رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن والعشرون
حتى الان كانت للصدمة تأثير جبار على ترنيم التي تبدل حالها للسكون التام..
كانوا في طريقهم للفندق وهي تتذكر جملة ذاك العسكري اللعين الذي اوقع بقلوبهم بين شباك قاسية
يؤسفني قول ذلك ولكن من كانت زوجتك ومن وثقت بها يومًا اتضح أنها مجرد كاذبة تدعي ما لم يحدث..!
ارتياح غائر حاوط جذور ارواحهم، نالوا ما كانوا يسعوا له!..
ولكن أي ارتياح وجلد الثعابين الناعم من حولهم يلتف حتى كاد يقتلهم!..
دلفوا الى الغرفة بعدما عادوا من المستشفى لاجراء التحاليل اللازمة، توجه صقر نحو المرحاض ليتحمم مباشرةً، يود الغرق اسفل تلك المياة الباردة ليغسل روحه التي وكأن كهرباء صعقتها عدة مرات!..
يسعى للهدوء التام ولكن وكأنه مسعى طال طريقه كثيرًا...
خرج بعدما جفف نفسه يلف نفسه بالمنشفة على جزءه السفلي فقط، لتسلب لبه صورة ترنيم وهي تمشط خصلاتها برقة شاردة في تلك المرآة وكأنها تراها!..
فراغ عميق استحوذ على جزء كبير من جوارحها، ولكنه سيملأه حتمًا!..
سيكسر قاعدة الحزن التي باتت تُطبق على اكبر نظام لحياتهم..
اقترب منها ببطء ليحتضنها من الخلف ويداه تتسرب لأسفل ذلك القميص الخفيف الذي ترتديه..
شهقت بنعومة هامسة:
-صقر خضتني!
كان يُحرك رأسه بخفة بحيث تتلمس شفتاه رقبتها وصوته الاجش يردد:
-جننتي صقر، سحرتيه وهتموتيه من جمالك ف يوم يا ترنيمة عذابي!
ابتسمت باصفرار وهي تحاول الفكاك منه، فخرج صوتها هادئًا به لفحة بروظ وهي تسأله:
-جسار لسة ماوصلش؟
هز رأسه نافيًا وصوته هائم بسابع ارض:
-لأ لسة، عقبال ما لجي (لاقى) طيارة وخلص اجراءاته وكدة
اومأت موافقة عدة مرات، شعرت بشفتاه الساخنة التي تُفتح وتغلق ببطء مثير على كتفها الابيض فاغمضت عيناها متنهدة بقوة...
لازال ضغط تلك الساعات يكاد يُفقدها عقلها!..
ومن ثم سمعت همسته التي اختلطت بأنفاسه التي لفحت جانب وجهها:
-وحشتيني
لم ترد عليه كالعادة، بل حاولت الفرار كقط مرتعد وهي تتشدق بجدية:
-انا تعبانة وعايزة انام شوية لحد ما جسار يوصل
-لا، وانا عايزك!
كانت حروفه ثقيلة مخمودة برغبته المشتعلة..
وطار عقله منه...
بالأساس لم يكن بكامل قواه، صدمة ما حدث أستنزفت قواه المُرهقة فلم يجد سواها ليتناسى ما حدث!..
ليهرب من جحور ضغطه النفسي..
كانت شفتاه تلتهم شفتاها وقد حاوط رقبتها من الخلف بيداه، تحاول هي ابعاد شفتاها عنه ولكنه لم يعطها الفرصة كانت كالعطش وسط صحراء لم يصدق متى وجد بئر يروي عطشه منه!
فكانت تهمس من بين صوتها المكتوم:
-لا، سيبني
أحاطها بين ذراعاه عندما حاولت الابتعاد، فآنت هي بألم عندما ضغط بأسنانه على شفتاها لتثير رغبته بها وجنونه الذي انفجر للتو...
فظلت تهمس بحروف متقطعة:
-صقر أبعد كفاية، سبني!
ولكن لا من مجيب، وعندما وجدت يداه تعرف طريقها جيدًا على جسدها وتزداد لمساته جرأة دفعته بقوة وهي تلهث بعنف، وتهتف دون وعي:
-قولتلك ابعد عني أنت إيه! هو أنا مابوحشكش الا عشان حقوقك ورغبتك بس؟!
وهو الاخر كان كالملسوع بكلماته فلم يكن منه الا أن صفعها بعنف وهو يصرخ بعصبية:
-اخرررسي
ثم بدأ بسرعة دون حرف اخر يسحب ملابسه معاودًا الدلوف للمرحاض مرة اخرى...
عذرًا...
فالطبع يغلب التطبع..
رغم كل مميزات صقر يظل به جانب مظلم قاسي وعنيف بعض الشيء...!
إرتمت هي على الفراش تتنفس بصوت عالي، تحبس تلك الدموع بصعوبة...
كانت متمددة على الفراش حينما خرج من المرحاض...
دموعها تهطل بصمت تام وما إن سمعت صوته مسحتها بسرعة لتعطي لمعة الجمود لوجهها، وفجأة وجدته يتمدد خلفها ليضمها له برقة!
إنتفضت كمن لدغها ثعبان سام تبعده عنها بقوة، لتسمع زمجرته الخشنة وهو يردد:
-ترنيم إنتِ اللي بتخرجيني عن شعوري وإنتِ عارفة إني عصبي
وعندما لم يجد رد منها هتف باستسلام:
-انا اسف يا ترنيمتي، حجك عليّا!
لم تقترب منه ايضًا فزفر بقوة وهو يضمها له رغم كل محاولاتها للفرار!..
كانت نور تراقب حماتها وهي تكمل حديثها محاولة تفريغ الشفقة داخلها تجاه جسار والصمت يلفحها:
-أنا متأكدة إنك بتحبي جسار بس عشان بتحبيه مش هترضيله الاذى، هو لو كان مكانك كان هيعمل نفس الحل
عقدت نور ذراعيها وهي تتشدق بسرعة مستنكرة:
-وهو ده حل يا طنط؟
أمسكت ذراعيها بلين، وبحروف تقطر حنانًا مزيفًا يخفي قلقها الجم قالت:.
-حبيبتي أنا عارفة إنك هتتعبي وهو كمان هيتعب، لكن تعب ساعة ولا تعب الف ساعة، حسام مش موجود معانا عشان نلومه ونقوله لية بتؤمن بالسحر والشعوذة وبتعمل سحر لواحدة عشان تربطها بيك العمر كله حتى بعد موتك!
صمت نور كان مُقلق حد الجنون بالنسبة ل والدة جسار التي اخذت تفرك يداها بتوتر مراقبة نور التي همست بخفة:
-ابغي اقولك موافقة بس استحي
ثم سرعان ما أمالت رأسها للأسفل بطريقة غريبة وعيناها تحدج ب حماتها بقوة...
ثم حاولت زج الخشونة بصوتها وهي تغمغم:
-ملكيش دعوة بيا انا محدش يقولي أعمل ايه!
إتسعت حدقتا عيناها وبدأت اطرافها ترتجف وهي تتمتم بفزع:
-اعوذ بالله من الشيطان الرچيم، انصررررف انصررررف
لم يتغير وضع نور وهي تقترب منها ببطء فازداد هلع حماتها وهي تمسك بطرف ملابسها وتهمس بخوف:
-لا تأذونا ولا نأذيكم، اعوذ بالله من الشيطان الرچيم
ثم ركضت مسرعة وهي تصرخ بصورة مضحكة:.
-معلش يا نور انا كنت خايفة على ابني بس والله...
وعندما وجدت نور تقترب منها على نفس الوضعية التي يتخذها -من تلبسهم جني- اصبحت تردد بلا توقف وهي تلوح لها بيدها:
-خديه خديه مش عايزاه هو كدا كدا ابن كلب واطي مابيسمعش كلامي
ثم أغمضت عيناها مكملة بارتعاد:
-بس سيبيني ف حالي الله لا يسيئك انا غلبانة والله
عندها ابتعدت نور ببطء لتعود وتدلف للغرفة بسكون تام...
كانت ممثلة بارعة وبجدارة..
ولكن كم ألمها هذا التمثيل بحق..
غار في اعماقها حتى شعرت بكم ألم اخترق مسامها مسببًا شلل لمشاعر ملكومة داخلها!..
جلست على الفراش تتنهد بثقل وهي تنظر لأعلى هامسة وقد تعمقها الحزن:
-يااااارب انا تعبت!..
أمسك ليث في تلابيب ذلك الرجل الذي ما إن اقترب منه حتى رفع يداه علامة على استسلامه الفوري...
ليلكمه ليث بعنف وصراخه يدوي في المستشفى:
-وليك عين تيجي هنا يابن الكلب يا***
دفعه الرجل بقوة وصوت لهاثه عالي، ليهتف بجدية حاول ان تبدو هادئة:
-مش انا اللي ضربت النار على مراتك، دا واحد زميلي متهور وكمان، آآ
فقاطعه ليث بزمجرة خشنة تشعرك وكأنك على ابواب جهنم:.
-زميلك! هو اخد جايزة الالعاب الاولمبية ياروح امك؟ دي شروع ف قتل
-عمر بيه اتقتل، وهو كان مقهور عليه عشان كان دراعه اليمين وفكر انك انت اللي قتلته عشان كان بيجري ورا مراتك، فلما ضرب مراتك كان مجرد إنتقام مش اكتر، لكن عرف غلطه وانا جيت استسمحك نيابةً عنه وعرفت ان مراتك بخير ومستعدين لأي تعويض
ألقى كلماته بوجهه كالقنبلة الموقوتة وليث كقتيل يحاول الاستنشاق تحت انفاق القبور!..
أ يحزن ام يرتاح؟!
لم يكن يتخيل أن تنظيم حياته وجوارحه كاللوغاريتمات تحتاج لذكاء فذ لتنفيذها!..
أمسكه بعنف وهو يتشدق مستنكرًا:
-تعويض!؟ دا انا هخليك تدور على تعويض لحياتك يابن ال***
ثم صرخ بعلو صوته الحاد:
-فين الامن اللي هنا؟ اطلبوا البوليس
حاول الرجل دفعه والفرار، حاول التملص من بين قبضتاه...
ولكن إصرار ليث كان كالبنيان من حديد لا يقبل الإنكسار...
وبالفعل اتى افراد الامن مسرعين يهتف اولهم:
-خير يا استاذ؟
اجاب ليث بصوت لاهث من فرط إنفعاله:
-الحيوان دا هو اللي ضرب على مراتي نار، أمسكوه لحد ما البوليس يجي
اومأ الرجل وبالفعل بدأوا يقيدوه ليصرخ الرجل بجنون منفعل:
-انا ماضربتش حد بالنار سيبوني اوعوا كدا ابعدوا عني..
ولكن لا حياة لمن تنادي، ابتعدوا عن ليث الذي كان يتنهد عدة مرات ثم توجه للغرفة التي نُقلت لها فجره ...