قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني والعشرون

رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني والعشرون

رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني والعشرون

صرخ بالموظف مسرعًا بنبرة على حافة الانفجار:
-أمشي أنت دلوقتي
ركض نحو الاعلى يتسابق مع الريح...
لا توجد فكرة سوداء الا واختلطت بثبات عقله في تلك اللحظات...!
ترى أيًا منهن سيفقد؟!
والدته، ام ترنيمة حياته!؟
صعد بالفعل ليجد ترنيم سقطت ارضًا فاقدة الوعي وزوبيدة تحاول إفاقتها..
حملها بلهفة ليضعها على الفراش ويبدأ في محاولة إعادتها للوعي...

دقائق وبدأت بالفعل تستعيد وعيها فكان صقر يملس على وجنتها بحنان يتدفق مُغذى عطشها لحنانه واهتمامه، ثم همس:
-أنتِ كويسة يا حبيبتي؟
اومأت موافقة عدة مرات، ثم نطقت بهمس واهن:
-اه انا دوخت فجأة بس
ابتسمت زوبيدة وهي تردد قبل أن تنسحب:
-الحمدلله، انا تحت لو احتاجتيني يا هانم
اومأت ترنيم دون كلمة، فأمسك صقر بوجهها بين يداه وكأنه يهدئ اللوع الذي مزق وريقات قلبه الهاوي...
ليردد بصوت أجش:.

-حراك عليكِ كل شوية تفزعيني..
ابتسمت بضعف متمتمة بدلال:
-ده مش أنا، ده ابنك يا حبيبي
ابتسم وهو يقترب ليداعب أنفه بأنفها وهو يغمز لها مشاكسًا:
-لأ لو ابني يبقى براحته، ده الباشا
ثم سألها مفكرًا بتمني:
-بس مين قالك أنه ولد؟
هزت كتفيها وتشدقت بابتسامة حالمة:
-مش عارفة بس حاسه أنه ولد
-مش مهم ولد ولا بنت، المهم انه منك أنتِ
قالها وقد تسطح جوارها يضمها لصدره بقوة، عبيرها يتخلل خلاياه فيفجر شعوره المعتاد بها...

تلك الحرارة التي تشتعل بجسده ما إن تمسه..
كلها علامات وعلامات، لا تكمل سوى معنى واحد
روحه متعلقة بحبال لا تذيبها صخور كاوية حتى !..
مد إصبعه بخبث يتحسس العلامات التي تركتها شفتاه على رقبتها وقال بمكر:
-امممم حلوة العلامة دي حاجة تفتكريني بيها
أبعدت يده عنها ولم تُعلق فأكمل وشفتاه تتلمس تلك العلامات برقة أرسلت رعشة عميقة لها:
-عشان تفكرك بشوقي ليكِ كل يوم وكل ساعة وكل لحظة!

أبتعدت ببطء مبتسمة بخجل، فوضعت رأسها على صدره تهمس متساءلة:
-قولي طيب. هتعمل أية مع مامتك؟
تشقق العبث من ساحة ملامحه الخشنة ليتشكل في ثوان جمود رهيب وهو يخبرها:
-ترنيم ياريت مانجيبش السيرة دي بيننا عشان أنا مش ضامن رد فعلي، بحاول أنسى كأني معرفتش حاجة...
اومأت موافقة عدة مرات، ثم مدت يدها بتلقائية تعبث بأزرار قميصه وهي تسأله:
-هتيجي معايا للدكتورة؟

اومأ موافقًا وقد أغمض عيناه بقوة يتحكم في رغبته بها عندما لامست أصابعها صدره الاسمر:
-هاجي بس طول ما أنتِ بتعملي كدة يبقى مش هنروح احنا الاتنين وهنبص لحاجات تانية اهم
ابعدت يدها على الفور وهي تعض على شفتاها بخجل، وشهقت بتوتر عندما شعرت به ينهض ليطل عليها بهيئته الرجولية العريضة...
فهمست:
-احم، أبعد كتمت مياه ونور!
ابتسم ليتابع بصوت خشن محمل بالعاطفة التي يخصها بها وحدها:
-هبعد بس هي بوسه واحدة بريئة.

هزت رأسها نافية بحرج وبصوت مكتوم اردفت:
-كداب أنت بتقول كدة ومش بترضى تبعد
هز رأسه ضاحكًا:
-لا صدجيني هكون مؤدب
أنتبهت عندما تذكرت فسألته:
-هو أنت لية احيانًا تتكلم زينا عادي واحيانًا صعيدي بس معظم كلامك صعيدي يعني؟!
فجأة شعرت بشفتاه تبحث عن مرمر شفتاها ويهمس لها بخبث:
-هاخد البوسه وهجولك.

وبالفعل نفذ ما أراده فالتحمت شفاهما في قبلة عميقة انحنت لها جوارحهم، ولكن لم تكن قبلة بريئة كما وعدها، ففقد سيطرته تحت تأثير شفتاها لتصبح عدة قبلات مشتعلة...
فابتعد بعد دقيقتان يلهث وهو يجيب على سؤالها:
-عشان من صغري بتكلم صعيدي، لكن لما روحت الجامعة ف اسكندرية وبجيت ألقط بعض الحاجات غصب عني، فتلاجي كلامي صعيدي مشكل
ابتسمت هي بخفوت وشددت من احتضانها له...
ليسمعا طرقات هادئة على الباب فسأل صقر بجدية:.

-هاا؟
أجابت زوبيدة بتهذيب:
-اسفة يا بيه على الازعاج، الاستاذ جسار اخو الهانم وزوجته تحت مستنين حضراتكم
هبت ترنيم جالسة عندما سمعت فتساءلت ببلاهه:
-جسار ونور!؟
حاولت النهوض بسرعة متجاهلة زئير صقر المغتاظ وبالفعل نهضت لتسير وهي تتحس الاشياء لتصل للباب...
فركض صقر خلفها وهو يمسك بالأسدال الخاص بالصلاة ليجعلها ترتديخ قبل أن تهبط السلم وهو يهتف بلهفة حادة:.

-أنتِ مش هتبطلي التهور ده ابدًا، لسه مش قادرة تستوعبي أنك مسؤلة عن روح تانية دلوجتي وازاي كنتي هتنزلي بالمنظر ده؟!
هزت رأسها مغمغمة ببراءة ؛
-اسفة بس جسار واحشني اوووي
زجرها بحدة غيورة ؛
-ترنيييييم
سارعت ترد بابتسامة سعيدة:
-خلاص مش واحشني انا عاوزة اشوفه وخلاص
ابتسم برضا وهو يمسك كفها برفق ليساعدها على النزول..
ما إن رآها جسار اقترب مسرعًا منها ليحتضنها بحنان هامسًا:
-وحشتيني يا تؤام روحي.

احتضنته مجيبة بهمس لا يسمعه سواه:
-وأنت كمان وحشتني اوي بس وطي صوتك عشان هتلر اللي ورايا هيقتلنا
ضحك جسار بقوة عاليًا فابتسمت ترنيم على ضحكاته...
مما جعل صقر يقترب منها ليسحبها من ذراعها برفق يلصقها به وهو يردد بصوت أجش فاحت رائحة الغيرة منه:
-اية يا جسار ما أنت لسه مكلمني ماجولتش لية انك جاي؟ افرض كنا مشغولين
اقترب منه جسار حتى اصبح قريب منه جدًا فهمس بخبث:
-منا حبيت أعملها مفاجأة لترنيم...

ثم مد إصبعه يشير لجانب وجهه متابعًا بخبث جعل ترنيم كحبة طماطم:
-لأ بس واضح أنكم مشغولين جدًا، بس الله يسترك ابقى امسح الروج قبل ما تنزل تشوف حد هه
ضحك وهو يستدير ليجلس على الاريكة جوار نور التي لم تستطع كتم ضحكاتها، فلكزته ترنيم عدة مرات في ذراعه وهي تردد بحرج:
-الله يفضحك، شوفت البوسه البريئة ودتنا لفين!..

في اليوم التالي...
كانت فجر في غرفتهم بالفندق تبدل ملابسها وليث ينتظرها في الاسفل، السعادة تحتل جزءًا كبيرًا من ملامحها لا يمكن أن يظلله حظ مشؤوم!..
او هكذا اعتقدت..!
إنتهت عندما كادت تخرج ولكن فجأة وجدت الباب يُفتح وعدة رجال يدلفون ويغلقون الباب
فعادت للخلف بتلقائية مرتعدة وهي تسألهم:
-أنتوا مين وعايزين أية؟
كانوا ملثمين لم يجيبوها فبدأو يفرغوا الزجاجات الكبيرة التي يحملوها على كل جزء بالغرفة...

راح نظر احدهم نحو باب المرحاض المغلق وصوت المياه التي نستها فجر يصدح، فقال للاخر بجدية:
-شكله التاني جوه كويس
سألتهم فجر بهلع:
-هو مين ده، اطلعوا بره
أكملوا ما يفعلوه فكادت تركض ولكن احدهم كان الاسرع ليمنعها، وعندما أنتهوا من تفريغ ما معهم ألقاها بعيدًا عن الباب ليخرجوا جميعًا ويبقى اخر واحد الذي ألقى -عود كبريت- بعدما أشعله في ارضية الغرفة.

لتشتعل النيران في الغرفة وتبدأ في تآكل الاشياء ببطء وصرخات فجر المذهولة المرتعدة تعلو...!

كان كلاً من صقر و ترنيم عند طبيبة النساء...
التي إنتهت من فحص ترنيم فقالت بابتسامة:
-الف مبروك أنتِ حامل ف تؤام!
شهقت ترنيم وهي تضع يدها على فاهها غير مصدقة ما سمعته..
بينما نهض صقر الذي فغر فاهه وهو يسألها ببلاهه:
-بجد؟
ضحكت الطبيبة وهي ترد:
-امال بهزار؟ اهه قدامك حامل ف بنت وولد زي العسل
تأوه صقر بسعادة وهو يحتضنها بلهفة ليرفعها عن الارضية مرددًا بنبرة غير مصدقة:
-الحمدلله يارب الحمدلله.

كادت ترنيم تقفز بسعادة وهي تهمس بصوت أشعره أن قلبها على وشك الوقوف من كثرة السعادة:
-ياااه أنت كريم اوي يارب بجد مش مصدقة
أمسكها صقر من ذراعها يوبخها بصرامة محببة:
-ماتقلبيش قردة دلوجتي وتجعدي تتنططي كدة، اهدي انا مش عايز عيالي يبقوا مجانين
اومأت عدة مرات بابتسامة واسعة، كانت في حالة إنتشاء لا توصف...
لا تذكر أنها كانت سعيدة يومًا كما الان!
تشعر أن ثقب فقدانها جنينها الاول قد تغلف وانتهى الامر!..

جلسا لينتبها على حديث الطبيبة وهي تكمل بابتسامة:
-انا كتبتلك يا مدام على بعض الحقن عشان نمحي نسبة أحتمال انه يبقى فيهم نوع ما من التشوه
طرق قلبها بعنف وهي تسألها متوجسة:
-لية هو في احتمال يبقوا مشوهين؟!
اجابتها الطبيبة بجدية:
-من التحاليل والاشعة والحاجات اللي عملتهالك، استنتجت إن تقريبًا الجنين الاول اللي مات كان في نسبة كبيرة يبقى فيه تشوه!
اتسعت حدقتا ترنيم وصقر بفزع فتابعت الطبيبة:.

-يعني المفروض نحد ربنا، وماتحزنيش ابدا انه اخده منك، يمكن رحمع ورحمكوا من المعاناة معاه، بس احيانًا الخير بيبان لينا انه عقاب او كدة!
اومأت ترنيم مؤكدة وقد بدأت عيناها تُدمع وهي تهمس داخلها
هي لن ولم تتمكن من ادراك حكمة الخالق قبل أن تحدث، لكل خلق خالق فعليًا !
انتبهت لصقر عندما سألها:
-طب والدوخة والاغماء والقيئ؟
اجابت باتزان:
-كل دي اعراض طبيعية ماتقلقش، وهتخف مع الوقت...!

وهكذا إنتهى حوارهم مع الطبيبة ليعودا لمنزلهم..
وخلفية الموقف تليق كثيرًا بمقولة
إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون.

كان جسار مع نور في نزهة صغيرة...
في مكان اشبه ب -الملاهي-...
ما إن طالعته نور حتى هتفت بانبهار:
-الله جميل اوي، بس هنعمل أية؟
غمز لها مجيبًا بمكر:
-هلاعبك لعبة جميلة جدًا!
سحبها من يدها برفق نحو تلك اللعبة، كانا عند حافة ما يشبه الجبل، اسفله مياه غزيرة...
وحبل طويل سميك مُعلق عند حافة الجبل، قربها جسار منه وهو يلف ذاك الحبل حولهما بمساعدة المسؤلة...

فسألته نور بخوف وهي تطالع العلو بين الماء وموقعهم هذا:
-أية اللي هيحصل دلوقتي؟!
وبعد أن احكم الحبل حولهم بحيث يضمن عدم وقعوهم، وفجأة ومن دون سابق إنذار كان يحتضن نور ليقفزا وهو يصرخ بجنون:
-هيحصل كدة
تعالت صرخات نور المذعورة وهي متشبثة بأحضانه كطفلة صغيرة، انتهى طول الحبل بهما لعند قبل المياه بسنتيمتر واحد...
فتعلقت نور بأحضانه ضاحكة من بين دموعها التي هبطت من الخوف:.

-يا نهار اسوووح هنموت هنقع في المايه يخربيييتك
ضحك هو الاخر على صريخها الذي صم أذنيه فقال بعبث:
-متقلقيش احنا هنفضل متشعلقين كدة شوية وبعد كدة الحبل هيتهز ونلعب شوية ونطلع
بدأت تغمض عيناها وهي تصرخ بصوت طفولي:
-لاااااا طلعني دلوقتي الله يسامحك انا مش عايز العب اللعبة دي!
كانا بالفعل مُعلقان رأسهم عند المياه وقدماهما للأعلى وجسار يضمها له بذراعيه...

على قدر ما كان مظهرهما مُخيف إلا ان بين مكنوناته متعة لا توصف...
اهتز الحبل ببطء فبدأ صوت ضحكاتهم يعلو فهمس جسار:
-بحبك
ومن دون وعي ردت وهي متعلقة برقبته:
-وانا كمان بحبك!
فزعت عندما صرخ فيها بجنون:
-وحياة امك؟ جاية تقوليها هنا! دلوقتي تحديدا؟!
ضحكت ملأ شدقيها على أنفعاله الطفولي فاهتز الحبل بقوة لتتعالى صرخاتها وضحكات جسار المستمتعة خاصة عندما تلامس اطرافهم المياه...

مساءًا...
كانت ترنيم في غرفتها بعدما رحل صقر ينهي بعض اعماله الضرورية بالشركة...
سمعت خطى زوبيدة الباكية وهي تدلف راكضة لها..
فسألتها بقلق:
-مالك يا زوبيدة؟!
تعالت شهقاتها التي نخزت روحها بقسوة ثم اخبرتها:
-اب ابويا، ابويا اتخطف
شهقت مصدومة وسرعان ما سألتها:
-مين اللي خطفه ومابلغتيش البوليس لية؟!
سقطت على الارض باكية وهي تكمل بخوف:
-نيرمين هانم خطفته وجالتلي لو ترنيم ماجتش تاخده يبقى مش هشوفه تاني.

ثم امسكت قدماها وهي تتابع باختناق باكي ؛
-وانا ابويا راجل كبير مش هيستحمل البهدلة دي والنبي ياست هانم ابوس رجلك
رفعتها ترنيم ببطء وهي متخبطة بين أفكارها الملكومة...
منصدمة ومرتبكة لا تدري ماذا تفعل حقًا؟!..
امسكت بهاتفها تتصل بصقر ولكن سمعت صوت تلك اللعينة
الهاتف المطلوب مغلق او غير متاح، برجاء المحاولة في وقت لاحق.

ألقت الهاتف بغضب ومع استمرار نحيب تلك المسكينة قالت بحزم وهي تسير ببطء نحو دولابها لتبدل ملابسها:
-اهدي يا زوبيدة انا جاية معاكِ
هتفت زوبيدة بلهفة:
-بجد يا ست هانم؟
اومأت مؤكدة بأصرار دون ان تفكر بالعواقب:
-ايوة. انا مش هدخل واحد ملوش لازمة واخاطر بحياته، روحي وانا هغير هدومي وجيالك
وبالفعل ارتدت ملابسها على عجالة، لتنادي على زوبيدة التي أتت لتصطحبها معها متجهين نحو المكان الذي أخبرتها به نيرمين...

فكانت ترنيم تسير معها وهم خارجين من المنزل بأقدام مرتعشة ومن دون مقدمات...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة