قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل التاسع

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل التاسع

رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل التاسع

نهضت مريم بعد يوسف بلحظات ورغم مشاعر الحنق التي توجد بداخل كل منهم الا انهم عندما وصلوا لباب المكتب تبادلا النظرات وكأنهما طفلين تم أستدعائما إلى مكتب الناظر لينالا عقابهما.
تنهد يوسف بعمق وطرق الباب فتقدمت مريم خطوة ونظرت له بتحدى وكأنها تقول: - النساء أولاً
زفر بقوة وتراجع خطوة ليسمح لها بالدخول قبله.

دخلت مريم ودلف بعدها وهما وجلان للغاية، أشار لهما حسين بالجلوس أمام المكتب وهو ينظر لهما نظرات صامتة صارمة ثم قال:
في أيه بقى عاوز أفهم
وفجأة انقلب الصمت إلى معركة، تدافع الإثنان في الحديث وكأنهما يتسابقان من يتكلم أكثر من الآخر
من ساعة ما شافنى وهو مش طايقنى
مش طايقك أزاى يعنى مش فاهم
بتكشر في وشى وبتعاملنى وحش
المفروض أعمل أيه يعنى أفرشلك الأرض رمله لما أشوفك
لا بس تعاملنى معاملة كويسة.

والله ده شىء زاد عن حده. هتعلمينى أتعامل أزاى
هتف الحاج حسين ليوقف هذه المعركة الدائرة قائلا بصرامة: - بس. والله عال أومال لو كنت مش موجود معاكوا كنتوا هتعملوا أيه
أطرقت مريم برأسها خجلاً وهي تقول: - أنا آسفه يا عمى
قال يوسف معتذراً: - آسف يا بابا بس هي اللى نرفزتنى
نظرت له بحدة هاتفةً: - أنا اللى نرفزتك...

ثم التفتت إلى عمها وقالت باندفاع: - بص بقى يا عمى علشان تعرف بيتعامل ازاى. النهاردة كسفنى قدام صاحبتى لما طلبت منه أتفرج عليه هو ووليد. واتريق عليا وقالى هي سيما؟ ده غير طبعا طريقة معاملته ليا دايما سواء هنا ولا في الشركة
هتف يوسف صائحاً: - صاحبتك! يا بابا صاحبتها دى والله لو شفتها لتحكم عليها متكلمهاش تانى. أنا مش عارف مصاحباها ازاى دى
هتفت مريم معترضة: - هو أنت كمان هتتحكم في اصحابى.

ضرب الحاج حسين المكتب بقبضة يده ونهض بحدة موجها حديثه لكلاهما: - لتانى مرة صوتكوا يعلى قدامى
وقف يوسف وقال بضجر: - بابا. أنا قلتلك من زمان أنا ماليش في معاملة الحريم أنا آسف يعنى
هدأت العاصفة قليلاً بينما قال حسين بهدوء: - براحة كده ومحدش يقاطع التانى علشان أفهم.
ثم نظر إلى يوسف وقال متفهماً: - أيه اللى مضايقك يا يوسف بالظبط
يوسف: - أنا عاوز راجل يمسك مكتبى بعد أذنك.

وقفت هي الأخرى وقالت مندفعة: - وأنا مش عاوزة اشتغل معاك
نظر لها عمها وقال بحدة: - هو انا مش قلت محدش يقاطع التانى
أنكمشت وجلست مكانها في صمت، ألتفت إليه مرة أخرى قائلا: - أيه اللى مش عاجبك في شغلها
نظر لها يوسف قائلا: - شوف حضرتك طريقة لبسها. أنا محبش العملاء اللى داخل واللى خارج يقعد يتفرج على بنت عمى وهي لابسة كده
أبتسم حسين وهو يومىء برأسه وقد لمعت عينيه قائلاً: - ده بس اللى مضايقك؟
ايوا.

ربت على كتفه وقال آمراً: - طيب أقعد
ثم التفت إلى مريم قائلاً بهدوء: - بصراحة يا بنتى أنا كمان مش عاجبنى اللبس ده. وكنت هكلمك عليه من بدرى بس محبتش تضايقى مني وتفتكرى أنى عاوز أتحكم فيكى
قالت بتماسك: - ياعمى أنا بلبس كده من زمان. ومحدش بيبصلى. عادى يعنى لبسى مش أوفر
تدخل يوسف مقاطعاً: - وعرفتى منين أن محدش بيبصلك.

نظرت له بغضب وقالت: - يعنى أيه عرفت منين. كل البنات اللى حواليا بيلبسوا كده وزمايلى في الكلية كلهم لبسهم كده
لوح يوسف بيده وهو يقول: - لا يا بابا مش حقيقى. أنا لما وصلتها الكلية شفت البنات داخله وخارجه من كليتها. فيهم بنات أه لابسين زيها وأكتر لكن برضة شفت بنات كتيرة لابسين لبس محترم زى أى كلية في الدنيا فيها كده وفيها كده
قالت مريم بانفعال: - يعنى أنا مش محترمة؟ وبعدين هما حرين كل واحد حر.

نظر إلى والده قائلا: - شايف الرد يا بابا
أرسل حسين تنهيدة طويلة ثم قال: - بصراحة أنتوا الاتنين غلطانين. أنتِ يا مريم لازم تاخدى بالك من طريقة لبسك ومفيهاش حاجه لو لبستى حاجة شكلها حلو برضة بس مش مجسماكى أوى كده. ده أنتِ حتى يا بنتى محجبة!
قالت بعناد: - زى ما حضرتك قلت ياعمى. أنا محجبة أعمل أيه تانى.

قال حسين متعجباً: - تعملى أيه! الحجاب يابنتى يعنى زى ما غطيتى شعرك تغطى جسمك. شروط الحجاب أنه ميجسمش الجسم ولا يبقى شفاف. هنعمل أيه بطرحة على الشعر والجسم ملامحه واضحة. ده ميبقاش حجاب يابنتى ده يبقى موضة
أطرقت برأسها وقالت بخفوت: - حاضر يا عمى هحاول أغير لبسى شوية
هتف يوسف معترضاً: - شوية؟!
هتفت مريم مؤكدةً: - أيوه شوية. وده علشان خاطر عمى بس.

أبتسم الحاج حسين قائلا: - ربنا يكرمك يا بنتى. متتصوريش فرحتينى أزاى علشان عملتيلى خاطر.
وأكمل هو ينظر إلى يوسف: - وأنت يا يوسف طريقة النصح مش كده. أهدى. بطل تتحمق كده علشان الناس تفهمك
وتابع بابتسامة وهو ينظر لمريم: - لو مكنش بيخاف عليكى مكنش زعل منك. ها خلاص صافى يا لبن؟
قال يوسف بتبرم: - اللى تؤمر بيه يا بابا
قال آمراً: - طب يالا أعتذر لبنت عمك علشان أحرجتها قدام صاحبتها.

رمقها يوسف بنظرة نارية والتفت الى أبيه بدهشة وهو يقول: - أنا اللى اعتذر يا حاج؟
أومأ له والده برأسه وقال مؤكداً: - ولو معتذرتش هخاليك تبوس راسها
أحمر وجهه وهو ينظر لها بضيق ثم قال بسرعة: - آسف
رمقته بنظرة مستفزة، فانفعل مرة أخرى هاتفاً: - شايف يا بابا بتبصلى ازاى
وقف حسين بجانبها ووضع يده على كتفها وقال بهدوء: - وانتِ اعتذرى لابن عمك علشان رفعتى صوتك عليه
قالت بنزق: - ياعمى هو اللى بدء.

نظر لها الحاج حسين وقال آمراً: - مريم. أعتذرى
نظرت له فرمقها بنفس النظرة المستفزة التي نظرتها له من قبل وزاد عليها ابتسامة ساخرة، ألقت نظرة إلى عمها الذي كان مصوباً نظراته إليها ينتظر أعتذارها ثم عادت بعينيها إلى يوسف وقالت بشموخ:
سوري
قال يوسف وهو يعقد ذراعيه أمام صدره ببرود ساخر: - لا سوري أيه. أنا مبعرفش لغات
ألقت عليه نظراتها الحارقة وقالت بسرعة: - آسفه. عن أذنك يا عمى.

وخرجت مسرعة وهي تستشيط غضبا منه وحده!

خرجت مندفعة إلى باب الشقة ومنه إلى الدرج لتصعد شقتها فاصطدمت بوليد الذي قال بدهشة:
أيه. واخده في وشك كده ورايحة فين
قالت بعصبية: - أبعد عنى دلوقتى لو سمحت أنا مش طايقة روحى
وليد: - مالك بس مين اللى زعلك ياقمر
نظرت له وكأنها لا تراه وقالت باندفاع: - أنا لبسى وحش؟
تصنع وليد نظرات الدهشة وقال: - مين اللى قال كده ده. أنتِ آخر شياكة وحلاوة
قالت بمرارة: - يوسف.

قال وليد بغضب زائف: - ولا ابن عمى ولا اعرفه. يا شيخه ده راجل معقد سيبك منه
تركته وأكملت طريقها، حاول أن يوقفها مرة أخرى ولكنها لم تعره اهتماما، دخلت غرفتها و ارتمت على فراشها وأخذت تبكى، بعد لحظات وجدت إيهاب وإيمان واقفان أمامها في وجوههما نظرات تساؤل ثم قال إيهاب:
أيه اللى حصل مع عمك. قالك حاجة زعلتك؟
حركت رأسها نفيا وهي تجفف دموعها، جلست إيمان بقربها وقالت: - طيب بتعيطى ليه يا حبيبتى.

قال إيهاب بانفعال: - لو حد زعلك قوليلى. أحنا مش بنشتغل عند حد. نمشى فوراً
قالت إيمان بتروِ: - أهدى يا إيهاب لما نعرف في أيه
أعتدلت مريم في جلستها وقصت عليهم ما دار في حجرة المكتب.

أنفعل إيهاب أكثر وصاح بعصبية: - شايفه يا هانم. ياما قلتلك. ياما اتخانقت معاكى على لبسك شوية وعلى البت اللى ماشية معاها شوية. وأنتِ ولا أنتِ هنا. وادي النتيجة. الناس بقت تبصلك زيك زيها. وأكيد طبعا بيقولوا عليا مش راجل. ما انا سايبك بقى تلبسى اللى تلبسيه
بكت مريم بشدة وقالت: - خلاص بقيتوا كلكوا عليا دلوقتى.

حاولت إيمان تلطيف الجو بينهما ولكنها فشلت، خرج إيهاب مندفعا في غضب، قطع الحديقة بخطوات واسعة وسريعة، رأته فرحة فحاولت أن توقفه لكنه لم يسمعها، وقفت حائرة لا تعلم ما ألم به فصعدت تبحث عن إيمان، وجدتها تهبط الدرج إلى الحديقة فاستوقفتها والقلق بادى على وجهها وقالت متسائلة:
هو إيهاب ماله. كان ماشى وشكله زعلان أوى حاولت أنده عليه مردش ومشى بسرعة هو حصل حاجة يا إيمان.

نظرت لها إيمان بتمعن ثم وضعت يدها خلف ظهرها وصمتت، زاد قلق فرحة وقالت: - أيه يا إيمان بتصيلى كده ليه؟
مطت إيمان شفتيها بمكر وقالت ببطء: - وأنتِ مالك قلقانة كده ليه
أرتبكت فرحة وقالت: - أبدا عادى يعنى بسأل بس
وجهت إيمان سبابتها إلى وجه فرحة وقالت تداعبها: - أعترفى يا فرحة الأنكار مش هيفيدك
أحمرت وجنتاها وقالت بخجل: - أعترف بأيه مالك كده عاملة زى المحققين اللى بيطلعوا في الأفلام.

أبتسمت إيمان لها وقالت بحنان بالغ: - هو كمان مهتم بيكى على فكرة. ده أخويا وأنا عارفاه
أبتسمت في خجل وقالت: - هو اللى قالك أنه مهتم بيا
ضحكت إيمان في سعادة واحتضنت فرحة، كان عبد الرحمن يهبط الدرج فوجدهما هكذا فوقف ووضع يديه على وجهه وقال بطريقة مسرحية:
لا مش ممكن. مش مصدق عنيه. أختى وبنت عمى. وفين. على السلم. رحمتك يارب
ضحكت فرحة ضحكة عالية بينما استدارت إيمان لتخفى ضحكتها الخجولة بيدها.

اليوم التالى كان يوم الصدام الحقيقى في الشركة بين يوسف ومريم وهند وعبد الرحمن،
كان عبد الرحمن قد قرر أن يتكلم مع هند في طبيعة علاقتهما وأن يضع لها حدود حتى يتم عقد القران، وكانت مريم تنوى أن تنتقم من يوسف شر انتقام.

دخلت عليه مكتبه وهي معها بعض الملفات، وجدته واضعاً سماعات الهاتف في أذنيه ومغمض العينين في استرخاء شديد، خطت نحوه ببطء وتناولت مج النسكافية الفارغ من أمامه ثم قذفته على الأرض بقوة، فزع يوسف ونزع السماعات من أذنيه وصرخ فيها:
في ايه!
قالت ببرود: - ولا حاجة. الملف خبط في المج وقعه على الأرض
وابتسمت باستفزاز وأكملت: - طب أجيلك بعدين بقى تكون الخضة راحت.

خرجت وأغلقت الباب خلفها بينما جلس يوسف ومازال وجهه عليه أثر المفاجأة ثم ابتسم وهو يضرب كفا بآخر ويقول:
البت دى مش هتجيبها لبر معايا. بس اظاهر أنها متعرفنيش كويس. ماشى يا مريم واحدة بواحدة والبادى أظلم.

أنتظر عبد الرحمن وقت الراحة وذهب إلى هند ليتحدث معها، عندما رأته تهلل وجهها وقالت:
كنت متأكدة أنك جاى، وحشتنى
أبتسم بارتباك وقال: - هند عاوز اتكلم معاكى في موضوع مهم
لاحظت الأرتباك على وجهه فقالت بقلق: - خير يا عبده مالك
عبد الرحمن: - هند. عاوزك تفهمينى كويس أوى. أنا والله بحبك وهفضل احبك ونفسى تبقى مراتى النهاردة قبل بكرة. لكن لحد ما نكتب الكتاب لازم علاقتنا تبقى بحدود.

أقفهر وجهها وقالت: - يعنى أيه بحدود؟
عبد الرحمن: - يعنى مش هينفع نخرج مع بعض لوحدنا وبرضة يعنى الكلام بينا هيبقى بحدود...
نظر لها ليراقب تأثير كلماته عليها فوجدها تنظر إليه بدهشة وتعجب وترقب فأكمل: - اللى بقلهولك ده لمصلحتك أنتِ قبل مصلحتى. علشان عاوز أشوفك في أحسن صورة
ضيقت عينيها وقالت بشك: - من أمتى الكلام ده يا عبد الرحمن.

قال بتصميم: - من زمان يا هند وأنا بضايق من بعض تصرفاتك معايا. لكن كنت بتغاضى عنها لكن أخيراً عرفت أن في حاجات حرام في علاقتنا لازم نتجنبها والحرام مش هينفع نغالط فيه
قالت بسخرية: - وأنت من أمتى بتقول حرام وحلال
نظر لها بانزعاج وقال: - يعنى أيه.
أومأت برأسها وقالت بانفعال: - بس بس أنا دلوقتى فهمت
نظر لها بتمعن قائلا: - فهمتى ايه
هند: - فهمت أنك بتتهرب من الجواز. عاوز تطفشنى يعنى.

زفر عبد الرحمن بقوة ثم قال: - لا يا هند متقوليش كده أنا ناوى أكتب الكتاب قريب لكن لحد ما نكتب الكتاب لازم نراعى النقطة دى
هند: - وايه اللى مانعك ما نكتب الكتاب
عبد الرحمن: - مستنى بابا يحدد معاد. كل ما أفاتحه في الموضوع يقولى أستنى شوية
قالت بانفعال: - وأنا بقى هستنى لما أبوك يحن عليا
هتف بغضب: - أتكملى عن أبويا كويس يا هند أحسنلك.

هوت إلى مقعدها وظلت تبكى في صمت، وقف بجوارها وأستند إلى مكتبها وقال بحنان: - أنا مش عارف أنتِ قلقانة من أيه. هنتجوز والله بس اصبرى عليا شوية. أبويا مبيجيش بالضغط. بالعكس
قالت وهي تبكى: - مش ملاحظ أن الحاج حسين أبتدى يأخر معاد الجواز من ساعة ما ولاد عمك رجعوا
قال عبد الرحمن بعدم فهم: - طب وولاد عمى مالهم بالموضوع ده
قالت وكأنها لم تسمعه: - وأنت كمان أهو أبتديت تقولى حرام وحلال.

نظر لها متعجباً وهو يقول: - طب وفيها أيه
هزت رأسها بحنق وهي تجفف دمعها قائلة: - لا فيها كتير وأنا اللى غلطانة
قطب حاجبيه وهو يقول: - مش فاهم
نظرت بعيداً في شرود وهي تقول: - مش لازم تفهم دلوقتى. لو سمحت سبنى لوحدى عاوزة أقعد مع نفسى شوية قبل ما والدك يرجع المكتب تانى.

نظر لها بأسى فهى لم تفهمه كما كان يتوقع وتركها وغادر إلى مكتبه، وقف أمام المصعد لبرهة ثم شعر أنه أخطأ بحقها وقلبه أمره بأن يعود إليها ويسترضيها، فلم يكن يجب أن يتركها في هذه الحالة، لابد أن يثبت لها أنه يحبها وشغوف بها ولن يتزوج غيرها أبدا.

عاد إليها ولكنه وجد باب مكتبها مغلق فظن أنها أغلقته لتبكى وحدها دون أن يسمعها أحد، وحتى لا يفاجأها والده بدخوله عليها وهي تبكى، فتح الباب ببطء ليطمئن عليها ولكنه سمعها تتحدث في الهاتف، والتقتت أذناه حديثها الذي جعل عينه تكاد أن تخرج من مكانهما وكاد وجهه أن ينفجر غضباً وبغضاً من هول ما يسمع.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة