قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس عشر

رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس عشر

رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس عشر

هل رأيت الجنون يومًا؟!
هل تلبسك شيطان الجنون لدرجة كدت أن تفقد فيها عقلك؟!
هل تمنيت يومًا أن تفقد بصيرتك فلا تحترق مما تراه...!
تقريبًا كان حال صقر كذلك، ذبيح لا تنطلق منه الروح فينتهي عذابه، ولا تشفيه فيزداد تألمه...!
كان يصرخ بجنون وهو يحطم كل ما أمامه:
-لاااااااا والله ما هرحمك، والله لاقتلك بأيديا يابن ال***
عندها ركضت نيرمين له وهي تحاول تهدأة الثور الذي هاج امامه:
-اصقرم اهدى، صق...

ولكنه قاطعها صارخًا بصوت عالي أرعبها:
-غوري من وشي ملكيش دعوة ب*** ام صقر
ولكنها لم تتركه بل ظلت تحاول تهدئة انهيار الذي نجحت فيه نوعًا ما عندما قالت:
-ممكن يكونوا عملوا كدة عشان يقهروك مش أكتر!
عندها توقفت يداه عن تحطيم كل ما هو قاطن امامه، فنظر لها بلهفة يتعلق بحبال ذابت من الامل:
-قصدك أية؟
اقتربت منه مسرعة وهي تكمل:.

-قصدي ممكن يكون محدش قرب لها اصلًا، بس معروفه إن اكتر حاجة توجع أي راجل هي حاجة زي كدة!
صمت دقيقة يُفكر...
عزيز رغم كل مساؤه الا انه يعشق زوجته؟!
تنهد عدة مرات وهو يعتصر قبضته التي بدأت تنزف الدماء من اصطدامه بالزجاج اكثر من مرة...

بعد فترة وفي مكان اخر####
كان عزيز ينظر للشرفة بشرود عميق، يفكر في مصير تلك المسكينة المُلقاه بالداخل، عندما أتت زوجته تهتف بجدية:
-ناوي تعمل أية في البنت يا عزيز؟ البنت منهارة من ساعة ما فاقت..
تأفف عدة مرات وهو يشيح بيداه لها متابعًا بضجر:
-ماتسيبيها تغور في داهية!
وقفت أمامه مباشرةً تواجهه بحزم:
-عزيز، البنت حامل وبالطريقة دي ممكن تسقط، احنا نعاقب شخص اذانا اه، لكن نقتل طفل برئ لا والف لا.

عندها زمجر فيها بعصبية:
-عايزة أية يعني يا ميرڤت مش كفاية ماخليتنيش اعمل اللي انا عاوزه!؟
أمسكت وجهه بين يديها بحنان لتهمس له بنبرة تعرف كيفية اللعب بخطورة على اوتاره الحساسة:
-عايز تقرب من واحدة غيري؟ اهو انا خليتك تحرق قلبه بس من غير ما تدخل المسكينه دي في دايرة ملهاش فيها
أبتسم بسخرية وهو يردد:
-لأ حلو, أخلي بنت زيها تاخد منها هدومها وهي مغم عليها وابعتها لجوزها وكدة انا انتقمت؟
اومأت مؤكدة بخبث:.

-ايوة طبعًا، لا هو يعرف إنك ماقربتلهاش، ولا هي تعرف مين اللي عراها واخد منها هدومها!
تنهد بعمق، وكأن شيطانه داخله يصوبه في اتجاه، وضميره في الدنيا هي يصوبه نحو اتجاه مُعاكس...
أعادت وجهه لها وهي تتشدق بجدية ؛
-دلوقتي لازم نرجع البنت
نظر لها مستنكرًا براءتها التي لا تُناسب جو مشحون بعبث الشياطين:
-نعمممم؟! اهو ده اللي ناقص، نرجع أية ياختي!

-نرجع البنت، انا مش هاسمح إن ابنها يموت، ارضي ربنا ده احنا بنتمنى ضفر عيل؟!
بدا وكأنه في حالة صراع نفسي عنيف، فقالت هي بشيئ من المكر ارضى ثوران الانتقام داخله ؛
-ارميهاله قدام شركته وخلي اللي مايشتري يتفرج!
نظر لها وهو يبتسم وبدا وكأنه اقتنع...!

بعد ساعات اخرى###
اتصال من موظف الامن الخاص بشركة على هاتف صقر جعله ينتفض ليرد مسرعًا بلهفة:
-خير يا رضوان؟
اجاب الاخر بصوت لاهث:
-مرات حضرتك يا بيه جدام بوابة الشركة وحالتها صعبه جوووي
رمى الهاتف دون مقدمات ودون ان يخبر نيرمين حتى اي شيئ ليركض مستقلاً سيارته بسرعة رهيبة نحو الشركة...

وصل بعدما يقرب من النصف ساعة ليركض نحو موظف الامن في الغرفة المخصصة له...
وبمجرد ان رآها حتى سكن إنهيار قلبه ولكن بدأ إنهيار رغبة الانتقام تشتعل..
همس بأسمها وهو يقترب ليحتضنها بلهفة ملتاعة:
-ترنيييييم
ولكنها إنتفضت مبتعدة عنه وهي تصرخ بهيسترية:
-ابعد عني ملكش دعوة بيا سبني في حالي
ولكنه أحتضنها رغمًا عنها، ضمها بين احضانه بقوة وكأنه يريد أن يخبئها عن العالم كله...!

ولكن هي لم تخضع وظلت تزمجر بأحبال صوتية مُشققة من كثرة النواح:
-ابعد عني بقولك انا مش طيقاك غوووووور
ولكنه لم يتركها، بعد دقيقة تقريبًا شعر باستسلامها بين ذراعيها فنظر لها ليجدها فقدت وعيها..
انتفض بهلع ينادي على الموظف:
-رضووووان، اطلب الاسعاف فورًا!

وفجأة عند نور سمعوا صوت -سرينة الشرطة- فانتفضت شاهيناز بفزع لتركض للخارج...
دقائق مرت ونور تحاول فك تلك الرابطة حول يداها، وحالفها الحظ لوهله ليعطيها جدارًا من القوة لتستند عليه لفترة، فنجحت اخيرًا في فك يداها وبدأت تصرخ طالبة للنجدة:
-حد يلحقنيييييي ارجووووكم!
لمحت عصا من حديد فأمسكت بها على الفور وهي تسير للخارج ببطء خوفًا من هجوم شاهيناز في أي لحظة...

وبالفعل كادت شاهيناز تدلف عندما وجدت نور تخرج وهي حاملة تلك في يدها...
وقبل أن تبادر شاهيناز بأي فعل كانت نور تضربها بعشوائية فتلقت شاهيناز الضربة على رأسها لتسقط ارضًا وهي تهمس متألمة بحروف متقطعة:
-آآه ر آآ، راسي!
ثم تجمد جسدها وسط دماؤوها التي نزفت بغزارة...
وتصلب جسد نور هي الاخرى واتسعت حدقتاها وهي تستنتج أنها تقريبًا، قتلتها!

فلاش باك قبل حادث -الاتوبيس-####
ولحسن الحظ عند توقف الاتوبيس في احد المحطات مؤقتًا...
هبطت فجر لتشتري بعض احتياجتها، لا تعرف وجهتها، ولكن تعرف جيدًا أنها في أمس الحاجة للابتعاد!
الابتعاد عن الجميع...
كانت تتفحص بعد الاشياء عندما فُوجئت بمغادرة الاتوبيس دون ان تستقله!
حزنت وبشدة...
ولكنها لم تدري أنها كُتب لها عمرًا جديدًا...!

كانت تسير كقشة وسط حقول غزيرة سوداء، واذ فجأةً ترى نفس سائق التاكسي يقف امامها متساءلاً بتعجب:
-مالك يا بنتي عامله زي التايهه كدة لية؟!
ابتسمت رغم كل الاحزان التي تخترق كفيروس يسلب ارادتك، ثم همست:
-اية ده! انت تاني يا عمو؟ شكلنا هنتقابل كتير
ابتسم هو الاخر وهو يردد:
-حيث كدة بقا تعالي اوصلك مكان ما هتروحي
هزت رأسها نافية وبصوت مختنق:
-لأ، أنا مش عارفه أنا رايحة فين اصلًا!

ولم يدري ما الذي جعله يقول لها ببشاشة:
-خلاص تعالي يا حبيبتي معايا، انا عندي بنوته في سنك تقريبًا وعايشين انا وهي لوحدنا
هزت رأسها مسرعة بنفي قاطع:
-لا طبعًا متشكرة لحضرتك جدا
وكأنه استشف خوفها الطبيعي في موقف كهذا والذي كان شفافًا رغم كثافة محاولتها لعدم اظهاره...
فأخرج هاتفه وهو يستطرد بعفوية:
-طب استني عشان تطمني ياستي
اتصل بشخص ما ثم فتح السماعات عندما رد الطرف الاخر فقال ببسمة حانية:
-ايوة يا رورو.

-اية يا بابا يا حبيبي لحقت اوحشك؟
-اه يا قردة شوفتي، بتعملي أية؟
-قاعدة لا بيا ولا عليا قوم هوب دوبل كيك أنت فزعتني في عز الصمت القاتل اللي انا قاعدة فيه ده
ضحك الرجل على مشاكسة ابنته التي لا تنتهي...
لينتبه لنظرات فجر المُكسرة التي تنم عن كم حرمان هائل من لحظات عفوية شغوفة كتلك بينها وبين اباها...
فأردف بجدية لابنته:
-طب بصي يا روفيدا أنا مع ضيفه، عاوزك تجهزيلي اوضة المرحومة اختك عشان تقعد فيها مؤقتا.

ردت بطاعة هادئة:
-حاضر يا بابا
-مع السلامة يا حبيبتي
-مع السلامة، خد بالك من نفسك
ابتسم وهو يغلق الهاتف ناظرًا لفجر بهدوء:
-هااا يا ستي صدقتي ولا لسه؟
تنهدت فجر وهي تصدق، إن كان سيئًا لم كان ساعدها تلك المرة بل كان استغلها وهي في امس الحاجة اليه!
اومأت عدة مرات وبالفعل استقلت معه التاكسي ليتجها نحو منزله...

كانت شقيقة نور قلقة حد الجنون وهي تدور هنا وهناك...
فاقترب منها زوجها مصطفى يسألها مستفسرًا:
-هي قالتلك اية يعني؟
اجابته متوجسة:
-المفروض انها بتشتري حاجات خفيفة من السوبر ماركت
تأفف مصطفى عدة مرات بنفاذ صبر من تلك المتهورة...
اخرج هاتفه ليتصل على منزل جسار فأجابت والدته بعد دقيقة بهدوء:
-السلام عليكم
-وعليكم السلام ازيك يا ام حسام انا مصطفى
-اهلا يابني ازيك.

-الحمدلله، كنت عاوز اسألك معلش هي نور جات عندكم؟
-اه جت تزورني فيها الخير
-تمام يا امي، ياريت تخليها متتأخرش
-حاضر يابني
اغلق الهاتف وهو ينظر لزوجته بغيظ دفين مغمغمًا:
-راحتله الهانم مش قادرة على بُعده!

عند ليث كان في حالة يُرثى لها، مُدمر نفسيًا بالمعنى الحرفي..
لا يشعر بمرور الدقائق او الساعات بل يشعر وكأنه قتيلًا يردموه اسفل الاتربة السوداء رويدًا رويدًا...
وصل المشرحة التي من المفترض أن فجر بها...
دلف بخطى مرتعشة مع الضابط لاول مرة بحياته، فتقدم الضابط اولاً نحو الجثة المشكوك بها ليرفع الغطاء عنها...
اشمئز ليث وهو يدقق بها من بشاعة المنظر، ثم هز رأسه نافيًا عدة مرات وهو يركض للخارج:.

-لا لا مش هي، مش فجر
خرج الضابط معه بعد قليل ليربت على كتفه عدة مرات متمتمًا بجدية:
-متقلقش يا استاذ ليث، بأذن الله هنلاقي المدام في اقرب وقت
اومأ ليث موافقًا دون رد...
ليشرد بعدها هامسًا بصوت مبحوح متلهف لمعشوقة تقتله بابتعادها:
-أنتِ فين يا حبيبتي؟!

وصلت فجر مع ذلك الرجل سعيد الى منزله...
استقبلتها ابنته افضل استقبال فلم تُشعرها أنها عبء على الاطلاق...
دلفت معها الى غرفة شقيقتها المتوفاه لتقول بمرح كعادتها:
-ده بقا ياستي مخبئنا السري..
ثم نظرت لها بنصف عين مكملة:
-خلي بالك احنا مابنفتحهوش غير للغالين
ابتسمت فجر ثم تشدقت بامتنان:
-بجد مش عارفه اشكركوا ازاي
داعبت روفيدا وجنتاها مشاكسة وهي تجيب:.

-ماتشكريناش يا بطه، غيري هدومك وانا هاجيلك كمان رُباعيه كدة هقرفك النهاردة، اه امال إنتِ مفكره القعدة عندنا بالساهل ولا اية؟!
ضحكت فجر بحياء لتغادر روفيدا والبسمة لم يقتلها اي عبوس منافي لمرحها الباسط...

بدلت فجر ملابسها ثم فتحت الدولاب الذي يبدو أنه لم يُفتح مذ فترة طويلة، بدأ تضع ملابسها القليلة التي جلبتها، ولكن لفت انتباهها صورة منقلبة مُلقاه على ارضية الدولاب ويبدو أنها سقطت من روفيدا دون قصد...
امسكت بها تتفحصها بعفوية ولكن ضخ قلبها بعنف عندما رأت انها صورة تجمعها وهي صغيرة مع فتاة اخرى ومُدون بخط صغير طفولي
روفا، فجر = احلى اخوات !

بمجرد أن دلف صقر الى الغرفة التي بها ترنيم وجدها منهارة في بكاء حار بالطبع منذ أن استيقظت...
تنهد بقوة ولا يدري كيف يهدأها، جلس جوارها وهو يهمس بصوت أجش:
-ترنيم
نظرت باتجاه الصوت لترد بشراسة كقطة على وشك إصابتك بأظافرها:
-قولتلك ابعد عني زفته
سألها مباشرة وقلبه ينبض بخوف:
-حد قربلك؟! حد لمسك يا ترنيم!؟
عندها ظلت تبكي وهي تهز رأسها بحسرة وكأنها ضائعة وسط متاهات:.

-معررررفش معرررفش، انا صحيت لقيتهم غيرولي هدومي معرفش حتى عملوا فيا اية وانا مغم عليا
تلوى قلبه بين ضلوعه يرجو الرحمة أن تمسه...
ولكنها كانت ابعد ما يمكن عنه الان!
أمسك بيدها المرتعشة وكان على وشك الأمساك بها ولكن بمجرد أن لمسها وجدها تهمس مزمجرة بقسوة:
-كل ده برضه بسببك، لو مكنتش عاميه كنت حاولت أهرب بكل الطرق
بدت وكأنها تراه وهي ترد بحروف شُكلت على هيئة سوط يجلده:.

-طلقني، انا دلوقتي مابكرهش في حياتي قدك!
كاد يقترب منها ولكنها ظلت تصرخ بهيسترية وكأنها اغتنمت الفرصة للانهيار، نحيبها كان عالي فأتى الطبيب مسرعًا وهو يهتف لصقر:
-صقر بيه، المدام لو فضلت على الحالة دي احنا ممكن نخسر الجنين!
إنتفض قلبه بخوف فخرج بهدوء وهو يسمع شهقاتها التي مزقت روحًا تتلوى من الالم...
اخرج هاتفه ليتصل بجسار ويخبره باختصار ما حدث وبالطبع لم يكن منه الا ان انطلق متوجهًا لهم...

مرت ساعات ووصل كلاً من جسار ووالدته اللذان ما إن رأتهم نور حتى انفجرت في البكاء وهي تحتضن والدتها مسرعة:
-ماما، اتأخرتي لية!
ازداد نحيبها بين احضان والدتها وهي تحاول تهدئتها مشفقة على حالتها تلك...
بينما كان صقر في الخارج لم يتحرك وتفكيره يليقه من حافة لاخرى وكلماتها تتردد كل لحظة بأذنيه كالرعد في شتاء قارص
انا ما بكرهش في حياتي قدك دلوقتي !

نهض بعد دقيقة ليدلف لها وبالطبع ما إن رأته حتى ظلت تصرخ بهيسترية...
وقف امامها بصلابة يردد:
-احنا فعلاً محتاجين نبعد عن بعض، محتاجين ندي مساحة للتفكير ونعيد حسابتنا، محتاجين نبعد عشان مانجرحش بعض اكتر، محتاجين نشتاق لبعض عشان مانوصلش للمرحلة دي تاني!
كانت الاعين مصوبة نحوه خاصة جسار الذي سأله بصوت اجش:
-قصدك اية يا صقر؟!

نظر لها مباشرةً وكأنه يسترق اخر صورة لها داخله، ثم نطقها لتجلده هو قبل ان تجلدها رغم مطالبتها بها:
-إنتِ طالق يا ترنيم...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة