قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل الثامن

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل الثامن

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل الثامن

مش عارفة. أول مره أشوفها
أستكملا طريقهما إلى البوابة الداخلية للمنزل ووقفت مريم تطلب المصعد، فتح الباب وخرج منه وليد ويوسف وهما يرتديان حلة رياضية في طريقهما للخارج، وقف وليد بابتسامة كبيرة أمام باب المصعد وهو يرحب بسلمى، صافحها وضغط على كفها وهو يقول:
أنا أعرف ان القمر بيطلع في السما مش في الأسانسير
ضحكت سلمى بميوعة وقالت: - ميرسي أوى لذوقك.

تحرك يوسف وهو يجذب وليد من يده قائلا بضيق: - يالا يا وليد
أستوقفته سلمى قائلة: - أزيك يا أستاذ يوسف
أشاح بوجهه بعيدا وهو يجيبها قائلا: - كويس.
ثم خطى بعيدا عنهم وهو يقول لوليد: - أنا هسبقك يا وليد
تبعته مريم بعينيها بينما قالت سلمى لوليد: - أنتوا رايحين فين كده؟
نظر لها وليد بجرأة مكشوفة وهو يقول: - عندنا ماتش ملاكمة تيجى تتفرجى
قالت مريم بتعجب: - ملاكمة أنتوا بتلعبوا ملاكمة مع بعض.

ضحك وقال: - يعنى حاجة كده خفيفة كل شهر مرة علشان مننساش
ثم أقترب من سلمى وقال بنظرات تفهمها جيدا: - لازم الواحد يحتفظ بلياقته دايما
أبتسمت سلمى وقد فهمت تلميحاته بينما قالت مريم: - طب يالا نطلع احنا يا سلمى
أقتربت سلمى خطوة أخرى من وليد وقالت: - لا أنا عايزة أتفرج
وهنا عاد يوسف مرة أخرى وصاح في تأفف موجها حديثة لوليد: - هتيجى ولا أيه يا وليد؟
ذهبت إليه مريم وقالت برجاء: - ممكن نتفرج يا يوسف؟

قال بنزق وهو يذهب ودون أن ينظر إليها: - تتفرجوا على أيه. هي سيما.
شعرت مريم بأحراج شديد أحمر له وجهها وعادت للداخل ولم تنتظر المصعد بل توجهت للدرج مسرعة وهي تقول بعصبية:
حصلينى يا سلمى
وقفت أمام باب شقتها وهي تكاد تبكى مما فعل بها في الأسفل، كانت تشعر بالحنق الشديد حتى أنها لم تسمع فرحة وهي تلقى عليها السلام أثناء صعودها، صعدت خلفها فرحة ووجدتها على حالتها تلك فقالت وهي تربت على كتفها:.

مالك يا مريم عنيكى مالها. كنتِ بتعيطى ولا ايه
أجابتها مريم حانقة: - مفيش حاجة يا فرحة
أزاى أنا شفتك وأنتِ طالعة واخده في وشك. سلمت عليكى مردتيش عليا. قوليلى مين زعلك وانا أخلى بابا ياخدلك حقك منه
أبتسمت مريم لطريقتها الطفولية واحتضنتها وقالت: - تسلميلى يا حبيبتى أنا كويسة
ثم قالت بتردد: - أخوكى بس أحرجنى شوية
أرتفع حاجبي فرحة وتسائلة: - مين فيهم؟

مريم: - يوسف، قلتله ممكن آجى أتفرج على الماتش بتاعهم كلمنى بطريقة وحشه أوى
هتفت فرحة بسعادة: - أيه ده. هما هيبدأوا دلوقتى مشوفتوش وهو نازل يعنى
خرجت سلمى من المصعد وأتجهت إلى مريم وقالت: - كده برضه تسيبينى وتمشى. مالك في أيه
نظرت لها مريم بضيق: - لسه فاكرة تيجى تشوفينى مالى
أقبلت فرحة على سلمى وصافحتها ورحبت بها ثم أستدارت إلى مريم وقالت: - ولا يهمك تعالوا نتفرج.

بترت عبارتها لأصطدامها بإيهاب على باب الشقة، شعرت بالخجل الشديد واحمرت وجنتاها، بينما قال بابتسامة خفيفة:
أنا آسف يا فرحة مكنتش عارف أنك داخله
قاطعتهما سلمى مرحبة به فقال إيهاب باقتضاب: - كويس الحمد لله. عن أذنكم
تركهم ونزل إلى الأسفل بينما تابعت فرحة عبارتها التي كانت قد بترتها وقالت: - تعالوا نتفرج من البلكونة.

أستقبلتهم إيمان بالداخل وصافحت سلمى التي انبهرت بالشقة الكبيرة وأثاثها الفخم ودخل الأربعة إلى الشرفة ليشاهدا هذه المباراة الصاخبة بين وليد ويوسف وتشجيع إيهاب وعبد الرحمن المستمر مما زاد جو الألفة بين إيهاب وأولاد أعمامه.

أستأذنت إيمان وتوجهت إلى عفاف زوجة عمها لتساعدها في تحضير طعام الغذاء، فاليوم هو الجمعة والحاج حسين لا يرضى بديلا إلا أن تجتمع الأسرة كلها على مائدة واحدة، طرقت إيمان باب شقة عمها ففتحت لها فاطمة زوجة عمها أبراهيم وعندما رأتها قالت ببرود:
اهلا يا إيمان في حاجة؟
قالت إيمان ببشاشة: - أزيك يا طنط أخبارك ايه. ممكن لو سمحتى أدخل لطنط عفاف.

أشارت لها فاطمة بالدخول، دخلت ايمان ولكنها تفاجأت بوجود هند التي تعرفت عليها ببساطة و ساد جو من البهجة في المطبخ وخصوصا بعد تواجد وفاء وأصبحت تتجاذب المداعبات مع إيمان التي تتمتع بشخصية مرحة عكس ماكان يوقع الجميع، بعد ساعة أنصرفت سلمى وكانت معها مريم التي أوصلتها إلى باب الحديقة الخارجى وودعتها وهي تستقل سيارتها الصغيرة وتنطلق بها ثم عادت مريم وقطعت الحديقة وهي تشاهدهم وهم يجمعون أحبال حلبة الملاكمة، نظرت إلى يوسف وهو يجمع الأحبال بصحبة إيهاب ويتمازحان وكأنهم أصدقاء منذ زمن، ظلت واقفة لبرهة تنظر إليهم في حيرة وضيق، لا تعلم لماذا يتعامل معها هكذا، إذا كان غير مرحب بوجودهم فلماذا إذن يحب إيهاب ويصادقه ويتعامل مع إيمان باحترام، أما هي فدائما يعاملها باقتضاب ونادرا ما ينظر إليها وهي تحدثه، نفضت أفكارها جانبا وأكملت طريقها للداخل.

وأخيرا التف الجميع حول المائدة الكبيرة وجلست هند بجوار خطيبها عبد الرحمن حيث قال الحاج حسين بترحاب:
منوره يا هند بقالك كتير مجتيش عندنا
قالت هند بابتسامة كبيرة: - ربنا يخاليك لينا يا حاج.
ثم التفتت إلى عبد الرحمن وقالت: - أصل عبد الرحمن بقاله فترة مشغول عنى
أكمل حسين طعامه وهو يقول: - معلش أنتِ عارفة بقى مشغولياته هو أنا اللى هقولك.

والتفت إلى يوسف قائلا: - صحيح يا يوسف أخبار العمارة الجديدة أيه. والمقاول ده مريحك ولا منتعاملش معاه تانى
قال يوسف بنزق: - بصراحة يا بابا هو متعب وعاوز حد يبقى على دماغه دايما. مبيجيش غير بالدق على دماغه
نظرت له مريم وفي نفسها مندهشة من تصرفاته، فهو أحيانا رقيق ومهذب وأحيانا أخرى لا يُحتمل، بل لا يُطاق!
تابع حسين وهو ينظر إلى إيهاب قائلا: - بقولك أيه يا إيهاب يابنى. ايه رأيك تاخد الشغلانة دى.

أبتسم ايهاب وقال معتذراً: - يا حاج ده شغل مهندس مدنى. أنا مهندس ديكور
قال حسين بعملية: - طبعا في مهندس مدنى مسؤل بس طبعا قلبه مش هيبقى على الشغل. ده مجرد موظف عامل الوقت ميفرقش معاه. بالعكس الوقت لصالحه، وزى ما أنت شايف عبد الرحمن ووليد ويوسف مش فاضين. أيه رأيك انا محتاجلك بجد وبعد العمارة ما تخلص تمسك انت تشطيبها ها قولت أيه؟

نظر له إيهاب وقد شعر بالصدق في كلماته وأنه بالفعل يحتاج مساعدته ولكنه ملتزم بالعمل في مكان آخر فقال:
طيب وشغلى يا عمى
أبتهج الحاج حسين وقال: - يا سيدى خد أجازة. ولو الشغل معانا تعبك أرجعله تانى
صمت إيهاب لبرهة ثم أبتسم وقال لعمه: - خلاص يا عمى هرد عليك بكرة بأذن الله
وهنا نظر الحاج إبراهيم إلى يوسف وقال: - ها يا يوسف مريم عامله معاك ايه في الشغل
قال يوسف وهو يتناول طعامه: - الحمد لله.

تابع إبراهيم وهو يوجه حديثه إلى مريم: - وأنتِ يا مريم مستريحة في شغلك ولا معطلك. أنا أصلى عارف يوسف طلباته كتيرة ومتعب في شغله
ألقت مريم نظرة سريعة إلى يوسف وهي تقول: - هو أصلا مبيكلمنيش كتير علشان تبقى طلباته كتير
أرتفع حاجبي إبراهيم وهو يتابع قائلا: - أزاى الكلام ده. ده انتوا ولاد عم
نظر لها يوسف بحدة وقال: - أيه المطلوب يعنى نسيب الشغل ونقعد نتساير.
لمعت عيناها وكادت أن تبكى من حدته.

فقال إيهاب بعصبية: - أيه يا يوسف بتكلمها كده ليه
تدخل حسين على الفور قائلا بغضب يحسبه: - بتكلموا بعض كده وانا قاعد. والله عال
ثم نظر إلى يوسف بحدة وقال: - بعد الأكل نقعد في المكتب نشوف ايه الحكاية.

حاولت وفاء كعادتها تغير مسار الحديث المحتقن فقالت بشغف: - تعرف يا بابا أمبارح كان عندنا محاضرة والدكتور كان بيشرحلنا في قانون العقوبات وجابلنا قضية حقيقية من قضايا الزنا. بس القضية كانت صعبة أوى تقريبا محدش فينا عرف يكتب فيها مرافعة تمام زى ما الدكتور عاوز. تخيل الراجل لبس مراته قضية زنا وكمان ساومها يا أما تتنازل عن كل حاجة يا أما يحرك دعوى الزنا ضدها وتتحبس ويتعملها ملف كمان.

قطب إبراهيم حاجبيه قائلا: - أعوذ بالله. معقول في راجل يعمل كده. وازاى اصلا يبقى حاجة زى كده في القانون
كانت إيمان هي الأخرى ترغب في تغير مجرى الحديث فقالت: - طبعا يا عمى هو ده القانون الوضعى. جريمة الزنا الزوج هو بس اللى يقدر في أى وقت يوقف الحكم عليها ويتنازل وساعتها بتطلع براءة
قالت عفاف متسائلة: - وده حلال بقى ولا أيه.

قالت إيمان بأريحية: - لا يا طنط الأحكام الشرعية في الموضوع ده لو في أربع شهداء كلهم أقروا بالجريمة دى وكلهم عدول وموثوق فيهم بيتنفذ فيها الحكم حتى لو الزوج اتنازل. أما لو كان الزوج هو اللى أدعى على مراته الزنا ومعندوش شهود يبقى ساعتها القاضى بيطبق عليهم آية اللعان
قالت عفاف متعجبة: - ياه أربعة. بس دى لو أربعة بحالهم شهدوا عليها وهي كده تبقى لامؤاخذة بقى.

أومأت إيمان برأسها مؤكدة وهي تقول: - ماهو ده علشان أحكام الدين في الأصل بتدعو للستر. اللى غلط وربنا ستره من غير ما حد يشوفه يتوب ويستر على نفسه. لكن لو وصلت لدرجة أن أربعة يشوفوها تبقى تستحق الرجم. يعنى مش زى ما الناس فاكرة أن تطبيق الحدود يعنى قتل وموت وتقطيع ورجم عمال على بطال.

قالت وفاء بتركيز: تعرفى يا إيمان أنتِ خلتينى آخد بالى من حاجات كتير وأنا بقى كده نويت أعمل دراسة بالمقارنة بين القوانين الوضعية وأحكام الشريعة
أبتسمت إيمان وقالت بحبور: - يالا توكلى على الله. وأنا مستعدة اساعدك بكل جهدى والكتب اللى عندى
نظرت هند إلى عبد الرحمن فوجدته يتابع الحديث باهتمام فقالت: - أيه يا عبد الرحمن مش بتاكل ليه مركز أوى يعنى.

قال بنظرات مبهورة: - بصراحه أنا أول مرة أسمع الكلام ده. أيه الجهل اللى الواحد فيه ده
قال حسين موجها حديثه ل إيمان: - تعرفى يا إيمان أنا كل يوم بيزيد أعجابى بيكى أكتر من اليوم اللى قبله
قالت له مداعبة: - لا معلش يا عمى أنا أصلى مش ناوية أرتبط دلوقتى. يعنى هيبقى حب من طرف واحد
ضحك الجميع وشرعوا في أتمام طعامهم حتى نهض حسين من مكانه وأشار إلى يوسف ومريم قائلا:
يوسف ومريم. تعالوا ورايا على المكتب حالاً.

نهض وليد من مكانه فاستدار إليه حسين وقال: - بقول يوسف ومريم بس. أظن الكلام واضح للكل
نهضت مريم بعد يوسف بلحظات ورغم مشاعر الحنق التي توجد بداخل كل منهما تجاه الآخر إلا أنهما عندما وصلا لباب المكتب تبادلا النظرات وكأنهما طفلين تم أستدعائهما لمكتب الناظر لينالا عقابهما الرادع!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة