قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل الخامس عشر

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل الخامس عشر

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل الخامس عشر

توجهت مريم في الصباح الباكر وقبل ميعاد ذهابها إلى الجامعة إلى الحديقة لفتح رشاشات المياة الأتوماتيكية التي ترش المسطحات الخضراء في الحديقة، وقفت تنظر إليها وتتأمل المياه المتصاعدة فاقتربت منها حتى تصلها بعض رزازها المنعش، شعرت بنشوة طفولية فاقتربت أكثر من الرزاز، ثناثرت قطرات المياة على وجهها وابتلت ملابسها وكأنها تقف تحت قطرات مطر خفيف، مما جعل وليد يغير طريقه وهو ذاهب إلى الجراج الخاص بهم ويقترب منها وهو ينظر إلى جسدها الواضحة معالمه من بعد أن التصقت به ملابسها على أثر المياة في تفحص وبنظرة ذات مغزى قال لها:.

صباح الخير. أيه الروقان ده كله
ألتفتت إليه قائلة: - صباح الخير يا وليد
تصنع وليد الجدية قائلا: - مريم. انا كنت عاوز اقولك حاجة ونفسى متكسفنيش
مريم: - خير يا وليد
قال باهتمام مصطنع: - انا كنت عاوز أتأسفلك على أى حاجة ضايقتك في تصرفاتى، حقيقى انا بعاملك زى وفاء بالظبط علشان كده يمكن بتعامل بعشم شوية. وده اللى بيضايقك مني لكن اوعدك معاملتى هتتغير.

أومأت مريم برأسها وهي تقول: - خلاص يا وليد وانت برضة أبن عمى وزى اخويا
قال وليد بابتسامة خفيفة: - يعنى خلاص مش زعلانه مني؟
ابتسمت مريم قائلة: - خلاص مش زعلانه
حاول أن يتكلم ببراءة وهو يقول: - لا يا ستى الأبتسامة دى متنفعش. انتِ كده لسه زعلانه
أبتسمت مريم بشكل أوضح وهي تقول: - خلاص والله مفيش حاجة
وليد: - لا برضه متنفعش. انتِ بتخمينى.

ضحكت مريم لطريقته الطفولية ضحكة عالية واستجابت لكف وليد المدود لها فضربت كفها بكفه بخفة فقال:
خلاص أنا كده أتأكدت أنك مش زعلانه. يالا بقى سلام احسن هتأخر على الشغل.

ابتسمت وهي تشير له بالتحية وهو يبادلها الأشارة ثم أطبق كفه وهو يضعه على أذنه أشارة إلى أنه سينتظر منها مكالمة، كانت تفعل ذلك لظنها أن وليد يعتذر فعلا عن أفعاله معها ويريد أن يفتح معها صفحة جديدة ولكنها لم تكن تعلم أن وليد يعرف أن يوسف في طريقه للحديقة هو الآخر وكان يريد أن يجعله يرى هذا الموقف وكيف هما منسجمان في المزاح والمداعبة كما لم تلاحظ مريم أن كثرة رزاز المياة جعل ملابسها تلتصق بجسدها لتبرز معالمه ونسيت مريم كلمات إيمان عندما قالت لها انتِ بتختارى المكان الغلط واللى بيجبلك شبهه وبتقفى فيه.

شاهد يوسف ما حدث كما أراد وليد تماما، رآها تبتسم وتضحك وتداعبه بضرب كفها بكفه وتشير إليه بالسلام وهو يرحل ويقول لها بالأشارة بأنه سينتظر منها مكالمة، وكل هذا وهي لا تخجل من شكلها وهي تقف أمامه هكذا بمعالم جسدها الواضحة، صرف وجهه عنها في غضب وانصرف إلى عمله.

كان يوسف يجلس في مكتب أبيه يقوم بأعماله إلى حين عودته حين دخل عليه وليد يرسم على وجهه علامات الإعتذار، نظر له يوسف بغضب ثم تابع عمله وكأنه لم يره، جلس وليد أمامه قائلا:
جرى أيه يا صاحبى هتفضل مخاصمنى كده ومتكلمنيش أول مره يحصل بينا كده
قال يوسف دون أن ينظر إليه: - علشان أول مرة أعرف أنك كده يا وليد، انا مش عارف انت ابن عمى ازاى.

تصنع وليد الخجل قائلا: - معاك حق يا يوسف انا فعلا غلطت جامد وجاى اعتذرلك
قال يوسف بجمود: - لا وفر اعتذارك لما عمك وابوك يعرفوا. ساعتها هتعتذر كتير أوى
قال وليد وهو يضغط أحد أزرار هاتفه النقال في راحته في الخفاء: - خلاص براحتك يا يوسف لو ده هيريحك من ناحيتى...

رن هاتف وليد فقام للرد على الفور وهو يخرج من مكتب يوسف ببطء شديد قائلا: - أيوا يا حبيبتى أنا جاى أهو. كله تمام؟ نص ساعة هكون عندك. لا لا مينفعش لو مش دلوقتى يبقى مش هينفع النهاردة خالص.

خرج وليد من مكتب يوسف وقد حقق مراده بهذه المكالمة المزيفة، بالفعل شك يوسف في الأمر فالمسافة بين الشركة والبيت نصف ساعة تماما، كان من الممكن أن يفكر يوسف بشكل مختلف أو كان من الممكن أن لا يفكر بالأمر أبدا، فوليد علاقاته متعددة ولكن وليد غير معتاد على ترك الشركة في هذا الوقت المزدحم بالعمل لأى ميعاد مهما كان، وقد ربط ذلك بآخر جملة قالها وهو يخرج من المكتب وبين أشارته لها في الصباح بأنه ينتظر منها مكالمة.

تناول الهاتف واتصل على الخادمة التي أتت بها والدته للطبخ لحين عودتها من العمرة وسألها كأنه يسأل عن أهل البيت بشكل طبيعى:
فرحة رجعت من كليتها؟
ايوا يا فندم. اتغدت ونامت من ساعة
يوسف: - الآنسه مريم اتغدت معاها؟
ايوا اتغدت وطلعت شقتها يا فندم.

كان يريد أن يتأكد أن مريم في المنزل، وهل هي وحدها في شقتها أم مع فرحة، ظل يطرق بالقلم على سطح المكتب في توتر وهو يتخيل وليد وهو يدلف إلى شقة مريم بحرص دون أن ينتبه إليه أحد ويتخيلها وهي تغلق الباب وتتلفت حولها لتتأكد انه لا أحد يراهم.

زادت طرقاته بعصبية حتى كُسر القلم في يده ونهض وهو يدفع مقعده بعيدا كاد أن ينطلق خارج المكتب ولكنه تفاجأ بدخول السكرتيرة تخبره بأن هناك عميل ينتظره والمسأله عاجلة أضطر يوسف أن يستقبل العميل، لم يستطع يوسف أن يركز ذهنه مع الرجل فلقد كان مشتتا في خيالاته، أنهى حديثه مع الرجل بوعد بلقاء آخر، خرج العميل وخرج يوسف خلفه مباشرة من المكتب كالسهم ومنه إلى الأسفل، استقل سيارته وانطلق مسرعا عائدا إلى المنزل.

كان وليد يعلم ماذا يفعل جيدا، فلقد كان يوسف صديقه قبل أن تدخل مريم حياتهم ويعلم كيف يثيره وكيف يستفزه وكيف يحركه في الطريق الذي يريد، وبالفعل خطط لكل شىء لكى يؤكد ليوسف أن هناك علاقة حقيقية بينه وبين مريم، كان يعلم أن هناك شىء ينبت في قلب يوسف تجاه مريم فأراد وئده في المهد، فلقد تشرب الكره الشديد لأولاد عمه علي من أمه فاطمة كما أنه يعلم أن يوسف لن يفضح ابنت عمه وبالتالى لن يفضح علاقته بسلمى.

أقترب يوسف من جراج البيت الكبير، وتأكدت ظنونه عندما رأى سيارة وليد، ترك يوسف سيارته بعيدا حتى لا يراها وليد عند عودته ودخل إلى الباب الخلفى للحديقة ومنه إلى الدرج المؤدى إلى الطابق الثالث حيث شقة مريم، ولكنه تفاجأ بهبوط المصعد منه إلى الطابق الأرضى، عاد يوسف أدراجه بهدوء على الدرج ووقف على آخر سلمتين في الطابق الأرضى بجوار المصعد، خرج وليد من المصعد وهو يطلق صفيراً من بين شفتيه بطريقة منغمة تدل على الأنسجام الشديد، خرج وليد الذي كان يعلم أن يوسف يتابعه، فهو قد أعد كل شىء بدقة، فبمجرد أن رأى سيارة يوسف تقترب أسرع إلى المصعد واستقله إلى الطابق الثالث وانتظر قليلا ثم استقله مرة أخرى عائدا إلى الدور الأرضى.

خرج وليد من المصعد واتجه إلى الجراج مرة أخرى واستقل سيارته وهو مبتسما ابتسامة عريضة وعاد إلى الشركة مرة أخرى.
الشك أصبح يقين في قلب يوسف، تأكد من وجود علاقة آثمة بينهما، تأكد أنها ليست فقط فتاة تتصرف بطريقة غير لائقة، لا أنها تعدت كل الحدود، أشتعلت نار الغيرة في قلبه أكثر وأكثر، الآن تأكد بأنه يغار عليها ولكن هي لاتستحق سوى السحق بالأقدام.

تعلن الخطوط الجوية السعودية عن أقلاع رحلتها رقم، المتوجهة إلى جمهورية مصر العربية، نرجو من جميع الركاب ربط الأحزمة والأمتناع عن التدخين. شكرًا
نظرت إيمان إلى عفاف التي تجلس بجوارها بابتسامة وهي تقول لها: - الحمد لله عرفت أربطه لوحدى
ضحكت عفاف وهي تقول: - كده أحسن برضه. بدل ما نحتاس زى المرة اللى فاتت
أبتسمت إيمان قائلة: - ها حفظتى دعاء الركوب
عفاف: - ايوا حفظته أسكتى بقى لما اقوله متلخبطنيش.

نظر الحاج حسين إلى عبد الرحمن الذي يجلس على المقعد بجواره قائلا بابتسامة: - عمره مقبوله يابنى ان شاء الله
قبل عبد الرحمن يده وقال: - ربنا يتقبل يا حاج وميحرمناش منك ابدا
صمت الحاج حسين قليلا ثم التفت إلى عبد الرحمن وقال بصوت خفيض وبنبره جدية: - بقولك أيه يا عبد الرحمن أنت مش ناوى بقى تفرحنا بيك ولا ايه
أبتسم عبد الرحمن بحزن قائلا: - إن شاء الله يا بابا. أدعيلى أنت بس ربنا يرزقنى ببنت الحلال.

أقترب منه وهمس وهو يشير إلى المقعد الخلفى: - طب ماهى بنت الحلال موجودة أهى
التفت عبد الرحمن للخلف ثم نظر إلى أبيه باستنكار وقال: - حضرتك بتتكلم جد
نظر له والده يتفرس في وجهه يحاول أن يقرأ انفعالاته وقال: - طبعا بتكلم جد وجد الجد كمان. لو فيها عيب طلعهولى
أرتبك عبد الرحمن وقال: - مش مسألة فيها عيب يا بابا. بس، بس انا بحس انها عندى زى فرحة كده. مش أكتر.

ده بس علشان مفيش بينكم معاملة. لكن لما تبقى خطيبتك المسافة بينكم هتقرب اكتر
قال عبد الرحمن باعتراض: - خطيبتى ايه بس. انا يا بابا مبفكرش في الموضوع ده خالص دلوقتى
شرد حسين وقال بخفوت: - أول مرة تعارضنى يا عبد الرحمن
قال عبد الرحمن مسرعاً: - أعوذ بالله أنا مقدرش اعارضك يا بابا بس ده جواز وحياة يعنى مينفعش أتجوز واحدة بحبها زى أختى.

قال والده بحزن: - أول مرة تاخد قرار من غير تفكير يا عبد الرحمن. انت شكلك كده لسه قلبك مشغول باللى خانتك
أعتصر كلام أبيه قلبه فقال بألم: - لا يا بابا حضرتك فهمتنى غلط أنا مبفكرش فيها خالص بالعكس
قال حسين متسائلا: - أومال ليه رفضت من غير تفكير بنت زى دى. مؤدبة ومحترمة ومتدينة وبنت عمك يعنى دمك ولحمك
شعر عبد الرحمن أن أباه يكاد يكون يحاصره ويضغط عليه فقال محاولا التخلص من هذا المأزق:.

خلاص يا بابا أوعدك هفكر في الموضوع ده وأرد على حضرتك قريب
مال حسين بجسده قليلا تجاهه قائلا بخفوت: - أسمع يا عبد الرحمن انا عمرى ما ضغطت عليك فحاجة. لكن اعرف يابنى ان الموضوع ده مهم عندى فوق ما تتصور. قدامك يومين وترد عليا علشان افاتح البنت في الموضوع
كاد أن ينفعل من وقع كلمات أبيه ولكنه تذكر أنها وأمه يجلسان خلفهما فحاول ضبط أعصابه وأخفض صوته قائلا:.

بس حضرتك يا بابا نسيت أنا سبت هند ليه. لو اللى حضرتك عاوزه ده حصل يبقى كده هنفذ لامها اللى هي عايزاه
أبتسم حسين قائلا: - ومين قالك انى مش هنفذلها اللى هي عايزاه
قال عبد الرحمن بتعجب: - أول مرة مفهمش حضرتك بتفكر ازاى.

أبتسم والده في هدوء وثقة قائلا: - شوف يابنى. أنا وأحلام واقفين على أول طريق. والطريق ده آخره اتجاهين. أنا عاوز آخر الطريق أحود يمين وهي عاوزه تحود شمال. يعنى انا وهي لازم نمشى في الطريق نفسه مع بعض لكن العبرة في آخر الطريق يابنى فهمتنى
عبد الرحمن: - طب هي عارفة هي عاوزه أيه. عاوزه فلوسنا وخلاص. لكن حضرتك بقى عاوزنى اتجوزها ليه؟

حسين: - كان لازم تعرف من ساعة ما كنت بدور عليهم يابنى. انا مستغرب من سؤالك ده، ياما قلتلك وانا بدور عليهم انى عاوز ألم لحمنا اللى مرات اخويا خادته وهربت. وان عمك موصينى بكده قبل ما يموت. أومال انت فاكر يعنى أيه معنى ان اخويا يقولى وهو بيطلع في الروح خد عيالى في حضنك يا حسين لو كنت عرفت معنى الجملة دى مكنتش سألتنى السؤال ده يا عبد الرحمن.

شعر عبد الرحمن بالحرج من والده بشدة وهو يقول: - طب ليه حضرتك معرضتش الموضوع ده على يوسف اشمعنى انا
أبتسم مرة أخرى قائلا: - علشان مينفعش أعرض عليه واحدة هو بيحب اختها
تفاجأ عبد الرحمن بكلمات أبيه وقال باندهاش: - يوسف بيحب، لالا مش معقول هما الاتنين غير بعض خالص يا بابا
قال والده بثقة: - معاك حق. انا كمان مستغرب بس انت عارف أبوك مبيقولش حاجة غير لما يكون متاكد منها.

ثم أردف قائلا بجدية: - قدامك يومين تفكر وترد عليا. اتفقنا
زفر عبد الرحمن بحنق وهو يشيح بوجهه بعيدا قائلا بضيق: - حاضر.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة