قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل الرابع والعشرون

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل الرابع والعشرون

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل الرابع والعشرون

أنت بتقول أيه يا وليد معقول الكلام ده. بقى عبد الرحمن فسخ خطوبته من هند علشان عرف انها جاسوسة لأحلام!
قال وليد بنظرة انتصار: - علشان تعرفى بس أن مفيش حاجة تستخبى عليا
قالت فاطمة بتفكير: - الموضوع ده لازم ولاد حسين يعرفوه حالا، مش لازم يستخبى أبدا
ضحك وليد بسخرية وهو يقول: - عبد الرحمن هو اللى سمعها ومفتكرش انه قال ليوسف أو فرحة
ألتفتت له بتصميم قائلة: - لازم تقول ليوسف.

حرك رأسه نفيًا قائلا: - يوسف مش طايقنى اليومين دول، أنتِ قولى لفرحة بصنعة لطافة كده وهي أكيد هتقول ليوسف
نظرت له أمه بتساؤل: - ويوسف مش طايقك ليه يا واد
وليد: - أبدًا يا ستى كله من تحت راس البت اللى اسمها مريم دى. كل ده علشان نبهته ان مشيها مش كويس. طلع فيا ومن يومها وهو زعلان
قالت بتفكير: - وانت عرفت عنها حاجة. متأكد يعنى يا وليد
قال بمكر: - هو انا لو مكنتش متأكد كنت اتكلمت يا ماما.

شردت فاطمة في تفكير وهو تقول: - سيبلى الحكاية دى
صعدت فاطمة إلى شقة فرحة وطرقت الباب، فتحت لها فرحة مرحبة بها وأدخلتها وهي متعجبة، جلست فاطمة وبدأت في سرد ما جاءت لأجله وعندما وجدت علامات الذهول على وجه فرحة قالت:
ايه ده هو انتِ مكنتيش تعرفى. ده انا فاكراكى عارفة.
نهضت فرحة وهي مصدومة وقالت: - حضرتك متأكدة يا مرات عمى
تصنعت فاطمة الأرتباك وهي تقول: - لالا يا بنتى مش متأكدة. بصى كأنك مسمعتيش حاجة.

وذهبت سريعا وهي تقول بصوت مسموع: - يقطعنى ياريتنى ما كنت اتكلمت
هوت فرحة إلى مقعدها مرة أخرى وجلست تفكر في كلام زوجة عمها معقوله. معقوله إيهاب اتجوزنى علشان أمه هي اللى خططت لكده مش علشان بيحبنى. يعنى ايهاب مبيحبنيش وبيخدعنى
تناولت الهاتف وهي مازالت مصدومة وقالت: - ايهاب لو سمحت تعالى دلوقتى
طب قوليلى وحشتنى وانا اجى
جاءه صوتها متجمدًا وهي تقول: - لو سمحت تعالى حالا متتأخرش.

لم تكن صدمة ايهاب أقل من صدمة فرحة حينما قصت عليه حديث فاطمة زوجة عمها وقال: - أنتِ بتقولى أيه يا فرحة. أنا أمى خططت لكل ده
وألتفت لها بحنق: - وأنتِ مصدقة انى اتجوزتك علشان أمى هي اللى قالتلى اعمل كده؟

زاغ نظرها اضطرابا ولم ترد فأومأ برأسه قائلا بعصبية: - أجابتك وصلت يا هانم. وعلشان اثبتلك بقى انك لسه معرفتنيش. جوازت مريم ويوسف مش هتكمل وكده ولا كده إيمان مش مبسوطة مع اخوكى وهاخد اخواتى وامشى من هنا وورقتك هتوصلك قريب
تعلقت فرحة بذراعه وهي تبكى: - أرجوك يا إيهاب استنى أنا مش قصدى انا.
قاطعها بانفعال: - خلاص يافرحة عنيكى جاوبت قبل لسانك مفيش داعى تقولى اكتر من كده.

ونزع ذراعه منها وانطلق مغادراً كالسهم والغضب يتآكله ويلتهم حلمه عليها وشغفه بها،
تناولت فرحة الهاتف واتصلت على أخيها يوسف تستنجد به في بكاء: - ألحقنى يا يوسف إيهاب هيطلقنى وهياخد اخواته ويمشى من البيت
أنتفض يوسف فزعاً وهو يهتف بها: - ليه ايه اللى حصل. انطقى
سردت له ما حدث في عجالة، أغلق الهاتف وصعد إليها في سرعة ولكنه تفاجأ بزوجة عمه في طريقها للحديقة، أوقفته وهي تقطع الطريق أمامه:.

مالك يا يوسف بتجرى كده ليه ياخويا
يوسف وهو يحاول أن يتخطاها: - معلش عن اذنك بس علشان فرحة عاوزانى ضرورى
وضعت يدها على فمها وهي تقول: - يلهوى هي قالتلك ولا ايه
أستدار لها قائلا: - قالتلى على ايه
قالت بحزن مصطنع: - أبدا ياخويا أنا أصلى حكتلها على سبب فسخ خطوبة عبد الرحمن لخطبته هند
نظر إليها ساخرًا وقال: - كتر خيرك يا مرات عمى.

تركها وصعد الدرج في سرعة، كانت فرحة قد لحقت بمريم في شقتها وأخذت تبكى ومريم تحاول تهدئتها، سمع يوسف ضجيج يخرج من شقة إيمان وعبد الرحمن ومن الواضح أن إيهاب يتكلم مع إيمان بشكل أنفعالى
طرق الباب وتراجع خطوات للخلف: - فتح الباب وأطل منه وجه إيهاب غاضبا. فقال بسرعة: - عاوزك شوية لو سمحت يا إيهاب
قال إيهاب في غضب: - أنا اللى كنت عاوزك.

خرجت إيمان بعد أن ارتدت حجابها وهي تقول لإيهاب بترجى: - أرجوك يا ايهاب أهدى شوية
فى نفس اللحظه فتحت مريم الباب ووقفت تنظر لهم بتسائل فقال يوسف: - لو سمحت يا ايهاب نقعد نتكلم طيب.
وبعد عدة محاولات دخل الأربعة عند مريم
جلس إيهاب في حنق وتعمد عدم النظر إلى زوجته التي كانت تبكى بشدة، وجلس بجواره يوسف قائلا بهدوء:
ممكن نسمع بعض علشان نعرف نفهم.

أستشاط إيهاب غضبا وهو يصيح: - خلاص كل حاجة بانت نسمع أيه ونفهم أيه
ونهض قائلا بغضب: - أسمع يا يوسف. أحنا من هنا ورايح ولاد عم وبس وأنا هاخد اخواتى ونمشى من هنا
نهض يوسف ووقف أمامه قائلا: - إيهاب الطريقة دى متنفعش. نتكلم طيب
قالت إيمان على الفور: - وبعدين فرحة مقالتش حاجة غلط. الكلام ده حصل فعلا. ماما كانت بتكلم هند وعلشان كده عبد الرحمن فسخ الخطوبة
قاطعها يوسف: - عبد الرحمن هو اللى قالك.

هزت رأسها نفيا وقالت: - لا طنط عفاف قالتلى وهي فاكرانى عارفة. لأنى كنت في اليوم ده راجعة من عند عمى في الشركة. كنت بسألها على موضوع يخص ماما فهى افتكرت أنى قصدى موضوع هند
أبتسم يوسف بهدوء وقال لإيهاب: - ماهو بالعقل كده. عبد الرحمن هو اللى سمع هند وهو اللى فسخ الخطوبة. لو كان بقى متأكد أن حد فيكوا موافق على الكلام ده. أيه اللى هيخليه يتجوز إيمان.

قال ايهاب بعصبية: - ما انت لو كنت شوفته بيتعامل مع إيمان ازاى بعد يوم واحد جواز. مكنتش قلت غير أنه مكنش عاوز الجوازه دى
أشاحت إيمان وجهها بضيق ولمعت عيونها بالدموع ثم قالت بألم: - لا يا إيهاب الحكاية مش زى ما انت فاكر. عبد الرحمن بيحبنى وانا الوحيدة اللى اقدر احكم عليه اذا كان اتجوزنى غصب عنه ولا بأرادته.

تابع يوسف: - ولو كان كده حتى. أيه اللى يخليه يوافق على جوازتك من فرحة هو وبابا، وبعدين لو بابا عرف ان انتوا موافقين على كده أيه اللى هيخليه يوافق على ده ويكمل. مفيش حاجة تخلى بابا يوافق إلا اذا أتأكد انكوا مالكوش دعوة بالحكاية دى وأظن انت اتعاملت معاه وعرفته.
وألقى نظرة على مريم واقترب منها ووقف بجوارها ثم تناول يدها بين يديه وهو ينظر لإيهاب قائلاً بتفكه:.

وبعدين يا جدع انت ايه اللى خلاك تفتكر انى هوافق تاخد مراتى وتمشى. هي سايبة ولا أيه؟
حاولت مريم سحب يدها بهدوء من بين يديه ولكنه قبض عليها بقوة وهو يتابع حديثه مع إيهاب:
فرحة بتحبك يا إيهاب. تلاقيها بس اتصدمت من الكلام اللى سمعته. معلش اعذرها لسه صغيرة
قالت فرحة ببكاء: - والله هو كده يا يوسف.

زفر إيهاب بضيق وهو يقول: - لا مش صغيرة يا يوسف، بس هي معاها حق. أمى هي اللى حطتنا في الموقف ده وخلت الناس تبصلنا على أننا طمعانين فيهم وبنعمل عليهم خطط علشان نوصل لفلوسهم ونظر إلى ايمان بضيق وقال:
وانتِ غلطك أكبر أنك عرفتى حاجة زى دى ومقولتليش في ساعتها. أنا ماشى رايح شقتنا القديمة
خرج إيهاب مسرعاً، هرولت إيمان وفرحة خلفه وهي تناديه: - أستنى بس يا ايهاب أستنى...

كان يوسف يستعد للنزول خلفهم ولكنه وقف على الباب واستدار على صوت هاتف مريم وجدها تأخذه وتدخل غرفتها وهي تتكلم بعصبية واضحة:
أيوا يا ماما. خير عاوزه أيه مني تانى
تتبعها يوسف إلى غرفتها في فضول ووقف يستمع لها من خلف الباب المفتوح، لم يبذل جهدًا ليستمع لأنها كانت تصيح وهي تتحدث:.

أدب أيه اللى أكلمك بيه. مش كفاية اللى عملتيه فينا. إيهاب هيطلق مراته. فاطمة مرات عمى قالتلها على اللى عملتيه مع هند. وإيمان مش مرتاحة مع جوزها وقاعدة معايا على طول. وانا جوازتى مش هتكمل، إيهاب ساب البيت وانا أول واحدة همشى وراه. أيوه اتجننت. حرام عليكى بقى. ولعلمك حتى لو يوسف قبل يكمل الجوازه أنا مش هكملها. تخطيطك كله حطم حياتى. عارفة يعنى أيه حطم حياتى. أوعى تتبسطى وتفتكرى أن الجوازات دى كلها جات على هواكى لا يا مدام أحلام. يوسف قبل يتجوزنى علشان يتستر عليا عارفة معنى الكلمة دى ولا مش عارفاها.

قالت آخر كلمة وهي تصرخ ثم سقطت مغشيا عليها، وقع الهاتف من يدها ودخل يوسف عليها وهي ممدة على الأرض وقد سمع ما قالت، حملها بين يديه ووضعها على الفراش وأخذ ينظر إليها بتمعن وإلى ملامح الألم التي بدت على وجهها، أضاءت صور مشاهد الإغتصاب في عقله، صورة تلو الأخرى، تذكرها وهي مغشيًا عليها في المرة الأولى بين يديه، تذكر وهو يحاول خلع ملابسها وتمزيقها وهي فاقدة الوعى، ثم تذكر صفعة أبيه فارتدت رأسه إلى الخلف.

فتحت عفاف باب شقتها على صوت فرحة وهي تهرول خلف إيهاب وتناديه وتبعتها ايمان أوقفت عفاف إيمان في خوف وقلق:
في أيه يا إيمان مال فرحة وإيهاب؟
وبدون مقدمات أرتمت إيمان على صدر عفاف وهي تبكى بشدة، لم تستطع عفاف أن تفهم شيئا من كلام إيمان، أدخلتها للداخل وتركت الباب مفتوحًا، جلست بجوارها ولكن إيمان ظلت متشبثة بحضن عفاف وتواصل بكائها مما جعل قلبها يخفق بشدة وهي تقول:.

مالك يا بنتى احكيلى أيه اللى حصل مالكم بس يا ولاد
عادت فرحة ودخلت عند أمها عندما وجدت الباب مفتوحا وسمعت صوت بكاء ايمان، دخلت وانهارت على أول مقعد وجدته وهي تقول بنفس متقطع:
ملحقتوش خلاص يا ماما إيهاب هيطلقنى
تركت ايمان ونهضت في فزع وهي تضرب على صدرها: - يطلقك ليه عملتى ايه.

لم تكن إيمان تبكى لما فعله أخيها وحسب، ولكن لأنها لأول مرة تلتفت للسبب الذي ظنته حقيقى في جفاء عبد الرحمن منها في أول أيام الزواج وجعل عقلها يردد الكلمات تباعا:
يعنى هو ممكن كمان يكون متصور انى بنفذ تخطيط أمى. ده غير أنه كان مغصوب عليا أومال ليه قالى انه بيحبنى وليه معاملته اتغيرت وكلامه اتغير.

أستمعت عفاف لرواية فرحة كاملة وكان رد فعلها بالنسبة لهم عجيب، لم تتفوه بكلمة وإنما دخلت غرفتها بدلت ملابسها وخرجت بعد ثوانى وفي عينيها صرامة غريبة عليها
قالت إيمان بصوت لم يخلو من البكاء: - رايحة فين يا طنط.
لم ترد عليها وهي في طريقها للخارج وقفت فرحة مكانها وهي تنظر إلى أمها بدهشة وهي تقول بخفوت:
رايحة فين يا ماما دلوقتى
لم ترد أيضا وأنما تابعت طريقها، خرجت وأغلقت الباب خلفها.

نهضت مريم فزعة عندما فتحت عينيها ببطء ووجدته يجلس على طرف فراشها، وقف في سرعة وابتعد خطوات عندما رآها تلف ذراعيها حول قدماها وتنظر له في خوف وفزع وقال:
متخافيش. أنا مكنتش لسه نزلت لما مامتك اتصلت بيكى وسمعتك وانت بتصرخى وبعدين وقعتى على الأرض مكانش ينفع اسيبك وامشى
نهضت بخوف وهي تهرول نحو باب الغرفة ومنه إلى باب الشقة التي وقفت عنده وقالت باضطراب:
أتفضل أطلع بره.

أقترب منها ووقف ينظر إليها في صمت فقالت مرة أخرى: - بقولك اطلع بره
ظل ينظر إليها بصمت وأخيرا تكلم وكأن صوته يأتى من بعيد قائلا: - مروحتيش ليه توصلى اختك واخوكى المطار يوم فرحهم
قالت بحنق وتوتر: - ملكش دعوة بيا مفيش بينى وبينك كلام
أعاد سؤاله بنفس الطريقة وقال: - أتكلمى. كنتِ طالعة الشقة المفروشة ليه.

حاولت أن تصبغ صوتها بنبرة تحذير قائلا: - أنا بحذرك تستمر في اللى بتعمله. أنت مصمم تشوه سمعتى علشان تبرر عملتك السودة. أتفضل أطلع بره بقولك
أمسكها من ذراعيها بقوة قائلا بغضب: - أنا شفتك بعنيه وانتِ طالعة معاها والشابين اللى كانوا معاكوا وروحت سألت البواب وقالى أنها شقة مفروشة وانكوا بنات مش محترمة
نفضت ذراعيها بقوة وهي تهتف به: - كداب. كداب أنا كنت طالعة شقة سلمى ودول ولاد خالتها.

أمسك ذراعيها مرة أخرى وقال حانقا: - أنتِ هتستعبطى. عاوزه تفهمينى انك سبتى اختك واخوكى ورايحة معاها شقتها ولما هي شقتها البواب ليه قالى كده
تملصت منه وخرجت خارج الشقة وقالت بصوت مكتوم من البكاء: - علشان تعرف انك كداب وبتفترى عليا.
نظر إليها نظرة باردة وتركها وذهب.

وقفت فاطمة في ذهول أمام عفاف التي يطل الغضب من عينيها وتتحدث وكأنها امرأة أخرى امرأة غير التي كانت تتعامل بطيبة وصبر، وكأنها قطة برية تدافع عن صغارها في شراسة
أنا صبرت عليكى كتير يا فاطمة وكنت بقول معلش دى عشرة عمر. معلش دى سلفتى قبل ما تكون جارتى وليها حق عليا. لكن يوصل كرهك ليا ولولادى انك عاوزه تخربى عليهم كلهم كده مرة واحدة لا انا مش هسكتلك تانى يا فاطمة وهوقفك عند حدك.

لأول مرة تشعر فاطمة بالقلق من كلمات عفاف وقالت بتوتر: - أنا مكنش قصدى يا عفاف انا كنت بكلم فرحة والكلام جاب بعضه.

ضحكت عفاف بسخرية لازعة وقالت بصرامة: - أنا عارفاكى كويس وعارفة أنك عمرك ماكنتى هتزورى بنتى إلا لما تكونى عاوزه حاجة، أوعى تكونى فاكرة أنى ساكتة عليكى ضعف. لا. أنا ساكتة رأفة بحالك علشان عارفة الغل اللى جواكى واللى مخليكى تاكلى في نفسك. طلعتى الغل ده زمان وخليتى أحلام تاخد عيالها وتهرب ودلوقتى جاية تكملى في ولادى يا فاطمة لا أنا مش هقف ساكتة تانى واسيبك تهدى بيوتهم زى ما هديتى زمان.

صرخت فيها فاطمة: - أومال كنتِ عاوزانى اعمل أيه. كنتِ عاوزانى اعمل أيه وانا شايفة جوزى بيحب مرات أخوه وعنيه هتطلع عليها. كنتِ عاوزانى اعمل أيه وانا شايفة نظراتها كلها احتقار ليا وتريقة عليا في الرايحة والجاية. طبعا منا مش مالية عين جوزى
هتفت بها عفاف: - وعلشان انتِ حاسة بالنقص من ناحية جوزك تقومى تدمرى عيلة بحالها وجاية دلوقتى تكملى يا فاطمة على ولادى.

قالت فاطمة بانهيار مفاجىء: - ولادك. ولادك اللى طول عمرهم بيتعاملوا أحسن معاملة. حتى إبراهيم كان حاططهم فوق ولادوا وبيقدمهم على ولادوا. أنا حقى مش هيفضل طول عمره مهضوم بينك شوية وبين أحلام شوية.

هوت إلى المقعد وقالت وكأنها مغيبة عن الواقع: - طول عمرى بسمع جوزى بيشكر فيكى وبيقولى اتعلمى من عفاف طول عمرى حاسة انى أقل منك. أطلع عندك اشوف جوزك بيدلعك ولحد ما كبر في السن وهو بيحبك وطلباتك أوامر وعيالك مدلعين على الآخر وواخدين حقهم تالت ومتلت. أبص على نفسى الاقينى مش عاجبة جوزى ابدا مهما عملت. وحتى ولادوا مش عاجبينوا وعلى طول يقولهم عاوزكوا تبقوا زى ولاد حسين. ليه انتوا أحسن مننا فأيه؟ لاء انا وولادى مش هنفضل ملطشة ليكى انتِ وولاد أحلام. ولو جوزى حطنى تحت رجيلكم ابنى هيحطنى فوق رأسكم وبكره تشوفوا.

قالت عفاف بحسم وكأنها لم تسمعها: - أنا مش هعيد كلامى يا فاطمة. أياكى تقربى من ولادى ولا من حياتهم. ولو حصل ده ساعتها متلوميش غير نفسك.
خرجت عفاف وصفعت الباب خلفها بقوة، أسندت فاطمة ظهرها للمقعد وهي تغمض عينيها بقوة وتتنفس بصعوبة، و لم تكن هي الوحيدة التي تتنفس بصعوبة، بل كانت وفاء أيضا التي استمعت إلى الحوار بكاملة وهي تقف خلف باب غرفتها، جلست على فراشها وبدأت دموعها بالإنهمار.

أنتِ أيه اللى خلاكى تحكيلوا يا غبية؟
هتفت علا بهذه العبارة وهي تجلس بجوار هند مؤنبة لها فقالت هند في ارتباك: - معرفش بقى. أنا لما ملقتكيش وهو عزمنى على حاجة في مكتبه قعد يجرجرنى في الكلام واتكلم بطريقة كأنه عارف كل حاجة. وبعدين يعنى أيه المشكلة انه يعرف
زفرت علا في ضيق وقالت: - أنتِ هتفضلى طول عمرك كده. ماتشغلى عقلك شوية. دلوقتى أحنا استفدنا أيه لما هو عرف
هو احنا لازم نستفيد يعنى.

زفرت مجدداً بنفاذ صبر قائلة: - هفضل أفهم فيكى لحد أمتى. لما تكونى عارفة معلومة تخليكى محتفظة بيها. متطلعيهاش إلا اذا كنتِ هتستفيدى. لو مش هتستفيدى يبقى تخاليها معاكى لحد ما تلاقى فرصة تخليكى تتقدمى خطوة ساعتها تقوليها
واستدارت في شرود قائلة: - وبعدين احنا لازم نلحق الموقف لازم نستفيد من اللى حصل
قالت هند متسائلة: - أزاى يعنى. ما خلاص ده خد المعلومة مني وطار.

ألتفتت إليها علا: - أنا متأكدة انه زمانه قال لامه. الفترة اللى عرفته فيها عرفت انه بتاع امه. وانه مبيخبيش عليها حاجة. لازم نشوف حاجة نطلع بيها من الحكاية دى بسرعة
ثم لمعت عينيها بقوة وقالت ل هند: - أسمعى اللى هقولك عليه ده ونفذيه بالحرف الواحد
لو عملتيه صح هترجعى مهمة تانى عند الحاج حسين وهيثق فيكى وهتبقى خطوة مهمة أوى علشان ترجعى ثقتهم فيكى تانى.

وقفت هند على باب مكتب الحاج حسين تنتظر الإذن بالدخول، خرجت إليها السكرتيرة قائلة:
أتفضلى
دخلت في ارتباك مصطنع وقالت بصوت خفيض: - أنا آسفة يا حاج انى هعطل حضرتك
أشار لها بالجلوس أمامه قائلا: - خير يا هند ايه الحاجة المهمة اللى عاوزانى فيها
قالت في توتر: - أنا آسفه بس في حاجة حصلت غصب عنى وانا قلت آجى ألحق اقول لحضرتك قبل ما حاجة تحصل من تحت راسى.

أستمع لها الحاج حسين في اهتمام ثم تصنع الا مبالاة وهو يقول: - خلاص يا هند متشكر أوى تقدرى تتفضلى.

وقفت وهي تطرق برأسها للأسفل وقالت: - أنا آسفه تانى مرة يا حاج حقيقى كنت فاكرة انه عارف لكن لما بان علي وشه انه أول مرة يسمع الكلام ده اتخضيت وافتكرت انى كده ممكن أتسبب في مشكلة تانية. أصل انا اتعلمت من اللى حصلى أول مرة لما افتكرت يعنى انكوا قرايب مع بعض ومفيش ضرر هيحصل لحد من تحت راسى. علشان كده جيت بسرعة المرة دى علشان اقول لحضرتك.

ثم نظرت له بضعف قائلة: - أنا اتعلمت من غلطى يا حاج حسين واخدت عهد على نفسى انى مكرروش تانى والله
أومأ برأسه متفهما وقال: - خلاص يا هند. وعموما مفيش مشكلة ولا حاجة متقلقيش يالا اتفضلى على شغلك
خرجت من مكتبه وعلى ثغرها ابتسامة نصر وأغلقت الباب خلفها بهدوء. بمجرد أن أغلقت الباب تناول حسين الهاتف وأجرى أتصالاً بالمنزل. في البداية لم يتم الرد في المرة الثانية أجابته فرحة وهي تبكى:
ألحقنى يا بابا...

روت له ما حدث وظل يستمع حتى قال: - ومريم وإيمان فين دلوقتى
بكت مرة أخرى وهي تقول: - لسه ماشين رايحين يقعدوا مع ايهاب
تناولت عفاف سماعة الهاتف وقالت: - متقلقش يا حسين أنا هاخدها هي ويوسف دلوقتى ونروحلهم
قاطعها قائلاً: - لا خليكى انتِ. خالى يوسف ياخد فرحة ويروح وانا هحصلهم
بمجرد أن أنهى الاتصال وجد عبد الرحمن يتصل به رد قائلا: - السلام عليكم. أزيك يا عبد الرحمن يابنى.

أتاه صوت عبد الرحمن قلقا وهو يقول: - وعليكم السلام يابابا، الحمد لله انا كويس. بس انا بتصل بإيمان بقالى كتير أوى وتليفونها مقفول ومش بترد على تليفون البيت. وبكلم البيت عند ماما تليفونهم يا أما مش بيرد يا أما مشغول طمنى يا بابا في حاجة عندنا في البيت؟
قال حسين بهدوء: - انت جاى أمتى
بكره بالليل ان شاء الله.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة