قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث والعشرون

رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث والعشرون

رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث والعشرون

ومن دون مقدمات كان صقر يندفع كوحش كاسر على وشك إلتهام فريسته..
ما إن وقف أمامها حتى سألها بهدوء حاد:
-رايحة فين؟
إرتجفت وإرتجف كل شيئ بداخلها بمجرد أن أخترق صوته دواخلها الملكومة بسموم الحيرة والغضب...
شددت من قبضتها على يد زوبيدة وهي ترد بصوت مبحوح:
-رايحة آآ مع زوبيدة
كرر سؤاله بحدة أكبر:
-جولت فيييين مش مع مين!
نظفت حنجرته التي ازدادت خشونتها من فقدان ملمس الشجاعة، فأكملت:
-هنروح نجيب باباها.

لم يسع صبره أكثر لتكرار الأسئلة ليشكل جملة مفيدة من إجاباتها المُبهمة فسحبها من يدها بقوة خلفه وهو يعود للداخل، متجاهلًا أعتراضاتها النزقة:
-صقر سبني، ماتشدنيش بالطريقة دي أوعى
دلف بها الى الغرفة التي ما إن سمعت صوت إغلاق بابها حتى ثلج قلبها من الخوف وهي تعود للخلف بتلقائية، خاصة وهي تسمع صوته الذي يشبه الفحيح يسألها:.

-ومجولتيش للحيوان اللي بره أنك هتتنيلي تخرجي لية؟ ولا أنا مليش لازمه! وبعدين هتروحوا تجيبوا ابوها منين؟
ردت وهي تغلق جفناها بتوتر:
-نيرمين خطفت أبوها وهددتها أني لو مارحتش مش حتخليها تشوف وشه تاني ابدا
صمت...
صمت رهيب سيطر جزعه على شظايا الحروف الواهية مبتلعًا أي مخالفات له!
لتسمع بعدها صوت قبضته وهي تضرب الدولاب بعنف حتى أعتقدت انه مؤكد كُسر...
وصراخه المجنون يتعالى عليها:.

-إنتِ مجنووووونة! عايزة تروحيلها برجلك؟
وفجأة وجدته يقبض على ذراعاها بعنف حتى لم تعد ملامسمة الارض واستطرد بخشونة قاسية:
-لو مش خايفة على نفسك على الاقل خافي على اللي ف بطنك..
ثم دفعها حتى عادت للخلف خطوتان بذهول تسمع آنين الرعد في كلماته وهو يستطرد:
-لو كان ينفع تروحيلها لوحدك كنت قولتلك غوري، إنما ولادي لااااا يا ترنيم لاا، دول تكملة حياتي وحسي في الدنيا من بعد موتي!

لم تستطع كتمان الشهقات التي تتلوى داخلها للخروج فبدأت تشهق بعنف وهي تهتف بحروف متمزقة:
-أنا آآ ك كنت خايفة عليه لانه م آآ ملهوش ذنب، وأنت تليفونك آآ كان مغلق!
وبالطبع مع بكاءها إكتوت قسوته لتذوب رويدًا رويدًا...
جنونه لم يكن سوى خوفًا عليها..
تتصرف بغباء كاد يودي بحياتها للجحيم وهو معها، ماذا سيحدث عندما يتركها؟!
أمسك وجهها بين يداه هامسًا بحنو:
-بس، ارجوكِ ماتبكيش، الا دموعك، ارجوكِ!

بدأت شفتاها ترتعش كالعادة بالأضافة لاهتزازة جسدها وهي تخبره:
-أنا خايفة
وضع إصبعه على شفتاها المرتعشة وهو يردد في المقابل:
-مينفعش تخافي وأنا عايش
تحتمي منه إليه
تخشاه فتهرع إلى احتضانه، هو جلادها وحاميها في آن واحد!..
ضمت نفسها لأحضانه تهمس:
-خايفة منك، احيانًا تحسسني أنك مهووس بيا، واحيانًا تحسسني انك عايز تقتلني!

تحسس شفتاها بشرود ونظراته مثبتة عليها بينما ينطق ببحة خاصة ثابتة ملتهبة رغم البرود الظاهري بها:
-انسي خوفك، انسي عصبيتي، وانسي حتى اسمك واسمي...
أغمض عيناه وهو يملأ رئتيها برائحته مكملاً:
-افتكري بس أني عاشق ليكِ ومجنون بيكِ وطوع أيديكِ، افتكري أنك احتلتيني، احتليتي قلبي!
وتبخر غضبها، تبخر حنقها من غلظته، بقي فقط تسرب رنينه لأذنيه وكأنه سم لذيذ يخدرها...!

أقترب منها حتى لامس شفتاها دون أن يقبلها، وقال:
-جولي أنك بتحبيني...
همست دون تردد مغمضة العينين:
-بحبك، بحبك اوي!
لم تشعر بعدها بشيء، سحبها من يدها بنعومة وهو يهمس لها بولهٍ:
-ترنيم، انا محتاجك
وعندما صارحها محتاجك لم تتردد وهي تدفن أي شيء بين بواطن قلبها، لتُحيي فقط احتياجه، فبادرت هي بقبلتها هذه المرة ولاول مرة...
فلم يتركها بالطبع بعدها..!

بدأ صراخ فجر يعلو شيء فشيء، ركضت الى المرحاض لتحتمي به وإنحنت جوانب الشجاعة داخلها..
في نفس اللحظات عَلى صوت صفير الأنذار وثواني استغرقتها الاجهزة لتهطل المياة او ما شابه ذلك على الغرفة من كل جهة..
لحسن حظها لم يكن الفندق عاديًا بل كان عاليًا على أعلى مستوى ومتطور...!
اجتمع الناس عند الغرفة بكثرة وكانت هي كما هي تبكي في المرحاض بعنف وترتعش من الخوف...

لتمر دقائق قليلة وتجد من يفتح الباب صارخًا بأسمها:
-يا فجرر؟ أنتِ فين
نبض قلبها بقوة عندما سمعت صوته، فركضت نحوه ترمي نفسها بأحضانه وهي تغمغم بلا وعي:
-ليث، أنت س سبتني ورحت فين! انا ك خايفة اوي
ظل يربت على خصلاتها برقة هامسًا لها:
-هششش اهدي يا فجر خلاص أنا هنا
بدأ اجتماع الاناس ينفصل ليعود كلاً منهم لمصالحه وبالطبع أتوا عمال الفندق لتنظيم ما دمره الحريق...

كان ليث يجمع الحقائب الصالحة نوعًا ما من الغرفة التي كانت مدمرة حرفيًا تاركًا فجر في غرفة اخرى..
انتهى من جمع ما احتفظ برونقه، عاد للغرفة وهو يزفر بيأس محدثًا نفسه
كنت عاملها مفاجأة ومستنيها عشان اخدها لأهلها، اتاري هي اللي عملتلي مفاجأة وكانت عايزة تاخدني لجهنم !

ابتسم بسخرية وهو يفتح باب الغرفة، نظر ليده المكبلة بشيء غريب وضعه ملاعين لا يعرفهم ولكن عندما سمع صراخ فجر لم يأبه لهذا الشيء او لهم وركض لفجر متجاهلًا ما حدث او لنقل متناسيًا...!
بدأ يحاول فكه وهو يدلف ولكنه كان صلب من حديد ومحكم ومغلف بقوة، رفع ليث عيناه لتقابل فجر التي كانت كرياح عصفها الحظ فأغدقت العقل برواسبها..!
اقترب منها متساءلاً بهدوء:
-مالك يا فجر؟
همست دون ان تنظر له:
-مفيش.

ألقت نظرة عابرة على الذي يكمن بيده قبل أن تنظف حنجرتها بتوتر وصوتها يخرج مصحوبًا بألاف مكنونات السوالب المشعثة:
-ليث طلقني، طلقني وحالًا عشان لو ماطلقتنيش هرفع قضية خلع!

كانت والدة جسار في غرفة ولدها الراحل حسام
تلك الغرفة التي لم تخترقها نسمات عابرة حتى منذ وفاته...
كانت تسير بلا هوادة وهي تفتش في الاشياء المُتربة بلا هدف..
ولكن تجمد داخلها بقوة وكأن ثلوج الدنى وُضعت بين ثناياها عندما ضغطت على -سيراميك- بالارض فتحرك
هبطت بهدوء لتحركه فوجدته يُفتح، ابعدته ببطء لتكن الفاجعة بين طيات تلك الخفية...
بدأت يداها ترتعش بخوف وهي تمسك بورقة مكتوبة بخط غريب.

له، له ولن يسمح أن تكون غير له
واخرى مدونة
السعادة، ستراها معه، وإن لم يحدث لن تراها!
التملك ليس عيبًا، ولكن العيب هو التراجع عنه !.
التراجع مرفوض، وديته واحدة فقط، -المووووت- !
واشياء اخرى موضوعة جانب تلك الورقات، اشياء غريبة لم ترها سوى بالأفلام فقط!
وقطعة من ملابس نور موضوعة جانبهم...

نهضت راكضة كمن رأى إبليس يهفو بين ورقيات الحياة، دلفت الى غرفة جسار الذي كان ممدًا على الفراش بتعب، فاقتربت منه وهي تصرخ فيه آمرة بهيسترية:
-انت لازم تطلق نور وتبعد عنها، النهاردة قبل بكره
تصلب مكانه لدقيقة يحاول تنظيم عشوائيات حروفها التي اخترقته، ليسألها بعدها غير مصدقًا:
-أنتِ بتقولي أية يا امي؟!
أمسكته من ذراعه وهي تزمجر وكأنها جُنت بالفعل مما رأت:.

-هتطلقها يا جسار غصب عنك، كفاية انا مش مستعدة اخسرك لازم هي تبعد عننا نهائي
هز رأسه نافيًا برفض قاطع:
-لا، فهميني مش من حقك تحكمي على حياتي كدة
بدأت تلطم خديها وهي تردد بصوت هيستيري عانقه عدم التصديق:
-نور مش حتكون ليييك، ابدا مش حتكون ليك ولا لجنس بني ادم من بعد حساااااااام!

ليلة سفر ترنيم لألمانيا...
كانت منتظرة صقر في الصالون تفرك أصابعها بقوة..
صقر لم يعد طبيعيًا ابدًا، احيانًا يبدو ممثلًا لجهنم على الارض واحيانًا تشعره يموت قهرًا و، يودعها بصمت!
انتبهت لصوت باب المنزل يُفتح، فنهضت بسرعة وهي تسمع مترقبة تلك الخطوات التي تقترب منها..
ولكن تلك الخطوات لم تكن خطوات صقر وحده اذ سمعت صوت ضحكة خليعة أطلقتها فتاة ما وهي تردف بنبرة ماكرة مُقززة:.

-امممم شكلها حتبقى ليلة حمرااا
أتسعت عينا ترنيم وكأن هناك من صعقها فهمست متجمدة:
-صقر! مين دي
اجابها بجمود وهو يسحب تلك الفتاة ليتخطاها:
-اهي واحدة، بجضي وقت ممتع وخلاص!
بمجرد أن دلف الى غرفة ما مع تلك الفتاة، أبعدها عنه ولكن قبل ان ينطق وجدها تحيط عنقه بدلال وتنوي الاقتراب منه هامسة برقة متناهية:
-يلا بقاا.

كان يحدق بها صامتًا الى أن وجدها تحاول فتح ازرار قميصه وتعبث به بخبث فدفعها بعنف بعيدًا عنه صارخًا بصوت حاول الا تسمعه ترنيم:
-اوعي غوري اوعي تصدجي نفسك وتحاولي تجربي مني
اخرج بعض الاموال من جيبه ثم ألقاهم بوجهها مكملاً باشمئزاز:
-شوية وغوري لمطرح وساختك تاني يا***.

دون ان ينطق كلمة اخرى كان يتجه لغرفته، فتح احد الادراج ثم اخرج شريط ما من الدواء ليبتلع منه كمية كبيرة وهو يغمض عيناه هامسًا بقهر:
-اسف يا ترنيمتي، أنتِ احتلتيني، احتليتي قلبي، لكن الشياطين حررتني!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة