجة بأى ثمن ولكنها تعلم أنه سيتركها في كل الأحوال لذلك لابد من أن تبحث عن مخرج مربح حتى لا تخرج منهزمة وخاسرة من جميع النواحى، وضع سيارته بهدوء في الجراج وأخذها وصعد بها شقته بحذر فهو يعلم أن البيت لا يتواجد فيه في هذا الوقت سوى أمه وزوجة عمه فقط.

فتح الباب بهدوء وبدون أن يصدر جلبة ولكنها أسقطت حقيبتها المفتوحة فوقعت على الأرض وأصدرت المفاتيح والهاتف صوتا مرتفعاً على أثر ارتطامهما بالأرض، جذبها إلى الداخل وهي تقول بصوت مرتفع:
في أيه بتشدنى كده ليه.

نجحت في أن تشتت انتباهه فلا يلتفت إلى حقيبتها التي مازالت على الأرض في الخارج، كانت أمه قد سمعت صوت الأرتطام فشعرت بالقلق فهذا ليس وقت عودة أى منهم من العمل، فتحت الباب بحذر فوقعت عيناها على حقيبة علا المبعثرة أمام شقة وليد، وقفت تنظر إليها بتعجب
وفى هذه الأثناء كانت علا تحاول أن تتكلم بصوت مرتفع وهي تقول: - في أيه مالك بتعمل كده ليه كأننا بنسرق.

حاول كتم فمها وقال بخفوت: - وطى صوتك أمى بتسمع دبة النملة
دفعته بعيدًا وهي تقول: - المفروض انى خطيبتك وانى جاية اشوف شقتنا. فيها أيه دى بتوطى صوتى ليه
كتم فمها مرة أخرى وجذبها لحجرة بعيدة عن الباب وحاول أن ينهى ما أراده سريعًا وقال:
أنتِ عارفة الناس الكبيرة دقة قديمة ومبيفهموش في الحاجات دى.
ثم اقترب منها بابتسامة قائلا: - بس انتِ فعلا أثبتيلى انك بتحبينى زى ما بحبك.

حاولت أن تتحدث وهي تبتعد ولكنه جذبها إليه مرة أخرى وضمها وهو يحاول تقبيلها
خرجت وفاء من غرفتها لتجد باب شقتهم مفتوحاً وأمها تقف في الخارج وتقلب محتويات الحقيبة بين يديها فقالت:
أيه الحاجات دى يا ماما
نظرت لها فاطمة بدهشة قائلة: - مش عارفة يا وفاء. سمعت صوت حاجة بتخبط على السيراميك خرجت لقيت الشنطة دى واقعة ومفتوحة كده.

أمسكت وفاء محتويات الحقيبة وفتحت الحافظة الشخصية وبسهولة علمت لمن تنتمى هذه الحقيبة ولكنها تعجبت من وجودها هنا في هذا الوقت فقالت:
دى شنطة علا خطيبة وليد
عرفتى منين
بطاقتها اهي.

جاءت اللحظة التي خططت علا من أجلها وغامرت بهذه الخطوة، سمحت لوليد أن يعبث بملابسها ولقد كانت تقاومه بضعف وساعدته في قطع ازار سترتها لتظهر بشكل المعتدى عليها، وعندما وصلت لهذه النقطة قاومت بشراسة ودفعته عنها بعنف وخرجت من الغرفة مسرعة إلى الباب الخارجى وهي تصرخ صرخات متتالية شديدة فزعت لها فاطمة ووفاء وهما بالخارج، فأخذت وفاء تدق الباب بقوة بينما فتحت علا الباب وخرجت مهرولة لتجد فاطمة ووفاء أمامها فاصطدمت بهما وحان وقت الأداء التمثيلى المقنع، أرتمت في أحضان فاطمة وهي تبكى في انهيار وتقول لها:.

شايفة يا طنط ابنك بهدلنى ازاى. شايفة اخوكى يا وفاء
حاولت وفاء أن تهدئها وأخذتها للداخل في غرفتها وأعطتها سترة أخرى عوضا عن الذي تمزقت ولقد كانت علا مقنعة جدا في أداء دورها ببراعة وهي تتلاحق أنفاسها في حضن وفاء وتقص عليهم ما حدث وهنا قال وليد بعصبية:
انتِ هتستعبطى يابت. انتِ جاية معايا بمزاجك وعارفة انا عاوز منك ايه.

أخذته أمه للخارج ودفعته قائلة: - كده يا وليد عاوز تشمت فيا الأعادى. لو كانت مرات عمك شافتك كان زمانها فضحتنا
قال مدافعا: - ياماما انتِ بيخيل عليكى الأفلام دى. دى جاية معايا بمزاجها
دفعته أمه مرة أخرى وهي تقول: - كتك القرف. أهى دى آخرة المستوى الزفت اللى رايح تخطب منه
قال بضجر: - خلاص بقى مالوش لازمة انا خلاص فسخت الخطوبة.

عندما استمعت علا لهذه العبارة نهضت وخرجت لهم في انفعال ولحقت بها وفاء التي سمعتها تصرخ فيه:
يعنى أيه تفسخ الخطوبة
ثم نظرت إلى فاطمة وقالت: - يرضيكى يا طنط ابنك يبهدلنى كده وفي الآخر يسيبنى
قالت وفاء على الفور: - لاء طبعا
نظرت لها أمها شذرا وقالت بصرامة: - بس يابت انتِ متدخليش
ثم أشارت لعلا وقالت: - أنتِ اللى جيتى معاه برجليكى يبقى انتِ اللى غلطانة يا روحى. أنا ابنى راجل.

أنهارت مخططات علا بالكامل وهوت إلى أقرب مقعد وتقول بذهول: - ده انتِ عندك بنات ازاى تقولى كده
فاطمة: - أنا بنتى محترمة مبتروحش شقق. يالا يا حبيبتى بطلى تمثيل وخدى بعضك عن قصيروا وروحى بيتكوا
صاحت وفاء بغضب: - بس ده ميرضيش ربنا انتِ كده بتساعديه على الغلط
صفعتها أمها وصاحت بها: - أمشى ادخلى اوضتك.

والتفتت إلى علا وقالت ببرود: - انتِ طالعالنا بهدومك يا حبيبتى يعنى الواد معملكيش حاجة وزى ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف. وهنسيبلك الشبكة صدقة
وفتحت الباب وأشارت وهي تقول: - أطلعى بره وما اشوفش وشك هنا تانى
سارت علا في الطرقات متخبطة أنهارت أحلامها وآمالها، أنهار ما خططت له وحاولت أن تستفيد من وراءه، كانت دائما تبحث عن المصلحة وفقط.

كانت تتوقع أن تنتصر لها فاطمة وتجبره على الزواج بها ولكنها وجدتها امرأة بلا قلب وجدت نفسها تعود أدراجها إلى الشركة وهي تريد الأنتقام من وليد وأمه، ولأول مرة تتصرف وبدون تفكير عكس عادتها دائما.
دخلت مكتب الحاج حسين بدون استأذان كأنها مغيبة وبدأت في سرد كل ما رأته وسمعته يوم زفاف مريم ويوسف وكل ما دار بين سلمى ووليد في الجراج.

مسحت هند على ظهر علا وهي تقول: - عيطى يا علا متكتميش في نفسك كده انا خايفة عليكى
نظرت لها علا بحدة قائلة: - أول مرة أخرج من معركة خسرانة يا هند
قالت هند بذبول: - اأومال انتِ كنتِ فاكرة أيه. أم وليد ميفرقش معاها حاجة. وحتى لو كان ابنها عمل فيكِ حاجة مكنتش هتضغط عليه علشان يتجوزك.

أكملت علا بشرود وكأنها لا تسمعها: - مكنش قدامى حل تانى ومكنش ينفع ارميله الدبلة واقوله لاء. ومكنش ينفع اضيع نفسى معاه. كل حاجة كانت ماشية صح لو كانت امه زى منا كنت فاكرة. لكن دى طلعت ست واطية أوى
أبتسمت هند بسخرية قائلة: - أومال يعنى كنتِ فاكرة وليد جايبه من بره
ثم تابعت: - بس كويس ان الحاج حسين سمعك وصدقك وكمان مهنش عليه انك يتقطع عيشك وشغلك معايا.

قالت علا بنظرة تحدى: - متقلقيش عليا. بكره هتلاقينى رجعت اقوى من الأول.
أنا معرفتش اربى الواد ده يا حسين هاين عليا أروح أموته واخلص منه
أنا مش بحكيلك علشان تعمل في نفسك كده يا ابراهيم
وضع ابراهيم رأسه بين يديه واستند إليهما وهو يقول بحزن: - دى غلطتى من الأول. أنا مخترتش أم تعرف تربي ولادى
ثم نظر إلى حسين متابعا: - لا وأيه فاطمة واقفة تبجح في وشى وتقولى محصلش. البت دى كدابة. لولا وفاء حكتلى على كل حاجة.

ربت حسين على كتفه وهو يقف بجواره قائلاً: - خلاص يا ابراهيم استهدى بالله. المهم دلوقتى تسحب منه مفاتيحه حتى مفتاح شقتكوا ميبقاش معاه. وتخليه تحت عينك لحد ما يعرف غلطه ويتربى بما أن الكلام والنصايح مش نافعة معاه
هتف إبراهيم في دهشة: - أنا اللى هيجننى ليه بيشوه سمعت بنت عمه. وليه كان عاوز يوسف يقتنع أنها بنت مش كويسة وليه أدى ليوسف مخدرات وازاى يوسف ياخدها منه.

شرد حسين في وجوم وقال: - متنساش ان امه مفهماه انهم مش ولاد علي الله يرحمه. وانهم ولاد حرام علشان كده مش حاسس انهم ولاد عمه اللى المفروض يخاف عليهم
نهض إبراهيم وقال بغضب: - الست دى مش هتقعد في البيت ده تانى. أنا هطلقها يا حسين وارجعها بيت أهلها
قال حسين في أسى: - أستهدى بالله بس. ومتنساش وفاء. هي ذنبها أيه تشوف امها مطلقة في السن ده. كفاية اللى البنت فيه من ساعتها.

وتابع وقلبه يعتصر من الألم: - وبعدين يعنى ماهو يوسف مصدقش حاجة من اللى اتقالت واهو أتجوز مريم برضة وبيحبها. متحملش همهم فكر بس ازاى تحاول ترجع مراتك وابنك لصوابهم بهدوء كده ومن غير انفعال.

شعر يوسف بالقلق عندما أعلن هاتفه عن اتصالاً من أبيه، أخذ الهاتف في سرعة وأجاب والده:
السلام عليكم
وعليكم السلام. مراتك فين
عقد يوسف حاجبيه قلقاً وهو يقول: - نايمة
طب اسمعنى كويس. في حاجة حصلت وعاوز احكيهالك بس متقاطعنيش
زاد قلقه وهو يقول: - أتفضل يا بابا خير ايه اللى حصل
قص عليه والده ما حدث بالتفاصيل، فاتسعت عيناه في دهشة وذهول وهو يردد: - أنا مش قادر استوعب.

ولا انا. في بعض التفاصيل مش قادر الم بيها برضة. وعلشان كده كلمتك. أكيد انت عندك حاجة اللى اسمها علا دى متعرفهاش
قال يوسف بشرود: - أيوا يا بابا حكاية ان سلمى خدتها معاها بعد الفرح دى مريم حكتلى تفاصيلها وانا استنتجت منها أن الحكاية كانت مترتبة علشان اظن في مريم انها بتروح شقق مفروشة
أردف والده بجدية: - طب وحكاية انه طلع عند مريم وكان عارف انك ماشى وراه.

قال يوسف وكأنه يتذكر: - اليوم ده الصبح وقف وليد يكلمها في الجنينة وبعدين عمل حركة كده وهو ماشى كأنه بيقولها مستنى تليفونك. واحنا في المكتب جالى وبعدين جاله اتصال وحسيت من طريقة كلامه أن مريم هي اللى كانت بتكلمه. خرجت بعديه بنص ساعة ورجعت البيت وشفته نازل من عندها بيصفر وخد عربيته ورجع الشركة تانى
قال والده بحدة: - وعرفت منين انه نازل من عندها
أجاب يوسف بتردد: - شفت الأسانسير نازل من الدور بتاعها.

هتف والده بحدة وانفعال: - علشان انت غبى. وهو أى حد يعمل الحركة دى خلاص نقول نازل من عندها، عمرك ماعدت عليك كلام ربنا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ . أهو كان مرتب كل حاجة وكان عارف انك غبى وهتصدق وهتروح وراه والبنت المسكينة اتظلمت.

صمت يوسف وهو يعلم أن والده محق بكل كلمة قالها، وشعر بحرارة الغضب تغلى وترتفع بداخله، ضغط أسنانه وهو يقول:
أحنا هنرجع بكرا ان شاء الله وساعتها مش هرحمه. لاهو ولا الحقيرة اللى اشتركت معاه في كده
قال والده بسخرية لاذعة: - ده على أساس انك معذور يعنى وانك انت كمان مشتركتش معاهم. مع أن انت يا أخى كنت اللى هما اعتمدوا عليه علشان ينفذ حكم الأعدام فيها.

أغمض يوسف عينيه في ألم وحزن فاستدرك والده قائلاً: - بس فأيدك تصلح علاقتك بمراتك وتخليها تسامحك. خصوصا لما تعرف اللى حصل
قال يوسف بأسى: - مفتكرش يا بابا انها ممكن تسامحنى ومعاها حق. دى لسه بتخاف مني لحد دلوقتى ونايمة في الأوضة اللى جوى وقافلة على نفسها بالمفتاح. أنا والله مش زعلان منها. أنا بس مش عاوزها تبقى خايفة مني كده.

قال حسين بهدوء ووقار: - طب انا هكلمها دلوقتى واحكيلها اللى حصل بالكلام اللى انت قلته دلوقتى
كاد والده ان ينهى الأتصال لولا انه سمع يوسف يقول: - بابا، قولها اننا بعد ما ننزل مصر هاخدلها حقها من كل اللى ظلمها. كل واحد فينا لازم ياخد جزاءه بما فيهم أنا.

وضعت مريم هاتفها جانبا وهي غير مصدقة لما سمعت من عمها، تمتمت في خفوت: - ليه يا سلمى. أنا أذيتك فأيه علشان تشوهى صورتى وتتفقى مع وليد عليا. ده انتِ كنتِ صاحبتى الوحيدة وكنت بثق فيكى وماشية وراكى وانا مغمضة. ليه تعملى فيا كده
فتحت الباب وخرجت في اندفاع، كان يوسف يجلس على الأريكة الخارجية، وقفت أمامه في ذهول وصرخت به:.

ليه عملتوا فيا كده. أنا عملت فيكوا ايه. صاحبتى وابن عمى يشوهوا سمعتى وانت تصدقهم ويخططوا علشان يخلوك تستفرد بيا وانت متخدر. وتعملهم اللى هما عاوزينه وتدبحنى. ليه عملتوا فيا كده ليه
قال بصوت بعيد كأنه يخرج من أعماقه وهو ينهض في مواجهتها: - أنا هاخدلك حقك مننا كلنا. أوعدك.

صرخت به ببكاء وهستيرية: - علشان كده كنت بتقولى انتِ متستهليش الحب اللى حبتهولك يا حقيرة. كنت شايفنى حقيرة يا يوسف. كنت شايفنى ازاى قولى. مدفعتش عنى ليه يا يوسف. مخدتنيش ليه من اللى كنت فيه وضربتنى قلمين فوقتنى من اللى بعمله بسذاجة وانا ماشية وراها وفاكراها صاحبتى، مفهمتنيش ليه حقيقة وليد. بلاش كل ده. مجتش ليه تسألنى هو كان عندى ولا لاء. لو كنت طلعتلى كنت لقيتنى نايمة ومش درايانا باللى بيحصل. لو كنت مسكت تليفونى مكنتش هتلاقى ولا مكالمة واحدة لوليد. لو كنت طلعت ورايا كنت هتلاقينى قاعدة بره مع سلمى لوحدنا وهما جوى. مواجهتنيش ليه باللى بتسمعه عني، وحتى لو كنت اتأكدت انى مش محترمة. أيه اللى يديك الحق انك تعمل فيا كده. انت أيه الفرق بينك وبين وليد وسلمى. انتوا التلاتة أحقر من بعض.

ظلت تتكلم وكأنها تهزى ودموعها تنهمر على وجنتيها وتطلق لنفسها العنان في رحلة بلا عودة:
ده انا لما دخلت البيت ولقيت الدنيا ضلمة كنت مرعوبة. وكنت عماله افكر أرجع استناهم في الشارع لحد ما سمعت صوتك حسيت بالأمان. من كتر الأمان اللى حسيت بيه مقدرتش احس بالتغيير اللى كان فنبرة صوتك. حسيت ان صوتك مش طبيعى كأنك نايم لكن كان يكفينى انه صوتك علشان احس انى كويسة وانى في حمايتك.

ألتفتت إليه من بين دموعها وهي تهتف بغضب: - حتى لما شدتنى ليك. انت عارف انا فكرت انك عاوز تتخانق معايا علشان كنت بهزر مع ولاد خالتها في الفرح وانى مشيت معاها. أتصورت انى نجحت اخاليك تظهر غيرتك عليا. كنت فاكراك هتشدنى وتدينى بالقلم وتزعقلى وفي الآخر تعترفلى بحبك. وفعلا اعترفت بحبك لكن وانت بتدبحنى يا يوسف. مصعبتش عليك طيب بعد ما أغمى عليا وبقيت من غير اراده مصعبتش عليك...

وفجأة بدأت في ضرب صدره ضربات متتالية بقبضتها الصغيرة وهي تصرخ: - مصعبتش عليك يا يوسف. مصعبتش عليك.

تركها تضربه وأغمض عينيه وصدره يعلو ويهبط بأنفاس متلاحقة والنار تتأجج وهربت دموعه من سجنها وتحررت من مقلتيها، أنهارت مريم تمامًا ولم تتحمل قدماها أكثر من هذا تخلصت فورا من هذا الحمل الثقيل وتخلت عنها، كانت بين الحلم والواقع، لا تعرف هل تحلم أم لا، خارت قواها بشكل كامل وهي تسقط بين يديه، حملها بين ذراعيه وأدخلها غرفتها وسدحها على فراشها.

ظل ينظر إليها ويتفحصها، لم يكن يعلم هل هي فاقدة الوعى أم أن طاقتها نفذت ولا تقدر على الحراك، سقطت دمعة من عينيه على وجنتها فمسحها ببطء ومسح على شعرها وجلس بجوارها لا يدرى ماذا يفعل، شعر أن أنفاسها انتظمت وأخذت تتنفس في هدوء فعلم بأنها سقطت في نوم عميق.
ظل جالسا بجوارها حتى سمع صوت أذان الفجر، قام وتوضأ ووقف يصلى، هربت الآيات من صدره إلا ثلاث آيات من سورة الفرقان ظل يرددها مرارًا وهو يبكى بشدة.

وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27(
يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28)لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا (29(.

أستيقظت مريم على صوت بكاءه وشهقاته المتلاحقة، أعتدلت على فراشها وضمت ساقاها إليها وهي تنظر له وتسمعه يرتل نفس الآيات ويبكى، لمست الآيات قلبها وشعرت وكأنها أُنزلت من أجلها، وجدت الدموع طريقها إلى عينيهامجدداً وسقطت على وجنتيها في صمت حتى انتهى يوسف من صلاته.

ألتفت إليها فوجدها قد استيقظت وتجلس مصوبة نظرها إليه ودموعها تنهمر في سكون أقترب منها وحاول أن يجفف دمعها ولكنها دفعته بعيدًا، جلس بجوارها على الفراش قائلا:.

أنتِ معاكى حق في كل كلمة قلتيها. وماليش أى عذر ولو عندى عذر هيبقى أقبح من ذنبى. بس انا الغيرة كانت هتقتلنى يا مريم. يا مريم انتِ كنتِ أول حب في حياتى وانا ماليش خبرة غير في شغلى وبس. ولا اعرف حاجة عن الحريم ولا كنت احب اتعامل معاهم غير من بعيد لبعيد، فجأة لقيت نفسى بحبك وفي نفس الوقت مش راضى عن تصرفاتك ولا عن لبسك. مكنتيش بتحسى بيا وانا بتخانق معاكى على لبسك وتصرفاتك؟ كنتِ حاسة انى غيران وبرضة كنتِ بتتمادى كأنك مش هامك النار اللى جوايا. كنت حاسس انك ملكى ومينفعش أى حد تانى يشوفك ولا يلمسك بس مكنتش قادر اتكلم. وليد نفسه حس باللى جوايا وعلشان كده استغله لصالحه علشان يشككنى فيكى أكتر واكتر. يوم ما كان واقف يهزر معاكى في الجنينة وتضربتى كفك بكفه وهدومك لازقة عليكى من الميه كنت حاسس انى ممكن اقتلك واقتله. عقلى طار مكنتش عارف افكر. كل اللى مسيطر عليا الغيرة. أحساسى انك بتخونينى فضل يكبر جوايا لحد يوم الحادثة. كنتِ واقفة في الفرح مع الشباب بطريقة خلتنى كنت هروح اشدك من ايدك قدام كل الناس واضربك انتِ وهما. فضلت ماسك نفسى وكل ما تيجى عينك في عينى تبصيلى باستفزاز تجننينى اكتر. مكنتش قادر افكر في حاجة خالص لدرجة انى أخدت منه الحبوب دى والسجاير وانا عمرى ما شربتها من غير وعى. ولا فكرت انى بدمر نفسى ولا ان ممكن ده يحصل. كل اللى كنت عاوزه انى اطفى النار اللى جوايا بأى حاجة تغيبنى عن الوعى. طلعت وراكوا بالعربية وانا كان كل هدفى انى أراقبك واعرف انتِ رايحة فين. ولما كلمت البواب اتجننت اكتر لما عرفت انها شقة مفروشة. ساعتها قررت انى اطلعك من حياتى تماما وانساكى بس بعد ما انتقم لقلبى منك. لكن صدقينى عمرى ما فكرت انى هعمل فيكى كده. أكبر حاجة فكرت فيها انى أطفى النور وارعبك وبالكتير أوى اقولك اللى قلتهولك ساعتها وخلاص. لكن معرفتش اسيطر على حاجة بعد ما شديتك لحضنى. فجأة لقيت نفسى خارج سيطرتى وابتدت دماغى تلف أكتر وافقد تركيزى واحدة واحدة. حسيت انى ميت و أعصابى كلها متجمدة كأنى لا شايفك ولا سامعك لكن حاسس بيكى بين ايدى وبس.

كانت تستمع له بدموعها المنهمرة على وجنتها وتشيح بوجهها بعيدًا عنه وهي ضامة ساقيها، كأنه فصل قلبها شطرين بسكين كلماته التي كانت تشعر بصدقها، شطر يصدقه ويشعر به وشطر يكرهه ولا يجد له مبررا، وكأن الشاعر عبد الله الفيصل يجلس بينهما قائلا
عَلَى أَنِّي أُغَالِطُ فِيكَ سَمْعِي وَتُبْصِرُ فِيكَ غَيْرَ الشَّكِّ عَيْنِي
وَمَا أَنَا بِالمُصَدِّقِ فِيكَ قَوْلاً وَلَكِنِّي شَقِيتُ بِحُسْنِ ظَنِّي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة